العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-01-14, 02:43 AM   رقم المشاركة : 1
أبو معاذ السلفي
عضو نشيط






أبو معاذ السلفي غير متصل

أبو معاذ السلفي


رسائل واشرطة في انكار بدعة الاحتفال بالمولد !!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعتذر للإدارة لوضع رابط خارجي ولكني وجدت صعوبة في تنسيق الموضوع فإن كان هذا الأمر مما تمنعه الإدارة فلتحذف الموضوع مع اعتذاري مرة اخرى:

رسائل واشرطة في انكار بدعة الاحتفال بالمولد !!

http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=9622







التوقيع :
الحمد لله على الإسلام والسنة
من مواضيعي في المنتدى
»» كتب واشرطة في التحذير من بدعة الاحتفال بالمولد
»» الردود المتعلقة بالتحذير من زيارة قبر نبي الله هود عليه السلام
»» مشاهد لموقف شيخ الأزهر من السلفيين ومن النصارى !!
»» حمل رسالة تجريد التوحيد من درن الشرك وشبه التنديد
»» البوطي يحذر من الرقص الصوفي !!!
 
قديم 09-01-14, 10:31 AM   رقم المشاركة : 3
شعيب الاشباني
صوفي






شعيب الاشباني غير متصل

شعيب الاشباني is on a distinguished road


بارك الله فيك سيدي أبو معاذ. أعتقد أن أخطر البدع تحريم ما لم يحرمه الله من غير دليل قطعي لا يتناطح فيه كبشان.
و أعتقد أيضا أن على المرجعية السلفية إعادة النظر في مفهوم البدعة القبيحة، و على الباحث المتجرد و علينا جميعا النظر في أبعاد البدعة و مفهومها عند المذاهب الإسلامية المعتبرة و هي - كما هو معلوم - ثمانية المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي والظاهري والجعفري والزيدي والإباضي لكي نصل إلى نتيجة صحيحة موضوعية، أو على الأقل نحاول لأن الإختلاف سيبقى لإرتباطه بطبع البشر كما هو، و لأن الذهن بشبكته اللغوية يربط المعنى باللفظ و النفس تميل إلى التكذيب أسرع و هذا ما يفسر أن أكثر الناس لا يؤمنون، و لهذا السبب و لغيره يحكم العقل تلقائيا أن ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و على آله عمل خطأ أو قبيح، و بهذا العقل حكم الصحابي الجليل زيد عليه السلام على أمر الصحابي الإمام أبي بكر عليه السلام بجمع القرآن " كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله؟" لكن تغلب على روح الميل للرفض بعد تصفيه علاقات النفسية بالعقل و بمساعدة من إلحاح الصحابي الفاروق عمر عليه السلام و قال "ولم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري".

نعم جمع القرآن بدعة، و صلاة التراويح جماعة بدعة، و الإقتصار على حرف واحد في المصحف بدعة، و زخرفة المساجد بدعة، و تجريم الرق بدعة، و وقف سهم المؤلفة قلوبهم بدعة، و المساوات في العطاء بين المسلمين قبل الفتح و المسلمين بعده بدعة، و ترجمة معاني القرآن بدعة، و التنصيص على الخلافة بدعة، و إستبدال الجزية بالهدية بدعة، و ما أكثر البدع. لكن أي نوع من البدع هي؟

إن نحن أخذنا تعريف الإمام الشاطبي للبدعة بأنها عبارة عن: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه. 1) فهل كل بدعة في الثقافة أو في العادات و التقاليد هي بدعة في الدين بالمعنى الخاص للدين؟ 2) و هل كل بدعة تضاهي الشرعة أو تضاد السنة أو تستبدل سنة؟ 3) و هل كل بدعة يقصد بها التعبد المقترن بالإعتقاد؟ 4) و هل كل بدعة يقصد بها التنطع في التدين أي المبالغة في التعبد لله؟



أعوذ بالله من البدع.







التوقيع :
الناس رجلان: رجل نام في النور، ورجل إستيقظ في الظلام! .
من مواضيعي في المنتدى
»» مدارسة السيرة النبوية
»» دولة اسلامية على الطريقة الايرانية (ولاية الفقيه) أم دولة علمانية أفضل؟
»» مقتطفات من الاعتصام للإمام الشاطبي رحمه الله
»» نظرية الفيض و وجود الله سبحانه
»» المسلسلات الشيعية تعكس حقيقة توجههم الاعتقادي
 
قديم 12-01-14, 01:29 AM   رقم المشاركة : 4
أبو معاذ السلفي
عضو نشيط






أبو معاذ السلفي غير متصل

أبو معاذ السلفي


الأخ السليماني جزاك الله خير الجزاء.

الأخ شعيب أسأل الله أن يهدينا وإياك وأن تراجع الرسائل والاشرطة ثم تتعلق .

وتعليقك يحتاج إلى وقفات طويلة ولكن للأسف لا وقت عندي حاليا للتعليق .

واخشى أن تكون متاثر بالشيعة !! فقولك ( صلاة التراويح جماعة بدعة ) !! يشابه قول الشيعة.







التوقيع :
الحمد لله على الإسلام والسنة
من مواضيعي في المنتدى
»» حمل رسالة الصوفية وطرقها للشيخ ممدوح الحربي
»» المنشد أبو عبد الملك انتقلت من الحسن إلى الأحسن !
»» فتوى لابن باز وعفيفي حول الاحتفال باليوم الوطني للمملكة ومقارنته بالاحتفال بالمولد
»» الجواب الكافي لمن سأل عن محمد بن علوي المالكي 1440
»» حمل كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول الأضرحة والقبور والموالد والنذور
 
قديم 12-01-14, 01:56 AM   رقم المشاركة : 5
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاكم الله خيرا







 
قديم 16-01-14, 04:18 PM   رقم المشاركة : 6
شعيب الاشباني
صوفي






شعيب الاشباني غير متصل

شعيب الاشباني is on a distinguished road


سيدي أبو معاذ. بما أنك أشرت إلى إمكانية تأثري بالشيعة فأنا أرى من الأحسن أن لا تناقشني. السبب سببين: الأول هو أن الأخذ و الرد حسب الكلام و ليس حسب الرجال. الثاني: أن الصلاة جماعة بدعة نتيجة منطقية إلا أن تثبت العكس و أن الرسول صلى الله عليه و على آله فعلها جماعة و خلال شهرة رمضان. ثم إن عمر عليه السلام من قال نعم البدعة هذه (الجامع الصحيح) أو نعمت البدعة هذه (في الموطأ).

هل المشكلة في كونها و كون غيرها من المستجدات بدعة؟ لا من طبيعة الحال.
إن البدعة إذا خالفت أو إستبدلت سنة أو واجب كأن أستبدل الصلاة باليوغا مثلا، أو إن جاءت مقترنة بإعتقاد كأن أعتقد أنها مشروعة بالشارع و هي ليست كذلك، أو بتقول أن الرسول عليه الصلاة و على آله فعل، أو إستجدت لتضاهي الشرعية أو يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه، فهذه هي البدعة. و إن لم تتوفر الشروط فلا أعلم لماذا يكون المستجد في الأمور الثقافية و العادات بدعة محرمة أو قبيحة. علينا أن لا نحدد معنى البدعة و حقيقتها حسب ظروف زمنية لأننا نختلف مع الآخر لسبب دنيوي سياسة كان أو غير ذلك.

و لكن أحببت لو تدارسنا أبعاد البدعة و شروطها و أقسامها عند المذاهب الإسلامية الثمانية. ربما توصلنا إلى تصور أحسن من الشائع. أليس كلامي فيه وجه من الصحة؟

حفظني الله و إياك من شر الوسواس و الخناس.







التوقيع :
الناس رجلان: رجل نام في النور، ورجل إستيقظ في الظلام! .
من مواضيعي في المنتدى
»» نقول لا للتكفير
»» التصوف بين الدوغمائية والإيمان (دعوة لنقد الذات)
»» النبوة وختمها
»» هل الدفاع عن الصحابة رضي الله عنهم بدعة ؟
»» المسائل العقدية التي تعددت فيها آراء أهل السنة والجماعة
 
قديم 17-01-14, 12:03 AM   رقم المشاركة : 7
أبو معاذ السلفي
عضو نشيط






أبو معاذ السلفي غير متصل

أبو معاذ السلفي


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان ، من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول :" من قام رمضان إيمناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبة " رواه مسلم

وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: صلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، وكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أنني خشيت أن تفرض عليكم" وذلك في رمضان.

وروى مسلم عن عائشة أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ خرج من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهلهن فلم يخرج إليهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد، فقال: "أما بعد فإنه لم يخف عليَّ شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل، فتعجزوا عنها".

ففي هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ببعض أصحابه جماعة، ولم يداوم عليها، وعلل تركها بخوفه أن تُفرض عليهم، فلما أمنوا من ذلك بعده جمعهم عليها عمر – رضي الله عنه – فروى البخاري عن عبد الرحمن بن عبد قال: خرجت مع عمر – رضي الله عنه – ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يُصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب.







التوقيع :
الحمد لله على الإسلام والسنة
من مواضيعي في المنتدى
»» تعقيب الشيخ دمشقية على الشيخ الددو في ثنائه على الطريقة التيجانية
»» كتب واشرطة في التحذير من بدعة الاحتفال بالمولد
»» حمل رسائل وفتاوى ومحاضرات في التحذير من بدعة المولد
»» رسائل واشرطة في انكار بدعة الاحتفال بالمولد
»» حمل أسطوانة إلى أين أيها الحبيب الجفري ؟
 
قديم 17-01-14, 12:05 AM   رقم المشاركة : 8
أبو معاذ السلفي
عضو نشيط






أبو معاذ السلفي غير متصل

أبو معاذ السلفي


رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان ، من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول :" من قام رمضان إيمناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبة " رواه مسلم

وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: صلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، وكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أنني خشيت أن تفرض عليكم" وذلك في رمضان.

وروى مسلم عن عائشة أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ خرج من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهلهن فلم يخرج إليهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد، فقال: "أما بعد فإنه لم يخف عليَّ شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل، فتعجزوا عنها".

ففي هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ببعض أصحابه جماعة، ولم يداوم عليها، وعلل تركها بخوفه أن تُفرض عليهم، فلما أمنوا من ذلك بعده جمعهم عليها عمر – رضي الله عنه – فروى البخاري عن عبد الرحمن بن عبد قال: خرجت مع عمر – رضي الله عنه – ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يُصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب.







التوقيع :
الحمد لله على الإسلام والسنة
من مواضيعي في المنتدى
»» حمل محاضرة الاحتفال بالمولد النبوي بين أهل الاتباع وأهل الابتداع
»» حمل أسطوانة إلى أين أيها الحبيب الجفري ؟
»» كتب واشرطة في التحذير من بدعة الاحتفال بالمولد
»» تجربة
»» وثيقة البوطي يقول بالنهي عن بناء المساجد على القبور !!
 
قديم 26-01-14, 04:46 PM   رقم المشاركة : 9
تيرنو محمود عمر عاج
مشترك جديد







تيرنو محمود عمر عاج غير متصل

تيرنو محمود عمر عاج is on a distinguished road


كان لي وقفة حول معنى البدعة لكثرة سمعي لها من قبل الوهابية، فطفقت أجول في حوماتها حتى انتهيت إلى قول شيخ الوهابية في الوقت الحاضر وهو الشيخ الفوزاني ثم العلماء من سلف هذه الأمة فتوصلت إلى هذه النتائج الآتية ذكرها بعد هذه الجولة إن شاء الله. وهذا البحث إنما كتبته منذ سنوات خلت وألقيته كمحاضرة تنبيها للشبان، ومما جاء منه:

قال العبد الضعيف: تستميت هذه الطائفة بأغلى ثمن عندها أن ليس في الإسلام ما يسمى بالبدعة الحسنة، فكل بدعة ضلالة ودليلهم على ذلك، قوله تبارك وتعالى في سورة المائدة: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. صدق الله العظيم. وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. صدق رسول الله. قال الشيخ الفوزاني تعريفا البدعة شرعا في كتابه شرح حائية ابن أبي داوود ص/53. : وهي قصيدته المباركة التي افتتحها بقوله رحمه الله :
تَمسَّـكْ بحَـبْلِ اللهِ واتَّبِع الهُـدَى ولا تَـكُ بِدْعِيَّـاً لَعلَّـكَ تُفْلِــحُ

قال الشيخ الفوزاني شارحا هذا البيت:
أما البدعة في الشرع : فهي ما أحدث في الدين مما ليس منه، وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قلت: عندي تعليق على هذا التعريف الجيد الجميل، وهو قوله : البدعة في الشرع : ما أحدث في الدين، نقول نعم على العين والرأس ، وقوله : مما ليس منه، فنعم وعشر مرات نعم هو كذالك يا صالح، مما ليس منه أي من الشريعة، وإلا فتكون بدعة ضلالة لأنه لا أصل لها من الدين أي: كما قال الرسول كل بدعة ضلالة، وهذا الشرح واضح جلي من الشيخ الفوزان. وعند فقرته الأخيرة تزيد الأمر وضوحا وهي قوله: وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. يعني إذا أحدث شيء في الدين مما له دليل فهو حسن، وإن كان لا دليل له فبذلك تصير من التي حذرنا منها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وأما إذا كان له أصل أو دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فبذلك تكون بدعة حسنة كما يتبادر إلى الأذهان، وهذا التعريف من الشيخ الفوزاني في غاية الحسن والإيجاز. وذلك في كتابه شرح حائية ابن أبي داوود ص/53. فليراجع هناك.
إلا أن الشيخ الفوزاني لا يريد بما ذهبت إليه من تعليقي هذا على كلامه هذا الجيد الجميل، لأنه لا يخدم ما ذهب إليه هو، ويشهد لي ما قاله بعد تعريفه للبدعة شرعا كما أنه قدم تعريف البدعة لغة من كتابه. فاقرأوا أيها القراء ما قاله بعد هذا من الصفحة التالية وهو ما نصه :
والبدع ليس فيها خير، فهي تبعد عن الله، وتغضب الله - عز وجل – أما السنن فإنها خير كلها، يرضاها الله ويحبها، ويثيب عليها.
كما أن الله تعالى يبغض البدع ويبغض أهلها، ويعاقب عليها.
فلا مجال للزيادات والإضافات والإستحسانات، واتباع الـناس عـلى ما هــم عـلـيه، حتى نعرف دليلهم، فإن كانوا على حق اتبعناهم، قال تعالى واتبعت ملة ءآبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) [يوسف: 38]، هذا الاتباع على الحق، أما إذا كانو على غير حق فإننا لا نتبعهم، ولو كانوا من أفضل الناس. اهـ
إخوة الايمان:
أولا - إسمحوا لي قليلا أعلق على هذا الكلام الذي ليس جامعا كما في الأول. فقوله : والبدع ليس فيها خير، ماذا نفهم من هنا إذا قارناه بتعريفه البدعة شرعا عند ما قال : البدعة ما أحدث في الدين مما ليس منه، أليس هذا منبهما بعض الشيء أو تناقضا لنفسه؟ أم أن التناقض في الدين مسموح به؟ ألم يقل في تعريفه الأول (أما البدعة في الشرع : فهي ما أحدث في الدين مما ليس منه، وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.) أليس هذا واضحا وجامعا مانعا منه رحمه الله؟ إن كان فلماذا يقول لنا: (والبدع ليس فيها خير) أيريد في هذا بدعة ضلالة؟ إذا كان، فلماذا يردفه بقوله : ليس فيها خير؟ علما بأن الضلالة لا ينتظر أن يكون فيه خير،
فالبدعة التي حذرنا منها الرسول، هي البدعة الضلالة كما فهمنا من سياق تعريفه للبدعة شرعا، كما قدمنا.
ثانيا – قوله : فهي تبعد عن الله، وتغضب الله - عز وجلهذا معروف عند أهل السنة والجماعة إن كان الشيخ يريد بهذا كما في تعريفه الأول، ويهمني منه قوله: ما أحدث في الدين مما ليس منه، هذا مهم جدا لأن، العقلاء من أهل السنة والجماعة لا يفهمون منه إلا أن البدعة إذا كان لها أصل في الشريعة فليس بضلالة.
ثالثا – قوله فلا مجال للزيادات والإضافات) قال العبد الضعيف: هذه كلمة حق لأن الزيادات والإضافات في الدين أمر مذموم باتفاق العلماء، ولأن الوحي انقطع بعد انتقال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (والإستحسانات) فهي إذا كانت لها أصل مستحسن فهي حسنة وليس من البدع التي حُذرنا منها، وإلا فهو في حيز الذم كما في تعريف الشيخ للبدعة شرعا.
وقوله: (واتباع الناس في ما هم عليه، حتى نعرف دليلهمأي دليل تريد أن تعرفه أيها الشيخ؟ ألم تقل لنا أن البدع ليس فيها خير؟ لماذا تذكر الدليل وتريد أن تعرفه؟
وقوله: (فإن كانوا على حق اتبعناهم) عم يتحدث هذا الشيخ؟ هل يتحدث عن البدعة أو السنة؟ فهو تارة يقول: البدعة ليس فيها خير، وتارة يقول: البدعة ما أحدث في الدين مما ليس منه، وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وطورا يقول حتى نعرف دليلهم، وحينا يقول : فإن كانوا على حق اتبعناهم. ماذا يريد أن يحدد بالذات؟ فليبين لنا أحدهم ما هي لو سمحتم.
ثم ذكر قوله تعالى: ( واتبعت ملة ءآبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب). لا إله إلا الله، ويا للعجب! إن سيدنا يوسف عليه السلام لم يتبع البدعة يا رجل. بل اتبع الأصول التي إذا تركت لكان شركا أو كفرا، وذلك التوحيد وهو شهادة أن لا إله إلا الله دون يشرك به شيئا. وهذا هو ملة الإسلام يا شيخنا!
ثم تمادى الفوزان قائلا ورادا على مقسمي البدعة في القرآن الكريم في ص/53. وهو:
إن النصارى لما أحدثوا الرهبانية التي ما كتبها الله عليهم، ضلوا بها، وأيضا ما قاموا بها، لأنهم عجزوا عن أن يقوموا بها، لأنهم هم الذين حملوا أنفسهم ما لا تطيق، والله – سبحانه وتعالى – لا يكلف نفسا إلا وسعها، فعجزوا عنها وتركوها
(فما رعوها حق رعايتها) وقوله إلا : (إلا ابتغاء رضوان الله) أحدثوها يبتغون بها رضوان الله، فهذا دليل على أن العبرة بالدليل لا بالمقاصد والنيات فقط. اهـ
قال العبد الضعيف:
أولا – قوله: ( إن النصارى لما أحدثوا الرهبانية التي ما كتبها الله عليهم، ضلوا بها ) فهل بمجرد إحداثهم الرهبانية ضلوا؟ أم لعدم الإلتزام بها لقوله تعالى (فما رعوعا حق رعايتها)، وهل هذا يشملهم كلهم؟ أم ثم بعض قاموا بها ورعوها حق رعايتها؟
ثانيا – قوله : (وأيضا ما قاموا بها، لأنهم عجزوا عن أن يقوموا بها) هل يريد الشيخ الفوزان بأنهم لو قدروا عليها لقاموا بها فتصير مباحا لهم أو ماذا يريد بالضبط؟
ثالثا – قوله : (فعجزوا عنها وتركوها) و (فما رعوها حق رعايتها) هل فعجزوا عنها وتركوها هو تفسير لقوله تعالى : فما رعوها حق رعايتها عندك أيها الشيخ ؟ أم ماذا؟
رابعا – قوله : (إلا ابتغاء رضوان الله) أحدثوها يبتغون بها رضوان الله،.) نعم أحدثوها ابتغاء رضوان الله، ولو لا ابتغاء ذلك ما ابتدعوها كما يفهم من الآية، ولكنك يا شيخ لم تذكر بقية الآية حتى نعلم هل عذبهم الله بابتداعهم الرهبانية هذه أم لا؟ وأيضا لم تذكر لنا أقوال السلف في هذه الآية، ولا قول المحدثين أو المفسرين فيها.
إن ما قاله جمهور الأمة تخالف ما ذهبت إليه تماما، وهو أنك لا ترى في إسلامك ما يسمى بدعة حسنة، ونحن معشر أهل السنة والجماعة نرى ذلك، وأن هذه الآية من أقوى الدليل لنا، حيث قلت : (وأيضا ما قاموا بها، لأنهم عجزوا عن أن يقوموا بها)، ونقول نحن لم نعجز بالقيام بما في طريقتنا الغراء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (اكلفوا لأنفسكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا) وقوله أيضا: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه). وإذ نسيت بقية الآية نذكره لكم، قال تعالى : (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين آتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) فتأملوها يا أحباب.
خامسا – قوله : (فهذا دليل على أن العبرة بالدليل لا بالمقاصد والنيات فقط) قلت يا شيخنا، بل العبرة بالدليل وبالمقاصد والنيات. لقوله تعالى (كل شيء هالك إلا وجهه) أي، كل ما يقصد فيه ذات الله كما قال الإمام البخاري: أي ما أريد به وجه الله. ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سيدنا عمر رضي الله عنه: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله إلى آخره).
ثم قال :
فالحاصل: أن البدعة شر كلها وإن زعم أصحابها أنها خير!
وإن قالوا: إن البدعة تنقسم إلى أقسام: بدعة حسنة، وبدعة سيئة!
فنقول : البدع في الدين ليس منها شيء حسن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل بدعة ضلالة)، فمن قال: إن من البدع بدعة حسنة، فإنه يكون مكذبا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) وقوله : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، فلا توجد بدعة حسنة في الدين أبدا. اهـ
يا نهار أسود!!
لو اكتفى الشيخ بتعريفه الأول، لأراح واستراح. ولو كان أي صوفي ثرثر كثرثرته في هذا المقام، لأقيم عليه الدنيا وما فيها ولن تقعد أبدا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
فمثلك يؤتى من بلاد بعيدة ليضحك ربات الخدور البواكيا






 
قديم 26-01-14, 04:52 PM   رقم المشاركة : 10
تيرنو محمود عمر عاج
مشترك جديد







تيرنو محمود عمر عاج غير متصل

تيرنو محمود عمر عاج is on a distinguished road


قال أضعف خلق الله: الآن حصحص الحق، وزال القنا، وقد تبينت الحقيقة التي كانت مخفية من صدر هذا الرجل، هذا الشيخ الذي خرق الإجماع ورمى جمهور أهل السنة والجماعة بما فيهم الصحابة رضوان الله عليهم كلهم من لدن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شيخ إسلامه ابن تيمية، بأنهم كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (كل بدعة ضلالة)، فتعالوا يا جماعة لنرى ماذا يقول جمهور أهل السنة في البدعة، لنقرأها سويا ثم نرى من هو على الحق والصواب. علما بأن جمهور أهل السنة الذين أذكرهم بمن فيهم ابن تيمية هم أعلم من الشيخ الفوزان بكثير. فأقول وبالله التوفيق:
لقد نقل لنا مريد الحق من المنتدى الصبيحية من موقع الدكتور السيد صبيح حفظه الله الخاص، كلاما جميلا عن البدعة وأود أن أنقلها هنا لفائدة فيها، ثم نناقشها إن شاء الله تعالى وهو ما نصه:

لما كانت الخوارج من سماتهم الأصيلة تكفير الأمة وهو أمر متركز فى أصل شجرة بدعتهم .. ظهر في فروعهم الموجودة الآن من المتمسلفة امتداد لهذا الأصل
. ولكن برمى الأمة بالبدعة .. فلا يرون أمرا أو عملا داومت عليه الأمة .
. ودليل الأمة فى ذلك فهم صحيح من القرآن أو السنة. إلا حكمت تلك الفرقة عليه بالبدعة !!

فتوجه القصد بعون الله تعالى وببركة الطاهر المبارك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذكر السنة والبدعة وأقسامها وأدلة الأحكام الشرعية وأقوال أهل العلم المعتبرين فى هذا المبحث، مستفيدا مادة المقال من كتب أهل العلم ومقالات الباحثين.
.
: أولا
السنة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ ) هي منهج التعامل مع أصول الشريعة وأحكامها ، لا يعني به السنة التشريعية التي هي الأصل الثاني من أصول التشريع ؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم بعد انقطاع الوحي ليس بمقدورهم أن يؤصلوا أصلاً إلا على مثال سبق

فسنة الصحابة المهديين ليست هي ذات سنة المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم؛
فسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقتها التشريع، وسنة الصحابة وأهل الحل والعقد حقيقتها التفريع.
فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يشير في هديه هذا إلى تأسيس أصل من أصـول الشــريعة ألا وهــو الــقياس ، الذي دلت عليه الآية الكريمة في معرض قوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)

يذكر الإمام الفخر رحمه الله في تفسيره أن هذه الآية تجمع في ثناياها مصادر التشريع الأربعة::

الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.
أما الكتاب والسنة فمأخوذان من قوله سبحانه: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول).

وأما الإجماع فمأخوذ من قوله سبحانه وتعالى( وأولي الأمر منكم ) أي أهل الحل والعقد.
وأما القياس فمأخوذ من قوله تعالى( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول).اهـ

ثم قال : اعلم أن قوله: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) يدل عندنا على أن القياس حجة، والذي يدل على ذلك أن قوله: ( فإن تنازعتم في شيء)، إما أن يكون المراد، فإن اختلفتم في شيء حكمه منصوص عليه في الكتاب أو السنة أو الإجماع .
أو المراد: فإن اختلفتم في شيء حكمه غير منصوص عليه في شيء من هذه الثلاثة.
والأول باطل ، لأن على ذلك التقدير وجب عليه طاعته فكان ذلك داخلاً تحت قوله: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )، وحينئذ، يصير قوله سبحانه: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) إعادة لعين ما مضى وإنه غير جائز.
وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني.
إلى أن قال: فوجب أن يكون المراد رد حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له وذلك هو القياس، فثبت أن الآية دالة على الأمر بالقياس. اهـ.

وقد كان ذلك فهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس على صلاة التراويح وقال : نعم البدعة هذه , فتلاقى مع قول النبى صلى الله عليه وسلم:
(من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)

فيمتدح النبي صلى الله عليه وسلم تلك البدعة الحسنة ويسميها سنة حسنة تأصيلاً منه لقاعدة القياس، وبياناً منه أن ما يحدث في عهده سنة تقريرية إن أقرَّها أو أقرَّتها سنته من بعده، ويوضح الفاروق رضي الله عنه ذلك المفهوم بقوله فيما أُحدث على مثال نعم البدعة هذه. .
بناء على ما تقرر تبين فُحش وغلط من فسّر قول سيدنا عمر بالبدعة بالمعنى اللغوي، حيث إنه اتهم الفاروق والصحابة أجمعين بأنهم يُحْدِثون ما ليس على مثال سبق، وقابل فعلهم بعد التنزيل بفعلهم وقت التنزيل، وأنزلهم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في المصدرين الأساسيين للتشريع وكأن الوحي لم ينقطع. .
وهذا المفهوم ابتليت به خوارج هذه الأمة منذ ميلاد الرسالة ، وذلك البلاء في أفراخهم إلى يومنا هذا ..حتى ضللوا جميع من خالفهم وسرى ذلك الضلال ـ على رأيهم ـ في علماء الأمة حتى شمل بعض الصادقين من أبناء هذه الأمة دون أن يلقوا لتلك المقولة بالاً، وأول من ضرب على ذلك الوتر بعد ذي الخويصرة ابن تيمية الحرّاني ومن لفَّ لفه. اهـ
ثم توارى عن أنظارنا أياما وعاد إلى المنتدى وقال:
الحمد لله المتفضل بالنعم , الذى علم بالقلم , علم الإنسان مالم يعلم , والصلاة والسلام على سيد الخلق خير من قام بأمر الله فسن وشرع وحكم .. وبعد
فاستكمالا لموضوع البدعة وتعريفها وأقسامها وأحكامها، .
:نتناول المسائل الآتية

تحديد مفهوم البدعة
في اللغة.
في الاصطلاح.
في القرآن.
في السنة المطهرة.

أولا : تعريف البدعة في اللغة

البدعة في اللغة العربية: اسم من الابتداع، يقال: أبدع الشيء يبدعه بدعاً، وابتدعه: أنشأه وبدأه. والبدع والبديع : الشيء الذي يكون أولاً.
وفي القرآن الكريم ( قل ما كنت بدعاً من الرسل )[الأحقاف:9]. أي: ما كنت أول من أرسل بل أرسل قبلي رسل كثيرون.

والبديع : من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياءوإحداثه إياها، وهو البديع الأول قبل كل شيء. وهو الذي بدع الخلق، أي بدأه، كما قال سبحانه ( بديع السماوات والأرض ) [البقرة:117] أي خالقها ومبدعها.

والكلمة غلب استعمالها فيما نقص من الدين، أو زيد فيه.
قال أبو البقاء في الكليات : البدعة هي عملُ عَمَلٍ على غير مثال سبق.

ومفهوم هذا التعريف أن كل عمل يُعْمَلُ دون أن يكون له مثال سابق سواء كان على أصل أو غير أصل فهو بدعة، ودليله من الكتاب ( بديع السماوات والأرض)
[البقرة:117]. أي مبدعهما وخالقهما على غير مثال سابق أي على غير أصل سابق، والمثال هنا يشمل الأصل والصورة، إذ إنه أوجد السماوات والأرض من العدم المحض من غير أصل سابق يستند إليه ولا صورة صنع مثلها.
ودليله أيضاً ( قُلْ ما كنتُ بدعاً من الرُسل )[الأحقاف:9].

فتحصَّل من ذلك أنَّ معنى قولِ أبي البقاء : على غير مثال. أي على غير أصلٍ أو صورةٍ مشابهة.
وبهذا المعنى يكون التعريف مفيداً للعموم، فلا يؤخذ منه دليل قاطع في هذه المسألة، فلابد من الرجوع إلى بيان القرآن الكريم المتقدم ، وإفصاح السنة.
فقوله سبحانه ( بديع السماوات والأرض ) يعني: إحداثاً لهما على غير أصلٍ ولا صورة.
وأكَّد الحقُّ بقوله سبحانه وتعالى ( قُلْ ما كنتُ بدعاً من الرُّسل ) بمعنى ما كنتُ إلا على مثال سابق , وهذا المثال هم الأنبياء والمرسلون.
وبذلك يتضحُ لنا أن البدعة قسمان : بدعةٌ ذاتُ أصل، وبدعة ليست ذات أصلٍ، أشار إلى ذلك الملمح قوله سبحانه في سورة النساء ( من يشْفع شفاعة حسنة يكن له نصيبٌ منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها)
والشفاعة هي السنة والنهج الذي سنَّ الله عليه وفطر عليه النحل والملل، وعليه قام الكتاب والسنة ولأجله جاءت الشرائع للتمييز بين الطيب والخبيث. فالقائل بالبدعة الحسنة قد استنبط هذا الاصطلاح من روح الشريعة ومقاصدها.

ثانيا : تعريف البدعة في اصطلاح العلماء
هناك تعاريف كثيرة للبدعة عند العلماء فمن ذلك: :

تعريف الإمام المجتهد محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى المتوفى سنة 204هـ قال الشافعي: المحدثات من الأمور ضربان.:
أحدهما: ما أحدث يخالف كتاباً، أو سنة، أو أثراً، أو إجماعاً. فهذه البدعة الضلالة
والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان : نعمت البدعة هذه، يعنى أنها محدثة لم تكن ، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى .وإسناده صحيح. وأخرجه من طريق آخر:أبو نعيم في حلية الأولياء قال: قال الشافعي: البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة ، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم.

تعريف الحافظ علي بن محمد بن حزم رحمه الله، المتوفى سنة 456هـ .
قال ابن حزم : البدعة في الدين كل ما لم يأت في القرآن، ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلا أن منها ما يُؤجر عليه صاحبه ، ويعذر بما قصد إليه من الخير، ومنها ما يؤجر عليه ويكون حسناً، وهو ما كان أصله الإباحة ، وهو ما كان فعل خير وجاء النص بعمومه استحباباً، وإن لم يقرر عمله في النص.
ومنها ما يكون مذموماً ولا يعذر صاحبه، وهو ما قامت الحجة على فساده فتمادى القائل به.

تعريف الإمام العز بن عبدالسلام الشافعي رحمه الله،المتوفى سنة 660 هـ
قال العز بن عبدالسلام: البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى : بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة.
والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة.

وللبدع الواجبة أمثلة:
أحدها:
الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني : حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة.
الثالث : تدوين أصول الفقه.
الرابع : الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم.

وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعين، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه.

وللبدع المحرمة أمثلة:
منها مذهب القدرية، ومنها مذهب الجبرية، ومنها مذهب المرجئة، ومنها مذهب المجسمة. والردُّ على هؤلاء من البدع الواجبة.

وللبدع المندوبة أمثلة:
منها: إحداث الرُّبُط والمدارس وبناء القناطر، ومنها كل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها صلاة التراويح، ومنها الكلام في دقائق التصوف، ومنها الكلام في الجدل في جمع المحافل للاستدلال في المسائل إذا قصد بذلك وجه الله سبحانه.

وللبدع المكروهة أمثلة:
منها زخرفة المساجد، ومنها تزويق المصاحف، وأما تلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي ، فالأصح أنه من البدع المحرمة.

وللبدع المباحة أمثلة:
منها المصافحة عقيب الصبح والعصر، ومنها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك، فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ، ويجعله آخرون من السنن المفعولة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده، وذلك كالاستعاذة والبسملة.

وتعريف العزِّ هذا تعريفٌ استنباطيٌّ يستندُ إلى أحكامٍ شرعية، فهو تعريفٌ جامعٌ ومانعٌ في بابه.

تعريف الإمام الغزالي المتوفى سنة 505هـ:
قال حجة الإسلام الإمام الغزالي:
البدعة قسمان: بدعة مذمومة وهي ما تصادم السنة القديمة ويكاد يفضي إلى تغييرها . وبدعة حسنة ما أحدث على مثال سبق. انتهى.

وقال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء أيضا:
وما يقال إنه أبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس كل ما أبدع منهياً عنه، بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة وترفع أمراً من الشرع مع بقاء علته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب.اهـ وتعريفه هذا جامعٌ مانعٌ وموجز.

تعريف الإمام المحدِّث عبدالرحمن بن الجوزي الحنبلي رحمه الله، المتوفى سنة 597.
قال ابن الجوزى : البدعة عبارة عن فعل لم يكن فابتدع، والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة، وتوجب التعالي عليها بزيادة أو نقص، فإن ابتدع شيء لا يخالف الشريعة، ولا يوجب التعالي عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه، وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزاً، حفظاً للأصل وهو الاتباع.

ثم قال ابن الجوزي: إن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا مالم يكن، وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة ولا تتعارض معها، فلم يروا بفعلها بأساً مثل جمع عمر الناس على صلاة القيام في رمضان فقال: نعمت البدعة هذه. انتهى .

تعريف الإمام أبي شامة عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي الشافعي رحمه الله تعالى، المتوفى سنة 665هـ .
البدعة : الحدث، وهو مالم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، مما فعله، أو أقر عليه، أو علم من قواعد شريعته الإذن فيه، وعدم النكير.
وفي معنى ذلك: ما كان في عصر الصحابة رضي الله عنهم مما أجمعوا عليه قولاً أو فعلاً أو تقريراً، وكذا ما اختلفوا فيه، فإن اختلافهم رحمة مهما كان للاجتهاد والتردد مساغ، وليس لغيرهم إلا الاتباع دون الابتداع
وتعريفه هذا جامعٌ، وليس مانعاً؛ إذ فعلُ الصحابيِّ في عهد التنزيل يُعتبر إحداثاً، فإن أقرَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، صار سُنَّة، وبعد انقطاع الوحي أصبح إحداثهم بدعة حسنة مقيسة على الكتاب والسنة، فيعتبرُ سنة حسنة من وجهٍ، لقوله صلى الله عليه وسلم
(من سن سنة حسنة ) فبهذا تقرَّر بأنه غير مانعٍ لورود ما ذكرنا عليه
ثم قال أبو شامة : ثم الحوادث منقسمة إلى بدع مستحسنة وبدع مستقبحة
ثم قال ( بعد نقل قول الإمام الشافعي في البدعة، الذي تقدم )
قلت: وإنما كان كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على قيام شهر رمضان وفعله هو صلى الله عليه وسلم بالمسجد، واقتدى فيه بعض الصحابة، ليلة بعد أخرى، ثم ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بالمسجد جماعة وعلل ذلك بأنه خشي أن تفرض عليهم، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم أمن ذلك، فاتفق الصحابة على فعل قيام رمضان في المسجد جماعة، لما فيه من إحياء هذا الشعار الذي أمر به الشارع، وفعله، والحثّ عليه، والترغيب فيه، والله أعلم.
فالبدع الحسنة: متفق على جواز فعلها، والاستحباب لها، ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي.

وقد عرَّفَ أبو شامة البدعة الحسنة في آخر كلامه كما ترى، وقوله: (متفق على جوازه) يعني به من يُقبلُ قولهُ في الإجماع، فخرج بذلك من يُرَدُّ قولُهُ كابن تيمية ومن على منهجه، فلا مسوِّغَ لمن ناقضَ هذا القول؛ لأنه خرقٌ لإجماع الأمة، وخرقُ الإجماع حرام.

تعريف الإمام ابن الأثير.
قال ابن الأثير رحمه الله: البدعة بدعتان : بدعة هدى وبدعة ضلال .. فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز الذم والإنكار.
وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح. ومالم يكن له مثال موجود كنوع من السخاء والجود وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثواباً فقال( من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها).
ومثَّل للبدعة الحسنة بقول عمر في صلاة التراويح: نعمت البدعة.

تعريف الإمام الحافظ محيي الدين النووي رحمه الله المتوفى سنة 676هـ
بَدَعَ:
البدعة، بكسر الباء، في الشرع هي إحداث مالم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة. قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته، أبو محمد عبدالعزيز بن عبدالسلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة أو المباح فمباحة.وللبدع الواجبة أمثلة ثم ساق كلام الإمام العز كاملاً كما تقدم.ثم قال :
وروى الــبــيــهقـي بــإسـناده فــي مـناقب الـشـافعـي عن الــشـافعي رضي الله عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه البدع الضلالة، والثانية ماأحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء وهذه محدثة غير مذمومة.
وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى. هذا آخر كلام الــشـافعي رضي الله تــعالى عنه.
تعريف الحافظ الفقيه بدر الدين العيني رحمه الله المتوفى سنة885هـ
قال الإمام العيني في عمدة القاري : البدعة في الأصل إحداث أمر لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم البدعة على نوعين إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة. وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة.

تعريف الإمام السبكي.
قـال الـسـبــكي : الــبــدعــة فـي الــشــرع إنمــا يــراد بــها الأمــر الحــادث الــذي لا أصــل لــه فــي الـشــرع، وقــد يـطــلق مـقيــداً، فـيــقال: بــدعة هــدى، وبـــدعة ضــلالة. انتهى.

تعريف الإمام الكرماني.
قال الكرماني في شرحه للبخاري: البدعة كل شيء عمل على غير مثال سابق، وهي خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وحديث ( كل بدعة ضلالة ) من العام المخصوص. .

تعريف الشيخ عبدالحق الدهلوي.
قال الشيخ عبدالحق الدهلوي في شرح المشكاة: اعلم أن كل ما ظهر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة، وكل ما وافق أصول سنته وقواعدها أو قيس عليها فهو بدعة حسنة، وكل ما خالفها فهو بدعة سيئة وضلالة.

وأما ابن تيمية فذكر في مجموع الفتاوى تعريفاً للبدعة فقال: وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين، وما لا يعلم أنه خالفها فقد لا يسمى بدعة.
وهذا التعريف ليس جامعاً ولا مانعاً ولا منضبطاً وليس فيه من البيان شيء ولا من فهم النصوص ما يدل على عمق قائله،
فقد علمت التعاريف اللغوية للبدعة والتعاريف الشرعية، فأصبح من الواضح لديك بطلان هذا التعريف جملة وتفصيلاً، وانتقاده حداً ومعنى، وبناء على ركاكة هذا التعريف أخفق ابن تيمية الحراني في تأويل قول عمر (نعمت البدعة)
وبعد فتلك هى أقوال أئمة الشأن قبل ابن تيمية والسلفية , وكما ترى فهى تعاريف مؤيدة بالكتاب والسنة.
ويمكن القول أن خلاصة البدعة الحسنة : هي إظهار صورة مخصوصة لحالة مخصوصة ألحَّت الدواعي على إبرازها بالقياس الصحيح. اهـ باختصار .
قال الأضعف : بل ابن تيمية قال في موضع آخر في الجزء الأول ص/161. من فتاويه ما نصه: (البدعة إذا لم تكن واجبة أو مستحبة فهي مذمومة باتفاق المسلمين).
وعلى أي، فقد أبنت وأجدت وأتقنت، فبارك الله فيك يا مريد الحق، لقد كحلت عيوننا وأريتنا الحق، فجزاك الله خيرا.
أيها القارئ الكريم، إنك إذا جمعت تعريف هؤلاء المشائخ بما فيهم ابن تيمية وتعريف الفوزاني البدعة شرعا، لوجدت أن البدعة منقسمة إلى محمودة ومذمومة. فيكون الشيخ الفوزان وجمهور الأمة سلفها وخلفها على حد سواء، لم يكذبوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنهم فهموا معنا قوله (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فهما صحيحا لا غبار عليه. هذا بافتراض أن الشيخ الفوزان اكتفى بتعريفه البدعة شرعا كما قدمنا. ولكنه لم يكتف بتعريفه ذاك الجامع المانع، وإنما غامر وجال وصال حتى أدته مغامرته وجولته وصولته إلى خرق ما أجمعت عليه الأمة بقوله :
فالحاصل: أن البدعة شر كلها وإن زعم أصحابها أنها خير!
وإن قالوا: إن البدعة تنقسم إلى أقسام: بدعة حسنة، وبدعة سيئة!
فنقول : البدع في الدين ليس منها شيء حسن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل بدعة ضلالة)، فمن قال: إن من البدع بدعة حسنة، فإنه يكون مكذبا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) وقوله : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، فلا توجد بدعة حسنة في الدين أبدا. اهـ
وهذا الكلام الأخير لا يدل إلا أحدى الأمور الثلاثة.
1 – أن الشيخ الفوزان هو المحق في كلامه هذا ولم يكذب قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة). وهو أعلم من جمهور الأمة حتى شيخ إسلامه ابن تيمية مع أني أرتاب في ذلك أيما ارتياب.
2 – أن جمهور الأمة هي التي على الصواب فإن أي عاقل متبصر لا يتصور غير هذا، لأن الرسول عليه السلام يقول: يد الله مع الجماعة. والأمة لا تجتع على ضلالة.
3 – أن الشيخ الفوزان وجمهور الأمة كلهم على الحق أو العكس، وهذا بعيد جدا جدا.
فما رأيك أيها القارئ الكريم؟
أخِّر الجواب حتى أعود من جولتي الثانية حول معنى البدعة في القرآن الكريم وأقوال جمهور المفسرين رحمهم الله.
معنى البدعة في القرآن الكريم


