وقد انتقلت الى ألمانيا مع زوجها " عصام العطار" هربا من البطش في سوريا حيث كان هدفا
ينتظره الموت من قبل القوات الحكومية السورية 00 وهناك في ألمانيا كانا الزوجين يلاقيا
عذابين أو محنتين الأولى : الغربه والبعد عن الوطن والأهل
والثانية الخوف والرعب من المصير المحتوم 00
وقد تم إغتيا ل الشهيدة " بنان " بعد أن خرج زوجها من المنزل حين بلغه من أخبره بأن المجرمين يتربصون به فخرج الى مكان مجهول تاركا زوجته وأبنائه في المنزل ظنا منه أن لا خطر عليهما وعلى حين غرة اقتحم المجرمون شقة جارتها وأجبروها على أن تحدثها في الهاتف أنها قادمه لزيارتها حينها فتحت "بنان" الباب فهجم المتوحشون المنزل وأروها قتيلة رحمها الله رحمة واسعه وأسكنها فسيح جنانه 0
وقد انتقلت الى ألمانيا مع زوجها " عصام العطار" هربا من البطش في سوريا حيث كان هدفا
ينتظره الموت من قبل القوات الحكومية السورية 00 وهناك في ألمانيا كانا الزوجين يلاقيا
عذابين أو محنتين الأولى : الغربه والبعد عن الوطن والأهل
والثانية الخوف والرعب من المصير المحتوم 00
وقد تم إغتيا ل الشهيدة " بنان " بعد أن خرج زوجها من المنزل حين بلغه من أخبره بأن المجرمين يتربصون به فخرج الى مكان مجهول تاركا زوجته وأبنائه في المنزل ظنا منه أن لا خطر عليهما وعلى حين غرة اقتحم المجرمون شقة جارتها وأجبروها على أن تحدثها في الهاتف أنها قادمه لزيارتها حينها فتحت "بنان" الباب فهجم المتوحشون المنزل وأروها قتيلة رحمها الله رحمة واسعه وأسكنها فسيح جنانه
حكاية والدها عن الحادث وعن اليم ما عاناه وما يعانيه :
وكان الشيخ الجليل على الطنطاوي يحبها حباً جماً ، وبكاها الشيخ بكاء مراً اليما
عليها في التلفزيون بعد اغتيالها أمام ملايين المشاهدين الذين كانوا يتابعون
برنامجه الشهير المشوق(نور وهداية).
من كلماته الشهيره....ما سمعت بشاب من شبابنا استشهد في سبيل الله إلا
ورت اني أمه وأنه ولدي ، واحسست لفقده بمثل احساس الأم الرؤوم لفقد ولدها
البار.
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
ابنتي بنان رحمها الله, و هذه اول مرة اذكر فيها اسمها,اذكره و الدّمع يملأ
عيني,و الخفقان بعصف بقلبي, اذكره
اول مرة بلساني و ما غاب عن ذهني لحظة و لا صورتها عن جناني.
افتنكرون عليّ أن اجد في كل مأتم مأتمها و في كل خبر وفاة وفاتها؟
واذا كان كل شجى يثير شجاه لأخيه افلا يثير شجاي لبنتي؟
ان كل اب يحب اولاده و لكن ما رأيت لا والله ما رأيت من يحبّ بناته مثل حبي
بناتي.
ما صدقت الى الآن و قد مرّ على استشهادها اربع سنوات و نصف السنة و انا لا
اصدق بعقلي الباطن انها
ماتت,انني اغفل احيانا فاظنّ ان رنّ جرس الهاتف انّها ستعلمني على عادتها
بانّها بخير لأطمئنّ عليها.
تكلمني مستعجلة,ترصف الفاظها رصفا",مستعجلة دائما" كأنها تحسّ ان
الردى لن يبطئ عنها,و انّ هذا المجرم, هذا النذل..هذا..يا اسفي, فاللغة العربية على سعتها
تضيق باللفظ الذي يطلق على مثله.
ذلك لأنها لغة قوم لا يفقدون الشرف حتى عند الاجرام, ان في العربية كلمات
النّذالة و الخسّة و الدناءة,
وامثالها, و لكن هذه كلها لا تصل في الهبوط الى حيث نزل هذا الذي هدد الجارة
بالمسدس حتى طرقت عليها الباب لتطمئنّ فتفتح لها, ثم اقتحم عليها,على
امرأة وحيدة في دارها, فضربها ضرب الجبان,و الجبان اذا
ضرب اوجع, اطلق عليها خمس رصاصات تلقتها في صدرها و في وجهها .
