|
اقتباس: |
|
|
|
|
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم القويفل |
|
|
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول:
1- هدفنا كما قُلنا سابقاً في المُشاركة الأولى في الموضوع:[ البحث عن أدلة تُثبت "ضبط" من تُسمونهم بـ "الصحابة" للأحاديث التي يرونها عن النبي(ص) لإثبات أنهم كانوا يأتون بها على وجهها كما سمعوها بلا وهمٍ أو نسيانٍ أو خطأ, و في حال عدم وجود أدلة أو ضعف هذه الأدلة سيكون شرط "الضبط" ساقطاً, و بالتالي لا يُمكنكم الحُكم باعتبار رواياتكم لعدم إحراز هذا الشرط, و بالتالي سقوط الأغلبيّة الساحقة من أحاديثكم, و بالتالي سقوط مذهبكم عمليّاً!.]. انتهى كلامنا.
باختصار: الهدف إسقاط مذهبكم, و ليس إسقاط السُنة النبويّة, إذ السُنة النبويّة ليست محصورةً عندكم دون غيركم, فتأمّل – وفقك الله لمرضاته -!
2- بالنسبة للاستدلال القائل:"بما أن أصحاب النبي (ص) نقلة السُنة فيجب أن نحكم بضبطهم جميعاً, و إلا ضاعت السُنة", فجوابه:
أ****- نقول لا تلازم بين كونهم نقلة السُنة و بين أنهم جميعاً ضابطون, إذ يكفي لنقل السُنة أن يكون فيهم مجموعةٌ من ضابطين, و لا يلزم أن يكون الجميع ضابطين.
ب****- لو صح استدلالكم للزم القول بضبط جميع التابعين, إذ هم أيضاً نقلة السُنة, و اللازم باطلٌ, فالملزوم مثله.
و بيان ذلك: أن علمائكم حكموا بضعفِ ضبط كثيرٍ من التابعين رغم أنهم نقلة السُنة كما نقلنا في المُشاركة رقم [49], فاللازم باطلٌ, فالملزوم [إثبات ضبط الجميع] مثله في البُطلان.
ج- أن القول بضبط الجميع مُخالفٌ للأدلة القاضية بعدم ضبط الكُل التي ذكرناها في المُشاركة رقم [189], فلا بُد من عدم تعميم دعوى الضبط لكُل أصحاب النبي (ص).
3- قُلنا أن النظر في روايات الراوي [قد] يُساعد في معرفة ضبطه, إذ أن نظريّة المُقارنة و المُقابلة لا تصلح في كُل الأحوال, فقد تكون صحيحةً في بعض الأحوال, و قد تكون خاطئةً في أحوالٍ أخرى كما ذكرنا في مُشاركاتنا السابقة في نقد نظريّة المُقابلة و المُقارنة, فراجعها هناك لتعرف لماذا قُلنا أن النظر في المرويات [قد] يُساعد أحياناً في معرفة ضبط الراوي و ليس في كُل حال؟
فراجع المُشاركات رقم [121],[138],[146],[161],[186].
مُلاحظة: مُهم جداً مُراجعة هذه المُشاركات لمعرفة الأسباب التي جعلتنا لا نقول بتماميّة نظريّة المُقابلة و المُقارنة.
4- طلبت منّا أن نذكر مثالاً لأحد التابعين الذين حكمتم عليهم بضعفِ الضبط دون وجود استدراكات عليهم, و هذا هو المثال التابعي:[إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السُدّي], فقد ذكر علماؤكم أن هذا الرجل كان ضعيف الضبط [ يهم ليّن], و لم يذكروا استدراكات عليه.
فقد قال بن حجر العسقلاني:[ 463- إسماعيل ابن عبدالرحمن ابن أبي كريمة السدي بضم المهملة وتشديد الدال أبو محمد الكوفي صدوق يهم ورمي بالتشيع من الرابعة مات سنة سبع وعشرين م 4]. راجع تقريب التهذيب ترجمة رقم[463].
http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%...0**/i221&n3&p1
قلت: و السُدّي كما ترى من التابعين, إذ هو من الطبقة الرابعة (1) كما قال بن حجر في ترجمته, و قال أنه يهم أي له أوهام و أخطاء فيما يرويه, و لم يذكروا لنا نماذجَ من استدراكاتهم عليه, و رغم ذلك ضعّفوا ضبطه, و الأمثلة كثيرة في هذا المجال, فعليك – وفقك الله للحق – بمُراجعة كُتب الرجال لتقف عليها.
