ومنها قوله تعالى(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةًكَشَجَرةٍطَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِيالسَّمَاءتُؤْتِيأُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَاوَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )إبراهيم،
فشبه سبحانه وتعالى،الكلمة الطيبةبالشجرة الطيبة،لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح،والشجرة الطيبة تثمرالثمر النافع،
وفي تفسير علي بن أبيطلحة،عن ابن عباس قال،كلمة طيبة شهادة أن لا إله إلا الله،كشجرة طيبة وهوالمؤمن،أصلها ثابت قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن،وفرعها يرفع بها في السماء،هذامثل الإيمان فالإيمان الشجرة الطيبة وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاصفيه وفرعه في السماء خشية الله،من الأعمال الصالحة الصاعدة إلى السماء ولا تزال هذه الشجرة تثمرالأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب،
فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها واتصف قلبه بها ،فعرف حقيقة الإلهية التييثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه،
فلاريب أن هذه الكلمة من القلب على اللسان، لا تزال تؤتي ثمرتها منالعمل الصالح الصاعد إلى الله،
قال تعالى(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب ،وأن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملا صالحا كل وقت ( فهذه الكلمةالطيبة هي التي رفعت هذا العمل ،أصلها ثابت راسخ في قلبهوفروعها متصلة بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت ،
ومن السلف من قال إن الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمرالصحيح،
وقال عطية العوفي في قوله(ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة)
قال ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى الله،
وقال الربيع بن أنسأصلها ثابت وفرعها في السماءقال ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك لهأصلها ثابت قال أصل عمله ثابت في الأرض وفرعها في السماء،
ومن قال من السلف إنها شجرة في الجنة، فالنخلة من أشرف أشجار الجنة،
حكمة تشبيه المؤمن بالشجرة،فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر، فكذلكشجرة الإيمان والإسلام،فعروقها العلم والمعرفة،واليقين،
وساقها الإخلاص،وفروعها الأعمال،وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحةمن الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى، وعلى غرس هذه الشجرة وثبوتها في القلب،
فإذا كان العلم صحيحاً مطابقاً لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به،لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله والإخلاص قائم في القلبوالأعمال موافقة للأمر والهدي،مشابه لهذه الأصول علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء،
وإذا كان الأمربالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوقالأرض ما لها من قرار،
أن الشجرة لا تبقى حية إلا أن تسقيها وتنميها فإذا قطع عنهاالسقي أوشك أن تيبس فهكذا شجرة الإسلام في القلب،إن لم يتعاهدها صاحبهابسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر،وإلا أوشك أن تيبس،
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبيهريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه(إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبك)
فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك،وتعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقاتوعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده،وجعلها مادةلسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم،
فالمؤمن دائماً سعيه في شيئينسقي هذه الشجرة وتنقية ما حولها فبسقيها تبقى وتدوم وبتنقية ما حولها تكملوتتم،