العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-03-16, 06:30 AM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


مؤرخ معاصر : الشيخ محمد بن عبدالوهاب تفوق على ابن تيمية سياسيًا !


بسم الله الرحمن الرحيم

بتوفيقٍ من الله وفضل ، فقد أثمرت الدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في جزيرة العرب : هذه الدولة السلفية المباركة " المملكة العربية السعودية " ، التي أنعم الله عليها بالإيمان والأمن ، والعيش الكريم ؛ مصداقًا لقوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) ، فتحقق لأبناء هذه الدعوة ما لم يتحقق لغيرهم ، ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).


ولذا ؛ فقد عقد المؤرخ المصري الدكتور جمال الدين الشيال - رحمه الله - ( ت 1967 م ) في كتابه " الحركات الإصلاحية .. " ( ص 57 – 60 ) : مقارنةً موجزة بين دعوة الشيخين : ابن تيمية ، ومحمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - ، قال فيها :

( نحن نلاحظ أن حركة ابن تيمية - رغم الضجة التي أحدثتها - لم تبلغ من النجاح ما بلغته حركة ابن عبد الوهاب. وذلك لأسباب كثيرة :

منها : أن بيئة الحضر التي ظهر فيها ابن تيمية بدعوته لم تكن البيئة الصالحة لنجاح الدعوة وانتشارها ، فسكان الحضر تشغلهم شؤون الحياة ومباهجها ، وعوامل الترف والرفاهية، والدعوة تنادي بالزهد ، والتقشف ، والبساطة ، ولو أنها ظهرت بين البدو في بيئة صحراوية للاقت نجاحًا أكبر .


ومنها : أن ابن تيمية وهو يدعو للعودة إلى الإسلام في حالته الأولى اضطُر إلى مهاجمة كل الفرق الدينية التي وُجدت منذ ظهر الإسلام إلى عهده ؛ كالخوارج ، والمرجئة ، والرافضة ، والقدرية ، والمعتزلة ، والجهمية ، والكرامية ، والأشعرية ، والنصيرية ، وغيرها ، واضطـُر كذلك إلى الطعن في رجال الدين والمتصوفة وفقهاء المذاهب المختلفة( 1 ) ، ومعظم هؤلاء كانوا يلون الوظائف الكبرى في الدولة ؛ كوظائف قضاء القضاة ، والحسبة ، ومشيخة الشيوخ ، والتدريس ، وكانوا تبعًا لهذا ينالون الأموال الجمة التي تأتيهم من الجوامع والرواتب والأوقاف والنذور ... الخ ، ونجاح دعوة ابن تيمية يسلبهم كل ما كان لهم من سلطان ومال ، ولهذا كانوا هم - لا الشعب - الذين حملوا عليه ، وحاربوا دعوته ، إلى أن أضعفوا من شأنها ، أما بلاد العرب فلم يكن بها هذا العدد الوفير من العلماء ، والفقهاء ، والمتصوفة ، وأتباع المذاهب المختلفة، ولم يكن للقلة الموجودة منهم في بلاد العرب من المصالح قدر ما كان لعلماء مصر والشام على عهد ابن تيمية، حقيقةً قد عارض ابن عبد الوهاب بعضُ معاصريه من علماء نجد والأحساء، ولكن معارضتهم لم تكن من القوة بحيث تؤثر في حركة ابن عبد الوهاب ، أو تُضعف من شأنها .


ومنها : أن حركة ابن تيمية ظهرت والعالم الإسلامي لا يزال في عنفوان قوته بعد أن انتصر انتصاراته الحاسمة على الصليبيين والتتار في حطين وعين جالوت ، وبينما هو يبذل الجهود لمقاومة غزوات التتار المتجددة على الشام، في حين أن دعوة ابن عبد الوهاب ظهرت والعالم الإسلامي قد شاخ ، ونالت منه عوامل الضعف والانحلال ، فربط المسلمون في أذهانهم بين عوامل التأخر الديني ، وعوامل الضعف السياسي ، ورأوا أن الأولى سببٌ للثانية، واعتقدوا أن القضاء على عوامل التأخر الديني والعودة إلى أصول الإسلام قد يقضي على عوامل الضعف السياسي ، ويُعيد للعالم الإسلامي ما كان له من عزة وقوة .


ومنها : أن حركة ابن تيمية اقتصرت على الجدل الديني والمناقشات الفقهية ، ولم تستعن بسندٍ حربي أو بقوة سياسية . أما ابن عبد الوهاب فكان أبعد نظرًا وأكثر نجاحًا ، ورأى أنه لكي يضمن لدعوته النجاح لا بد له أن يضع لها برنامجًا سياسيًا إلى جانب البرنامج الديني، وأن يستعين بقوة سياسية حربية، وأدرك منذ اللحظة الأولى أنه لا أمل في الدولة العثمانية التي كانت تحكم جميع أجزاء العالم الإسلامي الواقعة في الشرق الأوسط ؛ لأنها كانت دولة ضعيفة ، وهي في ضعفها ترى في كل حركةٍ إصلاحية خطرًا عليها وعلى كيانها ، فهي لذلك تحارب كل متسلح ، وتناهض كل ناصح .

وأدرك ابن عبد الوهاب كذلك أنه لا أمل في علماء الدين في الحواضر الإسلامية الكبرى ؛ كالقسطنطينية ودمشق والقاهرة ، فهم قد تحولوا مع الزمن إلى عقول جامدة لا تنشط إلى تفكير جديد ، أو إلى محاولةٍ للإصلاح، وهم قد أصبحوا موظفين رسميين يؤمنون بالطاعة العمياء لولي الأمر ، ما دامت لهم مناصبهم الموقرة ، وأرزاقهم الموصولة ، ولذلك لم يكونوا على استعداد لأن يجازفوا بهذا كله في سبيل نظريات أو دعوات جديدة ، تتطلب الكثير من الجهد والتضحية، وقد يُكتب لها النجاح أو الفشل .

لهذا كله ؛ قدّر محمد بن عبد الوهاب أنه لكي يُدرك شيئًا من النجاح لدعوته لا بد له أن يتعاون مع قوة سياسية حربية، لأن النظريات والمثل العليا لا تستطيع أن تنتصر بقوتها وصدقها وحسب، بل بما يؤيدها من قوى السياسة، ولهذا اتصل بأمير الدرعية محمد بن سعود، وتعاهد الرجلان على الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى إقامة الشعائر ، ونشر الدعوة في جزيرة العرب ، باللسان عند من يقبلها ، وبالسيف عند من لم يقبلها .

ونجحت الدعوة شيئًا فشيئًا ، ودخل الناس فيها أفواجًا ، ومن عارضها من أمراء أو شيوخ العرب حورب وأُخضع بالقوة ، وكلما دخل الرجلان : الشيخ والأمير ، بلدةً ، أزالا البدع ، ونشرا تعاليمهما( 2 ) )
.


( 1 ) لا يوجد في الإسلام رجال دين ، وإنما علماء شريعة . وشيخ الإسلام لم يطعن فيهم ، إنما كان يرد عليهم ردودًا علمية .

( 2 ) بل تعاليم الإسلام .






  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:19 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "