العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية > الرد على شبهات الرافضة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-08-17, 02:48 AM   رقم المشاركة : 1
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


Post شبهة رفع المصاحف وقضية التحكيم بين علي ومعاوية رضى الله عنهما


قَالَ ذِو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ:

۩ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) ۩ سورة الفتح.


من أشد آيات كتاب الله الكريم نكاية بالرافضة



طالع هنا:
ليغيظ بهم الكفار أدركوا أنفسكم وأهليكم يا رافضة

وهنا:
نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم




إلى رافضة الدين والحق والنقل والعقل،

إلى من غلبت عليهم شقوتهم، وضلوا عن علم، وهلكوا عن بينة، فوقعوا في صفوة الله من خلقه بعد الأنبياء والمرسلين – عليهم الصلاة والسلام، وخيار أهل الملة ممن كان لهم شرف صحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:

وهو القائل:
«لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ»
متفق عليه.
أخرجه الإمام/ البخاري في صحيحه، كِتَابُ المَنَاقِبِ، بَابُ: قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا»، ج5 ص8 ح رقم: (3673)،
والإمام/ مسلم في صحيحه، 44 – كِتَابُ: فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، 54 – بَابُ: تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، ج4 ص1967 ح رقم: 221-(2540).


ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ ۩۞۩ ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ


من الافتراءات الباطلة التي طالما عوت بها الرافضة وروجت لها للطعن في الصحابة رضى الله عنهم وأرضاهم،

شبهة: رفع المصاحف وقضية التحكيم بين علي ومعاوية – رضى الله عنهما وأرضاهما.


والرد عليها من وجوه:


أولاً: شبهة رفع المصاحف.


1- من حيث الإسناد، فإن جميع روايات رفع المصاحف لا تثبت سنداً.

والصحيح الثابت:
ما ثبت بإسناد صحيح في مسند أحمد والمصنف لأبي شيبة والسنن الكبرى للنسائي وغيرهم، وله شاهد في «الصحيح».
وليس في ذلك أنهم رفعوا المصاحف وغاية ما فيها:
أن سيدنا/ عمرو بن العاص طلب من سيدنا/ معاوية أن يرسل بمصحف إلى علي ليتحاكموا إليه فأجاب علي - رضي الله عنهم وأرضاهم



2- جميع الروايات (ما خلا روايتين) والواردة في تاريخ الرسل والملوك، للإمام/ الطبري – رحمه الله، التي تحكي معركة صفين
من طريق رجلين
(أ‌) أبي مخنف لوط بن يحي، وهو شيعي محترق.
(ب‌) يحيى بن أبي حية الكلبي (أبو جنابٍ الكلبي) شيعي متروك.

أما الروايتين الأخريين:
أحداهما:

من طريق أبو بكر الهذلي البصري (سلمى بن عبد الله)– وهو اخباري متروك
والثانية:
رواية ابن شهاب الزهري، وبها علتان:
1- الانقطاع في الإسناد بينه وبين صعصعة بن صوحان،
2- نكارة المتن.



3- تناقض روايات أبو مخنف، في شأن دور القراء، إثبات أنها فرية تاريخية اخترعها الإخباريون الشيعة.



4- وأما أصحاب الكتب التي ذكرت الرواية فليس بينهم وبين أصحاب هذه الواقعة إسناد متصل إليهم بنقل العدل الضابط عن مثله!! ومستندهم في النقل هو روايات تاريخ الطبري!!
على سبيل المثال:
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، للإمام/ جمال الدين بن الجوزي – رحمه الله، ت 597هــ.
كتاب: الكامل في التاريخ، للإمام/ ابن الأثير – رحمه الله، ت 630هــ.
كتاب: البداية والنهاية، للإمام/ ابن كثير – رحمه الله، ت 774هــ.


ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ ۩۞۩ ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ



ثانياً: قضية التحكيم بين سيدنا/ علي وسيدنا/ معاوية – رضى الله عنهما وأرضاهما.

خلاصة الرد:

◄ ثبت زيف الرواية التي اشتهرت في التحكيم والتي تطعن في عدالة أبي موسى وعمرو بن العاص؛ إذ إنها رواية مكذوبة، ففي سندها راويان ضعيفان وليسا بثقة وهما:
أبو مخنف لوط بن يحيى، وأبو جناب الكلبي، هذا من ناحية السند،
أما من ناحية المتن فإننا نلحظ كذبها بوضوح إذ إن الحكمين كانا مفوضين للحكم في الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما كما هو معلوم - ولم يكن الخلاف بينهما حول الخلافة ومن منهما أحق بها.

◄ إن عزل أو تثبيت كل من علي ومعاوية رضي الله عنهما من خلال الحكمين أمر مستبعد؛ إذ إن العزل في حق معاوية هنا وقع في غير محله؛ حيث لم يكن للحكمين أن يعزلا معاوية، وعما يعزلاه؟!


◄ إن القول بأن عمرو بن العاص خدع أبا موسى الأشعري قول لا يرقى إلى أدنى درجات الصحة، فضلا عن أعلاها؛ ذلك أن شخصية أبي موسى الأشعري كانت هذه الشخصية العالمة بل الراسخة في العلم الواعية العاقلة، ولم يكن كما يدعي المدعون بهذه السذاجة وذاك البله، فلقد أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا، وكان هو المعلم والمفتي والقاضي يقول الأسود بن يزيد:
"لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوْسَى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا".


◄ كان عمرو - رضي الله عنه - رجلا أمينا مؤمنا لا يخدع مسلما ولا يخون، وكيف يخدع أو يخون، وهو من أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان في قوله:
«أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ»
وبه تبطل هذه القصة متنا بعدما بطلت سندا مما يرد الشبهة كلية.


◄ إن وجود الرواية الصحيحة من الأهمية بمكان ونحن نفند الرواية المكذوبة؛ إذ إن ما حدث كما يحكيه عمرو بن العاص،
فيقول:
"قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا، ولكن قلت لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راض عنهم، قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: "إن يستعن بكما ففيكما معونة، وإن يستغن عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما..." ولعل هذا ما يرتاح إليه القلب والعقل لأنه المؤمل في القوم الذين أثنى الله - سبحانه وتعالى - عليهم وأثنى عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم.


◄ إن المنقب في حياة أبي موسى الأشعري وكذلك عمرو بن العاص ليشهد بنفسه أن ما يحاول أن يلصقه بهما المغرضون محال عليهما؛ إذ كل منهما رضي الله عنهما يتميز بميزات خاصة وفضائل جمة وأخلاقيات عظيمة؛
وها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يستمع إلى قراءة أبي موسى للقرآن ويثني عليها، وها هو عمر - الملهم - يثني على أبي موسى الأشعري وذلك حينما سأل عنه أنس فأخبره أنه يعلم الناس القرآن،
فقال عمر:
"أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ"
فهل من المعقول أن يوصف مثل هذا الرجل بالبله؟!


◄ ثم إن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قد أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم.
وقال عنه:
«إِنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ»،
ولذا نجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره على الجيش في غزوة ذات السلاسل وكان النصر من الله تعالى على يديه، ثم إننا نتساءل:
كيف يخدع عمرو بن العاص المسلمين ولمصلحة من؟!
وهو من عرض عليه المال في مظانه،
فقال:
«يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أُسْلِمْ لِلْمَالِ، إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَكَ»،
ولا يعقل أن يخدع إنسان من أجل شيء آخر غير المال، وهو من أقوى الأدلة على بطلان هذه الشبهة؛ إذ كيف لا يشتري دنياه بآخرته، ويفضل الآخرة وحدها خالصة لله، ثم يدعي هؤلاء أنه يبيع آخرته بدنيا غيره؟!!


ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ ۩۞۩ ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ


يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ اُنْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ.









التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» حديث: فأعرضوه على القرآن، وضعته الزنادقة، ويدفعه حديث: "أوتيت الكتاب ومثله معه"
»» إمام الرافضة يقول: وعصيتك بفرجي - هل يقصد الزنا أم عمل قوم لوط
»» الشذوذ الفكري والانحراف العقائدي وكذب وتدليس الرافضي/ الخزرجي8
»» الرافضي/ الاشتر النخعي 55 - هل سقطت العصمة المطلقة للأنبياء بدين الرافضة أم لا
»» الضمان الإلهي لأنفسنا ولـ: (أزواجنا وذرياتنا) من بعدنا بالتقوى
 
قديم 05-08-17, 02:49 AM   رقم المشاركة : 2
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


أولا: الرد على شبهة رفع المصاحف.


أولا: شبهة رفع المصاحف:

1- من حيث الإسناد، فإن جميع روايات رفع المصاحف لا تثبت سنداً،

والصحيح الثابت
:


ما ثبت في مسند أحمد والمصنف لابن أبي شيبة وغيرهم، من حديث حبيب بن أبي ثابت وله شاهد في صحيح البخاري وليس في ذلك أنهم رفعوا المصاحف وغاية ما فيها أن سيدنا/ عمرو بن العاص طلب من سيدنا/ معاوية أن يرسل بمصحف إلى علي ليتحاكموا إليه فأجاب علي - رضي الله عنهم وأرضاهم.


روى الإمام/ أحمد، بسند صحيح عن حبيب بن ابي ثابت
قال:
قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي مَسْجِدِ أَهْلِهِ أَسْأَلُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّهْرَوَانِ، فِيمَا اسْتَجَابُوا لَهُ، وَفِيمَا فَارَقُوهُ، وَفِيمَا اسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ،
قَالَ:
كُنَّا بِصِفِّينَ فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الشَّامِ اعْتَصَمُوا بِتَلٍّ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: أَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ بِمُصْحَفٍ، وَادْعُهُ إِلَى كِتَابِ اللهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَأْبَى عَلَيْكَ، فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ، لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ، وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: 23] ،
فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ ....،


رواه أحمد في مسنده – تحقيق العلامة/ أحمد شاكر، ج12 ص399 برقم: (15917)
قال:
إسناده صحيح، ويعلى بن عبيد: هو الطنافسي، ثقة حافظ إلا في الثوري وعبد العزيز بن سياه وثقوه وله في الصحيحين، وحبيب بن ابي ثابت ثقة فقيه جليل، وأبو وائل شقيق ابن سلمة مثله.
والحديث رواه البخاري في تفسير: ۩ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ۩، ومسلم ج3 ص1411 ح رقم: (1785).
الرابط:
http://waqfeya.com/book.php?bid=619


ورواه الإمام/ أبو بكر بن أبي شيبة، في مصنفه ج7 ص558 برقم: (37914)، والإمام/ النسائي في "السنن الكبرى" ج10 ص262 رقم: (11440)، والإمام/ أبي عوانة في مستخرجه، ج4 ص297 برقم: (6802)، والإمام/ ابن كثير، في جامع المسانيد والسنن، ج4 ص89 برقم: (4936)، والإمام/ ابن أبي عاصم، مختصراً في الآحاد والمثاني، ج3 ص456 برقم: (1912).


وله شاهد في «الصحيح»
وليس فيه رفع المصاحب ولا إرسال مصحف وإنما فيه إيحاء لذلك وهو قوله: (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ).


أخرجه الإمام/ البخاري في صحيحه في تفسير: ۩ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ۩، ج6 ص136 ح رقم: (4844)،




هذه هي الرواية الصحيحة الثابتة، في قصة رفع المصاحف.

ولا يقول أحد بمعارضة الصحيح الثابت بالضعيف المنكر إلا واتهم في عقله



ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ ۩۞۩ ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ



2- جميع الروايات (ما خلا روايتين) والواردة في تاريخ الرسل والملوك، للإمام/ الطبري – رحمه الله، التي تحكي معركة صفين مدارها على رجلين:

(أ) أبي مخنف لوط بن يحي، وهو شيعي محترق.

(ب) يحيى بن أبي حية الكلبي (أبو جنابٍ الكلبي) شيعي متروك.


وأحرى بنا أن نُذكر بما قاله الإمام رحمه الله في مقدمة كتابه موضحاً منهجه فيه:

يقول الإمام الطبري في مقدمة تاريخه:
وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رُوِّيتُ من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مُسْنِدُها إلى رواتها.
فما يكن في كتابي هذا من خير ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه.
من أجل أنه لم يعرف له وجهـًا من الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يُؤْتَ في ذلك مِن قِبَلِنَا وإنما أتِيَ مِنْ قِبَل ناقليه إلينا ، وإنا إنما أدَّيْنا ذلك على نحو ما أدِّيَ إلينا.


