كيف دخلت العلمانية بلاد المسلمين؟
الكاتب: د. أحمد فريد
إذا كانت العلمانية ولدت في أوروبا الكافرة، نتيجة الثورة على تسلط الكنيسة ومحاربتها للعلم والعلماء، فكيف راجت هذه الفكرة الخبيثة في بلاد المسلمين، مع اختلاف الظروف، والفرق بين الإسلام والنصرانية، واستغناء المسلمين بدينهم ونظامهم؟ وكيف تسوَّل المسلمون العلمانية وهم الأغنياء؟ ولماذا تطفلوا على موائد اللئام، وهم الكرماء الشرفاء، وهم خير أمة أخرجت للناس؟!.
فالجواب: لقد دخلت العلمانية بلاد المسلمين لأسباب عديدة، يمكن إيجازها فيما يلي:
1 – إنحراف كثير من المسلمين عن دينهم، وعدولهم عن سلوك الصراط المستقيم، واتباعهم هوى النفس فيما يخالف شرع الله عز وجل، والعلمانية توافق أهواء الناس لأن فيها إنسلاخًا من الدين واتباعًا للشياطين، فهي تروج للتبرج والاختلاط، وعدم التقيد بالشرائع السماوية والأخلاق الكريمة.
2 – الانبهار بالحضارة الزائفة، مع الجهل بما هم فيه من فساد وإباحية وشقاء وانتحار ومخدرات، فقد صاحب التقدم الصناعي الشقاء النفسي، وتقطع الأرحام، وهدم النظام الأسري، فبئس التقدم الذي يصحبه هذا الشقاء.
3 – جهل أكثر المسلمين بدينهم، وأن الإسلام هو الاستسلام الكامل لله عز وجل، وظنهم أن الإسلام مجرد طقوس وعبادات، وأن من قبل الإسلام عقيدة ولم يقبله شريعة لا يشك في إسلامه، وكأنه بالخيار في قبول الشريعة الإسلامية أو القوانين الوضعية، ولم يفطنوا أن الرضا بالكفر كفر، وأن رفض الشريعة كفر.
4 – التحالف اليهودي الصهيوني، وما نجم عنه من الاستعمار الذي كان من آثاره ترك أذناب لهم في بلاد المسلمين، وفرض القوانين الوضعية في بلادهم. فصار كأن الطبيعي هو التحاكم إلى القوانين الوضعية، والغريب هي المطالبة بالتحاكم إلى الشريعة الإسلامية؛ فصار الحق باطلًا والباطل حقًا.
5 – اشتغال المسلمين بالدنيا، وتخليهم عن رسالتهم الخالدة، وهي قيادة البشرية وهدايتها والدعوة إلى الله عز وجل.
6 – التقليد الأعمى للغرب الكافر، كما أخبر بذلك المعصوم صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، قالوا: يارسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن".
وانطبق عليهم مثل الحمارين (الحمار الذي يحمل الملح، والحمار الذي يحمل الإسفنج)، فعندما تخلصت أوروبا من الكنيسة انطلقت في الحضارة المادية المعاصرة، ولكن المسلمين إذا عادوا الدين تخلفوا، وإذا عملوا به انطلقوا كما انطلقوا في الحضارة الإسلامية، فالمقلد تقليدًا أعمى، لم يعرف الفرق بين الإسلام والنصرانية.
7 – الهزيمة النفسية التي حلت بكثير من المسلمين، لتخلفهم عن الحضارة المادية وانبهارهم بالحضارة الغربية، وقلة علمهم بتاريخ حضارتهم.
8 – توسيد الأمر إلى غير أهله في كثير من بلدان المسلمين، حيث تمكن كثير من عملاء الغرب من الوصول إلى سدة الحكم، وتولي المناصب المهمة في الدولة، ومنهم من هو مختل عقليًّا كطاغية ليبيا القذافي، أو طائفي علوي بعثي كبشار الأسد، ومنهم من هو علماني مصلحي غبي كحسني مبارك، وبالإعلام الكاذب يمجد هؤلاء كأنهم زعماء مصلحون، وهم حماة العلمانية، وأيدي وأرجل الغرب الكافر في إدخالها بلاد المسلمين.
9 – التضييق على العلماء والدعاة، والزج بهم خلف الأسوار، أو منعهم من نشر دعوتهم لتبيين الإسلام الحق، الذي أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو يشمل الإسلام عقيدة وشريعة.
10- سفر كثير من أبناء المسلمين للبلاد الكافرة طلبًا للشهادات الدنيوية، أو لجمع المال، ورجوع كثير من هؤلاء الطلاب بالمبادئ العلمانية الباطلة وانتصارهم للغرب والترويج لهم في بلاد المسلمين.
11- تمييع قضية الولاء والبراء عند كثير من المسلمين، فلا فرق عندهم في المحبة والبغض بين المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وقد قال الله تعالى: "لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه" (المجادلة: 22)
12- علماء السوء الذين يبررون موالاة الكفار، ويسهلون لهم تضليل المسلمين وتجهيلهم، وبدلًا من محاربة التبرج والاختلاط والربا والتحاكم إلى غير شرع الله عز وجل، يبررون انحراف الناس، ويحاربون الحجاب والبنوك الإسلامية، كل ذلك باسم الدين، فصاروا بذلك في صف العلمانيين خاصة الذين يتبوأون المناصب الشرعية كشيخ الأزهر والمفتي ووزارة الأوقاف، فبدلًا من أن يناصروا الدعوة والدعاة المخلصين، إذا بهم في خندق العلمانيين والليبراليين.
13- القنوات الفضائية التي يملكها أو يديرها العلمانيون، وكذا المواقع المشبوهة بالشبكة العنكبوتية، والجرائد والمجلات العلمانية التي تروج لهذا الفكر الخبيث، وفي المقابل ينفر الناس من الدين، وتشوه الدعاة إلى الله عز وجل، وقد كانت أكثر القنوات والمواقع والجرائد والمجلات في العصر البائد من هذا الصنف، حتى ظهرت بحمد الله القنوات الإسلامية والمواقع الإسلامية، والجرائد والمجلات، والباطل ينتفش في ثياب الحق، ولكن الحق إذا ظهر ووجد من يحمله من الرجال، زهق الباطل وزال بإذن الله تعالى.
"وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا" (الإسراء: 81).
وإذا تلاقى جند الشيطان مع جند الرحمن، لابد أن ينتصر جند الرحمن، كما قال تعالى: "ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليًّا ولا نصيرًا" (الأحزاب: 62).
وقال تعالى: "وإن جندنا لهم الغالبون" (الصافات: 173).
الفتح
23-03-12, 07:32 AM
العرض العادي