قال بن حجر العسقلاني في ترجمة [السُدّي]:
[572 - م 4 (مسلم والاربعة). اسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي. أبو محمد القرشي. مولاهم الكوفي الاعور وهو السدي الكبير كان يقعد في سدة باب الجامع فسمى بالسدي.
روى عن أنس وابن عباس ورأى ابن عمر والحسن بن علي وأبا هريرة وأبا سعيد وروى عن أبيه ويحيى بن عباد وأبي صالح مولى ام هاني وسعد بن عبيدة وأبي عبدالرحمن السلمي وعطاء وعكرمة وغيرهم. وعنه شعبة والثوري والحسن بن صالح وزائدة وأبو عوانة وأبو بكر بن عياش وغيرهم.
قال سلم بن عبدالرحمن مر ابراهيم النخعي بالسدي وهو يفسر لهم القرآن فقال اما أنه يفسر تفسير القوم. وقال عبدالله بن حبيب بن أبي ثابت سمعت الشعبي وقيل له ان السدي قد اعطي حظا من علم القرآن فقال قد اعطي حظا من جهل بالقرآن. وقال علي عن القطان لا بأس به ما سمعت احدا يذكره إلا بخير وما تركه احد وقال أبو طالب عن أحمد ثقة وقال عبدالله بن أحمد سمعت أبي قال قال يحيى بن معين يوما عند عبدالرحمن بن مهدي وذكر ابراهيم بن مهاجر والسدي فقال يحيى ضعيفان فغضب عبدالرحمن وكره ما قال. قال عبدالله سألت يحيى عنهما فقال متقاربان في الضعف وقال الدوري عن يحيى في حديثه ضعيف وقال الجوزجاني هو كذاب شتام وقال أبو زرعة لين وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال النسائي في الكنى صالح وقال في موضع آخر ليس به بأس وقال ابن عدي له أحاديث يرويها عن عدة شيوخ وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به. وقال أبو العباس بن الاخرم لا ينكر له ابن عباس قد رأى سعد بن أبي وقاص. وقال خليفة مات سنة (127).
قلت. وقال حسين بن واقد سمعت من السدي فاقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر وعمر فلم اعد إليه وقال الجوزجاني حدثت عن معتمر عن ليث يعني ابن أبي سليم قال كان بالكوفة كذابان فمات أحدهما السدي والكلبي كذا قال وليث اشد ضعفا من السدي وقال العجلي ثقة عالم بالتفسير راوية له وقال العقيلي ضعيف وكان يتناول الشيخين. وقال الساجي صدوق فيه نظر وحكى عن أحمد أنه ليحسن الحديث إلا ان هذا التفسير الذي يجئ به قد جعل له إسنادا واستكلفه وقال الحاكم في المدخل في باب الرواة الذين عيب على مسلم اخراج حديثهم تعديل عبدالرحمن بن مهدي اقوى عند مسلم ممن جرحه بجرح غير مفسر. وذكره ابن حبان في الثقات وقال الطبري لا يحتج بحديثه]. راجع تهذيب التهذيب ج1 ص274-ص275.
مُلاحظة: عبارة:[لا يُحتج بحديثه] التي قالها الطبري في حق [السُدّي] تعنى أنه يروي من غير حفظ, فيغلط فترى في رواياته الاضطرابات.
فقد جاء في تهذيب التهذيب تفسير هذه العبارة بما نصّه:[ قال عبدالرحمن ابن أبي حاتم قلت لأبي ما معنى لا يحتج بحديثهم قال كانوا قوما لا يحفظون فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون ترى في احاديثهم اضطرابا ما شئت]. راجع تهذيب التهذيب ج1 ص147.
5- بالنسبة لتشنيعك علينا بقضيّة الاحتمالات, فقد فرّقنا سابقاً بين الاحتمالات الراجحة و الاحتمالات المرجوحة, و قلنا ما مضمونه أن الظن إذ كان في قِبال اليقين أُخِذَ باليقين قطعاً و لا مِراء في ذلك بين العُقلاء و المُتشرّعة (2), فأما إن لم يكن هناك يقينٌ في الأصل, فتبقى الشكوك مُعتبرةً, بل هذه الشكوك هي التي تدفعنا للبحث عن اليقين.
