العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ عبدالرحمن دمشقية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-02-08, 06:37 PM   رقم المشاركة : 11
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



الأزهري الأصلي: 30-12-2007, 17:41
السلام عليكم
سأعلق في هذه المشاركة على الأمور الخاصة بموضوع التفويض ولن اعلق على النقاط الخارجة عن الموضوع.

1- بالنسبة لمقولة الإمام مالك -رضي الله عنه-:

سبق وذكرنا أقوال العلماء في هذه المقولة وخلاصتها:
أ- "معلوم" أي معلوم ذكره في القرآن وهو مذهب ابن قدامة وغيره ويؤيده اللفظ الآخر للمقولة -بالسند الصحيح عنه- "استوى كما وصف نفسه" فوصفك لهذا التفسير بأنه "تحريف ساذج لا ينطلي إلا على ضعاف العقول" وصف لا يليق بأمثال الإمام ابن قدامة ولست له بند.

ب- "معلوم" أي معلوم معناه اللغوي من حيث هو كلفظ وكل ألفاظ الصفات معلومة لغة إذ هي ألفاظ عربية ولا أحد ينكر هذا بل كلامنا في هذه الألفاظ بعد إضافتها لله تعالى وكونها أصبحت صفات له -سبحانه وتعالى- فقلتم نعرف معناها كذلك ولم تنطقوا به!!
ويؤيد هذا أن الإمام مالك لم يقل : "استواؤه معلوم" بل قال "الاستواء معلوم" وهناك فرق لمن يرى.
وسبق أن فصلنا مقولة الإمام مالك سابقاً في هذا الموضوع وبصراحة لو ظللت تكرر أموراً تكلمنا عنها في نفس الموضوع فهذا يعني أنك لا تقرأ المشاركات ونكون بهذا نضيع الوقت في هذا النقاش.

2- قولك أن لازم قولنا أن الله لو لم ينزل هذه الصفات لكان خيراً لنا وأن السلف كانوا كالحمار يحمل أسفاراً وأن الأزهري يريد أن يصلح ما أفسدته الصفات!! .......إلخ هذه الاتهامات:

فهذا والله هو الافتراء فنحن نستشعر أكثر منكم معنى قوله تعالى "يد الله فوق أيديهم" فلا ننكث عهداً ولا نخفر ذمة وهذا هو المعنى الذي أريد به وضع هذه الصفة في هذا السياق , ونحن نعرف مآل غضب الله تعالى فنخاف منه سبحانه وتعالى ونعرف مآل رحمته فنرجوه سبحانه وتعالى.......... وهكذا وهذا هو الذي كان السلف يتكلمون فيه فأما المعاني التفصيلية الدقيقة لكل لفظ بعد إضافته لموصوفه فما كان منهجهم الحديث عنه , فأين أنتم من نشر هذه المعاني ؟؟ أي عاقل ينظر إليكم وإلى تناحركم وتناحر المؤولة معكم لا يكاد يخرج بمعنى ينطبع في قلبه ويزكي عمله!! والحديث عن هذا يطول.

ومن أغرب الأمور أنك تقول أن كتب التفسير لا تزال تفسر هذه الصفات وتروي في ذلك الروايات وهل طلبنا منك إلا هذا؟ نحن نكرر مطالبتك بان تضع لنا تفاسير السلف لهذه الصفات فأنت حتى الان تتناقض وتكرر التناقض فتارة تقول أننا لا نفسرها كما لم يفسرها السلف ونكتفي فقط بإيراد النص الذي جاءت بها وتارة تقول نحن نعرف تفسيرها فها نحن نكرر المطالبة.

3- تكرر -ولا أظنك ستنتهي- أننا نقول أننا نسمح بمعان مجملة للصفات وسنظل نكرر أن المعاني المجملة ليست للصفات بل للسياق الذي وردت به الصفات ككل ف"يد الله" وردت في عدة سياقات اختلفت في معانيها:
فقوله تعالى : "يد الله فوق أيديهم" لها معنى إجمالي مختلف تماماً عن قوله تعالى "وقالت اليهود يد الله مغلولة" فالصفة واحدة "يد الله" ولكن اختلف معنى الجملة التي وردت فيها ويلزمكم أن تقولوا أن "يد الله" في الآيتين معناهما كذا.
وقوله تعالى : "ولتصنع على عيني" يختلف في معناه الإجمالي عن قوله تعالى : "تجري بأعيننا" ويلزمكم أن تحددوا معنى "أعيننا" و "عيني" وهكذا.

4- أما موضوع التفريق بين الصفات الخبرية والصفات العقلية فمجرد التقسيم كاف للتفريق ومجرد الحديث في معاني قسم دون الآخر كاف للاستدلال على التفريق في المعاملة وإلا فيلزمكم كما تكلمت في معاني الصفات العقلية أن تتكلموا هنا ولا تقولوا لنا "قراءتها تفسيرها" ونمتنع عن التفسير كما قلت!! ويكفي للاستدلال أيضاً أقوال السلف العديدة في الصفات الخبرية "لا تفسر" "قراءتها تفسيرها" "أمروها كما جاءت" وغيرها فلماذا لم يقولوها في الصفات العقلية وخصوا الصفات الخبرية بها؟!!
وأنا اكتفي من كل هذه الإلزامات بإلزام واحد وهو تفريقكم أنتم حيث تقولون أننا نمتنع كما امتنع السلف هنا ونخوض كما خاض السلف هناك!! ولكنكم تزيدون قولاً متناقضاً وهو أن السلف امتنعوا وهم يعرفون!!


5- أما مسألة تفسير "بعض" السلف ل"واحدة" من الصفات وقول الأخ الدمشقية أن هذا كاف لإثبات أن منهج السلف هو الحديث في المعاني فقول عجيب ما كنت أظنه يخرج من الأخ الدمشقية إذ لقائل أن يقول:
إذاً لو جئنا بتأويل -أو أكثر وهو موجود- ل"بعض" السلف لبعض الصفات فيكون مذهبهم التأويل!! أتقول بهذا ؟؟ فلو قلت به لجئناك بتأويلات لهم .
وسبق أن أجبنا عن هذا الموضوع من قبل.

على أنه ينبغي توضيح الآتي :
أنا لم أقل أن مجاهد وأبي العالية "اتبعا الظن" ولا أنهما "مخطئان" ولا أنهما قالا "بالرأي" ولا أنهما فارقا رأي السلف بقولهما هذا -وكل ما سبق اتهامات الأخ الدمشقية لي- بل قلت أن ما قالاه لا نستطيع عبره وهو نص وحيد في صفة واحدة أن نقول أن منهج السلف هو تفسير معاني كل الصفات.

لأن -وكما سبق- المنهج يكون بغالب التصرف -كما هو معروف- وغالب تصرف السلف هو السكوت عن هذه المعاني وأنتم تفسرونه بأن سكوت معرفة ونحن نفسره بأنه سكوت عدم معرفة بدلائل النصوص التي وردت عنهم وكررناها كثيراً.

6- أما الفرق بينكم وبين المؤولة :

فقد قلنا من قبل أن كثيراً من الألفاظ -أي لفظ حتى في غير الصفات- يكون لها أكثر من معنى لغوي موجود -وحسب قولكم كلها حقيقة لا مجاز فيها- والالفاظ التي تحتمل معنى واحد قليلة جداً واعطيك مثالاً معروفاً وهو معنى اليد وأبرز من جمع معانيها الحافظ ابن حجر في الفتح - وهو من أقل المتأثرين بالأشعرية وإن كان فيه تمشعر!! حسب قولكم- حيث قال :

(واليد في اللغة تطلق لمعان كثيرة اجتمع لنا منها خمسة وعشرون معنى ما بين حقيقة ومجاز :
الأول : الجارحة
الثاني : القوة نحو "داود ذا الأيد"
الثالث : الملك "إن الفضل بيد الله"
الرابع : العهد "يد الله فوق أيديهم" ومنه قوله (هذي يدي لك بالوفاء).
الخامس : الاستسلام والانقياد قال الشاعر (أطاع يدا بالقول فهو ذلول).
السادس : النعمة قال (وكم لظلام الليل عندي من يد)
السابع : الملك "قل إن الفضل بيد الله"
الثامن : الذل "حتى يعطوا الجزية عن يد"
التاسع : "أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح"
العاشر : السلطان
الحادي عشر : الطاعة
الثاني عشر : الجماعة
الثالث عشر : الطريق يقال (أخذتهم يد الساحل)
الرابع عشر : التفرق (تفرقوا أيدي سبأ)
الخامس عشر : الحفظ
السادس عشر : يد القوس أعلاها
السابع عشر : يد السيف مقبضه
الثامن عشر : يد الرحى عود القابض
التاسع عشر : جناح الطائر
العشرون : المدة يقال (لا ألقاه يد الدهر)
الحادي والعشرون : الابتداء يقال (لقيته أول ذات يدي) و(أعطاه عن ظهر يد)
الثاني والعشرون : يد الثوب ما فضل منه
الثالث والعشرون : يد الشيء أمامه
الرابع والعشرون : الطاقة
الخامس والعشرون : النقد نحو (بعته يدا بيد) )
* ملحوظة: المعنيان الثالث والسابع متشابهان وهكذا هو في معظم الطبعات ولعله خطأ من النساخ أو هو تكرار غير مقصود والله اعلم.

فماذا فعل المؤولة وماذا فعلتم؟

أ- حدد المؤولة من هذه المعاني معنى معين -اختلفوا في المحدد واتفقوا في أصل التحديد- فبعضهم قال معناها : "النعمة" وبعضهم قال : "القوة" وبعضهم قال غيره ونحن نرفض هذا التحديد لأنه مظنون غير قطعي ولكنهم بهذا التحديد لا يخرجون من أهل السنة بل لهم أجر المخطيء على الأقل , ونحارب غيره من التأويلات التي تخرج خارج نطاق العربية ككثير من تفسيرات المعتزلة والباطنية وغيرهم.
وكل ما يفعله المؤول من تحديد يكون بعد نفي المعنى المراد في البشر.

وفي هذا يقول الإمام البنا:
(وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأويل ، وانحصر الخلاف بينهما في أن الخلف زادوا تحديد المعنى المراد حيثما ألجأتهم ضرورة التنزيه إلى ذلك حفظا لعقائد العوام من شبهة التشبيه، وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا إعناتا ).

ويقصد بالاتفاق على أصل التأويل اتفاقهم على الحديث في هذه الصفات بعد نفي مشابهة الله تعالى لخلقه فالمشبهة خارج نطاق الحوار.

وكان قبلها قد رفض التحديد -التأويل- فقال:
(فاللغة أقصر من أن تواتينا بالألفاظ التي تدل على هذه الحقائق ، فالتحكم في تحديد المعاني بهذه الألفاظ تغرير) مرجحاً مذهب السلف .

ب- وماذا فعلتم أنتم؟
رفضتم كل هذه المعاني ثم وقفتم ولم تحددوا معنى آخر غيرها ثم قلتم المعنى معلوم!! فياللتناقض!! ففرغتم الألفاظ عن معانيها المعروفة - مع أنها كلها معاني حقيقة عندكم إذ لا مجاز في القرآن والسنة كما تقولون- ولم تملأوا خانة المعاني فهذا شبيه بالتعطيل إن لم يكن هو هو!!

ج - وأما السلف -وهو ما نجزم أنه مذهبهم- فنفوا معاني التجسيم عن الله تعالى -والكل متفق على نفيها- ثم توقفوا عن تحديد "معنى معين" من المعاني السابقة لأن التحديد لا بد أن يكون بدليل قطعي ولا دليل هنا عليه إلا الظن , وقالوا: إننا نكل علم هذا المعنى إلى عالمه -سبحانه وتعالى-.
وقالوا: يكفينا معرفة المعنى المقصود من السياق ككل وهذا هو الحد الكافي للتدبر والعمل.

وكما اعطينا مثالاً لصفة ذاتية هي (اليد) نعطيكم مثالاً آخر لصفة فعلية هي النزول فالنزول من معانيه اللغوية:
- الهبوط من أعلى إلى أسفل
- الانحطاط من أعلى إلى أسفل.
- الحلول كما في قوله تعالى (فإذا نزل بساحتهم...) أي حل.
- الانحدار من أعلى إلى أسفل ومنه النزول من الجبل إلى الوادي.
- الترك كما يقولون (نزل عن رأيه) أي تركه.
- الإصابة : نزل به مكروه أي أصابه.
- الإتيان : نزل الحاج أي أتى منى.
- الموافقة : نزل على إرادة زميله أي وافقه.

وغيرها من معاني النزول اللغوية التي اوصلها بعض أهل العلم إلى خمسة عشر معناً لغوياً وحسب ما تقولون أنه لا مجاز في القرآن والسنة فكل هذه المعاني حقيقية فما هو تحديد معنى "نزول الله تعالى" عندكم ؟ وما هو دليل هذا التحديد ؟

ونعطي هنا مثالاً لمعاني الاستواء المعدى ب"على":
فمن معانيه : العلو -الارتفاع - الاستقرار - الجلوس - القعود وغير ذلك كثير مما هو موجود في معاجم اللغة , فلماذا حدد بعض السلف بعض معاني هذا الاستواء وقالوا أن المراد به "العلو والارتفاع" دون غيره ؟؟
حاشا السلف أن يتكلموا في صفات الله بالظنون وحاشا العلماء أن يتداولوا هذا بغير فهم فخرجنا من هذا بماذا ؟ أن هؤلاء السلف -كمجاهد وأبي العالية- قالا ما قالاه بتوقيف عندهم وتلقي العلماء لتفسيرهم هذا بالقبول يرفع كلامهم فوق الظن ويرفعه لقريب من اليقين.
وسنجد أن هذا التفسير تفسير للصفة بصفة أخرى فالله تعالى موصوف بالعلو -ومن مرادفاته الارتفاع- فنجدهم حتى في تفسيرهم للصفة لم يخرجوا غلى المعاني اللغوية الشائعة وينسبونها لله تعالى.

وعلى هذا قس في كل الصفات الخبرية نريد تحديد معانيها ويكون هذا التحديد بدليل أو قول لبعض السلف تلقاه العلماء بالقبول ولم ينتقد وكان صحيحاً في نفسه.

على أنه ينبغي التنبه إلى ما يلي :
- "في" من معانيها اللغوية الظرفية وهذا مما لا يليق به سبحانه وتعالى ولذلك فهناك إجماع من السلف ومن بعدهم -من أهل السنة- على نفي هذا المعنى من ضمن معاني "في" وقالوا في مثل قوله تعالى "في السماء" ومثل قول الجارية "في السماء" أن معنى "في" هنا هو : (على).

- "مع" من معانيها اللغوية : معية الذات أو الصفات ومعية ذاته مع خلقه مما نفاه أهل السنة واقتصروا على آيات وأحاديث المعية بأن المقصود بها معية الصفات.

وهكذا وكل هذه التأويلات -إذ نفي معنى من المعاني اللغوية للنص وتحديد آخر اسمه تأويل او تفسير أو تبيان للمعنى وتحديد له- جاءت بأدلة قطعية وهذا ما نقول به ولا نخرج عنه قطعاً أما التأويلات الظنية فلا نقول بها أبداً.

وفي النهاية اذكر الإخوة بالأسئلة التي كررناها والتي يمتنع عن الإجابة عنها الأخ الدمشقية وغيره -وأقول يمتنع عنها كل عاقل- لأنه بالفعل لا يستطيع أحد ينتهج منهج السلف الحق أن يحدد معنى بغير دليل قطعي.
فمذهبنا ومذهبهم واحد إلا أننا نسميه باسمه وهم يمتنعون ويتناقضون!!

يتبع.....

الأزهري الأصلي: 31-12-2007, 05:03
السلام عليكم مجدداً :

هذه المشاركة كالاستراحة بين شوطين!!
قال الأخ الدمشقية: 06-01-2008, 19:05
(وخذ هذه زيادة ثالثة صحيحة الإسناد:

قال محمد بن الـجـهـم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال وقد قال ابن عباس في ثم استوى إلى السماء صعد ” أخرجه البيهقى فى الصفات“ وذكره الذهبى فى العلو للعلى الغفار
قال الشيخ الألبانى : إسناده إلى الفراء لا بأس به وبقية رجاله ثقات ).

التعليق :
هذا الأثر موجود في (معاني القرآن) للفراء -وهو مطبوع- فكان الأولى نقله بالسند العالي.
ثم نقول:
الأخ دمشقية ليست هذه زيادة صحيحة الإسناد ولا غيره فيحيى بن زياد الفراء توفي عام 207 هـ فبينه وبين سيدنا ابن عباس مفاوز لعلك تبحث عن وصلها كما وصلت تعليق أثري مجاهد وأبي العالية من تغليق التعليق!!

وبالمناسبة :
ليس تفسير مجاهد وأبي العالية للاستواء بالصحيح سنداً لذاته فتفسير مجاهد رواه عنه ابن أبي نجيح وهو لم يسمع من مجاهد ولم يلقه وإنما أخذ حديثه بواسطة وأهل العلم اختلفوا في قبول روايته عن مجاهد فبعضهم قبلها لمعلومية الواسطة وكونه -أي الواسطة- أحد الثقات وبعضهم توقف فيها لأن ابن أبي نجيح كان (ربما دلس) كما أنه كان صاحب بدعة داعية إليها وهي بدعة القدرية وكان شيخه فيها عمرو بن عبيد -عليه من الله ما يستحق- فتفسير ابن أبي نجيح -وإن احتفى به كثير من العلماء- ليس هو مما يفيد بذاته في محل نزاع.

وتفسير أبي العالية أيضاً لا يصح لذاته فمعظم طرقه من طريق أبي جعفر الرازي وقد لخص الذهبي درجته عند العلماء بقوله: (قال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال النسائى: ليس بالقوى، ووثقه أبو حاتم) ثم لخص ابن حجر الأقوال في التقريب قائلاً : (صدوق سىء الحفظ خصوصا عن مغيرة) وقد رواه أبو جعفر هذا عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ورواية أبي جعفر عن الربيع مطعون فيها :
قال ابن حبان فى " الثقات " في ترجمة الربيع بن أنس : (الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه ، لأن فى أحاديثه عنه اضطرابا كثيراً) وهذه الرواية من رواية أبي جعفر عن الربيع!!

وقد وصلها ابن حجر من طريق آخر فقال في التغليق: (أما قول أبي العالية فقال أبو جعفر الطبري في تفسيره حدثنا محمد ثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن أبي العالية) ولم اجده في التفسير المطبوع للطبري.
ومحمد هو بن أبان -كما قال العيني في عمدة القاري- لخص ابن حجر حاله فقال: (صدوق تكلم فيه الأزدى) كما لا يعرف للطبري رواية عنه فقد مات ابن أبان هذا قبل أن يبلغ الطبري وليس هو في شيوخه فيبدو أن السند فيه سقط لأن ابن أبان من طبقة شيوخ شيوخ الطبري.
وأبو بكر بن عياش سيء الحفظ لما كبر والخلاف فيه معروف.
وحصين أيضاً لما كبر تغير.

وإنما لم نقل هذا من قبل واكتفينا بشرح المتن لما تلقى العلماء هذين التفسيرين بالقبول -اقصد تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع-فليس في بحث السند كبير فائدة في نقاشنا لأن النقاش عن المضمون.

ملحوظة : أرجو المعذرة فسأتأخر لمدة ثلاثة أيام أو أقل قليلاً نظراً لسفري فيها فنرجو عدم كتابة أي شيء حتى أتم ردي.

يتبع....

الأزهري الأصلي: 06-01-2008, 18:21
السلام عليكم مجدداً :

أنا آسف على التأخير فأنا اعيش في مشاكل لي أيام فأسألكم الدعاء بالفرج.

تنبيهات هامة قبل الحديث في آخر مشاركة :

1- عرفت أن الأخ الدمشقية احتسب علي قصة السمكة وابنتها "كذبة" وهذا في الحقيقة مدهش فما زال أهل العلم يذكرون هذه الأشياء دون نكير ولعل أشهرها قصة الثيران الذين قال آخرهم (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)!! ومنها المناظرة الشهيرة التي عقدها ابن القيم بين الماء والزيت!! وهناك من السلف من اشتهر عنهم إجراء الحكم على ألسنة الحيوانات وهناك كتب كثيرة في هذا أشهرها (كليلة ودمنة) و (مقامات الحريري) وكل هذا يعرف بما يسمى المقامات وعندي العديد من الفتاوى -حتى لعلماء السلفية المعاصرة- بجواز مثل هذا فلا أدري وجه إنكار الأخ الدمشقية علي في هذا واحتسابها "كذبة" وما أظنها إلا "جهلة" منه ؟!! وانصحه بسماع أهل العلم والجلوس بين أيديهم لتعلم العلم منهم والتخلق بأخلاقهم.

2- الأمر الهام الثاني أن الكلام الحديثي عن أثري مجاهد وأبي العالية كلام عن الأسانيد التي وصلت إلينا فقط ورفعها لمرتبة القبول قبول العلماء لها وحكايتهم لها دون نكير فهذا ما يجعلنا نتقبلها قبولاً تاماً .
فإن قال قائل إن أثر مجاهد جاء من طريق على شرط البخاري سنداً -ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد- فكيف تقول فيه ما قلت ؟

قلنا إن أهل العلم المحققين لا يقبلون مثل هذا لأن هناك رواة أجمع أهل العلم على ضعفهم أو على الأقل الجمهور على ترك روايتهم وأخرج لهم البخاري ومسلم -كابن أبي أويس مثلاً- ولذلك انتقد بعض العلماء عليهما ذلك ولكن رد المحققون أن من كان هكذا صفته في الصحيحين وأخرجا له فإن هذا يدل على أنهما سبرا روايته التي أورداها -أو أحدهما- وتبين لهما صحتها بشواهدها أو متابعاتها أو نحو ذلك مما هو معروف.
فشرط البخاري لا يتعلق بالسند وحده بل يتعلق بالمتن أيضاً.

وبخاصة أن ابن أبي نجيح علاوة على بدعته -قدري معتزلي تلميذ لعمرو بن عبيد رأس المعتزلة- فهو (قد يدلس) والقول بثقة الواسطة بينه وبين مجاهد ليس بالمطرد بخاصة مع المدلس المبتدع وبخاصة أيضاً أن هذا من رواية ورقاء عنه وهو أيضاً من المختلف فيهم.

فالأثر عن مجاهد مختلف في سنده وليس مقبولاً لذاته مطلقاً بل مقبول لقبول العلماء له.
أما أثر أبي العالية فهو ضعيف ولا شك في سنده كما فصلنا -بعض التفصيل- ولكن أيضاً هو مقبول لقبول العلماء له اللهم إلا من رد بعض العلماء له كابن بطال والسيوطي وغيرهما -سلمهما الله منك-.

وإنما قلت هذا لأني وجدت الأخ الدمشقية في موضوعه المحذوف يقول بأني أرد على الأثرين اللذين في البخاري ولو كانا بهذه الدرجة من الصحة ما أتى الأخ الدمشقية بوصلهما بعد تعليق البخاري لهما بل ما ألف الحافظ ابن حجر كتابه التغليق.

يتبع بآخر مشاركة.
الأزهري الأصلي: 06-01-2008, 19:05
السلام عليكم ورحمة الله :

هذه آخر مشاركة في الردود والزيادات على الأخ الدمشقية في مشاركاته السابقة :

1- يقول الأخ الدمشقية ويتساءل : لماذا تتناطح مع شيخ الإسلام ابن تيمية ؟؟

فأقول :
الاختلاف والاحترام لا يتعارضان إلا عند المتعصبين فقط وقد تعلمنا الأدب ممن قال : (شيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه) -والتي قالها ابن القيم في تأويل الكلام الفج للهروي في منازل السائرين فما بالك بخلاف نراه نحن لفظياً وتراه أنت "شبه لفظي"؟!! - فقد ظهر لنا أن كلامنا هو الحق وظهر لنا أن جمهور علماء المسلمين عليه فكيف نتركه ؟؟
ومع هذا فنحن نحب ابن تيمية وليتكم مثله في موسوعيته.

ثم قال الأخ الدمشقية قولاً طريفاً -اعذروني- وهو تعليله لكلامه أن ابن حجر والسيوطي وغيرهم قالوا عنه أنه (شيخ الإسلام)!! فماذا في هذا؟
فعلاوة على ما تقدم من عدم تعارض الاختلاف والاحترام فلنا أن نتسائل :
وما هو مذهب السلف عند ابن حجر والسيوطي ؟؟ أليس هو مذهبنا : (تفويض المعنى)؟؟
ألم تعدوا هذا من زلاتهم وألفتم في مخالفاتهما العقدية وكانت هذه منها؟!! سبحان الملك.

2- سأل الأخ الدمشقية سؤالاً غريباً : هل يستطيع المفوض إثبات الصوت لله تعالى ؟؟
ولا أدري وجه هذا السؤال : ألم ثبت الصوت في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فلماذا يتوقف المفوض أو غيره في الإثبات ؟؟ طالما جاء به النص فالمفوض يثبته.
وإثبات المفوض له ليس لإثبات الإمام أحمد أو غيره له بل لإثبات النبي -صلى الله عليه وسلم- له بوحي من الله تعالى.

3- ثم سأل الأخ الدمشقية سؤالاً يتعلق بالسؤال السابق وهو :
ما قولنا في خوض النبي -صلى الله عليه وسلم- في معاني الصفات كإثبات الصوت لكلام الله تعالى ونحوه ؟

فنقول : وهذا سؤال أغرب مما سبقه.
لأن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وحي من الله تعالي وليس من عندياته ولا من فهمه المجرد لكلام ربه.
فالله تعالى هو الذي أثبت الصوت لكلامه وأوحاه لنبيه -صلى الله عليه وسلم- فبلغنا به.

4- أما بالنسبة للأحاديث التي أوردها الأخ الدمشقية من نحو تلاوة النبي -صلى الله عليه وسلم- (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) وهز المنبر وقبض وبسط يده والإشارة إلى عينه وأذنه -صلى الله عليه وسلم- عند إيراد سمع وبصر الله تعالى ....إلخ, فلا أدري وجه إيراد هذا في موضوعنا موضوع التفويض ؟

فهذه الأحاديث لها فهمان لا ثالث لهما :

فهم المشبهة -عليهم من الله ما يستحقون- الذين يقولون يستدل من هذا أن صفات الله كصفاتنا يحل تمثيلها في أنفسنا وهذا قول باطل لا أقول ولا تقول به.

وفهم أهل السنة وهو ان المراد بهذه الأحاديث التأكيد على إثبات هذه الصفات لله تعالى وعدم التعدي فوق الإثبات فمثلاً لا يستطيع أحد أن يستدل بإشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأذنه لإثبات الأذن لله تعالى!! بل هو لإثبات السمع فقط.

كل هذا كان في غير موضوعنا فما علاقة ما سبق به وكيف نستدل به على الخوض في معاني هذه الصفات اللغوية ؟؟ الله اعلم.

5- أما بالنسبة لقول الإمام الترمذي حكاية عن الجهمـية ” تأولت الـجـهـمـيــــة هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم“ (سنن الترمذي3/42).

فهذه لنا لا علينا لأن نص الإمام الترمذي يقول "هذه الآيات" وليس هذه الألفاظ أو الصفات فهو يصب في قولنا بمعرفة معنى الآيات الإجمالي وليس التفصيلي لفظاً لفظاً فالضمير في قوله "ففسروها" عائد على قوله "هذه الآيات" فهل تعقل هذا ؟ أرجو.

على أن الترمذي -عندكم- حكى بعض أقوال الجهمـية على أنها من أقوال أهل السنة ووصفه بعضكم بعدم التحقيق في حكاية مذهب السلف ولو طلبت في مشاركتك الأخيرة ما قاله وما أوله فسنسرده لكم وعلى قولكم يكون منهج السلف التأويل!!

6- بقي أمر أخير وهو قول الأخ الدمشقية -وهو مسبوق- بأن قوله تعالى : (يد الله فوق أيديهم) لا تتعلق بإثبات اليد لله تعالى وقول البعض أنها ليست من آيات الصفات!! ومثلها قول الإمام ابن تيمية عن قوله تعالى : (فأينما تولوا فثم وجه الله) أنها أيضاً ليست من آيات الصفات -وقد رد ابن القيم على شيخه في الصواعق المرسلة ووصف من اول هذه الآية بالتجهم!! ونصره بعض المعاصرين!! مع أن المأولين هم ابن عباس ومجاهد والشافعي وغيرهم-.

وفي الحقيقة هذا هو الأمر الذي لا افهمه إلا أنه تناقض عندكم فأرجو إزالة جهلي بهذه القضية والسؤال:

ما هي القاعدة التي تطبق على الإضافات المضافة لله تعالى فتجعل هذه الآية وهذا الحديث يدل على صفة والآخر لا يدل على هذا ؟؟

حسب علمي أن كلام ابن تيمية وابن أبي العز وغيرهم قعدوا قاعدة مطردة في هذا فقالوا ما مجمله:
أن المضاف إذا كان قائماً بذاته كان مخلوقاً ك (ناقة الله) و (بيت الله) و (روحنا) -مع التسليم والفرض أن الروح قائمة بذاتها-.
وأن المضاف إذا كان لا يقوم إلا بغيره وأضيف لله تعالى كان صفة له تعالى ككل الصفات (يد الله) (وجه الله) .........إلخ.

ويبقى السؤال:

ما هي القاعدة أو الداعي التي أخرجت قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) وقوله تعالى (فثم وجه الله) من كونها تشير إلى صفات تثبت لله تعالى -مع اتفاق ابن تيمية وابن القيم في الأولى واختلافهم في الثانية- ؟؟

فما سبق عندي تناقض على أقل أحواله فأرجو أن تزيلوه دون سباب.

7- ويبقى موضوع النقاش الأساسي بلا إجابة ألا وهو الإجابة عن السؤال في عنوان الموضوع:
(هل فسر السلف آيات الصفات الخبرية؟)

أجاب الأخ الدمشقية بأمرين:
أ- نعم فسروها ومعنى تفسيرهم هو القراءة فقط ولم يزيدوا على ذلك.
ب- نعم فسروها وخاضوا في معانيها وبنص قوله (كتب التفسير لا تزال تفسر آيات الصفات وتروي في ذلك الروايات عن الأئمة والسلف)!!

فقوله الأول هو معنى قولنا بعدم تجاوز القراءة وعدم الخوض وصار الخلاف لفظياً فأنتم تقولون أنهم سكتوا وهم يعرفون ونحن نقول أنهم سكتوا وهم لا يعرفون المعنى الإضافي ويفوضون فاتفقنا على سكوتهم.

وقوله الثاني هو ما نطالبه به من بداية النقاش ومثلنا له بعشرة صفات كاملة ثم تنازلنا وطلبنا منه صفة واحدة فعلية وأخرى ذاتية فأين كتب التفسير -التي غالبها لأشاعرة أو متأثرين بهم وبنص قول أحد المعاصرين الغلاة لا يوجد تفسير مطبوع في كافة عصور الإسلام إلا وفيه تأويل من تأويلات الأشاعرة ولا يوجد تفسير خلا من هذا سوى تفسير السعدي والشنقيطي!!-؟؟

نقول : ابحثوا في كتب التفسير ما بدا لكم -المطبوع منها والمخطوط والمفقود! - وهاتوا لنا برهانكم أن السلف خاضوا في معاني هذه الصفات بقول؟؟

فإن قلتم لم نجد إلا قول مجاهد وأبي العالية -إن صح- فقد سبق توجيهنا له وأن قولاً واحداً في صفة واحدة لا يعبر عن منهج عام للسلف إذ لقائل أن يقول -كما سبق-: لو كان القول الواحد يعبر عن منهج ثلاثة أجيال -هم السلف- لكان التأويل -وهو أكثر- معبراً عن منهج هذه الأجيال الثلاثة ولصار السلف على منهج التأويل ولا يقول بهذا أعتى غلاة التأويل ؟؟

وإن قلتم أن السلف والعديد من العلماء قالوا أن هذه الألفاظ معانيها معلومة!! قلنا: وكذلك نحن نقول بهذا ولكن ليس عن هذا موضوعنا بل موضوعنا ليس عن الألفاظ المفردة بل عن المعاني الإضافية.
كتب أصول الفقه تبدأ بالآتي تعريف الأصول ثم تعريف الفقه كلفظين مستقلين ولكل منهما معاني متعددة ثم تعرف علم أصول الفقه كمركب إضافي فله بعد الإضافة معنى اختص من معاني الأصول معنى واحداً ومن معاني الفقه معنى واحداً وصاراً مركباً إضافياً له معنى معلوم.

فنحن عن هذا المركب نسأل وليس عن الألفاظ المنفردة فلا نعلم أحداً من أهل العقول قال إن هذه ألفاظ لا نعلم معناها!! ولا حتى أعتى المعطلة!!

فهل سيرد الأخ الدمشقية على سؤال المناقشة في آخر مشاركة من مشاركاته ويتحفنا بتفاسير السلف -إن كانوا قد فسروا- لهذه الصفات الخبرية ؟؟

ملحوظة : قد سبق القول أني لن أرد على السباب أو الإفتراءات أو الأشياء الخارجة عن الموضوع كموضوع التأويل وغيره فأرجو أن يركز الأخ دمشقية في الموضوع.
وبناء عليه لا أظن أن أي نقطة تحدث عنها الأخ الدمشقية في موضوعنا -التفويض- قد أهملت الرد عليها والمشاهد شاهد.

والله تعالى أعلى وأعلم.

الأزهري الأصلي: 06-01-2008, 19:27
بقي أن اطلب من الأخ الدمشقية أمراً وهو أن تكون مشاركته القادمة هي مشاركته الأخيرة في هذا الموضوع فيضع فيها كل ما يريد -ولكن باختصار- لأني سأضع بعده ردي الأخير أيضاً ثم يغلق هذا الموضوع للأبد .

وإنما قلت أن تعقيبي يكون الأخير لأن الأخ الدمشقية هو الذي بدأ الموضوع وأصول المناقشات تقول بما قلت.

وإنما وضعت هذه المشاركة حتى لا أغلق الموضوع بعد ردي فيقول الأخ الدمشقية أنه لم يكمل كلامه بعد فأنا أنبهه أن يضع كل ما يريد وضعه من كلام -وأرجو التركيز في موضوع الحوار فليس هو عن التأويل حتى نتكلم عن تأويل اليد بالقدرة ونحوه ولا هو موضوع عن السباق في السباب-.

أخوكم.







 
قديم 08-02-08, 07:11 PM   رقم المشاركة : 12
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



دمشقية
لا يزال الأزهري يسألنا عن معنى اليد.
ونحن لا نزال نقول له:
يكفيك أن تعرف ما عرفه السلف أن الله له يدان مثنتان يقبض السماوات بأحداهما ويقبض الأرضين باليد الأخرى.
لكن الـجــهـــمــــي المتواري يجتنب مجرد التعليق على هذه الآية (ما معك أن تسجد لما خلقت بيدي).
والدليل: ما قلناه من قبل للأزهري وهو هارب يدعي كراهية الهروب:
” قل لنا يا أزهري بربك: ماذا فهم السلف من قوله تعالى (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ) بالتشديد الدال على المثنى: هل فهموا القدرة؟ أم نكث العهود؟ أم النعمة؟ أو العناية؟ أم فهموا أن لله يدين حقيقيتين؟

لماذا الهروب من من هذه الآية والاستدلال بآية أخرى لا تتعلق بإثبات اليد لله؟“ انتهى.
فلم يجب الأزهري الذي يستنكر الهروب على الآخرين!!!..

ثم كررنا السؤال عليه:
” لله يدان بدليل الآية التي يهرب منها الأزهري: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي).
يقبض بهما ويبسط كما ورد في الحديث.
كتب بيده التوراة كما في الحديث.
يخرج بها حثيات من النار“.

فلم يعلق الأزهري على ذلك ولو بكلمة واحدة عليها.

أما الآية الأخرى:
(يد الله فوق أيديهم).
فقد ذكرها الأزهري الأصلي في الصفحة الأولى من ملفات هذا الحوار مرة واحدة.
وفي الصفحة الثانية تسع مرات.
وفي الصفحة الثالثة خمس مرات.
مجموع ذكر الآية (يد الله فوق أيديهم) : خمس عشرة مرة.
مجموع ذكر الآية (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي): صفر.
لماذا يهرب الأزهري من قوله تعالى (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيَدَيّ).

يكفيك من معرفتك بصفة اليد لله أن لا تسلك فيها مسلك المنحرفين عن الحق بل تتبع أهل السنة. وأن لا تهرب منها إلى قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم).

يكفيك أن تبرأ الى الله ممن يزعم أن معنى اليد لله في هذه الآية القدرة أو النعمة أو العناية.
يكفيك أن لا تتخذ موقفا متذبذا من أهل التحريف الأشاعرة كما فعلت من قبل فيما أثبتنا عليك فتارة تعارض التحريف وتارة تبرر قول اللقاني: ((( أوله أو فوض))) ثم سميت التأويل تبرعا جاعلا التحريف تبرعا وصدقة.

لماذا يهرب الأزهري من هذه الآية؟
الجواب:
لأن هذه الآية لا تناسب ذوق من كانت عنده ميول جـهـمــية ممن يقتصرون من نصوص اليد على عدم نكث العهد.
بينما نراهم بوضوح يجتنبون أي تعليق على هذه الآية الهادمة لمذهبهم (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي).
وهذا ما أكرره: يكفيك أن تعلم من صفة اليد أن لله يدين اثنتين لا يمكن حملهما على عدم نكث العهد.
وقد حاولت أن أجد تعليقا ولو مجملا للأزهري على هذه الآية في أي حوار آخر من حواراته مع الآخرين فلم أجد.
وأترك الحكم للقارئ المنصف ليشهد على هذه الحقيقة.

قال الأزهري:
« لكل لفظ عدة معان تعرف ويحدد أحدها من خلال السياق والمضاف إليه وقلنا أننا قد نعرف المعنى اللغوي للفظ قبل إضافته للمضاف -فمثلاً لليد خمسة وعشرين معنى وللاستواء خمسة عشر معنى - ولكننا بعد الإضافة لا بد من تحديد معنى واحد أو أكثر للفظ ولكنها بالتأكيد لا تشمل كل المعاني الواردة في معنى اللفظ المجرد» (الصفحة الأولى).

وذكر قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) ثم قال « فلا ننكث عهداً ولا نخفر ذمة وهذا هو المعنى الذي أريد به وضع هذه الصفة في هذا السياق».

قلت:
أولا: هذا يدل على أنك تفهم معنى الصفة. وأن السياق هو المتحكم في تحديد أحد المعاني المتعددة.
فإذا كان السياق يعطيك المعنى فهذا يدل على أنك تفهم معنى الصفة.
فلماذا تدعي التفويض وتطالب به يا حضرة الأستاذ؟
إن تحديد معنى الصفة بحسب السياق هو عين ما نقول به ونحن أولى به ممن يدعي التفويض ثم يعترف بأنه يفهم معنى الصفة من خلال السياق.

وماذا تفهم من سياق (لما خلقت بيدي). هل هو نفس معنى الوفاء بالعهد الذي في قوله تعالى أم أنك تثبت له يدين حقيقيتين خلق بهما آدم تميز بذلك آدم عن إبليس؟

هذا السؤال هو المحك الحقيقي لما يعتقده الأزهري. وأرجو أن تنتهي المناظرة بإجابة منه.

قال الأزهري:
« بالنسبة لمقولة الإمام مالك رضي الله عنه: سبق وذكرنا أقوال العلماء في هذه المقولة وخلاصتها:
أ- "معلوم" أي معلوم ذكره في القرآن وهو مذهب ابن قدامة وغيره ويؤيده اللفظ الآخر للمقولة -بالسند الصحيح عنه- "استوى كما وصف نفسه" فوصفك لهذا التفسير بأنه "تحريف ساذج لا ينطلي إلا على ضعاف العقول" وصف لا يليق بأمثال الإمام ابن قدامة ولست له بند.

الجواب (دمشقية):
لعل الأزهري يحتج بهذه العبارة لابن قدامة حيث قال: « والذي يقتضيه صريح اللفظ أن المراد بقولهم الإستواء معلوم أي وصفه تعالى بأنه على العرش استوى معلوم بطريق القطع الثابت بالتواتر» (أقاويل الثقات1/122).

فأقول:
أولا: لا يجوز التعلق بمتشابه قول العالم. فإن هذا القول لا ينفي أن الاستواء معلوم في اللغة العربية وليس فقط مقطوعا بثبوته. فإن ابن قدامة قد صرح بذلك.
فقد احتج ابن قدامة برواية أم سلمة: « عن أم سلمة رضي الله عنها في قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) قالت الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة والبحث عنه كفر».
وبعد أن احتج ابن قدامة برواية أم سلمة (الاستواء معلوم) قال عن الاستواء والنزول وغيره: « فهذه المحامل معلومة في اللسان العربي والكيف مجهول أي تعيين بعض منها مرادا لله مجهول لنا».

فتأمل قوله (معلومة في اللسان العربي).
فهذا النص من ابن قدامة يؤكد بأن قول مالك (معلوم) أي معلوم في اللسان العربي. ولكن الأزهري وللأسف وكما قال لي بعض الإخوة بأنه شخص منكر للضروريات والبديهيات.

ثانيا: قد تناقض الأزهري ولم يستفد شيئا من تفسير قول مالك (معلوم) أي مذكور. فإنه اعترف بأن قول مالك (معلوم) « أي معلوم معناه اللغوي من حيث هو كلفظ وكل ألفاظ الصفات معلومة لغة إذ هي ألفاظ عربية».

ثالثا:
قول الأزهري لي: (ولست ندا لابن قدامة).
فأقول:
أنا لست ندا لابن قدامة ولا شك. ولكن ابن قدامة ليس ندا للنبي الذي فسر الصفات مما احتججت به عليك ولا تزال أنت تتجاهلته حتى هذه اللحظة. فقد فسر النبي صفات الأول والآخر والظاهر والباطن. وأكد القرطبي أنه لا شرح أفضل من شرح النبي لهذه الصفات. والشرح عند المفوض محرم.
فتجاهلت من لا يمكن لابن قدامة أن يكون له ندا.

رابعاا: قد خالف ابن قدامة من هو ند لابن قدامة مما احتج ابن قدامة بقوله واستحسنه من أقوال العلماء الذين هم أنداد له كقول الترمذي أن الجهمية « فسروا هذه الصفات على غير ما فسر أهل العلم» (أقاويل الثقات1/139). وهو استدلال من يستحسن هذا القول من الترمذي. فبطل احتجاجك بقول ابن قدامة:

كذلك استدل ابن قدامة بأبي الطيب الذي قال « حضرت عند أبي جعفر الترمذي وهو من كبار فقهاء الشافعية وأثنى عليه الدارقطني وغيره فسأله سائل عن حديث إن الله ينزل إلى سماء الدنيا وقال له فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو فقال أبو جعفر الترمذي النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة».

ثم علق ابن قدامة على هذه الرواية قائلا: « فقد قال في النزول كما قال مالك في الإستواء وهكذا القول في سائر الصفات» (أقاويل الثقات1/201). وهذا يؤكد أن ابن قدامة يصحح القول بأن النزول والاستواء غير معقولين. فبطل التعلق بقول ابن قدامة بأن قول مالك (معلوم) أي ثابت ومذكور. فقد صرح ابن قدامة بأنه معلوم في اللسان العربي. وما كان معلوما في اللسان العربي فلا يمكن أن يكون مجهول المعنى مما يريد أن يقرره المتذبذب.

خامسا: لما وجد الأزهري أن هذا الدليل من ابن قدامة قد لا يطول انطلاؤه على الناس سارع إلى قسم:
« ب- "معلوم" أي معلوم معناه اللغوي من حيث هو كلفظ وكل ألفاظ الصفات معلومة لغة إذ هي ألفاظ عربية ولا أحد ينكر هذا».

الجواب (دمشقية):
إذن فعلى ماذا نشأ مذهب إسمه التفويض ينص على أننا نكل العلم بمعاني هذه الصفات إلى الله ويمنع الناس من فهم معاني صفات الله؟

وأرجو أن لا تقول لي بعد ذلك بأنني لم أفهم التفويض حتى الآن.
فإن الأشاعرة المؤولة قد ردوا على المفوضة مع أنهم إخوانهم في المذهب. فهل القشيري وابن فورك كان جاهلين بمذهب التفويض أيضا؟ اللهم إلا أن يكون عندك مذهب خاص بالتفويض!

قال الأزهري:
« ومن أغرب الأمور أنك تقول أن كتب التفسير لا تزال تفسر هذه الصفات وتروي في ذلك الروايات وهل طلبنا منك إلا هذا؟ نحن نكرر مطالبتك بان تضع لنا تفاسير السلف لهذه الصفات».

التعليق:
- أتيناك بالتفسير النبوي (أنت الأول الذي ليس قبله شيء) فرفضته وتجاهلته.
- أتيناك بتفسير مجاهد (اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش) أي علا على العرش. وأبي العالية (استوى أي ارتفع) مما ثبت إسناده عند البخاري واستحسن نقله وقبلته الأمة ولم ينتقده احد إلا شخص متازهر لا يزال يختبئ ويخفي اسمه الحقيقي. يحاول تضعيفه مع اعترافه أثناء هذه المحاولة الفاشلة بأن الأمة صححته. فيا لك من شخص يتماتيز عن الأمة ويعلو عليها.

ولو كان قول مجاهد وأبي العالية على خلاف الأصل لقيد الله من يرد عليهم، فلم يحدث شيء من هذا بالرغم من كثرة الشروح على البخاري بل ومن علماء أشاعرة أو ممن نرى فيهم ميولا أشعرية. فلم يجترئ أحد من اهل العلم على انتقاد ما رواه البخاري عنهما.

وقد طالبناك بإثبات رد عالم واحد غير أشعري عليهما فلم تفعل.
وكان ينبغي أن نتوقف عن المناظرة معك منذ لحظة إثبات ولو تفسير واحد ثابت قطعي عن السلف. فقد كان عنوان المناظرة (هل فسر السلف آيات الصفات)؟

وقد أثبتنا ذلك وقامت عليك الحجة وتحقق الجواب على السؤال الذي طرحت أنت عنوانه. ونحن نتحداك ان تكتب امام الناس أن السلف لم يفسروا بعد هذه الحجة التي أقمناها عليك. ولم يبق عندك إلا تحاول الطعن الخجول بالرواية ثم تعترف قائلا:
« واكتفينا بشرح المتن لما تلقى العلماء هذين التفسيرين بالقبول -اقصد تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع-فليس في بحث السند كبير فائدة في نقاشنا لأن النقاش عن المضمون».
إذن فما فائدة كثرة التفصيل أيها المنشغل بمواجهة اليهود والنصارى؟
ألمضيعة الوقت؟

كيف يستغل الأزهري أوقاته؟؟؟
أعندك وقت إضافي خلا عن مواجهة اليهود والنصارى أم قد تبقى شيء من وقتك بعد طويل عناء وجهاد وبحث عن الأدلة على جواز الإسبال وتطويل الثوب وقص اللحية وتأصيل البدعة الحسنة وتقنين الذكر الجماعي والحث على حمل السبحة والاستغفار للكفار والتآخي مع فرعون؟

الأزهري يعترف بأن قبول مجاهد وأبي العالية هو الأصل
وهل يمكن أن يتلقى كل العلماء عن مجاهد وأبي العالية هذين التفسيرين ويشذ عنهما أزهري؟
إن هذا الاعتراف منك إنما ينقض قولك بأن قولهما على خلاف الأصل.
فإننا نرى إقرار عامة المفسرين لقولهما دليل على أن تفسير الصفات هو الأصل.

وإليكم الآن المواقف الأزهرية المحيرة المتناقضة المختبطة حول موقفه من تفسير مجاهد وأبي العالية مما كشف التجهم المبطن في خبايا عقيدته:

قال الأزهري:
« أنا لم أقل أن مجاهد وأبي العالية "اتبعا الظن" ولا أنهما "مخطئان" ولا أنهما قالا "بالرأي" ولا أنهما فارقا رأي السلف بقولهما هذا».
أضف إلى هذا اعترافه بأن جماهير أهل العلم قد صححوا هذه الرواية.
بل وأن « قبول العلماء لها وحكايتهم لها دون نكير هو ما يجعلنا نتقبلها قبولاً تاماً».
هذا فضلا عن أن الأزهري لم يستطع الإتيان بقول أي عالم معتبر قد اعترض على تفسيرهما:
القول ببطلان قول مجاهد من افتراءاتي على الأزهري (زعم)
ومن ثم يتباكى الأزهري كعادته فيزعم أن من جملة افتراءاتي عليه أنني نسبت إليه « القول بأني قلت أن قول مجاهد وأبي العالية مردود أو باطل أو شاذ».
قلت:

وقد حيرني هذا الأزهري حقا.
فإذا كانت الرواية حسنة لغيرها بعنى انها صحيحة السند (والصحيح لغيره صحيح الإسناد يا أستاذ وإن تخلل شيئا من الضعف في نفسه).
وإذا كانت غير باطلة. ومجاهد وأبو العالية لم يتبعا الظن وغير مخطئين ولم يقولا بالرأي ولم يفارقا السلف بقولهما هذا.

وإذا كان عامة المفسرين قد تلقوا روايتهما بالقبول.

وإذا كان الأزهري يتلقى الروايتين بالقبول التام كما صرح.
فما وجه الجدل وتضييع الوقت؟ ولماذا هذه الإزدواجية والتناقض في المواقف؟
ألست ترى الأزهري وهو يتناقض في آخر كلامه فيقول:

« فإن قلتم لم نجد إلا قول مجاهد وأبي العالية -إن صح... الخ). مما يؤكد أن الأزهري لا يزال يرى ضعف الروايتين ويجعلهما على خلاف الأصل.

ولكن هو مستعد أن يساوم على قبولهما ما دامت عامة المفسرين قد ضلوا بتلقيهم للروايتين بالقبول.

فهو يساير عامة العلماء على قبولهما مع كونهما ضعيفين عنده.

فماذا يبقى على الأزهري إذا تم قبول الروايتين؟
يبقى عليه أن يكف عن الاعتراض الذي لا يزيد ما يخفيه من التجهم إلا كشفا ووضوحا. فإن مناطحته لهذين المفسرين ممن جثوا عند ركبتي الصحابي الجليل ابن عباس لا يزيده إلا كشف عوار مذهبه.

- أتيناك بإيراد المفسرين لروايات التفسير كقول ابن عباس في تفسير قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّك) «فيجيء الله فيهم والأمم جثيّ» [تفسير الطبري30/118-120) فقلت لنا بأنها ضعيفة السند. ولكن بصرف النظر عن كونها ضعيفة الأسانيد فإنها على الأقل تثبت أن المفسرين كانوا ينقلون هذه التفسيرات المروية مما يؤكد أنهم يعتقدون جواز شرح هذه الصفات وتفسيرها.

- ونأتيك الآن بقول شيخ المفسرين وهو الطبري الذي قال:
« وأولى المعاني بقول اللّه جلّ ثناؤه ( ثمّ استوى إلى السماء فسوّاهنّ) أي: علا عليهن وارتفع قد برهن بقدرته وخلقهن سبع سماوات» (تفسير الطبري1/150).
فتأمل قوله : (وأولى المعاني). أليس يا قوم هذا فيه تحديد للمعنى؟

ألعل الأزهري كما قام بمحاولاته الفاشلة في الطعن بتفسيرات السلف للإستواء تارة بالشذوذ وتارة بالتضعيف أن يقوم بالتشكيك في نسبة التفسير للطبري؟

ألعل الأزهري يقول لي بعد هذا مقولته المضحكة: ما عندك إلا تفسير واحد هو مستثنى من الأصل؟؟؟

قال الأزهري:
« أما موضوع التفريق بين الصفات الخبرية والصفات العقلية فمجرد التقسيم كاف للتفريق».
يعني وجوب إثبات معاني الصفات السبعة (الحياة والسمع والعلم والإرادة...) ووجوب تفويض الصفات الأخرى كالاستواء والمجيء والنزول وذلك على الطريقة الأشعرية في التحكم المحض.

فأقول: هذه كفاية أشعرية سبقتها كفاية إعتزالية قسم فيها المعتزلة بين الأسماء وبين الصفات.
أين هذا التقسيم الأزهري من قول سفيان بن عيينة: « كل شئ وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره».
فلم يقسم سفيان بن عيينة في ذلك بين الصفات الخبرية وبين الصفات العقلية.
مما يؤكد أنه تقسيم أشعري تريد ترويجه تحت غطاء حزبي إخواني.

فأنت أشعري أصلي.

ولكن المذهب الأشعري متأثر جدا بالمعتزلة ومخلوط بعقائد الاعتزال.

الأستاذ حسن البنا وابتداء العقيدة بالنظر
ومن ذلك تقديم العقل وابتداء تعليم العقائد به مما يسميه الأشاعرة والمعتزلة بالنظر. فهذا مستقى من بئر اعتزالية.
مثال ذلك:
قال الاستاذ البنا في أول مسألة في العقيدة « كل هذه العقائد يؤيدها العقل... ولهذا شرف الله العقل بالخطاب» « وذم الذين لا يتفكرون ولا ينظرون، فقال تعالى ) وكأين من آية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون(»(ص 10).

وهكذا ابتدأ حسن البنا الكلام في العقيدة بما ابتدأ به الأشاعرة تقليدا من المعتزلة.
وقد ذكر الحافظ العسقلاني اعتراف أبي جعفر السمناني - إمام الأشاعرة في وقته - أن القول بأن أول الواجب على المكلف النظر: هو من مخلفات المعتزلة بقي في المذهب أي المذهب الأشعري (فتح الباري 1/70).

إذا كان التقسيم أشعريا فليس كافيا
فقول الأزهري بأن التقسيم كاف في التفريق. هو تقسيم من تأثر بالاعتزال. فلا قيمة لهذا التفريق عندنا.

قال الأزهري:
« أما مسألة تفسير "بعض" السلف ل"واحدة" من الصفات وقول الأخ الدمشقية أن هذا كاف لإثبات أن منهج السلف هو الحديث في المعاني فقول عجيب ما كنت أظنه يخرج من الأخ الدمشقية إذ لقائل أن يقول:
إذاً لو جئنا بتأويل -أو أكثر وهو موجود- ل"بعض" السلف لبعض الصفات فيكون مذهبهم التأويل!! أتقول بهذا ؟؟ فلو قلت به لجئناك بتأويلات لهم .».

التعليق:
عندك غبش في فهم معنى التأويل. وقد شرحته لك من قبل ولم تستفد منه للأسف.
التأويل معناه التفسير وهو يقسم عندنا إلى تفسير باطل كتفسير الجهمية وتفسير صحيح مما ثبت عن السلف. فهات لنا مما أوله السلف أو فسروه حتى نزيده في كنانتنا مما نرمي به المفوضة مثلما رميناك به من سهم مجاهد وأبي العالية فأصابك في مقتل ولله الحمد وكان كافيا لإنهاء المناظرة به لولا حرصي على أكشف للقارئ مزيد ما عندك من الباطل.

قال الأزهري:
« أنا لم أقل أن مجاهد وأبي العالية "اتبعا الظن" ولا أنهما "مخطئان" ولا أنهما قالا "بالرأي" ولا أنهما فارقا رأي السلف بقولهما هذا».

التعليق:
شكرا أزهري.
هذا الاعتراف المسطر من حضرتكم يلزمك بترك التفويض والأخذ بتأويلات السلف لا تحريفات الأشاعرة والمعتزلة، ويثبت انك تقول بالظن وانك مخطئ وأنك تقول بالرأي وأنك تفارق السلف.
انتهت المناظرة.
مع السلامة وكل عام وانتم بخير.
سلموا لنا على الأزهر.

ولكن لم تنته تعليقاتي بعد. ولذلك:
يتبع...







 
قديم 08-02-08, 11:42 PM   رقم المشاركة : 13
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



حول اعتراض ابن بطال على تفسير أبي العالية
وقد أورد الأزهري اعتراض ابن بطال والسيوطي على تفسير أبي العالية للاستواء بالارتفاع، ولم يفصل ولم يبين ولم يحل إلى مصدر. ولست أدري: هل ما زال (الدكتور هاني) منشغلا بالامتحانات في كلية الطب؟

أما بالنسبة لاعتراض السيوطي على تفسير أبي العالية فلم أقف عليه وأنتظر أن يحيلني إلى المصدر وأرجو أن لا يكون مصدره كتاب الكنز المدفون. فإنه منسوب إليه، ويحتاج نسبة شيء للسيوطي إلى مزيد تحقيق بسبب كثرة الكتب المنسوبة إليه.
ناهيك عن أن السيوطي قد يأتي بالعجائب ولا مجال لهذا التفصيل والتفريع الذي قد يراد لنا.

وأما اعتراض ابن بطال على تفسير أبي العالية بقوله (فيه نظر):
فالسؤال: لماذا؟
وما وجه تخطئته؟
ولا يكفي أن يعترض على تلميذ الصحابي المفسر ابن عباس بدون بيان الوجه والسبب.
السبب واضح، وهو أن ابن بطال أشعري وهو من جملة نفاة العلو بدليل أنه أقر تفسير مجاهد (علا) لأن هذا التفسير دل عنده على علو المنزلة بخلاف تفسير أبي العالية بالارتفاع. ومعلوم أن ابن بطال يحمل علو الله الفعلي بالعلو الذاتي الدال على علو الرتبة والمنزلة.

قال ابن بطال رحمه الله:
« وأما قول من قال : تأويله: ارتفع . فنقول مرغوب عنه لما فى ظاهره من إيهام الانتقال من سفل إلى علو، وذلك لا يليق بالله، وأما قول من قال: علا فهو صحيح وهو مذهب أهل السنة والحق. فإن قيل: ما ألزمته فى ارتفع مثله يلزم فى علا. قيل: الفرق بينهما أن الله وصف نفسه بالعلو بقوله ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [يونس:18[] فوصف نفسه بالتعالي والتعالي من صفات الذات، ولم يصف نفسه بالارتفاع» (شرح صحيح البخاري10/448).

قلت:
وهذا عين قول المعتزلة في تحريف العلو الفعلي (ثم استوى) إلى العلو الذاتي (وهو العلي الكبير).
وهو عين قول القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة. فقد كان يرى الاستواء بمعنى الاستعلاء (مختصر أصول الدين للقاضي عبد الجبار ص333 ضمن رسائل العدل والتوحيد ط: منشورات دار الحياة).

وقد عهدنا عامة الأشاعرة يوافقون المعتزلة على حمل علو الله بعلو المنزلة دون علو الفوقية الحقيقي.
وهكذا صار واضحا أن وراء هذا الاعتراض وراثة أشعرية لعقيدة اعتزالية.
ولكننا رأينا الأزهري الأصلي يخالف الأشاعرة ويثبت فوقية الله كما قال « فقولي بفوقية الله تعالى قول بألفاظ القرآن والسنة».
وقال أيضا: « وأما معنى استواء الله على عرشه فهو صفة فعليه على الراجح وتدل على علو الله سبحانه وتعالى».

وهذا اعتراف يشكر عليه. ولكن:
فليسمح لنا بإضافة تناقض آخر إلى تناقضاته.
فهل يجوز للأزهري بعد هذا أن يحتج باعتراض ابن بطال؟
من المفروض أن لا يوافق الأزهري على اعتراض ابن بطال ما دامت الفوقية عند الأزهري فوقية حقيقية غير محمولة على علو المنزلة.

وتحويل صفة العلو الفعلية إلى صفة العلي الذاتية الأزلية كقوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) يدخل في التحريف. إذ لا يقال إن الله صار علياً بعد أن لم يكن قبل خلق السماوات والأرض. في حين أن اتصافه باستوائه على عرشه مسبوق بخلق السماوات والأرض. كما قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش) [الأعراف54].

ومذهب أهل السنة بخلاف ما قرره ابن بطال عفا الله عنه. وهو معروف بأنه يكثر من حكاية أهل السنة ويقصد به الأشاعرة ويكون كثير منها على خلاف ما ثبت عن أهل السنة الحقيقيين...
فقد روى البخاري عن سليمان التميمي أنه قال « لو سُئِلتُ أين الله لقلتُ في السماء» [خلق أفعال العباد37 واللالكائي في شرح أصول السنة2/92 العلو للذهبي99].

وقد قال أبو نصر السجزي: « وأئمتنا كسفيان ومالك والحمّادَيْن وابن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش وعلمه بكل مكان وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء » (سير أعلام النبلاء17/656).

وإذا كان ابن بطال أشعريا فهاكم شهادة في العلو الحقيقي من خواص أصحاب أبي الحسن الأشعري – وهو أبو الحسن الطبري – الذي كان يقول بأن الله في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه، ومعنى الاستواء: الاعتلاء، كما يقول: استويت على ظهر الدابة، واستويت على السطح بمعنى علوته، واستوت الشمس على رأسي، واستوت الطير على قمة رأسي، بمعنى: علا في الجو فوجد فوق رأسي، والقديم سبحانه عالٍ على عرشه [الأسماء والصفات517 محققة 2/152– 153].

ويكفي أن يكون ابن بطال رحمه الله أشعري الانتماء حتى يطعن في تعقيبه على أبي العالية. وليس ذلك انتقاصا من قدره وإنما بسبب لم يعد خافيا وهو:

أن الأشاعرة قد تم اختراق مذهبهم من قبل المعتزلة حتى توافقت أصولهم وقواعدهم في أصول علم الكلام مع نفس الأصول التي ضلت بسببها المعتزلة. وصارت أصول الفرقتين تختلف في كثير من الأحيان مع طريقة أهل الأثر ومتبعي السلف. بل آل الأمر إلى التوافق في كثير من تأويلاتهم للصفات.
فكيف نترك التفسير السلفي الصافي المصدر لاعتراض أشعري معتزلي المشرب؟

قال ابن بطال:
« ومذهب الأشعري وأبي بكر بن الطيب، وابن أبي زيد والداودي وأبي الحسن القابسي وجماعة علماء السنة!!: أن القرآن لا يفضل ! بعضه بعضاً إذ كله كلام الله وصفته، وهو غير مخلوق ولا يجوز التفاضل إلا في المخلوقات» (شرح صحيح البخاري10/252).
قلت: وهذا مخالف لصريح قول النبي أن أفضل آية في كتاب الله هي آية الكرسي.

وهو عند اشتباه الصفات عليه يرجع فيها إلى أبي الحسن الأشعري كقوله:
« وأما حديث الإصبع فإنه لما لم تصح أن تكون جارحة لما قدمنا من إبطال التجسيم فتأويله ما قال أبو الحسن الأشعرى» (10/441).

وهو يقرر كل قول بحسب ما تبناه المذهب الأشعري.
ولك أن تتأمل قوله:
« ومذهب أهل السنة أن لله تعالى أن يعذب الطائعين من عباده وينعم على الكافرين» (شرح صحيح البخاري10/451).
وهذا قول الأشاعرة وليس اهل السنة.

بهذا نخلص إلى أن اعتراض ابن بطال على تفسير أبي العالية بالارتفاع مردود لأنه اعتراض صادر ممن ينفي علو الله فوق عرشه.
وهو ما لا يتفق مع مذهب السلف ولا حتى مع ما يظهر لنا من مذهب الأزهري.

يتبع...

رواية استوى أي صعد: ومنكم نستفيد يا أزهري
قال الأزهري:
قال محمد بن الـجـهـم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال وقد قال ابن عباس في ثم استوى إلى السماء صعد ” أخرجه البيهقى فى الصفات“ وذكره الذهبى فى العلو للعلى الغفار قال الشيخ الألبانى: إسناده إلى الفراء لا بأس به وبقية رجاله ثقات.

التعليق :
هذا الأثر موجود في (معاني القرآن) للفراء -وهو مطبوع- فكان الأولى نقله بالسند العالي.
ثم نقول: الأخ دمشقية ليست هذه زيادة صحيحة الإسناد ولا غيره فيحيى بن زياد الفراء توفي عام 207 هـ فبينه وبين سيدنا ابن عباس مفاوز لعلك تبحث عن وصلها كما وصلت تعليق أثري مجاهد وأبي العالية من تغليق التعليق!

التعليق (دمشقية):
سبحان الله جاءت ملحوظتك هذه في وقتها لتكون لصالحنا وقد استفدنا منها جدا. وقد نقلت تحسينها عن الموسوعة الشاملة.
ولكنني قررت إيقاف السند إلى يحيى الفراء لصحته إليه.
ولا حاجة لعناء البحث عن وصل الرواية إلى ابن عباس:

أولا: لتوفر شروط الصحة إلى الفراء وشهادة الأمة ببلاغته وضلوعه باللغة.

ثانيا: لأن الفراء من الثقات كما أورده ابن حبان (الثقات9/256). قال الخطيب البغدادي « وكان ثقة إماما

ويحكى عن أبى العباس ثعلب انه قال لولا الفراء لما كانت عربية لأنه خلصها وضبطها ولولا الفراء لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع ويدعيها كل من أراد ويتكلم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب» (تاريخ بغداد14/149).

ثالثا: لعاصرته للسلف وأخذه عن سفيان بن عيينة فتفسيره سلفي. وقد امتلأت كتب التفسير من الاستشهاد بأقواله في تفسير الصفات

رابعا: لأنني قد شغلت بضُلاّل المسلمين عن الدفاع عن الاسلام ضد زكريا بطرس وبات روبرتسون وغيرهما من أعداء المسلمين الذين ينتظر المسلمون اشتغالي بهم. ولولا انشغالي مع من يقولون: وحدوا جهودكم ضد أعداء المسلمين لقارعنا أعداء المسلمين من الخارج الحجة وناظرناهم. ولكن وللأسف تارة نتواجه مع معطلة محرفة وتارة معطلة مفوضة وتارة شرك تحت عنوان التوسل وتارة نواصب تحت عنوان محبة أهل البيت. وبعد مناظرتي معك ينتظرني سفيه للمناظرة معي كما لا يخفاك، فالله المستعان.

وأنت لا تستطيع تضعيف السند إليه دون ابن عباس. فقد نقلت لنا مشكورا تصحيح السند اليه عن الألباني.
وهو من أهل اللغة وكتابه من أقدم كتب التفسير وهو قريب إلى عهد السلف. وقد فسر الاستواء بالصعود ولم ينكر عليه أحد.

ومع ذلك أتوقع أن تضيف الفراء إلى لائحة مجاهد وأبي العالية ممن تفسيرهم للصفات عندك على خلاف الأصل. والشاذ ما خالف الأصل: أليس كذلك أزهرينا؟

تشكيك الأزهري في رواية البخاري لمجاهد وأبي العالية
للأسف لا تخلو كل فقرة من كلام الأزهري من تفصيل فإن مغالطاته كثيرة. والوقت لا يسنح للتتبع الدقيق لكل أباطيله. ولكن سوف احاول الايجاز حول طعنه في سند روايتي مجاهد وأبي العالية.

فأقول:
كل ما قلته أيها الأزهري بالنسبة لسند الروايتين فلا يخلو من رد وتفنيد.
وقد وجدت نسخة مطابقة لكلامك في ملتقى أهل الحديث تتضمن التشكيك برواية مجاهد وأبي العالية وقد أجاد الإخوة في الرد عليها.
وهذا هو الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=122604

فإما أن تكون انت الداخل هناك باسم أحمد يس وإما أن يكون غيرك ممن نقلت كلامه.
وفي كلا الأمرين انتهى صاحب هذا القول بالعجز والسكوت.

أما بالنسبة لسند أبي العالية فهو صحيح وليس بضعيف.
وقد رواه البخاري في كتاب التوحيد محتجا به. فلم يتفرد به الرازي وإنما أخرج له الطبري طريقا آخر. وذكره الحافظ ابن حجر.
وقولك بأن ابن أبي نجيح لم يلق مجاهدا فقد رد الذهبي ما أورده بعضهم فرد عليه وقال « قلت: هو من أخص الناس بمجاهد“ (سير أعلام النبلاء6/126).

وصدق الذهبي فإن كبار الأئمة يحتجون بروايته عن مجاهد كالثوري والطبري وابن أبي شيبة وكثيرون جدا.
وأما قولك بأنه رمي ببدعة القدر فإنه ليس في روايته ما ينصر بدعته حتى يحكم عليها بالرد. ناهيك عن أن الذهبي أثبت رجوعه عنها.
قال في ترجمته: ” ”قال علي: أما التفسير، فهو فيه ثقة يعلمه، قد قفز القنطرة، واحتج به أرباب الصحاح». قال الذهبي « ولعله رجع عن البدعة، وقد رأى القدر جماعة من الثقات وأخطؤوا نسأل الله العفو“.
فسقط احتجاجك بمسألة البدعة وعدم اتصال السند بينه وبين مجاهد.
من سلف الأزهري في تضعيف رواية مجاهد وأبي العالية؟

وكان بودي أن أسأل الأخ الأزهري:
من سبقك في تضعيف سند أثر أبي العالية و مجاهد؟
قد تقول بأنك تطبق قواعد الجرح والتعديل.
وأقول: أين هذا التطبيق في قولك بأن ابن أبي نجيح لم يلق مجاهدا ؟
وقد امتلأت كتب التفسير بهذا السند (عن ابن أبي نجيح عن مجاهد)؟
وانا سلفي في التصحيح هو البخاري ومسلم. فمن سلفك أنت في التضعيف؟

وأما شبهة التدليس فقد كان يقرأ من صحيفة. ونص ابن حبان رحمه الله على أن كل التفسير مأخوذ من صحيفة القاسم بن بزة _ ولا تدليس هنا ولم يستثن شيئاً. وهذا يبين سبب تصحيح الأئمة لروايته عن مجاهد.
ذكر الحافظ ابن حجر ابن أبي نجيح في الطبقة الألولى من المدلسين وهي طبقة من لا يدلس إلا نادراً وهذه الطبقة حكمها القبول لأمرين:

الأول أنه ذكر فيها أناساً عنعنتهم مخرجه في الصحاح مثل حفص بن عياث وزيد بن اسلم ويحيى سعيد الأنصاري.

الثاني أنه جعلها أعلى من طبقة المدلسين من الأئمة والذين احتملوا تدليسهم فصححوا جميع مروياتهم. وحديث ابن أبي نجيح عن مجاهد بالعنعنة مخرج في الصحيحين.
هل يلتزم الأزهري تضعيف عشرات روايات البخاري ومسلم؟
ويلزم من هذا التضعيف التشكيك بكثير من روايات البخاري ومسلم.
فقد احتج البخاري ومسلم بمرويات ابن أبي نجيح عن مجاهد.
روى له البخاري ما يقرب من عشرين حديثا.
وكذلك روى له مسلم ما يقرب من خمس روايات.
فهل تقول بأن هذه الروايات ضعيفة يا بخاري عصرك؟

ومن ذلك:
حدثنا عَلِيٌّ حدثنا وَهْبُ بن جَرِيرٍ حدثنا أبي قال سمعت بن أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ عن بن أبي لَيْلَى عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال نَهَانَا النبي أَنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فيها وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عليه

حدثنا عَلِيُّ حدثنا سُفْيَانُ قال قال لي بن أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ قال صَحِبْتُ بن عُمَرَ إلى الْمَدِينَةِ فلم أَسْمَعْهُ يحدث عن رسول اللَّهِ  إلا حَدِيثًا وَاحِدًا قال كنا عِنْدَ النبي  فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ فقال إِنَّ من الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا كَمَثَلِ الْمُسْلِمِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ فإذا أنا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَسَكَتُّ فقال النبي  هِيَ النَّخْلَةُ

حدثنا أبو نُعَيْمٍ قال حدثنا إِبْرَاهِيمُ بن نَافِعٍ عن بن أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ قال قالت عَائِشَةُ ما كان لِإِحْدَانَا إلا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فيه فإذا أَصَابَهُ شَيْءٌ من دَمٍ قالت بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا

حدثنا صَدَقَةُ بن الْفَضْلِ أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن بن أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ عن أبي مَعْمَرٍ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال انْشَقَّ الْقَمَرُ على عَهْدِ رسول اللَّهِ  شِقَّتَيْنِ فقال النبي  اشْهَدُوا

فهل فاق الأزهري في ورعه في التحديث ودقته من شهدت الأمة بصحة كتابيهما حتى صار ؟
ومن يبالي بتشكيكك في الروايتين وقد تيقنت أن أحدا لن يبالي بتشكيكك فقلت بعد هذا كله:
« وإنما لم نقل هذا من قبل واكتفينا بشرح المتن لما تلقى العلماء هذين التفسيرين بالقبول -اقصد تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع-فليس في بحث السند كبير فائدة في نقاشنا لأن النقاش عن المضمون».

قلت: الطعن في المضمون تلقاه أهل العلم بالقبول إلا اللهم ابن بطال وهو على أصول الأشاعرة بل والمعتزلة في نفي العلو. وأنت ضد مبدأ نفي علو الله فوق عرشه.
فهل تلتزم أيها الأزهري بضعف عشرات الروايات في البخاري مما هو مروي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؟
نعم أم لا؟
سفيان الثوري يقول حسبك بتفسير مجاهد والأزهري يقول: لا
ولا يزال أهل التفسير يأخذون بوصية سفيان الثوري في الثناء على مجاهد وتلقيه تفسير القرآن كله عن ابن عباس ولم يكونوا يعلمون بولادة شخص اسمه هاني (الأزهري) سوف يأتي بعد اربعة عشر قرنا ليخالفهم في ذلك.
قال الطبري « حدثنا أبو كريب قال: حدثنا طلق بن غنام عن عثمان المكي عن ابن أبي مليكة قال: «رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه الواحد فيقول له ابن عباس: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله.
وحدثنا أبو كريب قال: حدثنا المحاربي ويونس بن بكير قالا: حدثنا محمد بن إسحق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
وحدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري عن أبي بكر الحنفي قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به».
(تفسير الطبري1/40 تفسير ابن كثير1/6 الاتقان4/499).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
« قول أئمة السلف قول مجاهد ونحوه فإنهم أعلم بمعانى القرآن لا سيما مجاهد فإنه قال عرضت المصحف على بن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقفه عند كل آية وأسأله عنها ( وقال الثورى إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به والأئمة كالشافعى واحمد والبخارى ونحوهم يعتمدون على تفسيره والبخارى في صحيحه» (مجموع الفتاوى15/201).

قال الأزهري:
« فالأثر عن مجاهد مختلف في سنده وليس مقبولاً لذاته مطلقاً بل مقبول لقبول العلماء له».

تعليق دمشقية:
من تكلم في أثر مجاهد تشكيكا قبلك؟
أنا لا أعرف أحدا طعن في أثر ابن أبي نجيح مجاهد قبلك. ويلزم من ذلك الطعن في مرويات ابن أبي نجيح عن مجاهد في صحيح البخاري.
وأرجو أن تفيدنا بذلك إن وجدت أحدا يطعن في سند ابن أبي نجيح. وكيف تطلق الحكاية عن العلماء قبول الأثر ثم تقول اختلفوا فيه؟

وكيف يطعن قوم في هذا الأثر وهم لم يطعنوا فيما يقرب من ثلاثين سندا لابن أبي نجيح عن مجاهد عند البخاري؟

هل يعي الأزهري ما يقول؟
قال سفيان (( تفسير ابن أبي نجيح صحيح )) رواه ابن أبي حاتم في المقدمة على الجرح والتعديل.
وذكر أيضا « كان سفيان يصحح تفسير ابن أبي نجيح» (الجرح والتعديل1/79 و5/203 تهذيب التهذيب6/46).
وذكر ابن حبان في الثقات أن ابن أبي نجيح أخذ تفسير مجاهد من كتاب القاسم بن بزة وهو ثقة وعليه فالواسطة معروفة والخبر ثابت.

فأين إمكانية التدليس وقد أخذ تفسير مجاهد من كتاب القاسم؟
ذكر الحافظ ابن حجر ابن أبي نجيح في الطبقة الأولى من المدلسين وهي طبقة من لا يدلس إلا نادراً. هذا إذا سلمنا بوقوع التدليس.

وقد ذكر الإخوة في ملتقى أهل الحديث أن:
« هذه الطبقة حكمها القبول لأمرين.

الأول أنه ذكر فيها أناساً عنعنتهم مخرجه في الصحاح مثل حفص بن عياث وزيد بن اسلم ويحيى سعيد الأنصاري.
الثاني أنه جعلها أعلى من طبقة المدلسين من الأئمة والذين احتملوا تدليسهم فصححوا جميع مروياتهم».

أما ما أورده الأزهري من قول ابن حبان بأن الناس « يتقون من حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه» فهذا غير مسلّم له به، فإن أئمة التفسير كانوا يأخذون بمرويات أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ولا يتقونها كما ادعى ابن حبان. وانظر كتب التفاسير كتفسير ابن أبي حاتم و تفسير ابن جرير الطبري وتفسير ابن كثير، وهؤلاء من أهل الشأن في علم الحديث. فهذا الكلام من ابن حبان شيء قد تفرد به ولم يقم عليه دليلا.

والرازي لم يتفرد بهذا الأثر. فيكون كل من أبي جعفر الرازي وابن أبي نجيح روايتهما صحيحة إلا اذا تفرد الأول. ففيها نظر كما قال ابن كثير.

ويلزم من رد مرويات أبي جعفر الرازي تضعيف أكثر من خمسمئة أثر مروي في كتب التفسير احتج بها أهل التفسير كابن أبي حاتم و ابن جرير و ابن كثير. فهل تقبل أن تخالف أهل الشأن في ذلك كما فعلت في البخاري ومسلم كما تقدم؟
أما من ضعف شيئا من طريق الرازي فإنما ضعفه في آثار قليلة جدا لأمور أخرى فوق مسألة الرازي كالتفرد و نكارة المتن.
وأما أبو بكر بن عياش:
ففيه شيء من الضعف. وكتابه صحيح كما ذكر الحافظ (تقريب التهذيب1/628).

ويبدو ان الأزهري سوف يلتزم ضعف كثير من روايات البخاري بسبب دفاعه عن عقيدته.
وها هو الآن يوجه ضربة أخرى للبخاري فيضعف رجلا من رجال البخاري

فقد روى له البخاري خمسة أحاديث.
والترمذي يروي عنه ويصحح إسناده وكذلك الذهبي يوافق الحاكم في تصحيح مروياته.
وكذلك شيخنا الألباني القائل « قلت : و هو ثقة من رجال البخاري، وفيه كلام لا يضر، وقد أحسن الدفاع عنه و الثناء عليه ابن حبان في " الثقات» (سلسلة الصحيحة3/232). ويقول أيضا رحمه الله: « وفيه كلام لا ينزل به عن مرتبة الحسن» (سلسلة الصحيحة3/331).
وجل ما يقال بأنه لا يقبل منه ما خالف فيه الثقات. ولكن أين المخالفة هنا؟
هل الأشاعرة ثقات؟

وأما محمد بن أبان فهو صدوق ومن رجال البخاري، وكلام الأزدي فيه لا يؤثر كما قال شيخنا الألباني.
وقد كثر كلام الأزدي في كثيرين بلا حجة.
تكلم في أبان بن إسحاق بغير حجة مع انه كوفي ثقة كما في (تقريب التهذيب1/209)
وتكلم في اسماعيل الرقي بلا حجة (التقريب1/108).
وتكلم في سلم بن جعفر البكراوي بغير حجة (التقريب1/245).
وتكلم في عبد الواحد بن واصل السدوسي بغير حجة (التقريب1/367).
وغيرهم كثير.
وقول الحافظ بلا حجة أي مع كونه ثقة.

وقد قال الحافظ في محمد بن أبان بأنه صدوق مؤيدا فيه توثيق ابن حبان له وإدراج مروياته في صحيحه. فبطل ما قلته فيه.

وأما قولكم حفظكم الله:
« لا يعرف للطبري رواية عنه فقد مات ابن أبان هذا قبل أن يبلغ الطبري وليس هو في شيوخه فيبدو أن السند فيه سقط لأن ابن أبان من طبقة شيوخ شيوخ الطبري».
الجواب:
أن هذا من قول بدر الدين العيني صاحب عمدة القاري وينزه الطبري عن أن يقول (حدثنا) عمن ليس من شيوخه الذين سمع منهم. وبالتالي يستبعد ان يكون هو محمد ابن أبان كما قال.
بل هو محمد بن عبد الأعلى لأنه ليس هناك من صلة بين الطبري وبين أبي بكر بن عياش إلا محمد بن عبد الأعلى. واكتفاء الطبري بذكر اسم محمد فقط دليل على أنه لا يحتاج أن يورد اسمه كاملا.

وللأثر طرق أخرى. عن عصام رواد ثنا أبو جعفر بن الربيع بن انس عن أبي العالية وعصام صدوق وآدم بن أبي إياس ثقة عابد وأبو جعفر صدوق سيء الحفظ. والربيع صدوق له اوهام.

وأما السند الثاني فساقه أبو جعفر الطبري في تفسيره ثنا محمد ثنا أبو بكر بن عياش.
ومحمد هو ابن عبد الأعلى الصنعاني ثقة وليس ابن أبان لأنه الوحيد من شيوخ الطبري الذي يروي عن بن أبي عياش كما ذكر المزي في تهذيب الكمال.

وأما حصين فهو حصين بن عبد الرحمن السلمي وهو ثقة وربما تغير. وهو الراوي الوحيد الذي يصل بين أبي بكر وبين أبي العالية.
وآدم له متابع فقد ساق الحافظ بسنده من طريق محمد بن سابق عن أبي جعفر. يعني التقى هو وابن أبي حاتم في أبي جعفر.
وهذا يقوي الأثر.

والأثر علقه البيهقي. وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيه وإلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
وهذا يعزز ما وصله الحافظ. ويؤكد أن هناك سقطا في التفسير المطبوع.
ولو كان الأثر عند الحافظ ضعيفا لما كلف نفسه بإيراد ما يصل رواية البخاري.

قال الأزهري:
« أما أثر أبي العالية فهو ضعيف ولا شك في سنده كما فصلنا -بعض التفصيل- ولكن أيضاً هو مقبول لقبول العلماء له اللهم إلا من رد بعض العلماء له كابن بطال والسيوطي وغيرهما».
قلت:
ابن بطال لم ينكر السند وإنما أنكر المتن وهو قول أبي العالية نفسه.
وأنت تتناقض فتقول لا شك في ضعف الرواية مع ان العلماء قبلوها.
أما السيوطي فقد أورد رواية أبي العالية عن ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم والبيهقي ولم يرد الرواية أو يتعقبها بشيء (الدر المنثور1/107).

ثم إن أبا العالية لم يحتس سم المعتزلة كما احتساه الأشاعرة - ومنهم ابن بطال – حتى تطابقت تأويلاتهم بتأويلاتهم، وتفويضهم بتفويضهم، وإنما شرب من معين السلف الصافي آخذا عن الصحابي الجليل ابن عباس ما يرده ابن بطال وابن الأزهري.

وأنا لا مانع عندي من التطويل في الحوار معك لأنني مقتنع بأنه سوف يخرج منك في طول المناظرة ما يكشف للناس حقيقة ما عندك.
وإلا فالحوار معك قد انتهى منذ أن قلت لنا:
« أنا لم أقل أن مجاهد وأبي العالية "اتبعا الظن" ولا أنهما "مخطئان" ولا أنهما قالا "بالرأي" ولا أنهما فارقا رأي السلف بقولهما هذا».

والآن تصرح بقبول عامة العلماء لقول مجاهد سندا ومتنا اللهم إلا من تأثر بقواعد علم الكلام التي تأسس عليها المعتزلة وأخذها عنهم الأشاعرة.

قال الأزهري:
أما بالنسبة لقول الإمام الترمذي حكاية عن الجهمـية ” تأولت الـجـهـمـيــــة هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم“ (سنن الترمذي3/42).

فهذه لنا لا علينا لأن نص الإمام الترمذي يقول "هذه الآيات" وليس هذه الألفاظ أو الصفات فهو يصب في قولنا بمعرفة معنى الآيات الإجمالي وليس التفصيلي لفظاً لفظاً فالضمير في قوله "ففسروها" عائد على قوله "هذه الآيات" فهل تعقل هذا ؟ أرجو.

جواب الدمشقية:
بل هذه عليك وهي لنا لا سيما إذا اكملت عبارة الترمذي فسوف ينكشف التدليس:
« قال الترمذي: « وقد ذَكَرَ الله عز وجل في غَيْرِ مَوْضِعٍ من كِتَابهِ الْيَدَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَتَأَوَّلَتْ الْجَهْمِيَّةُ هذه الْآيَاتِ فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا: إن معنى اليد القوة» (سنن الترمذي3/50).

لقد حذف الأزهري قول الترمذي (وقالوا اليد بمعنى القوة).
وهذا القول متعلق بألفاظ الصفات الواردة في الآيات.
هل عرفت الآن أيها القارئ تلاعب الأزهري بعواطفك؟
سل الأزهري:
لماذا حذفت يا أزهري تتمة كلام الترمذي بما يؤكد أن تفسير الجمهية الباطل كان متعلقا بألفاظ الصفات؟







 
قديم 09-02-08, 12:06 AM   رقم المشاركة : 14
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



الأزهري يستعدي الناس على خصمه بالأباطيل
لقد اتهمني الأزهري بأنني تعرضت لسباب وشتم مجموعة من العلماء والمجاهدين. وأنا أعلم أن فتح هذه المواضيع من الأساليب الأزهرية في صرف الناس عن عجزه عن إثبات تفويضه.

قال عفا الله عنه:
« وما هو المنتظر ممن يقول أن الإمام الغزالي حلولي على مذهب الحلاج؟».
« وما هو المنتظر ممن يقول أن صلاح الدين الأيوبي كان على عقيدة ضالة؟».
« وما هو المنتظر ممن يهاجم المجاهدين في فلسطين؟».
« متى ينتهي مسلسل الاعتداء على أئمة المسلمين وقادتهم من قبل الدمشقية؟ بالأمس صدمنا الدمشقية بمقالته في الهجوم على صلاح الدين الأيوبي مصدر فخر المسلمين».
هل طعنت (الدمشقية) بصلاح الدين؟

أقول سبحانك هذا بهتان عظيم:
جل ما قلته عن صلاح الدين أن انتصاره على الصليبيين لا يعني صوابية المذهب الأشعري الذي كان يتبعه فإن أبا الحسن الأشعري نفسه تاب مما لا يزال الأشاعرة عليه قبل توبته وإعلانه اتباع أحمد بن حنبل.

والمذهب الأشعري مخالف في أكثره لعقيدة احمد بن حنبل موافق لكثير من تحريفات المعتزلة، متجاهل لما استقر عليه حال أبي الحسن الأشعري الذي أعلن اتباعه لأحمد بن حنبل الذي انتصر بدوره على المعتزلة وكان انتصار أحمد نصرا للسنة.

فلماذا لا يأخذ الأزهري بانتصار أحمد العقائدي واتباع الأشعري له بعين الاعتبار؟
انتصار صلاح الدين عسكري وانتصار أحمد عقائدي سني
صحيح أن انتصار صلاح الدين على الصليبيين كان انتصارا عسكريا.
ولكن انتصار أحمد بن حنبل على المعتزلة وسائر أهل البدع كان انتصارا عقائديا.
وكان الأولى بمن يحتجون بانتصار صلاح الدين أن يحتجوا بنصر أحمد بن حنبل في العقيدة على المعتزلة.
بل كان الأولى بالأشاعرة أن يحتجوا بميل أبي الحسن الأشعري إلى معسكر احمد بن حنبل لا يتجاهلوا هاتين الحقيقتين.

السؤال العظيم:
لماذا لا يحتجّ الأشاعرة بأنّهم على أصول أحمد كما فعل أبو الحسن الأشعري نفسه ذلك؟
قال محقق كتاب سير أعلام النبلاء: « وكانت بلاد الشام تشهد نزاعًا مذهبيًا وعقائديًا حادًا، كان الحُكّام المماليك يتدخلون فيه في كثير من الأحيان فيُناصرون فئة على أخرى، وكان الأيوبيون قبل ذلك قد عُنوا بنشر عقيدة الأشعري واعتبروها العقيدة الحقة التي يجب اتّباعها، وكان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله أشعريا متعصبًا كما هو معروف من سيرته، فلذلك أصبحت للأشاعرة قوة عظيمة في مصر والشام » [سير أعلام النبلاء 1/13].
قلت: وقد كانت للمعتزلة في العراق قبل أحمد كلمة وسلطة كبيرة فكان ماذا؟
لقد انتصر الرافضة والنصيرية على المسلمين وأخذوا الحجر الأسوا منه.

شيوخ صلاح الدين متعصبون ونباشون لقبور الحنابلة
وقد ابتلي صلاح الدين بمشايخ قمة في التعصب أمثال الخبوشاني.
قال السبكي: « دخل يومًا القاضي الفاضل وزير السلطان لزيارة الشافعي، فوجده – الخبوشاني شيخ صلاح الدين – يلقي الدرس على كرسي ضيق، فجلس وجنبه إلى القبر، فصاح الشيخ فيه، قم، قم، ظهرك إلى الإمام؟ فقال الفاضل: إن كنت مستدبره بقالبي فأنا مستقبله بقلبي، فصاح فيه أخرى وقال: ما تُعُبِّدنا بهذا. فخرج وهو لا يعقل » [طبقات السبكي 7/15 – 17 محققة].

قال: « وأخذ الخبوشاني في بناء الضريح الشريف (ضريح الشافعي) وكان ابن الكيزاني رجل من المشبهة مدفونًا عند الشافعي رضي الله عنه فقال الخبوشاني: لا يكون صديق وزنديق في موضع واحد. وجعل ينبش جثته ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله من أتباعه، وتعصبت المشبهة عليهم، ولم يبال بهم » [طبقات السبكي 7/15 – 17 محققة].
ثم إن صلاح الدين لم يكن ماتريديًا فبطل ما تزعمونه من كون الماتريدية من أهل الحق. ولو كانوا على الحق لانتمى إليهم صلاح الدين ولنشر مذهبهم كما نشر مذهب الأشعرية.

كيف انتشر المذهب الأشعري
وكان الأشاعرة ينشرون مذهبهم عن طريق الإرهاب الفكري والإلزام بالكفر والردة والتشبيه والتجسيم ولا يتورعون عن الافتراء على خصومهم، فقد حرضوا السلطان ألب أرسلان على شيخ الإسلام الهروي وزعموا أنه مجسم وأنه كان يعبد صنمًا في محرابه. ولكن الله أبطل كيدهم [الذيل على طبقات الحنابلة 1/54 – 55].

حتى تسلط الأشاعرة الفكري قلدوا فيه المعتزلة
ولم يكن الأشاعرة يدعون إلى مذهبهم بالحكمة والموعظة والبرهان ولكنهم كانوا يتسلطون على المخالف ويلجأون إلى التعلق بالسلاطين حماية لعقيدته الباطلة، ويتسببون في كثير من الفتن، فقد سجل التاريخ استنجادهم واحتماءهم بالعبيديين الباطنيين لتثبيت عقائدهم والتخلص من خصومهم كما فعل القشيري يوم فتنة بغداد حين صاح هو وأصحابه « يا منصور » يعنون العبيدي الباطني صاحب مصر [الذّيل على طبقات الحنابلة1/19–20].

وكان الأشاعرة يمارسون الضغط والإرهاب الفكري العقدي كما فعل ابن تومرت في المغرب، وكان يكفي لمخالف المذهب الأشعري أن يوصف بالتشبيه والتجسيم بما يكفي إلى إدانته والحكم عليه بالإعدام واستباحة دمائه في سبيل الله.
فبهذا لم يقلد الأشاعرة تأويل الصفات على الطريقة الاعتزالية.
بل قلدوهم حتى في تسلطهم على خصومهم ففعلوا مثل ما فعله المعتزلة أيام المأمون مما أوقع كثيرين من العلماء في الفتمة.

حقيقة قد تكون مرة
ولو كان الاخوان المسلمون في عهد صلاح الدين لمنعوه من مقاتلة الفاطميين ولقالوا له: لماذا تحارب الفاطميين وهم يقولون لا إله إلا الله؟ أليسوا هم إخواننا في الدين؟ هذا تفتيت لجهود الأمة وتهديد لكيانها وشق لوحدة صفها. أفتان أنت يا صلاح الدين؟ يجب أن نحاول جمع الشمل ضد من يحاربون لا إله إلا الله.

هل طعني بالغزالي سباب؟؟؟
نعم انا لم أسب الغزالي مع أنه قد سب الرب.
والأزهري المنزه لا يبالي بسباب الغزالي للرب.
نعم الغزالي سب الله فقال « ليس في الإمكان أبدع من صورة هذا العالم ولا أحسن ترتيبا، ولا أكمل صنعا» بتعبير آخر «ليس في الإمكان أفضل مما كان» (الإحياء 4/258 الاملاء في إشكالات الإحياء 5/63) وهذا تصريح منه أنه ليس في إمكان الله أن يخلق أفضل مما خلق. وهذا تصريح بعجز الجناب الإلهي.
أليس هذا إثباتا للعجز الإلهي يا حضرة الأزهري المحترم؟
أليس التوحيد عند الغزالي هو أن تعتقد أن الخالق والمخلوق شيء واحد، يسميه الغزالي بـ »الفناء في التوحيد« ثم يأتي بأقوال الحلاج في أول أنواع التوحيد؟ (الإحياء 4/247). ويعتقد أن توحيد العوام هو »لا اله الا هو« وأما توحيد الخواص فهو »لا هو الا هو«. وأنه ليس في الوجود الا الله وأنه ليس فاعلا على الحقيقة الا الله. وأن الكثرة هي كثرة في الواحد فالله هو واحد باعتبار وهو كثير باعتبار آخر(4/246-247).

ألم يصرح الغزالي أن القرآن لا يناسب أحوال الصوفية فإن السماع (الأناشيد أو التواشيح الصوفية) أفضل للذاهب الى الله من القرآن. لقد قالها صريحة بالنص بأن » جميع آيات القرآن لا تناسب حال المستمع (الإحياء 2/298) «. وقد نص على أن القرآن لا يناسب حال الذاهب الى الله فقال « إعلم أن قراءة القرآن أفضل للخلق كلهم إلا للذاهب إلى الله عز وجل» (الاربعين في أصول الدين 46).

ألم يستحسن الغزالي قول أبي تراب النخشبي أن رؤية أبي يزيد البسطامي مرة واحدة خير من أن ترى الله سبعين مرة؟ (إحياء علوم الدين4/356).
الخالق والمخلوق واحد، ورؤية المخلوق أفضل من رؤية الخالق بسبعين مرة، والأناشيد أفضل من القرآن الذي لا يناسب الذاهب إلى الله، والله لا يستطيع خلق عالم أفضل من هذا العالم الذي خلق.

أليس هذا سبا وشتما لله؟؟؟
أم أن الأزهري أعمى ولا يرى تنزيه الله إلا من خلال ضرب العقيدة السلفية؟
هل طعنت بالمجاهدين في فلسطين؟؟؟
أتعجب من الأزهري أن ينسب إلى الطعن بالمجاهدين في فلسطين!!!
أين سببت المجاهدين في فلسطين أيها ال........ (الأزهري)؟؟؟
الذي أعلمه أن التحريش بين المسلمين هو من عمل الشيطان لا من عمل المسلمين.

ألا يعلم الأزهري أنه بهذا التحريش العاطفي لكسب تأييده والتعاطف معه يتسبب بفتنة بين المسلمين ربما أدت إلى ضرب أو قتل!
وقد كان عليه قبل هذا التحريش أن يذكر بالنص أين طعنت بالمجاهدين في فلسطين؟؟
الذي عتبت فيه على حركة حماس هو الارتماء عند قبور وأضرحة رموز الرافضة من أجل تحقيق المكاسب السياسية وأن حركة حماس هي حركة (إخوانية) دينية صحوية بالدرجة الأولى وأن هذا الارتماء يتعارض مع شعار (دعوتنا سلفية). فإن العلماء السلفيين منذ القديم كانوا لا يرجون خيرا من مذهب الرفض ويحذرون منه أشد التحذير.

والطعن في الجهاد والمجاهدين نفاق عندي وعند الأزهري.
فهل يمكن أن يعلن أمام الذين يحرشهم ضدي أنني وقعت في نفاق؟
هل سوف يجيب الأزهري أم أنه سوف يكتفي بالتجاهل؟







 
قديم 09-02-08, 12:21 AM   رقم المشاركة : 15
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



عدم وضوح مفهوم التأويل عند الأزهري
لا يزال الأخ الأزهري وفقه الله يستعمل كلمة التأويل بغير المفهوم القرآني.

يقول الأزهري:
«على قولكم يكون منهج السلف التأويل»!
قلت:
نعم أخي الأزهري. مذهب السلف التأويل الذي صح مثله عن مجاهد وأبي العالية والذي هو:
1- التفسير كما في قوله تعالى (أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين).
2- حقيقة ومآل الشيء كما في قوله تعالى في نفس السورة (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا).
وكما دعا النبي لابن عباس » اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل«. ولم يقل النبي (وعلمه التفويض)!!!

لماذا قال لابن عباس اللهم علمه التأويل ولم يقل علمه التفويض؟
فكيف يقال بعد هذا إن مذهب السلف هو التفويض وهو مخالف لصريح دعاء النبي لابن عباس أن يعلمه الله التأويل؟
كل هذا يبين أن صورة ومعنى التأويل غير واضحة في ذهن الأخ الأزهري وفقه الله.

وليس لأحد أن يستدل بألفاظ القرآن حتى يوافق المعنى القرآني الذي كان يفهمه النبي وأصحابه ولغة العرب التي أنزل القرآن بها والتي كان النبي يخاطب بها أمته، بل لا بد من الرجوع إلى الاستعمالات الواردة لهذا اللفظ وقت نزول الوحي لا أن يحمل ألفاظ القرآن على معان خاصة خارجة عن المعنى القرآني الذي فهمه الصحابة وقت نزول الوحي.

فإن التأويل عند الأشاعرة والمعتزلة هو: « صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله لديل يقترن به». ثم يقولون: ولا نقطع به بل نقول هو محتمل. مما يؤكد أن هذا التعريف للتأويل يحمل معه الاحتمال.
لكن السلف لم يكونوا يفسرون بالاحتمال.

وهذا سر تضايق الأزهري وغيره من التأويل الأشعري لا التأويل السلفي.
فإن السلف لا يتفقون مع الأشاعرة والمعتزلة الخلوف في تفسير القرآن بالمحتمل الذي لا يمكن القطع بمراد الله منه.

بل كانوا يفسرونه بالمأثور ويخافون من التقول على الله ما لا يعلمون.
بل يرون هذا مجازفة في الدين وقولاً على الله بلا علم، ولأن الاحتمال ليس علماً.
وإنما هو إلى الخرص والظن أقرب ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ) [الأنعام 116].
بل هوتناقض لأنهم منعوا خبر الآحاد لانه يفيد الإحتمال ولكنهم أجازوا التأويل مع اعترافهم بأنه احتمال.

وأرجو من الأخ الأزهري أن تتضح صورة التأويل عنده بعد هذا فلا يطعن في التأويل الذي معناه التفسير. ولا يسمي تحريفات المعتزلة والأشاعرة تأويلات لأنها أسست على فهمهم الخاص المخالف للفهم القرآني. وبالله التوفيق.

التدليس الأزهري
قال الأزهري:
« والغريب -والذي يبدو انك نسيته- أن الدكتور القرضاوي لم يقل بأن كل الصفات واضحة بينة المعنى وإنما خصاً جزءاً معيناً لا يزيد عن خمس صفات قال فيه قوله هذا وأنت نقلت هذا بنفسك ثم ظللت تكرره وتجمله على كافة الصفات».
أقول:
أين ذهبت بكلمة ((( ونحوها))) والتي تفيد عدم الحصر؟
آسف أن يصير أسلوب الأزهري بهذه الطريقة في الاستخفاف بالحق وبالقراء.
فقد قال القرضاوي « النصوص التي تضيف إلى الله تعالى صفات هي في البشر انفعالات نفسية‚ مثل: الرحمة والرضا والغضب‚ والمحبة والكراهية‚ والفرح والغيرة‚ والعجب ونحوها وقد ثبتت بآيات القرآن العزيز‚ أو بالسنة الصحيحة».

مما يدل على أن القرضاوي إنما أتى بذكر هذه الصفات كمثال وليس على سبيل الحصر، بدليل قوله (ونحوها) فهو لم يحدد بأن هذه هي فقط التي هي واضحة المعنى. وإنما أتى بها كمثال.
الدليل الآخر أنه قال (ثبتت بآيات القرآن أو بالسنة الصحيحة).

فهل تقول لنا حضرتك بأن القرضاوي لم يجد في القرآن ولا في السنة الصحيحة من الصفات واضحة المعاني إلا خمس صقات هي (الرحمة والرضا والغضب‚ والمحبة والكراهية‚ والفرح والغيرة‚ والعجب)؟
وهل نفهم من كلامك بأن الأصل عندك أن صفات الله ليست واضحة المعاني؟
إتق الله يا أزهري ولا تحرف كلام القرضاوي ولا تخدع القارئ.

وإنني والله لأعجب من هذا الضعف في الحوار الذي بلغ بك أن تستعمل هذه الطريقة التي تتنافى والمنهج العلمي في البحث.

ثم قال الأزهري:
« والجديد عليك أنك لا تعرف أن الدكتور توفيق الواعي له كتاب (أقاويل الثقات في آيات وأحاديث الصفات) -اسمه يشبه اسم كتاب الكرمي الحنبلي- ينتصر فيه للتفويض ويشرح بناء عليه كلام الأستاذ البنا».

قلت:
هيا أنقل لنا تفاصيل قوله فيما زعمت – من كتابه غير المعروف، ولا تبطل كلامي بكلام مجمل توهم فيه من يتعطش لانتصارك أنك حققت شيئا. هات من كلامه ما يثبت حجتك. أما الاحتجاج علي بمجرد ذكر اسم كتاب لا يفيدك شيئا وليس هكذا يكون الحوار العلمي.

فإن ثبت انه انتصر للتفويض الذي بمعنى عدم العلم بمعنى الصفات فسوف يكون كلامه متناقضا مع كلامه الآخر الذي قال فيه بأن تفويض البنا كان تفويض كيفية الصفة وليس معنى الصفة). وسوف تكون المشكلة في تناقضه. هذا إن استطعت أن تثبت أنه تراجع أو غير رأيه في كتابه الذي زعمت.

أما أنا فاستدلالي بقوله في كتابه المعروف (الإخوان المسلمون كبرى الحركات...) استدلال صحيح لم تستطع أن ترده إلا بكلام مجمل لا قيمة له من الناحية العلمية.

يتبع...







 
قديم 09-02-08, 12:42 AM   رقم المشاركة : 16
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



الجيلاني يصرح بتفويض كيفية الصفات دون معناها
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني: « فالاستواء من صفات الذات بعدما اخبر به... ونكل الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل» (الغنية لطالبي الحق1/57 ط: البابي).
وقد فصل العقيدة أحسن تفصيل. ثم فصل بين معنى الصفة وبين معناها ففوض الكيفية دون المعنى.

قال الذهبي:
« المتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولدة ما علمت أحدا سبقهم بها
قالوا هذه الصفات تمر كما جاءت ولا تأول مع إعتقاد أن ظاهرها غير مراد فتفرع من هذا أن الظاهر يعني به أمران:
أحدهما أنه لا تأويل لها غير دلالة الخطاب كما قال السلف الإستواء معلوم
وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها.
يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف
وهذا هو مذهب السلف مع إتفاقهم أيضا أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته
الثاني أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة كما يتشكل في الذهن من وصف البشر فهذا غير مراد» (العلو ص250-254).

هل جمع الأدلة في الصفات مكروه؟
قال ابن عبد البر في التمهيد (7/152).
«وقد بلغني عن ابن القاسم أنه لم ير بأسا برواية الحديث أن الله ضحك وذلك لأن الضحك من الله والتنزل والملالة والتعجب منه ليس على جهة ما يكون من عباده».
قلت:
ولكن الأزهري يرى بأسا من جمع نصوص الصفات التي لم يجمعها أهل العلم إلا ليحشدوها ردا على الجهمية المعطلة ومن تأثر بهم من معتزلة وأشاعرة.
وقد فعلوا ذلك بمقتضى قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم) فجمعوا ما استطاعوا ليبطلوا ما يحشده المعطلة.
فإن كان يضايقه جمع الأدلة على علو الله، أفلا يضايقه ما جمعه المعطلة لنفي علو الله؟ هل يجهل حضرة الأزهري انتشار نفي العلو والطعن بحديث الجارية؟

معنى العامة جمهور الأمة عند الذهبي
قال يزيد بن هارون (206 هـ)« من زعم أن (الرحمن على العرش استوى) على خلاف ما يقرّ في قلوب العامة فهو جهمي».
قال الذهبي « يَقِرّ» مخفف، والعامة: مراده بهم جمهور الأمة وأهل العلم، والذي وقر في قلوبهم من الآية هو ما دل عليه الخطاب مع يقينهم بأن المستوي ليس كمثله شيء» (العلو157).

إرتفع هو الأصل عند المفسرين
قال بشر بن عمر بن الحكم الزهراني أبو محمد البصري (207 هـ). قال: « سمعت غير واحد من المفسرين يقولون (الرحمن على العرش استوى) قال: على العرش استوى: ارتفع» (رواه اللالكائي3/397 المطالب العالية12/570 للحافظ ابن حجر).
قال المنذري: « ثقة، احتج به البخاري ومسلم وغيرهما ولا أعلم فيه جرحا» (الترغيب3/288).
قلت: وهذا يدل على أن تفسير أبي العالية صحيح وأن التفويض شاذ عن الأصل الذي كان عليه السلف.

نفي التفسير يطلق ويراد منه الكيفية
بدليل ما يلي:
أخبرنا ابن علوان أنبأنا البهاء عبد الرحمن أنبأنا عبد المغيث بن زهير أنبأنا ابن كادش أنبأنا محمد بن العشاري أنبأنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا محمد بن مخلد حدثنا العباس الدوري سمعت أبا عبيد وذكر الباب الذي يروى فيه حديث الرؤية والكرسي و موضع القدمين وضحك ربنا وحديث أين كان ربنا فقال هذه أحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض وهي عندنا حق لا نشك فيها ولكن إذا قيل لنا كيف وضع قدمه وكيف يضحك قلنا لا نفسر هذا ولا سمعنا أحدا يفسره كان أبو عبيد من أئمة الإجتهاد رأسا في اللغة حسبك أن إسحاق بن راهويه قال الله يحب الإنصاف أبو عبيد أعلم مني ومن الشافعي ومن أحمد
توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين وقد ألف كتاب غريب الحديث وما تعرض لأخبار الصفات بتفسير بل عنده لا تفسير لذلك غير موضع الخطاب للعربي والله تعالى أعلم
(رواه الدارقطني في الصفات والعلو للذهبي173 والآجري في الشريعة ص269 ).

لاحظ أن قوله أولا: (كيف... وكيف) ثم قال: (ما سمعنا أحدا يفسره) والذي جاء جوابا على السؤال (كيف وضع قدمه وكيف يضحك).

وعدم التعرض للتفسير هو أن تترك على معناها الواضح الذي أراد الله من اللفظ وتأتي له بتفسير على خلاف ظاهره. وأن لا تفسر كما فعل الجهمية حيث أتوا لها بتفسيرات باطلة. ونسوا فطرة الله التي فطر عباده عليها.
وهنا تلاحظ مخالفة الأشاعرة والمعتزلة للسلف. فإنهم ما فوضوا ولا أولوا إلا لاعتقادهم بأن ظاهر النصوص مشكل. بينما السلف كانوا يأمرون يترك النصوص تفهم على ظاهرها.

تعليق الذهبي على قول أبي عبيد
قال الذهبي: « قلت قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم وما أبقوا ممكنا وايات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا وهي أهم الدين فلو كان تأويلها سائغا أو حتما لبادروا إليه فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق لا تفسير لها غير ذلك فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها وأنهما لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين فالكتاب والسنة نطق بها والرسول  بلغ وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال ) لتبين للناس ما نزل إليهم ( النحل : 44 فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم» (سير أعلام النبلاء).

وقد أورد الأزهري هذا النص للذهبي. كما في الرابط
http://www.nokhbah.net/vb/showthread.php?t=537
فإن كان يعلم بوجود نص آخر للذهبي يوهم التعارض فقد صار هذا تدليسا. لأن الذهبي ما أراد تفويض مفوضة الأشاعرة بدليل أنه أفصح عن ذلك في موضع آخر.
فقال تعليقاً على قول مالك:
” وقول مالك هو قول أهل السنة قاطبة وهو أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها“ [العلو للذهبي 104].
وقال الذهبي: « قال والد أبي حفص بن شاهين: حضرتُ أبا جعفر الترمذي فسُئِل عن حديث النزول فقال: "النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة» [سير أعلام النبلاء 13/547 تاريخ بغداد 1/ 365].

وهذا يؤكد أنه يفهم معنى الصفة ولكنه يوافق منهاج السلف في عدم الخوض في تفسيرها.
يؤكد ذلك قوله:
” السؤال عن النـزول ماهو؟ عيٌّ لأنه إنما يكون السؤال عن كلمةٍ غريبةٍ في اللغة، وإلا فالنـزول والكلام والسمـع والبصـر والعلـم والاستـواء عبـاراتٌ جليلـةٌ واضحـةٌ للسَّامع“ (العلو ص156).

وقال الحافظ الذهبي أيضا:
” وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها يعني أنها بينة معروفة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف وهذا هو مذهب السلف مع اتفاقهم أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له في ذاته ولا في صفاته“ (كتاب العلو ص251).

وقال أيضا ” هذا الذي علمت من مذهب السلف ، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له ، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم ، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك ، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير ، لكن الكيف في جميعها مجهول عندنا“ (العلو ص254).

الاستواء معلوم بمعنى مفهوم قول أهل السنة قاطبة
نعم هذا ما صرح به الذهبي. وهو أن فهم (الاستواء معلوم) بمعنى غير مجهول: « هو قول أهل السنة قاطبة».
« وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الإستواء لا نعقلها بل نجهلها وأن إستواءه معلوم كما أخبر في كتابه وأنه كما يليق به لا نعمق ولا نتحذلق ولا نخوض في لوازم ذلك نفيا ولا إثباتا بل نسكت ونقف كما وقف السلف» (العلو ص139).
وما نسبه الذهبي إلى اهل السنة قاطبة لا يبطله قول واحد من أهل العلم.
والسائل لم يقل أين قال الله استوى وإنما قال كيف استوى.
فكيف يكون الجواب بمعنى مذكور يعني في القرآن؟ هذا قول أهل التحريف.

الاستواء معلوم يعني مفهوم
قال الإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن منده (395 هـ) في كتاب التوحيد « وذلك ان الله تعالى امتدح نفسه بصفاته تعالى ودعا عباده إلى مدحه بذلك وصدق به المصطفى  وبيّن مراد الله عز وجل فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته وكان ذلك مفهوما عند العرب غير محتاج إلى تأويلها» (التوحيد3/7).
قلت: تامل كم من رواية رويناها تؤكد أن ذلك المفهوم هو الذي أراده مالك بقوله (معلوم).

ثبوت مبدأ التفسير لا يبطله المطالبة بتفسير اليد
فيكون السؤال عن الواضح المعنى إنما يراد به التعجيز ومحاولة كسب النقاط بعد الهزيمة. أو ما وصفه الذهبي بسؤال العي.
كسؤال الأزهري: إملأ الفراغ وفسر لنا المعنى اللغوي ليد الله.
وقد علم القارئ بعد اطلاعه على مذهب السلف أنهم ينهون عن التكلف في التفسير لأن الله أنزلها بلغة عربية تصير الصفة معها واضحة المعنى.
كذلك حاول الأزهري في بداية الحوار أن يربط بين كلام الطبري وبين التفويض فنسب إليه ذلك بناء على ما فهمه هو من التفسير المجمل الذي نسبه للطبري.
لكن الطبري له كلام واضح جدا في أن للصفات معان:

ثقة السلف بظواهر نصوص الصفات
وقد كان السلف يثقون بظواهر النصوص ولا يرون حرجا منها. بل يرون في قراءة تفسيرا يخالف تفسير أهل الأهواء والآراء الباطلة. فجاء قول السلف (قراءتها تفسيرها) ردا على من ظهر في عهدهم ممن يفسر بآرائه الباطلة.
قال أبو الشيخ : « حكى إسماعيل بن زرارة قال : سمعت أبا زرعة الرازي يقول: «المعطلة النافية الذين ينكرون صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه، ويكذبون بالأخبار الصحاح التي جاءت عن رسول الله في الصفات ويتأولونها بآرائهم المنكوسة على موافقة ما اعتقدوا من الضلالة وينسبون رواتها إلى » (الحجة في بيان المحجة1/178).

منهج السلف في الصفات واحد بلا تقسيم بين العقلية والخبرية
ويدل عليه قول سفيان « وسائر أوصاف وخالفه الأزهري»

ومن تناقضات الأزهري الأصلي ادعاؤه أن السلف أثبتوا معنى الصفات العقلية وفوضوا الخبرية. وأنهم قالوا بأن الصفات لا تفسر وأن قراءتها تفسيرها. ثم يخالفهم ويستثني سبع صفات لم يستثنها السلف. ويقسم الصفات إلى عقلية يحرم تفويضها إلى الله. وإلى صفات خبرية يجب تفويضها إلى الله.
فإذا أخذ كلام سفيان على التفويض فيلزمه تفويض كل شيء من غير تقسيم بين عقلي وخبري.

أين هذا التقسيم الأزهري من قول سفيان بن عيينة: « كل شئ وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره»؟.
أين هذا التقسيم مما قاله الذهبي رحمه الله:

قال الحافظ الذهبي « هذا الذي علمت من مذهب السلف، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير ، لكن الكيف في جميعها مجهول عندنا» (العلو للذهبي2/1337) انتهى.
قلت: فانظر كيف جعل الذهبي الشأن في صفات الله كلها على نسق واحد دون تفريق بين خبرية وبين عقلية.

وكذلك ما قاله قوام السنة الأصبهاني رحمه الله?
” يقول أبو القاسم وقد سئل عن صفات الرب: مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد واحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهوية أن صفات الله التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها رسوله من السمع والبصر والوجه واليدان وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها وسائر أوصافه“ (العلو للذهبي ص263).

فتأمل قوله ” وسائر أوصافه“.
وتأمل قوله « كل شيء وصف الله به نفسه».
وتأمل قول المقريزي: في أن السلف « لم يفرقوا بين صفة وأخرى ولم يتعرض أحد منهم إلى تأويل شيء“ (الخطط للمقريزي3/309).
فإن هذا القول يدل على أن هذا موقف السلف واحد من سائر الصفات.
فمن أين للأزهري أن السلف أثبتوا معنى الصفات العقلية وفوضوا الصفات الخبرية؟
ألعله سوف يقول لنا: التقسيم دال على التفريق.
فيقال له:
إذا كان التقسيم أشعريا فليس بكاف في التفريق
هذا تقسيم أشعري، وكل تقسيم جاء مخالفا لصريح قول السلف فلا قيمة له، بل ظاهر قول السلف صريح بخلافه.
وكل هذا يؤكد خطا وزيف ما يحكيه أصحاب الفرق عن السلف ليمرروا ويبرروا تعطيل الصفات بذريعة جهمية وهي: تنزيه الله عما لا يليق به وحفظا لعقائد العوام. دعوا العوام من تشويشاتكم فإنكم أسلم منكم لأن مصادركم مشوبة بتأثير الجهمية والمعتزلة.

نماذج من عدم التقسيم وعدم التفريق
ونقل الذهبي عن ابن جرير أنه قال في كتاب التبصير في معالم الدين ما نصه:
« القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا ، وذلك نحو إخباره تعالى أنه سميع بصير ، وأن له يدين بقوله : بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ وأن له وجها بقوله : وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ وأنه يضحك بقوله في الحديث : لقي الله وهو يضحك إليه و أنه ينزل إلى سماء الدنيا لخبر رسوله بذلك وقال -عليه السلام- : ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن .

إلى أن قال : فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله نفسه ورسوله ما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية ، لا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهائها إليه» (سير أعلام النبلاء14/279 وكتاب العلو206).
فانظر كيف وصف الطبري الصفات بأنها معان. ولم يقل هذه الألفاظ.
وانظر كيف أدرج السمع والبصر واليدين في حكم واحد.
وقد جاء في النسخة المطبوعة مفصلا:

قال الطبري: « ولله تعالى ذكره أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه  أمته..» إلى أن قال « وذلك نحو إخبار الله تعالى ذكره إيانا أنه سميع بصير وأن له يدين لقوله تعالى (بل يداه مبسوطتان) وأن له يمينا لقوله تعالى (والسموات مطويات بيمينه) وأن له وجها لقوله (كل شيء هالك إلا وجهه) وقوله (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وأن له قدما لقول رسول الله  (حتى يضع الرب قدمه فيها) يعني جهنم.. وأنه ليس بأعور لقول النبي  وذكر الدجال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور... وأن له أصابع... فنثبت كل هذه المعاني التي ذكرنا أنها جاءت بها الأخبار والكتاب والتنزيل على ما يعقل من حقيقة الإثبات، وننفي عنه التشبيه فنقول: يسمع جل ثناؤه الأصوات لا بخرق في أذن ولا جارحة كجوارح بني آدم. وكذلك يبصر الأشخاص ببصر لا يشبه أبصار بني آدم التي هي جوارح لهم. وله يدان ويمين وأصابع وليست جارحة ولكن يدان مبسوطتان بالنعم على الخلق لا مقبوضتان عن الخير. ووجه لا كجوارح بني آدم التي من لحكم ودم» (التبصير ص134-135).

سئل ابن سراج عن صفات الله فقال بعد أن ذكر الاتيان والاستواء والمجيء: « ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية والنفس واليدين والسمع والبصر والكلام والعين والضحك والتعجب ونزوله كل ليلة» (العلو ص208).

قال الذهبي عند ترجمة ابن عقيل:
« فالحق أن يقول إنه سميع بصير مريد متكلم حي عليم كل شيء هالك إلا وجهه خلق آدم بيده وكلم موسى تكليما واتخذ إبراهيم خليلا وأمثال ذلك فنمره على ما جاء ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى ولا نقول له تأويل يخالف ذلك» (سير أعلام النبلاء19/449).

قال الدارمي: « أخبرنا الله في كتابه أنه ذو سمع وصبر ويدين ووجه ونفس وعلم وكلام وأنه فوق عرشه فوق سماواته فآمنا بجميع ما وصف به نفسه كما وصفه بلا كيف» (الرد على المريسي1/428).

منهج أبي عثمان الصابوني في جميع الصفات
« أصحاب الحديث، حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم، يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبت لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله- عز من قائل: (يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي) ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهما بكيف أو تشبيههما بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة، واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولو الألباب).

قلت: تأمل قوله « جميع الصفات». وقوله « من السمع والبصر والعين والوجه.. والضحك...».

نفي الكيفية مع تفويض المعنى تناقض
ومما يفهم من كلام ابن تيمية حول التفويض ما يلي:
« ولا يحتاج إلى نفي الكيفية أذا لم يُفهم عن اللفظ معنى. وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا ثبتت الصفات، فإن نفي الأخص لا يستلزم إثبات الأعم.
فلو قال قائل: ما فهمت كلام زيد، فسوف يفهم من كلامه أن القائل قد سمع كلاما لزيد ولكنه لم يفهمه.
فإن الفهم أخص من السمع. فلما نُفِي الأخص دل على ثبوت الأعم.
والكيفية أخص من المعنى. فلما نفى السلف الكيفية دل ذلك على علمهم بالمعنى، وإلا فإن من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقا لا يحتاج إلى أن يقول (بلا كيف).
وأيضاً فإنه لا يحتاج إلي نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى إنما يحتاج إلي نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات وأيضاً فإن ينفي الصفات الجزئية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج إلي أن يقول " بلا كيف " قمن قال عن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف لو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف وأيضاً قولهم " أمروها كما جاءت " يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ " بلا كيف " إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول» (كلام متفرق من كلام ابن تيمية منقول من كتاب الأشاعرة في الميزان235-236).

متشابه واستأثر الله بعلمه ثم يفهم منه الأزهري معنى مجملا؟
ومنشأ الفتنة عند أخينا ظنه أن آيات الصفات من المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله وأنه لا يُفهم معناه. مع انه ادعى العلم المجمل بهذا المتشابه فكيف علم بما استأثر الله بعلمه.
ولماذا فهم من المتشابه معان؟؟؟
وبهذا اعتبر الأزهري من مخانيث المفوضة. فليس هو مفوضا على الطريقة الأشعرية.
وقد عقد الحارث المحسبي في كتابه (فهم القرآن) فصلا في المحكم والمتشابه وذكر أقوال الناس فيه ولم يذكر آيات الصفات من المتشابه.
ملاحظة: اعني بالمخانيث هنا ما كان مفرده مخنث وهو المشكل المتحير في نوع عقيدته كما استعملها ابن تيمية في حق الأشاعرة وليس على المعنى الشوارعي كما يستعمله السوقة. وقد دلس الأزهري واوهم أنني أسبه. فهو تارة يظهر لك أنه مفوض وتارة يظهر لك أنه ليس كذلك.متشابه ومعلوم
يقول ابن قتيبة: « ولسنا ممن يزعم أن المتشابه في القرآن لا يعلمه الراسخون في العلم، فهذا غلط من متأوليه على اللغة والمعنى، ولم ينزل الله شيئاً من القرآن إلا لينفع به عباده".. ويتساءل رحمه الله "هل يجوز لأحد أن يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف المتشابه؟

يقول أيضا: « لم نر المفسرين توقفوا عن شيء من القرآن فقالوا: هذا متشابه لا يعلمه إلا الله، بل أمرُّوه كله على التفسير حتى فسروا الحروف المقطعة في أوائل السور» (تأويل مشكل القرآن ص72).
قال الألوسي:
« ثم اعلم أن كثيرا من الناس جعل الصفات النقلية من الاستواء واليد والقدم والنزول إلى السماء الدنيا والضحك والتعجب وأمثالها من المتشابه ومذهب السلف والاشعرى رحمه الله تعالى من اعيانهم كما أبانت عن حاله الإبانة أنها صفات ثابتة وراء العقل ما كلفنا إلا اعتقاد ثبوتها مع اعتقاد عدم التجسيم والتشبيه» (روح المعاني2/85).

سبب التفويض:
أصل التفويض وسببه: أن هذه الصفات يلزم منها التشبيه فيلزمك في الصفات السبعة. لأن الذي يخشى معه على الناس أن يقعوا في التشبيه فكذلك السمع: يخشى على الناس أن يفهموا منه ان له أذنا. فثبت التناقض في المنهج.
لأن الصفات السبعة مما يوصف به المخلوق أيضا.
والسلف الصالح يثبتون جميع الصفات الواردة لله تعالى على ظاهرها من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا يفرقون بين صفة وأخرى، فالسمع واليد عندهم سواء في الإثبات، والبصر والنزول عندهم سواء.

هلا تراجع الأزهري؟؟؟
هذه عقيدة التفويض التي كان يدعو إليها الأزهري وقد توضحت إشكالاتها بفضل الله.
وكان يصر الأزهري من قبل أن هذه الصفات:

« لا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف.
مَا تَعرَّضَ لأَخْبَارِ الصِّفَاتِ الإِلَهِيَّةِ بِتَأْوِيلٍ أَبَداً، وَلاَ فَسَّرَ مِنْهَا شَيْئاً.
لا خوض في معانيها.
العلم بها ترك الكلام في معانيها.
أن معنى استوى هو سؤال المعتدي. وأن السؤال عن معانيها بدعة والجواب كفر وزندقة.
أنهم لم يتعرضوا لمعناها ببحث: فأما أن يدرك أحد من بني آدم معنى تلك الصفات فلا يدركه أحد.
مفوّضاً معناه الى الله. ويكلون معناه إلى ربهم


هذه العبارات قد وضعها الأزهري باللون الأحمر تدل على سوء فهمه لهذه النصوص.
فإنهم امروا بترك التفسير المتكلف الذي أتى به الجهمية.
وأمروا الناس بالاقتصار على التفسير المتضمن البين الواضح لهذه الصفات والذي لا يحتاج معه إلى تكلف التفسير.
ويدل عليه قول المقريزي عن السلف أنهم سكتوا سكوت فاهم. وقول ابن عيينة أن قراءتها تفسيرها.
وقول الدارمي « فكما نحن لا نكيف هذه الصفات لا نكذب بها كتكذيبكم ولا نفسرها كتفسيركم» (رد عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي ص23).
وقوله « ثم فسرته تفسير مخالفا لأهل الصلاة» (رد الدارمي على المريسي66).
وقول أبي القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني حيث عقد في كتابه الحجة فصلا بعنوان « فصل في تفسير أسماء الله عز وجل من قول علماء السلف... فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته» (الحجة في بيان المحجة1/122).
وقول أبي أحمد بن أبي أسامة الهروي وهو من طبقة ابن خزيمة « ولا نفسرها – أي الصفات – تفسير أهل التكييف والتشبيه» ()الحجة في بيان المحجة2/476).
مما يؤكد أنهم ينهون عن التفسير الجهمي ويؤكد تضمن الصفات لمعان واضحة تغني بعد ذلك عن تكلف التفسير كما هو الصريح الواضح من كلام الشيخ القرضاوي.

وأعتقد أن الأمر صار واضحا بعد هذا الحوار بيني وبين الأخ الأزهري.
ولكنني أعجب مما أورده الأزهري من أن السؤال عن معانيها بدعة والجواب كفر وزندقة
ولست ادري كيف يكون الجواب عن معانيها كفر وزندقة والحال أن السلف قد فسروها. ألم يفسر مجاهد وأبو العالية الاستواء؟ فلماذا حمل الأزهري تفسيرهما على خلاف الأصل ولم يحمله على الكفر والزندقة إن كان يلتزم بما ينقله؟؟؟

وبعد هذا نرجو أن يكون الأزهري قد تراجع عما أصر عليه ووضعه باللون الأحمر أو على الأقل ساقه على مراده هو. فإن مراد العلماء الذين نقل عنهم هو ترك النصوص وما تدل عليه معانيها الصادرة عنهم. وأما مراده هو فهو موافقة الأشاعرة أصحاب الطريقة الأشعرية الحقة والتي رد عليها القشيري وابن فورك والرازي. وهي تفويض المعنى.







 
قديم 09-02-08, 01:17 AM   رقم المشاركة : 17
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



من تناقضات الأخ الأزهري


* تفريقه فيما سبق بين الصفات العقلية وبين الخبرية وقد تقدم إيراد ادلة كثيرة تنقض هذا التفريق.
* وتناقض حين قال: بأن هذه الألفاظ لها معان ولكننا نفوض العلم بهذه المعاني لله؟ وهل نزلت الألفاظ بمعان إلا لتفهم هذه المعانى ولا ترد؟!!!
* وتناقض حين قال بأنه يفهم معنى لليد ولكنه في نفس الوقت يسألنا عن معنى فإن لم نجبه فقد صح التفويض عنده. وأسأل كيف يصح التفويض عندك وقد اعترفت أنك تفهم معنى من صفة اليد؟
* قوله: إننا لا نفهم معاني الصفات من الصفات نفسها بل من السياق. فيا له من متناقض لا يعي ما يقول. فإن الصفات نزلت بالعربية والسياق عربي. فالمعنى يعرف من خلالهما وليس فقط من السياق. ثم إن هذا إعلان منه بأنه يفهم معنى الصفة سواء كان ذلك من خلال الصفة نفسها أو من خلال السياق المقترن بها.
* ومن تناقضاته قوله بأن تفويضه نصف تفويض. لأنه يفهم معنى مجملا من الصفة. وهو بذلك مخالف للمعنى اللغوي لكلمة تفويض. لأن التفويض هو رد العلم بالصفة إلى الله. تماما كما يقول الأزهري: نرد العلم بها إلى الله. والمذهب عنده هو السكوت التام وعدم العلم بالصفة.
* ومن تناقضاته قوله: « أنا لم أقل أن مجاهد وأبي العالية "اتبعا الظن" ولا أنهما "مخطئان" ولا أنهما قالا "بالرأي" ولا أنهما فارقا رأي السلف بقولهما هذا». ثم يأتي بعد ذلك ويقول: قولهما مستثنى من الأصل.
* ومن تناقضات الأزهري انه أعلن قبول قول مجاهد وأبي العالية قبولا تاما غير انه لا يزال يحكم بضعفه كقوله عن الرواية (إن صحت). فكيف يقبل ما لم يصح عنده؟
* ومن تناقضات الأزهري قوله بأن « الأثر عن مجاهد مختلف في سنده ولكنه مقبول لقبول العلماء له». فلم يخبر من من العلماء اختلف في سنده. ولم يخبرنا كيف أجمعوا على قبوله واختلفوا في سنده؟
* ومن تناقضاته ضرورة تفويض الصفات الخبرية لأن الأخذ بظاهرها يوقع في التشبيه. وضرورة فهم العقل للصفات التي يسميها الصفات العقلية لأنه لا يخشى على الناس من الوقوع في التشبيه بسببها.
* ومن تناقضاته قوله بأننا لا نقول بأن الصفات كالكلمات المقطعة لأننا نقول في الكلمات المقطعة: الله أعلم بمرادها. وفجأة أثبت عليه الدليل أنه يقول في الصفات: الله اعلم بمرادها.
* ومن تناقضاته إنكاره بزعمه على المؤولة لكنه في نفس الوقت يبرر تأويلاتهم ويعتبرها تبرعا وصدقة. ويتفق مع قول اللقاني في الأخذ بالتأويل أو التفويض كما قال (وكل وصف أوهم التشبيها أوله أو فوّض ورم تنزيها). لأن كليهما طريق أهل السنة عنده.

دعاء النبي لابن عباس يدل على أن التأويل الصحيح هو الأصل
* ومن تناقضاته نهيه عن التأويل مع دعاء النبي لابن عباس (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل). ويزعم أن التأويل هو كحالة الاستثناء مع أن دعاء النبي بالتأويل يدل على ان التأويل هو الأصل. وإنما المستثنى المرفوض هو عقيدة التفويض التي يدعونا إليها الأزهري هداه الله. وإنما عليه أن يقف إلى جانبنا في مجاهدة تأويل الأشاعرة الذي ورثوه عن المعتزلة للتأويل والذي هو في الحقيقة التحريف لا التأويل والذي يسميه الأشاعرة والمعتزلة بـ (التأويل). كما يسمي المشركون شركهم توسلا.
ويدعو إلى تأويل السلف. بل عليه أن يتعلم معنيي التأويل في القرآن (التفسير والحقيقة) فإنه يجهل معنى التأويل الوارد في القرآن، زاده الله علما وفقها في دينه.

* ومن تناقضات الأزهري إذن: تصادم تفويضه مع دعاء النبي لابن عباس بالفقه والتأويل. لأن التأويل فقه بالنص من كلام النبي. أما تأويلات الأشاعرة فإنها خوض بالباطل وتحريف في الدين.
وكيف يدعو النبي لابن عباس بالتأويل ثم يقول الأزهري مذهب ابن عباس هو التفويض؟
هل استثنى النبي الصفات من دعائه لابن عباس؟ هات الدليل. فإن لم تجد:
فبالله عليك يا أزهري كف عن هذا التناقض ومخالفة النبي الذي يلزم من تفويضك أن يكون جاهلا بصفات ربه كما ألزمك به الرازي والقشيري وابن فورك.
* ومن تناقضاته المسارعة في رد الرواية إذا كان فيها ضعفا ما بينما يجيز لنفسه الأخذ بالضعيف تماما كما فعل في رواية حنبل بن إسحاق (لا كيف ولا معنى).
* ومن تناقضاته إرشانا إلى كتاب يعلمنا أمور ديننا لنستريح ثم يصرح الكتاب بتفويض كسفيكة الصافت لا معناها.
* ومن تناقضاته دعوته إيانا إلى التفويض مع انه وجد في الصفات معنى باطلا سماه ظواهر الصفات. ثم حذر من اعتقاد هذا المعنى للصفة.
* ومن تناقضات الأزهري قوله « مذهب عدم التفسير وأن هذه الآيات والأحاديث لا تفسر ولم يدرك أحدا من السلف يفسرها ». ثم ناقض نفسه فقال: « « فنحن نعرف المعاني من خلال سياق الآيات ومجملها ولكن نفوض المعنى التفصيلي... فنحن نفهم المعنى الإجمالي ولكننا نفوض المعنى التفصيلي للألفاظ وهناك فرق».
* ومن تناقضات الأزهري: قوله بأن التاويل باطل. ثم هو يبرره في مقام الدفاع عن السنة. وهكذا صار التحريف المسمى زورا بالتأويل دفاعا عن السنة.
* ومن تناقضات الأزهري أنه يحتج بقول السلف (قراءتها تفسيرها) ثم يقول (ظاهرها غير مراد).
* ومن تناقضات الأزهري أنه يقول: أنا على دين العجائز مع ان العجائز لا يترددون في فهم معاني الصفات كقول جدتي رحمها الله (الله معك) وهي تعلم ان معنى الصفة النصر والحفظ والتأييد. وكذلك تحفظه على تصريح الجارية بأن الله في السماء. ومع اعتقاده ان النبي كان جاهلا بصفات ربه. ولو علمت جدتي انه يقول بذلك لبادرت إلى صفعه على وجهه (تديلو ألم على دماغو).
* ومن تناقضات الأزهري أنه يلتزم مذهبا متناقضا يتذبذب المنتمون إليه بين التأويل وبين التفويض.
* ومن تناقضات الأزهري دعوته إلى التفويض من خلال منتدى القرضاوي الذي صرح بأنه كان يقول بالتفويض ثم رجع عنه واكد أن عدم التماس التأويل للصفات ليس بمعنى عدم وجود معنى لها وإنما لتضمن معناها فيها بما يغني عن التماس المعاني لها. وهذا ما يحتاج أن يلقن القرضاوي فيه درسا للأزهري الذي يفهم من (قراءتها تفسيرها) أي لا معنى فيها.

مخالفة الأزهري للقرضاوي في منتدى القرضاوي
تأمل قول القرضاوي:
« كنت كوّنت رأيا منذ سنوات في موضوعنا هذا‚ وهو ما يتعلق بما سموه: (آيات الصفات) ويتلخص في ترجيح المذهب المشهور عن السلف رضي الله عنهم‚ وهو: السكوت وعدم الخوض أو (((التفويض))).
ولكني بعد أن عشت في الموضوع منذ سنوات‚ ثم عكفت عليه في السنتين الأخيرتين...».
ثم أسأل الأزهري:
ما معنى (كنت) ثم (لكنني)؟
أليس يعني تغييرا قد حدث في موقفه؟؟؟
وهذا التغيير قد عبر عنه القرضاوي بما يلي:
« ولا نلتمس لها تأويلا، إذ لا حاجة إليه‚ ولا نتوقف فيها‚ لأنها بيّنة واضحة المعنى، وهذا هو مذهب السلف فيها».
والأزهري يحارب هذا التوجيه القرضاوي في منتدى القرضاوي.

مخالفة الأزهري لحسن البنا في ان السلف أولوا
ومن تناقضات الأزهري احتجاجه بقول البنا:
« وفي هذا يقول الإمام البنا (وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأويل).
أقول:
إذن فهذا الكلام من حسن البنا يدل على أن السلف كانوا يؤولون صفات الله.
فلماذا تضع لنا ملفات بعنوان: التفويض هو مذهب السلف؟
وتضع لنا أخرى بعنوان: مذهب السلف السكوت التام؟ مخالفا بذلك المعنى اللغوي للتفويض؟
بل ومخالفا بذلك ما فهمه الأشاعرة المؤولة – وليس السلفية – أن التفويض يعني التفويض الكامل للصفات ورد العلم بها إلى الله؟ ومخالفا للقشيري الذي شنع على المفوضة.

هل كان القشيري وابن فورك والرازي سلفيين؟
ولئن قلت لي إنك لا تفهم حقيقة تفويضنا يا دمشقية وتتجنى على عقيدتنا.
فأقول:
القشيري وابن فورك من أئمة الأشاعرة وليسوا من خصومك السلفية الذين تتخصص لإظهار عوارهم وتسعى بجهد حثيث لتنفير المسلمين منهم.
وقد ردوا على - إخوانهم – أشاعرة التفويض وألزموهم بجهل النبي بصفات ربه.

أهل التجهيل عند ابن تيمية والسفاريني
لقد نقل مرعي الحنبلي عن ابن تيمية تقسيم المنحرفين عن الصواب فقال: « قال والمنحرفون عن طريقة السلف ثلاث طوائف أهل التخييل وأهل التأويل وأهل التجهيل» (أقاويل الثقات1/236).

وأهل التجهيل كما وصفهم السفاريني بأنهم:
« الذين يقولون: « إن الرسول لم يعرف معاني ما أنزل عليه من آيات الصفات ، ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك، وكذلك قولهم في أحاديث الصفات، وأن الرسول تكلم بكلام لا يعرف معناه، وهذا قول كثير من المنتسبين إلى السنة واتباع السلف ، فيقولون في آيات الصفات وأحاديثها : لا يعلم معرفتها إلا الله ، ويستدلون بقوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ويقولون: تجرى على ظاهرها وظاهرها مراد مع قولهم: إن لها تأويلا بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله ((لوامع الأنوار1/117).

تفويض الأزهري مطور
فهل تفويضك تفويض مطور وحركة تصحيحية على التفويض الذي عرفه الأشاعرة المؤولة وردوا عليه؟
هل يمكنك أن تقول لنا بأن القشيري أساء فهم التفويض وظنه تفويضا كليا ولم يعلم أنه تفويض نسبي. ولهذا أضيف تناقضا آخر إلى تناقضات الأزهري فأقول:
* تناقض الأزهري فأراد الجمع بين إثبات السلفيين لمعاني صفات الله وبين تفويض المذهب الأشعري فأخذ من السلفيين ما يسميه بالمعنى المجمل للصفة وأخذ من الأشاعرة مبدأ رد معنى الصفة.

قال الأزهري:
« وفي هذا يقول الإمام البنا (وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأويل، وانحصر الخلاف بينهما في أن الخلف زادوا تحديد المعنى المراد حيثما ألجأتهم ضرورة التنزيه إلى ذلك حفظا لعقائد العوام من شبهة التشبيه، وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا إعناتا).

التعليق:
أولا: لما احتججنا عليك بقول حسن البنا بضرورة قراءة أسماء الله وصفاته مع تدبر معانيها استنكرت علينا قائلا: لا تحتج علي بحسن البنا ولا بالقرضاوي. وهكذا يجوز للأزهري أن يصطحب معه قول حسن البنا متى ما أراد. وأما نحن فلا يجوز!

ثانيا: أن كلام الأستاذ حسن البنا كان عين ذريعة المعتزلة والجهمية والأشاعرة التي زينها لهم الشيطان لتبرير التحريف الذي كانوا يسمونه تأويلا.
ومن فقه التأويل وضع المعنى المناسب للفظ بحسب سياقه الموجب له. لكن هؤلاء يضعون للفظ أحد معانيه ولكن في غير مواضعه الصحيحة فيدخل في قول الله تعالى (يحرفون الكلم عن مواضعه).
وقد أكد ابن عباس في معنى الآية أنهم لا يزيلون اللفظ وإنما يؤولونه على غير تأويله.

ثالثا: إذا كان السلف والخلف قد اتفقوا على التأويل فلماذا تنهى عنه وتطالب بالتفويض أنت وأستاذك؟ وكيف يحكي البنا مذهب السلف أنه تأويل ويكون في نفس الوقت تفويض؟
نحن براء من تحريف المؤولة

رابعا: أورد الأزهري التفسير اللغوي لليد من كلام الحافظ ابن حجر بما يقرب من خمس وعشرين معنى. ثم قال: « فماذا فعل المؤول؟ حدد المؤولة من هذه المعاني معنى معين -اختلفوا في المحدد واتفقوا في أصل التحديد- فبعضهم قال معناها : "النعمة" وبعضهم قال : "القوة».

التعليق:
هذا المؤول عندك هو محرف. لأنه يحرف الكلم عن مواضعه. والسياق يتطلب وضع المعنى في بحسب ورود الكلم، والسياق هو الذي يحدد ذلك.
فمن جعل معنى (لما خلقت بيدي) بمعنى الوفاء أو القدرة فقد حرف الآية وإن كانت القدرة والوفاء من معاني اليد. لكنه حرف المعنى عن موضع السياق اللازم.

ثم إنني لا أراك تحتج بما أورده الحافظ ابن حجر لأقوال العلماء في فهم معنى قوله تعالى « ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي كقول ابن بطال « في هذه الآية اثبات يدين لله وهما صفتان من صفات ذاته».
فهل تثبت أنت أن لله يدين اثنتين يقبض السماوات بإحداهما والأرضين بيده الأخرى ويخرج حثيات من النار؟
نعم أم لا؟
هل الفوقية عند الأزهري حقيقة ام سراب؟

قال الأزهري:
« فقولي بفوقية الله تعالى قول بألفاظ القرآن والسنة. وهي فوقية وعلو غير مرتبطان بمكان وليس كما يقول البعض: فوق العرش مستقر عليه جالس عليه ينزل من هذا العلو إلى سفل في الثلث الأخير من الليل ثم يصعد مرة أخرى إلى العلو ولا.. فأهل السنة يقولون أنه فوقيته تعالى فوقية مطلقة لا ارتباط لها بمكان ولا زمان فوقية ذات وصفات ».

التعليق:
إذا لكن الله فوق المكان فما معنى الفوقية إذن وهو فوق ماذا يا حضرة الأستاذ؟
كل ما سوى الخالق فهو مخلوق وعرشه من جملة مخلوقاته وهو مكان وليس بزمان.
واستواؤنا على عروشنا معلوم ولكن بما أن الله ليس كمثله شيء فلا ندري عن كيفية استوائه.
والسلف صرحوا بأن الله عال على عرشه وفوقه.

وكنت أود لو أن الأزهري أخذنب (على حد عقلي كما يقولون) وفسر لي كيف يكون الله فوق المخلوق لكنه يتنزه عن أن يكون فوق المخلوق في نفس الوقت.
هل العرش عندك أستاذنا الأزهري مخلوق ام خالق؟
وهل هو مكان ام زمان؟
إذا كان العرش من جملة مخلوقات الله فالله فوقه.
ويكفيك من تفسير استوائه عليه ما قيد الله لك تفسيره من مجاهد وأبي العالية وصححه البخاري. وهو الاعتلاء والارتفاع.

عقيدة السجزي الذي وصفه السيوطي بـ (عَلمَ السنة)
قال الحافظ السجزي في كتابه الإبانة: « فأئمتنا كسفيان الثوري ومالك وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وعبد الله بن المبارك وفضيل بن عياض واحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وان علمه بكل مكان وانه يرى يوم القيامة بالأبصار فوق العرش وأنه ينزل إلى سماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء فمن خالف شيئا من ذلك فهو منهم بريء وهم منه براء» (سير أعلام النبلاء17/656).

قال الذهبي عن الإمام السجزي « الإمام الحافظ شيخ السنة شيخ الحرم ومصنف الإبانة الكبرى وهو مجلد كبير دال على سبعة علم الرجل بفن الأثر» (سير أعلام النبلاء 17/654 ووصفه السيوطي بأنه «عـَلَـَمُ السُّنّة» (طبقات الحفاظ ص429).

لماذا كل هذا التكلف؟
فيا أخي أثبت أن الله فوق عرشه كما أثبته هو سبحانه ولا تورد على الناس موارد الهلاك من شبهاتك وتشككهم في التصديق بما وصف الله به نفسه.

فإن الله أنزل هذه الصفات لتحصل زيادة الإيمان بتدبرها والعمل بمقتضاها. لا ليحصل التشويش بها كما يحكيه لسان حال الأشاعرة في مواقفهم المتناقضة منها حتى اختلفوا بشأنها إلى مفوضة ومحرفة وانتهى كلاهما إلى تعطيل معانيها وصرف الناس عما أراد الله لعباده منها.

قال الأزهري:
بقي أمر أخير وهو قول الأخ الدمشقية -وهو مسبوق- بأن قوله تعالى : (يد الله فوق أيديهم) لا تتعلق بإثبات اليد لله تعالى وقول البعض أنها ليست من آيات الصفات!! ومثلها قول الإمام ابن تيمية عن قوله تعالى : (فأينما تولوا فثم وجه الله) أنها أيضاً ليست من آيات الصفات -وقد رد ابن القيم على شيخه في الصواعق المرسلة ووصف من اول هذه الآية بالتجهم!! ونصره بعض المعاصرين!! مع أن المأولين هم ابن عباس ومجاهد والشافعي وغيرهم-.

جواب الدمشقية:
أولا: هذا لا علاقة له بموضوعنا. موضوعنا: هل أول السلف أم لم يؤولوا؟
وقد اجبنا بأن السلف أولوا أي فسروا.
هذا ما أقول به. والسياق يؤيد ما يقول ابن تيمية. وإنما يؤخذ إثبات الوجه من قول النبي صلى الله عليه وسلم (أعوذ بوجهك).

أما تعريف اليد فهي ما يحصل به القبض والبسط والطوي والخلق والكتابة والحثو.
ويلاحظ أن منهج أهل السنة الاقتصار في التعريف على الوصف الذي تلقيناه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكان من يطالبنا بالتعريف يريد منا ان نخرج عن حد التعريف النبوي وإلا يظن أنه قد ألقمنا حجرا. وهو تحريض أجراه الشيطان على لسانه. فيظن الشبهة وتخريض الشيطان دليلا وإفحاما. ويرى الاقتصار على التعريف النبوي ضعفا وعجزا عن الجواب.

وإثبات صفة اليد مأخوذة من قوله تعالى (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي). وهي الآية التي كنت ولا أزال أنتظر منك تعليقا عليها. وهو أن تثبت لله يدين اثنتين يقبض ويبسط ويطوي بهما ويخرج بهما بحثياته أناسا من النار.

وبعد هذا كله لا بد للأزهري أن يوهم القارئ بقوله:
« ويبقى موضوع النقاش الأساسي بلا إجابة ألا وهو الإجابة عن السؤال في عنوان الموضوع: (هل فسر السلف آيات الصفات الخبرية؟)».

تعليق دمشقية:
عفوا أخي الأزهري يبدو أنك نسيت أن تضبط العنوان.
وهو: هل فسر السلف آيات الصفات؟
ولم يتضمن العنوان لفظ الخبرية دون ما تسمونه بالعقلية.
وقد طالبناك بالدليل على تفريق السلف بين ما تسميه العقلية وبين الخبرية من حيث التفويض والتأويل فلم تجب.
وإنما التفريق في التفويض بين الصفات الخبرية وبين الصفات العقلية تفريق أشعري مفروض منهم بتحكم محض لا نعترف به.
وهو في حد ذاته تناقض أشعري أشعري، ولا يزال الأشاعرة منذ ما يزيد على ألف سنة لا يقدرون على حله تماما كعجز النصرانية عن تقديم جواب مقنع لمعضلة الثالوث منذ ألفي سنة.
ولكن استطاع الأزهري أن يأتي بتركيبة جديدة ظن أنها تعطي حلا لهذا التناقض الأشعري وهو أن يقول لك أيها المسلم: (التقسيم كاف في التفريق).
يعني إذا قرر الأشعري أن يقسم الصفات إلى خبرية وعقلية فهذا كاف في التفريق.
أما قوله بعدم وجود إجابة منذ بداية الحوار.
فالعكس هو الصحيح.
ولنفرض أنني لم أجب على موضوع اليد.
ولكني قد اثبت بما لا يدع مجالا للشك أن السلف اولوا بل وباعتراف حسن البنا أنه ثبت اصل التأويل عن السلف. وأتيناه بتفسير المفسرين لآيات الصفات ونقولهم الكثيرة عن السلف في ذلك.
ولنفرض انني لم آته بالمعنى اللغوي لليد.
فهذا لا يعني نجاحه في المناظرة. بل سؤاله خارج عن الموضوع وهو استجداء ومحاولة لاكتساب نقاط في الحوار بما انه قد عجز عن الجواب.






 
قديم 09-02-08, 01:25 AM   رقم المشاركة : 18
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road


أسئلة وتعليقات حول ما جرى منذ بداية الحوار:
سألنا الأزهري: لماذا قول مجاهد استثنائي وعلى خلاف الأصل وقد شرح حفاظ ومحدثون كتاب البخاري ولم يحذروا من هاتين الروايتين؟ هاذان الإمامان سلفهما ابن عباس فمن سلفك في رد قولهما؟؟؟ لا جواب من الأزهري.
سألنا الأزهري: أرجو إعطائي كتابا أجد فيه الأشعرية الحقة التي ادعيتم وجودها مشكورين؟ لاجواب من الأزهري.

تساؤلات قشيرية إلى الأزهري
سألنا الأزهري: ماذا تقول في أشاعرة التأويل المخالفين لأشاعرة التفويض كالقشيري القائل ” « وكيف يسوغ لقائل أن يقول في كتاب الله ما لا سبيل لمخلوق إلى معرفته... أليس هذا من أعظم القدح في النبوات وأن النبي ما عرف تأويل ما ورد في صفات الله... أليس الله يقول بلسان عربي مبين؟ وإذا كان بلغة العرب فكيف يدعي أنه مما لا تعلمه العرب.. فإن الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف»؟.
فلم يجب الأزهري.

هل هناك من ضلل من أثبت مبدأ تفسير الصفات؟
سألنا الأزهري: هل تجد لي من ضلل القائلين بمبدأ تفسير الصفات؟ فإنني أجد الردود الكثيرة على من يقول بتفويض الصفات ولم أجد ردا على مبدأ إثبات الصفات. وإنما الخلاف على تعيين المعنى. فأهل السنة يقتصرون على تعيين السلف للصفات. والمبتدعة وافقوا المعتزلة والجهمية في تعيين معانيهم التحريفية.

سؤال نووي إلى الأزهري
سألنا الأزهري: ما معنى قول النووي « يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل إلى معرفته » وهل أشاعرة التأويل عند المنادين بمعرفة معاني الصفات هم أصحاب الأشعرية غير الحقة عندك أخي الأزهري ومذهبهم شاذ؟
هل النووي والقشيري والرازي يمثلون الأشعرية ” غير الحقة“ بحسب اصطلاحك؟
هل علم النبي صفات الله أم جهلها؟
هل صفات الله عندك أخي الأزهري بمنزلة قول الله تعالى ﴿ حم عسق﴾ ﴿صسم﴾ والتي يقول عنها العلماء: ”الله أعلم بالمراد منها“؟ نعم قد أجاب الأزهري بأنه قطعا لا يعتقد ذلك ولا يقول بأن صفات الله نفوض العلم بها إلى الله وقد انكشف تناقضه بما نقلناه عنه من صريح كلامه بأنه يقول في الحروف المقطعة بمثل ما يقول في صفات الله.
سألنا الأزهري: هل تشهد بأن الله أنزل الصفات على العرب بألفاظ ذات معان ولكن حرم على الناس أن يعرفوا هذه المعاني؟ هل الرضا والغضب والضحك والمجيء عندك أخي الأزهري شيء واحد أم أنك تفهم من الرضا شيئا غير ما تفهمه من الغضب؟
سألنا الأزهري: هل توافق قول الله بأنه أنزل القرآن لنتدبر آياته كما قال ﴿ أفلا يتدبرون القرآن﴾؟ وبأي دليل تخرج صفات الله من التدبر؟ وكيف ينزل الله علينا صفاته بألفاظ عربية ذات معنى ثم يقول لنا لا تفهموا منها معنى؟
سألنا الأزهري: هل توافق من يجيزون لأتباعهم أن يختاروا أياً من الطريقين شاءوا: إما التأويل وإما التفويض زاعمين بأن كليهما طريق أهل السنة؟
سألنا الأزهري: هل كانت الجارية مفوضة حين سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((( أين الله))).
هل تفوضون كل الصفات أو تستثنون بعضها كالصفات السبع عند الأشاعرة)))؟
فإن أطلق الجهل بكل الصفات فقد ألحد. وإن أقر ببعض ألزمناه بالتناقض.







 
قديم 09-02-08, 01:44 AM   رقم المشاركة : 19
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road



خلاصة ما دار حول المناظرة

ابتدأنا بالمناظرة حول ثبوت تفسير السلف لصفات الله. ولم تخل بداية المناظرة من لغط واختلاف ولكنها استقرت مع شيء من الاحترام والصبر وحسن الضيافة من قبل الأخ الأزهري وفقه الله وسدده.

أثبتنا منذ بداية المناظرة تفسير السلف لآيات الصفات وأعطينا على ذلك نموذجا. وهو ما رواه البخاري في صحيحه عن مجاهد وأبي العالية في تفسير الاستواء بالاعتلاء والارتفاع.
وإذا بالمناظر يحيد ويعتبر تفسيريهما مستثنى من الأصل. وهي دعوى أبطلتها كتب التفسير الممتلئة بتفسير الصفات. وامتلاء كتب التفسير بتفسير آيات الصفات من غير أن ينكر أحد عليهم ذلك دليل على أن هو الأصل.
بينت له أن تلقي الأمة لروايتي مجاهد وابي العالية بالقبول سندا ومتنا ولو كانا على خلاف الأصل لقيد الله من يتعقبهما.

نعم، قد تعقبهما ابن بطال رحمه الله (شارح صحيح البخاري) وقد من أثبتنا أنه كان في تعقبه هذا متأثرا بأصول المعتزلة بالدليل وبدون سب كما كان يتوقع الأزهري سامحه الله. بل كان با بطال يرجح المذهب الأشعري ويجعله قول أهل السنة.

ولقد حاول الطرف المناظر التشكيك في سند الروايتين فلم يستطع لثبوت إسناديهما كما بيناه بالدليل وألزمناه بضرورة تضعيف عشرات الروايات في صحيح البخاري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
كنا نتوقع أن يكون المتعقب لهما إماما معتبرا بريئا من التأثر بالمعتزلة ومنهجهم في علم الكلام. ولكن وللأسف لم أطلع على أي إمام آخر يعترض عليهما غير ابن بطال.
مما يؤكد أن اعتراضه استثناء مخالف للأصل الذي جرى عليه العلماء في تلقي قبول روايتيهما بالقبول كما اعترف بذلك الأزهري نفسه.

وبهذا أستطيع أن أقرر بأن المناظرة قد انتهت بعجز الطرف المنكر لثبوت التفسير عن السلف.
ولا عبرة بقوله بأن تفسيرهما هذا على خلاف الأصل. فإن هذا تحكما محضا، فقد ثبت غيره.

ولا يعكر على هذا الانتصار في المناظرة مطالبته لي بإعطائه تعريفات لغوية للصفات الإلهية. مع أنني قد أجبت لكنه يريدها إجابة على طريقته وهو ملء الفراغ بكلمة أو كلمتين.

بل الأزهري الذي يطالبنا أن نملأ الفراغ قد ترك بدوره الفراغ عندما سئل: ما معنى ماء؟ وأن يملأ الفرغ بكلمة أو كلمتين. مما يؤكد أنه يسأل عن الواضح ليشكل على خصمه فقط وهذا محض الجدل.

وهكذا قد تحقق هدف المناظرة وإنني أتحدى أن يقول بأنني لم أستطع إثبات أن السلف قد فسروا.
وإذا ثبت أن السلف فسروا فقد اتضح الجواب على هذه الشبهة.

فليقل بعد هذا ما شاء: كقوله على خلاف الأصل. فإنه إذا ثبت التفسير فلا قيمة لمن يخالف في ذلك. فإن حجتنا هي ثبوت تفسير المفسرين للصفات عن السلف، فما عنده هو في النفي بعد ذلك؟
ولا يقال إن المفسرين خالفوا العقيدة بالتفسير بأقوالهم أو بإيرادهم التفسير عن السلف. إذ أن اهتمام المفسرين بتفسير الصفات دليل على أن هذا هو الأصل.

وليس للمناظر أن يتحكم ويعتبر رأيه هو الحجة الفاصلة في النزاع.
ثم إنه إذا ثبت ولو شيء واحد فإنه يكفي كجواب على السؤال: (هل ثبت تفسير السلف لآيات الصفات)؟
وبدليل قطعي الدلالة مع صحيح السند يتحقق الجواب وتنتهي المناظرة. بل لا يستطيع الطرف المنكر أن يقول بعد هذا لم يثبت.

وبهذا نستطيع أن نؤكد أنه قد تحقق بهاتين الروايتين الجواب على السؤال الذي صيغ كعنوان للمناظرة: (هل ثبت تفسير السلف لآيات الصفات)
نعم فسر الصفات تلميذان لابن عباس. أحدهما مجاهد الذي روى البخاري تفسيره وقال سفيان ” إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به“.
وهو الذي قال ”أخذت التفسير كله عن ابن عباس“. هكذا بإطلاق ولم يستثن من ذلك الصفات.

وثبت دعاء النبي لابن عباس أن يعلمه الله التأويل. هكذا بإطلاق ولم يستثن النبي من ذلك الصفات، ولم يقل في دعائه اللهم جهّله في الدين وعلمه التفويض!!!
كما أن مجاهدا لم يستثن الصفات مما تعلم تفسيره من ابن عباس.

هل المفسرون على خلاف الأصل يا أزهري؟
وثبوت امتلاء كتب التفسير بالروايات مما صح سنده بل حتى مما لم يصح يؤكد على كل حال أن الأصل هو مبدأ تفسير الصفات. ولم يعترض أحد ممن سلف أو ممن خلف على ما اورده المفسرون من ملء كتبهم بروايات التفسير.
ولا يعني كلامي تسويغ الروايات الضعيفة ولكن أعني بذلك أن مبدأ تفسير الصفات هو الأصل. وأن تحريم تفسير الصفات هو الشاذ عنه.
فإما أن يجمع المفسرون على خلاف الأصل الذي تدعيه وإما أن يكون القول الشاذ المتناقض هو قولكم أخي الأزهري.
واتهام أشعري كالأزهري بالشذوذ عن هذا الأصل أولى عندي من اتهام كل علماء التفسير بمخالفة أصله الشاذ.
أتيناه بعد ذلك بتراجع القرضاوي عن التفويض.
أتيناه بتصريح توفيق الواعي بأن حسن البنا كان يعتقد بتفويض معاني الصفات لا كيفيتها.
أتيناه بإرشاد حسن البنا للذاكر أن يقرأ أسماء الله وصفاته بتدبر لمعانيها.

بل وأتيناه باتهام الأشاعرة المؤولة كالقشيري وابن فورك والرازي لأصحاب مذهبهم المفوضة باعتقاد جهل النبي بصفات ربه وأن القرآن لم ينزل بلسان عربي مبين. وهؤلاء أشاعرة وليسوا سلفيين. ولم يستطع الأزهري أن يرد على هذه القاصمة لمذهبه.

ولا ننسى أن المفسرين ومنهم السيوطي والبيهقي ينقلون عن إسحاق بن موسى وسفيان قال : سمعت ابن عيينة يقول : « ما وصف الله به نفسه فتفسيره قراءته ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسله صلوات الله عليهم» (الدر المنثور3/474). مما يؤكد أن الأنبياء يفسرون آيات الصفات.
وقال سفيان « وعن سفيان بن عيينة قال : كل ما وصف الله به نفسه في الكتاب فتفسيره قراءته لا تفسير له غيره» (تفسير السمعاني4/164). فأثبت إسحاق تفسيرا للرسول وأثبت سفيان تفسيرا.

ولك أن تتأمل كلام الطبري وهو يؤكد إثبات معاني صفات الله عز وجل. قال: (فنثبت هذه المعاني التي ذكرنا أنها جاءت بها الأخبار والكتاب والتنزيل على ما يعقل من حقيقة الإثبات، ونفي التشبيه" (التبصير).
فتأمل قول الطبري: « فنثبت هذه المعاني». ولم يقل لا نعلم معانيها.

فلم يتراجع الطرف المنكر عن موقفه، بل بل أصر عليه وازداد عنادا وإيرادا للشبهات ككلامه عن إضافة الصفات مما لا علاقة له بموضوعنا ولا ينفي ما أثبتناه عن السلف وعن المفسرين.

ثم حاول الطعن بأسانيد الروايتين فلم يفلح بل ألزمته بتضعيف خمس وعشرين رواية من البخاري.ومئات الروايات في كتب التفسير.

ولم يتبق عند الطرف المنكر سوى إيراد بعض الشبهات التي تم الرد عليها بالرد العلمي مثل: قول السلف: قراءتها تفسيرها. وقد بينا أن السلف أرادوا أن تفسيرها متضمن فيها. فلا حاجة لتفسيرها على نحو ما كان يفسرها به الجهمية والمعتزلة. وكان دليلنا من كلام أئمة أهل العلم: أن الجهمية فسروا هذه الصفات على غير ما فسره أهل العلم.

واحتج علينا بقول بعض السلف: ما كنا نفسرها. وهذا لا يعني أنه ليس لها معنى وإنما لا تحتاج إلى تفسير لوضوح معانيها المتضمنة فيها كما صرح القرضاوي مما نقله عنه الأزهري نفسه.
وبهذا يتبين أنه لا تعارض بين قول السلف (قراءتها تفسيرها..) وبين قول مالك (الاستواء معلوم). بالرغم من محاولة الأزهري تحريف معنى قول مالك ليصير بمعنى (الاستوء مذكور). فإن عامة أهل العلم على أن المعنى (معلوم في اللغة) كما صرح به القرطبي في تفسيره (7/219) وابن عبد البر في (التمهيد7/131) والذهبي (العلو267) وابن تيمية (بيان تلبيس الجهـــمية2/37 مجموع الفتاوى3/209 و261).

نصيحة إلى الأزهري
ولهذا أتوجه بالنصيحة إلى أخي الأزهري أن لا يطلب العلم ليقولبه بقالب المذهب الذي يجاهد من أجل نصرته وإثبات موافقة العلم له من غير جدوى.

قال الإمام البخاري في جزء رفع اليدين:
قال وكيع: « من طلب الحديث ، كما هو فهو صاحب سنة، ومن طلب الحديث ليقوى هواه ، فهو صاحب بدعة.
قال: « يعني أن الإنسان ينبغي أن يلغي رأيه لحديث النبي حيث يثبت الحديث ولا يعلل بعلل لا تصح ليقوى هواه» (جزء في رفع اليدين).







 
قديم 09-02-08, 02:57 AM   رقم المشاركة : 20
<بوتركي>
مشترك جديد





<بوتركي> غير متصل

<بوتركي> is on a distinguished road


بارك الله فيك وفتح عليك وتقبل منك

أصعب شيء على الإنسان أن يتبع الحق الذي يخالف هواه ، فإن قبله أمام الناس بعد إنكاره .. سيظهر أمامهم ضعيفا وضالا سابقا ، نسأل الله العافية ، لذا فإن القلوب مغلقة بالهوى عن الحق.







 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:03 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "