لا شك أن العقيدة التي نطق بها علماء الإمامية المتقدمين والمعاصرين هي أنهم معصومون من الصغائر قبل النبوة والإمامة وبعدها ، أي عصمتهم من الصغائر مدى الحياة ومن سن الطفولة ، بل وزادوا على ذلك بعصمتهم حتى من السهو والخطأ والنسيان ، وإليكم بعض تقريراتهم:
1- يقول علم هداهم المرتضى في كتابه ( الناصريات ) ص 442 :[ لأنا نذهب إلى أن الإمام يجب أن يكون معصوما من كل زلل وخطأ كعصمة الأنبياء عليهم السلام . ولأنه لا يجوز من الأنبياء ولا الأئمة الكباير ولا الصغاير في أحوال النبوة ولا الإمامة ولا فيما قبلها من الزمان . وقد دللنا على ذلك في كتابنا المعروف ب " تنزيه الأنبياء والأئمة " وبسطناه وفرعناه ].
2- يقول علامتهم ابن المطهر الحلي في كتابه ( نهج الحق ) ص 164 :[ ذهبت الإمامية إلى أن الأئمة كالأنبياء ، في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش ، من الصغر إلى الموت ، عمدا وسهوا ، لأنهم حفظة الشرع ، والقوامون به ، حالهم في ذلك كحال النبي ].
3- ينقل علامتهم محمد باقر المجلسي في رسالته ( عقائد الإسلام ) ص 55 :[ ثم لا بد أن تعتقد في النبي ع والأئمة (ع) بأنهم معصومون من أول العمر إلى آخره من صغائر الذنوب وكبائرها ].
4- ينقل علامتهم ابن شهر آشوب في كتابه ( متشابه القرآن ومختلفه ) ( 1 / 204 ) :[ اتفقت الإمامية على أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام معصومون من الكبائر والصغائر قبل النبوة وبعدها وخالفهم الأمة بأسرها في ذلك ].
5- ينقل علامتهم محمد رضا المظفر في كتابه ( عقائد الإمامية ) ( ص 67 ) تحت عنوان ( 24- عقيدتنا في عصمة الإمام ) :[ ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، من سن الطفولة إلى الموت ، عمدا وسهوا . كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان ].
فها هي كلمات أعلام مذهب الإمامية وأعمدته تتفق على عصمة الأنبياء والأئمة من الصغائر قبل النبوة والإمامة وبعدها ، ليتسنى لنا أن نقرر بكل ثقة ويقين بأن هذه هي عقيدة الإمامية في العصمة.
الحقيقة الثانية: عقيدة الإمامية بعصمة الأنبياء والأئمة من خلال تقريرات المفيد
وأما شيخهم المفيد فلم يوافق التقريرات التي عرضناها لأعمدة المذهب ومحققيه ، بل خالفهم بتجويزه على الأنبياء والأئمة ارتكاب الصغائر قبل النبوة والإمامة ، وهي بحد ذاتها طامة كبرى تجاسر عليها المفيد وتورط فيها ..
إلا أن الأدهى والأمر هو عدم اقتصاره على تلك المخالفة المنكرة بل نسب تلك العقيدة - بتجويز المعاصي الصغيرة عليهم - إلى جمهور الإمامية وأن سائر الإمامية على هذه العقيدة إلا من شذَّ منهم !!!
وإليكم إخواني تقريراته بتلك العقيدة وكما يلي:
1- قال في كتابه ( أوائل المقالات ) ص 62 :[ أقول : إن جميع أنبياء الله - صلوات الله عليهم - معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها وما يستخف فاعله من الصغائر كلها ، وأما ما كان من صغير لا يستخف فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوة وعلى غير تعمد وممتنع منهم بعدها على كل حال ، وهذا مذهب جمهور الإمامية ، والمعتزلة بأسرها تخالف فيه ].
2- قال في نفس كتابه ( أوائل المقالات ) ( 32 - القول في عصمة الأنبياء - عليهم السلام - ) :[ وأقول : إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء ( ص ) في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء ، وإنهم لا يجوز منهم صغيرة إلا ما قدمت ذكر جوازه على الأنبياء ، وإنه لا يجوز منهم سهو في شئ في الدين ولا ينسون شيئا من الأحكام ، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منهم وتعلق بظاهر روايات لها تأويلات على خلاف ظنه الفاسد من هذا الباب ، والمعتزلة بأسرها تخالف في ذلك وتجوز من الأئمة وقوع الكبائر والردة عن الاسلام ].
فتأملوا عزوه تلك العقيدة بجواز ارتكاب الأنبياء والأئمة المعاصي الصغيرة- قبل النبوة والإمامة - إلى جمهور الإمامية بتعبيره:[ وهذا مذهب جمهور الإمامية .. وعلى هذا مذهب سائر الإمامية ].
وهو بتلك التقريرات الخطيرة بعقيدة في صميم مذهب الإمامية يضعهم بين خيارين بمنتهى الخطورة وهما:
الخيار الأول: تصويبه فيما قرره من عقيدة الإمامية في العصمة
فإن كان مصيباً في تقريره لمعتقد الإمامية فهذا يعني الحكم على جميع الإمامية بالانحراف عما كان يعتقده علماؤهم المتقدمين وأسلافهم الذين نحتوا المذهب بتقريراتهم لا سيما مع قرب عصرهم من الأئمة والنواب الأربعة للمعصوم !!!
الخيار الثاني: تخطئته فيما قرره من عقيدة الإمامية في العصمة
وهذا يعني الحكم على صنديدهم ورئيس مذهبهم بالجهل فيما عليه معتقد الإمامية لا سيما في قضية مفصلية جلية غاية الجلاء في المذهب ..
ومثل هذا الشخص يجب أن يُحجَر عليه ويمنع من الكلام والكتابة في العقائد ، حتى يتم تدريسه أبجديات عقيدة الإمامية في العصمة على أيدي علمائهم ، وبعد أن يتجاوز الاختبارات بنجاح يحق له حينها التصدي للتأليف وتقرير معتقد الإمامية !!!
ولذا أقول للزملاء الإمامية تقبلوا عزائي ومواساتي لكم فيما خنقكم به وأضركم به مفيدكم أيما إضرار بتقريراته