هناء شلبي تخوض معركة الكرامة
يا بنت فلسطين قلوبنا معك
والله معك الشيخ /ايمن حماد
حقيقة لقد وقفت كلماتي عاجزة عن الحديث عن حق هذه الأسيرة المجاهدة التي تجود بنفسها رخيصة في سبيل الله تبارك وتعالى ، لتنصر قضيتها وشعبها ، ولتضم صوتها إلى صوت أستاذها ورائدها في هذا المجال الأسير المجاهد خضر عدنان ، لتسجل – هي - كما سجل -هو - أروع ملاحم انتصار الإرادة الفلسطينية على السجان الصهيوني ، وليثبتا للعالم أجمع أن معركة الأمعاء الخاوية ما هي إلا ضرب من ضروب الجهاد والمقاومة يسطره الأسرى الفلسطينيين رجالًا ونساءً على حد سواء ضد العنجهية "الإسرائيلية" .
كلمات ملؤها العز ، تقطر منها الكرامة ، تشتَم منها رائحة النصر ، وهو يسجل كلمات تسطر بماء الذهب " كرامتي أغلى من الطعام " ، فيا تُرى أين هي كرامة المسلمين ؟ وأين دفنت كرامة العرب .
لكنها والله كرامة الأحرار ، عندما يعلنون بملء أفواههم ، بل وبأمعائهم الخاوية رفضهم قانون الاعتقال الإداري الذي يتيح للمحاكم "الإسرائيلية" تحويل المعتقلين الفلسطينيين إلى السجون "الإسرائيلية" من دون أن توجه لهم أي تهمة، حيث اعتقلت إسرائيل منذ عام 2000م أكثر من 20,000 فلسطيني إداريًا.
أين حق هؤلاء الأسرى في محاكمات عادلة – إن جاز التعبير – وإن كان هناك عدل في دولة الظلم الصهيونية لهؤلاء الأسرى الأبطال . أين حق هؤلاء الأسرى في مشروعية دفاعهم عن أقصاهم ومقدساتهم .
والسؤال هنا أليس هذا حق ضيَّعه عموم المسلمين المتخاذلين عن نصرة الأسرى الفلسطينيين؟ أما سمع هؤلاء أمر النبي r بفك الأسرى كما في الحديث الذي رواه البخاري عن أَبِي مُوسَى t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ( فُكُّوا الْعَانِيَ - يَعْنِي الْأَسِيرَ- وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ) أما علموا أن من قصَّر في حق الأسرى الفلسطينيين وغيرهم من أسرى المسلمين ولم يعمل على تحريرهم وإخراجهم من السجون هو آثم واستمع لابن العربي – رحمه الله - وهو يوضح ذلك في أحكام القرآن فيقول: " إلَّا أَنْ يَكُونُوا أُسَرَاءَ مُسْتَضْعَفِينَ ; فَإِنَّ الْوِلَايَةَ مَعَهُمْ قَائِمَةٌ , وَالنُّصْرَةَ لَهُمْ وَاجِبَةٌ بِالْبَدَنِ بِأَلَّا يَبْقَى مِنَّا عَيْنٌ تَطْرِفُ حَتَّى نَخْرُجَ إلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ إنْ كَانَ عَدَدُنَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ , أَوْ نَبْذُلَ جَمِيعَ أَمْوَالِنَا فِي اسْتِخْرَاجِهِمْ , حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ دِرْهَمٌ كَذَلِكَ . قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ : فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا حَلَّ بِالْخَلْقِ فِي تَرْكِهِمْ إخْوَانَهُمْ فِي أَسْرِ الْعَدُوِّ , وَبِأَيْدِيهِمْ خَزَائِنُ الْأَمْوَالِ وَفُضُولُ الْأَحْوَالِ وَالْعُدَّةُ وَالْعَدَدُ , وَالْقُوَّةُ وَالْجَلَدُ ".
كيف يقبل هذا العالم الذي يدَّعي الحرية والديمقراطية ، فضلًا عن رجالات المسلمين وزعمائهم أن يتم اعتقال مسلمة كهناء شلبي إداريًا بعد الانهيال عليها بالضرب المبرح والتفتيش العاري .
أما يكفي كثير من علماء المسلمين صمتهم الطويل عن قيادة الأمة والوقوف في وجه الطواغيت والظلمة ، حتى خرج علينا البعض ليقلب الحقائق أمام العالم بأن هذه الصورة الرائعة من صور الجهاد والمقاومة ما هي إلا إقدام على إزهاق النفس وانتحار .
أما والله لو صمت أمثال هؤلاء منذ فترة طويلة لكان حال الشعوب أحسن حالًا مما عليه الآن .
كثير منا يتغنى بالماضي وبنخوة العربي الأصيل فضلًا عن نخوة المعتصم ، لكن كثيرًا من زعماء العالم – عربهم وعجمهم - اليوم ينطبق عليهم قول القائل :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فصبرًا أختنا الفاضلة هناء شلبي ، فلئن أصاب هؤلاء الزعماء والقادة الصمم والعمى ، فوالله إن أبناء الشعب الفلسطيني ما زالت قلوبهم تتحرق شوقًا للقاء الله عز وجل من خلال التضحية بأنفسهم رخيصة في سبيل الله تبارك وتعالى ونصرة لك ولمثيلاتك من المجاهدات القابعات خلف قضبان السجون ، ولم لا نكون كذلك وهذا جزء من حقكم الذي هو جزء من عقيدتنا التي أمر الله بها في كتابه فقال تعالى : ﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ سورة النساء : الآية 75. وهذا هو فهم سلف الأمة لهذه القضية الخطيرة المتعلقة بكرامة الأمة الإسلامية بأكملها يخبرنا بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه مجموع الفتاوى وهو يقول :"فِكَاكَ الْأَسَارَى مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ وَبَذْلَ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ " .
والله إن صبرك على الجوع والعطش ، ورفضك لسياسة الإذلال والتعبيد ، لهو حجة على الكثيرين من أصحاب البطون الممتلئة ، والقصور الفخمة ، والسيارات الفارهة ، وأصحاب السياسة الكاذبة ، والشعارات الرنانة الزائفة ، الذين يتغنون بالوطن وحب الوطن .
إن ساعة من صبرك لهي خير عند الله من سيل من كلماتهم التي لا تتجاوز المنابر التي يتحدون من فوقها .
فنكرر عذرنا لك سيدتي الفاضلة بأن جهادك بالنفس ، عجزت كلماتنا أن نعبر عنه بغير الدعاء بأن يتقبل الله منك هذا الجهاد ، وأن يجعل من جوعك وعطشك وقودًا لحرق الغزاة والمتآمرين . وأن يجعل من صبرك فتيل الثورة لهذا الصمت الطويل ، وأن يكون بداية التحرير للمسجد الأقصى ، لترفرف رايات التوحيد عالية خفاقة على مآذن المسجد الأقصى المبارك .