قال محمد بن سهل راوية الكميت: أنشدت الكميت قول الطرماح:
إذا قبضت نفس الطرماح أخلقت ... عرى المجد واسترخى عنان القصائد
قال: فقال الكميت: أي والله، وعنان الخطابة والرواية.
قال أبو عثمان الجاحظ: ولم ير الناس أعجب حالا من الكميت والطرماح. وكان الكميت عدنانيا عصبيا، وكان الطرماح قحطانيا عصبيا. وكان الكميت شيعيا من الغالية، وكان الطرماح خارجيا من الصفرية. وكان الكميت يتعصب لأهل الكوفة، وكان الطرماح يتعصب لأهل الشام. وبينهما مع ذلك من الخاصة والمخالطة ما لم يكن بين نفسين قط، ثم لم يجر بينهما صرم ولا جفوة ولا إعراض، ولا شيء مما تدعو هذه الخصال إليه. ولم ير الناس مثلهما إلا ما ذكروا من حال عبد الله بن يزيد الإباضي، وهشام بن الحكم الرافضي «1» ، فإنهما صارا إلى المشاركة بعد الخلطة والمصاحبة.
نفوس اللئام صديقة وإن تباعدت الأجسام والأهداف