وداعاً أيها المجاهد عبدالعزيز الرنتيسي، سلام عليك وعلى إخوانك الذين سبقوك إلى الإيمان والمجد، بلّغ سلامنا شيخك وأستاذك المجاهد البطل الشيخ أحمد ياسين، عسى الله أن يجمعك به وسيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب وبذلك الموكب المبارك ممن قُتل في سبيل الله، وذُبح لترفع لا إله إلا الله، وهذا طريق العبودية التي ضرّجها بالدم عمر وعثمان وعلي والحسين وسعيد بن جبير.
أستودعك الله -يا عبدالعزيز- الذي لا تضيع ودائعه، وما عند الله خيرٌ وأبقى، لقد ذهبت بصفقة رابحة، وكفة راجحة، ونجوت من رؤية واقعنا المرير، وحالنا المزري، وهزائمنا المتتابعة.
سَلِمتَ من تجرع الغصص التي يتجرعها كل مسلم صباح مساء، من رؤية الكافر وقد عربد وتجبّر وساد، ومن رؤية المسلم وهو في غربةٍ ووحشةٍ وذِلة.
سافِر أيها النجم الصاعد، والبطل الصامد، والعلم المجاهد، سافِر إلى ديار المحبين، ورياض الصالحين، ومغاني الأبرار، وربوع الأخيار.
سافِر لتكون شاهداً عند الله، أن هذه الأمة مهما أُهينت وأُبيدت ومُزِّقت وسُحِقت وأُحرِقت، مهما حصل لها من قهر وإذلال وتركيع وإهانة لا تزال ولودةً منجبة، كريمة معطاءة، في أصلابها رجال سوف يعيدون الحق إلى أربابه، والسيف إلى نصابه.
أبداً لم يكتب على هذه الأمة الفناء، فبذور الحياة مدفونة في تربة تاريخها حتى ينـزل الله غيث فجرها وفرجها، فتُنِبت أشجارها وتطلع ثمارها، لن تموت أمة محمد صلى الله عليه وسلم أبداً؛ لأنها الأمة الشاهدة والقائمة والخاتمة والمؤتمنة والحاملة للميثـاق، والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، لن تموت أمة الإسلام لأنها الموعودة بالخلافة، المهيأة لقيادة البشرية، المرشحة لإصلاح الإنسانية، المعدّة بعناية إلهية لعمارة الأرض، وإنما الموت والخزي واللعنة لإخوان القردة والخنازير، قتلة الأنبياء، أعداء الله وأعداء الخليقة.
لتقر عينك يا (رنتيسي)، نم هنيئاً فقد برئت ذمتك، فنصرت دينك، ورفعت رأس أمتك، وخلفك جيل أقبل يملأ المساجد ويحفظ القرآن، يعاهد الله على البذل والتضحية والفداء.
وقريباً سترانا في زحوف وصفوف، حيث نصلي لله في المسجد الأقصى ونعفِّر أنوفنا لربنا في أرض الإسراء .
قادمون حيث يقترب الصبح: (أليس الصبح بقريب) ؟!