إن الإمام الطبري بهذه المقدمة التي قدم لكتابه ألقى العهدة عليك أيها القارئ فهو يقول لك:
إذا وجدت في كتابي هذا خبرًا تستشنعه ولا تقبله فانظر عمن رُوِّيناه والعهدة عليه، وعليَّ أن أذكر من حدثني بهذا، فإن كان ثقة فاقبل وإن لم يكن ثقة فلا تقبل.




(أ‌) الروايات من طريق الشيعي/ أبو مخنف لوط بن يحيى.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال (ج3 ص419)، ترجمة رقم 6992 ما نصه:
لوط بن يحيى، أبو مخنف، إخباري تالف، لا يوثق به.
تركه أبو حاتم وغيره.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بثقة.وقال مرة: ليس بشئ.
وقال ابن عدى: شيعي مُحترق، صاحب أخبارهم.


وقال في تاريخ الإسلام، (ج4 ص189).
313 - لوط بْن يحيى، أَبُو مِخْنَف الكوفيُّ الرافضيُّ الأخباريُّ، [الوفاة: 151 - 160 ه]
صاحب هاتيك التصانيف.
يروي عَن الصقعب بْن زهير، ومجالد بْن سعيد، وجابر بْن يزيد الجعفي، وطوائف من المجهولين،
وَعَنْهُ: علي بن محمد المدائني، وعبد الرحمن بن مغراء، وغير واحد.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حاتم: متروك الحديث.
وقال الدارقطني: أخباري ضعيف.
قلت: توفي سنة سبع وخمسين ومائة.


وقال ابن حجر عنه في لسان الميزان (ج4 ص492) ترجمة رقم 1568 ما نصه:
لوط بن يحيى أبو مخنف: إخباري تالف لا يوثق به تركه أبو حاتم وغيره
وقال الدارقطني: ضعيف
وقال يحيى بن معين: ليس بثقة وقال مرة: ليس بشيء
وقال ابن عدي: شيعي محترق، صاحب أخبارهم
وقال أبو عبيد الآجري سألت أبا حاتم عنه ففض يده وقال: أحد يسأل عن هذا.


وذكره العقيلي في الضعفاء الكبير (ج4 ص18) برقم 1572
قال:
(1572) لوط أبو مخنف: حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عباس قال سمعت يحيى قال: أبو مخنف ليس بشيء وفي موضع آخر ليس بثقة حدثنا محمد حدثنا عباس قال سمعت يحيى قال أبو مخنف وأبو مريم وعمر بن شمر ليسوا هم بشيء قلت ليحيى هما مثل عمرو بن شمر قال هما شر من عمرو بن شمر.


الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 182)
1030 - لوط بن يحيى أبو مخنف روى عن صقعب بن زهير ومجالد بن سعيد روى عنه أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول أبو مخنف ليس بثقة، نا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول أبو مخنف متروك الحديث.



(ب‌) الروايات من طريق الشيعي/ يحيى بن أبي حية الكلبي (أبو جنابٍ الكلبي).

قال الإمام/ الذهبي:
9491- يحيى بن أبي حية [د، ت، ق] ، أبو جناب الكلبي.
سمع الشعبي وطبقته.
قال يحيى القطان: لا أستحل أن أروى عنه.
وقال النسائي والدارقطني: ضعيف.
وقال أبو زرعة: صدوق يدلس.
وقال ابن الدورقي عن يحيى: أبو جناب ليس به بأس إلا أنه كان يدلس.
وروى عثمان عن ابن معين: صدوق.
ثم قال عثمان: هو ضعيف.
وقال الفلاس: متروك.
(ميزان الاعتدال، ج4 ص371).


وقال الإمام/ البخاري:
2954 - يحيى بْن أَبِي حية أَبُو جناب الكلبي الكوفِي عَنْ عمير بْن سعد وأَبِيه، قَالَ أَبُو نعيم مات أَبُو جناب سنة خمسين ومائة كَانَ يحيى القطان يضعفه.
(التاريخ الكبير، ج8 ص267)


وقال الإمام/ ابن حبان:
1194 - يحيى بن أبي حَيَّة أَبُو جناب الْكَلْبِيّ من أهل الْكُوفَة يروي عَن أَبِيه وَعُمَيْر بن سعيد روى عَنهُ الثَّوْريّ وَأهل الْعرَاق مَاتَ سنة خمسين وَمِائَة وقال:
كَانَ مِمَّن يُدَلس على الثِّقَات مَا سمع من الضُّعَفَاء فالتزق بِهِ الْمَنَاكِير الَّتِي يَرْوِيهَا عَن الْمَشَاهِير فوهاه يحيى بن سعيد الْقطَّان وَحمل عَلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل حملا شَدِيدا، أَخْبَرَنَا مَكْحُولٌ قَالَ سَمِعت جَعْفَر بن أبان قَالَ قُلْت ليحيى بْن معِين أَبُو جنَابٍ قَالَ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَخْبَرَنَا الزيَادي قَالَ حَدثنَا بن أبي شيبَة قَالَ سَمِعت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو جنَابٍ الْكَلْبِيُّ فَقَالَ ضَعِيفٌ ضَعِيفٌ.
(المجروحين، ج3 ص111).


وقال الإمام/ النسائي:
640 - يحيى بن أبي حَيَّة أَبُو جناب الْكَلْبِيّ ضَعِيف كُوفِي
(الضعفاء والمتروكون، ج1 ص109).


وقال الإمام/ ابن عدي الجرجاني:
[2112] يحيى بن أبي حَيَّة - واسْمه حَيّ - أَبُو (جناب) الْكَلْبِيّ - كُوفِي
قَالَ يحيى الْقطَّان: لَو استحللت أَن أروي عَن أبي (جناب) حَدِيثا لرويت (حَدِيث عَليّ) فِي " تَكْبِير الْعِيدَيْنِ ".
وَقَالَ أَبُو نعيم: أَبُو (جناب) يُدَلس.
وَقَالَ البُخَارِيّ: كَانَ يحيى الْقطَّان يُضعفهُ يَقُول: مَاتَ سنة 150.
وَقَالَ السَّعْدِيّ: يضعف حَدِيثه.
وَقَالَ ابْن الْمثنى: مَا سَمِعت يحيى وَلَا عبد الرَّحْمَن حَدثا عَن أبي (جناب) بِشَيْء.
وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس إِلَّا أَنه كَانَ يُدَلس.
وَمرَّة قَالَ: هُوَ صَدُوق.
وَقَالَ الدَّارمِيّ: هُوَ ضَعِيف.
وَقَالَ الفلاس: مَتْرُوك الحَدِيث.
وَقَالَ النَّسَائِيّ: ضَعِيف.
وَقَالَ ابْن عدي: هُوَ من جملَة المتشيعين بِالْكُوفَةِ.
(مختصر الكامل في الضعفاء، ج1 ص817).


رابط الترجمة والجرح والتعديل:
http://library.islamweb.net/hadith/R...hp?RawyID=8201


»––––––––»
»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»



الروايتين الأخريين من تاريخ الإمام/ الطبري – رحمه الله.


الرواية الأولي:
جاءت عن أبي بكر الهذلي الذي قال عنه الإمام/ ابن حجر – رحمه الله:
5397 - " أبو بكر " الهذلي البصري اسمه سلمى بن عبد الله أو روح اخباري متروك الحديث عن الشعبي وعنه وكيع
(لسان الميزان، ج7 ص454).


وقال الإمام/ النسائي:
233 - سلمى بن عبد الله أَبُو بكر الْهُذلِيّ مَتْرُوك الحَدِيث بَصرِي
(الضعفاء والمتروكون، ص46).


ولما سئل عنه أمير المؤمنين في الحديث/ شعبة بن الحجاج،
قال:
دعني لا اقئ.
(الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، باب: ما ذكر من علم شعبة بناقلة الآثار وكلامه فيهم على حروف الهجاء، ج1 ص143 رقم: (34).


وقال النسائي وعلي بن الجنيد متروك الحديث
وقال علي بن عبد الله بن المديني: ضعيف ليس بشيء وقال مرة ضعيف جدا
وقال البخاري في الأوسط وزكريا الساجي - ليس بالحافظ عندهم
وقال الدارقطني: منكر الحديث متروك.


رابط الترجمة والجرح والتعديل:
http://library.islamweb.net/hadith/R...hp?RawyID=3528



أما الرواية الثانية:

جاءت عن الزهري وهي تتحدث عن نهاية المعركة، وظاهرها الصحة إلا أن بها علتان:


1- الانقطاع في الإسناد بينه وبين صعصعة بن صوحان،

2- نكارة المتن.

قال ابن جرير:
فَحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان بْنُ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صَوْحَانَ يَوْمَ صِفِّينَ حِينَ رَأَى النَّاسَ يَتَبَارَوْنَ: أَلا اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا، تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ لَئِنْ ظَهَرَ عَلِيٌّ لَيَكُونَنَّ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَإِنْ ظَهَرَ مُعَاوِيَةُ لا يَقِرُّ لِقَائِلٍ بِقَوْلِ حَقٍّ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَصْبَحَ أَهْلُ الشَّامِ قَدْ نَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ، وَدَعَوْا إِلَى مَا فِيهَا، فَهَابَ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَكَّمُوا الْحَكَمَيْنِ، فَاخْتَارَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، وَاخْتَارَ أَهْلُ الشَّامِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَتَفَرَّقَ أَهْلُ صِفِّينَ حِينَ حَكَمَ الْحَكَمَانِ، فَاشْتَرَطَا أَنْ يَرْفَعَا مَا رَفَعَ الْقُرْآنُ، وَيَخْفِضَا مَا خَفَضَ الْقُرْآنَ، وَأَنْ يَخْتَارَا لأُمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا لِذَلِكَ اجْتَمَعَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ بِأَذْرُحَ. فلما انصرف علي خالفت الحرورية وخرجت - وَكَانَ ذَلِكَ أول مَا ظهرت - فآذنوه بالحرب، وردوا عَلَيْهِ: أن حكم بني آدم فِي حكم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالُوا: لا حكم إلا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ! وقاتلوا.
(تاريخ الرسل والملوك، مَا روي من رفعهم المصاحف ودعائهم إِلَى الحكومة، ج5 ص57)

قلت:
وهذه الرواية ظاهرها الصحة إلا أن بها انقطاع في الإسناد بين الزهري وصعصعة، غير نكارة المتن.

الانقطاع بين الزهري وصعصعة بن صوحان فإن هذا الأخير مات في خلافة أمير المؤمنين سيدنا/ معاوية رضي الله عنه وأرضاه، وكانت ولادة الزهري ما بين خمسين للهجرة وستة وخمسين، على خلاف بين المترجمين له،
وخلافة أمير المؤمنين سيدنا/ معاوية – رضى الله عنه وأرضاه، انتهت سنة ستين للهجرة فيكون عمر الزهري آنذاك على أقل تقدير أربع سنوات وعلى أكثره تسع سنوات ولم يثبت له لقيا أو سماع من صعصعة بن صوحان.

فصعصعة بن صوحان ليس من شيوخ ابن شهاب الزهري!!.
راجع تهذيب الكمال في أسماء الرجال، للإمام/ المزي - لبيان الشيوخ الذين روى عنهم/ محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
ترجمة رقم: (5606)، ج26 ص419.
الرابط:
http://waqfeya.com/book.php?bid=699


ولبيان التلاميذ الذين رووا عن/ صعصعة بن صوحان *(1)
انظر:
تهذيب الكمال في أسماء الرجال، للإمام/ المزي - ترجمة رقم: (2876)، ج13 ص167.
الرابط:
https://ia902205.us.archive.org/4/it...392/tkar13.pdf


*(1) صعصعة بن صوحان، من المخضرمين وإن أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، لانتفاء شرط اللقيا.

المقصود بالمخضرمين:
أي: (الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم ولا رأوه، سواء أسلموا في حياته أم لا وهؤلاء ليسوا أصحابه باتفاق أهل العلم بالحديث)،
انظر:
الإصابة في تمييز الصحابة، للإمام/ ابن حجر العسقلاني، المجلد (1) ترتيب الإصابة على أربعة أقسام، القسم (3) ج1 ص126،
وقد ذكره الإمام/ ابن حجر، في الترجمة رقم: (4150) م3 ق3 من حرف الصاد المهملة، ج3 ص373.



أما تعريف الصحابي:
وَهُوَ:
مَنْ لَقِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مُؤمِناً بِهِ وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ: وَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ، في الأصَحِّ
والمرادُ باللِّقاءِ:
ما هُو أعمُّ: مِن المُجالَسَةِ، والمُماشاةِ، ووصولِ أَحدِهِما إِلى الآخَرِ، وإِنْ لم يكالِمْهُ، ويَدْخُل فيهِ رؤيةُ أحدِهما الآخَرَ، سواءٌ كانَ ذلك بنفْسِهِ أم بغيرِهِ.
والتعبير باللُّقيِّ أَولى مِن قولِ بعضِهم: الصحابيُّ مَنْ رأَى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يُخْرِج ابنَ أُمِّ مكتومٍ، ونحوَه مِن العُمْيان، وهُمْ صحابةٌ بلا تردُّدٍ.
شرح التعريف:
و"اللُّقِيُّ" في هذا التعريف كالجنس.
1- وقولي: "مؤمناً به" كالفصْلِ، يُخْرِجُ مَنْ حصَل لهُ اللِّقاءُ المذكورُ، لكنْ، في حالِ كونِه كافراً.

2- وقَوْلي: "بهِ". فصْلٌ ثانٍ يُخْرجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِناً، لكنْ، بغيره من الأنبياء. لكنْ، هل يُخْرِج مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِناً بأَنَّهُ سيبعث ولم يُدْرِك البعثة؟. فيه نَظَرٌ.

3- وقَوْلي: "وماتَ على الإِسلامِ"، فصْلٌ ثالثٌ يُخْرِجُ مَن ارتدَّ، بعد أن لقيه مؤمناً، وماتَ على الرِّدَّةِ، كعُبَيْدِ اللهِ بنِ جَحْشٍ، وابن خَطَلٍ.

4- وقَوْلي: "ولو تخلَّلت رِدَّةٌ"، أي: بينَ لُقِيِّهِ لهُ مُؤمِناً بهِ، وبينَ موتِه على الإِسلامِ، فإِنَّ اسمَ الصُحْبَةِ باقٍ لهُ، سواءٌ رجع إِلى الإسلامِ في حياتِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم، أم بعده، سواءٌ لقيه ثانياً أَمْ لا.

5- وقَوْلي: "في الأصحِّ" إشارةٌ إِلى الخِلافِ في المسأَلةِ، ويدلُّ على رُجْحانِ الأوَّلِ قصةُ الأشعثِ بنِ قيسٍ؛ فإِنَّه كانَ ممَّنِ ارتدَّ، وأُتِيَ بهِ إِلى أَبي بكرٍ الصديق أسيراً؛ فعاد إلى الإسلام فقَبِلَ منه وزَوَّجه أُخْتَهُ، ولم يتخلَّفْ أحدٌ عنْ ذكْرِه في الصَّحابةِ، ولا عنْ تخريجِ أحاديثِهِ في المسانيد وغيرها.
(نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي (ص: 140).



وأما النكارة في المتن،

فقوله:


1- "فَاشْتَرَطَا أَنْ يَرْفَعَا مَا رَفَعَ الْقُرْآنُ، وَيَخْفِضَا مَا خَفَضَ الْقُرْآنَ، وَأَنْ يَخْتَارَا لأُمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلم"

وقوله:
2- وَإِنْ ظَهَرَ مُعَاوِيَةُ لا يَقِرُّ لِقَائِلٍ بِقَوْلِ حَقٍّ" وهذا القول من أبطل الباطل وأنكر المنكر



أما قوله:
1- "فَاشْتَرَطَا أَنْ يَرْفَعَا مَا رَفَعَ الْقُرْآنُ، وَيَخْفِضَا مَا خَفَضَ الْقُرْآنَ، وَأَنْ يَخْتَارَا لأُمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلم"

الرد:
إن الحكمين كانا مفوضين للحكم في الخلاف بين علي ومعاوية، ولم يكن الخلاف بينهما حول الخلافة ومن أحق بها منهما، وإنما كان حول توقيع القصاص على قتلة عثمان، وليس هذا من أمر الخلافة في شيء،

...... يتبع الرد تفصيلاً،
في الرسائل التالية: الوجه الأولى من الرد على:
شبهة: قضية التحكيم "وصم الحكمين سيدنا/ أبو موسى الأشعري، وسيدنا/ عمرو بن العاص – رضى الله عنهما وأرضاهما - بالسذاجة والغدر (وحاشاهما)


أما قوله:
2- "وَإِنْ ظَهَرَ مُعَاوِيَةُ لا يَقِرُّ لِقَائِلٍ بِقَوْلِ حَقٍّ" وهذا القول من أبطل الباطل وأنكر المنكر

وهذا طعن في صحابي جليل سيدنا/ معاوية بن أبي سفيان - رضى الله عنهما وأرضاهما، ولعن من سابهما أو انتقصهما.

◄قد شهد له الله عز وجل بالتوبة ورضاه عليه وشهد له سبحانه بالجنة

◄وشهد له رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، بالإسلام.

◄وشهد له أمير المؤمنين سيدنا/ علي – رضى الله عنه وأرضاه، بالإيمان


قال الله عز وجل:
۩ ...لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ۩ جزء من الآية 10 سورة الحديد.

والحسنى ها هنا الجنة



وكان أمير المؤمنين سيدنا/ معاوية عليه السلام – ممن غشيتهم السكينة مع رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وإخوانه المؤمنين

قال تعالى:
۩ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ۩ سورة التوبة: الآية 26

وفي الآية الكريمة جعل الله حدا بين فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر
فالرسول صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، ومن معه من المؤمنين فسطاط الإيمان الذين أنزل الله سكينته عليهم وأيدهم بجنوده

ولم نعلم يا شيعة الكفر والشيطان أن أحدا من الصحابة عليهم السلام ناله العذاب في هذه الغزوة المباركة



وكان أمير المؤمنين سيدنا/ معاوية عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وإخوانه المهاجرين والأنصار الذين تاب الله تعالى عليهم

قال سبحانه:
۩ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ۩ سورة التوبة: الآية 117



وكان عليه السلام ممن شارك في حروب الردة تحت لواء خليفة رسول الله صلِ الله عليه وآله وصحبه وسلم سيدنا/ أبو بكر الصديق عليه السلام

قال تعالى:
۩ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ۩ سورة المائدة: الآية 54

ملاحظة:
هذه الآية الكريمة ومن تفاسير دين الشيعة تثبت الخلافة لسيدنا/ أبو بكر الصديق عليه السلام.
الرابط:
خلافة أبي بكر الصديق في القرآن الكريم


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


وأخرج الإمام/ البخاري – رضى الله عنه، في صحيحه.
23 - باب علاماتِ النُّبُوَّةِ في الإِسلام
(3549) - حدّثني عبدُ الله بنُ محمدٍ حدثَنا يحيى بن آدمَ حدثَنا حسينُ الجُعفيُّ عن أبي موسى عن الحسن عن أبي بَكرة رضيَ الله عنه:
«أخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ذاتَ يومٍ الحسنَ فصَعِدَ بهِ على المنبرِ فقال:
ابني هذا سيِّد، ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بينَ فئتَين منَ المسلمين».


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


وتروى شيعـ إبليس ـة في أصح كتبها، نهج النياحة والندامة
نهج البلاغة ج3 ص114
وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام. ◄والظاهر أن ربنا واحد✔✔✔ ◄ونبينا واحد✔✔✔ ◄ودعوتنا في الاسلام واحدة✔✔✔.
◄لا نستزيدهم في الايمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وآله✔✔✔ ◄ولا يستزيدوننا✔✔✔.
الامر واحدإلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء✔✔✔.
الرابط:
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/09/no0966.html


السؤال:
هل كان علي يستزيد معاوية على الإيمان أم على الكفر

وهل كان معاوية على معتقد شيعـ إبليس ـة ظاهره اﻹيمان بالتنصيب واﻹمامة المفتراة كفراً على الله تعالى فيكون منافقاً
أم ظاهره الكفر بها وجحودها .. !!
فكيف يكون أمره لا يستزيد علي ومن معه في الايمان بالله والتصديق برسوله ..



»––––––––»
»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»



وقال قاضي قضاة أشبيلية بالأندلس الإمام/ أبو بكر بن العربي في العواصم من القواصم (ج ص177) بتحقيق محب الدين الخطيب:
وهو يتكلم عن مسألة التحكيم ورفع المصاحف
عاصمة:
هذا كله كذب صراح ما جرى منه حرف قط. وإنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة، ووضعته التاريخية للملوك، فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع.


قال محب الدين الخطيب في التعليق على القواصم:

إن التاريخ الإسلامي لم يبدأ تدوينه إلا بعد زوال بني أمية وقيام دول لا يسر رجالها التحدث بمفاخر ذلك الماضي ومحاسن أهله.

فتولى تدوين تاريخ الإسلام ثلاث طوائف:

طائفة كانت تنشد العيش والجدة من التقرب إلى مبغضي بني أمية بما تكتبه وتؤلفه.

وطائفة ظنت أن التدوين لا يتم، ولا يكون التقرب إلى الله، إلا بتشويه سمعة أبي كبر وعمر وعثمان وبني عبد شمس جميعا.

وطائفة ثالثة من الإنصاف والدين- كالطبري وابن عساكر وابن الأثير وابن كثير- رأت أن من الإنصاف أن تجمع أخبار الإخباريين من كل المذاهب والمشارب - كلوط بن يحيى الشيعي المحترق، وسيف بن عمر - ولعل بعضهم اضطر إلى ذلك إرضاء لجهات كان يشعر بقوتها ومكانتها.

وقد أثبت أكثر هؤلاء أسماء رواة الأخبار التي أوردها ليكون الباحث على بصيرة من كل خبر بالبحث عن حال راويه.
وقد وصلنا إلى هذه التركة لا على أنها هي تاريخنا، بل على أنها مادة غزيرة للدرس والبحث يستخرج منها تاريخنا، وهذا ممكن وميسور إذا تولاه من يلاحظ مواطن القوة والضعف في هذه المراجع، وله من الألمعية ما يستخلص به حقيقة ما وقع ويجردها عن الذي لم يقع، مكتفيا بأصول الأخبار الصحيحة مجردة عن الزيادات الطارئة عليها. وإن الرجوع إلى كتب السنة، وملاحظات أئمة الأمة. مما يسهل هذه المهمة.

وقد آن لنا أن نقوم بهذا الواجب الذي أبطأنا فيه كل الإبطاء، وأول من استيقظ في عصرنا للدسائس المدسوسة على تاريخ بني أمية العلامة الهندي الكبير الشيخ شبلي النعماني في انتقاده لكتاب جرجي زيدان، ثم أخذ أهل الألمعية من المنصفين في دراسة الحقائق، فبدأت تظهر لهم وللناس منيرة مشرقة، ولا يبعد- إذا استمر هذا الجهاد في سبيل الحق- أن يتغير فهم المسلمين لتاريخهم ويدركوا أسرار ما وقع في ماضيهم من معجزات.


»––––––––»
»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»



3- تناقض روايات أبو مخنف، في شأن دور القراء، إثبات أنها فرية تاريخية اخترعها الإخباريون الشيعة.


يقول د/ محمد أمحزون – حفظه الله، في كتابه: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين

أولاً:
دور القرَّاء.

من خلال تتبع السرد التاريخي لموقعة صفين، يظهر أن القرَّاء كان لهم دور في المعركة بوصفهم مشاركين في القتال إلى جانب سيدنا/ علي – رضى الله عنه وأرضاه،

فتذكر رواية الإمام/ الطبري، أن علياً بعث على خيل الكوفة الأشتر النخعي – وهو من القرَّاء... ومِسْعَر بن فدك التميمي *(1) على قرَّاء أهل البصرة، وصار قرَّاء أهل الكوفة إلى عبد الله بن بُديل وسيدنا/ عمار بن ياسر – رضى الله عنه وأرضاه *(2).

ويروى في أخبار يوم آخر من أيام القتال أن عليا، جعل على ميمنته عَبْد اللَّهِ بن بديل، وعلى ميسرته عَبْد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ، وقراء أهل العراق مع ثلاثة نفر: مع عمار ابن ياسر، ومع قيس بن سَعْدٍ، ومع عَبْد اللَّهِ بن بديل، والناس عَلَى راياتهم ومراكزهم، وعلي فِي القلب فِي أهل الْمَدِينَة بين أهل الْكُوفَة وأهل الْبَصْرَة *(3).


ثم أورد بعد ذلك إشارات عن ثبات القرَّاء وحسن بلائهم اثناء القتال
منها:


وانكشف أهل العراق من قبل الميمنة حَتَّى لم يبق مِنْهُمْ إلا ابن بديل فِي مائتين او ثلاثمائة من القراء *(4).
قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنِي أَبُو سلمة، أن هاشم بن عتبة الزُّهْرِيّ *(5) دعا الناس عِنْدَ المساء: أَلا من كَانَ يريد اللَّه والدار الآخرة فإلي، ... ثُمَّ إنه مضى فِي عصابة مَعَهُ من القراء، فقاتل قتالا شديدا هُوَ وأَصْحَابه عِنْدَ المساء *(6).
وخرج عَبْد اللَّهِ بن أبي الحصين الأَزْدِيّ *(7)، فِي القراء الَّذِينَ مع عمار بن ياسر فأصيب مَعَهُ *(8).

