سؤال غير برئ: المستبصر لا يعيد عباداته لحكمة التخفيف إلا الزكاة فيجب عليه إعادتها ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال دراستي لبعض أحكام المخالف الذي يعتنق مذهب الإمامية فوجدتهم يتفقون على حكم واحد مفاده أن المستبصر لا يجب عليه إعادة شئ من عباداته التي أداها حال مخالفته تفضلاً من الله تعالى عليه للتخفيف عنه كيلا يقع في المشقة ..
إلا أنهم إلى جانب ذلك اتفقوا أيضاً على استثناء الزكاة من تلك العبادات حيث أجبوا عليه إعادة دفع جميع مبالغ الزكاة التي دفعها قبل استبصاره !!!
وإليكم إخواني بعض نصوصهم في إثبات ذلك الحكم وكما يلي:
1- يقول شيخهم محمد حسين الخوانساري في كتابه ( تكملة مشارق الشموس ) ص 390:[ وأيضا الظاهر أن الحكمة في ذلك التخفيف على المخالف حتى لا يثقل عليه الأمر في حال الاستبصار كما خفف عن الكافر يجب الإسلام لما قبله ].
2- يقول شيخهم عبد الله الجزائري في كتابه ( تحفة السنية في شرح نخبة المحسنية ) ص 155 :[ ولو كان المزكي مخالفا للحق وأعطى زكاته أهل نحلته ثم استبصر وجب عليه إعادة الزكاة وإن لم يجب عليه إعادة سائر عباداته الصحيحة بزعمه تخفيفا من الله سبحانه ورحمة ].
3- يقول شيخهم بهاء الدين العاملي في كتابه ( الاثنا عشرية الصومية ) ( 11 / 220 ) :[ وعلى المرتد القضاء ولو فطريا ، دون المخالف إذا استبصر ، تخفيفا عليه لا لصحة عبادته ، للروايات الصحيحة بعدم صحتها ].
4- يقول علامتهم زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني في كتابه ( حاشية شرائع الإسلام ) ص 230 :[ ويمكن حمله بأن يريد بالإجزاء هنا التنبيه على الخلاف في أنّ عدم وجوب الإعادة هل هو لصحّة العبادة في نفسها ، أو تخفيف وإسقاط تكليف كما في الكافر إذا أسلم ؟ فعلى القول بفسادها وسقوط القضاء تخفيفاً تظهر فائدة الاستحباب ، وعلى الأوّل قد يشكل استحباب إعادته كغيره ممّن صحّ حجّه ، فنبّه على اختصاصه بذلك ، وخصّ الفرد الأخفى ، فإنّه على تقدير الإجزاء أخفى منه على تقدير عدمه ].
5- يقول آيتهم العظمى لطف الله الصافي الگلپايگاني في كتابه ( فقه الحج بحوث استدلالية في الحج ) ( 1 / 335 ) :[ لأن الظاهر من الروايات إجزاء ما عمله المستبصر قبل استبصاره عن الإعادة والقضاء إن صار استبصاره سبباً ، لوقوعه في كلفة الإعادة فلا يجب عليه الإعادة ، أما فيما هو ركن بحسب المذهبين يجب عليه الإعادة ، لأنه يلزم عليه تدارك ما فات منه استبصر أم لم يستبصر . نعم إن كان فيما هو عندنا من الأركان ما ليس عندهم منها لا يستقيم اشتراط الإجزاء بعدم الإخلال بالأركان . وبالجملة فالقدر المتيقن مما هو الموضوع للحكم بالإجزاء ما يقع المستبصر باستبصاره في كلفة الإعادة لا ما يلزم عليه وإن بقي على مذهبه . والله تعالى العالم ].
6- وأخيرا يقول علامتهم محمد جواد العاملي في كتابه ( مدارك الأحكام ) ( 7 / 111 ) :[ وقد بينا فيما سبق أن عدم وجوب الإعادة عليه بعد الاستقامة تفضل من الله تعالى كما تفضل على الكافر الأصلي بعدم وجوب قضاء ما فاته من العبادات لا لصحتها في نفس الأمر ].
والسؤال الغير برئ هو:
لماذا تم العفو عن المسبتصر في إعادة جميع عباداته من صلاة وصيام وحج لحكمة التخفيف كيلا يقع في مشقة الإعادة ؟
بينما لم يشمله العفو بالزكاة مع أن إعادة دفعه لذلك المبلغ الكبير من الزكاة - الذي دفعه قبل استبصاره عشرات السنين - تحصل فيه المشقة سيما مع العلم بأن المال عزيز على قلب صاحبه ؟!!!
فهذا السؤال الغير برئ تستتبعه علامات استفهام عديدة منها:
1- لماذا لا يتم العفو عن دفع الزكاة لا سيما وهو لم يحبسها بخلاً ولم يمنعها شحّاً بل قد دفعها لفقراء المسلمين ممن يشهدون أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟!!!
2- لماذا لم يتأملوا بحكمهم هذا الذي قد يكون مانعاً من اعتناق الناس لمذهبهم ومنفراً عنه إن علم المريد للاستبصار بما يتوجب عليه من دفع مبالغ طائلة تعادل زكاته لثلاثين أو خمسين عاماً كان يدفعها لفقراء المسلمين ؟!!!
أم أن مصلحة حصول المراجع على ذلك المورد المالي الضخم مقدم على مفسدة المشقة التي سيقع فيها المستبصر ؟!!!