فمحل الشاهد: أن نظريّاتكم المطروحة لم ترتقِ إلى مستوى اليقين أساساً حتى لا يُعباً بالشكوك, بل هي نظريّات ظنيّة ناقصة كما بيّنا مِراراً, فيؤخذ بالشك حتى يحصل اليقين.
فعلى سبيل المثال [كتطبيق على أحد الإشكالات المذكورة على نظريّة "السكوت" أو "عدم السكوت"]:
نحن لا نتيقّن أن كُل من روى من أصحاب النبي (ص) كان يروي في مجلسٍ فيه "صحابة" آخرون لنستدل باستدراكهم أو سكوتهم, فعدم تيقّننا بوجود من يستدرك أو يسكت يمنعنا من العمل بهذه النظريّة "نظريّة السكوت" أو "عدم السكوت", إذ لو عملنا بها سنكون عاملين بالظنون المرجوحة شرعاً و عقلاً, فنحن نظن أن هناك "صحابة" آخرين يستدركون أو يسكتون, و لا نقطع بذلك, فنحن في حالة شك أصلاً, و لا يجوز– و الحال ذلك – عقلاً و شرعاً (3) البناء على الظنون و الشكوك, فيجب أن تكون النظريّة المطروحة نظريّة تامة يقينية, فافهم – أصلحنا الله و إياكم -!
و هكذا في سائر ما ذكرناه من إشكالات, فيجب إحراز اليقين في النظريّات المطروحة, و إلا يبقى الشك مُعتبراً.
المُشكلة: أن أكثر الأعضاء لم يفهم قضيّة الشك و اليقين لأنه لم يدرس المنطق و أصول الفقه, فلا يعرف متى يؤخذ بالشك ؟ و متى يؤخذ باليقين؟ و متى يكون الدليلُ ظنيّاً؟ و متى يكون الدليلُ قطعيّاً؟ و هذه أزمة حقيقية في النقاش مع أصحاب نهج "مُحمّد بن عبد الوهاب", فهم ضُعفاء في المنطق و أصول الفقه, بل سائر العلوم العقليّة, و لا يعرفون إلا مُصطلح الحديث, بل بعضهم يزعم أنه مُتضّلعٌ فيه, و هو لا يعرفه فيه شيئاً كما ظهر في هذا الموضوع.
ببساطة لعل الناس تفهم:
الحقيقة الأولى: كُل دليل يجب أن يكون قطعيّاً حتى يصلح الاحتجاج به أو لا أقل أن يكون ظناً راجحاً شرعاً دل الدليل الخاص على رجحانه كحُجيّة العمل بأخبار الآحاد مثلاً, و لا يصح العمل بالأدلة الظنيّة التي لم يثبت حُجيّتها, إذ العقل و الشرع لا يُجوّزان العمل بالظنون كما قررنا سابقاً (3), فلا بُد من البحث عن أدلةٍ يقينيّة.
مُلاحظة: بعض العباقرة سيقول كيف يكون الظنُ راجحاً شرعاً [في بعض الحالات الخاصة]؟
نقول: هذا يحتاج إلى بحوث أصوليّة خارجة عن موضوعنا, و ربما عقلك القاصر لن يتمكّن من فهمها, فاذهب و راجع كُتب أصول الفقه عندكم لتعرف بعض النماذج التي جوّز فيها علماؤكم العمل ببعض الظنون لأدلةٍ خاصةٍ جوّزت العمل ببعض [لا كُل] الظنونات كجواز العمل بأخبار الآحاد, و هذا الموضوع ليس مُخصصاً لتدريس مباحث أصول الفقه, لذا لن نتفرّع في هذا الموضوع, فاذهب و تعلّم قبل أن تخوض فيما لا تعلم. قال تعالى:[وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً]. سورة الإسراء آية [46].
الحقيقة الثانية: حتى لايكون الدليلُ ظنيّاً يجب أن لا تتطرّق إليه الاحتمالات المُتساوية التي لا ترجيح لأحدها على الآخر, فعند العمل بالدليل يجب أن نُثبت أن الاحتمال الوحيد الصحيح هو ما ذهبنا إليه, و غيره من الاحتمالات مرجوحة [مرفوضة], و نقوم بإثبات ذلك من خلال أدلةٍ و مُرجحاتٍ خاصة, و للاستفاضة في هذا البحث لا بأس بالرجوع إلى كُتب أصول الفقه لدراسة مباحث التعارض و التراجيح.
لذا نجد علماء الأصول [أصول الفقه] يقولون:"إذا جاء الاحتمال الظني [أو المُتساوي] بطل الاستدلال", و قد ذكرنا سابقاً معنى هذه العبارة و الأدلة على صحتها, فلتُراجع المُشاركة رقم [303].
النتيجة المُستخلصة من الحقيقة الأولى و الثانية:
أن كُل دليلٍ يجب أن يكون قطعيّاً لا مجال لتطرّق الاحتمالات إليه, و إذا تطرّقت الاحتمالات يجب إثبات رُجحان الاحتمال المعمول به بأدلةٍ و مُرجحاتٍ قطعيّة.
التطبيق: لو طبّقنا هذه الأصول على نظريّاتكم المطروحة سنجد أكثرها ظنيّة و الاحتمالات فيها واردة, و إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
مُلاحظة مُهمّة: نتمنى أن لا يُناقش في هذه النُقطة بالتحديد [الظن و اليقين] إلا من كان عارفاً بعلم المنطق و أصول الفقه حتى لا يُتعبنا بجهله, فليس موضوعنا هو لتدريس المنطق و أصول الفقه, فتعلّم ثم ناقش قبل أن تُضحك الناس بجهلك.[ و الكلام ههُنا ليس موجهاً للأستاذ [سالم القويفل] – أيّده الله على الحق-, بل هو موجهٌ لأناسٍ يعرفون أنفسهم جيّداً دائماً يتهمون الناس بالجهل و الغباء, و هم أجهل و أغبى الخلق نسأل الله السلامة].
6- بالنسبة للاستدلالات القديمة, فيُمكن مُراجعة المُشاركات القديمة التي أجابت عنها.
إجابة قبول النبي (ص) لأخبار أصحابه في المُشاركة رقم [112].
إجابة دعوى تحرّز "الصحابة" في النقل في المُشاركات رقم [19],[54],[116].
مُلاحظة: من جديد نُكرر أن بعضاً من كلامنا في هذه المُشاركة هو موجّه لبعض الناس الذين يعرفون أنفسهم, الذين يتهمون الآخرين دائماً بالجهل و الغباء, و هم أجهل و أغبى خلق الله, و ليس موجهاً للأستاذ [سالم القويفل] – رعاه الله -, و هذا من باب لك الكلام و اسمعي يا جارة!
و لكم جزيل الشكر.
هامش:
(1) فقد ذكر بن حجر العسقلاني طبقات الرواة في أول كتابه التقريب, فقال:
[ وأما الطبقات:
فالأولى : الصحابة، على اختلاف مراتبهم، وتمييز من ليس له منهم إلا مجرد الرؤية من غيره.
الثانية: طبقة كبار التابعين، كابن المسيب، فإن كان مخضرماً صرحت بذلك.
الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تليها: جُلُّ روايتهم عن كبار التابعين، كالزهري وقتادة.
الخامسة : الطبعة الصغرى منهم، الذين رأوا الواحد والاثنين، ولم يثبت لبعضهم السَّماع من الصحابة، كالأعمش.
السادسة: طبقة عاصروا الخامسة، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة، كابن جريج...إلخ]. راجع مُقدّمة تقريب التهذيب.
http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%...123735&c&p1#s3
(2) إذ الشك لا يقطع اليقين, بل اليقين يقطع الشك, لذا يُقال في المثل:"قطعت الشكَ باليقين".
(3) فأما عدم جواز البناء على الظنون و الشكوك من الناحية العقليّة, فالظنون و الشكوك مجاهيل, و لا يجوز عقلاً البناء على المجهول كما لا يخفى.
أما عدم الجواز من الناحية الشرعية, فلأدلةٍ كثيرةٍ أحدها قوله تعالى:[وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون]. سورة يونس آية [36].