كارثة: كيف اعتمد علماء الإمامية على رواية فيها اتهام لجعفر الصادق رحمه الله بالكذب ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فقد استوقفتني رواية فقهية في كتاب الكافي تلقاها كل علماء الإمامية بالقبول ، بل ولا يخلوا كتاب فقهي من إيرادها والاعتماد عليها ، حتى أطلقوا عليها موثقة ابن بكير [ الخوئي في كتابه الطهارة ( 2 / 441 ) ] وبعضهم صحيحة ابن بكير [ علامتهم النجفي في جواهر الكلام ( 36 / 195 ) ] ، حتى أن علامتهم محمد باقر المجلسي حكم عليها بالحسن ومحققهم محمد باقر البهبودي المتشدد حكم عليها بالصحة.
وبالرغم من اعتماد جميع علماء الإمامية على هذه الرواية وإيرادهم لها ، إلا أني وجدت فيها لفظة صريحة بسوء الأدب من قبل الراوي عبد الله بن بكير بحق جعفر الصادق رحمه الله تعالى ، حيث يقول فيها عنه [ فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله ] !!!
وقبل الشروع في تسليط الضوء على ما في تلك اللفظة من سوء أدب إليكم نص الرواية كما رواها ثقة إسلامهم محمد بن يعقوب الكليني في كتابه ( الكافي ) ( 3 / 397 ) في باب ( اللباس الذى تكره الصلاة فيه وما لا تكره ) الحديث رقم ( 1 ) :[ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير قال : سأل زرارة أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وألبانه وكل شئ منه فاسدة لا تقبل تلك الصلاة حتي تصلي في غيره مما أحل الله أكله . ثم قال : يا زرارة هذا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاحفظ ذلك يا زرارة فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائزة أذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح فإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شئ منه فاسدة ذكاه الذبح أو لم يذكه].
والعجيب من غفلة علماء الإمامية عما تضمنته هذه الرواية من سوء الأدب بحق الصادق رحمه الله تعالى مع أن الكليني نفسه روى رواية أخرى تذم نسبة كلمة ( زعم ) إلى الإمام وذلك في كتابه ( الكافي ) ( 2 / 342 ):[ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن محمد بن مالك . عن عبد الاعلى مولى آل سام قال : حدثني أبو عبد الله ( عليه السلام ) بحديث ، فقلت له : جعلت فداك أليس زعمت لي الساعة كذا وكذا ؟ فقال : لا ، فعظم ذلك علي ، فقلت : بلى والله زعمت ، فقال : لا والله ما زعمته ، قال : فعظم علي فقلت : جعلت : فداك بلى والله قد قلته ، قال : نعم قد قلته أما علمت أن كل زعم في القرآن كذب ].
والذي يؤكد قبح نسبة هذه الكلمة للإمام ما يلي:
1- أورد محدثهم الحر العاملي هذه الرواية تحت عنوان (باب انه لا يجوز ان يقال للمؤمن زعمت وحكم اللقب والكنية الذين يكرهان ) في كتابه ( وسائل الشيعة ) ( 12 / 256 ).
2- يقول علامتهم محمد باقر المجلسي في كتابه ( مرآة العقول ) ( 10 / 343 ) عند شرحه لهذه الرواية:[ أقول: وإذا علمت ذلك ظهر لك أن الزعم إما حقيقة لغوية أو عرفية أو شرعية في الكذب ، أو ما قيل بالظن أو بالوهم من غير علم وبصيرة ، فإسناده إلى من لا يكون قوله إلا عن حقيقة ويقين ليس من دأب أصحاب اليقين ، وإن كان مراده مطلق القول أو القول عن علم فغرضه عليه السلام تأديبه وتعليمه آداب الخطاب مع أئمة الهدى و سائر أولي الألباب ].
ولذا من حق كل مسلم صادق في محبته لأهل البيت رضي الله عنهم أن يتوجه للإمامية بهذا السؤال:
كيف قبل علماء الإمامية هذه الرواية واعتمدوا عليها في أحكامهم الفقهية مع ما فيها من سوء أدب صريح من الراوي بحق الصادق رضي الله عنه حيث اتهمه بالكذب ؟!!!