بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين .
رأيتُ لأحد الرافضة كلاماً أن الإمام الألباني رحمه الله تعالى ضعف كلاً من " فليح بن سليمان " وإبنهِ " محمد بن سليمان " , فقالوا إما أن تقبل الروايتين اللتان ضعفهما الإمام الألباني رحمه الله تعالى , أو تقبل بأن الإمام البخاري يستشهد بأحاديث الضعفاء في الصحيح , وهذا من فرط جهل الرافضة بعلم الحديث وبنيتهِ , فإن الإمام البخاري لم يستدل بأحاديث الضعفاء , وإن كان الضعفُ في أحد الرواة فلا يكونُ ضعفهُ في أحاديث الإمام البخاري التي إستدل بها على فرض إستدلالهِ ببضعهم .
أما " فليح بن سليمان " ولو كان الضعفُ فيهِ قإن الإمام البخاري أخذ ما صلح من أحاديثهِ وهي " منتقاه " , فلا يغلبُ الضعف على الرجل أكثر بل إنهُ قد يحدث بأحاديث صالحة فيأخذُ بها أهل الحديث ويتركون ما تبقى من أخباره التي قد يكونُ فيها ضعف , ولا يجوز ترك أحاديث الضعيف التي يكونُ قد حدث بها على صلاحٍ فيه , فإن هذا لا يجانبُ الصواب في شيء , بل إن فليح إنتقى الإمام البخاري ما صح من أخبارهِ و أخرجها .
فقد قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : " وقال ابن عدي : هذا عندي لا بأس به ، قد اعتمده البخاري في " صحاحه " وله أحاديث صالحة ، روى عن نافع ، عن ابن عمر نسخة , ويروي عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة أحاديث ويروي عن سائر الشيوخ من أهل المدينة أحاديث مستقيمة وغرائب ، وقد روى عنه زيد بن أبي أنيسة , قال الدارقطني : يختلفون في فليح ، ولا بأس به , وقال في موسوعة أقوالهِ في الجرح والتعديل " ثقة " وقد وثقه الدارقطني رحمه الله تعالى " .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن المطهر التميمي ، بسفح قاسيون ، سنة أربع وتسعين عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، [ ص: 355 ] حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا فليح ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة : أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حجة الوداع ، في يوم النحر ، في رهط يؤذن في الناس : أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان صحيح غريب ، أخرجه البخاري عن أبي الربيع ، فوافقناه بعلو .
وقال الساجي : ( هو من أهل الصدق ويهم.).
وقال أبو عبدالله الحاكم اتفاق الشيخين عليه يقوي أمره.).
ذكرهُ إبن حبان في كتاب الثقات .
و لخص ابن حجر حاله قائلا : (صدوق كثير الخطأ.).
قلتُ : وهو عندي صدوق يعتمد عليه في الحديث , والإمام البخاري أخرج أحاديثهُ منتقاه ولم يخرج لهُ الضعيف وما خرج عن الصحيح فرواية فليح بن سليمان فيها نظر , لأن الإمام البخاري إنتهى من أحاديثهِ ما هي صالحة لا يمكن الطعن فيها وقد وثقهُ جماعة من أهل العلم وفي رواية البخاري كذلك , حديثهُ صحيح في صحيح البخاري .
أما محمد بن فليح بن سليمان , وقد تحامل عليهِ إمام الجرح والتعديل بن معين , وقال المزي في تهذيب الكمال : " فقلت لأبي فما قولك فيه قال ما به بأس ليس بذاك القوي وذكره بن حبان في كتاب الثقات قال البخاري عن عبيد الله بن هارون الفروي مات سنة سبع وتسعين ومئة روى له البخاري والنسائي وبن ماجة " .
وفي موسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني في الرجال (31/464) : " محمد بن فليح بن سليمان الأسلمي ، المدني. (*) قال الحاكم قلت للدارقطني محمد بن فليح بن سليمان ؟ قال ثقة. (465) " وهذه الوثيقة من كتاب أقوال أبي الحسن الدارقطني في الرجال تثبتُ أن محمد بن فليح ثقة , وما اخرجهُ له الإمام البخاري إلا منتقى .
قال الحافظ إبن حجر في تقريب التهذيب (2/125) : " ع محمد بن فليح بن سليمان الأسلمي أو الهدي المدني صدوق يهم من التاسعة مات سنة سبع وتسعين " .
وفي من لهُ رواية في الكتب الستة : " محمد بن فليح بن سليمان عن هشام بن عروة وموسى بن عقبة وعنه إبراهيم بن المنذر وهارون بن موسى الفروي لينه بن معين توفي 197 خ س ق " وهو عندي صدوق مقبول الحديث وحديثهُ في الصحيح منتقى من حديثهِ , ولا يضعفُ خبرهُ في صحيح البخاري لأن البخارى إنتقى من أحاديثهِ .
والله أعلم .
كتبهُ /
تقي الدين السني