صباح الموسوي : يوم بعد يوم تضيق الحلقة على نظام بشار الاسد ‘ وكلما زاد الخناق أصبح وضع حزب الله في لبنان يزداد حرجا على الساحتين المحلية والدولية . ومن خلال قراءة الخريطة السياسية التي يتوقعها المحللون السياسيون لما بعد نظام بشار‘ يزيد تشاؤم المؤيدين لحزب الله . و سبب هذا التشاؤم يعود إلى وضع الدور الايراني في المنطقة في مرحلة ما بعد بشار الذي يمثل سقوطه ضربة للمشروع الايراني على الصعيدين الاقليمي والدولي .
إن تخوف مؤيدي حزب الله عززه موقف حماس المبكر الذي أظهر حياديته مما يجري في سورية ‘ فموقف حماس شكل ضربة قاصمة لإيران وحزب الله ‘فضلا عن نظام بشار. فحماس كانت إلى وقت قريب تشكل أحد أهم أطراف التحالف الإيراني السوري القائم في المنطقة والذي كان يعطي حزب الله دفعة معنوية في تعزيز مكانته السياسية على الصعيدين اللبناني و العربي بصفته عنصرا هاما في هذا التحالف الاستراتيجي. ففي الوقت الذي بدأت فيه حماس‘ بعد الربيع العربي ‘ تجد مناصرين و حلفاء جدداً في كل من مصر وتونس وليبيا‘ فقد أخذ حزب الله يفقد مناصريه في سورية ‘كدولة ‘ وفي الشارع العربي عامة ‘ وذلك بسبب موقفه المؤيد لنظام بشار ومعاداته الثورة السورية من جهة ‘ وضعف الموقف الايراني على الصعيدين الاقليمي والدولي من جهة أخرى. فالموقف الايراني الذي بدا ضعيفا بعد الربيع العربي ويسير نحو الاضعف في ظل الحصار الغربي وفقدان الظهير السوري ‘ قد أخذ يلقى بظلاله على حزب الله الذي يواجه معاضل شتى على الصعيدين الداخلي والخارجي.
إن أول ما يواجه حزب الله بعد سقوط بشار ‘ إنهيار منظومة ما يسمى بتحالف 8 آذار المكون من الحركات والاحزاب اللبنانية المدعومة من سورية وايران ‘ هذا التحالف الذي استطاع ان يسقط حكومة منافسه تحالف14 آذار اللبناني بقيادة تيار المستقبل المناهض لنظام الاسد و المدعوم من قبل قوى اقليمية ودولية معادية لايران و النظام السوري . و من الطبيعي ان سقوط تحالف 8 آذار سوف يساعد على عودة التحالف المنافس الذي يشدد على ضرورة اقامة المحكمة الدولية التي انشأت للبت في قضية قتلة رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري والتي وجهت فيها اتهامات لعناصر من حزب الله . وهذا ما يزيد من تخوف الحزب الذي بسقوط نظام بشار سوف يكون عاجزا عن القيام باي مناورة لحماية نفسه من اي قرار قد تصدره المحكمة الدولية المذكورة . كما أن إيران التي ستكون في وضع لا يحسد عليه بعد سقوط الحليف السوري ‘ لن تكون قادرة على دعم حزب الله بالشكل الذي هو عليه في ظل نظام بشار . كما لا ينسى أن إيران التي تواجه ضغوطا دولية كبيرة جراء معاركها الدائرة مع المجتمع الدولي بشأن ملفها النووي وملف حقوق الانسان ‘ ومحاولاتها المستمرة لرفع الحصار النفطي والاقتصادي المفروض عليها بموجب قرارات مجلس الامن‘و الذي بات يهدد بقاء نظامها في الحكم في ظل تصاعد التذمر الشعبي ‘ ستكون مضطرة لتقديم تنازلات عديدة للخروج من هذا المأزق الحرج ‘ وعليه فليس لديها من القوة السياسية التي تمكنها من حماية حزب الله . هذا ان لم يكن حزب الله ذاته هو أحد الأوراق التي يترتب على إيران التضحية بها لحماية نفسها من الأخطار التي تحدق بها.
ولكن قد يسأل سائل ‘ وهل يمكن لإيران التي عملت كل هذه السنوات الطوال على بناء حزب الله الذي بلغ حجمه اكبر من حجم الدولة اللبنانية ان تضحي فيه بكل هذه البساطة؟.
نعم لأن إيران ما أسست حزب الله إلا لغاية‘ وهي حماية مصالحها الخاصة ومد نفوذها السياسي في المنطقة فعندما تصبح المصلحة الكبرى‘ وهي مصالح الدولة العليا‘ المتمثلة ببقاء النظام مهددة بخطر الزوال‘ فعندها لا تبالي إيران في التضحية بحزب الله . كما يجب أن لا ننسى أن لإيران سوابق في هذا المجال وليس أدل على ذلك ‘تخليها عن ما كان يسمى بحزب الله الحجاز وحزب الله الكويت و جماعة الحكيم في العراق وغيرها من الحركات الصغيرة الاخرى في المنطقة واستبدالها بحركات جديدة من امثال التيار الصدري في العراق وحركة الوفاق في البحرين ومجموعات طائفية متطرفة هنا وهناك . خصوصا اذا ما علمنا أن إيران قد اصبح لها امتداد ونفوذ في مناطق في شمال افريقيا وشرق آسيا وآسيا الوسطى وحتى امريكا الجنوبية‘ وانها ترى في نفسها قائدة للطائفة الشيعية ومناصرة للفكر المتطرف في العالم‘ ولهذا لا يستبعد إذا ما تخلصت من حركة موالية في هذه المنطقة قد تعاود القيام ‘ بعد استعادة انفاسها‘ ببناء حركة او جماعة جديدة موالية لها في منطقة من تلك المناطق بمسمى وعنوان جديد. ولكن يبقى حزب الله اللبناني وانصاره هم الخاسرين في لعبة المصالح . وفي هذه يجب ان يكون عبرة لمن عادوا أوطانهم و راهنوا على إيران .