أولا ثبت عندنا أن لا أحد رأى ربه في الدنيا, وما قاله شيخ الإسلام إبن تيميه في تلبيس الجهميه إنما رؤيا منام.
وقد قدمنا القول بأن أهل السنة متفقون على أن الله لا يراه أحد بعينه في الدنيا لا نبي ولا غير نبي ولم يتنازع الناس في ذلك إلا في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة مع أن أحاديث المعراج المعروفة ليس في شيء منها أنه رآه أصلا وإنما روى ذلك بإسناد ضعيف موضوع من طريق أبي عبيدة ذكره الخلال والقاضي أبو يعلى في كتاب إبطال التأويل وأهل العلم بالحديث متفقون على أنه حديث موضوع كذب " منهاج السنة لإبن تيميه (ج2ص367)
قال ابو ذر الغفاري سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمهلرأيتَربَّك؟ قال نورٌ أنَّى أَراهُ .صحيح مسلم الرقم178
عبدالله بن ابي أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم سأل جبريلَهلرأيتَربَّك؟ فانتفض جبريلُ وقال : يا محمدُ إنَّ بيني وبينهُ سبعونَ حجابًا من نورٍ لو دنوتُ من أدناها لاحترقتُ. اللآلئ المصنوعة ج1ص17 السيوطي (حديث صحيح)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ اِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الاَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، اَنْبَاَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ قَالَتْ مَنْ زَعَمَ اَنَّ مُحَمَّدًا رَاَى رَبَّهُ فَقَدْ اَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَاَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ، وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الاُفُقِ " البخاري رقم 3270
وهذا كلام ابن تيميه:
( بيان تلبيس الجهمية في تاسيس بدعهم الكلامية ج7 ص290 ) وهذا يدل على انه راه ، واخبر انه رآه في صورة شاب دونه ستر وقدميه في خضره ، وان هذه الرؤية هي المعارضة بالاية ، والمجاب عنها بما تقدم ، فيقتضي انها رؤية عين رأيت ربي جعدا أمرد عليه حلة خضراء. (هذا كلامه الذي تقدم) ص 287_288( الاسراء و ان كان حقا ورؤية محمد صلى الله عليه وسلم قد جاءت بها أثار ثابته , وهذا الحديث قد ثبت عن النبي انه رأه بالمدينه في المنام , ولكن هذا الحديث بهذا اللفظ المذكور فيه ليله الاسراء من الموضوعات المكذوبات كما يسأتي بيانه ان شاء الله.
وأيضا أجاب عليها في الجزء الأول:
الرد في تلبيس الجهميه ج1ص325_328((لفظ الرؤية وإن كان في الأصل مطابقاً فقد لا يكون مطابقاً كما في قوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا} وقال: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} وقد يكون التوهم والتخيل مطابقا من وجه دون وجه فهو حق في مرتبته وإن لم يكن مماثلا للحقيقة الخارجة مثل ما يراه الناس في منامهم وقد يرى في اليقظة من جنس ما يراه في منامه فإنه يرى صوراً وأفعالاً ويسمع أقوالا وتلك أمثال مضروبة لحقائق خارجية كما رأى يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له فلا ريب أن هذا تمثله وتصوره في نفسه وكانت حقيقته سجود أبويه وأخوته(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) كما قال: {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} وكذلك رؤيا الملك التي عبرها يوسف حيث رأى السنبل بل والبقر فتلك رآها متخيلة متمثلة في نفسه وكانت حقيقتها وتأويلها من الخصب والجدب فهذا التمثل والتخيل حق وصدق في مرتبته بمعنى أن له تأويلاً صحيحاً يكون مناسباً له ومشابهاً له.... وإذا كان كذلك فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه.
فالنبي يوسف رأى الكواكب ساجدين له! فهل فعلا سجدوا له أم لها تأويل؟
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إذْ قالَ يُوسُفُ لاَءَبِـيهِ يا أبَتِ إنّـي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبـاً } إخوته أحد عشر كوكبـاً، والشمس والقمر، يعنـي بذلك: أبويه. تفسير الطبري
كما أن دين الله لا يثبت بالرؤيا كما هو ثابت.
"ولم يأتنا دليل يدُل على أن رؤيته في النوم بعد موته صلى الله عليه وسلم إذا قال فيها بقول أو فعل فيها يكون دليلاً وحُجَّة، بل قد قبضهُ الله إليه بعد أن كَمَّل لهذه الأُمَّة ما شرعه لها على لسانه". إرشاد الفُحول ج2ص291 الشوكاني
عند الرافضه:
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: تأويل هذه الرؤيا أنه سيملك مصر ويدخل عليه أبواه وإخوته، أما الشمس فأم يوسف راحيل والقمر يعقوب وأما أحد عشر كوكباً فإخوته، فلما دخلوا عليه سجدوا شكراً لله وحده حين نظروا إليه وكان ذلك السجود لله. تفسير القمي ج1ص339_340 و بحار الانوار ج12ص217 و البيان للطبرسي
فسّر النبيّ والعترة الطاهرة كثير من المنامات التي رأوها بأنفسهم ، كما لم يفسّروا بعضها الآخر ، وإليك ما فسّروه من مناماتهم : وروى عن رسول الله صلىاللهعليه وآله ، قال : « رأيت غنماً كثيرة سوداً ، دخل فيها غنم كثير بيض. قالوا : فما أوّلته يا رسول الله ؟ قال : العجم يشاركونكم في دينكم وأنسابكم ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان معلّقاً بالثريّا لناله رجال من العجم ، فأسعدهم به فارس ». بحوث في الرؤيا والأحلام ص88 محمد الطبسي
وفي غوالي اللئالي : « قال رسول الله : بينا أنا نائم إذا اُتيت بقدح من لبن ، فشربت منه حتّى أنّي لأرى الرّي يخرج من بين أظافيري. قالوا : بما أوّلت ذلك يا رسول الله ؟ قال : العلم » . بحوث في الرؤيا والأحلام ص88 محمد الطبسي
فإنه قد ورد بأسانيد صحيحة عن الصادق عليه السلام في حديث الاذان أن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم. ويمكن أن يقال: المراد أنه لا يثبت أصل شرعية الاحكام بالنوم، بل إنما هي بالوحي الجلي. بحار الأنوار ج58ص237