خيانات علمية لعلامتهم المجلسي ومرجعهم جعفر السبحاني ببترهم للنصوص المخالفة لأهوائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فكلما تعمقت في دراسة التشيع بمروياته وتقريرات علمائه يزداد يقيني بأنهم يخوضون معركة دنيوية همهم فيها الغلبة ونصرة التشيع ولو بالكذب والتدليس والافتراء ، وإلا فلو كان همهم رضا الله تعالى والدار الآخرة لنزَّهوأ أنفسهم وألسنتهم عن ذلك مستحضرين خطورة الوقوف بين يدي الله تعالى القائل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)(ق:18) ..
ولو أراد المسلم جمع الشواهد على ممارساتهم للكذب والتدليس وبتر النصوص ، فلن يكفيه المجلد والمجلدان ، ولذا سأقتصر في هذا الموضوع على شاهدين لشخصيتين لهما وزن كبير في المذهب وهما:1-علامتهم محمد باقر المجلسي (المتوفى:1111هـ) الذي يلقبوه بشيخ الإسلام:
لا يخفى على المطلعين عقيدة المجلسي بتحريف القرآن ونقصانه ، والتي صرح بها في أكثر من موضع وانتصر لها بقوة وإصرار ، وخصوصاً اتهامه للصحابة بتحريف القرآن وذلك حينما رفضوا اعتماد مصحف علي رضي الله عنه (الملئ بالطعن في المهاجرين والأنصار بزعمهم) وقرروا أن يجمعوا مصحفاً بديلاً يسقطون منه كل المطاعن ويحرفون آياته لصالحهم ، فأوكلوا تلك المهمة لزيد بن ثابت رضي الله عنه ، فمن أقواله:
أ-قال في كتابه (بحار الأنوار)(31/205):[ وسيأتي في كتاب القرآن أن أمير المؤمنين عليه السلام جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله كما أوصاه به ، فجاء به إلى المهاجرين والأنصار ، فلما رأى أبو بكر وعمر اشتماله على فضائح القوم أعرضا عنه وأمرا زيد بن ثابت بجمع القرآن وإسقاط ما اشتمل منه على الفضائح ].
ب-قال في كتابه (بحار الأنوار)(31/216):[ فظهر أن السبب الحامل لهم على تفويض جمع القرآن إليه أولا ، وجمع الناس على قراءته ثانيا ، تحريف الكلم عن مواضعه ، وإسقاط بعض الآيات الدالة على فضل أهل البيت عليهم السلام والنص عليهم ، كما يظهر من الاخبار المأثورة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام ، ولو فوضوا إلى غيره لم يتيسر لهم ما حاولوا ].
فكان من الطبيعي أن يتوجه بالطعن إلى الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه ، متهماً إياه ببغضه لعلي رضي الله عنه وإسقاط آيات الإمامة والمطاعن بالمهاجرين والأنصار !!!
ولذلك حاول إثبات تلك الطعونات بذلك الصحابي من مصادر أهل السنة ، فقام بنقل ترجمته من كتاب (الاستيعاب) لابن عبد البر ..
فقال في كتابه (بحار الأنوار)(31/216):[ وقال في الاستيعاب: كان زيد عثمانيا ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي عليه السلام مع الأنصار ] ..
فأراد بهذا النقل إثبات ميله لعثمان بن عفان دون علي رضي الله عنهما ، وكذلك بأنه لم يشهد المشاهد مع علي رضي الله عنه للتلميح ببغضه له ..
ولكن الكارثة الكبرى والخيانة العظمى هي عدم إكماله للنص ؛ إذ فيه ما يهدم بنيانه وينقض غزله !!!
فقد جاء في كتاب (الاستيعاب)(2/540):[ وكان زيد عثمانيا ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد على مع الأنصار وكان مع ذلك يفضل علياً ويظهر حبه وكان فقيها رحمه الله ].
فتأملوا تلك العبارة التي بترها:[ وكان مع ذلك يفضل علياً ويظهر حبه ] ، والتي لو نقلها لبطلت طعونه بذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه ..
