لمن يريد الحقيقة اقول ان مشكلتنا اننا ننطلق من امور رأينا فيما مضى انها صواب وتشكلت هذه الامور في اذهاننا على شكل قوالب نقيس عليها ،،، فما وافقها كان صحيحا في نظرنا وفقاً لتلك القوالب وما خالفها كان غير صحيح وفقا لها
والمشكلة ان هذه القوالب والتي تشكلت في اذهاننا ليست بالضرورة هي الصواب ،،، إذ انها تشكلت وقت ان كان الانسان لم يكتمل بلوغة ولم تتشكل حصيلته والتي يستطيع ان من خلالها ان يميّز بين الصواب وغيره ،،، بل لعلها غُرست في أذهاننا غرسا وتلقفناها على انها صحيحه وقبل ان نستطيع التمييز
فأول امر ارى انه يجب ان يمحو من ذهنه من اراد مراجعة نفسه تلك القوالب ،،، وهي قوالب من رواسب الجاهلية اعطى القرآن إشارات تبين انها قواعد من الخطأ ان يأخذ بها المرء او ان يعلي من شأنها وهي قاعدة تتمثل في رابطة النسب او الدم ،،، وان من كان إبن فلان او زوج فلانه فإنه يكون له شأن بينما القرآن يؤكد غير ذلك ،،، فهاهو إبن نوح كان كافرا وهذا هو والد إبراهيم كان كافرا وهذه زوج نوح وزوج لوط كانتا كافرتين وهاهي زوج فرعون يثبت لنا القرآن انها كانت مؤمنة وان ضرب هذه الامثال لم تأتي في القرآن عبثا ،،، كما ان القرآن يؤكد ان اكرمنا عند الله اتقانا وليس إبن فلان او زوج فلانه
فيجب علينا اول ما يجب هو طرح هذا القالب المتأصل في النفوس حيث انه تشكل بحيث يكون هو الاصل الذي يُقاس عليه اي امر آخر فما وافقه فهو صح وما خالفه فهو باطل
ولنبحث في القرائن التأريخية الثابته ،،، فارى ان يتأمل المرء في سيرة وخلافة ابي بكر رضي الله عنه ،،، تاملا يكون مبتعدا عن تأثير ما اثير حوله من شبهات لا تصح ،،، فيتأمل المتأمل في سيرة ابا بكر الا في حال إعتلاءه للخلافة وفي قضية فدك ،،، فنحن لا نسلم بما يدّعيه البعض على ابي بكر رضي الله عنه من مزاعم ،،، فإن حصل وتأمل من اراد الحقيقة في باقي سيرته وسأل نفسه هذه الاسئلة وهي :
الاول :هل حين اسلم ابو بكر في بداية عهد الرسالة في مكة ،،، هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر عليه اي شيء من المغريات حتى يسلم ابا بكر ،،،، بمعنى هل كان رسول الله ذا مال حتى يطمع فيه ابا بكر او كان رسول الله ذا منصب حتى يطمع فيه ابابكر او هل كان لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من متاع الدنيا ما يجعل المرء يتبعه لاجل المتاع ...
ثانيا : مرت فترة الاسلام في العهد المكي بفترات تخللها حصار المسلمين في شعب ابي طالب وكذلك تعذيب المسلمين حتى ان بعضهم هاجر إلى الحبشة (حصلت هجرتين للحبشة) وبعضهم تعرض للتعذيب الشديد كبلال وآل ياسر وخباب على ما اظن ،،، فماذا كان موقف ابا بكر وليس هناك مطمع ولم يكن احدا يدور في خلده ان الاسلام سينتصر هذا الانتصار خاصة وهو في اول ايامه او سنواته ،،، فلو سأل المرء نفسه لماذا يكلف ابا بكر نفسه العناء بإتباع دين طلما هو سيكفر لأجل متاع الدنيا ،،، او بصيغة اخرى لماذا طلما نفسه تتلهف لمتاع الدنيا فلماذا يُسلم وطيلة العهد المكي لم يكن في اي مؤشر على مطمع في متاع من متاع الدنيا ،،، وحتى هذا متاع الدنيا فإننا لا نرى ان ابا بكر استكثر منه او حرص عليه حين تولى الخلافة
ثالثا : نقرأ في سيرته انه كان يشترى العبيد الذين يعذّبون ويعتقهم ،،، فلماذا يفعل هذا ،،، فإن كان يحب الدنيا ويحب متاعها ولديه الاستعداد لأن يكفر لاجلها ،،، فلماذا وهو في عهد لم يكن يظهر منه ان الاسلام سيكون له هذا الشآن نراه ينفق ماله في شراء العبيد وإعتاقهم وقاية لهم من تعذيب مشركي قريش لهم
رابعا : حين تولى الخلافة رضي الله عنه ،،، هل تراه استكثر من الاموال والمتاع ،،، او فعل ما يفعله الملوك ،،، هل تراه خرج او خالف امرا من امور الاسلام ،،، (طبعا دع قضية فدك لاننا من خلال هذا الاستقراء نريد ان نوجد قرائن لمعرفة هل موقفه من فدك صحيح ام انه غير صحيح ،،، وقد طلبت سابقا ان نترك قضية فدك)
خامسا : ابو بكر تسلم الخلافة وبايعه الصحابة وقد ارتدت العرب ومنع بعضهم الزكاة ،،، فمن الذي وقف مع ابي بكر في قتاله للمرتدين ومانعي الزكاة ،،، هل هم الصحابة ،،، وهل باعوا دينهم مثله ،،، وإن كان هو باع دينه لاجل الدنيا فلماذا يفعل الصحابة ذلك ،،، وما الثمن الذي قبضوه ،،، وهل عارضه احد ،،،
سادسا : إذا كان عارضه احد فمن هو ونريد خبراً مثباً لا قول إما ضعيف او يرتقي لصحيح ولكنه مرجوح ،،، وإذا كان لم يعارضه احد ،،، فإن إدعى احداً ان فلاناً او فلاناً لم يعارض لانه خشي على وحدة المسلمين او لانه ضعيف او خلاف ذلك فإن هذا يجب ان يثبت لنا بطريق صحيح صريح قوي ،،،، لان من قال ان الخلافة ليست لابي بكر فإن كل المسلمين او الغالبية العظمى منهم آنذاك يعارضونه في هذا وذلك استقراء من قتالهم مع ابي بكر للمرتدين ومانعي الزكاة ،،، وهذا ثابت إذا ما علمنا ان الذين وقفوا مع ابي بكر كثير وهم الذين قاتلوا المرتدين ومانعي الزكاة ،،، فلو ان احدا قال ان الخلافة إغتصبها ابا بكر فإن الغالبية العظمى من الصحابة (وبالاصح كلهم) وقفوا مع ابي بكر فيثبت لنا هنا ان من وقف مع ابي بكر كثير وبالتالي فلا يقبل في من طعن في صحة موقفهم الا بدليل لا يقبل الشك ،،، لانه لا يمكن قبول من خالفة الكثير الا بدليل لا يقبل الشك
واخيرا ،،،، فإن مواقف ابي بكر خلال سيرته هي قرائن تدل الى الحقيقة لمن يريدها وحين ننظر إليها بتمعن وتجرد مما ترسب في اذهاننا فإننا سندرك ان الامر ليس كما ذهب إليه الشيعة ،،، فعندما نأتي إلى موضوع إغتصاب الخلافة ونقيسها على انه لا دليل عليها صحيح صريح على هذا الزعم ويخالفه مواقف كل الذين وقفوا مع ابي بكر ثبت لنا الصواب وكذلك فإننا عندما نرى مواقف ابي بكر عبر تأريخه ندرك انه تعامل مع فدك بما يوافق الشرع