ما هربت حتى تقع في ظهرها, كأنّ فيها بقية من اعراق اجدادها الذين كانوا
يقولون :
و لسنا على الاعقاب تدمى كلومنا(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة)-و لكن على اقدامنا تقطر الدّما
ثم داس ال...لا ادري والله بم اصفه؟
ان قلت المجرم فمن المجرمين من فيه بقية من مروءة تمنعه من ان يدوس بقدميه
النجستين على
التي قتلها ظلما" ليتوثّق من موتها.
ربما كان في المجرم ذرة من انسانية تحجزه عن ان يخوض في هذه الدّماء
الطاهرة التي اراقها.
و لكنه فعل ذلك كما اوصاه من بعث به لاغتيالها, دعس عليها برجليه ليتأكد من
نجاح مهمته,قطع الله يديه و رجليه,لا,بل ادعه و ادع من بعث به لله,لعذابه,لانتقامه,و لعذاب
الاخرة اشدّ من كل عذاب يخطر على قلوب البشر.
لقد كلمتها قبل الحادث بساعة واحدة,قلت:
اين عصام؟
قالت:
خبروه بأنّ المجرمين يردون اغتياله و ابعدوه عن البيت,
قلت:
فكيق تبقين وحدك؟
قالت:
بابا لا تشغل بالك بي, انا بخير.
ثق والله يا بابا انني بخير.
ان الباب لا يفتح الاّ ان فتحته انا.
و لا افتح الاّ ان عرفت من الطّارق و سمعت صوته.
انّ هنا تجهيزات كهربائية تضمن لي السّلامة,
و المسلّم هو الله.
ما خطر على بالها انّ هذا الوحش, هذا الشيطان سيهدد جارتها بمسدسه حتى
تكلمها هي, فتطمئنّ,
فتفتح لها الباب.
و مرت الساعة فقرع جرس الهاتف, و سمعت من يقول لي:
كلّم وزارة الخارجية.
قلت:
نعم.
فكلمني رجل احسست انه يتلعثم و يتردد, كأنه كلّف بما تعجز عن الادلاء به
بلغاء الرجال, بان يخبرني..كيف يخبرني؟
و تردد و رأيته بعين خيالي كأنه يتلفت يطلب منجى من هذا الموقف الذي وقّفوه فيه
ثم قال:
ما عندك احد اكلمه؟
و كان عندي اخي, فقلت لأخي:
خذ اسمع ما يقول, و سمع ما يقول, و رأيت قد ارتاع مما سمع,و حار ماذا
يقول لي, و كأني
احسست انّ المخابرة من المانيا,و انّه سيلقي عليّ خبرا" لا يسرني,و كنت
اتوقع ان ينال عصاما" مكروه
فسألته:
هل اصاب عصاما شيء؟
قال:
لا, و لكن..قلت:
و لكن ماذا؟ عجّل يا عبدة فانك بهذا التردد كما يبتر اليد التي تقرر بترها
بالتدريج, قطعة بعد قطعة, فيكون
الالم مضاعفا" اضعافا" فقل و خلّصني مهما كان سوء الخبر.
قال:
بنان.
قلت:
ما لها؟
قال, و بسط يديه بسط اليائس الذي لم يبق في يده شيء.
و فهمت و احسست كأنّ سكّينا" قد غرس في قلبي, و لكني تجلدتّ , و
قلت هادئا" هدوءا" ظاهريا", والنار
تتضرم في صدري:
حدّثني بالتفصيل بكل ما سمعت.
فحدثني.
و ثقوا انني لا استطيع مهما اوتيت من طلاقة اللسان, و من نفاذ البيان,ان
اصف لكم ماذا فعل بي هذا الذي
سمعت.
و انتشر في الناس الخبر و لمست فيهم العطف و الحب و المواساة...
و وصلتني برقيات تواسيني و انها لمنة ممن بعث بها و ممن كتب يعجز لسان
الشكر عن وفاء حقها و لكني
سكت فلم اشكرها و لم اذكرها, لأن المصيبة عقلت لساني, و هدت اركاني.
و اضاعت عليّ سبيل الفكر,
فعذرا" و شكرا" لاصحاب البرقيات و الرسائل.....
كنت احسبني جلدا" صبورا", اثبت للأحداث , و اواجه المصائب ,
فرأيت اني لست في شيء من الجلادة و لا من الصبر و لا من الثبات...