ولا ينبغي التعجب من الخيانة العلمية التي مارسها المجلسي في بتره للنص ؛ لأنه فعل ما هو أعظم من ذلك بكثير ؛ إذ طعن بالقرآن الكريم وشكَّكَ بحفظ الله تعالى لكتابه العزيز ..
2-مرجعهم المعاصر وآيتهم العظمى جعفر السبحاني:
لقد حاول إثبات قوله بجمع علي رضي الله عنه للقرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ، فتوجه إلى مصادر أهل السنة في إثباتها ، ولكنه لم ينقل الروايات بلفظها كما هي ؛ لأن فيها ما يهدم بنيانه ويخالف هواه ؛ إذ فيها تصريح علي رضي الله عنه بعدم كراهته لإمارة الصديق رضي الله عنه وأقسم بالله على ذلك ، ثم بيعته له وعودته لجمع القرآن ، وهذان الأمران (قسمه بالله على عدم كراهته لإمارة الصديق ثم بيعته له) أشدّ على السبحاني من الضرب بالسيوف والقرض بالمقاريض ، فإليكم بيان خيانته العلمية في النقل في موضعين هما:
الموضع الأول:
نقل الشاهد على قوله من رواية ابن عساكر في كتابه (تاريخ مدينة دمشق) ، فقال في كتابه (رسائل ومقالات)(8/327):[ روى ابن عساكر (المتوفّى 571 هـ) بسنده عن محمد بن سيرين: أنّ عليّاً قال: ... آليتُ بيمين أن لا أرتدي بردائي إلاّ إلى الصلاة حتّى أجمع القرآن ].
فتأملوا كيف بتر الرواية بوضعه النقاط ليتجنب إيراد الحقائق القاصمة لظهره فيها ، فإليكم بيانها:
روى ابن عساكر في كتابه (تاريخ مدينة دمشق)(42/398):[ عن محمد بن سيرين قال لما توفي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا بجمعة حتى يجمع القران في مصحف ففعل فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام أكرهت إمارتي يا أبا الحسن فقال لا والله ، إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة فبايعه ثم رجع ].
وهذا اللفظ الآخر لها في (42/399):[ عن محمد قال نبئت أن عليا أبطأ عن بيعة أبي بكر فلقيه أبو بكر فقال أكرهت إمارتي فقال لا ، ولكني آليت بيمين أن لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة حتى أجمع القران ].
الموضع الثاني:
وهو أيضاً في نفس الموضوع ؛ إذ نقل رواية من كتاب (كنز العمال) ليثبت قوله بجمع علي رضي الله عنه للقرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم ينقلها بنصها بل بترها لأن فيها ما يخالف هواه !!!
فقال في كتابه(رسائل ومقالات)(8/328):[ ذكر المتقيّ الهندي (المتوفّى 975 هـ) رواية عن محمد بن سيرين، قال فيها: لما توفّي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقسم عليّ أن لا يرتدي برداء إلاّ بجمعة حتّى يجمع القرآن في مصحف ففعل ].
وهنا أيضاً مارس الخيانة العلمية بعدم نقله لنص الرواية بكاملها ، فإليكم نصها:
روى المتقي الهندي في كتابه (كنز العمال)(13/127-128):[ عن محمد بن سيرين قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا الجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ، ففعل ، وأرسل إليه أبو بكر بعد أيام : أكرهت إمارتي يا أبا الحسن ؟ قال : لا والله إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا الجمعة ! فبايعه ثم رجع ].
فتأملوا عدم أمانة مراجع التشيع في النقل من مصادر أهل السنة ببترهم للنصوص المخالفة لهواهم ، وهذا والله لا يسلكه مسلمٌ يخشى الله والدار الآخرة ، بل إن الله تعالى قد أوصانا بالعدل والإنصاف حتى مع الكفار ، فقال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(المائدة:8)
ولله در القائل:
لقد أسمعت لو ناديت حيّاً * ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد