التعذيب بالنار وتبديل الجلود
[IMG]http://www.medicine4faith.net/Ar/wp-****************************/uploads/2010/08/burn3.jpg[/IMG] تعتبر الحروق من الإصابات الحادة التي يتعرض لها الإنسان وهي تحدث عند تعرض الجلد للحرارة المرتفعة كالنار المباشرة , التيار الكهربائي , المواد ذات الإشعاع أو السوائل و الأبخرة الساخنة , والحروق تكون بسيطة إذا أصابت الطبقات السطحية من الجلد , وتكون أكثر شدة كلما ازداد عمق الاحتراق في الجلد , و الألم الرهيب الذي تحدثه الحروق هو أهم أعراضها و بسببه يكون هناك توتر و هياج شديد للمصاب قد يعرضه إلي صدمة عصبية وإغماء , ومن المعروف طبيا أن آلام احتراق الجلد هي من أكثر الآلام إيلاما للإنسان وأكثرها زمنا في التأثير , حيث أنه يصعب التقليل من شدتها بالمسكنات التقليدية في معظم الحالات .
ولقد أشار القرآن الكريم إلي أن تعذيب الكافرين والمكذبين وعقابهم سيكون بالحرق بالنار , لأنها الأكثر إيلاما لهم وأشد تنكيلا بسبب عظيم جرمهم , قال تعالي في سورة النساء : ” إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذب إن الله كان عزيزا حكيما” ( آية 56) , وفي اللغة : صليت اللحم وغيره أي شويته وأصليت الرجل نارا أي إذا ألقيته فيها تريد إحراقه , ومعنى الآية كما ذكر المفسرون هو أن الكافرون الجاحدون لآيات الله سبحانه وتعالي سوف يشوون في النار وكلما احترقت جلودهم ( نضجت ) , أبدلهم الله غيرها ليتجدد الألم ويستمر الإحساس بشدته .
وإعجاز هذه الآية الكريمة له وجهان , الأول هو أن الله سبحانه وتعالي قد اختار لهؤلاء الكفرة والملحدين نوع التعذيب الذي يستحقونه وهو الإحراق بالنار , وذلك لأن هذا النوع من العذاب هو الأكثر إيلاما والأقوى تأثيرا عليهم , أما الوجه الثاني فهو تبديل الجلود بعد احتراقها لكي يستمر هذا الألم , وفي هذا إشارة إلي أن الجلد هو مصدر الإحساس بالألم وأن باحتراقه يختفي أو يقل هذا الإحساس ولذلك يكون تجديد الجلد سببا في تجديد الآلام .
إن العلم يقول أن التغيرات التي تحدث في البيئة المحيطة بالإنسان كالألم وتغيرات الحرارة كالسخونة أو البرودة , تعمل علي توصيلها إلي منطقة الإحساس بالدماغ مستقبلات متخصصة في الجلد وهي مستقبلات الألم ومستقبلات الحرارة , والتي تبث الإشارات العصبية الدالة علي الألم أو الحرارة من الجلد , ويلاحظ أن الألياف العصبية التي تخرج من هذه المستقبلات تسلك نفس المسار إلي الدماغ الذي يتولي إدراكها واتخاذ رد الفعل المناسب , فإذا أصيب الجلد بأي نوع من الألم أو الحرارة , حتى إذا كان الشخص غير منتبه أو نائم , نجد أن الشخص يسحب لاإراديا المكان المصاب بسرعة عن مصدر هذا الألم أو الحرارة , كما أن مستقبلات الحرارة تبث إشارات الألم عند ارتفاع درجة الحرارة , أي يكون هناك إحساس مزدوج بالألم وبالحرارة الشديدة وهذا يبين لنا سر اختيار التعذيب بالنار لهؤلاء الكفرة…
ولكن إذا احترقت هذه المستقبلات الجلدية باحتراق جميع طبقات الجلد ، فلا يشعرا لمصاب بالألم الشديد لأن الأنسجة التي تقع تحت الجلد أقل حساسية للألم , فهل كان هناك أحد في وقت نزول القرآن يعلم أن الجلد هو مصدر الإحساس بالألم في الجسم ؟ من كان يعلم أن الحروق هي أشد أنواع الإيلام ؟ من كان يعلم أن مع احتراق مستقبلات الألم عند احتراق الجلد يقل أو ينتهي الإحساس بالألم بحيث لا يمكن استعادة الإحساس بالألم إلا بتبديل الجلد ؟ أسأل الله سبحانه وتعالي أن يقينا وإياكم عذاب النار ..