بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربه بالرحمة والخير والهدى، وأظهر دينه، على سائر أديان الورى، وأيده بصحابته، أولي الأحلام والنهى، ومصابيح الدّجى فجعلهم رحمة للمؤمنين وغيظاً للكافرين، لا يحبهم إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهم إلا منافق غوي.
- أما بعـــــد:
فمازال أعداء الإسلام على مختلف أديانهم ومشاربهم، يكيدون للإسلام وأهله، منذ أن أظهر الله هذا الدين، وأعز أتباعه. يحملهم على ذلك الحسد والغيرة، والحقد والضغينة، التي امتلأت بها قلوبهم على أهل هذا الدين، فتنوعت أساليبهم في حرب هذا الدين، وتعددت مكايدهم؛ وذلك بعد أن فشلوا في المواجهة العسكرية، واندحروا خائبين أمام الجيوش الإسلامية، فكان من بين تلك المكايد:ما استهدف الخلفاء والأمراء بالقتل غيلة وغدراً؛ حيث كان أول الضحايا: ثلاثة من الخلفاء الراشدين هم: عمر، وعثمان، وعلي- رضي الله عنهم -
- فعمر قتله مجوسي حاقد. وعثمان قُتل على إثر مؤامرة يهوديـة تولى كبرها عبدالله بن سبأ اليهودي. وعلي قتله مبتدع مارق، من أتباع ذي الخويصره، الذي طعن في النبي صلى الله عليه وسلم واتهمه بعدم العدل في القسم يوم حنيــن.(1)
ومن صور تلك المكايد: السعي في الوقيعة بين المسلمين، وبث الفرقة والاختلاف بين صفوفهم، بالكذب والتزوير على الخلفاء والأمراء، وإيغار صدور العامة عليهم؛ وبالتلبيس على الناس بشتى أنواع الحيل وأصناف المكر، كما فعل ابن سبأ الذي أخذ يجوب الأقطار في عهد عثمان، مؤلباً الناس على الخليفة، مظهراً الطعن عليه، وعلى أمرائه باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكان مقتل عثمان - رضي الله عنه - أولى جذوات هذه الفتنة، ثم مانتج عنه من اختلاف في الأمة وتفرق، واقتتال وتمزق.
لكن الجانب الأخطر لهذه الفتنة والمكيدة العظمى لأعداء الدين: هو زعزعة العقيدة الصحيحة في نفوس المسلمين، وذلك بما أظهره هذا اليهودي الماكر في الأمة من الدعوة إلى موالاة أهل البيت ومحبتهم، مدعياً أنهم أولى الناس بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فهم أهل بيته، وقرابته،
_______________
(1) انظر تفاصيل هذه الاحداث في البداية والنهاية لابن كثير 7/141،192، 338.
يتبع ان شاء الله تعالى ...