جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبدعتين :
الأولى: القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل فهو يخلق أفعاله بنفسه وممن دعى إليها غيلان الدمشقي الذي قتله هشام بن عبد الملك بسبب مقولته تلك.
الثانية: القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافرا ولكنه فاسق فهو في منزلة بين المنزلتين وهذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة.
ثم فصل المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول:
1. التوحيد: ومعناه عندهم أن الله منزه عن الشبيه والمماثل ولا ينازعه أحد في سلطانه, وهذا حق ولكنهم بنوا عليه نتائج باطلة منها استحالة رؤية الله يوم القيامة وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات وأن القرآن مخلوق لنفيهم عن الله صفة الكلام.
2. العدل: أي أن الله لا يخلق أفعال العباد ولا يحب الفساد بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينتهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وأن الله لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره وأنه ولي كل حسنة وبرئ من كل سيئة وذلك لخلطهم بين إرادة الله الكونية والشرعية.
3. الوعد والوعيد: أي أن الله يجازي المحسن إحساناً والمسئ سوءاً ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلا أن يتوب.
4. المنزلة بين المنزلتين: أي إن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المزلتين بين الإيمان والكفر وهذا هو قول واصل بن عطاء.
5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد قالوا بوجوب ذلك على المؤمنين لنشر دعوة الإسلام كلُّ بحسب استطاعته ولذلك فالخروج على الحاكم المسلم إذا خالف وانحرف عن الحق واجب عندهم.
6. الجذور الفكرية والعقائدية: هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في نفي الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعطم اليهودي, وقيل إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات.
وقيل إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد موروداً للفكر الإعتزالي إذا أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية وحرية الإرادة الإنسانية, ونفي القدر عند المعتزلة ظهر على يد معبد الجهني وغيلان الدمشقي قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنوسيه وقد تأثر المعتزلة بالفلاسفة اليونانيين وبالأخص في موضوع الذات والصفات كأمثال ( أنباد قليس) و(أرسطوطاليس) وهذا مبين في كتاب الملل والنحل لابن حزم وغيره من العلماء.
7. الفكر الإعتزالي الحديث: يحاول البعض في العصر الحديث إحياء فكر المعتزلة البائد فألبسوه ثوباً جديداً وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل العقلانية أو التنوير أو التجديد أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي..... الخ
فقام البعض منهم بإنكار المعجزات المادية كما فعل الشيخ الماسوني محمد عبده في تفسير لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري, وأهم مبادئهم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة وأخطر ما في هذا الفكر الإعتزالي محاولة تبديل الأحكام الشرعية كعقوبة المرتد وفرضية الجهاد والحدود والحجاب وتعدد الزوجات والطلاق والإرث وغيرها حيث طلبوا تحكيم العقل في هذه الموضوعات.
ومن دعاة الفكر الإعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة والمرأة الجديدة السيد الذي أطلقوا عليه لقب أستاذ الجيل وطه حسين الذي أسموه عميد الأدب العربي وفي القارة الهندية ظهر السير أحمد خان وهو يرى أن القرآن فقط لا السنة أساس التشريع وأصل الربا البسيط ونفى شرعية الجهاد وغيره وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحل زواج المسلمة بالكتابي وأصل الاختلاط.
ومن هؤلاء أيضاً أحمد أمين صاحب كتاب فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام ومحمد فتحي عثمان في كتابه الفكر الإسلامي والتطور والدكتور حسن الترابي في السودان وفهمي هويدي ومحمد عمارة وخالد محمد خالد ومحمد سليم العوا وفي بلاد الشام يوجد عبد الهادي الباني حيث كان من تلاميذ الشرطي أمين كفتارو وبعد وفاته جعل لنفسه منهجاً خاصاً وأصبح لديه من الطلاب الحظ الوافر.