بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها الأخوة في مملكتنا الحبيبة من منا لم يحدثه والده أو جده عن حال هذه البلاد قبل توحيدها على يد أسد التوحيد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله وكيف كان حال الناس في ذلك الزمان وكيف كان حال الأمن والأمان وكيف كان يأكل القوي الضعيف وكيف كان انتشار الخرافة والشرك في المجتمع ووالله لا يعرف ذلك إلا من عاش في صحراءها واكتوى بحرارة شمسها وذاق الجوع والبرد فقد اجتمع على الناس في ذلك الزمان الخوف والجوع وهي نعمة من الله على من أنعم الله بها عليه فقد ذكَّرها الله عز وجل لقريش فقال:{الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} وضرب الله عز وجل بها مثلاً فقال:{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} حتى أن أهل العلم اختلفوا أيهما أشد نقمة الجوع أو الخوف، وهذه المقدمة التي بين يديك أخي القارئ سقتها لتعلم كثير نعمة الله عليك ولكن ألم تسأل نفسك ما السبب في ذلك؟
فأقول: هي أولاً وآخراً فضل من الله عز وجل {ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} ولكن من حكمة الله عز وجل أن جعل لمسبب سبباً وعندما تقرأ قوله عز وجل{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} هذا في أهل الكتاب فكيف بالمسلمين إذا أقاموا دين الله على مراد الله وفق سنة رسول الله، والله سوف يأكلون من فوقهم ومن تحت ارجلهم وها نحن نأكل من تحت أرجلنا فاللهم لك الحمد والفضل.
وإن شئت فاقرأ قوله عز وجل:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
وحقيقة كثير من الناس من ينسب النعمة في هذه البلاد للبترول وينسى او يتناسى أن النعمة بيد الله وحده ولو أراد الله عز وجل لهذا البترول أن يغور في الأرض لغار وما تمكن أحد من استخراجه لكن الله عز وجل يعز دينه وجنده بما شاء سبحانه وبحمده.
وقد كنت يوما عند أحد محلات الفاكهة اتبضع فأخذت صندوق فاكهة فقلت للبائع: بكم هذا؟ فقال لي: بكذا وكذا، فقلت لرجل بجانبي انظر إلى قيمة هذه الفاكة وهي من إحدى البلاد المجاورة لو كانت هذه الفاكهة ملء برميل نفط كم تتوقع أن يكون السعر؟! فتعجبت كيف هذه الأرض التي تنتج هذا النتاج وأجد أهلها في فقر شديد وخوف شديد فتذكرت قوله عز وجل:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وهذه الكلمة أردت بها إرسال رسالتين:
الأولى: للذين يرمون هذه البلاد وأهلها بالكفر تارة وبالعمالة تارة أخرى فأقول لهم دعونا وشأننا نحن راضون عن ديننا الذي ارتضاه الله عز وجل لنا وراضون عن ولاة أمرنا وراضون عن علمائنا الذين هم سراج الأمة أسال الله الحي القيوم أن يحفظهم جميعا.
الرسالة الثانية: هي لأهلي وابناء عمي في هذه البلاد فأقول حافظوا على هذه النعمة التي أنعم الله عز وجل بها علينا فإن الله عز وجل يقول:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} واعلموا أنه ليس بيننا وبين الله نسب فمتى ما ضيعنا دينه وشرائعه غير الله علينا واجتمعوا على ولي الأمر ولا تتفرقوا واسمعوا لعلمائكم وأطيعوا.