رحيل أهل السنه ....
كم هي نعمة عظمى أن يجد المرء إخوانا له، وإن تباعدت ديارهم يدعون إلى ما يدعو إليه من حسن الاعتقاد والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيزيده ذلك فرحا واغتباطاً، لأنه يعلم أن هذا هو السبيل الأوحد لنصرة الدين ونجاة الأمة من الضياع والانحدار.
قال ابن القيم: "فإذا ظفرت برجل واحد من أولي العلم، طالب للدليل محكم له، متبع للحق حيث كان وأين كان، ومع من كان، زالت الوحشة، وحصلت الألفة، ولو خالفك فإنه يخالفك
قال حماد رحمه الله: حضرت إلى أيوب السختياني وهو يغسل شعيب بن الحبحاب وهو يقول: "إن الذين يتمنون موت أهل السنة يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون".
قال سفيان الثوري رحمه الله: "إذا بلغك عن رجل بالمشرق وآخر بالمغرب فابعث لهما بالسلام وادع لهما، ما أقل أهل السنة".
وقال الإمام أحمد: "أحبوا أهل السنة على ما كان منهم".
قد كان السلف رحمهم الله يستبشرون خيرا لمن مات على السنة ويرجون له خيرا عند الله سبحانه وتعالى، لأنهم يعلمون أن من تكرمة الله لعبده أن يقبضه وهو من المتبعين للسنة لم يحدث بدعة وضلالاً،
قال عون رحمه الله: "من مات على الإسلام والسنة فله بشير بكل خير".
وقال معتمر بن سليمان: "دخلت على أبي وأنا منكسر. فقال: ما لك؟ قلت: مات صديق لي. قال: مات على السنة؟ قلت: نعم. قال: فلا تخف عليه".
وقال أيوب: "يا عمارة إذا كان الرجل صاحب سنة وجماعة فلا تسأل عن أي حال كان فيه"
إن منتهى الفجيعة أن تفقد الأمة شابا ملتزما بالسنة في قوله وفعله، جعل همه الأكبر، وهمته العليا الدعوة إليها في كل محفل واجتماع.
وإن الفاجعة لتعظم وتشتد إذا كان الراحل عن هذه الدنيا عالما أو شيخا من ورثة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، تنكشف به الأهواء وتندحر به الخصوم.
إن ذهاب أهل العلم الملتزمين بالسنة لهو أعظم الفجائع وأشد المصائب، فبذهابهم يذهب العلم وينقص، وتخور القوى وتضعف الأمة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"،
فإلى الله نشكو، ففي كل يوم يأفل نجم عظيم ينير للأمة طريقها، ويذهب نوره، في وقت نحن أحوج فيه إلى ذبالة نور.
اللهم أحينا على السنة سعداء، وأمتنا على السنة شهداء، وجنبنا سبل الأشقياء، واختم لنا بالصالحات، وأمتنا ميتة حسنة.
لا تنسونا من صالح دعائكم