كاتب هذا الكلام هو الحافظ المستملي، وهو تلميذ الفربري الذي روى الكتاب عن البخاري نفسه.
وقد أوضح السبب في ذلك، الإمام أبو الوليد الباجي في مقدمة كتابه أسماء رجال البخاري حيث قال: (أخبرني الحافظ أبو ذر عبد الرحيم الهروي قال: حدثنا الحافظ أبو اسحاق ابراهيم بن أحمد المستملي قال: انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرايت فيه أشياء لم تتم واشياء مبيضة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئاً ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض )
فقائل هذا الكلام هو نفسه الحافظ المستملي.
وهذا النص ليس من ضمن المتن الذي خصه البخاري لذكر سنة الرسول الله بالأحاديث الصحيحة، إذ أن الرواية لسفيان وليست لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما دعا البخاري لتعليقها بعد أن ذكر الرواية عن الحسن البصري وذكر إسنادها، وكان هذا من خصائص كتابه رحمه الله أنه كان لا يطيل في القول وقد يكتفي برواية واحدة في ذكر إسنادها، ويذكر رواية آخرى بدون ذكر السند لأن العلم قد حصل بالأولى.
وقد سمى كتابه الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله وسننه وأيامه.
وكلمة المسند تشير إلى أن ما رواه البخاري وعلّقه فإنما وقع تبعاً وعرضاً وليس أصلا وقصدا كما قال السيوطي في (التوشيح شرح الجامع الصحيح). وكأن لنا أن نقول أن أصل الكتاب وجوهره هو ما كان مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما ذكره الحافظ المستملي لم يكن من باب الزيادة على متن الكتاب، أو على سند من الأسانيد التي ذكرها البخاري في أحاديثه ، بل ذكر السند لرواية لسفيان موصولاً إليه نفسه، فقد ذكر نفس الرواية عن شيخه الفربري الذي رواه عن شيخه البخاري، فهو خارج عن أصل المتن في الكتاب.
وعندي أن هذا الأمر يدل على أمانة الحافظ المستملي رحمه الله، فلو أنه ذكر السند للبخاري وتوقف كان كأنما أدخل في كلام البخاري ما لم يقله هو، أو أوهم القارئ أن هذا هو كلام البخاري، فذكر سند الرواية كما وصلته هو.
أما عن ترجمة الحافظ المستملي، فقد أجمع أهل العلم على ثقته وعلمه وضبطه وتقواه.
وفي كلامك يا شاذان ما يدل على جهل بأصول هذه الحجة ، فقد قلت: (وهي مروية عن شخص مجهول لا نجهله) ولا ندري هل كنت تنتظر أن تعرف الشخص حتى تقبل الرواية ؟؟
الشيعي لا يؤمن بكل ما رواه البخاري بغض النظر إن كان يعرف الرواة ام لا، ومثل هذا النوع من الشبهات يطرح للإلزام، بمعنى أنه يقول لأهل السنة كيف قبلتم رواية عن شخص مجهول ؟ وليس أنه يعترض على كون الرواية مروية عن شخص لا يجهله هو !
يبدو أنك جديد على سوق الشبهات والحوار السني الشيعي.
ولكي ندربك قليلاً على هذا السوق نهدي إليك هذا التمرين التالي :
كتاب العقل والجهل: أخبرنا ابو جعفر محمد بن يعقوب قال: حدثني عدة من أصحابنا منهم محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام. (الكافي الجزء الأول ص 10)
قال علي أكبر غفاري تعليقاً على الرواية: الظاهر أن قائل أخبرنا أحد رواة الكافي كالنعماني أو الصفواني أو غيرهما ويحتمل أن يكون القائل هو المصنف رضوان الله عليه كما هو داب القدماء.
قلت: ولم لم يفعل هذا الأمر في غيره من الروايات؟ ولم لم يفعله الطوسي ؟
ثم: ما قول علي غفاري في رواية أخرى :
كتاب الصيد (باب صيد الكلب والفهد): حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثني علي بن ابراهيم عن ابيه .... إلى آخر الحديث
(الكافي الجزء الأول ص 202)
وفي بصائر الدرجات، وردت أكثر من سبع روايات بالسند التالي: ( حدثنا أبو القاسم قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار. قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: )
ومحمد بن الحسن الصفار هو مصنف الكتاب فهلا تأت لنا بتفسير ؟