وتعتبر رواية ابي مخنف التي نقلها الإمام/ الطبري في تاريخه من أقدم الروايات التي تبرز موقف القرَّاء من التحكيم.
ونص هذه الرواية أن أهل الشام عندما رفعوا المصاحف على الرماح ونادوا بتحكيم كتاب الله في الخلاف الحاصل بينهم وبين أهل العراق لم يقبل علي رضى الله عنه، هذا العرض ونبه إلى أنه مجرد خديعة ومكيدة بقوله: عباد اللَّه، امضوا عَلَى حقكم وصدقكم قتال عدوكم، فإن مُعَاوِيَة وعمرو بن الْعَاصِ وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح والضحاك بن قيس، ليسوا بأَصْحَاب دين وَلا قرآن، أنا أعرف بهم مِنْكُمْ، قَدْ صحبتهم أطفالا، وصحبتهم رجالا، فكانوا شر أطفال وشر رجال، ويحكم! إِنَّهُمْ مَا رفعوها، ثُمَّ لا يرفعونها وَلا يعلمون بِمَا فِيهَا، وما رفعوها لكم إلا خديعة ودهنا ومكيدة، فَقَالُوا لَهُ: مَا يسعنا أن ندعى إِلَى كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فنأبى أن نقبله، فَقَالَ لَهُمْ: فإني إنما قاتلتهم ليدينوا بحكم هَذَا الكتاب، فإنهم قَدْ عصوا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أمرهم ونسوا عهده، ونبذوا كتابه
فَقَالَ لَهُ مسعر بن فدكي التميمي وزَيْد بن حصين الطَّائِيّ *(9)، فِي عصابة مَعَهُمَا من القراء الَّذِينَ صاروا خوارج بعد ذَلِكَ:
يَا علي، أجب إِلَى كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إذ دعيت إِلَيْهِ، وإلا ندفعك برمتك إِلَى القوم، أو نفعل كما فعلنا بابن عفان، إنه علينا أن نعمل بِمَا فِي كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فقبلناه، وَاللَّهِ لتفعلنها أو لنفعلنها بك قَالَ: فاحفظوا عني نهيي إياكم، واحفظوا مقالتكم لي، أما أنا فإن تطيعوني تقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا مَا بدا لكم! قَالُوا لَهُ: إما لا فابعث إِلَى الأَشْتَر فليأتك *(10).



على أن الروايات التي نقلها الإمام/ الطبري، عن التحكيم – وراويها أبو مخنف – لا تخرج عن سياق الرواية المذكورة، فهي تذكر أن القرَّاء أجبروا علياً على قبول التحكيم رغم محاولته لإقناعهم بأن رفع المصاحف خدعة لجأ إليها معاوية وعمرو بن العاص، كما تروى أنهم هم الذين اختاروا أبو موسى حكما رغما عن علي
فقال الاشعث – ابن قيس الكندي - وأولئك الَّذِينَ صاروا خوارج بعد: فإنا قَدْ رضينا بأبي مُوسَى الأَشْعَرِيّ، قَالَ علي: فإنكم قَدْ عصيتموني فِي أول الأمر، فلا تعصوني الآن، إني لا أَرَى أن أولي أبا مُوسَى
فَقَالَ الأشعث وزَيْد بن حصين الطَّائِيّ ومسعر بن فدكي: لا نرضى إلا بِهِ، فإنه مَا كَانَ يحذرنا مِنْهُ وقعنا فِيهِ
قَالَ علي: فإنه ليس لي بثقة، قَدْ فارقني، وخذل الناس عني ثُمَّ هرب مني حَتَّى آمنته بعد أشهر، ولكن هَذَا ابن عَبَّاس نوليه ذَلِكَ، قَالُوا: مَا نبالي أنت كنت أم ابن عَبَّاس! لا نريد إلا رجلا هُوَ مِنْكَ ومن مُعَاوِيَة سواء، ليس إِلَى واحد منكما بأدنى مِنْهُ إِلَى الآخر، فَقَالَ علي: فإني أجعل الأَشْتَر، ...... فقال الأشعث: وهل سعر الأرض غير الأَشْتَر؟! ... قَالَ علي: فقد أبيتم إلا أبا مُوسَى! قَالُوا: نعم، قَالَ: فاصنعوا مَا أردتم، فبعثوا إِلَيْهِ *(11).



والغريب في الأمر أن روايات أخرى عن أبي مخنف نفسه تعطي القرَّاء دوراً مناقضاً للدور الأول وهو رفض التحكيم جملة وتفصيلا




يقول:
خرج الأشعث بِذَلِكَ الكتاب – أي: كتاب التحكيم - يقرؤه عَلَى الناس، ويعرضه عَلَيْهِم، فيقرءونه، حَتَّى مر بِهِ عَلَى طائفة من بني تميم فِيهِمْ عروة بن أدية *(12)، وَهُوَ أخو أبي بلال *(13)، فقرأه عَلَيْهِم، فَقَالَ عروة ابن أدية: تحكمون فِي أمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الرجال! لا حكم إلا لِلَّهِ، ثُمَّ شد بسيفه فضرب بِهِ عجز دابته ضربة خفيفة، واندفعت الدابة، وصاح بِهِ أَصْحَابه، أن أملك يدك *(14).

وروى أبو مخنف أن عَلِيًّا لما أراد أن يبعث أبا مُوسَى للحكومة، أتاه رجلان من الخوارج: زرعة بن البرج الطَّائِيّ *(15) وحرقوص بن زهير السعدي، فدخلا عَلَيْهِ، فقالا له: لا حكم الا لله، فقال علي: لا حكم إلا لله، فَقَالَ لَهُ حُرْقُوص: تب من خطيئتك، وارجع عن قضيتك، واخرج بنا إِلَى عدونا نقاتلهم حَتَّى نلقى ربنا.
فَقَالَ لَهُمْ علي: قَدْ أردتكم عَلَى ذَلِكَ فعصيتموني، وَقَدْ كتبنا بيننا وبينهم كتابا، وشرطنا شروطا، وأعطينا عَلَيْهَا عهودنا ومواثيقنا، وَقَدْ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:
۩ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) ۩ سورة النحل.
فَقَالَ لَهُ حُرْقُوص:
ذَلِكَ ذنب ينبغي أن تتوب مِنْهُ، فَقَالَ علي: مَا هُوَ ذنب، ولكنه عجز من الرأي، وضعف من الفعل، وَقَدْ تقدمت إليكم فِيمَا كَانَ مِنْهُ، ونهيتكم عنه فَقَالَ لَهُ زرعة بن البرج: أما وَاللَّهِ يَا علي، لَئِنْ لم تدع تحكيم الرجال فِي كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قاتلتك، أطلب بِذَلِكَ وجه اللَّه ورضوانه، *(16).




فإذا كان الأمر كذلك!

فلماذا ثار القرَّاء فجأة على كل الترتيبات والإجراءات التي قاموا بفرضها على علي – رضى الله عنه، لقبول التحكيم، وانشقوا عليه وعلى قبائلهم المكونة لجيش العراق؟!

وإذا كان اختيارهم أبا موسى الأشعري – رضى الله عنه، لسببين:

- أنه حذرهم مما وقعوا فيه

- وأنه محايد بين بين علي ومعاوية فلماذا لم ينتظروا نتائج التحكيم؟
هل لأن عقولهم كانت مثل عقول الأطفال فجعلتهم يتصرفون مثل هذه التصرفات المتناقضة والخطيرة
؟!


وإذا كان الأمر كذلك:
فلماذا لم يكن لهم تصرفات مشابهة فيما سبق من أحداث كالجمل مثلاً؟!

ثم إذا كان باستطاعتهم فرض أبي موسى على علي حكماً من أهل العراق، لماذا لم يختاروا واحداً من بينهم؟! إذ من المؤكد أنه سيمثل مصالحهم ووجه نظرهم خير من أبي موسى، فهم يريدون مواصلة القتال كما ثبت في الصحيح، وأبو موسى ضد الفتنة وحرب المسلمين بعضهم بعضا ويسعى إلى إبطال الحرب ووحدة المسلمين.





إن اختيار أبي موسى – رضى الله عنه - حكما على أهل العراق من قبل علي – رضى الله عنه – وأصحابه ينسجم تماماً مع الأحداث، فالمرحلة التالية هي مرحلة الصلح وجمع كلمة المسلمين وأبو موسى الأشعري من دعاة الصلح والسلام كما كان في الوقت نفسه محبوباً مؤتمناً من قبائل العراق وقد ولاه عمر البصرة والكوفة على التوالي *(17) وعندما منع أهل الكوفة بقيادة الأشتر سعيد بن العاص من دخولها وردوه إلى المدينة، ولوا عليهم أبو موسى وما كان من الخليفة عثمان رضى الله عنه، إلا أن يقره إرضاءاً لهم *(18) ليس هذا فحسب بل إن أمير المؤمنين علياً رضى الله عنه، عندما قام بعزل عمال الخليفة عثمان رضى الله عنه، سأله الأشتر أن يقر أبا موسى رضى الله عنه، على الكوفة ففعل *(19).


ثم إن المصادر المتقدمة تذكر أن علياً هو الذي اختار أبا موسى الأشعري، يقول خليفة في تاريخه:

سنة سبع وَثَلَاثِينَ
وقْعَة صفّين فِيهَا وقْعَة صفّين يَوْم الْأَرْبَعَاء لسبع خلون من صفر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَكَانَ الصُّلْح لَيْلَة السبت لعشر خلون من صفر وفيهَا قتل عمار بْن يَاسر وهَاشِم بْن عتبَة وفيهَا اجْتمع الحكمان أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ من قبل عَلِيّ وَعَمْرو بْن الْعَاصِ من قبل مُعَاوِيَة *(20).

ويقول ابن سعد في طبقاته:
فَكَرِهَ النَّاسُ الْحَرْبَ وَتَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ، وَحَكَّمُوا الْحَكَمَيْنِ، فَحَكَّمَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَحَكَّمَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، *(21).

وذكر ابن أبي شيبة ان علياً قال لأبي موسى:
"احْكُمْ وَلَوْ تحزُّ عُنُقِي" *(22).



ولهذا:
نستطيع القول أن ألدور المنسوب للقراء من مسئولية عن وقف القتال والتحكيم وفرض أبي موسى الأشعري رضى الله عنه، ليست إلا فرية تاريخية اخترعها الإخباريون الشيعة الذين كان يزعجهم أن يظهر علي رضى الله عنه، بمظهر المتعاطف مع معاوية رضى الله عنه وأهل الشام، وأن يرغب في الصلح مع اعدائهم التقليدين.

من جهة أخرى يحملون المسئولية اعدائهم الخوارج ويتخلصون منها، ويجعلون دعوى الخوارج تناقض نفسها، فهم الذين اجبروا علياً على قبول التحكيم، وهم الذين ثاروا عليه بسبب قبول التحكيم!!




ومن الملاحظ أن الدوافع والأسباب خلف مثل هذه الروايات راجعة إلى الظروف التي كانت تعيشها الكوفة – وهي معقل الشيعة – في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، فقد تحولت وأهلها إلى مصرٍ تابع لأهل الشام يرسل لها الأمويون ولاة مستبدين مثل زياد وابنه عبيد الله والحجاج لقمع شوكتهم، وأصبحت الكوفة بذلك مركزاً للمعارضة ومفرخاً للثورات ضد الأمويين
ليس هذا فحسب بل إن ضربات الخوارج الموجعة للشيعة كانت أشد إيلاماً من قمع الأمويين مما حدا بالشيعة إلى إلقاء تبعة تلك الأحداث على خصومهم تحت تأثير التعصب.



إن الموقف الثابت تاريخياً أن علياً رضى الله عنه، قبل التحكيم من تلقاء نفسه بعيداً عن أي ضغوط، وذلك تماشياً مع أحكام الإسلام التي تحث على إصلاح ذات البين والرحمة والرأفة والرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف

قال الله عز وجل:
۩ ...فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۩ جزء من الآية 59 سورة النساء.




كما ثبت في الصحيح أن موقف القراء هو هو منذ البداية لم يتغير ولم يتبدل، فهو الإصرار على مواصلة قتال أهل الشام ورفض التحكيم كلية، وهذا ما تطمئن إليه النفس حيث ينسجم ذلك الموقف مع عقلية الخوارج المتشددة العنيفة المكفرة والمستبيحة لدماء المسلمين وأموالهم، فقد كانوا في مراحل وجودهم على رأس الحركات التي أنهكت جسد الأمة الإسلامية، وذهبت بكثير من قوى المسلمين المذخورة.


روى الإمام/ أحمد والإمام/ ابن ابي شيبة، كليهما بسند صحيح عن حبيب بن ابي ثابت
قال:
قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي مَسْجِدِ أَهْلِهِ أَسْأَلُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّهْرَوَانِ، فِيمَا اسْتَجَابُوا لَهُ، وَفِيمَا فَارَقُوهُ، وَفِيمَا اسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ،
قَالَ:
كُنَّا بِصِفِّينَ فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الشَّامِ اعْتَصَمُوا بِتَلٍّ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: أَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ بِمُصْحَفٍ، وَادْعُهُ إِلَى كِتَابِ اللهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَأْبَى عَلَيْكَ، فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ، لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ، وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: 23] ،
فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ، قَالَ: فَجَاءَتْهُ الْخَوَارِجُ، وَنَحْنُ نَدْعُوهُمْ يَوْمَئِذٍ الْقُرَّاءَ، وَسُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا نَنْتَظِرُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عَلَى التَّلِّ أَلَا نَمْشِي إِلَيْهِمْ بِسُيُوفِنَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَتَكَلَّمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ، أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: " بَلَى " قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا، وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: " يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي أَبَدًا " قَالَ: فَرَجَعَ وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ، فَلَمْ يَصْبِرْ، حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ، وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ، أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ أَبَدًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ قَالَ: فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَرَ، فَأَقْرَأَهَا إِيَّاهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " *(23).


وزاد الإمام/ ابن أبي شيبة:
"فَقَالَ عَلِيٌّ: أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّ هَذَا فَتْحٌ , فَقَبِلَ عَلِيٌّ الْقَضِيَّةَ وَرَجَعَ , وَرَجَعَ النَّاسُ , ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا بِحَرُورَاءَ أُولَئِكَ الْعِصَابَةُ مِنَ الْخَوَارِج..." *(24).


ولهذا الرواية شاهد في "الصحيح" فقد أخرج الإمام/ البخاري في صحيحه عن حبيب بن أبي ثابت
قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ، فَقَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ - يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُشْرِكِينَ - وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الجَنَّةِ، وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا» فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ *(25).


وقد ساق سهل بن حنيف رضى الله عنه، حديث الحديبية لأن القرَّاء أصروا على مواصلة القتال وأنكروا التحكيم، فاشار عليهم بمطاوعة علي رضى الله عنه، وأن لا يُخالف ما يشير به لكونه أعلم بالمصلحة منهم، وذكر لهم ما وقع بالحديبية من أن الصحابة رضى الله عنهم، رأوا يومئذ أن يقاتلوا ويخالفوا ما دُعوا إليه من الصلح، ثم ظهر أن الأصلح هو ما كان النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، شرع فيه من الصلح.


ويقول الكرماني:
كَأَنَّهُمِ اتَّهَمُوا سَهْلًا بِالتَّقْصِيرِ فِي الْقِتَالِ حِينَئِذٍ فَقَالَ لَهُمْ بَلِ اتَّهِمُوا أَنْتُمْ رَأْيَكُمْ فَإِنِّي لَا أُقَصِّرُ كَمَا لَمْ أَكُنْ مُقَصِّرًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقْتَ الْحَاجَةِ فَكَمَا تَوَقَّفْتُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَجْلِ أَنِّي لَا أُخَالِفُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ أَتَوَقَّفُ الْيَوْمَ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ *(26).


»––––––––»
»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»

المصدر:
(تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، الباب الثالث: الفتنة الثانية، الفصل الثالث مثيرو الفتنة وأهم نتائجها، المبحث الثاني: قضية التحكيم بين علي ومعاوية – رضى الله عنهما وأرضاهما – ص507).
الرابط:
http://waqfeya.com/book.php?bid=5054


*(1) ذكره خليفة في الخوارج الذين قاتلهم علي في النهروان سنة 38هــ، تاريخ خليفة، وقْعَة النهروان، ص197.
*(2) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، تكتيب الكتائب وتعبئة الناس للقتال، ج5 ص11.
*(3) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، تكتيب الكتائب وتعبئة الناس للقتال، ج5 ص15.
*(4) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، تكتيب الكتائب وتعبئة الناس للقتال، ج5 ص18.
*(5) هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، من أمراء علي رضى الله عنه، يوم صفين، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وشهد اليرموك وفتوح الشام، وكان موصوفاً بالشجاعة والإقدام حتى عرف بالمرقال، وهو الذي يرقل في الحرب أي: يسرع في ضرب العدو، قتل في صفين سنة 37 هـ، ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج1 ص556، والذهبي في سير أعلام النبلاء، ج4 ص230 ترجمة رقم: (330).
*(6) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، خبر هاشم بن عتبة المرقال وذكر ليلة الهرير، ج5 ص43.
*(7) لم أجد له ترجمة في المصادر المتيسرة.
*(8) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، ج5 ص27.
*(9) ذكره خليفة في الخوارج الذين قتلوا يوم النهروان، تاريخ خليفة ص197.
*(10) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، ج5 ص49.
*(11) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، ج5 ص51.
*(12) من رؤساء الخوارج الذين قتلوا في ولاية عبيد الله بن زياد صبراً، انظر: الجوزجاني "أحوال الرجال" ص35 والطبري "تاريخ الرسل والملوك" ج5 ص312.
*(13) من الخوارج الشراة، أنكر التحكيم وشهد النهروان وقتل في ولاية عبيد الله بن زياد، انظر: تاريخ خليفة، ص197، 256، وأحوال الرجال للجوزجاني، ص35، وتاريخ الرسل والملوك للطبري ج5 ص464.
*(14) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، ج5 ص55.
*(15) لم أجد ترجمته في المصادر المتيسرة.
*(16) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج5 سنة سبع وثلاثين، ج5 ص72.
*(17) انظر: (طبقات ابن سعد، ج4 ص109، وتاريخ دمشق لابن عساكر"المخطوط"، ج9 ص429).
*(18) انظر: التاريخ الصغير للبخاري، ج1 ص84، وتاريخ الرسل والملوك للطبري، ج4 ص332.
*(19) تاريخ الرسل والملوك للإمام/ الطبري، ج4 ص442.
*(20) تاريخ خليفة، ص191.
*(21) الطبقات الكبير لابن سعد، ج3 ص32.
*(22) المصنف لابن أبي شيبة، ج15 ص292 رقم: (39008).
*(23) مسند الإمام/ أحمد – تحقيق العلامة/ أحمد شاكر، ج12 ص399 برقم: (15917)
قال:
إسناده صحيح، ويعلى بن عبيد: هو الطنافسي، ثقة حافظ إلا في الثوري وعبد العزيز بن سياه وثقوه وله في الصحيحين، وحبيب بن ابي ثابت ثقة فقيه جليل، وأبو وائل شقيق ابن سلمة مثله.
*(24) المصنف للإمام/ أبو بكر بن أبي شيبة، ج7 ص558 برقم: (37914)
*(25) أخرجه الإمام/ البخاري في صحيحه، كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ، بَابُ قَوْلِهِ: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]، ج6 ص136 ح رقم: (4844).
*(26) فتح الباري شرح صحيح البخاري، للإمام/ ابن حجر العسقلاني، ج13 ص289 ح رقم: (7308).









التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» البرقليط النبي صلى الله عليه وسلم وبشارات الكتاب المقدس بالرسول
»» إلى جميع المخالفين الذين يسجلون بالمنتدى بمعرفات إسلامية
»» أقوى أوجه الشبه على الإطلاق بين (معممين / عوام) الرافضة، وعباد الصليب
»» د/ محمد المسير - حان الوقت للخروج من قفص الإتهام
»» حديث: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ»، مداراة وليس تقية ولا مداهنة يا من أعمى الله بصائرهم
 
قديم 05-08-17, 02:51 AM   رقم المشاركة : 3
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


ثانياً: قضية التحكيم بين علي ومعاوية رضى الله عنهما وأرضاهما



ثانياً: قضية التحكيم بين علي ومعاوية - رضى الله عنهما وأرضاهما.


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات - ق3 م2 ج4 شبهات حول عدالة الصحابة 2.
الشبهة السابعة والثلاثون: ص259.
وصم الحكمين سيدنا/ أبو موسى الأشعري، وسيدنا/ عمرو بن العاص – رضى الله عنهما وأرضاهما - بالسذاجة والغدر (وحاشاهما)، (*).
تنبيه إدارة الموقع:
أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع.
الرابط:
http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=03-01-0117

http://ia802709.us.archive.org/33/it...4_124568_2.pdf

(*) إعلام الأجيال باعتقاد عدالة أصحاب النبي الأخيار، أبو عبد الله إبراهيم سعداي، مكتبة الرشد، الرياض، ط2، 1414هـ/ 1993م.
العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429 هـ/ 2008 م.


مضمون الشبهة:
يطعن بعض المغرضين في عدالة الحكمين: عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري – رضى الله عنهما وأرضاهما، مستدلين على ذلك بمواقف وتصرفات في قصة التحكيم المشهورة (بين علي ومعاوية رضي الله عنهما)، واصمين أبا موسى بالبله والسذاجة وعمرا بالغدر. زاعمين أن عمرو بن العاص قد مكر مكرا كبيرا عندما خلع أبو موسى الأشعري - بسذاجة - عليا على أن يخلع عمرو معاوية أيضا ليختار المسلمون من يرضونه، ولكن عمرا بدلا من أن يخلع معاوية - خدع الجميع، فقال: ثبت معاوية. هادفين من وراء ذلك إلى الطعن في عدالتهما رضي الله عنهما، ومن ثم الطعن في عدالة الصحابة أجمعين.



وجها إبطال الشبهة:

1- إن الرواية المشهورة في التحكيم، والتي تطعن في عدالة أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص رضي الله عنهما تلك الرواية لا تثبت ولا تقوى أمام النظرة العلمية المتأنية والتمحيص الدقيق؛ فقد ثبت ضعفها سندا وكذبها متنا.


2- إن سيرة كلا الرجلين تثبت عكس ما يدعيه المغرضون؛ إذ ثبت أن أبا موسى - رضي الله عنه - كان رجلا ذكيا نبيها حكيما، كما أن إيمان سيدنا عمرو يمنعه من خداع المسلمين، فبطلت الشبهة عقلا بعد بطلانها نقلا.









التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» مناظرة مع منكر السنة/ ايمن1، حول ما يدعيه أن شرائع الإسلام جميعها من التوراة والإنجيل
»» حقبة من التاريخ : خلافة امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه
»» بيان الإسلام: الزعم أن قاعدة تقوية الحديث الضعيف بكثرة طرقه على إطلاقها
»» حديث «ائتونِى بِكتِف أَكتب لكم كِتابا»، والرد على شبهة ضلال الصحابة لعدم كتابة الكتاب
»» حديث: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ»، مداراة وليس تقية ولا مداهنة يا من أعمى الله بصائرهم
 
قديم 05-08-17, 02:52 AM   رقم المشاركة : 4
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


أولاً:نقد الرواية المشهورة في حادثة التحكيم وإثبات الرواية الصحيحة


أولاً: نقد الرواية المشهورة في حادثة التحكيم وإثبات الرواية الصحيحة:

تعد قضية التحكيم من أخطر الموضوعات في تاريخ الخلافة الراشدة، وقد ضل فيها كثير من الكتاب، وتخبط فيها آخرون؛ لأنهم اعتمدوا على الروايات الضعيفة والموضوعة التي شوهت صورة الصحابة الكرام، وخصوصا أبا موسى الأشعري، الذي وصفوه بأنه كان أبله، ضعيف الرأي، مخدوعا في القول، وبأنه كان على جانب كبير من الغفلة؛ ولذلك خدعه عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في قضية التحكيم، ووصفوا عمرو بن العاص بأنه كان صاحب مكر وخداع. فكل هذه الصفات الذميمة حاول المغرضون والحاقدون على الإسلام إلصاقها بهذين الرجلين العظيمين، اللذين اختارهما المسلمون ليفصلا في خلاف كبير أدى إلى قتل كثير من المسلمين، وقد تعامل الكثير من المؤرخين والأدباء والباحثين مع الروايات التي وضعها خصوم الصحابة الكرام على أنها حقائق تاريخية، وقد تلقاها الناس منهم بالقبول دون تمحيص لها، وكأنها صحيحة لا مرية فيها، وقد يكون لصياغتها القصصية المثيرة، وما زعم فيها من خداع ومكر أثر في اهتمام الناس بها وعناية المؤرخين بتدوينها، وليعلم أن كلامنا هذا ينصب على التفصيلات لا على أصل التحكيم؛ حيث إن أصله حق لا شك فيه *(1).


وقد أورد د/ محمد أمحزون الرواية المشهورة في قضية التحكيم والتي تقدح في أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما في كتابه "تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة"،
ثم رد عليها ونقدها نقدا علميا مبينا، يحسن بنا أن نرجع إليه،
حيث كتب يقول
*(2).
ويروي الإمام الطبري عن أبي مخنف حديث المناظرة بين الحكمين، فيقول: قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب الكلبي أن عمرا وأبا موسى حيث التقيا بدومة الجندل، أخذ عمرو يقدم أبا موسى في الكلام، ويقول: إنك صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت أسن مني، فتكلم وأتكلم، فكان عمرو قد عود أبا موسى أن يقدمه في كل شيء، ابتغى بذلك كله أن يقدمه، فيبدأ بخلع علي رضي الله عنه. قال: فنظر في أمرهما وما اجتمعا عليه، فأراده عمرو على معاوية فأبى، وأراده على ابنه فأبى، وأراد أبو موسى عمرا على عبد الله بن عمر فأبى عليه، فقال له عمرو: خبرني ما رأيك؟ قال: رأيي أن نخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شورى بين المسلمين، فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا، فقال له عمرو: فإن الرأي ما رأيت، فأقبلا على الناس وهم مجتمعون، فقال: يا أبا موسى، أعلمهم بأن رأينا قد اجتمع واتفق، فتكلم أبو موسى فقال: إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله - عز وجل - به أمر هذه الأمة، فقال عمرو: صدق وبر، يا أبا موسى، تقدم فتكلم، فتقدم أبو موسى ليتكلم، فقال له ابن عباس: ويحك! والله إني لأظنه قد خدعك، إن كنتما قد اتفقتما على الأمر، فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك، ثم تكلم أنت بعده، فإن عمرا رجل غادر، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه، فإذا قمت في الناس خالفك، وكان أبو موسى مغفلا، فقال له: إنا قد اتفقنا، فتقدم أبو موسى فحمد الله - عز وجل - وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة، فلم نر أصلح لأمرها ولا ألـم لشعثها من أمر قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه، وهو أن نخلع عليا ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم، وإني قد خلعت عليا ومعاوية، فاستقبلوا أمركم، وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلا، ثم تنحى، وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية، فإنه ولي عثمان بن عفان والطالب دمه، وأحق الناس بمقامه، فقال أبو موسى: مالك لا وفقك الله، غدرت وفجرت، إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، قال عمرو: إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا، وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه بالسوط وحمل على شريح (ابن عمرو) فضربه بالسوط، وقام الناس فحجزوا بينهم، وكان شريح بعد ذلك يقول: ما ندمت على شيء ندامتي على ضرب عمرو بالسوط، ألا أكون ضربته بالسيف آتيا به الدهر ما آتي، والتمس أهل الشام أبا موسى فركب راحلته ولحق بمكة.
قال ابن عباس: قبح الله رأي أبي موسى، حذرته وأمرته بالرأي فما عقل، فكان أبو موسى يقول: حذرني ابن عباس غدرة الفاسق، ولكني اطمأننت إليه، وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمة، ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية وسلموا عليه بالخلافة، ورجع ابن عباس وشريح ابن هانئ إلى علي - رضي الله عنه - وكان إذا صلى الغداة يقنت فيقول: «اللهم العن معاوية، وعمرا، وأبا الأعور السلمي، وحبيبا - ابن مسلمة - وعبد الرحمن بن خالد، والضحاك بن قيس، والوليد - ابن عقبة - فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن عليا، وابن عباس، والأشتر، وحسنا وحسينا ابنا علي» *(3).



نقد هذه الرواية في قصة التحكيم:
لما كان حادث التحكيم على قدر كبير من الأهمية في فهم التاريخ السياسي للدولة الإسلامية في تلك المرحلة الباكرة، فإنه من الضروري إجلاء حقيقة وقائعه، حيث أسيء تصوير هذا الحادث بقدر ما أسيء تفسيره، فنتج عن الأمرين خلط كثير وإساءة إلى مكانة الصحابة وقدرهم، حيث باتت القصة الشائعة بين الناس عن حادث التحكيم تتهم بعضهم بالخداع والغفلة، وتتهم آخرين بالطمع في السلطة.


وبإخضاع هذه الرواية للدراسة والتحليل يلاحظ عليها أمران:

(1) ضعف سندها.

(2) اضطراب متنها.



أما سندها ففيه راويان متهمان في عدالتهما
وهما:
أبو مخنف لوط بن يحيى، وأبو جناب الكلبي.
الأول: ضعيف ليس بثقة، (سبق بيان ترجمته في الرسائل أعلاه).

والثاني: قال فيه ابن سعد: كان ضعيفا، وقال البخاري وأبو حاتم: كان يحيى القطان يضعفه، وقال عثمان الدارمي: ضعيف وقال النسائي: ضعيف. (سبق بيان ترجمته في الرسائل أعلاه).



أما المتن فيلاحظ عليه ثلاثة أمور هي:

1- ما يتعلق بالخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، والذي أدى إلى الحرب بينهما.

2- ما يتعلق بمنصب كل من علي ومعاوية.

3- ما يخص شخصية أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص.


وإليك التفصيل:

1- موضوع الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:


من المعروف والمتفق عليه بين جميع المؤرخين أن الخلاف بين علي ومعاوية كان سببه أخذ القصاص من قتلة عثمان، فقد ظن معاوية أن عليا قد قصر فيما يجب عليه من القصاص لعثمان بقتل قاتليه، ومن ثم رفض بيعته وطاعته، إذ رأى القصاص قبل البيعة لعلي، وهو ولي الدم لقرابته من عثمان.
وبموقف معاوية هذا في الامتناع عن بيعة علي انتظارا للقصاص من قتلة عثمان، ولعدم إنفاذ أوامره في الشام - أصبح معاوية ومن تبعه من أهل الشام في نظر علي في موقف الخارجين على الخلافة؛ إذ كان رأيه أن بيعته قد انعقدت برضاء من حضرها من المهاجرين والأنصار بالمدينة، ولزمت بذلك بقية المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية، ولذلك رأى أن معاوية ومن معه من أهل الشام بغاة خارجون عليه، وهو الإمام منذ بويع بالخلافة، فقرر أن يخضعهم ويردهم إلى حظيرة الجماعة ولو بالقوة.

ويقول ابن حزم في هذا الصدد:
إن عليا قاتل معاوية لامتناعه من تنفيذ أوامره في جميع أرض الشام، وهو الإمام الواجبة طاعته، ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة، لكن اجتهاده أداه إلى أن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان على البيعة، ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه من أولاد عثمان وأولاد الحكم بن أبي العاص لسنه وقوته على الطلب بذلك وأصاب في هذا، وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط.

وفهم الخلاف على هذه الصورة - وهي صورته الحقيقية - يبين إلى أي مدى تخطئ الرواية السابقة عن التحكيم في تصوير قرار الحكمين.


إن الحكمين كانا مفوضين للحكم في الخلاف بين علي ومعاوية، ولم يكن الخلاف بينهما حول الخلافة ومن أحق بها منهما، وإنما كان حول توقيع القصاص على قتلة عثمان، وليس هذا من أمر الخلافة في شيء، فإذا ترك الحكمان هذه القضية الأساسية، وهي ما طلب منهما الحكم فيه، واتخذا قرارا في شأن الخلافة كما تزعم الرواية الشائعة، فمعنى ذلك أنهما لم يفقها موضوع النزاع، ولم يحيطا بموضوع الدعوى، وهو أمر مستبعد جدا.



2- منصب كل من علي ومعاوية رضي الله عنهما، ومكانتهما:

كان معاوية - رضي الله عنه - قد تولى حكم الشام نائبا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وبقي في ولايته إلى أن مات عمر - رضي الله عنه - وتولى عثمان - رضي الله عنه - أمر الخلافة فأقره في منصبه، ثم قتل عثمان، وتولى علي - رضي الله عنه - الخلافة فلم يقر معاوية - رضي الله عنه - في عمله، حيث أصبح معزولا بعد انتهاء ولايته بمقتل الخليفة الذي ولاه.

وبذلك فقد معاوية - رضي الله عنه - مركزه ومنصبه كوال لبلاد الشام، وإن لم يفقد مركزه الفعلي أو الواقعي كحاكم غير مولى للشام بحكم اتباع الناس إياه، واقتناعهم بالسبب الذي جعله يرفض بيعة علي - رضي الله عنه - وهو المطالبة باقتضاء حقه في القصاص من قتلة عثمان - رضي الله عنه - باعتباره وليا للدم.


وإذا كان الأمر كذلك - وهو الثابت تاريخياً:

فإن قرار الحكمين إذا تضمن فيما تزعم الرواية المذكورة - عزل كل من علي ومعاوية رضي الله عنهما، فقد ورد العزل في حق معاوية على غير محله؛ لأنه إذا تصورنا أن يعزل الحكمان عليا من منصب الخلافة - إذا فرضنا جدلا أنهما كانا يحكمان فيها، فعم يعزلان معاوية؟!


هل كانا يملكان عزله عن قرابته أو منعه من المطالبة بحقه فيها؟!

وهل عهد التاريخ في حقبة أن يعزل ثائر عن زعامة الثائرين معه بقرار يصدره قاضيان؟!

لا شك أن هذا عامل آخر يؤيد بطلان القصة الشائعة عن قضية التحكيم والقرار الصادر فيها.




3- شخصية كل من أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص رضي الله عنهما:


إن القول بأن أبا موسى الأشعري كان في قضية التحكيم ضحية خديعة عمرو بن العاص ينافي الحقائق التاريخية الثابتة عن فضله وفطنته وفقهه ودينه، والتي تثبت له توليه بعض أعمال الحكم والقضاء في الدولة الإسلامية منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على زبيد وعدن،
واستعمله عمر - رضي الله عنه - على البصرة وبقي واليا عليها إلى أن قتل عمر - رضي الله عنه.
وكذلك استعمله عثمان بن عفان - رضي الله عنه - على البصرة، ثم على الكوفة، وبقي واليا عليها إلى أن قتل عثمان - رضي الله عنه.
فأقره علي - رضي الله عنه - فهل يتصور أن يثق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم خلفاؤه من بعده برجل يمكن أن تجوز عليه مثل هذه الخدعة التي ترويها قصة التحكيم؟!


هذا وقد شهد الصحابة وكثير من علماء التابعين لأبي موسى - رضي الله عنه - بالرسوخ في العلم، والكفاءة في الحكم، والفطنة والكياسة في القضاء، فهذه شهادة عمر عن أنس قال:
بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟ فَقُلْتُ لَهُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ.
فَقَالَ:
أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ وَلا تُسْمِعْهَا إِيَّاهُ *(4)، *(5).


وقال الشعبي:
كتب عُمَر فِي وصيته:
أن لا يقر لي عامل أكثر من سنة، واقروا الأشعري أربع سنين. *(6).


وقال مسروق:
كَانَ القَضَاءُ فِي الصَّحَابَةِ إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيٍّ وَزِيْدٍ، وأبي موسى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم *(7).


وقال الأسود بن يزيد:
"لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوْسَى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا" *(8).


وقال صفوان بن سليم:
لَمْ يَكُنْ يُفْتِي فِي المَسْجِدِ زَمَنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ هَؤُلاَءِ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ وَأَبِي مُوْسَى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. *(9).


وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه مع معاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، وقد استدل ابن حجر بذلك على أنه كان عالمـا فطنا، حيث قال:
تَنْبِيهٌ:
كَانَ بَعْثُ أَبِي مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ لِأَنَّهُ شَهِدَ غَزْوَةَ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ عَالِمًا فَطِنًا حَاذِقًا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُوَلِّهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِمَارَةَ وَلَوْ كَانَ فَوَّضَ الْحُكْمَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَوْصِيَتِهِ بِمَا وَصَّاهُ بِهِ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ
وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ فَطَعَنُوا فِيهِ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ الْفِطْنَةِ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ فِي التَّحْكِيمِ بِصِفِّينَ
قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ:
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي وَصْفُهُ بِذَلِكَ وَغَايَةُ مَا وَقَعَ مِنْهُ أَنَّ اجْتِهَادَهُ أَدَّاهُ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَة من أهل بدر وَنَحْوهم لِمَا شَاهَدَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الشَّدِيدِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِصِفِّينَ وَآلَ الْأَمْرُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ *(10).


وروى الزبير بن الخريت عن أبي عبيد قال:
مَا كُنَّا نُشَبِّهُ كَلامُ أَبِي مُوسَى إِلا بِالْجَزَّارِ الَّذِي لا يُخْطِئُ الْمَفْصِلَ *(11).


وقد ثبت عن أبي موسى - رضي الله عنه - أيضا أنه كان ممن حفظ القرآن كله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من المشهورين بتعليمه للناس، فإذا علم أن مدار حياة الناس في ذلك العهد - في سلمهم وحربهم - كان على فقه القرآن والسنة، وعلمت مكانة أبي موسى من ذلك حتى خصه عمر بن الخطاب بكتابه المشهور في القضاء وسياسة الحكم، فكيف يمكن تصور غفلته إلى هذا الحد فلا يفقه حقيقة النزاع الذي كلف بالحكم فيه، ويصدر فيه قرار عزل الخليفة الشرعي بدون مبرر يسوغ هذا الفعل، وقرار عزل معاوية المزعوم، ثم يقع منه ومن عمرو بن العاص ما نسب إليهما من السب والشتم، وهو أمر يتعارض مع ما عرف وتواتر عن الصحابة - رضي الله عنهم - من حسن الخلق وأدب الحديث.



وإذا كان علم أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وخبرته في القضاء يحولان بينه وبين أن يخطئ الحكم في القضية التي أوكل إليه النظر في أمرها،
فإن ذلك أيضا هو شأن عمرو بن العاص الذي يعتبر من أذكياء العرب وحكمائهم، وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي بين خصمين في حضرته،
وبشره حين سأله: يا رسول الله، أقضي وأنت حاضر؟ بأن له إن أصاب أجرين وإن أخطأ أجرا واحدا
حين قال له:
«إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» *(12).


وقبول تلك الرواية يعني الحكم على عمرو بن العاص - رضي الله عنه - بأنه كان في أداء مهمته رجلا تسيره الأهواء، فتطغى لا على فطنته وخبرته فحسب، بل على ورعه وتقواه أيضا.

على أنه - رضي الله عنه - كان من أجلاء الصحابة وأفاضلهم، ومناقبه كثيرة،

فقد أخرج الترمذي من حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عَمْرَو بْنَ العَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ» *(13)،


وروى كذلك بسنده إلى عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ» *(14).


وقال قبيصة بن جابر:
"قد صحبت عمرو بن العاص، فما رأيت رجلا أبين - أو أنصع - رأيا، ولا أكرم جليسا منه، ولا أشبه سريرة بعلانية منه" *(15).


ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه أن أحدا من السلف لم يتهم عمرو بن العاص ومعاوية رضي الله عنهما بنفاق أو خداع،
فيقول:
وَأَيْضًا فَعَمْرُو بْنُ العاص وَأَمْثَالُهُ مِمَّنْ قَدِمَ مُهَاجِرًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ هَاجَرُوا إلَيْهِ مِنْ بِلَادِهِمْ طَوْعًا لَا كَرْهًا، وَالْمُهَاجِرُونَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُنَافِقٌ؛
وَإِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ فِي بَعْضِ مَنْ دَخَلَ مِنْ الْأَنْصَارِ؛ وَذَلِك أَنَّ الْأَنْصَارَ هُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ؛ فَلَمَّا أَسْلَمَ أَشْرَافُهُمْ وَجُمْهُورُهُمْ احْتَاجَ الْبَاقُونَ أَنْ يُظْهِرُوا الْإِسْلَامَ نِفَاقًا؛ لِعِزِّ الْإِسْلَامِ وَظُهُورِهِ فِي قَوْمِهِمْ.
وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ فَكَانَ أَشْرَافُهُمْ وَجُمْهُورُهُمْ كُفَّارًا فَلَمْ يَكُنْ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ إلَّا مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ يُؤْذَى وَيُهْجَرُ؛
وَإِنَّمَا الْمُنَافِقُ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ لِمَصْلَحَةِ دُنْيَاهُ.
فَلَوْ كَانَ " عَمْرُو بْنُ العاص " وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَمْثَالُهُمَا " مِمَّنْ يُتَخَوَّفُ مِنْهُمَا النِّفَاقُ لَمْ يُوَلَّوْا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ عَمْرُو بْنُ العاص قَدْ أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَلِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُنَافِقًا،
وَقَدْ اسْتَعْمَلَ عَلَى نَجْرَانَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَبَا مُعَاوِيَةَ، وَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو سُفْيَانَ نَائِبُهُ عَلَى نَجْرَانَ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ إسْلَامَ مُعَاوِيَةَ خَيْرٌ مِنْ إسْلَامِ أَبِيهِ أَبِي سُفْيَانَ، فَكَيْفَ يَكُونُ هَؤُلَاءِ مُنَافِقِينَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتَمِنُهُمْ عَلَى أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ *(16).


مما سبق يتبين كذب الرواية التي اشتهرت وتناقلها الناس في قضية التحكيم؛ فقد نقدها العلماء نقدا علميا موضوعيا، وأبانوا زيفها وبطلانها من حيث السند والمتن.



ويحسن بنا الآن أن نورد الرواية الصحيحة التي تبين حقيقة قرار الحكمين، وقد أوردها العلماء الأثبات في كتبهم، وإليك بيانا بذلك:

حقيقة قرار الحكمين:

أخرج ابن عساكر عن حصين بن المنذر أنه جاء فضرب فسطاطه قريبا من فسطاط معاوية، فبلغ نبؤه معاوية، فأرسل إليه فقال: " إنه بلغني عن هذا - عمرو بن العاص - الذي بلغني عنه فأتيته، فقلت: أخبرني عن الأمر الذي وليت أنت وأبو موسى كيف صنعتما فيه؟
قال: قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا، ولكن قلت لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راض عنهم، قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: إن يستعن بكما ففيكما معونة، وإن يستغن عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما" *(17).

"وليس من شك في أن أمر الخلاف الذي رأى الحكمان رده إلى الأمة أو إلى أهل الشورى ليس إلا أمر الخلاف بين علي ومعاوية حول قتلة عثمان، وهو ما أطبقت على ذكره المصادر الإسلامية. أما الخلاف حول الخلافة فلم يكن قد نشأ عندئذ، ولم يكن معاوية مدعيا للخلافة، ولا منكرا حق علي فيها كما تقرر سابقا، وإنما كان ممتنعا عن بيعته وعن تنفيذ أوامره في الشام حيث كان متغلبا عليها بحكم الواقع لا بحكم القانون، مستفيدا من طاعة الناس له بعد أن بقي واليا فيها زهاء عشرين سنة" *(18).


هذا،
وقد سبق العلماء المختصون بتصحيح الروايات التاريخية إلى نقد الرواية الشائعة عن التحكيم، وعلى رأسهم القاضي أبو بكر بن العربي، الذي قال عنها:
وقد تكلم الناس في التحكيم، فقالوا فيه ما لا يرضي الله، وإذا لاحظتموه بعين المروءة دون الديانة، رأيتم أنها سخافة، حمل على سطرها في الكتب - في الأكثر - عدم الدين، و - في الأقل - جهل مبين.
والذي صح من ذلك ما روى الأئمة كخليفة بن خياط، والدارقطني أنه لما خرجت الطائفة العراقية في مائة ألف، والشامية في سبعين أو تسعين ألفا، ونزلوا على الفرات بصفين، اقتتلوا في أول يوم - وهو الثلاثاء - على الماء، فغلب أهل العراق عليه، ثم التقوا يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر، ويوم الخميس، ويوم الجمعة، وليلة السبت، ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح، وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل، حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعوتين بالحق، فكان من جهة علي أبو موسى الأشعري، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص، وكان أبو موسى رجلا تقيا، ثقفا، فقيها، عالما، أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن مع معاذ، وقدمه عمر، وأثنى عليه بالفهم.
وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله ضعيف الرأي، مخدوعا في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأدب، حتى ضربت الأمثال بدهائه، تأكيدا لما أرادت من الفساد، وتبع في ذلك بعض الجهال بعضا، وصنعوا فيها حكايات. وغيره من الصحابة كان أحذق منه، وأدهى. وإنما بنوا ذلك على أن عمرا لما غدر بأبي موسى في قصة التحكيم، صار له بذلك الذكر في الدهاء والمكر، وقالوا: إنهما لما اجتمعا بأذرح من دومة الجندل، وتفاوضا اتفقا على أن يخلعا الرجلين، فقال عمرو لأبي موسى: اسبق بالقول، فتقدم فقال: إني نظرت فخلعت عليا عن الأمر، ولينظر المسلمون لأنفسهم، كما خلعت سيفي هذا عن عاتقي، وأخرجه من عنقه، فوضعه في الأرض، وقام عمرو فوضع سيفه بالأرض، وقال: إني نظرت فأثبت معاوية في الأمر، كما أثبت سيفي هذا في عاتقي، وتقلده، فأنكر أبو موسى. فقال عمرو: كذلك اتفقنا، وتفرق الجمع على ذلك من الاختلاف.
وهذا كله كذب صراح ما جرى منه قط حرف، وإنما هو شيء اخترعته المبتدعة، ووضعته التاريخية للملوك، فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع" *(19).


وقال أبو الخطاب ابن دحية الكلبي في كتابه: "أعلام النصر المبين في المفاضلة بين أهل صفين"، قال الإمام/ أبو بكر محمد بن الطيب الأشعري - الباقلاني - في "مناقب الأئمة":

فما اتفق الحكمان قط على خلعه - علي بن أبي طالب -... وعلى أنهما لو اتفقا على خلعه لم ينخلع حتى يكون الكتاب والسنة المجتمع عليهما يوجبان خلعه أو أحد منهما على ما شرطا في الموافقة بينهما أو إلى أن يبينا ما يوجب خلعه من الكتاب والسنة، ونص كتاب علي - رضي الله عنه:
اشترط على الحكمين
أن يحكما بما في كتاب الله - عز وجل - من فاتحته إلى خاتمته لا يجاوزان ذلك ولا يحيدان عنه، ولا يميلان إلى هوى ولا إدهان، وأخذ عليهما أغلظ العهود والمواثيق، وإن هما جاوزا بالحكم كتاب الله فلا حكم لهما... والكتاب والسنة يثبتان إمامته، ويعظمانه ويثنيان عليه، ويشهدان بصدقه وعدالته، وإمامته وسابقته في الدين، وعظيم عنائه في جهاد المشركين، وقرابته من سيد المرسلين، وما خص به من القدم في العلم والمعرفة بالحكم، ووفور الحلم، وأنه حقيق بالإمامة، وأهل لحمل أعباء الخلافة... " *(20).


»––––––––»
»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»

*(1) أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، د/ علي محمد محمد الصلابي، دار الإيمان، مصر، 2003م، ص586.
*(2) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، محمد أمحزون، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص514 وما بعدها بتصرف.
*(3) ضعيف لا يصح: رواه الطبري في تاريخ الأمم والملوك، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1407هـ، (3/ 112، 113)، والرواية عن طريق أبي مخنف وإسنادها لا يصح، فأبو مخنف راوي الخبر هو لوط بن يحيى إخباري تالف لا يوثق به، قال الدار قطني: ضعيف.
*(4) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى، (2/ 345).
*(5) أخبار الشيعة وأحوال رواتها، السيد محمود شكري الألوسي، تحقيق: محمد مال الله، ص119، 120.
*(6) تهذيب الكمال، الحافظ المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (15/ 452).
*(7) سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، ج2 ص318.
*(8) سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، ج2 ض388.
*(9) سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، ج2 ض389.
*(10) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (7/ 659، 660).
*(11) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى، (4/ 111).
*(12) صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاعتصام، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، (13/ 330)، رقم (7352).
*(13) صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب عن رسول الله، باب: مناقب عمرو بن العاص رضي الله عنه، (10/ 232)، رقم (4098). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (653).
*(14) صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب عن رسول الله، باب مناقب عمرو بن العاص رضي الله عنه، (10/ 231)، رقم (4097). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (155).
*(15) تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404هـ/ 1984م، (8/ 50).
*(16) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: عامر الجزار وأنور الباز، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (1/ 445).
*(17) انظر: العواصم من القواصم، محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي، تحقيق: محب الدين الخطيب ومحمود مهدي الإستانبولي، دار الجيل، بيروت، ط2، 1407هـ/ 1987م، ص311. وانظر: تاريخ دمشق، ابن عساكر، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت، د. ت، (46/ 175).
*(18) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، محمد أمحزون، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص524.
*(19) العواصم من القواصم، محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي، تحقيق: محب الدين الخطيب ومحمود مهدي الإستانبولي، دار الجيل، بيروت، ط2، 1407هـ/ 1987م، ص308: 310.
*(20) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، محمد أمحزون، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص524، 525.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» بيان الإسلام: الرد على دعوى تعارض القرآن مع السنة - وطء المرأة في دبرها
»» الرد على إنكار النصارى والملاحدة، نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته
»» واجبات الإمام من دين الرافضة عجز الـ لا درزن المقدس عن القيام بها
»» هذا عظيم قدر وعلو شأن رسول الله في القرآن، فأين من تزعم الرافضة إمامته؟!
»» منكر السنة/ ايمن1 - ما هي الأدوات اللازمة لفهم وتدبر القرآن الكريم
 
قديم 05-08-17, 02:54 AM   رقم المشاركة : 5
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


ثانياً: مناقب سيدنا/ أبي موسى وسيدنا/ عمرو بن العاص – رضى الله عنهما وأرضاهما


ثانياً: مناقب سيدنا/ أبي موسى وسيدنا/ عمرو بن العاص – رضى الله عنهما وأرضاهما.


1- سيدنا/ أبو موسى الأشعري – رضى الله عنه وأرضاه.


هو عبد الله بن قيس المكنى بـ "أبي موسى الأشعري"، وتبدأ قصته المباركة من أرض اليمن، حيث كان يعيش بين أهلها الذين وصفهم الحبيب - صلى الله عليه وسلم - برقة القلوب،
فقال صلى الله عليه وسلم:
«أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ...» *(1).

فكيف يوصف الحكيم اليماني - أبو موسى الأشعري - بالبله وضعف الرأي مع أنه كان أول من أسلم من قومه؟


وكان أبو موسى - رضي الله عنه - إذا قرأ القرآن بصوته تشعر وكأن الدنيا كلها تتمايل طربا بصوته العذب الرخيم *(2)؛ حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في يوم:
«إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ أَو الْأَشْعَرِيَّ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» *(3).


وفي رواية أنه قال له:
«لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» *(4).

فها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شغل في يومه هذا بالاستماع إلى قراءة أبي موسى فمال إليها وأصغى، وأعجب بها أيما إعجاب، فهل كان النبي سيترك أعباء الدولة ليستمع إلى قراءة رجل من صفاته السفه أوالبله؟


سئل علي بن أبي طالب عن أبي موسى الأشعري فقال:
"صُبِغَ فِي الْعِلْمِ صِبْغَةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ" *(5).
فهذه شهادة من علي بن أبي طالب تشهد بعلمه وفضله، وليس للبله والسفه إلى العلماء من سبيل.


وكان أبو موسى فقيها ذكيا يتألق روعة وجمالا وبهاء وعدلا في الإفتاء والقضاء.
قَالَ مَسْرُوْقٌ:
كَانَ القَضَاءُ فِي الصَّحَابَةِ إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيٍّ وَزِيْدٍ، وأبي موسى *(6).


وَعَنِ الشَّعْبِيِّ:
قَالَ:
قُضَاةُ الأُمَّةِ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَأَبُو مُوْسَى *(7).

فهل من المعقول أن يوصف مثل هذا الرجل بالبله، وقد أقره عمر - رضي الله عنه - في ولايته، وأعطاه ما لم يعط غيره - كما ذكرنا آنفا؟


أصيب أبو عامر الأشعري بسهم في إحدى المعارك - كان سببا في استشهاده - وكان قد طلب من أبي موسى قبل أن يموت أن يذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويطلب منه أن يستغفر له، فأخبر أبو موسى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبره،
«
فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ:
«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ». وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ».
فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ،
فَقَالَ:
«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا» *(8)، *(9).

فانظر إليه، لا يفوته أن يفوز بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو لأبي عامر، فهل بعد هذا فطنة وذكاء؟!



2- سيدنا/ عمرو بن العاص – رضى الله عنه وأرضاه.

قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:
«أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ» *(10).

فهل يخدع إنسان شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان - أخاه المسلم؟


وقد قال الله تعالى في حق المؤمنين:
۩ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) ۩ سورة يونس.


وقد أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيش المسلمين في غزوة ذات السلاسل، فهل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مخدوعا فيه عندما أمره على الجيش؟
وقال عنه فيما رواه الترمذي:
«عَمْرَو بْنَ العَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ» *(11).


روى الحاكم في مستدركه،
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَنْ خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي» فَأَخَذْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي وَسِلَاحِي ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ قَاعِدًا يَتَوَضَّأُ، فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ، ثُمَّ طَأْطَأَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَمْرُو، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ يُغْنِمْكَ اللَّهُ وَيُسَلِّمْكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً»
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أُسْلِمْ لِلْمَالِ، إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَكَ.
قَالَ:
«يَا عَمْرُو، نِعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» *(12)، *(13).


وإذا كان قد عرف عن عمرو بن العاص أنه كان مخادعا وذكيا وداهية، أو أنه داهية العرب، فهذا المكر والخداع لم يستخدمه مع المسلمين، ولم يكن ليفعل ذلك، وهو الرجل الصالح، بل كان يستخدمه في الحروب مع أعداء الإسلام، ومن ذلك أن الفاروق كان إذا ذكر أمامه حصار بيت المقدس، وما أبدى فيه عمرو بن العاص من براعة
يقول:
" قَدْ رَمَيْنَا أَرْطَبُونَ الرُّومِ بِأَرْطَبُونِ الْعَرَبِ، فَانْظُرُوا عَمَّا تَنْفَرِجُ" *(14).


فهذا الخداع إنما كان يستخدمه مع أعداء الإسلام، وهذا أمر محمود، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«الحَرْبُ خَدْعَةٌ» *(15).


ومن المواطن التي يباح فيها الكذب الحروب مع أعداء الإسلام. لكن أن يلجأ عمرو بن العاص إلى الخداع والكذب والوقيعة بين المسلمين في وقت اشتعلت فيه الفتنة بينهم، وقد اختير ليكون حاكما ومصلحا، فهذا لا يفعله رجل شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان حيث قال:
«أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ» *(16).


ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ ۩۞۩ ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ


خلاصة الرد:

◄ ثبت زيف الرواية التي اشتهرت في التحكيم والتي تطعن في عدالة أبي موسى وعمرو بن العاص؛ إذ إنها رواية مكذوبة، ففي سندها راويان ضعيفان وليسا بثقة وهما:
أبو مخنف لوط بن يحيى، وأبو جناب الكلبي، هذا من ناحية السند،
أما من ناحية المتن فإننا نلحظ كذبها بوضوح إذ إن الحكمين كانا مفوضين للحكم في الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما كما هو معلوم - ولم يكن الخلاف بينهما حول الخلافة ومن منهما أحق بها.

◄ إن عزل أو تثبيت كل من علي ومعاوية رضي الله عنهما من خلال الحكمين أمر مستبعد؛ إذ إن العزل في حق معاوية هنا وقع في غير محله؛ حيث لم يكن للحكمين أن يعزلا معاوية، وعما يعزلاه؟!


◄ إن القول بأن عمرو بن العاص خدع أبا موسى الأشعري قول لا يرقى إلى أدنى درجات الصحة، فضلا عن أعلاها؛ ذلك أن شخصية أبي موسى الأشعري كانت هذه الشخصية العالمة بل الراسخة في العلم الواعية العاقلة، ولم يكن كما يدعي المدعون بهذه السذاجة وذاك البله، فلقد أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا، وكان هو المعلم والمفتي والقاضي يقول الأسود بن يزيد:
"لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوْسَى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا".


◄ كان عمرو - رضي الله عنه - رجلا أمينا مؤمنا لا يخدع مسلما ولا يخون، وكيف يخدع أو يخون، وهو من أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان في قوله:
«أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ»
وبه تبطل هذه القصة متنا بعدما بطلت سندا مما يرد الشبهة كلية.


◄ إن وجود الرواية الصحيحة من الأهمية بمكان ونحن نفند الرواية المكذوبة؛ إذ إن ما حدث كما يحكيه عمرو بن العاص،
فيقول:
"قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا، ولكن قلت لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راض عنهم، قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: "إن يستعن بكما ففيكما معونة، وإن يستغن عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما..." ولعل هذا ما يرتاح إليه القلب والعقل لأنه المؤمل في القوم الذين أثنى الله - سبحانه وتعالى - عليهم وأثنى عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم.


◄ إن المنقب في حياة أبي موسى الأشعري وكذلك عمرو بن العاص ليشهد بنفسه أن ما يحاول أن يلصقه بهما المغرضون محال عليهما؛ إذ كل منهما رضي الله عنهما يتميز بميزات خاصة وفضائل جمة وأخلاقيات عظيمة؛
وها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يستمع إلى قراءة أبي موسى للقرآن ويثني عليها، وها هو عمر - الملهم - يثني على أبي موسى الأشعري وذلك حينما سأل عنه أنس فأخبره أنه يعلم الناس القرآن،
فقال عمر:
"أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ"
فهل من المعقول أن يوصف مثل هذا الرجل بالبله؟!


◄ ثم إن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قد أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم.
وقال عنه:
«إِنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ»،
ولذا نجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره على الجيش في غزوة ذات السلاسل وكان النصر من الله تعالى على يديه، ثم إننا نتساءل:
كيف يخدع عمرو بن العاص المسلمين ولمصلحة من؟!
وهو من عرض عليه المال في مظانه،
فقال:
«يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أُسْلِمْ لِلْمَالِ، إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَكَ»،
ولا يعقل أن يخدع إنسان من أجل شيء آخر غير المال، وهو من أقوى الأدلة على بطلان هذه الشبهة؛ إذ كيف لا يشتري دنياه بآخرته، ويفضل الآخرة وحدها خالصة لله، ثم يدعي هؤلاء أنه يبيع آخرته بدنيا غيره؟!!


»––––––––»
»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»

*(1) صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب: قدوم الأشعريين أهل اليمن، (7/ 701)، رقم (4388)، صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه، (1/ 324)، رقم (179).
*(2) أصحاب الرسول، محمود المصري، دار التقوى، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، (2/ 156: 159) بتصرف.
*(3) صحيح مسلم، 6- كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، 34 - بَابُ اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، ج1 ص546 ح رقم: 235-(793)
*(4) متفق عليه:
أخرجه الإمام/ مسلم في صحيحه واللفظ له، 6 - كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، 34 - بَابُ اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، ج1 ص546 ح رقم: 236-(793)
والإمام/ البخاري في صحيحه، كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ، بَابُ حُسْنِ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ، ج6 ص195 ح رقم: (5048).
*(5) أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى، ج1 ص142، رقم (103).
*(6) سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، ج2 ص318.
*(7) سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، ج2 ض389.
*(8) صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب: غزاة أوطاس، (7/ 637)، رقم (4323). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما، (8/ 3636) رقم (6289).
*(9) أصحاب الرسول، محمود المصري، دار التقوى، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، (2/ 162) بتصرف.
*(10) صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: مناقب عمرو بن العاص، (10/ 231)، رقم (4097). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (155).
*(11) صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: مناقب عمرو بن العاص، (10/ 232)، رقم (4098). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (653).
*(12) صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كِتَابُ التَّفْسِيرِ، مِنْ كِتَابِ قِرَاءَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقَدْ صَحَّ سَنَدُهُ، ج2 ص257، ح رقم (2926)، وصححه الحاكم في تعليقه ووافقه الذهبي.
*(13) أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، محمود المصري، دار التقوى، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، (2/ 239).
*(14) البداية والنهاية، ابن كثير، ط دار التقوى، القاهرة، 2004م، وَقْعَةُ أَجْنَادِينَ، ج4 ص178.
*(15) صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابٌ: الحَرْبُ خَدْعَةٌ، (6/ 183)، رقم (3030). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز الخداع في الحرب، (7/ 2711)، رقم (4458، 4459).
*(16) صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب، باب: مناقب عمرو بن العاص، ج10 ص231، ح رقم (4097)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (155).








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر وأركان هذا الإيمان
»» بيان الإسلام: تبشير الكتاب المقدس بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم
»» هل الرفق واللين هما الأصل الذي يحرم الخروج عنه
»» إلى جميع المخالفين الذين يسجلون بالمنتدى بمعرفات إسلامية
»» حديث: فأعرضوه على القرآن، وضعته الزنادقة، ويدفعه حديث: "أوتيت الكتاب ومثله معه"
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:53 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "