العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 28-05-12, 11:29 PM   رقم المشاركة : 1
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


عدم تبني الأئمة من أهل البيت لنظرية الامامة الالهية وقولهم بنظرية الشورى أحمد الكاتب

عدم تبني الأئمة من أهل البيت لنظرية الامامة الالهية وقولهم بنظرية الشورى

مع السيد مرتضى العسكري: رسائل متبادلة

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة العلامة السيد مرتضى العسكري حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودمتم لخدمة الاسلام والمسلمين.

وبعد.. فقد أرسلت لكم العام الماضي (1413هـ) رسالة حول بعض دراساتي الأخيرة المتعلقة بالإمامة والمهدوية ، وطلبت منكم مناقشتها ، وقد أجبتموني في رسالة: أنكم تعتزمون القدوم الى لندن للعلاج وسوف تلتقون بي هناك ، وقد التقيت بكم فعلا ، وكنت آمل ان أناقشكم وتناقشونني في كل نقطة جديدة توصلت اليها ، خاصة أنكم تعتبرون من أكثر العلماء دراسة وكتابة واختصاصا في موضوع الامامة ، وقد طلبتم مني في اللقاء ان أوجز لكم الأفكار التي توصلت اليها ، وعرضت بخدمتكم : ان النتيجة التي استخلصتها من دراستي في التراث الشيعي : ان نظرية الامامة الالهية لأهل البيت عليهم السلام هي من صنع المتكلمين ولا علاقة لها بأهل البيت ، لأنها قامت على أساس نظرية العصمة كشرط في الامام ، ثم احتاجت الى القول بالمعاجز للأئمة كطريق لأثبت الامامة في كل واحد واحد ، ثم تطورت بعد ذلك الى نظرية النص ثم تشعبت وتعثرت وتوقفت عند الامام الحسن العسكري الذي توفي دون ان يوصي الى أحد بالإمامة ، وهنا قال بعض المتكلمين الذين وقعوا في حيرة شديدة : بوجود ولد للامام العسكري ، افتراضا من عند أنفسهم ، ثم ختموا الإمامة وحددوها في اثني عشر بعد ان كانت النظرية مفتوحة وممتدة الى يوم القيامة..

وقد سألتموني عن رأيي في الأحاديث السنية والشيعية التي تقول: ان الخلفاء والأمراء بعد الرسول اثنا عشر .. فسألتكم فيما اذا كنتم قد تحققتم من تلك الروايات وبحثتم سندها ؟ فقلتم : لا حاجة الى دراسة سندها بعد اجماع المسلمين من السنة والشيعة عليها ، فقلت لكم: ان هذه الأحاديث ضعيفة وغامضة عند السنة وهي أضعف عند الشيعة ، ولم تكن موجودة عندنا حتى حدوث النظرية (الاثني عشرية) فيما يسمى بـ: (عصر الغيبة الصغرى) في نهاية القرن الثالث ، او بداية القرن الرابع الهجري ، وانني قمت بدراسة الروايات واحدة واحدة ، فوجدتها جميعا ضعيفة وغامضة ومتعارضة ..

وقد طلبت منكم إلقاء نظرة على تلك الدراسة ، ولكن صحتكم (البصرية) لم تكن جيدة ، حيث كنتم على شفا إجراء عملية جراحية في العين ، وقد طلبتم من أحد الاخوة الحاضرين والشاهدين على اللقاء (الدكتور أبو نبوغ) ان يقوم بمراجعة الكتاب ، وقد قام بذلك مشكورا ولكنه اعتذر عن مناقشة بحث الرجال وسند الروايات ، لأن ذلك ليس من اختصاصه ، كما اعتذر عن رد القضايا الأساسية بعدم وجود المصادر المختصة لديه .

وكانت حجتي على حدوث النظرية الاثني عشرية تقوم على عدة أمور:

1- ضعف الأحاديث التي تتحدث عن ذلك ، وعدم وجودها تاريخيا قبل القرن الرابع الهجري.

2- معارضتها للأحاديث الصحيحة المسلمة لدى الشيعة والمشيرة الى امتداد الإمامة الى يوم القيامة.

3- اجماع الشيعة على حدوث البداء حول خليفة الامام الصادق والإمام الهادي ، حيث أشار الأول في البداية الى ابنه إسماعيل ، وأشار الثاني الى ابنه محمد ، ثم وفاة كل من إسماعيل ومحمد في حياة أبويهما وقول الأئمة أو الشيعة بالبداء ، سواء على الله او بظهور العلم للناس.

4- عدم وصية الامام الحسن العسكري لأحد من بعده سوى وصيته بأمواله لأمه "حديث" .



هذا وان الأدلة على عدم تبني الأئمة من أهل البيت لنظرية الامامة الالهية وقولهم بنظرية الشورى كنظام للحكم الاسلامي هي:

1- عدم وصية النبي للامام علي بن ابي طالب بالخلافة في وصيته المشهورة

2- عدم وصية الامام علي لابنه الحسن بعد استشهاده بالخلافة وترك المسلمين وحريتهم في انتخاب من يشاءون.

3- عدم وصية الامام الحسن للامام الحسين بالإمامة.

4- عدم وصية الامام الحسين لابنه زين العابدين بالإمامة، ووصيته لأخته زينب بالمحافظة على العيال.

5- عدم تصدي الامام زين العابدين وعدم وصيته لأحد من ولده بالإمامة.

6- عدم معرفة محمد بن الحنفية لوجود النص على الامام زين العابدين ، وتصديه لإمامة الشيعة بعد مقتل الامام الحسين ، ثم تصدي ابنه ابي هاشم لها من بعده.

7- تصدي الامام الباقر لقيادة الشيعة اعتمادا على آية (أولي الأرحام) وانهم أولى بالمعروف ، وان (من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) وذلك في اعتماد المطالبة بالثار للامام الحسين.

8- عدم وصية الامام الباقر للصادق بالإمامة ، وانما بالدفن والتجهيز فقط.

9- إشارة الامام الصادق لابنه إسماعيل ، ثم إحجامه بالإشارة الى أي واحد من أبنائه ، والوصية العادية لخمسة بينهم المنصور الدوانيقي.

10- ذهاب الشيعة الى عبد الله الأفطح الابن الأكبر للامام الصادق ، وحيرتهم من بعد وفاته دون عقب تتسلسل الامامة فيه.

11- عدم وصية الامام الكاظم لابنه الرضا بالإمامة ، وانما بإدارة أمواله فقط.

12- صغر عمر الجواد عند وفاة أبيه وعدم بلوغه سن التكليف الشرعي ، وذهاب الشيعة الى عمه أحمد بن موسى بن جعفر .

13- عدم وضوح او ثبوت الوصية للامام الهادي.

14- إشارة الامام الهادي لابنه السيد محمد بالإمامة ، ثم وفاته قبل وفاة أبيه بعدة سنوات ، وقوله: " لقد بدا لله في محمد كما بدا في إسماعيل " وقوله لابنه الحسن العسكري: " يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا ، أو نعمة " مما يعني عدم معرفة الامام الهادي بإمامة العسكري من قبل ، وكذلك عدم معرفة العسكري لإمامة نفسه قبل سن العشرين ، أي قبل وفاة أخيه محمد.

15- عدم وصية الامام العسكري او إشارته الى وجود ولد له .

مما يدل على عدم صحة نظرية الامامة الالهية الوراثية وامتدادها في الأعقاب وأعقاب الأعقاب الى يوم القيامة.. وعدم صحة وجود القائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر ، وقد كان اسم الثاني عشر - على فرض وجوده – مجهولا عند من قال بوجوده ، وكان عثمان بن سعيد العمري الذي ادعى النيابة عنه يحرم التلفظ باسمه أو السؤال عنه .

16- ومما يؤكد عدم وجود القائمة المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر من قبل ، هو تفرق الشيعة الى أربع عشرة فرقة بعد وفاة الامام العسكري ، وجهلهم بوجود ولد له ، وعدم معرفة أقرب المقربين اليه كالعمري وغيره ، وذهاب كبار الشيعة ،كبني فضال ، الى القول بإمامة جعفر بن علي الهادي ، وعدم اعتقادهم بالقاعدة التي تقول: ( لا تكون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين) وتفسيرهم لها بضرورة انتقال الامامة في الأعقاب فيما اذا كان له ولد ، واما اذا لم يكن له ولد كالعسكري وعبد الله الأفطح فلا مانع من الانتقال الى أخيه ، كما تم الانتقال الى موسى بن جعفر ، او التراجع عن القول بإمامة الأخ الأكبر الذي لا عقب له ، الى القول بإمامة أخيه فقط ، مباشرة بعد أبيه ، كما التراجع عن القول بإمامة عبد الله الأفطح عند قسم من الشيعة الموسوية.

17- ان عددا كبيرا من الأئمة لم يكن يوجد عليه أدلة واضحة (نصوص او وصايا) ولذلك تم اللجوء الى سلاح المعاجز ، لاثبات إمامتهم ، كما تقول حكاية التحاكم الى الحجر الأسود بين محمد ابن الحنفية وزين العابدين.

18- لقد كانت نظرية الامامة الإلهية تقوم على اشتراط العصمة في مطلق الامام ولا تجيز إمامة غير المعصوم ، وقد اضطرت من اجل تعريف المعصوم ، الى القول بالنص والوصية او المعاجز ، واخترعت قصصا وحكايات في ذلك ، أو أولت بعض النصوص القرآنية والأحاديث العادية وقالت بالوراثة والوراثة العمودية في اهل البيت وفي بيت خاص هم أبناء الحسين فقط ، الى يوم القيامة .

وفي الحقيقة لقد انقرضت نظرية الامامة الالهية في ( البيت الموسوي) بعد وفاة الامام العسكري دون ان يعقب ولدا ، وبالرغم من افتراض وجود ولد له فان النتيجة العملية هي بقاء الشيعة الامامية الاثني عشرية دون إمام معصوم يقودهم في دروب الحياة ويعلمهم ويرشدهم ويقيم دولتهم حتى يأسوا من ظهوره فاخترعوا نظرية النيابة العامة وولاية الفقيه وأقاموا دولتهم لأول مرة منذ الف عام دون ان يشترطوا في الامام المعاصر (الحاكم) العصمة ولا النص ولا الوراثة العلوية الحسينية ، وعادوا الى النظرية الأولى التي هربوا منها وهي نظرية الشورى القائمة على اساس القرآن الكريم والسنة والعقل وسيرة وأحاديث أهل البيت عليهم السلام.

وهذا ما دفعكم الى النظر الى (الامامة) ليس بمعنى الحكم والإدارة والتنفيذ ، بل بمعنى الوصية في المحافظة على الدين ، كما قلتم في اللقاء ، وهذه نظرية جديدة لم يكن يقصدها المتكلمون الشيعة الأوائل عندما قالوا بالعصمة في الامام أي الحاكم ، وكان قولهم بالوصية كوسيلة للتعرف على الامام ولم تكن نظرية مستقلة بحد ذاتها.

هذا ونرجو منكم ان تواصلوا الحوار والمناقشة أملا في الوصول الى حقيقة مذهب أهل البيت (ع) بعيدا عن آراء الفلاسفة والمتكلمين والغلاة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احمد الكاتب

لندن 15 رجب 1414


سماحة السيد مرتضى العسكري المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد.. فاني اقدر أتعابك وجهودك لنشر الاسلام وخدمة مذهب أهل البيت وبناء أجيال مؤمنة صالحة ، ولم اكن أريد ان أزعجك في رسائلي السابقة او أتحداك ، وكلما قصدته من الاتصال بك هو الحوار معك ومناقشة بعض الأمور التي تهمك والتي بذلت فيها جهدا كبيرا .

وكنت قد قررت ، بعد تبادل عدد من الرسائل معك ، التوقف عن مراسلتك ، لأنك لا ترد على النقاط الرئيسية التي أذكرها وتكتفي بالتعليق العام او بالرد المفصل على المسائل الجانبية والجزئية ، وقد قررت في رسالتك الأخيرة المرقمة (1131) اتهامك لي بإنكار صحة روايات أجمع المسلمون على صحتها ، دون ان اذكر دليلا على عدم صحتها. بالرغم من اني عرضت أدلتي مكتوبة وطلبت منك مرارا ان تلقي نظرة واحدة عليها ، ولكنك رفضت باستمرار وكررت رفضك هذا في رسالتك الأخيرة ايضا، وقد طلبت مني ايضا ان أطالع كتبك لأنك نشرتها قبلي ، وقد أخبرتك مرارا بأني قد طالعتها من قبل ، وربما عدة مرات ولم أجد فيها شيئا جديدا غير اجترار وترديد ما كتبه مشايخ الطائفة الاثني عشرية السابقون من أمثال المفيد والمرتضى والصدوق والطوسي . بل ان كتابك (معالم المدرستين) لا يتطرق الى كثير من المسائل الحيوية والمهمة في نظرية الامامة ويقفز عليها دون اكتراث ، في الوقت الذي يسهب في الأمور الجانبية والحواشي الفرعية ، وهو لا يقاس بكتاب (الشافي ) للمرتضى أو (تلخيص الشافي) للطوسي ، من حيث مناقشة أهم أعمدة نظرية الامامة الالهية لأهل البيت من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية والبداء والتقية وعلم الأئمة والمعاجز والمهدوية .

وقد مررت مرورا سريعا وخاطفا في كتابك (معالم المدرستين) على تلك الأمور ، وادعيت التواتر على أحاديث (الاثني عشرية) كما ادعيت الإجماع من السنة والشيعة. وهو غير صحيح : إذ ان تسعة وأربعين فرقة من الشيعة غير الاثني عشرية لا يؤمنون بصحة تلك الروايات ، وكذلك عامة السنة الذين يضعفون تلك الروايات او يفسرونها تفسيرا آخر ، ولم يعرف الشيعة الامامية تلك الأحاديث حتى بداية القرن الرابع الهجري ، حيث كانوا يعتقدون حتى ذلك الوقت باستمرار الامامة في نسل علي والحسين الى يوم القيامة من دون تحديد في عدد معين ، وقد نشأ القول بالوقوف على (اثني عشر اماما) بعد حدوث الحيرة التي أصابتهم في أعقاب وفاة الامام العسكري وافتراض قسم من شيعته وجود ولد له ، وانه الامام من بعده . ولم يكن أي وجود للتواتر او الإجماع بين المسلمين ، ولا المعرفة بتلك الأحاديث قبل ذلك التاريخ.

وعموما فان كتابك (معالم المدرستين) يغفل التاريخ الشيعي والامامي ، لأن التاريخ الشيعي وخاصة موضوع انتقال الامامة من الامام السابق الى الامام اللاحق ينسف النظرية الامامية وخاصة حكاية القائمة المسبقة بأسماء الأئمة المعلنة منذ زمان رسول الله (ص).

كما انك تعتمد في كتابك منهجا أخباريا بدائيا يتقبل جميع الروايات والأفكار والنظريات المنسوبة الى أهل البيت دون بحث او تمحيص او تحقيق في السند بدعوى التواتر والإجماع والضرورة ، وهذا نوع من التقليد الأعمى الذي لا يناسب العلماء المجتهدين.

ولو قمت بعملية التحقيق في سند الروايات الشيعية التي تتحدث عن (الاثني عشرية) مثلا ودرستها تاريخيا وقارنت بينها وبين الروايات الأخرى الصحيحة ، لأدركت انها موضوعة ومختلقة وليس لها أي وجود في القرن الثالث وما قبله ، ولما ادعيت التواتر في أحاديث الرسول بالإشارة الى الأئمة الاثني عشر والتنصيص على أسمائهم ، كما قلت .(ج1 ص 548)

وقد قمت أنا بهذا التحقيق وطلبت منك ان تطلع عليه حتى تقبل به او ترده ، ولكنك رفضت مجرد الاطلاع ، ولا تزال مصرا على رفضك وتتحجج كل يوم بأعذار واهية ، وهذا أمر غريب جدا ممن يدعي العلم والتحقيق.

والقضية ليست هي من كتب ونشر أولاً ، وانما هي من بحث ماذا؟ وأنا ادعي اني بحثت ما لم تبحثه أنت من الناحية التاريخية والرجالية ، ومن هنا فاني أدعوك للاستماع الي وقول كلمة الحق ، اما سلبا او إيجابا ، وانا أحملك المسؤولية أمام الله وسوف أحاسبك يوم القيامة على رفض الاستماع والحوار العلمي الدقيق.

واعتقد انك لو بذلت شيئا من التفكير فيما تقول وفيما تجتر من نظريات عفا عليها الزمن لما تعصبت كثيرا لها او اعتبرتها جزءا من الدين او صلب الاسلام او ما يتوقف عليه استمرار النبوة ، كما أشرت الى ذلك في كتاب (قيام الأئمة ص 90).

ان خلاصة كتبك او خلاصة نظرية (الامامة الالهية) هي ما يلي:

1- ان الامامة والخلافة هي بالنص والتعيين من قبل الله تعالى لقوله تعالى" اني جاعلك للناس اماما" وان الامامة عهد من الله يخبر به نبيه عمن عهد الله اليه ، كما يخبر عن سائر الأوامر والأحكام (معالم المدرستين ص 220 و267).

2- وان الامام يجب ان يكون معصوما لأنه لا ينال عهد الله من كان ظالما ( ص 267)

3- وان الشورى باطلة كطريق لانتخاب الامام ، فلا حق للأمة في تعيين الامام والشورى عاجزة عن انتخاب الأفضل والأصلح.

وقد قلت ان الآيات القرآنية (وأمرهم شورى بينهم) ( وشاورهم في الأمر) لا تدلان على الشورى ، فالآية الأولى لا يستفاد منها أكثر من رجحان التشاور بين المؤمنين في أمورهم ،وليست فرضا عليهم ، ولو أراد الله الوجوب في هذا الأمر لقال: ( كتب الله على المؤمنين او فرض عليهم ) الى ما شابهها من الألفاظ الدالة على وجوب الفعل على المؤمنين. وان الآية الثانية في مقام توجيه الرسول ان يدعو المسلمين الى القتال بأسلوب المشاورة ، وليس بأسلوب الملوك الجبابرة.. وأما ما استدل به أتباع مدرسة الخلفاء في هذا الصدد من كلام للامام علي حول الشورى ، فانه كان في مقام الاحتجاج على معاوية وجماعته بما التزموا به (المصدر) .

وقلت: ان أول من ذكر الشورى وأمر بها لاقامة الخلافة هو عمر بن الخطاب ، غير انه لم يأت بدليل على ان الامامة في الاسلام تقام بالشورى ، ولم يستند في ذلك الى دليل من الكتاب والسنة ، واستدل المتأخرون بآيتين من كاب الله وهما تدلان على رجحان الفعل فيهما وليس على وجوب التشاور ، وانما يصح التشاور في أمر لم يرد فيه من الله ورسوله حكم ، وقد ورد عن الله ورسوله في أمر الامامة ما لا يبقى معه مورد للتشاور ( ج1 ص 234) وان الرسول بلغ المسلمين ذلك كما بلغهم سائر أحكام الاسلام وعقائده (قيام الأئمة ص 102)

ولو تأملت في هذه النظرية لوجدتها مطلقة وعامة وممتدة منذ وفاة رسول الله (ص) الى يوم القيامة ، وهي لا تقبل التقييد والتخصيص في فترة او اخرى او مكان دون آخر .

واذا سلمنا بصحة كل الأحاديث والتأويلات التي سقتها ويسوقها أصحاب نظرية الامامة الالهية لأهل البيت ، لسألناهم السؤال التالي :

- أين هم الأئمة المعصومون المعينون من قبل الله منذ اكثر من الف سنة؟.. أي منذ وفاة الامام العسكري؟ وما هو حكم المسلمين في هذه الفترة؟ هل هو الجلوس في البيت وانتظار الامام الغائب ؟ أم المبادرة والتصدي واقامة الدولة الاسلامية؟ وهذا يقودنا لطرح السؤال التالي: كيف نقيم هذه الحكومة ؟ هل تعين الأمة الامام وتختاره عبر الشورى؟ وقد كانت الشورى باطلة ولا دليل عليها ومنافية لفلسفة تعيين الله للأئمة الى يوم القيامة ، وفاقدة لشرط العصمة الذي لا يعلمه الا الله. ومن المعلوم ان النص اذا وجب في فترة وجب في جميع الأوقات.

واذا قلتم : ان على الامة ان تختار الفقهاء العدول كنواب عامين عن الامام المهدي في عصر الغيبة ، فنقول لكم: ان الفقه والعدالة هما شرطان تفصيليان في موضوع الشورى ، وان اختيار الامام الفقيه سيكون بالشورى بلا نص من الله ولا اتصاف بالعصمة ، ولماذا كان محرما على الامة ان تختار الفقهاء العدول بالنيابة عن رسول الله؟ واذا كانت الشورى جائزة خلال أكثر من ألف عام ، فلماذا كانت محرمة في البداية؟

ونظرا لشعورك بعدم وجود واقع تاريخي لنظرية الامامة الالهية البديلة عن الشورى ، طرحت: (نظرية الوصية) وذكرت في كتابك وصية الأنبياء السابقين كآدم وموسى وعيسى عليهم السلام ، الذين قلت : انهم أوصوا الى خلفائهم شيث ويوشع وشمعون ، وقلت: لم يكن خاتم الأنبياء بدعا من الرسل ليترك أمته دون تعيين ولي الأمر من بعده ، كلا لم يترك خاتم النبيين والمرسلين المجتمعات الاسلامية للأبد دون ان يعين أولي الأمر من بعده ، بل عينهم بألفاظ مختلفة وفي أماكن متعددة ، منها ما خص بالذكر الامام من بعده ، ومنها ما ذكر فيها جميع الأئمة . (معالم المدرستين ص 494)

وقلت: ما أشبه تعيين الوصي في هذه الامة في أمة موسى (ص 500) وقد جعل الله هارون ردأا لموسى ووزيرا وشريكا في النبوة استخلفه موسى في قومه ، فلما نص خاتم الأنبياء على ان عليا بمنزلة هارون من موسى واستثنى من كل ذلك النبوة ، وانه لا نبي بعده ، بقي للامام علي ردأ ووزارة ومشاركة في التبليغ على عهد رسول الله ومن بعده الخلافة في قومه ، وحمل عبء التبليغ ، وكذلك الأمر مع ولديه الحسنين ، ونستثني النبوة مما كان للأسباط لأنه لا نبي بعد خاتم الأنبياء ، ويبقى لهما حمل مسؤولية تبليغ الأحكام الاسلامية عن الله (ص257) وقد أكد رسول الله في رواياته على إمامة الامام الأول علي بن ابي طالب أكثر من سائر الأئمة وعلى البشارة بآخرهم وعلى ان عددهم اثنا عشر ، لأنه اذا ثبت الأول والآخر والعدد ، لا يبقى أدنى شك في من هم الأئمة الذين عددهم اثنا عشر ، وأولهم الامام علي وآخرهم المهدي (ص 530) .

وقلت: ان الوصية من الأنبياء والرسل ان يعهد الرسل الى أوصيائهم حمل شريعتهم بعدهم الى الناس ورعاية أمتهم من بعدهم ، وفي هذه الامة فعل خاتم الأنبياء مثل من سبقه من الرسل وعهد الى الامام علي تبليغ شريعته ورعاية أمته من بعده ، بواسطة عهد الى بنيه الأئمة الأحد عشر من بعده ، وأخبر النبي المسلمين بكل ذلك تارة بلفظ الوصي والوصية ومشتقاتها ، وأخرى بألفاظ اخرى تؤدي المعنى نفسه ، فلقب الامام علي بالوصي (229).

وقلت: ان الوجود الاسلامي الذي جاء به صاحب كل شريعة ينتفي في عصر عدم وجوده وعدم وجود أوصيائه ، كما وقع ذلك في شريعة الرسولين موسى وعيسى وكتابهما التوراة والإنجيل بعد تحريف بعضهما وكتمان بعضهما الآخر ، وبما ان حكمة الرب اقتضت بقاء شريعة خاتم الرسل (ص) الى آخر يوم الدهر فقد أطال بقدرته ومشيئته عمر الثاني عشر من أوصيائه المهدي الى آخر يوم الدهر. (قيام الأئمة ص 90)

وقبل ان اقدم ملاحظاتي على هذه النظرية أود ان أذكرك بأمر غفلت عن الإشارة اليه ، وهو استمرار الوصية في ذرية يوشع بن نون ، ولو راجعت العهد القديم لوجدته يتحدث عن حصر الكهانة والوصية والقيمومة على الدين في بني لاوي ، او اللاويين من بقية الأسباط.

اما الملاحظات فهي كما يلي:

1- ان وصية الأنبياء السابقين الى نبي او أنبياء محددين او غير محددين لا يعني بالضرورة وصية الرسول الأعظم الى وصي أو أوصياء من بعده للمحافظة على النبوة والرسالة.

2- وقد كان الامام علي فعلا وصي رسول الله وتلك وصيته موجودة حرفيا ومذكورة في كتب التاريخ ، وهي تتحدث عن أمور شخصية وروحية وأخلاقية ولا تشير الى موضوع الوصية على أمور الدين.

3- ولا يوجد أي دليل على امتداد الوصية في ذرية الامام علي الى يوم القيامة.

4- ولا يوجد أي أثر لوصية الامام الحسين الى ابنه زين العابدين.

5- كما لم يوص عدد من الأئمة الآخرين الى أولادهم ، وكانت وصايا الآخرين عادية شخصية ومالية ، ومشتركة بين جميع الأبناء ، ويضيف بعضها الزوجات وأشخاص من خارج البيت كالمنصور العباسي او والي المدينة.

6- ان الامام العسكري أوصى الى أمه "حديث" بماله ، ولم يوص الى أي شخص آخر ، كما لم يتحدث عن موضوع الامامة او الوصية على الدين . وهو ما يثبت اختلاق نظرية الوصية الممتدة الى يوم القيامة من قبل المتكلمين.

7- ثم أين أثر الوصية؟ وماذا تعني في حالة الامام الغائب المفترض؟ وماهو الفرق بين وجودها وعدمها؟

8- ما هو الدليل الاسلامي على وصية النبي عيسى لشمعون؟ وقد ادعى الوصية كثيرون.

9- قلتم في مكان: ان النبي ذكر جميع أسماء الأئمة ، وقلتم في مكان آخر: ان النبي عهد الى الامام علي وعهد الى بنيه بواسطته.

10- ان تحريف رسالة النبي موسى تم مع وجود الأنبياء في السبي وبعده ، ولم يحدث مؤخرا ، وقد تعهد الله تعالى ان يحفظ القرآن الكريم من التزوير والتلاعب ولم يشر الى حفظ الدين عبر أوصياء ، ولم يمنع وجود الأئمة الأحد عشر من التزوير والتلفيق على رسول الله في القرون الثلاثة الأولى فكيف يمنع الامام الغائب عملية الدس والتزوير بعد ذلك وفي ظل الغيبة التامة؟ ولماذا لم يمنع الشيعة الامامية من القول بنظرية التقية والانتظار قرونا من الزمن؟

11- لا يوجد أي دليل على الدنيا سوف تنتهي مع وفاة الامام الثاني عشر المفترض ، بل ان الصدوق والطوسي وغيرهما يروون روايات عديدة حول استمرار الامامة في ذريته في المستقبل.

12- ان صحة نظريتكم في استمرار الوصية ، تعتمد على قدرتكم على إثبات وجود وولادة واستمرار حياة (محمد بن الحسن العسكري) ودون ذلك خرط القتاد.

13- اما ما نقلت من التوراة حول ولادة اثني عشر اماما لإسماعيل ، فان الامامة حسب تعبيرك تشمل النبوة ، فأين هو إذن الرسول محمد (ص) من الاثني عشر؟ وكان يجب ان يقول ، لو صحت الرواية والتأويل: (ثلاثة عشر). هذا اذا لم نحتمل وجود أئمة أو أنبياء آخرين من ذرية إسماعيل قبل النبي محمد (ص) .

14- ان كلمة الأسباط لا تعني الأحفاد ، وانما تعني اثنتي عشرة قبيلة كان يتكون منها المجتمع اليهودي ، ومن هنا فلا مجال للمقارنة بين سبطي الرسول وبين أسباط بني اسرائيل الذين لم يكونوا أوصياء لموسى ، وانما كان بعضهم يحمل ميراث النبوة.

ان كل ذلك يدعوك الى إعادة النظر في كتبك ، ودراسة نظرية الامامة الالهية او الوصية المنسوبة الى أهل البيت ، من جديد ، والتأكد فيما اذا كانت هي نظريتهم حقا؟ أم ان نظريتهم السياسية هي (الشورى) ؟ وهذا يستدعي منك نبذ التقليد ، والتحقيق في مقدمات البحث ، كدراسة الرجال الراوين للأحاديث والاطلاع على التاريخ الشيعي ، وهما الأمران اللذان أغفلتهما وتجنبتهما في كتاباتك ، والتفكير بصورة شاملة وواقعية بعيدا عن المثاليات الوهمية التي لا وجود لها، فان ما تحتاج اليه امتنا الاسلامية هو تكريس نظرية الشورى وتعزيزها بين المسلمين الذين يعيشون تحت رحمة الأنظمة الديكتاتورية الرهيبة ، والديكتاتورية المغلفة باسم الدين.

وبهذه المناسبة أدعوك للمرة الأخيرة الى إلقاء نظرة على البحث الموسع الذي قمت به في هذا المجال، او تشكيل لجنة للقيام بذلك ، عسى الله ان يوفقنا لخدمة دينه الحنيف والتعرف على مذهب أهل البيت الحقيقي الذي تعرض في حياتهم وبعد وفاتهم لكثير من التشويه والتحريف.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

احمد الكاتب ، لندن 20/شوال/ 1414

http://alkatib.co.uk/rd4.htm







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» ضعف روايات الرايات السود
»» الرد على ادعاء ان عبدالله بن عمر استخدم التقية في اعطاء الصدقة و الزكاة الي الامراء
»» الشيرازيون والإخوانيون الى الواجهة
»» شاهدوا يا عرب كيف معممين الشيعة والعلويين يفتون بتطهير السنة في بانياس " شاهدوا حقدهم
»» الائمة اختلفوا على الامامة و عجزوا عن حل خلافهم فكيف سيحلون خلافات الاخرين
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:41 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "