جُزُر القمر.. هذه الدولة الصغيرة، تعدّ إحدى الدول العربية التي لا يسمع عنها المرء كثيرًا، سواء في تحليلات المحلِّلين أو المراقبين، حتى التمديد لرئيسها أخيرًا أحمد عبد الله سامبي يوم 26 إبريل الماضي لم يسمعْ عنه أحد، ولم تتناوله صحيفة أو فضائية، على الرغم من مرور ثلاثة أشهر على هذا التمديد الرئاسي.
وكعادة الحُكَّام العرب، كان حال الرئيس سامبي، حيث نجح بنسبة كبيرة، كانت مطلقةً بالطبع، نتيجة لعدم منافسته من أي مرشح آخر، فضلًا عن حب الجماهير له والتمسك به، باعتباره الملاذ الآمن، والحامي للبلاد، على حد "نغمة" الإعلام العربي الدائمة لدعم الرؤساء من ذوي النفوذ وامتلاك السلطة والمال.
التجديد بدأ عبر الاستفتاء الشعبي باستمرارية رئيس الدولة ونوَّابه في سلطاتهم وصلاحياتهم، في الوقت الذي تحدَّث فيه البعض على استحياء عن الطعن في الطريقة التي جرى بها الاستفتاءُ وعدم ديمقراطيته، وأنها سَعَتْ إلى قَلْب الحقائق وتزييف الأمور.
والمتتبِّع للشأن القمري يلاحظ أن دستور جزر القمر لعام 2001 نصَّ على دورية الرئاسة وتناوبها بين الجزر، إلا أن التوافق الدستوري الذي حصل في ذلك الحين من أجل توحيد البلاد لم يأخذْ بعَيْن الاعتبار الوضعَ المادي الصعب للجُزُر ولا استحالة تطبيق بعض مواده، خاصَّة تلك المتعلِّقَة بالمهل القانونية ومدة الرئاسات الأربع وعدم تجانُسِها والتكلفة المرتفعة لممارسة أربعة انتخابات برلمانية ورئاسية.
*التقارب الإيراني:
وتتَّهم الأوساط السياسية الرئيس سامبي باعتناق المذهب الشيعي سرًّا والسعي لنشره في الدول العربية السنِّيَّة، مستعينًا بمبدأ يسمى بـ "التقية" الشيعي الذي يسمح بإظهار ما يخالف الحقيقة إذا ما كانت هناك ضرورة لذلك.
ويؤكد القمريون أن سامبي أقام لفترة في دبي وكان يؤدي الصلوات في المسجد الشيعي (الحسينية) المواجِه للمستشفى الإيراني بمنطقة الجميرا، كما تؤكِّد المواقع الإلكترونيَّة للملالي اعتناق رئيس جزر القمر المذهبَ الشيعي، وأن سامبي يعتبر أحد أبرز رجال الدين الأجانب من القارة الإفريقية ممن تتلمذوا على يد المرجع الديني محمد تقي المدرسي طوال سنوات في حوزة الإمام القائم، "وذلك بعد أن (استبصر) على يد سماحته، وانتقل من المذهب السني إلى مذهب أهل البيت، وتحوَّل بذلك إلى مبلغ كبير للتشيُّع في جُزُر القمر".
ويرى مراقبون أن الأسباب التي تدعو معارضي سامبي لاتِّهامه بالتعاطُف مع إيران, وربما التشيُّع, كثيرة.. أولها طريقة لباسه قريبة الشبه برجال الدين الإيرانيين, ثانيًا اهتمامه الشخصي بالعلاقات مع إيران حتى إنه عين قريبًا له سفيرًا لبلاده في طهران، وأخيرًا إشرافه بشكل شخصي على الأنشطة الإيرانية في بلاده حتى إن المركز الطبي الإيراني بدأ نشاطَه دون اللجوء لوزارة الصحة للحصول على ترخيص أو موافقة.
ويرى مراقبون أن وجود الإيرانيين, وقيامَهم بأنشطة مختلفة داخل الدولة القمرية لم يكن مألوفًا قبل فوز سامبي بالانتخابات الرئاسية عام 2006, وقدوم وفد إيراني كبير رفيع المستوى مكوَّن من 53 شخصًا بينهم ثلاثة وزراء وعدد من رجال الدين لتهنئتِه.
ويربط سياسيون بارزون -حسب بعض التحليلات- في جزر القمر الوجود الإيراني بتعاطف الرئيس سامبي مع طهران، والتي تلقَّى فيها علومًا دينية في فترة شبابه, والأنباء التي تؤكِّد اعتناقه سرًّا للمذهب الشيعي.
وينحصر الوجودُ الإيراني في جزر القمر حاليًا في أربعة مجالات أخطرُها مؤسسة الرئاسة, حيث تتولَّى عناصر إيرانية مسئولية الإشراف على تأمين الرئيس أحمد عبد الله سامبي, كما أن هذه العناصر مسئولة عن تأمين الرئيس داخل الدولة وفي الرحلات الخارجية التي يقوم بها أيضًا.
إضافةً إلى ذلك أقامتْ إيران مركزًا طبيًّا تابعًا للهلال الأحمر الإيراني ومكانه في العاصمة بجوار السفارة الليبية وأمام فندق لو موروني, ومركزًا ثقافيًّا بوسط المدينة, ومركزًا آخر للمساعدات الإنسانية واسمه رسميًّا لجنة إمداد الإمام الخميني في جُزُر القمر المتحدة ومقرُّه على الطريق الرئيسي المؤدي لمطار العاصمة.
ويدور النشاط الرئيسي للمركز الطبي حول تقديم أشكال الرعاية الصحية لأفراد الشعب القمري مجانًا، أما لجنة إمداد الخميني فتقوم بأنشطة إنسانية مختلفة أهمها تنظيم دورات تدريبية مدتها ثلاثة أشهر لتعليم الشباب القمري الحرف المختلفة (نجارة كهرباء, خياطة) وكيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر.
أثارتْ بعض الأنشطة التي يقوم بها المركز الثقافي الإيراني غضب علماء الدين في جزر القمر بعد أن لمحوا فيها محاولات لنشر المذهب الشيعي في البلاد.
*معارضة سنيَّة:
وتذكُر بعض المواقع الإلكترونية العربية أنه في شهر فبراير 2007 اجتمع 60 من علماء السنة في العاصمة موروني ودعوا إلى حظر ممارسة الشعائر الشيعية في الجُزُر.
جاء هذا الاجتماعُ بعد أيام من إحياء بعض القمريين, للمرة الأولى في جزر القمر, ذكرى مقتل الإمام الحسين في يوم عاشوراء بشكلٍ علنِيّ.
ويطالب العلماء الذين تجمَّعُوا في مدرسة قرآنية في موروني وعلى رأسهم قاضي قضاة العاصمة بطَرْد الأجانب الذين يساعدون على نشْر المذهب الشيعي في جزر القمر، ويطالبون الرئيس سامبي بحماية الشعائر السنية, إلا أن القرار السيادي كان بالإبقاء على المركز الثقافي والحَدّ من نشاطه بما لا يثير حفيظة المعترِضين.
ولا يزالُ رجال الدين السنيين في جُزُر القمر ينظرون بتوَجُّس لأنشطة المؤسسات الإيرانية العاملة على أرْض الدولة غير مقتنعين بأن الأهداف الحقيقية إنسانية بحتة وبعيدة عن نشر المذهب الشيعي في البلاد.
*سامبي في سطور:
وسامبي ولد في موتسامودو، عاصمة جزيرة إنجوان عام 1958، وكان والده داعية ومدرس قرآن، وأتَمَّ دراستَه الثانوية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في السعودية بين 1977 و1980، ثم درس لمدة سنة في السودان، قبل أن يلتحق لمدة أربع سنوات بمدرسة فقهية في إيران.
ولدى عودة سامبي إلى جُزُر القمر، في عام 1986 عمل مرشدًا دينيًّا، وهو من مؤسسي "حزب الجبهة الوطنية للعدالة" الذي أيَّد ترشيحَه من دون أن يشغل فيه أي منصب.
وكان سامبي اكتسب خبرة وجيزة في السياسة، في عام 1996 حين انتخب نائبًا لمدة سنة ونصف سنة، ورئيسًا للجنة القوانين في البرلمان، وعلى الرغم من افتقارِه إلى الخبرة السياسية، فقد تولى مقاليد البلاد، بالطُّرق التي اعتاد عليها الحكام العرب.
هذا هو مبنى مركز التبيان العلمي والثقافي التابع لإيران الصفوية بجزر القمر.
هذا هو الباب الرئيس لمستوصف جمعية الهلال الأحمر التابع لإيران الصفوية في جزر القمر.
هذا هو المدخل الرئيس للجنة إمداد الخميني الهالك لمستوصف جمعية الهلال الأحمر بجزر القمر.
سامبي لا تهمه مصلحة بلده بقدر ما يهمه نشر المذهب الشيعي الرافضي، وخير دليل على ذلك هذه الصورة المزرية -التي تعبر على الإهمال المطلق- للإدارة العامة للأمن الوطني.
هذا هو المدخل الرئيس للإدارة.
كما تشاهدون على الصورة آثار الردم للحوزة العلمية التابعة لإيران والذي قام به شباب وشياب قرية "أوزييو" رفضا منهم للمذهب الشيعي الرافضي أن يكون فوق أراضيهم.