جاء ذكر مادة ( بدع ) في القرآن الكريم في أربعة مواضع:

الموضع الأول والثاني:
قال الله تعالى ( بديع السموات والأرض ) [البقرة:117]، [الأنعام:59

الموضع الثالث:
قوله تعالى ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ) [الأحقاف:9]

الموضع الرابع:
قوله تعالى ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )[الحديد:27]

أما عن معنى البديع فى الموضعين الأول والثاني فقال ابن منظورفى اللسان :
البديع من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها، وهو البديع الأول قبل كل شيء، وهو الذي بدع الخلق، أي بدأه كما قال سبحانه: بديع السماوات والأرض أي خالقها ومبدعها. انتهى.

وأما عن معنى البدعة فى الموضع الثالث فقال الخليل:
البدع الشيء الذي يكون أولاً في كل أمر كما قال تعالى ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ) أي لست بأول مرسل.
فمعنى البدعة في المواضع الثلاثة واحد، وهي البدعة اللغوية.

وأما الموضع الرابع ؛ فإن البدعة المذكورة فيه إنما هي البدعة الشرعية التي تعنينا هنا. فإن الله سبحانه وتعالى ذكر عن بني إسرائيل أنهم ابتدعوا في أمر دينهم مالم يكتبه عليهم ، وهذا هو الابتداع الشرعي الذي هو مجال بحثنا ونقاشنا. فلنقف على هذه الآية ولننظر فيها بشيء من التأمل والتفكر، لنرى مدلولها في تحسين فعلهم أوتقبيحه، وبعبارة أخرى لنرى إن كان الله سبحانه وتعالى قد رضي منهم هذه البدعة وأثابهم عليها، أم ردها عليهم وذمهم بها.

فنقول وبالله التوفيق: لقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الله سبحانه وتعالى قد رضي منهم هذه البدعة، وأمرهم بالدوام عليها وعدم تركها، وجعلها في حقهم كالنذر الذي من ألزم نفسه به فعليه القيام به، وعدم تركه والتهاون فيه.
فمن نذر نذراً ولم يوف به فإنه لا يلام على أن نذر هذا النذر، وإنما يلام على عدم الوفاء به.
وكذلك هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة الرهبانية لم يذمهم الله سبحانه على ابتداعها.

قال الفخر الرازي (29/245)
لم يعنِ الله بابتدعوها طريقة الذم، بل المراد أنهم أحدثوها من عند أنفسهم ونذروها، ولذلك قال تعالى بعده ( ما كتبناها عليهم) ) .

وقال العلامة الآلوسي (294/15):
ويعلم منه أيضا سبب ابتداع الرهبانية وليس في الآية مايدل على ذم البدعة مطلقا والذي تدل عليه ظاهرا ذم عدم رعاية ما التزموه .انتهى

فغاية ما تفيده الآية في ذلك النص على أن الرهبانية إنما هي محض بدعة من عند أنفسهم لم يكتبها الله عليهم، دون تلميح من قريب أو بعيد إلى أن الله سبحانه وتعالى قد ذمهم على هذا الابتداع، بل على العكس من ذلك قد يلمح من سياق الآية مايدل على امتداحهم على هذه البدعة، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: من قوله تعالى ( إلا ابتغاء رضوان الله ) حيث نص على صحة قصدهم من هذه البدعة وإخلاصهم فيها.

قال الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير (423/27):
وإنما عطفت هذه الجملة على جملة ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه ) لاشتراك مضمون الجملتين في أنه من الفضائل المراد بها رضوان الله ، والمعنى: وابتدعوا لأنفسهم رهبانية ما شرعناها لهم، ولكنهم ابتغوا بها رضوان الله، فقبلها الله منهم؛ لأن سياق حكاية ذلك عنهم يقتضي الثناء عليهم .انتهى

والوجه الثاني: من قوله تعالى ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ) فهذا نص من الله سبحانه وتعالى على أنه قد أثاب الذين رعوها حق رعايتها وأثابهم أجرهم، وهذا دليل قبول منهم ورضاً بفعلهم.

قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالىفى تفسيره (241/27).
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال :
إن الذين وصفهم الله بأنهم لم يرعوا الرهبانية حق رعايتها، بعض الطوائف التي ابتدعتها، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر أنه آتى الذين آمنوا منهم أجرهم.
قال: فدل بذلك على أن منهم من قد رعاها حق رعايتها، فلو لم يكن منهم من كان كذلك لم يكن مستحق الأجر الذي قال جل ثناؤه في ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ) إلا أن الذين لم يرعوها حق رعايتها ممكن أن يكونوا كانوا على عهد الذين ابتدعوها، وممكن أن يكونوا كانوا بعدهم، لأن الذين هم من أبنائهم إذا لم يكونوا رعوها، فجائز في كلام العرب أن يقال: لم يرعها القوم على العموم ، والمراد منهم البعض الحاضر، وقد مضى نظير ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب.
وقوله ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم)
يقول تعالى ذكره: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسله من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على ابتغائهم رضوان الله، وإيمانهم به وبرسوله في الآخرة، وكثير منهم أهل معاصٍ وخروج عن طاعته ، والإيمان به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل انتهى.

فبهذا يعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يذمهم على الابتداع ولم يرد بدعتهم عليهم ، بل قد رضيها منهم ومدحهم عليها.
وإنما ذمهم الله سبحانه وتعالى على عدم رعاية ما ابتدعوا وعدم القيام بحقه.

قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى (264/17):
وهذه الآية دالة على أن كل محدثة بدعة، فينبغي لمن ابتدع خيراً أن يدوم عليه ولا يعدل عنه إلى ضده فيدخل في الآية . وعن أبي أمامة الباهلي قال :
أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم ، إنما كتب عليكم الصيام ، فدوموا على القيام إذ فعلتموه ولا تتركوه، فإن ناساً من بني إسرائيل ابتدعوا بدعاً لم يكتبها الله عليهم، ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حق رعايتها، فعابهم الله بتركها فقال ( ورهبانية ابتدعوهاماكتبناهاعليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها).

وقال السيد عبد الله بن صديق الغماري في كتابه ( إتقان الصنعة):
فقوله تعالى ( ورهبانية ابتدعوها ماكتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ) قد استنبط العلماء من هذه الآية مجموعة من الأحكام منها:

1 - إحداث النصارى لبدعة الرهبانية من عند أنفسهم

2 - عدم اعتراض القرآن على هذا الإحداث، فليس في الآية - كما قال الرازي والألوسي - ما يدل على ذم البدعة.

3 - لوم القرآن لهم بسبب عدم محافظتهم على هذه البدعة الحسنة: فما رعوها حق رعايتها واللوم غير متجه للجميع، على تقدير أن فيهم من رعاها كما قال ابن زيد ، وغير متوجه لمحدثي البدعة كما قال الضحاك ، بل متوجه إلى خلفهم كما قال عطاء.

ومن خلال هذا التحقيق يتبين لنا خطأ ما ذهب إليه الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرقوله تعالى ( إلا ابتغاء رضوان الله ) حيث قال: أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين.
أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله.
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل. اهـ.
فإنه بذلك قد خالف جمهور المفسرين كما تبين لنا، وقد حمَّل النص القرآني ما لا يحتمل، بل إن من أوضح ما يدل على صحة ما ذهبنا إليه، وعلى بطلان قوله، ما ذكره من الأحاديث المفسِّرة للآية بعد قوله السابق , وقواه ابن كثير نفسه
:وهو ما أخرجه ابن أبى حاتم عبد الله بن مسعود قال
قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم: يا ابن مسعود قلت لبيك يا رسول الله، قال: هل علمت بني إسرائيل افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة، لم ينج منها إلا ثلاث فرق قامت بين الملوك والجبابرة بعد عيسى ابن مريم عليه السلام، فدعت إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم، فقاتلت الجبابرة، فقتلت فصبرت ونجت، ثم قامت طائفة أخرى لم تكن لها قوة بالقتال، فقامت بين الملوك والجبابرة، فدعوا إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم، فقتلت وقطعت بالمناشير، وحرقت بالنيران، فصبرت ونجت، ثم قامت طائفة أخرى لم يكن لها قوة بالقتال، ولم تكن تطيق القيام بالقسط، فلحقت بالجبال فتعبدت وترهبت، وهم الذين ذكر الله تعالى( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم)
فهذا نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الفرقة التي ابتدعت الرهبانية ورعتها حق رعايتها هي إحدى الفرق الثلاث الناجية من بني إسرائيل، وإنما نجوا ببدعتهم التي ابتدعوها ورعوها حق رعايتها.

ومثله في الدلالة على ما أردنا من بطلان قول ابن كثير وصحة قول الجمهور، مارواه النسائي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بدّلوا التوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة قيل لملوكهم :ما نجد شتماً أشدّ من شتم يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وهؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم. فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنا، فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها. فقالوا: ما تريدون إلى ذلك دعونا، فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا فلا نرد عليكم. وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا. وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر
الآبار ونحترث البُقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم. وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم. قال: ففعلوا ذلك فأنزل الله عزَّ وجلَّ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ) والآخرون قالوا: نتعبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلاَنٌ، وَنَسيحُ كما ساح فُلاَنٌ، وَنَتَّخذُ دُوراً كما اتَّخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به ، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا قليل، انحط رجلٌ من صومعته ، وجاء سائح من سياحته ، وصاحب الدير من ديره ، فآمنوا به وصدَّقُوه ، فقال الله تبارك وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ) أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم قال: ( يجعل لكم نوراً تمشون به ) أي، القرآن ، واتبِّاعَهُم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ( لئلا يعلم أهل الكتاب ) يتشبهون بكم ، أن لا يقدرون على شيء من فضل الله الآية . انتهى.

ومن هنا يتبين لنا قطعاً بطلان قول ابن كثير رحمه الله ومن سلك مسلكه ، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يذمهم على ابتداع الرهبانية ، وإنما امتدحهم بها ورضيها منهم ؛ فتكون هذه الآية نصاً قرآنياً عظيماً في إثبات البدعة الحسنة. والله تعالى أعلم.

اعتراضات الشاطبي:
اعترض الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه الاعتصام على الاستدلال بهذه الآية على عدم جواز إحداث البدعة فقال:
(أ) الاعتراض الأول:
أن الآية لا يتعلق منها حكم بهذه الأمة ، لأن الرهبانية نسخت في الشريعة الإسلامية فلا رهبانية في الإسلام.

والجواب ـ كما نقل هو عن ابن العربي ـ أن معنى الرهبانية في الآية يدل على ثلاثة معان: رفض النساء، اتخاذ الصوامع للعزلة، وسياحتهم في الأرض.

والمنسوخ في ديننا هو المعنى الأول ، أما الثاني والثالث فمستحب عند فساد الزمان. لما جــاء عن أبـي ســعـيــد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)
وهذا الحديث يفيد الإقرار بالعمل بهذه الآية في المعنيين الأخيرين، ويكون منزلته هنا من القرآن البيان والتوضيح ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)
[
النحل:44].
وانعقد الإجماع على أننا مكلفون بما علمنا من شريعتنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، وأمرنا في شريعتنا بمثله.

ب) الاعتراض الثاني:(
أن البدعة في الآية ليست بدعة حقيقية وإنما هي بدعة إضافية ، لأن ظاهر القرآن دل على أنها لم تكن مذمومة في حقهم بإطلاق ، بل لأنهم أخلوا بشرطها ، وهو الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

والجواب: أنه ليس في الآية ـ كما تقدم ـ ما يدل على ذم البدعة ، أو ذم المبتدعين لها ، بل الذم متوجه لجمهور الخلف الذين لم يرعوها حق رعايتها، أو متوجه للملوك الذين حاربوهم وأجلوهم ، كما قــال ابن عــبــاس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره.
و أن الإيمان لم يأت كشرط لإحداث البدعة ، لأنها حدثت قبل بعثة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فليست شرطاً لمن عمل بها قبل البعثة.
و أن الإيمان والاتباع جاء شرطاً في الحصول على أجر البدعة لمن حضر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يبق منهم إلا القليل ؛ انحط صاحب الصومعة من صومعته ، وجاء السائح من سياحته ، وصاحب الدير من ديره ، فآمنوا به وصدقوه فقال الله تعالى لمن آمن ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته)

(جـ) الاعتراض الثالث:
أنه لو كانت البدعة في هذه الآية حقيقية لخالفوا بها شرعهم الذي كانوا عليه ، لأن هذه حقيقة البدعة ، أي هي الفعل المخالف للشرع.

والجواب: أن كلامه هذا مبني على تعريفه للبدعة الذي لم يسلمه له العلماء ، فهو دليل غير مسلم.








 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "