خاص/ مدونة سنة العراق
بقلم/آملة البغدادية
في عراق الغزو والفساد لا تنقضي المآسي ولا تؤثر في تجار السياسة والدم، فقد منيت مشافي بغداد بما هو أكبر من العجز المالي والمكاني عن استيعاب المرضى . مستشفى اليرموك في جانب الكرخ تتصدر صور الإعلام بعد يومين من ظاهرة إخراج المرضى إلى ساحتها لأسباب يعجز المرء عن فهمها، فلا يُعقل أن تشهد بغداد عاصمة العراق أزمات متتالية من مشكلة اقطاع الكهرباء منذ عقدين من الزمان. هل يُعقل أن يغفو العراق ويصحو في الظلمة وهو صاحب الميزانية الضخمة التي تكفي أربع دول عربية ؟ أيعقل أن يعم الفقر واستجداء القروض وهو الطافي على بحر من البترول ؟!
نعم ، عندما تحكم دولة المليشيات، ومن يريد التعرف على واقع مشافي بغداد العريقة فليقرأ المقالة التي كتبتها عن مشفى مدينة الطب في أكتوبر 2015 ( مياه الأمطار في المستشفيات تتصاعد ومدينة الطب بانتظار المصاعد ) .
مأساة كبيرة أبكت الآلاف من العراقيين يوم الثلاثاء الماضي حينما تصاعدت ألسنة اللهب في ردهات التوليد وصولاً لقاعة الحضانة الخاصة بالمواليد الخدج ، والضحايا أكثر من 30 بينهم 12 طفل متفحم، وبشكل محير ضج الشارع على حين غرة متفاجاً بحواجز المرور تمنع الوصول للمشفى بحجة التحقيق ! .
أما الحادثة التي خرج بها الإعلام الحكومي على لسان المتحدث بأسم الوزارة الصحة أحمد الرديني، هي أن الحريق نشب بفعل المتهم الوحيد في حرائق عراق الغزو ( تماس كهربائي ) ! هذا الإرهابي (تماس) الذي يتسلل أثناء انقطاع الشبكة الوطنية على الدوام ! .
أما البرلمان العراقي فقد أوصى بالتحقيق العاجل حول الحادث بسبب ( غموضه) ، وبالطبع ستشكل لجنة عملها المعتاد ستر الفساد وطي الملفات في الأدراج الخاصة بالمساومات على طريقة ( طمطملي واطمطملك) . هنا لا يتوقف العجب إلى هذا الحد من الدونية وموت الضمير، بل وصل الأمر إلى الجهر بالفشل والعجز عن القيادة كمؤسسة حكومية مالم يأتي الأمر من قائد مليشيا . هذه ترجمة لدولة المليشيات بالبنط العريض كما يقول المصريون . أستمعوا لتصريح وزيرة الصحة التابعة للتيار الصدري ( عديلة حمود ) في لقاء مع قناة دجلة ( الشيعية) تلقي اللوم على مدير صحة الكرخ ( جاسب لطيف الحجامي) لعدم التعاون الجاد بتركه منصبه بعد صدور أمر إقالته قبل أشهر ، وتتلمس من مقتدى الصدر ( حجة المسلمين !) أن يصدر أمره الإلهي لأتباعه . أي سفالة وانحطاط ! .
وهناك المزيد من اتباع السفيه ، فقد أوعز مقتدى قائد مليشيات الغوغاء بسرعة تقديم الاستقالة وتسليم نفسه للقضاء، والمدعو مدير صحة الكرخ قدم استقالته، علماً أن ما سيأتي هو تكرار ذات السيناريو لتبادل الاتهامات بين الوزيرة والمدير الذي اتهمها بالفساد قبل شهرين، وذلك لامتلاكها 80 سيارة ذات الدفع الرباعي منها محصنة ضد الرصاص . هذا عدا المبالغ الضخمة لتكاليف الوقود والصيانة .
المضحك المبكي هنا، أن الوزيرة ذاتها رفضت أمر العبادي بترك منصبها على أثر اتهامات بالفساد .
للمزيد من انجازات الدكتورة الصفوية التي تتكلم ملامحها عن ماضي الدلالات ، ما حدث في الأنبار من تفشي داء الكوليرا بتكتم ونكران ومراوغة طائفية راح ضحيتها مئات الأطفال * .
الحقيقة لن نسمعها من حكومة الملالي أتباع الخميني المجوسي، ولكن ما يوصله المواطن عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح البديل الإعلامي للخبر، فقد اعترف شهود عيان مرضى من داخل المستشفى أن الحريق بدأ في أحد المكيفات بشكل غريب كأنما هناك مواد مشتعلة مكدسة، والأدهى تفاجأوا أن المطافيء الموجودة فارغة تماماً ، وفي الوقت الذي يفترض فيه إعانة النساء وأطفالهم على الخروج فقد تم إغلاق الأبواب مما تسبب في هذا العدد الكبير من الوفيات . أما الدافع فهناك من يؤكد حصول سرقة أموال تقدر ب 150 مليون دينار .
أي أمل بقي في قلب العراقي من حكومة يترجاها لمحاربة الفساد عندما يلقى فلذة كبده متفحماً في علب من الكارتون على أرض الإنسانية والرحمة ؟! بأي ذنب تتوالى المصائب ؟
سؤال على الموالين المنتخبين استيعاب جوابه، الذين لا يزال الغوش في أعينهم وهم يتخيلون هالة القدسية فوق رؤوس المراجع التي تحمي دولة المليشيات وتدعي محاربة الفساد .
ما زالت حقيقة تخريب العراق المستمر في ظل حكم الشيعة تصفع مراراً وتكراراً ، والله المستعان .