من أسباب الزندقة في العبادة الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي من محاضرة : الانحراف في العبادات
فمن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق. حتى إن بعضهم يسميه العشق الإلهي، كما يقولون عن رابعة العدويه شهيدة العشق الإلهي، كما ذكر عبدالرحمن بدوي وأمثاله، فهؤلاء يعبدون الله تعالى بالحب فقط، ويقولون: لا نعبده طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره، إنما نعبده محبة لذاته حتى ولو كان مصيرنا إلى النار، عياذاً بالله! ويبنون على هذه المحبة أن الله لا يعذبهم، ويقولون: إن الحبيب لا يعذب حبيبه!!
وهؤلاء كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عمن قبلهم: ( وقال اليهود والنصارى نحن ابناء الله واحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق) [المائدة:18] فدعوى أن الإنسان إذا أحب الله فإن الله لا يؤاخذه هي دعوى الزنادقة الذين كانوا في القرن الثاني وأول القرن الثالث، ومن تتبع وقرأ سير أئمة التصوف الكبار والمشهورين كـالجنيد أو النوري أو الكرخي أو ذي النون المصري لوجد أنهم كانوا متهمين بالزندقة -والعياذ بالله- سواء صحت أم لم تصح؛ لأنهم كانوا يتدينون بهذا الدين، وهو من بقايا الرهبانية النصرانية وهي مأخوذة عن رهبانية الهندوس، الذين غلوا في المحبة، وادعوا أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحبهم ويحبونه، وإذا فعلوا ذلك فلا حرج عليهم كما ينسبون إلى رابعة
أحبك حبين حب الهوى وحب لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له فكشفك للحجب حتى أراك
فينقلون هذا الكلام عن أولئك العباد الذين اتهموا بالزندقة كما قال ابو داوود رحمه الله قال: ورابعه رابعتهم في الزندقة، وكان قد ذكر حيان الجريري ورياح بن عمرو القيسي وأبو حبيب ثم قال : ورابعه رابعتهم على الزندقة الزندقة، والمقصود أن من عبد الله بالحب وحده أو ادعى ذلك أو زعمه، فإنه زنديق.
ومن اعتقد ذلك فقد أزرى بالأنبياء، وقد أزرى بالصحابة الكرام الذين كانوا يعبدون الله خوفاً وطمعاً، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما روى عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وهو من أكثر الصحابة خلطة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول كان أكثر دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) والله تعالى يقول عن أولئك الأنبياء: ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا) [الأنبياء:90] وقال: (اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه) [الإسراء:57].
وتفسيرها هو أن أولئك المدعوين والمعبودين الذين يدعوهم المشركون هم عباد يعبدون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويبتغون هم أنفسهم إلى ربهم الوسيلة، ويرجون القرب، ويرجون رحمة الله ويخافون عذابه سواء كانوا من الملائكة أو من الأنبياء أو من الصالحين، فإذا كان هذا حال المدعوين؛ فكيف يكون حال الداعين؟! فيجب عليهم أن يتوبوا وأن يستغفروا الله تبارك وتعالى؛ كما قال تعالى: ( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) [آل عمران:31].
فمن ادعى محبة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وجب عليه أن يطيعه باتباع رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه هي آية الامتحان كما قال بعض السلف : [[ ادعى قوم محبة الله، فأنزل الله تعالى آية الامتحان ( قلن ان كنتم تحبون الله فاتبعوني ) آل عمران:31] ]] فهذا جواب الشرط المقترن بالفاء "فإن كنتم تحبون الله فاتبعوني"، ثم جعل جواب الشرط شرطاً له جواب آخر حيث قال: (فاتبعوني يحببكم الله) [آل عمران:31].
فالمقصود أن محبة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا تعطى لكل من زعم أنه يحبه، وإلا فعبّاد الهندوس يحبون الله، وعباد النصارى يتقربون ويدعون ويبكون ويخشعون ويقولون: (نحب الله)، لكن هل الله يحبهم؟ هذا هو الأهم. شرط حصول محبة الله أن يكون العبد متبعاً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومؤمناً به، فمن كان كافراً به، ومن كان يدعي الانتساب إليه أو أنه من أمته ولكنه لا يعبد الله كما شرع لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالدعوى باطلة .
من موقع الشيخ سفر الحوالي محاضرات عامة الخلاف في اهل الوعيد الانحراف في العبادات من اسباب الزندقة في العبادة .