صحيح انه:
و لا بدّ من شكوى الى ذي مروءة-----------يواسيك او يسليك او يتوجع
و لكن لا مواساة في الموت, و السلو مخدر اثره سريع الزوال. و التّوجع
يشكر و لكن لا ينفع شيئا".
و اغلقت عليّ بابي و كلما سألوا عني ابتغى اهلي المعاذير,يصرفونهم عن
المجيء, و مجيئهم فضل
منهم, و لكني لم اكن استطيع ان اتكلم في الموضوع.
لم ارد ان تكون مصيبتي مضغة الاهواء, و لا مجالا" لاظهار البيان, انها
مصيبتي وحدي فدعوني
اتجرعها وحدي على مهل.
ثم فتحت بابي, و جعلت اكلم من جاءني, جاءني كثير ممن اعرفه و يعرفني
و ممن يعرفني و لا
اعرفه.
و جعلت اتكلم في كل موضوع الا الموضوع الذي جاؤوا من اجله,استبقيت
احزاني لي, و حدثتهم
كل حديث حتى لقد اوردت نكتا و نوادر.
اتحسبون ذلك من شذوذ الادباء؟ ام من المخالفات التي يريد اصحابها ان يعرفوا بها؟
لا والله و لكن الامر ما قلت لكم.
كنت اضحك و اضحك القوم و قلبي و كل خلية في جسدي تبكي.
فما كل ضاحك مسرور:
لا تحسبوا ان رقصي بينكم طربا"---------------فالطير يرقص مذبوحا" من الالم
اني لأتصوّر الآن حياتها كلها مرحلة مرحلة, و يوما" يوما" تمر امامي
متعاقبة كأنها شريط اراه بعيني.
لقد ذكرت مولدها و كانت ثانية بناتي, و لقد كنت اتمنّى ان يكون يكري ذكرا"
و قد اعددت له احلى الاسماء
ما خطر على بالي ان يكون انثى.
و سميتها عنان و ولدت بعدها بسنتين بنان اللهم ارحمها و هذه اول مرة او الثانية
التي اقول فيها اللهم ارحمها
و اني لأرجوا الرحمة لها و لكني لا استطيع ان اتصور موتها.
و لما صار عمرها اربع سنوات و نصف السنة اصرت على ان تذهب الى
المدرسة مع اختها, فسعيت ان تقبل من غير تسجل رسميا".
فلما كان يوم الامتحان و وزعت علماتها المدرسية و قد كتب لها ظاهريا" لتسر
بها و لم تسجل عليها.
قلت هيه؟
ماذا حدث؟
فقفزت مبتهجة مسرورة و قالت بلهجتها السريعة الكلمات, المتلاحقة الالفاظ:
بابا كلها اصفار اصفار اصفار.
تحسب الاصفار هي خير ما ينال.
و ماذا يهم الان بعدما فارقت الدنيا أكانت اصفارا" ام كانت عشرات, و ماذا
ينفع المسافر الذي ودع بيته
الى غير عودة, و خلف متاعه و اثاثه, ماذا ينفع طراز فرش البيت و لونه وشكله
زوجها عصام العطار يرثيها في ديوان صغير باسم " رحيل " منها :
"بنان" ياجبهةَ الإسلام دامية××مازال جرحك في قلبي نزيفَ دمٍ
"بنان" ياصورة الإخلاص رائعةً ×× ويامنال الفِدى والنبل والكرم
عشنا شريدين عن أهلٍ وعن وطنٍ ×× ملاحماً من صراع النور والقيم
الكيد يرصدنا في كل منعطفٍ ×× والموت يرقبنا في كل مقتحم
والجرح في الصدر من أعدائنا نفذُ×× والجرح في الظهر من صدقاننا العدم
كتب خالد التوم في مجلة المجتمع عن الشهيدة :
0000لقد عانت الأخت المجاهدة بنان كثيراً من زوار الفجر الذين طالما طرقوا دارها وانتزعوا زوجها ليلقوه في غياهب السجون، ظانين أنهم بذلك سيطفئون في قلبه شعلة الإيمان، ويخفون في أعماقه حبه للدعوة والجهاد.
وما أحوج الزوج المؤمن في هذه اللحظات الحرجة إلى زوجة قوية الإرادة تمده بالصبر والثبات، وكانت له "بنان" بحق خير معين في محنته..
يتبع بإذن الله