المناظرة الثالثة
قال ابن عباس: دخلتُ على عُمَر في أوّل خلافته، وقد اُلقِيَ له صاعٌ من تمر على خصفة، فدعاني إلى الأكل، فأكلت تمرة واحدة، وأقبل يأكل حتّى أتى عليه، ثم شرب من جَرٍّ كان عنده، واستلقى على مِرْفقةٍ له، وطفق يَحْمَدُ الله، يكرر ذلك، ثم قال: من أين جئت يا عبدالله؟ قلت: من المسجد.
قال: كيف خلّفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبدالله بن جعفر.
قلت: خلّفتُه يلعبُ مع أترابه.
قال: لم أعنِ ذلك، إنّما عنيتُ عظيمكم أهل البيت.
قلت: خلّفُته يمتح بالغرْب على نخيلات من فلان، وهو يقرأ القرآن.
قال: عبدَ الله، عليك دماء البُدن إن كتمتنيها؟ هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت: نعم.
قال: أيزعم أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- نص عليه؟ قلت: نعم وأزيدك، سألت أبي عَمّا يدّعيه، فقال: صدَق.
فقال عمر: لقد كان من رسول الله -صلّى الله عليه وآله- في أمره ذَرْوٌ من قول لا يثبتُ حُجّةً، ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربَع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيْطة على الاسلام! لا ورّب هذه البنيّة لا تجتمع عليه قريش أبدا؟ ولو وليها لا نتقضتْ عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله -صلّى الله عليه وآله- أنّي علمت ما في نفسه، فأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم.
زعم المجلسي في كتابه "بحار الأنوار" أن ابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة"، قال: نقلت من كتاب "تاريخ بغداد" لأبي أحمد بن أبي طاهر، بسنده عن ابن عباس، قال: دخلت على عمر بن الخطاب في أول خلافته -وقد ألقي له صاع من تمر على حصفة - فدعاني للاكل، فأكلت تمرة واحدة:..فذكره.
قلت: اضطرب الرافضة في عزو هذه المناظرة الوهمية، فقال صاحب "بهج "الصباغة: روى الخطيب، عن ابن عباس قال: دخلت على عمر في أوّل خلافته، وقد ألقي له صاع من تمر على خصفة.
وكذلك قال عبد الزهراء مهدي صاحب كتاب "الهجوم على بيت فاطمة": روى الخطيب البغدادي وغيره ضمن رواية: أنّ عمر قال لابن عبّاس: يا عبد لله عليك دماء البدن إن كتمتنيها...
قلت: والجواب عن هذا من وجوه:
الأول: ابن طيفور صاحب "كتاب بغداد" المحقق باسم "بغداد في تاريخ الخلافة العباسية"، هو غير الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد.
الثاني: إن صح النقل من المجلسي عن ابن أبي الحديد فهي بداية التشكيك في النقل عن ابن طيفور، فكنية هذا الأخير، أبو الفضل لا أبو أحمد، وكتابه اسمه "كتاب بغداد" لا "تاريخ بغداد"، المحقق باسم "بغداد في تاريخ الخلافة العباسية" طبع منه الجزء السادس فقط.
الثالث: إذا كان ابن أبي الحديد اطلع على الكتاب بنفسه فلماذا لم ينقل الإسناد كاملا من ابن طيفور إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطابt؟
ذكر هذه المناظرة الوهمية كل من:
1- ابن أبي الحديد في كتابه "شرح نهج البلاغة".
2- الحسن بن يوسف المطهر الحلي في كتابه "نهج الحق وكشف الصدق".
3- أبو طالب التجليل في كتابه "تنزيه الشيعة الاثني عشرية عن الشبهات الواهية".
4- محمد تقي المدرسي في كتابه "الإمام علي".
5- نذير الحسني في كتابه "دفاع عن التشيع".
6- علي الشهرستاني في كتابه "الأدان بين الأصالة والتحريف".
7- الحاج حسين الشاكري في كتابه "من هو إمام زمانك".
8- صدر الدين القبانجي في كتابه "تاريخ التشيع الفكري والسياسي".
9- جعفر مرتضى الحسيني العاملي في كتابه "الحياة السياسية للإمام الحسن".
10- مهدي فقيه إيماني في كتابه "الإمام علي عليه السلام في آراء الخلفاء".
11- الحلي في كتابه "كشف اليقين".
12- أبو الحسن علي الأردبيلي في كتابه "كشف الغمة في معرفة الأئمة".
13- علي بن معصوم في كتابه "الدرجات الرفيعة".
14- المجلسي في "بحار الأنوار".
15- محمد الريشهري في "موسوعة الإمام علي في الكتاب والسنة والتاريخ".
16- هاشم البحراني في "حلية البرار".
17- محمد سعيد الطبطبائي في "رحاب العقيدة".
هؤلاء جميعا نقلوا المناظرة الوهمية عن ابن أبي الحديد بدون إسناد، مع أن المسألة تتعلق بالإمامة.
سؤال التحدي: أين الإسناد من ابن طيفور إلى عمر بن الخطاب يا رافضة حتى نصدقكم فيما تنقلونه؟
أمامكم من الوقت ما تبقى من زمن خروج عج عج للإجابة عن هذا السؤال، ولن تجيبوا عنه حتى يلج الجمل في سم الخياط.