العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحوار مع باقي الفرق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-14, 01:02 AM   رقم المشاركة : 61
ابن الخطاب
عضو ماسي







ابن الخطاب غير متصل

ابن الخطاب is on a distinguished road


اقتباس:
لماذا تتجاهل كلامي ؟؟
قلت لك لا يلزم أن يقول بذلك علماء الشيعه .. فهم ليسوا الناطقين بأسمه



بل كل علماء الرافضة لم يردوا قول معصومك محرف القرآن ( كنتم خير ائمة)
والتزموا بها في كتبهم ونسبوها لمعصومك ولم يقل واحد منهم أنها مدسوسة
واتحداك للمره الخامسة أن تأتي بقول عالم رافضي واحد قال أن هذه الآية مدسوسة


اقتباس:

لا تقولي هو نفسه عمر المؤمن ولكن حسب الأعتقاد الشيعي !!
لإنك قلت قبل شوي أن له وجود حقيقي ..
لا تكذب يا نويصب فأنت أعترفت وقلت " نعم له وجود حقيقي " ولم تقل حسب مفهوم الشيعه إلا حين حشرتك الآن



كذاب ودينك التقية السبأية اين قلت وجود حقيقي
اخرج قولي يا كذاب أني قلت " نعم له وجود حقيقي"
لا وواثق تضعها بين قوسين فلتخرجها ياسليل ابن سبأ اتحداك




اقتباس:

كذاب لم تجبني بل لف ودوران
لم تجبني يا كاذب ..
هل يوجد نبيان كلاهما محمد ؟؟
هل لهما وجود حقيقي ؟؟؟؟؟؟
وكيف دفن نبي الشيعه بجانب مشرك ؟؟
هل عمر بن الخطاب مشرك ؟؟
أم هناك عمران ايضاً ؟
وهل هناك عائشتان ؟
ألا ترى أنك متخبط

تكرار فاضي تم الرد عليه لكنك تعيد وتزيد لغبائك





اقتباس:
إذاً النبي هو شخص واحد وليس شخصين !!

أرأيت ياأحمق تستنتج بغبائك ثم تتهمني بما تقول


اقتباس:
أنت قلت أن هناك عمران لهما وجود كلاهما !!
يعني هناك عمر مؤمن وهناك عمر مشرك ..
فأين مات عمر المشرك ؟

تم الاجابة أكثر من مره كنت اظن أن التكرار يعلم الحمار لكن للأسف خاب ظني


اقتباس:

لماذا اراك تتراجع عن كلامك ؟؟
قبل قليل تقول نبي الشيعه له وجود حقيقي وحين سألتك



كالعادة تكرار للاكاذيب والتدليسات
أين قلت وجود حقيقي يارافضي ؟ اتحداك تثبت







اقتباس:
لو أني شيعي فعلاً لكانت هذه فرصه رائعه لأفصح عن مذهبي لإني أفحمتك الآن ولكني لست شيعي

بل شيعي تستحي من دينك وفضحك شيخك المجوسي النوري الطبرسي



اقتباس:
بل بالدليل والبرهان
أثبت لك أن الأمام علي هو المقصود لإنه الأعلم بكتاب الله

هراء بدون دليل وإدعاء اجوف


اقتباس:

أثبت لك ان الأمام علي اعلم بكتاب الله من جميع الصحابه لإن في عهده لم تقم فتوحات
أما قولك أن الأمام علي شارك في الفتوحات وسبى النساء ؟؟

هذا كذب على الأمام علي فاصلاً السبي ليس من الأسلام في شيء ..

فعندي كما أن المنافقين كذبوا على النبي سيكذبون على الأمام علي


وهذه ظهر فيها جهلك إن لم تكن له فتوحات (وهذه ليست نقطة جيدة في حقه)
فهو كان مساهم كخبير ومستشار عند ابو بكر وعمر والحسن والحسين
ابنائه كانوا في طليعة جيوش الخلفاء الثلاثة في حروب الردة في
عصر الصديق وفي فتوحات الفاروق بدليل السبايا التي نالهن في تلك الحروب

خوله بنت جعفر الحنفية --- والدة محمد بن الحنفية ---- سبيت في عهد ابو بكر
الصهباء التغلبية – والدة عمر بن علي بن ابي طالب --- سبيت في عهد عمر



لازم احرجك وابين لك جهلك يعني والا اقولك انكر وجود هؤلاء الابناء كما انكر جماعتك وجود بنات النبي صلى الله عليه وسلم وكما انكروا وجود بنت سمها ام كثوم تزوجها الفاروق مبيد المجوس



اقتباس:
فالأمام علي أعلم من ابن عباس وجميع من ذكرتهم بكتاب الله ..

لاشك في في علم علي للقرآن لكن أن يكون أعلمهم هذه دعوة رافضية فارغة بلا دليل

اقتباس:
نعم الفتوحات الأسلاميه خطأ


نعم خطأ عند المجوس في قم لانها تذكرهم بملكهم البائد
وامبراطوريتهم التي تهاوت تحت ضربات سيوف
أتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في عهد
قاهر المجوس فاروق هذه الأمة





اقتباس:
فإن كنت تؤيد الفتوحات الأسلاميه عليك أن تؤيد أحتلال الصهاينه لفلسطين



إذهب ياجاهل وتعلم الفرق بين الفتح الاسلامي وبين الاحتلال والاستعمار
وتجرد من عقدة ملك كسرى البائد اثناء بحثك


اقتباس:
إغتصاب أراضي وأحتلال



لم يقدم اجدادنا الفاتحين أهل السنة والجماعة على دخول أرض ونشر الإسلام فيها
الا بعد تخيير أهلها بالدخول في الاسلام او دفع الجزية والبقاء عى اديانهم



اقتباس:
في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج 8 - ص 30 قال:


لماذا تكرر كلام الكذاب المعمم مكارم الشيرازي
مرتين هل هو التخبط والحرج؟
ياابو تسعة اعشار الدين وضعت لك رابط وسائل الشيعة
وطلبت منك تخرج قول النوري المجوسي الذي قاله
للكذاب الآخر الايراني اغابزك
(((((((أن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية،
إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي
في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح، وكان من الأفضل
أن أسميه ( فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب ) ))))))))



اخرجه من الوسائل !! هل افتضحت؟
لماذا فررت للمعمم مكارم الشيرازي الكذاب الاخر
الذي اراد ستر عورة امامكم النوري الطبرسي فخرج بهذه التمثيلة

((أن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة))
اتحداك ياكذب



اقتباس:
كفرت من قال بذلك ولكن الأمام جعفر لم يقل ذلك وقلت لك هي من الدسائس


اتحدك للمرة السادسة ولازلت تهرب
أريد عالم رافضي واحد قال أن آية ( كنتم خير ائمة ) مدسوسة
وهي رواية معترف بها عند الرافضة والا تكون قد كفرت معصومك كاتم القرآن الحقيقي




اقتباس:
الشيعه دسوا التحريف على الأمام جعفر ..

هذه جديده نتوقف عندها من الذي دس هات اسماء هل هم الكليني الصدوق النوري الطوسي انتظرك

اقتباس:
علماء أهل الوهابيه لم يردوا بل قالوا أنها نسخت مع أنهم يعترفون أن النسخ لا يكون بعد موت النبي بل في حياته !!

نعم صحيح قولوهم هذا هو رد لا ان يدسوا رأسهم في التراب كما فعلت وقلت ( مدسوسة )






التوقيع :
عن عباس بن يزيد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون ان الشرك اخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء.. فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل..»


وسائل الشيعة 341/28
وبحار الانوار 96/69
والخصال 136/1.
من مواضيعي في المنتدى
»» الخبل مقتدى الصدر يقول أن على المخلوقات الفضائية التقليد - ليست نكته
»» ادخل يا إثناعشري لتعرف من أين أتتكم فكرة القبور المذهبة
»» عصائب اهل الحق '' تهاجم جوامع '' السنه '' في صلاة التراويح
»» الرافضه وصلوا درجة الغليان بسبب احمد الكاتب
»» يا مستبصرين المعصوم يقول لكم انتم اولاد بغايا
 
قديم 06-12-14, 01:46 AM   رقم المشاركة : 62
متبع الدليل
عضو فضي






متبع الدليل غير متصل

متبع الدليل is on a distinguished road


اقتباس:
بل كل علماء الرافضة لم يردوا قول معصومك محرف القرآن ( كنتم خير ائمة)
والتزموا بها في كتبهم ونسبوها لمعصومك ولم يقل واحد منهم أنها مدسوسة
واتحداك للمره الخامسة أن تأتي بقول عالم رافضي واحد قال أن هذه الآية مدسوسة


لحوول ..

يعني لازم أعيد كل مره أني لست بحاجه إلى أقولهم ؟؟

فكما أن السنه دسوا على عائشه أنها قالت بإرضاع الكبير كذلك الشيعه دسوا على الأمام جعفر أنه قال بتحريف القرآن ..

ثم أيها الكذوب علماء الشيعه لم يجمعوا على ذلك .. ونقلت لك أقوال الذين أنكروا التحريف

اقتباس:
كذاب ودينك التقية السبأية اين قلت وجود حقيقي
اخرج قولي يا كذاب أني قلت " نعم له وجود حقيقي"
لا وواثق تضعها بين قوسين فلتخرجها ياسليل ابن سبأ اتحداك

هههههههه يجحد


أنا قلت لك


اقتباس:
لا يوجد شيء أسمه جعفر الشيعه وجعفر السنه

فرديت أنت وقلت

اقتباس:
بل يوجد


فأكدت على وجوده الحقيقي .. يلا ورني ردك يا سليل النواصب والخوراج


اقتباس:
تكرار فاضي تم الرد عليه لكنك تعيد وتزيد لغبائك

نعم أكررها لإنك لم تجبني

اقتباس:
أرأيت ياأحمق تستنتج بغبائك ثم تتهمني بما تقول

شفت كيف يا حمار خليتك تتراجع عن كلامك !!؟

جبان حينما تبين جهله تراجع عن كلامه .. طيب بما أنك تراجعت عن كلامك فهل جعفر الصادق قال بتحريف القرآن ؟

لا تقولي جعفر السنه وجعفر الشيعه لإنك الحين أنكرت وجود جعفرين ..


إذاً قلت نعم فهذه مصيبه وتكون كفرت أبن رسول الله

إذا قلت لا فأنتهى الأمر .. لا تقولي كفر جعفر الشيعه لإنه كي أكفر شخص لا وجود له ؟؟


اقتباس:
تم الاجابة أكثر من مره كنت اظن أن التكرار يعلم الحمار لكن للأسف خاب ظني

حمار أنت ومن على شاكلتك يا حيوان ليه تسب ؟؟

وصحيح يا بغل أنت كاذب ولم تجبني ..

اقتباس:
كالعادة تكرار للاكاذيب والتدليسات
أين قلت وجود حقيقي يارافضي ؟ اتحداك تثبت

أثبت لك ذلك فوق

طيب بما أنك ترجعت الآن

طيب بما أنك تراجعت عن كلامك فهل جعفر الصادق قال بتحريف القرآن ؟

لا تقولي جعفر السنه وجعفر الشيعه لإنك الحين أنكرت وجود جعفرين ..


إذاً قلت نعم فهذه مصيبه وتكون كفرت أبن رسول الله

إذا قلت لا فأنتهى الأمر .. لا تقولي كفر جعفر الشيعه لإنه كي أكفر شخص لا وجود له ؟؟


ماذا ستفعل الآن ؟؟


اقتباس:
بل شيعي تستحي من دينك وفضحك شيخك المجوسي النوري الطبرسي

ياخي والله لو أني شيعي لأفصحت عن مذهبي الآن لإني أنا المنتصر في هذا الحوار وقد فضحت كذبكم ودجلكم ..


اقتباس:
هراء بدون دليل وإدعاء اجوف

بل بالدليل والبرهان ..


اقتباس:
وهذه ظهر فيها جهلك إن لم تكن له فتوحات (وهذه ليست نقطة جيدة في حقه)
فهو كان مساهم كخبير ومستشار عند ابو بكر وعمر والحسن والحسين
ابنائه كانوا في طليعة جيوش الخلفاء الثلاثة في حروب الردة في
عصر الصديق وفي فتوحات الفاروق بدليل السبايا التي نالهن في تلك الحروب
خوله بنت جعفر الحنفية --- والدة محمد بن الحنفية ---- سبيت في عهد ابو بكر
الصهباء التغلبية – والدة عمر بن علي بن ابي طالب --- سبيت في عهد عمر

لازم احرجك وابين لك جهلك يعني والا اقولك انكر وجود هؤلاء الابناء كما انكر جماعتك وجود بنات النبي صلى الله عليه وسلم وكما انكروا وجود بنت سمها ام كثوم تزوجها الفاروق مبيد المجوس

بل نقطه جيده في حقه ..



أنت كاذب وتستدل علي بكتبك !!!

أعطني مصدرك التاريخي وليس من كتبك أنت ..

بالنسبه للسبي فأنا أنكره اصلاً ..

والشيعه لم ينكروا وجود بنات النبي غير فاطمه يا جاهل إنما قالوا أنهن ربائيب الرسول - عليه الصلاة والسلام -

ثم لا تسرق كلامي فأنا قلت أبين جهلك لماذا تعيد كلامي ؟؟

اقتباس:
لاشك في في علم علي للقرآن لكن أن يكون أعلمهم هذه دعوة رافضية فارغة بلا دليل

بل اعلمهم ..

ألم يكن مع النبي منذ صغره ؟؟

ايضاً لم تجرى في عهده فتوحات وهذا لإنه يعلم أن الفتوحات أو الأحتلال محرمه ..

اقتباس:
نعم خطأ عند المجوس في قم لانها تذكرهم بملكهم البائد
وامبراطوريتهم التي تهاوت تحت ضربات سيوف
أتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في عهد
قاهر المجوس فاروق هذه الأمة

كلامك كله ( مجوس , رافضه ) ؟؟

ألا يوجد لديك حجج وبراهين ؟؟

أعطيتك الدليل على بطلان الفتوحات الأسلاميه

{ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }

اقتباس:
إذهب ياجاهل وتعلم الفرق بين الفتح الاسلامي وبين الاحتلال والاستعمار
وتجرد من عقدة ملك كسرى البائد اثناء بحثك

لا يوجد فرق يا كذاب واتحداك تعطيني هذا الفرق ..

فعلاً لا يوجد فرق بين الأحتلال وبين ما تسمى " الفتوحات الأسلاميه "

اقتباس:
لم يقدم اجدادنا الفاتحين أهل السنة والجماعة على دخول أرض ونشر الإسلام فيها
الا بعد تخيير أهلها بالدخول في الاسلام او دفع الجزية والبقاء عى اديانهم

أجدادك !!

ههههههه مصدق نفسك ؟؟ هههه تكذب الكذبه وتصدقها ..

دفع الجزيه يا غبي لا يكون إلا على من قاتلنا من المعتدين ..

فآية الجزيه تعني أدفعوا الجزيه على من قاتلكم وانتصرتم عليه.. مثل الروم ..

ولا يحق لك أن تذهب وتخير بلد لا علاقة له بك ولم يعتد عليك وأهله مسالمون وتقول له أدفع الجزيه أو أسلم !!

اولاً هذا من الأكراه في الدين

وثانياً يخالف قوله تعالى

{ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }

اقتباس:
لماذا تكرر كلام الكذاب المعمم مكارم الشيرازي
مرتين هل هو التخبط والحرج؟
ياابو تسعة اعشار الدين وضعت لك رابط وسائل الشيعة
وطلبت منك تخرج قول النوري المجوسي الذي قاله
للكذاب الآخر الايراني اغابزك
(((((((أن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية،
إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي
في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح، وكان من الأفضل
أن أسميه ( فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب ) ))))))))

اخرجه من الوسائل !! هل افتضحت؟
لماذا فررت للمعمم مكارم الشيرازي الكذاب الاخر
الذي اراد ستر عورة امامكم النوري الطبرسي فخرج بهذه التمثيلة
((أن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة))
اتحداك ياكذب

ما ودك تفهم ؟؟

هو يقول بإنه سمع ذلك من شيخه ..

في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج 8 - ص 30 قال:
وقد اعتمد الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه آنفا . وقد اعتمد الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه آنفا. ولابد من الإشارة إلى غرض وغاية هذا الكتاب من خلال ما كتبه تلميذ المؤلف العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في الجزء الأول من كتاب (مستدرك الوسائل)، حيث يذكر أنه سمع من أستاذه مرارا : إن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح، وكان من الأفضل أن أسمي ه ( فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب ) . ولابد من الإشارة إلى غرض وغاية هذا الكتاب من خلال ما كتبه تلميذ المؤلف العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في الجزء الأول من كتاب (مستدرك الوسائل)، حيث يذكر أنه سمع من أستاذه مرارا: إن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح، وكان من الأفضل أن أسمي ه (فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب).


ثم أنت قبل قليل تقول أنك فضحتني ومدري أيش عشان هربت من وسائل المستدرك !!

وقد رديت عليك .. ولكن لا أجد ردك ..

اقتباس:
اتحدك للمرة السادسة ولازلت تهرب
أريد عالم رافضي واحد قال أن آية ( كنتم خير ائمة ) مدسوسة
وهي رواية معترف بها عند الرافضة والا تكون قد كفرت معصومك كاتم القرآن الحقيقي

هل عائشه قالت بإرضاع الكبير ؟؟

السنه هم من دسوا ذلك عليها ..

كذلك الشيعه هم من دسوا ذلك على الأمام جعفر ..

اقتباس:
هذه جديده نتوقف عندها من الذي دس هات اسماء هل هم الكليني الصدوق النوري الطوسي انتظرك

لا يلزم أن أعرف أشخاص الذين حرفوا ودسوا الأقوال ..

فهل تعرف أنت من الذي حرف التوراة والأنجيل ؟؟

طبعاً لا .. ولكن هذا لا يعني أنها غير محرفه ..

اقتباس:
نعم صحيح قولوهم هذا هو رد لا ان يدسوا رأسهم في التراب كما فعلت وقلت ( مدسوسة )

رد أن يقولوا أنها كانت في عهد النبي ؟؟

هل كان النبي يرضى على زوجته بهذا الشيء ؟؟

وهل هناك نسخ بعد موت رسول الله ؟؟

وهل الصحابه قبل نسخها كانوا يرضون على محارمهم بإرضاع الكبير ؟؟

وهل لو كنت أنت في عهد الصحابه كنت سترضى على محارمك بإرضاع الكبير قبل نسخها ؟؟


أتحداك تجيب






 
قديم 06-12-14, 02:47 AM   رقم المشاركة : 63
ابن الخطاب
عضو ماسي







ابن الخطاب غير متصل

ابن الخطاب is on a distinguished road



ولازال الرافضي يفر من دعواه أن رواية قرآن (المعصوم)
(( كنتم خير ائمة)) مدسوسة بدون دليل واحد يستند اليه
على الرغم من اقرار جميع علمائه بقول المعصوم لها
وبدوري أرفع له التحدي للمره السابعة أن يثبت
لكن لاحياة لمن تنادي




اقتباس:
لا يلزم أن أعرف أشخاص الذين حرفوا ودسوا الأقوال ..

فهل تعرف أنت من الذي حرف التوراة والأنجيل ؟؟

طبعاً لا .. ولكن هذا لا يعني أنها غير محرفه

..

عال يعني لسبع صفحات ازعجتنا مدسوسة مدسوسة
ولما طالبناك بهوية الذي دس على معصوم
هل هو الكليني او الصدوق او الطوسي او الجزائري
تتهرب بهذا الشكل الفاضح


اقتباس:
ما ودك تفهم ؟؟

هو يقول بإنه سمع ذلك من شيخه ..



اخرجه من الوسائل !! والرابط وضعته هيا يا كاذب
أين سمع اغابزرك ان النوري المجوسي قال
((أن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة))
اتحداك ياكذب





اقتباس:
رد أن يقولوا أنها كانت في عهد النبي ؟؟
هل كان النبي يرضى على زوجته بهذا الشيء ؟؟
وهل هناك نسخ بعد موت رسول الله ؟؟
وهل الصحابه قبل نسخها كانوا يرضون على محارمهم بإرضاع الكبير ؟؟
وهل لو كنت أنت في عهد الصحابه كنت سترضى على محارمك بإرضاع الكبير قبل نسخها ؟؟
أتحداك تجيب



ياغبي كانت حادثة واحد لسالم مولى حذيفة ولم تكرر
ولم ينقل لنا التاريخ حادثة واحد صحيحة لرضاعة الكبير
غير هذه الحادثة حتى تكثر من غباءك علينا
والنسخ هنا كما قال علمائنا تأخر نسخه جدًا حتى أن
بعض الصحابة لم يعلموا بالنسخ حتى بعد وفات النبي صلى الله عليه وسلم



اقتباس:
طيب بما أنك ترجعت الآن




سبحان الله يكذب علي ولما احشره واطلبه الدليل
يقول تراجعت!!
ياكذاب اين قلت وجود حقيقي
اخرج قولي يا كذاب أني قلت " نعم له وجود حقيقي"
لا وواثق تضعها بين قوسين فلتخرجها ياسليل ابن سبأ اتحداك



اقتباس:
فهل جعفر الصادق قال بتحريف القرآن ؟



نعم وبالفم المليان جعفر الصادق المسمى (المعصوم) عند الرافضة يعتقد بتحريف القرآن
وكل علماء الرافضة نقلوا اقواله في كتبهم ولم يكذبوه فيها ولم يقولوا مدسوسة




اقتباس:
ياخي والله لو أني شيعي لأفصحت عن مذهبي الآن لإني أنا المنتصر في هذا الحوار وقد فضحت كذبكم ودجلكم ..

فرح نفسك وارفع معنوياتك بنفسك
اي انتصار
شوف نقطة واحد اذا اثبتها اعترف انك منتصر
اثبت من كلام علمائك أن قرآن معصومك (كنتم خير ائمة ) مدسوس
عرض سخي تشطر



اقتباس:

والشيعه لم ينكروا وجود بنات النبي غير فاطمه يا جاهل إنما قالوا أنهن ربائيب الرسول - عليه الصلاة والسلام -

بل أنكروا وكابروا حتى ولله الحمد جعلهم أهل السنة يذعنون وهم صاغرون
بعدين يا جاهل الاسلام حرم التبني الجاهلي
والا لما تجرأ احد من المسلمين على اختلاف فرقهم
وقال ام كلثوم بنت محمد صلى الله عليه وسلم
ولا رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم

المعمم حسين المصطفى يرد على المععم جعفر العاملي ويلجمه / بل بنات النبي لا ربائبه
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=173375

ويكفينا لسحق دجلكم ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ ﴾

اقتباس:

أنت كاذب وتستدل علي بكتبك !!!

أعطني مصدرك التاريخي وليس من كتبك أنت ..

بالنسبه للسبي فأنا أنكره اصلاً


حسناً موافق سوف أثبت لك ومن كتبك لا من كتبي حسب طلبك
أن (معصومك) تزوج من سبي ابو بكر وانجب محمد بن الحنفية
وتزوج من سبي عمر وانجب عمر بن علي
لكن أياك أن تقل مدسوسة ههه






التوقيع :
عن عباس بن يزيد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون ان الشرك اخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء.. فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل..»


وسائل الشيعة 341/28
وبحار الانوار 96/69
والخصال 136/1.
من مواضيعي في المنتدى
»» بالدليل والبرهان الخميني في قعر جهنم ------- بإعترافه
»» نائب المهدي عجج المرجع السيستاني يقول في سند كتاب سليم بن قيس إشكال !!!!!
»» طلسم الساحر الكبير الشيخ البهائي لحماية اصفهان من الكوارث - صوره
»» تنقية الأحجار
»» فضيحة (( منتدى السقاف )) المنتدي مسجل بأسم عباس الموسوي
 
قديم 06-12-14, 03:26 AM   رقم المشاركة : 64
متبع الدليل
عضو فضي






متبع الدليل غير متصل

متبع الدليل is on a distinguished road


اقتباس:
ولازال الرافضي يفر من دعواه أن رواية قرآن (المعصوم)
(( كنتم خير ائمة)) مدسوسة بدون دليل واحد يستند اليه
على الرغم من اقرار جميع علمائه بقول المعصوم لها
وبدوري
أرفع له التحدي للمره السابعة
أن يثبت
لكن لاحياة لمن تنادي


اولاً يا كذاب يا مدلس عندما راجعتها وجدت أنها قراءه ..

ثانياً قلت لك أنهم كما دس السنه روايات تقول بإرضاع الكبير على عائشه كذلك يدس الشيعه روايات تقول بتحريف القرآن على الأمام جعفر >> مع أنها قراءة

وإليكما طلبته يا عزيزي المدلس

سئل الشيخ المفيد رحمه الله في المسائل السروية : ما قوله أدام الله تعالى حراسته في القرآن ؟ أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس أم هل ضاع مما أنزل الله تعالى على نبيه منه شئ أم لا ؟ وهل هو ما جمعه أميرالمؤمنين عليه السلام أم م جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون ) .
الجواب : إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شئ من كلام البشر ، وهو جمهور المنزل ، والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا ، عند المستحفظ للشريعة ، المستودع للاحكام ، لم يضع منه شئ

اقتباس:
عال يعني لسبع صفحات ازعجتنا مدسوسة مدسوسة
ولما طالبناك بهوية الذي دس على معصوم
هل هو الكليني او الصدوق او الطوسي او الجزائري
تتهرب بهذا الشكل الفاضح


هل تؤمن بإن التوراة والأنجيل محرفه ؟؟

قل لي اسماء من حرفوها ؟؟

حسب فهمك فكوني لا أعلم من هو الذي حرفها هذا يعني أنها غير محرفه ..

اقتباس:
اخرجه من الوسائل !! والرابط وضعته هيا يا كاذب
أين سمع اغابزرك ان النوري المجوسي قال
((أن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة))
اتحداك ياكذب

يلعن خيرك صارلي صفحات أقولك انه قال ( سمع )

في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج 8 - ص 30 قال:
وقد اعتمد الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه آنفا . وقد اعتمد الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه آنفا. ولابد من الإشارة إلى غرض وغاية هذا الكتاب من خلال ما كتبه تلميذ المؤلف العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في الجزء الأول من كتاب (مستدرك الوسائل)، حيث يذكر أنه سمع من أستاذه مرارا : إن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح، وكان من الأفضل أن أسمي ه ( فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب ) . ولابد من الإشارة إلى غرض وغاية هذا الكتاب من خلال ما كتبه تلميذ المؤلف العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في الجزء الأول من كتاب (مستدرك الوسائل)، حيث يذكر أنه سمع من أستاذه مرارا: إن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح، وكان من الأفضل أن أسمي ه (فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب).


لا تهرب وأعترف أنك مفلس هههههههههههه

اقتباس:
ياغبي كانت حادثة واحد لسالم مولى حذيفة ولم تكرر
ولم ينقل لنا التاريخ حادثة واحد صحيحة لرضاعة الكبير
غير هذه الحادثة حتى تكثر من غباءك علينا
والنسخ هنا كما قال علمائنا تأخر نسخه جدًا حتى أن
بعض الصحابة لم يعلموا بالنسخ حتى بعد وفات النبي صلى الله عليه وسلم

طيب ليه خايف تجاوب على أسئلتي ؟؟

هل كان النبي يرضى على زوجته بهذا الشيء ؟؟
وهل هناك نسخ بعد موت رسول الله ؟؟
وهل الصحابه قبل نسخها كانوا يرضون على محارمهم بإرضاع الكبير ؟؟
وهل لو كنت أنت في عهد الصحابه كنت سترضى على محارمك بإرضاع الكبير قبل نسخها ؟؟

بعدين يا كذاب تقولي حادثه وما تكررت لسالم !!

هذا حكم يا حيوان وأنتم تدعون أنها نزل في القرآن أي كانت ستتلى ليقام الساعه لولا النسخ ..

تقولي النسخ تأخر جداً !!

هههههههههه هل الله يريد أن يشككنا في الدين ؟؟ >> حاشا لله ..

وسألتك هل هناك نسخ بعد موت رسول الله ؟؟

اقتباس:
سبحان الله يكذب علي ولما احشره واطلبه الدليل
يقول تراجعت!!
ياكذاب اين قلت وجود حقيقي
اخرج قولي يا كذاب أني قلت " نعم له وجود حقيقي"
لا وواثق تضعها بين قوسين فلتخرجها ياسليل ابن سبأ اتحداك


بالعكس أنا اللي حشرتك وخليتك تعرف قدرك يا جويهل

ها أعطيتك كلامك

أنا قلت لك

اقتباس:
لا يوجد شيء أسمه جعفر الشيعه وجعفر السنه

فقلت أنت لي

اقتباس:
بل يوجد

ماذا تسمي هذا ؟؟

اقتباس:
نعم وبالفم المليان جعفر الصادق المسمى (المعصوم) عند الرافضة يعتقد بتحريف القرآن
وكل علماء الرافضة نقلوا اقواله في كتبهم ولم يكذبوه فيها ولم يقولوا مدسوسة


إذا كان جعفر الشيعه يقول ذلك فهذا يعني أن له وجود حقيقي ..

وإلا كيف تقول أنه قال ذلك ؟؟

هل العدم يقول شيء ؟؟

اقتباس:
فرح نفسك وارفع معنوياتك بنفسك
اي انتصار
شوف نقطة واحد اذا اثبتها اعترف انك منتصر
اثبت من كلام علمائك أن قرآن معصومك (كنتم خير ائمة ) مدسوس
عرض سخي تشطر


ههههههههههههههههههههههه

والله أنك أنت اللي كل ما تكلمك بكمله قلت حشرتك حشرتك

وهذا بسبب أمراضك العقلي يا حشره ..


ب
اقتباس:
ل أنكروا وكابروا حتى ولله الحمد جعلهم أهل السنة يذعنون وهم صاغرون
بعدين يا جاهل الاسلام حرم التبني الجاهلي
والا لما تجرأ احد من المسلمين على اختلاف فرقهم
وقال ام كلثوم بنت محمد صلى الله عليه وسلم
ولا رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم

المعمم حسين المصطفى يرد على المععم جعفر العاملي ويلجمه / بل بنات النبي لا ربائبه
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=173375

ويكفينا لسحق دجلكم ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ ﴾


لماذا تهرب ؟؟


أنت قلت قبل قليل

اقتباس:
كما انكر جماعتك وجود بنات النبي صلى الله عليه وسلم وكما انكروا وجود بنت سمها ام كثوم تزوجها الفاروق مبيد المجوس



وحين بينت جهلك أنهم يعتقدون بوجودهن ولكن يقولون أنهن ربائبه حولت الموضوع إلى هل هم ربائبه أم لا ؟؟

طيب يا جويهل أنا أؤمن أنهن بناته ولا أوافق الشيعه فلماذا ترد علي بإنهن بنات النبي ؟ ولكنك تريد تشتيت الموضوع

أعيد

أنت قلت أن الشيعه يعتقدون بعدم وجودهن وحين اثبت لك كذبك هربت ؟؟

فما ردك ؟؟

اقتباس:
حسناً موافق سوف أثبت لك ومن كتبك لا من كتبي حسب طلبك
أن (معصومك) تزوج من سبي ابو بكر وانجب محمد بن الحنفية
وتزوج من سبي عمر وانجب عمر بن علي
لكن أياك أن تقل مدسوسة ههه





ماذا أفعل لشخص أقول له أعطني أدله تاريخيه يقول بأعطيك ادله من كتب الشيعه ؟؟

ههههههههههههههه حمار ما تفهم ؟

أعطني أدله تاريخيه لإني لا أؤمن بحجية أقوال كتب الشيعه ..






 
قديم 06-12-14, 07:54 AM   رقم المشاركة : 65
ابن الخطاب
عضو ماسي







ابن الخطاب غير متصل

ابن الخطاب is on a distinguished road


اقتباس:
اولاً يا كذاب يا مدلس عندما راجعتها وجدت أنها قراءه ..
كذلك يدس الشيعه روايات تقول بتحريف القرآن على الأمام جعفر >> مع أنها قراءة

كذاب الرافضة يعترفون بهذه الرواية لم يقولوا أنها مدسوسة
ولازال الرافضي يفر من دعواه أن رواية قرآن (المعصوم)
(( كنتم خير ائمة)) مدسوسة بدون دليل واحد يستند اليه
على الرغم من اقرار جميع علمائه بقول المعصوم لها
وبدوري أرفع له التحدي للمره الثامنة أن يثبت
لكن لاحياة لمن تنادي تعبت من التحدي
هات عالم رافضي قال أن هذه الآية مدسوسة
التطور الجديد هو قولك أنها قراءة وهذا كذب وتقية
فالرافضة لايعترفون بالقراءات بل هي تحريفات
لدرجة أن علمائك افتوا بحرمة القراءة بها حتى يقوم مسردبكم لع
فإذا كانت قراءة لماذا كتموها وقال معصومك كف عن هذه القراءة كمافي الكافي ج2
قرأ رجل على أبي عبدالله (عليه السلام) وأنا أستمع حروفا من
القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبوعبدالله (عليه السلام):
كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم
فإذا قام القائم (عليه السلام) قرأ كتاب الله عزو جل على
حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام)
وقال: أخرجه علي (عليه السلام) إلى الناس حين
فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عزوجل كما أنزله
[الله] على محمد (صلى الله عليه وآله) وقد جمعته
من اللوحين فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه
القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن
اخبركم حين جمعته لتقرؤوه.
وقال السيد نعمة الله الجزائري في منبع الحياة :
ان قوله عليه‌السلام : القرآن واحد ينفي تكثر القراءات.
قوال الزمخشري في المحكي عنه : ان القراءات الصحيحة التي قرأ بها رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله انما هي في صفتها وانما هي صفة واحدة.
نقلاً عن الميرزا محسن ال عصفور في كتابه اتحاف الفقهاء






اقتباس:
وإليكما طلبته يا عزيزي المدلس

سئل الشيخ المفيد رحمه الله في المسائل السروية : ما قوله أدام الله تعالى حراسته في القرآن ؟ أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس أم هل ضاع مما أنزل الله تعالى على نبيه منه شئ أم لا ؟ وهل هو ما جمعه أميرالمؤمنين عليه السلام أم م جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون ) .
الجواب : إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شئ من كلام البشر ، وهو جمهور المنزل ، والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا ، عند المستحفظ للشريعة ، المستودع للاحكام ، لم يضع منه شئ



لم اطالبك بشئ من هذا القبيل لكنه نص محرج لك ولو
اني متأكد أنكم لاتأمنون الا بقرآن المسردب عج لع
واشك أنك لم تقرأ مافيه
، وهو جمهور المنزل ، والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا ،
عند المستحفظ للشريعة ، المستودع للاحكام
مامعني هذا الكلام ومن يقصد المفيد بالمستحفظ للشريعة المستودع للاحكام؟
ارايت اوقعت نفسك في مطب جديد بنقلك لكلام المفيد


اقتباس:

. هل تؤمن بإن التوراة والأنجيل محرفه ؟؟
قل لي اسماء من حرفوها ؟؟
حسب فهمك فكوني لا أعلم من هو الذي حرفها هذا يعني أنها غير محرفه



دعوى أن الكتب السماوية السابقة قد حرفت لانختلف عليه وليس هو مدار حديثنا
نحن هنا نتحدث عن نقطة معينة وهو (آية كنتم خير ائمة) انت اتيت بشئ لم يأتي به
علمائك وقلت مدسوسة وكفرت معصومك الذي نهى القارئ عن التلاوة الصحيحة وعلمه هذه التلاوة
المحرفة وعلى الرغم أنه توجد روايات عند الرافضة واحاديث آثار عند السنة والجماعة
موضوعه فضح من وضعها بالإسم وعرف حاله واشتهر بالكذب الا انك تقول مدسوسة
بدون أن تفصح بالذي دسها





اقتباس:
يلعن خيرك صارلي صفحات أقولك انه قال ( سمع )


لايتسغرب اللعن من دين يعتبر اعظم ادعيته دعاء صنمي قريش
ويلعن فيه ابو بكر الصديق وعمر الفاروق وأمهات المؤمنين فمن أنا بالنسبة لهم




في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج 8 - ص 30 قال:
وقد اعتمد الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه آنفا . وقد اعتمد الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه آنفا. ولابد من الإشارة إلى غرض وغاية هذا الكتاب من خلال ما كتبه تلميذ المؤلف العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في الجزء الأول من كتاب (مستدرك الوسائل)، حيث يذكر أنه سمع من أستاذه مرارا إن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية، إنما ألفته للبحث والمناقشة،



امامك رابط وسائل الشيعة اخرج لي هذه العبارة التي زعم
مكارم الشيرازي ان اغابزرك سمعها
((إن ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية،
إنما ألفته للبحث والمناقشة، وأشرت فيه إلى عقيدتي في
عدم تحريف القرآن دون أن أصرح،)) لك مهلة مليار سنه تعرف لماذا
لان مكارم الشيرازي الكذاب مثلك لفقها لاغابزرك
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1089.html
شاهد الرابط وضعته لك اكثر من مره لكنك تهرب كما هرب المسردب
من صبي الكشافة العباسي





اقتباس:

تقولي النسخ تأخر جداً !!
هههههههههه هل الله يريد أن يشككنا في الدين ؟؟ >> حاشا لله ..
وسألتك هل هناك نسخ بعد موت رسول الله ؟؟



ماذا نفعل مع عقلك العفيري الممتلئ ببول وغائط المعصومين
يعني هناك من الصحابة لم يصلهم حكم النسخ لقربة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
واستمروا على القراءة المنسوخة حتى وصلهم الناسخ



اقتباس:
هذا حكم يا ياحيوان وأنتم تدعون أنها نزل في القرآن أي كانت ستتلى ليقام الساعه لولا النسخ

افصح عن اخلاقك النتة ياعفيري خلاص طلعت ريحتك السردابية النجسة وفضحك النوري الطبرسي
لذاك قمت تشتم وتسب
وماذا فيها الذي ينسخ هو صاحب الكلام رب العباد تبارك وتعالى
وهناك ياجاهل آيات نسخ حكمها تتلى الى قيام الساعة لماذا مخك العفيري قبل هذه ولم يقبل تلك
وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا
فهل ترى أن تحبس الزانية في بيتها حتى تموت؟ واشباه هذه الآية كثير

سؤال مهم لك حتى تنكر النسخ وتزعم أنه عين التحريف كما يقول شيخك اخوئي
؟





اقتباس:
إذا كان جعفر الشيعه يقول ذلك فهذا يعني أن له وجود حقيقي

[COLOR="Blue"][SIZE="5"]





اقتباس:
إذا كان جعفر الشيعه يقول ذلك فهذا يعني أن له وجود حقيقي ..

تتذاكى ياعفيري هذا كلامك وليس كلامي واستنتج بعيدا عني
ولا زلت اطالبك بالعبارة التي وضعتها بين قوسين يالواثق
قلت " نعم له وجود حقيقي
ولاتراوغ ياكذاب اين قلت وجود حقيقي
اخرج قولي يا كذاب أني قلت " نعم له وجود حقيقي"
ولشدة تأكدك منها قمت بوضعها بين قوسين فقم بإخراجها
الا تستحي تكذب هذا الكذب المفضوح









اقتباس:
انت قلت أن الشيعه يعتقدون بعدم وجودهن وحين اثبت لك كذبك هربت





كاذب لم اهرب وانا عندي قولي ان معممي الرذيلة في قم أنكروا أبوة
النبي صلى الله عليه وسلم لبناته عدا فاطمة وانكروا وجودهن وزعموا أن في بيتات ثلاث بنات لسن من صلبه
كما انكروا وجود بنت لعلي والزهراء تسمى ام كلثوم زوجة الفاروق مبيد المجوس









ياغبي تقول

اقتباس:
انت كاذب وتستدل علي بكتبك !!!أعطني مصدرك التاريخي وليس من كتبك أنت ..بالنسبه للسبي فأنا أنكره اصلاً


كتب اهل السنة بجميع تخصصاتها تعتبر كتباُ لي فطلبك غبي مثلك
ولأنك قلت لاتريدها من كتبي سئلتك هل تريدها من كتب جماعتك رافضة قم قمت تستهبل


اقتباس:
عطني أدله تاريخيه لإني لا أؤمن بحجية أقوال كتب الشيعه ..

لماذا تخجل من كتب دينك ياعفيري هل كتب أهل السنة الذين كفرت بسنتهم مهمة عندك؟؟
لابأس خذ كم صفعة على رأسك يا من أنكرت أخذ (المعصوم) نصيبه من السبي





البداية والنهاية لابن كثير الجزء السابع [ 367 ]

فأول زوجة تزوجها علي رضي الله عنه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بها بعد وقعة بدر فولدت له الحسن وحسينا ويقال ومحسنا ومات وهو صغير، وولدت له زينب الكبرى وأم كلثوم وهذه تزوج بها عمر بن الخطاب كما تقدم. ولم يتزوج علي على فاطمة حتى توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، فلما ماتت تزوج بعدها بزوجات كثيرة، منهن من توفيت في حياته ومنهن من طلقها، وتوفي عن أربع كما سيأتي، فمن زوجاته أم البنين بنت حرام وهو المحل بن خالد (2) بن ربيعة بن كعب بن عامر بن كلاب فولدت له العباس وجعفرا وعبد الله وعثمان. وقد قتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكربلاء ولا عقب لهم سوى العباس. ومنهن ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك من بني تميم فولدت له عبيد الله وأبا بكر، قال هشام بن الكلبي: وقد قتلا بكربلاء أيضا. وزعم الواقدي أن عبيد الله قتله المختار بن أبي عبيد يوم الدار (3). ومنهن أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له يحيى ومحمدا الاصغر قاله الكلبي. وقال الواقدي: ولدت له يحيى وعونا قال الواقدي: فأما محمد الاصغر فمن أم ولد. ومنهن أم حبيبة بنت زمعة (4) بن بحر بن العبد بن علقمة وهي أم ولد من السبي الذين سباهم خالد من بني تغلب حين أغار على عين التمر فولدت له عمر - وقد عمر خمسا وثلاثين (5) سنة - ورقية. ومنهن أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفي فولدت له أم الحسن ورملة الكبرى. ومنهن ابنة امرئ القيس (6) بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن كلب الكلبية فولدت له جارية فكانت تخرج مع علي إلى المسجد وهي صغيرة فيقال لها: من أخوالك ؟ فتقول: وه وه تعني بني كلب: ومنهن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحملها وهو في الصلاة إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، فولدت له محمدا الاوسط، وأما ابنه محمد الاكبر فهو ابن الحنفية وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل سباها خالد أيام الصديق أيام الردة من بني حنيفة فصارت لعلي بن أبي طالب فولدت له محمدا هذا، ومن الشيعة من يدعي فيه الامامة والعصمة،



البدء والتاريخ للمقدسي (1/281)
فمنهم محمد بن علي أمه خولة بنت جعفر بن قيس و يقال أمه سوداء من سبى اليمامة و لذلك يقال له محمد بن الحنفية لأن خالد بن الوليد كان سباها من بني حنيفة في الردة و منهم عمر


الوافي بالوفيات الصفدي (1/484
ابن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أبو القاسم ابن الحنفية واسمها خولة بنت جعفر من سبي اليمامة

تاريخ الإسلام للإمام الذهبي (6/181)
حمد بن علي بن أبي طالب أبو القاسم الهاشمي، ابن الحنفية، واسمها خولة بنت جعفر من سبي اليمامة، وهي من بني حنيفة. ولد في صدر خلافة عمر، ورأى عمر.


تاريخ دمشق لابن عساكر » حرف العين فِي آبائهم » عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ
قَالَ : عُمَر الأكبر بْن علي ، ورقية بنت علي ، وأمهما الصهباء ، وهي أم حبيب بنت ربيعة بْن بجير بْن العبد بْن علقمة بْن الحارث بْن عتبة بْن سعد بْن زهير بْن جشم بْن بَكْر بْن حبيب بْن عَمْرو بْن غنم بْن تغلب بْن وائل ، وكانت سبية أصابها خَالِد بْن الْوَلِيد حيث أغار على بني تغلب بناحية عين التمر .
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 164
روى عن أبيه. روى عنه ابنه محمد، ووفد على الوليد ليوليه صدقة أبيه. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن سلام، حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال: سألت أبي، فحدثني عن أبيه، قال: عمر بن علي: ولدت لأبي بعدما استخلف عمر، فقال له: يا أمير المؤمنين ولد لي الليلة غلامٌ، فقال: هبه لي. قال: هو لك. قال: قد سميته عمر ونحلته غلامي مورقاً. قال ابن الزبير: فلقيت عيسى فحدثني بذلك. قال مصعب بن عبد الله عمر، ورقية ابنا علي توءم أمهما الصهباء التغلبية من سبي خالد بن الوليد

تاريخ الرسل والملوك للطبريالطبري (3/152)
: ا قال الواقدي في ذلك؛ وقال: قتل محمد الأصغر مع الحسين.
وله من الصهباء - وهي أم حبيب بنت ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة ابن الحارث بن عتبة بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن مرو ابن غنم بن تغلب بن وائل، وهي أم ولد من السبي الذين أصابهم خالد ابن الوليد حين أغار على عين التمر على بني تغلب به


اقتباس:

أما قولك أن الأمام علي شارك في الفتوحات وسبى النساء ؟؟

هذا كذب على الأمام علي فاصلاً السبي ليس من الأسلام في شيء

بعد هذه المصادر ألطم وطبر فأربعينية الهوسين قربت






التوقيع :
عن عباس بن يزيد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون ان الشرك اخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء.. فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل..»


وسائل الشيعة 341/28
وبحار الانوار 96/69
والخصال 136/1.
من مواضيعي في المنتدى
»» فضيحة الرافضي عبد الحميد الجاف جامعة الملك محمّد بن سعود في المدينة المنورة
»» القبض على الخميني يحرف رواية الناس أولاد بغايا الى أولاد بغاة
»» ماهي حقيقة جند السماء الخفية ؟
»» كاريكاتير قوي و معبر عن إعتقاد الشعب الايراني في المهدي عج
»» خطأ علمي فاحش - السم جعل الحسن يتقيأ قطعه من كبده!
 
قديم 06-12-14, 04:39 PM   رقم المشاركة : 66
متبع الدليل
عضو فضي






متبع الدليل غير متصل

متبع الدليل is on a distinguished road


تم الرد على كل إشكاللاتك فلماذا تعيد ؟؟

1) القرآن الكريم ھو الكتاب الوحید للمسلم )
المؤمن طالما يكتفى بالله تعالى رباً فھو أيضاً يكتفى بكتاب اللهفى الھداية
والتشريع يقول تعالى {أولم يكفھم أنا أنزلنا علیك الكتاب يتلى علیھم؟}
.( (العنكبوت 51
ويلاحظ أن الآيات الكريمة التى تحضعلى الاكتفاء باللهرباً وعلى الاكتفاء
بالقرآن كتاباً جاءت كلھا بأسلوب الاستفھام الإنكارى.. أى الإنكار على من
يتخذون أولیاء وأرباباً مع اللهوالذين يتخذون كتباً أخرى مع كتاب الله.
وأوضح رب العزة أن فى الاكتفاء بالقرآن رحمة وذكرى للمؤمنین {أولم يكفھم
أنا أنزلنا علیك الكتاب يتلى علیھم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون}.
فمن رحمة اللهبنا أن فرضعلینا كتاباً واحداً میسراً للذكر ومصوناً عن
التحريف وجعله واضحاً مبیناً، له بداية وله نھاية، ولم يتركنا إلى كتب أخرى
كتبھا بشر مثلنا يجوز علیھم الخطأ والنسیان والھوى والعصیان، ثم ھم
مختلفون متناقضون، ولا أول لكتبھم ولا نھاية لھا..
- القرآن ھو الحق الذى لا ريب فیه، وما عداه ظن ولا ينبغى اتباع الظن..
.( يقول تعالى عن القرآن {ذلك الكتاب لا ريب فیه ھدى للمتقین} (البقرة 2
فالقرآن لا مجال فیه للريب أو الشك، وحقائق القرآن مطلقة، وما عداه من
كتب يعترف أصحابھا بأن الحق فیھا نسبى أى يحتمل الصدق والكذب.. وما
يحتمل الصدق والكذب يدخل فى دائرة الظن..
ودين الله الحق لا يقوم إلا على الحق الیقینى الذى لا ريب فیه حتى لا تكون
للبشر حجة على الله يوم القیامة. لذا ضمن الله حفظ كتابه من كل عبث أو
.( تحريف {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر 9
ويقول تعالى عن كتابه الحكیم {وإنه لكتاب عزيز. لا يأتیه الباطل من بین يديه
.(42 : ولا من خلفه تنزيل من حكیم حمید} (فصلت 41
أما أديان البشر الوضعیة فالمجال واسع فیھا للظن والريب..
لذا يأمرنا جل وعلا باتباع الحق الذى لا ريب فیه والإعراضعن المعتقدات
التى تقوم على الظن، يقول تعالى فى الاعتقاد القائم على الظن {وما يتبع
الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن ھم إلا يخرصون}؛
.( (يونس 66
ويقول تعالى فى التشريع القائم على الظن {سیقول الذين أشركوا لو شاء
الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء كذلك كذب الذين من قبلھم حتى
ذاقوا بأسنا قل ھل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ إن تتبعون إلى الظن وإن
.( أنتم إلا تخرصون} (الأنعام 148
ويقول تعالى يقارن بین اتباع الحق واتباع الظن {وما يتبع أكثرھم إلا ظناً إن
الظن لا يغنى من الحق شیئا} (يونس 36 ). ويتكرر نفسالمعنى فى سورة
النجم {إن يتبعون إلا الظن وما تھوى الأنفسولقد جاءھم من ربھم الھدى}.
{إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شیئا}؛.
.(...، وصدق الله العظیم {وإن الظن لا يغنى من الحق شیئا} (النجم 28 ،23
ولكن المشكلة أن الغالبیة العظمى من البشر ينبذون الحق ويتبعون الظن،
يقول تعالى يخاطب النبى الكريم {وإن تطع أكثر من فى الأرضيضلوك عن
.( سبیل اللهإن يتبعون إلا الظن وإن ھم إلا يخرصون} (الأنعام 116
ومشكلتنا نحن المسلمین أن علماء الحديث يؤكدون أن الأغلبیة العظمى من
الأحاديث المنسوبة للرسول (صلى اللهعلیه وسلم) ھى أحاديث آحاد
ويؤكدون أنھا تفید الظن ولا تفید الیقین..ومع ذلك يأمرنا بعضھم باتباع الظن
مع أن الظن لا يغنى من الحق شیئا.. ھدانا اللهإلى الطريق المستقیم..
ويلفت النظر أن الله تعالى وصف ذاته العلیة بأنه الحق، ووصف إنزال القرآن
بأنه أنزله بالحق، ووصف القرآن نفسه بأنه الحق..
عن وصف الله تعالى بالحق يقول الحق تعالى {فذلك اللهربكم الحق فماذا
بعد الحق إلا الضلال؟} (يونس 32 ).{ذلك بأن الله ھو الحق وإن ما يدعون من
.( دونه الباطل} (لقمان 30
وعن إنزال القرآن بالحق يقول تعالى {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} (الإسراء
.(105
وعن وصف القرآن بأنه الحق يقول تعالى {والذى أوحینا إلیك من الكتاب ھو
.( الحق} (فاطر 31 ). {إن ھذا لھو القصصالحق} (آل عمران 62
بل إن الله تعالى يصف الحق القرآنى بأنه الحق الیقینى المطلق، يقول
تعالى {إن ھذا لھو حق الیقین} (الواقعة 95 ).{وإنه لحق الیقین} (الحاقة
.(51
وجاءت الصیغة بالتأكید..
فإذا كان اللهقد أكرمنا بالحق الیقینى فكیف نأخذ معه أقاويل ظنیة.. مع أنه لا
مجال فى الدين الحق للظن؟؟
- القرآن ھو الحديث الوحید الذى ينبغى الإيمان به
وصف الله تعالى القرآن بأنه حديث وتحدى المشركین أن يأتوا بحديث مثله
فقال تعالى {أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون. فلیأتوا بحديث مثله إن كانوا
.(34 : صادقین} (الطور 33
ووصف القرآن بأنه أحسن الحديث {اللهنزل أحسن الحديث كتاباً مثانى
تقشعر منه جلود الذين يخشون ربھم ثم تلین جلودھم وقلوبھم إلى ذكر الله
.( ذلك ھدى اللهيھدى به من يشاء} (الزمر 23
فإذا أكرمنا اللهتعالى بأحسن الحديث فكیف نتركه إلى غیره؟..
وأوضح رب العزة أن الصدق كله فى حديث اللهتعالى فى القرآن {ومن
.( أصدق من الله حديثا} (النساء 87
وتوعد اللهتعالى من يكذب بحديثه فى القرآن {فذرنى ومن يكذب بھذا
.( الحديث سنستدرجھم من حیث لا يعلمون} (القلم 44
وأكد رب العزة أن الإيمان لا يكون إلا بحديثه تعالى فى القرآن الكريم فقال
.( فى آخر سورة المرسلات {فبأى حديث بعده يؤمنون؟} (المرسلات 50
وتكرر نفسالمعنى فى قوله تعالى {أولم ينظروا فى ملكوت السماوات
والأرضوما خلق الله من شىء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلھم فبأى
( حديث بعده يؤمنون}.(الأعراف 185
وھى دعوة لنا لنتفكر قبل أن يأتى الأجل المحتوم..
بل إن الله تعالى يجعل من الإيمان بحديث القرآن وحده مقترناً بالإيمان به
تعالى وحده، فكما لا إيمان إلا بحديث القرآن وحده فكذلك لا إيمان إلا بالله
وحده إلھاً. وكما أن المؤمن يكتفى باللهوحده إلھاً فھو أيضاً يكتفى بحديث
القرآن وحده حديثاً.. وجاءت تلك المعانى فى قوله تعالى {تلك آيات الله
نتلوھا علیك بالحق فبأى حديث بعد اللهوآياته يؤمنون. ويل لكل أفاك أثیم.
يسمع آيات اللهتتلى علیه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعھا كأن فى أذنیه
.(8 : وقرا فبشره بعذاب ألیم} (الجاثیة 6
وذلك الذى يعرضعن آيات الله شأنه أنه يتمسك بأحاديث أخرى غیر القرآن
سماھا القرآن {لھو الحديث} يقول تعالى {ومن الناسمن يشترى لھو
الحديث لیضل عن سبیل الله بغیر علم ويتخذھا ھزوا أولئك لھم عذاب مھین.
وإذا تتلى علیه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعھا كأن فى أذنیه وقرا
.(7 : فبشره بعذاب ألیم} (لقمان 6
وحین يقول رب العزة {ومن الناس} فإنه تعالى يقرر حقیقة تنطبق على كل
مجتمع بشرى فیه ناسفى أى زمان ومكان..
- الوحى المكتوب الذى نزل على الرسول ھو سور وآيات فى القرآن فقط
تحدى الله تعالى المشركین أن يأتوا بسورة مثل القرآن {وإن كنتم فى ريب
.( مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} (البقرة 23
{أم يقولون افتراه؟ قل فأتوا بعشر سور مثله} (يونس 38 ). والشاھد ھنا أن
الذى نزله اللهتعالى على رسوله الكريم ھو سور، ولیست ھناك سور إلا فى
القرآن. إذن فالقرآن ھو الوحى الوحید المكتوب الذى نزل على الرسول
(صلى اللهعلیه وسلم).
- البشر مطالبون يوم القیامة بما نزل على الرسل من آيات الوحى.. فالوحى
آيات
يوم القیامة سیقول تعالى {يا معشر الجن والإنسألم يأتكم رسل منكم
يقصون علیكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم ھذا؟} (الأنعام 130 ) فالرسل
كانوا يقصون آيات اللهالتى أنزلھا علیھم..
ويقول تعالى فى أصحاب النار {وسیق الذين كفروا إلى جھنم زمرا حتى إذا
جاءوھا فتحت أبوابھا وقال لھم خزنتھا ألم يأتكم رسل منكم يتلون علیكم آيات
ربكم..} (الزمر 71 ). أى كان الرسل يتلون آيات الله. ومن أعرضعنھا دخل
النار وحشره ربه أعمى.. {قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصیرا؟ قال
كذلك أتتك آياتنا فنسیتھا وكذلك الیوم تنسى. وكذلك نجزى من أسرف ولم
.(..127 : يؤمن بآيات ربه..} (طه 125
إذن نحن مطالبون بالإيمان بالآيات التى نزلت على النبى، ولیست ھناك آيات
من الوحى خارج القرآن الكريم.. إذن ھو القرآن الكريم وكفى...
- لا مثیل للقرآن كما أنه لا مثیل للهتعالى
يقول تعالى عن ذاته العلیة {لیسكمثله شىء وھو السمیع البصیر}
(الشورى 11 ). ويقول تعالى عن كتابه الحكیم {قل لئن اجتمعت الإنس
والجن على أن يأتوا بمثل ھذا القرآن لا يأتون بمثله} (الإسراء 88 ).. إذن لا
مثیل للقرآن كما أنه لا مثیل لله..
وكما أن الله تعالى أحد فى ذاته وصفاته ولا يشبھه أحد من المخلوقات{قل
( ھو اللهأحد. اللهالصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد}(الإخلاص 1:4
فإنه لیسفى استطاعة المخلوقات أن تأتى بسورة واحدة مثل السورة
القرآنیة {فأتوا بسورة من مثله} (البقرة 23 ). {فأتوا بسورة مثله} (يونس
.(38
لیسھناك مثیل للقرآن، ولیسھناك مثیل لأى سورة من سور القرآن.. ومع
ذلك يقولون أن الله أوحى للنبى القرآن {ومثله معه} فإين ذلك المثیل إذا
كان اللهتعالى قد نفى وجوده؟
2) القرآن الكريم ما فرط فى شىء )
- بیان القرآن فى داخل القرآن، القرآن كتاب مبین فى ذاته
يقول تعالى {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البینات والھدى من بعد ما بیناه
للناسفى الكتاب أولئك يلعنھم اللهويلعنھم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا
.( وبینوا فأولئك أتوب علیھم وأنا التواب الرحیم} (البقرة 159
كتاب الله ھو الكتاب المبین بذاته، وآياته موصوفة بالبینات أى التى لا تحتاج
فى تبیینھا إلا لمجرد القراءة والتلاوة والتفكر والتدبر فیھا. والذى جعل الكتاب
مبیناً وجعل آياته بینات ھو رب العزة القائل {بعد ما بیناه للناسفى الكتاب}
.( والقائل عن كتابه {ولقد يسرنا القرآن للذكر فھل من مدكر} (القمر 22
.( {فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقین وتنذر به قوماً لدا} (مريم 97
.( {فإنما يسرناه بلسانك لعلھم يتذكرون} (الدخان 58
وكل المطلوب منا أن نتلوا القرآن وإذا تلوناه نطقت آياته البینات بنفسھا
والتى لا تحتاج منا إلا لمجرد النطق وعدم الكتمان. لذا فإن اللهتعالى يجعل
الكتمان- كتمان الآيات- ھو عكسالتبیین لذا فإن اللهتعالى يھدد من يكتم
آيات الله البینات التى بینھا فى كتابه {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البینات
والھدى من بعد ما بیناه للناسفى الكتاب أولئك يلعنھم الله..}
ويقول تعالى عن أھل الكتاب {وإذ أخذ الله میثاق الذين أوتوا الكتاب لتبیننه
للناسولا تكتمونه} (آل عمران 187 ). فشرح تعالى تبیین البشر للكتاب بأنه
عدم كتمانه، أى تلاوته وقراءته، ومتى تلونا الكتاب المبین نطقت آياته البینات
لمن يريد تدبرھا .
والآيات التى تتحدث عن بیان القرآن ووصفه بالكتاب المبین والبینات أكثر من
أن تستقصى ومع ذلك فإن منا من يعتقد أن كتاب الله غامضمبھم يحتاج
إلى من يفسره.. ھذا مع أن الله تعالى يقول عن كتابه {ولا يأتونك بمثل إلا
جئناك بالحق وأحسن تفسیرا} (الفرقان 33 ). فأحسن تفسیر للقرآن ھو فى
داخل القرآن.
وابن كثیر يعترف فى بداية تفسیره أن أحسن التفسیر أن يفسر القرآن
بالقرآن..
- القرآن ما فرط فى شىء ونزل تبیاناً لكل شىء وجاء مفصلاً لكل شىء
.( يقول تعالى {ما فرطنا فى الكتاب من شىء} (الأنعام 38
.( ويقول تعالى {ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء} (النحل 89
ويقول تعالى {ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذى بین يديه وتفصیل كل
( شىء}.(يوسف 111
والمؤمن بالقرآن لا يبادر باتھام كتاب الله بأنه فرط وجاء غامضاً يحتاج لما يبینه
وجاء مجملاً يحتاج لمن يفصله..
والمؤمن بالقرآن يؤمن بأن اللهتعالى صادق فیما يخبر به من أن القرآن ما
فرط فى شىء وأنه نزل تبیاناً لكل شىء وتفصیلاً لكل شىء.
وحتى لا تتلاعب به أھواء السوء لتقول له وأين كذا وكذا فى القرآن علیه أن
يتفھم منطق القرآن قبل أن يبادر بالاتھام..
يقول تعالى {ما فرطنا فى الكتاب من شىء} والتفريط ھو إغفال الشىء
الضرورى الھام وتركه، ونحن مثلاً لا نواجه مشكلة فى عدد ركعات الصلاة ولا
فى كیفیتھا. واللهتعالى وھو الأعلم بالماضى والحاضر والمستقبل- لو
عرفنا أننا سنواجه مشاكل فى موضوع الصلاة لأوضح لنا عددھا وكیفیتھا
ومواقیتھا بالتحديد.. ولكنه تعالى أنزل القرآن يوضح ما نحتاج إلیه فعلاً فى
الحاضر وفى المستقبل وأنزل القرآن بالحق والمیزان {اللهالذى أنزل الكتاب
بالحق والمیزان} (الشورى 17 ). فلا مجال فیه لزيادة أو تزيّد لسنا فى حاجة
إلیه، ولو نزل القرآن يحكى لنا تفصیل الصلاة ونحن نعرفھا ونمارسھا منذ
الصغر لكان فى ذلك شىء من الھزل، ولا مجال للھزل فى كتاب الله
{والسماء ذات الرجع. والأرضذات الصدع. إنه لقول فصل. وما ھو بالھزل}
.(14 : (الطارق 11
لذا فالقرآن ما فرط فى شىء نحتاج إلیه.
ويقول تعالى {ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء} والتبیان ھو التوضیح لما
يستلزم البیان والتوضیح . والشىء الواضح بذاته لا يحتاج لما يبینه ويوضحه
وإلا كان فضولاً فى الكلام وثرثرة لا حاجة إلیھا..
والله سبحانه وتعالى أنزل كتابه محكماً لا مجال فیه للغو والتزيد لذا كان
البیان فیه لما يتطلب البیان، وكل شىء يستلزم البیان والتوضیح جاء فى
القرآن بیانه وتوضیحه. وما لیسمحتاجاً لبیان فلا مجال فیه للتفصیل والبیان
فى كتاب فُصّلت آياته ثم أحكمت من لدن حكیم خبیر.
لذا يرتبط "البیان فى القرآن" بالھدى والرحمة والبشرى للمسلمین {ونزلنا
علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء وھدى ورحمة وبشرى للمسلمین} فبیان
القرآن {ھدى} للباحث عن الھدى وسط ركامات من الغموضوالحیرة، وبیان
القرآن {رحمة} به حین يبین له ما خفى ويصل به إلى شاطئ الأمان
والرحمة الإلھیة وھناك {البشرى} بعد الھدى والرحمة..
وأيضاً ترتبط (تفصیلات القرآن) بالھدى والرحمة، يقول تعالى {ولقد جئناھم
.( بكتاب فصلناه على علم ھدى ورحمة لقوم يؤمنون} (الأعراف 52
فالتفصیلات القرآنیة التى شملت كل شىء جاءت ھدى وحمة لأولئك الذين
يحتاجون إلى ھذه التفصیلات. وإذا كانت الأمور واضحة لا تحتاج إلى تفصیل
وإيضاح فمن العبث توضیح ما ھو واضح، وتعالى اللهعن العبث.
والبشر قد تتحول التفصیلات فى كلامھم إلى لغو وثرثرة فیما لا حاجة إلیه ولا
طائل من ورائه، وھذا ما تنزھت عنه تفصیلات الكتاب العزيز التى جاءت فیما
يحتاج إلى تفصیل، لذا ارتبطت تفصیلات القرآن الكريم بالعلم المحكم وفى
ذلك يقول تعالى {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكیم خبیر} (ھود
.(1
ويقول تعالى عن العلم الإلھى الذى يحكم التفصیلات القرآنیة لتكون ھدى
ورحمة للمؤمنین {ولقد جئناھم بكتاب فصلناه على علم ھدى ورحمة لقوم
يؤمنون}.
ولذا فإن العلماء المحققین المؤمنین بتمام القرآن والمكتفین به ھم فقط
الذين يفھمون تفصیلات القرآن. وفى ذلك يقول تعالى {كذلك نفصل الآيات
لقوم يعلمون} (الأعراف 32 ).. {كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون} (يونس
24 ).. {كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} (الروم 28 ). ويقول تعالى {كتاب
.( فصلت آياته قرآناً عربیاً لقوم يعلمون} (فصلت 3
والذين لا يعلمون ھم الذين يسعون فى آيات الله معاجزين مكذبین ببیان
القرآن وتفصیله لكل شىء،يقولون : أين عدد الركعات فى القرآن ؟ أين كیفیة
الصلاة ؟ كیف نحج ؟ وبعضھم يتساءل ساخرا : أين أيام الأسبوع فى القرآن ..
والله تعالى يقول {والذين سعو فى آياتنا معاجزين أولئك لھم عذاب من رجز
ألیم} (سبأ 5) قال عن {الذين سعو} فى الماضى. فأين الحاضر؟. يقول
تعالى {والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون} (سبأ
.(38
واللهتعالى نسأل ألا نكون من الذين يسعون فى آيات اللهمعاجزين.
- القرآن ھو الذكر الذى نزل على النبى (صلى اللهعلیه وسلم)
يقول تعالى {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إلیھم فاسألوا أھل الذكر إن
كنتم لا تعلمون. بالبینات والزبر وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل إلیھم
.(44 : ولعلھم يتفكرون} (النحل 43
يسىء الناسفھم قوله تعالى {وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل
إلیھم..} والسبب أنھم يقطعون ھذا الجزء من الآية عما قبله ويتخذونه دلیلاً
على وجود مصدر آخر مع القرآن، وعندھم أن ھناك ذكراً نزل للنبى يبین به
القرآن الذى نزل للناس. وحتى نفھم الآية الفھم الصحیح علینا أن نتدبر
السیاق القرآنى، فالله يقول عن الأنبیاء السابقین {وما أرسلنا من قبلك إلا
رجالاً نوحى إلیھم فاسألوا أھل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبینات والزبر} أى
أن الله تعالى أرسل الأنبیاء السابقین لأھل الكتاب وأنزل معھم البینات والزبر-
أى الكتب- ثم يوجه الخطاب للنبى فیقول {وأنزلنا إلیك الذكر} أى القرآن
{لتبین للناسما نزل إلیھم} أى لتوضح لأھل الكتاب ما سبق إنزاله إلیھم من
البینات والزبر لعلھم يتفكرون.
إن كلمة (الناس) فى قوله تعالى {لتبین للناسما نزل إلیھم} لا تدل ھنا
على عموم البشر وإنما تفید حسب السیاق أھل الكتاب الذين نزلت فیھم
الكتب السماوية السابقة فاختلفوا فیھا وحرفوا فیھا بعضما جاء بھا.
واستعمال كلمة (الناس) لتدل على طائفة معینة أشار إلیھا السیاق ورد
فى القرآن كثیراً كقوله تعالى {الذين قال لھم الناسإن الناسقد جمعوا لكم
فاخشوھم فزادھم إيمانا} (آل عمران 173 ).. وكقوله تعالى {يوسف أيھا
الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلھن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر
وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناسلعلھم يعلمون} (يوسف 46 ). فكلمة
الناسھنا لا تعنى عموم البشر وإنما تعنى طائفة معینة ورد ذكرھا فى
السیاق القرآنى الذى يتحدث عن الموضوع.
وبالنسبة لقوله تعالى {وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل إلیھم} فإن
المقصود بكلمة الناسھو أھل الكتاب طالما تتحدث الآية عن الأنبیاء
السابقین وما أنزل الله علیھم من البینات والزبر وأھل الذكر الذين لديھم علم
بالكتب السماوية السابقة.
وتقول الآية عن سبب من أسباب نزول القرآن {وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناس
ما نزل إلیھم} فوظیفة القرآن لأھل الكتاب ھى تبیین الحق فى الكتب
السماوية السابقة بعدما لحقھا من تحريف وتغییر وإخفاء وكتمان، وفى ذلك
يقول تعالى {يا أھل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبین لكم كثیراً مما كنتم تخفون
.( من الكتاب ويعفو عن كثیر قد جاءكم من الله نور وكتاب مبین} (المائدة 15
ويقول تعالى عن دور القرآن فى توضیح الحق لبنى إسرائیل {إن ھذا القرآن
يقصعلى بنى إسرائیل أكثر الذى ھم فیه يختلفون} (النمل 76 ). ويقول
أيضاً {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إلیھم فاسألوا أھل الذكر إن كنتم
لا تعلمون بالبینات والزبر وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل إلیھم ولعلم
.(44 : يتفكرون} (النحل 43
والآية السابقة فى سورة النحل فسرتھا آية لاحقة فى نفسالسورة. يقول
تعالى {تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لھم الشیطان أعمالھم فھو
ولیھم الیوم ولھم عذاب ألیم. وما أنزلنا علیك الكتاب إلا لتبین لھم الذى
64 ). وكل ذلك يؤكد أن القرآن ھو الذكر الذى نزل : اختلفوا فیه} (النحل 63
على النبى لیبین لأھل الكتاب ما نزل لھم من قبل واختلفوا فیه.. وذلك يعنى
أيضاً أن الذى نزل على النبى كتاب واحد وذكر واحد وقرآن واحد لا مثیل له ولا
شىء معه.
وقد جاء وصف القرآن بالذكر كثیراً، منھا {إن ھو إلا ذكر للعالمین} (يوسف
104 ) (ص 87 )، {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر 9). {وھذا ذكر
مبارك أنزلناه} (الأنبیاء 50 ). ويقول تعالى يؤكد أن ذكر الله فى القرآن وحده
{وإذا قرأت القرآن جعلنا بینك وبین الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا.
وجعلنا على قلوبھم أكنة أن يفقھوه وفى آذانھم وقرا وإذ ذكرت ربك فى
.(46 : القرآن وحده ولوا على أدبارھم نفورا} (الإسراء 45
فالمشركون كانوا ينفرون من النبى لأنه يذكر ربه من خلال ما ورد فى القرآن
الكريم فقط. فقال تعالى {وإذا ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا على أدبارھم
نفورا}. والشاھد ھو قوله تعالى {وحده} التى ترجع لله تعالى والقرآن معاً.
ومن الإعجاز البلاغى أن تأتى كلمة {وحده} لیعود الضمیر فیه على الله
وكتابه بضمیر المفرد وذلك يؤكد لنا أن المسلم ھو من يكتفى بالله {وحده}
وبالقرآن {وحده} أو من يكتفى بالله وكتابه {وحده}؛ . أما المشرك فیحلو له
دائماً أن تتعدد لديه المصادر والآلھة {وإذا ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا
على أدبارھم نفورا} وھذا ما توضحه الآية..
نسأل اللهتعالى لنا جمیعاً الھداية...!!
- القرآن كامل تام لا يحتاج لشىء آخر معه
يقول تعالى {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلا لا مبدل لكلماته وھو السمیع
العلیم} (الأنعام 115 ). إذن تمت كلمة الله لنا بالقرآن ولا مبدل لكلمة الله..
ويقول تعالى {الیوم أكملت لكم دينكم وأتممت علیكم نعمتى ورضیت لكم
الإسلام دينا} (المائدة 3). إذن تمت نعمة الله علینا بالإسلام الذى ارتضاه لنا
ديناً وذلك باكتمال وحى القرآن.
ويقول تعالى {ولو أنما فى الأرضمن شجرة أقلام والبحر يمده من بعده
.( سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله..} (لقمان 27
ويقول تعالى {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد
.( كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا..} (الكھف 109
لیسھناك حد أقصى لكلمات اللهالتى لا تنفد. والقرآن كتاب مثانى يتكرر فیه
المعنى مرة ومرات، وفیه تفصیل وتوضیح وتبیین على حكمة وعلم. وتأتى
أحیاناً كلمة {قل} تؤكد معنى سبق إيراده فى القرآن وذلك حتى تكون أقوال
الرسول من داخل القرآن ولیست من عنده أو من خارج القرآن.
ولو أراد اللهأن تكون كلماته لنا بلا نھاية لفعل وحینئذ لن تكفیھا الأشجار
أقلاماً ولا البحار مداداً. ولكن شاءت رحمة اللهبنا أن أنزل لنا كتاباً واحداً تاماً
كاملاً مفصلاً مبیناً وأمرنا بالاكتفاء به.
ولذلك كان الاكتفاء بالقرآن رحمة {أولم يكفھم أنا أنزلنا علیك الكتاب يتلى
علیھم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون} وكان الله تعالى شھیداً على
أن كتابه يكفى فیقول تعالى {قل كفى باللهبینى وبینكم شھیداً يعلم ما فى
السماوات والأرضوالذين آمنوا بالباطل وكفروا باللهأولئك ھم الخاسرون}
.(51 : (العنكبوت 50
- القرآن ھو صراط اللهالمستقیم وما عداه خروج عن الصراط المستقیم
فى الفاتحة ندعو اللهتعالى فنقول {اھدنا الصراط المستقیم} والصراط
المستقیم ھو القرآن الكريم، يقول تعالى عن كتابه الكريم {وھذا صراط ربك
.( مستقیما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون} (الأنعام 126
ويقول تعالى يأمر باتباع القرآن الصراط المستقیم دون غیره {وأن ھذا
صراطى مستقیماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبیله ذلكم
وصاكم به لعلكم تتقون} (الأنعام 153 ). فاللهتعالى أوصى باتباع القرآن
صراطه المستقیم ونھى عن اتباع غیره من السبل حتى لا يقع المسلمون
فى التفرق والابتعاد عن سبیل الله. وحدث ما حذر منه رب العزة فاختار
المسلمون أحاديث نسبوھا للنبى علیه السلام واختلفوا فى أسانیدھا، وقام
(علم الحديث) على تنقیح تلك الروايات وتلك الأسانید، وقوله تعالى {ولا
تتبعوا السبل} أى لا تتبعوا الطرق، فالسبیل ھو الطريق، ومن العجیب أن
علماء الحديث يقیمون تلك الأسانید وتلك الروايات على سلاسل و"طرق"
فیقولون أن الحديث من "السلسلة" الفلانیة، وأن تلك الرواية جاءت من
"طريق فلان" أى أنھم حین تنكبوا الصراط المستقیم ونبذوه وقعوا فى اتباع
السبل وتناسوا قول الله تعالى {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبیله}
وتلك السلاسل والطرق التى قام علیھا علم الحديث أوقعته فى تفرق
واختلاف لا ينتھى، وصدق ما نبأ به كلام اللهالعزيز.
والله تعالى حذرنا من التفرق وقال لرسولنا (صلى الله علیه وسلم) {إن
الذين فرقوا دينھم وكانوا شیعاً لست منھم فى شىء} (الأنعام 159 ). أى
أمره بالتبرؤ ممن فرقوا دينھم.
والنبى يوم القیامة سیعلن براءته من أولئك الذين تركوا كتاب اللهوھجروه
جرياً وراء مصادر أخرى ومعتقدات ما أنزل الله بھا من سلطان، يقول تعالى
{وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا ھذا القرآن مھجورا. وكذلك جعلنا لكل
.(31 : نبى عدواً من المجرمین وكفى بربك ھادياً ونصیرا} (الفرقان 30
والقرآن ھو الصراط المستقیم وحده..
ويستحیل ھندسیاً أن يكون ھناك أكثر من كتاب واحد يوصف بأنه الصراط
المستقیم. وعلم الھندسة يقول أن الخط المستقیم ھو أقصر ما يوصل بین
نقطتین ولا يمكن ان يتعدد اكثر من خط مستقیم واحد بین نقطتین.. إذن لابد
أن يكون خطاً واحداً ذلك الذى يوصف بأنه الخط أو الطريق المستقیم.وعلیه
فالصراط المستقیم او الخط المستقیم فى دين الله تعالى لا يتعدد. وطالما
ھو الكتاب الحكیم الكامل التام فلیسمعه كتاب آخر.
ومع أننا ندعو الله فى صلاتنا بأن يھدينا الصراط المستقیم فإننا فى العادة
نكون غافلین عن معنى الصراط المستقیم، وذلك بسبب إبلیسالذى حدد
مھمته فى إبعادنا عن الصراط المستقیم وتحويله إلى طرق وسبل شتى
.( {قال فبما أغويتنى لأقعدن لھم صراطك المستقیم} (الأعراف 16
اللھم اھدنا الصراط المستقیم...!!
- القرآن ھو الحكمة
يقول تعالى {ھو الذى بعث فى الأمیین رسولاً منھم يتلو علیھم آياته ويزكیھم
.( ويعلمھم الكتاب والحكمة} (الجمعة 2
والشائع بین الناسأن الكتاب شىء والحكمة شىء آخر وحجتھم أن العطف
بالواو يقتضى المغايرة إذن فالكتاب شىء آخر يغاير ويختلف عن الحكمة.
والواقع أن العطف بالواو فى القرآن قد يكون للتبیین والتوضیح والتفضیل
ولیسللمغايرة. ودلیلنا قوله تعالى {ولقد آتینا موسى وھارون الفرقان وضیاء
وذكراً للمتقین} (الأنبیاء 48 ). فالفرقان والضیاء والذكر كلھا أوصاف توضح
وتفصل وتبین معنى التوراة. وفى موضع آخر يقول تعالى عن التوراة فى
حديثه تعالى عن موسى وھارون {وآتیناھما الكتاب المستبین} (الصافات
117 ). فالتوراة أو الكتاب المستبین ھى نفسھا الفرقان والضیاء والذكر.
والعطف ھنا معناه التوضیح والتفصیل لمعنى الشىء الواحد ولیسالمغايرة.
والله تعالى يقول لعیسى {وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجیل}
.( (المائدة 110
ويقول تعالى عن عیسى {ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجیل} (آل
.( عمران 48
فالكتاب والحكمة أوصاف للتوراة والإنجیل، ولا يعنى ذلك أن اللهتعالى علّم
عیسى أربعة أشیاء منفصلة مختلفة، والدلیل ھو قوله تعالى عن عیسى
{ولما جاء عیسى بالبینات قال قد جئتكم بالحكمة} (الزخرف 63 ). فالحكمة
ھنا تعنى الإنجیل الذى جاء به عیسى. والآية ھنا تلخصما جاء فى الآيتین
السابقتین عن الكتاب والحكمة والتوراة والإنجیل. إذن فالحكمة ھى كتاب
الله.
وبالنسبة لخاتم النبیین فقد جاءت فى القرآن أوامر عديدة متتالیة فى سورة
الإسراء تبدأ بقوله تعالى {لا تجعل مع اللهإلھاً آخر..} إلى قوله تعالى {ولا
تمشفى الأرضمرحاً} وفى النھاية ھذه الأوامر القرآنیة يقول تعالى {ذلك
39 ). إذن فالحكمة ھى آيات : مما أوحى إلیك ربك من الحكمة..} (الإسراء 22
القرآن، والقرآن ھو الحكمة فھو كلام العزيز الحكیم الذى جعله كتاباً محكماً
.( {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكیم خبیر} (ھود 1
إن الحكمة من أوصاف القرآن ومن مرادفات الكتاب العزيز، شأنھا شأن كلمات
أخرى مثل الفرقان والنور.
ودلیلنا الأخیر على أن الحكمة ھى القرآن قوله تعالى {واذكروا نعمة الله
علیكم وما أنزل علیكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} (البقرة 231 ). فلو
كانت الحكمة شیئاً آخر غیر القرآن لقال "وما أنزل علیكم من الكتاب والحكمة
يعظكم بھما.."، ولكن لأن الحكمة ھى القرآن فقد قال {يعظكم به} فھما
شىء واحد لذا عاد الضمیر علیھما بصیغة المفرد..
الفصل الثانى
1) الفرق بین الرسول والنبى )
يخطئ الناسفى فھم الأمر بطاعة الرسول واتباع الرسول، وذلك لأنھم
يخطئون فى فھم الفارق بین مدلول النبى ومدلول الرسول..
"النبى" ھو شخصمحمد بن عبد اللهفى حیاته وشئونه الخاصة وعلاقاته
الإنسانیة بمن حوله، وتصرفاته البشرية.
ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب اللهتعالى، لذا كان العتاب يأتى
له بوصفه النبى، كقوله تعالى ﴿يا أيھا النبى لم تحرم ما أحل اللهلك؟ تبتغى
مرضات أزواجك؟!..﴾ (التحريم 1) . ويقول تعالى فى موضوع أسرى بدر ﴿ما
كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرضتريدون عرضالدنیا والله
يريد الآخرة﴾ (الأنفال 67 ). ويقول له ﴿وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأتىبما
غل يوم القیامة﴾ (آل عمران 161 ). وحین استغفر لبعضأقاربه قال له ربه
تعالى ﴿ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركین ولو كانوا أولى
قربى من بعد ما تبین لھم أنھم أصحاب الجحیم﴾ (التوبة 113 ). وعن غزوة ذات
العسرة قال تعالى ﴿لقد تاب اللهعلى النبى والمھاجرين والأنصار الذين
اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منھم..﴾ (التوبة
.(117
وقال تعالى يأمره بالتقوى واتباع الوحى والتوكل على الله وينھاه عن طاعة
المشركین ﴿يا أيھا النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقین إن اللهكان
علیماً حكیماً. واتبع ما يوحى إلیك من ربك إن اللهكان بما تعملون خبیرا.
3). كل ذلك جاء بوصفه النبى. : وتوكل على الله..﴾ (الأحزاب 1
وكان الحديث القرآنى عن علاقة محمد علیه السلام بأزواجه أمھات المؤمنین
يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيھا النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحیاة الدنیا
وزينتھا فتعالین أمتعكن وأسرحكن سراحاً جمیلا﴾ (الأحزاب 28 ). ﴿وإذ أسر
النبى إلى بعضأزواجه حديثاً..﴾ (التحريم 3). وكان القرآن يخاطب أمھات
المؤمنین، فلا يقول يا نساء الرسول وإنما ﴿يا نساء النبى لستن كأحد من
النساء.. يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبینة يضاعف لھا العذاب
.( ضعفین﴾ (الأحزاب 30 ،32
وكان الحديث عن علاقته بالناسحوله يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيھا النبى
( قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنین يدنین علیھن من جلابیبھن﴾ (الأحزاب 59
﴿النبى أولى بالمؤمنین من أنفسھم وأزواجه أمھاتھم﴾ (الأحزاب 6) ﴿يا أيھا
الذين آمنوا لا تدخلوا بیوت النبى إلا أن يؤذن لكم﴾ (الأحزاب 53 ) ﴿ويستأذن
فريق منھم النبى يقولون إن بیوتنا عورة﴾ (الأحزاب 13 ). وھكذا فالنبى ھو
شخصمحمد البشرى فى سلوكیاته وعلاقاته الخاصة والعامة، لذا كان
مأموراً بصفته النبى باتباع الوحى.
أما حین ينطق النبى بالقرآن فھو الرسول الذى تكون طاعته طاعة لله ﴿من
يطع الرسول فقد أطاع الله..، .. وما أرسلنا من رسول إلا لیطاع بإذن الله﴾
(النساء 64 ،80 ) والنبى محمد بصفته البشرية أول من يطیع الوحى القرآنى
وأول من يطبقه على نفسه.. وھكذا ففى الوقت الذى كان فیه (النبى)
مأموراً باتباع الوحى جاءت الأوامر بطاعة (الرسول) أى طاعة النبى حین
ينطق بالرسالة أى القرآن ﴿قل أطیعوا اللهوأطیعوا الرسول..﴾ (النور 54 ). ولم
يأت مطلقاً فى القرآن "أطیعوا اللهوأطیعوا النبى" لأن الطاعة لیست
لشخصالنبى وإنما للرسالة أى للرسول. أى لكلام اللهتعالى الذى نزل
على النبى والذى يكون فیه شخصالنبى أول من يطیع..كما لم يأت مطلقا
فى القرآن عتاب له علیه السلام بوصفه الرسول.
ولكلمة النبى معنى محدد ھو ذلك الرجل الذى اختاره الله من بین البشر
لینبئه بالوحى لیكون رسولاً. أما كلمة الرسول فلھا فى القرآن معان كثیرة
ھى:
• الرسول بمعنى النبى: ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله
.( وخاتم النبیین﴾ (الأحزاب 40
• الرسول بمعنى جبريل ﴿إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش
مكین. مطاع ثم أمین. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالأفق المبین﴾ (التكوير
.(23 :19
• الرسول بمعنى الملائكة: ملائكة تسجیل الأعمال ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع
سرھم ونجواھم؟ بلى ورسلنا لديھم يكتبون﴾ (الزخرف 80 ). ملائكة الموت
القرآن وكفى
وفى الوقت الذى يأمر الله فیه النبى باتباع الوحى فإن اللهتعالى يأمرنا
جمیعاً وفینا النبى- بطاعة الله والرسول، أى الرسالة. ولم يأت مطلقاً "ما
( على النبى إلا البلاغ"، وإنما جاء ﴿ما على الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99
فالبلاغ مرتبط بالرسالة كما أن معنى "النبى" مرتبط ببشرية الرسول
وظروفه وعصره وعلاقاته.
بین كلام الرسول وكلام النبى
عرفنا أن مدلول (النبى) ھو شخصمحمد علیه السلام فى حیاته وعلاقاته
الخاصة والعامة وسلوكیاته البشرية. أما الرسول فھو النبى محمد حین
ينطق بالرسالة وحیناللهللوحى كانت أسرع من كیدھم، وتعبیر
القرآن فى وصف ما حدث أقوى مما يمكن قوله، تقوّل النبى على الله شیئاً لم يقله رب العزة لعاقبه الله تعالى عقاباً شديداً
يشھده الناسفى عصر النبى ولا يستطیعون دفعه وحماية النبى منه ﴿فما
منكم من أحد عنه حاجزين﴾ وحیث أن ھذه العقوبة الھائلة لم تحدث فھى
شھادة للنبى بأنه بلغ الرسالة كاملة فى عصره ولم يتقوّل على اللهشیئاً..
إن الدين ھو لله، فالله تعالى ھو الذى ينزله وحیاً، وعلى الناسأن يخضعوا
لھذا الوحى مھما تعارضمع أھوائھم، والرسول ھو الذى يتلقى ھذا الوحى
ويبلغه بحذافیره ولا يملك أن يزيد أو ينقصمنه شیئاً. والله تعالى قال عن
خاتم النبیین علیه السلام ﴿ولو تقوّل علینا بعضالأقاويل..﴾ لیبرئ ساحة
النبى من التحدث فى دين الله من كلامه البشرى، وفى نفسالوقت أمره أن
يقول كذا وكذا.. وھذا سر تكرار كلمة "قل" فى القرآن الكريم.
وكلمة "قل" من أھم الكلمات القرآنیة وقد وردت فى القرآن 332 مرة، وھى
تعنى أن ھناك أقوالاً محددة أمر الله تعالى رسوله أن يقولھا للناس، وتمیز
القرآن الكريم بكثرة ورود كلمة "قل" على نحو يختلف به القرآن عن التوراة
والإنجیل اللذين بین أيدينا.
وقد بشرت التوراة التى بین أيدينا بخاتم النبیین الذى يأتى من بنى إسماعیل
"يقیم الرب إلاھك نبیاً من وسطك من إخوتك مثلى له تسمعون.. أقیم لھم
نبیاً من وسط أخوتھم مثلك واجعل كلامى فى فمه فیكلمھم بكل ما أوصیه
."18 ،5/ به: سفر التثنیة 18
والشاھد ھنا أن الكتب السماوية السابقة نبأت بخاتم النبیین الذى ينزل علیه
الوحى يقول له قل كذا. ويصبح ھذا جزءاً من الوحى المكتوب، أو بتعبیر
التوراة "واجعل كلامى فى فمه فیكلمھم بكل ما أوصیه به".
وباستقراء المواضع القرآنیة التى جاءت فیھا كلمة "قل" نضع الملاحظة
السريعة الآتیة:
• ( وكان يذكرھم بالقرآن ﴿وذكر به أن تبسل نفسبما كسبت﴾ (الأنعام 70
﴿فذكر بالقرآن من يخاف وعید﴾ (ق 45 ) وكان يبشرھم بالقرآن ﴿فإنما يسرناه
القرآن وكفى
38
بلسانك لتبشر به المتقین وتنذر به قوماً لدا﴾ (مريم 97 ) وكان يجاھدھم
( بالقرآن ﴿فلا تطع الكافرين وجاھدھم به جھاداً كبیرا﴾ (الفرقان 52
كان علیه السلام "خلقه القرآن" وحقیق به حینئذ أن يكون على خلق عظیم
﴿وإنك لعلى خلق عظیم﴾ (القلم 4) والخُلُق فى المفھوم القرآنى ھو الدين..
وھل ھناك أعظم من دين الله!.
وخارج نطاق الرسالة كانت للنبى أقوال وتصرفات فى حدود بشريته
وتعاملاته الخاصة والعامة ومسئولیاته وعلاقاته.. فھل ھذه الأقوال والأفعال
تعتبر جزءاً من الدين؟
أقوال النبى: محمد علیه السلام فى حیاته خارج الوحى كان حاكماً وقائداً
عسكرياً وزوجاً وصديقاً لأصحابه وجاراً فى المسكن، وكان مثلاً أعلى فى ذلك
كله، وكان فصیح اللسان وقد نجح فى إبلاغ الدعوة وتكوين الأمة وإقامة
الدولة، وقد واجه فى حیاته مشاكل سیاسیة وشخصیة وقد تغلب علیھا
ونجح فى النھاية بمھارته ولباقته وكیاسته، وبالطبع انعكسعلیه أحیاناً
ضعف الإنسان فى داخله أو من المحیطین به، وأقواله وأفعاله خارج الوحى
القرآنى كانت تعكسذلك..
والقرآن ذكر أقوالاً للنبى وامتدحه فى بعضھا وعاتبه فى بعضھا الآخر ونعطى
أمثلة:
* فى غزوة بدر خرج المسلمون بعدد قلیل لیواجھوا قافلة ففوجئوا بقدم
جیشضخم يفوقھم عدداً وعدة، وكره المسلمین دخول الحرب خوفاً، والقرآن
يصور ذلك الموقف فیقول ﴿كما أخرجك ربك من بیتك بالحق وإن فريقاً من
المؤمنین لكارھون. يجادلونك فى الحق بعد ما تبین كأنما يساقون إلى الموت
(6 : وھم ينظرون﴾ (الأنفال 5
وفى ھذا الموقف انبرى القائد نبى اللهيشجع أصحابه، وسجل اللهله ھذا
"القول" وذكر مقالته فى ھذا الشأن فى معرضالمدح ﴿إذ تقول للمؤمنین
( ألن يكفیكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلین﴾ (آل عمران 124
قال لھم النبى فى ذلك الموقف: ألن يكفیكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من
الملائكة. إذن ھذا حديث للنبى القائد فى معركة بدر ذكره القرآن فى معرض
المدح.
* وفى غزوات ذات العسرة تثاقل المنافقون عن الخروج بینما جاء بعضفقراء
المسلمین يريدون الخروج ولكن لیسمعھم راحلة ولا مئونة فاعتذر لھم
النبى قائلاً "لا أجد ما أحملكم علیه" ونزل القرآن يروى الحادثة ﴿لیسعلى
الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا
لله ورسوله ما على المحسنین من سبیل واللهغفور رحیم. ولا على الذين
إذا ما أتوك لتحملھم قلت: لا أجد ما أحملكم علیه، تولوا وأعینھم تفیضمن
(92 : الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون﴾ (التوبة 91
قال لھم النبى فى ذلك الموقف: "لا أجد ما أحملكم علیه" فھذا حديث مرتبط
بظروفه المكانیة والزمانیة شأن ما سبق فى غزوة بدر.
* وفى قضیة زواج زيد وتطلیقه زوجته التى أصبحت زوجة للنبى علیه
السلام يقول تعالى ﴿وإذ تقول للذى أنعم اللهعلیه وأنعمت علیه أمسك علیك
زوجك واتق الله، وتخفى فى نفسك ما اللهمبديه وتخشى الناسواللهأحق
( أن تخشاه﴾ (الأحزاب 37
أمر الله تعالى النبى أن يجعل زيداً يطلق زوجته ثم يتزوجھا النبى فیما بعد
لكى يقضى النبى عملیاً على عادة الجاھلیة فى اعتبار زوجة الابن بالتبنى
وطلیقته مثل زوجة الابن الحقیقى، وحتى لا يكون على المؤمنین حرج فى
أزواج أدعیائھم إذا قضوا منھن وطرا.
وكان ينبغى على النبى أن "يقول" لزيد "طلق زوجتك" ولكنه تحرج وقال
العكستماماً فنزل القرآن يؤنب النبى ويحكى القول الذى قاله واستحق
بسببه التأنیب من ربه ﴿وإذ تقول للذى أنعم اللهعلیه وأنعمت علیه أمسك
علیك زوجك واتق الله..﴾ إذن ھنا حديث للنبى ھو ﴿أمسك علیك زوجك واتق
الله﴾ قاله النبى لزيد بن حارثة ، وذلك الحديث أيضاً مرتبط بظروفه الزمانیة
والمكانیة، ولكنه حین قاله النبى لم يحالفه التوفیق فیه . والمراد أنه كان
للنبى فى تحركاته وعلاقاته المتعددة أقوال وأحاديث، وھذه الأحاديث كانت
مرتبطة بظروفھا الزمانیة والمكانیة التى قیلت فیھا والتى يستحیل أن تتكرر
فى أى عصر لاحق بنفسالأحداث والأشخاصوالظروف، لأنه تاريخ مضى
وانتھى بانتھاء أبطاله وموتھم ولم يبق منه إلا العبرة والعظة.
وسیرة النبى فیھا الكثیر من الأحداث والأقوال المنسوبة للنبى فى الفترة
المكیة وفى الفترة المدنیة، وھى تاريخ يجوز علیه الصدق والكذب ولیس
داخلاً فى دين الله تعالى بأى حال. أما ما أورده القرآن من قصصيخص
النبى محمد فھو القصصالحق الذى لا يأتیه الباطل من بین يديه ولا من
خلفه. والإيمان بھذا القصصيدخل فى إطار الإيمان بالقرآن:
• إن أقوال (النبى) خارج الوحى القرآنى والتى أوردھا القرآن ھى قصص
للعبرة نؤمن بھا ضمن إيماننا بكل حرف نزل فى القرآن.
• وأقوال (النبى) خارج الوحى القرآنى والتى كتبھا الرواة فى السیرة بعد
وفاة النبى ھى تاريخ فیه الحق والباطل والصحیح والزائف ولیست جزءاً من
الدين على الإطلاق.
• أما أقوال (الرسول) فھى الرسالة أو القرآن أو دين الله ، وقد أبلغه الرسول
دون زيادة ولا نقصان، وفیه الكفاية وفیه التفصیل وفیه البیان، وكان (النبى)
أول الناسطاعة لھذا الوحى وعملاً بما جاء فیه. وھذه ھى العظمة
الانسانیة الحقیقیة لمحمد النبى البشر علیه السلام.
ما على الرسول إلا البلاغ:
ھذه الجملة القرآنیة أصبحت مثلاً يقال على اللسان، ھذا مع أننا قلیلاً ما
نتفكر فیھا فیما يخصديننا. فالنسق القرآنى ھنا يأتى بأسلوب القصر
والحصر الذى يحصر مھمة الرسول فى إبلاغ الرسالة فحسب ﴿ما على
( الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99 ) ﴿وإن تولوا فإنما علیك البلاغ﴾ (آل عمران 20
﴿فإن تولیتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبین﴾ (المائدة 92 ) ﴿إن علیك
( إلا البلاغ﴾ (الشورى 48
وتبلیغ الرسالة معناه توصیلھا كما ھى دون زيادة أو نقصويؤكد ذلك أن
أسلوب القصر والحصر فى "ما على الرسول إلا البلاغ" يؤكد أكثر من مرة أن
مسئولیة الرسول ھى تبلیغ الرسالة بحذافیرھا كما ھى.
والبلاغ أو توصیل القرآن للناسيغنى أن يعرف الناسما فى القرآن من
تبشیر وإنذار وھداية ونور ﴿يا أيھا النبى إنا أرسلناك شاھداً ومبشراً ونذيرا.
46 ) وأوصاف الشاھد : وداعیاً إلى اللهبإذنه وسراجاً منیرا﴾ (الأحزاب 45
والمبشر والنذير والداعى كلھا تندرج تحت مفھوم التبلیغ. والرسول إذا بلغ
الرسالة أصبح شاھداً على قومه.
"وشھد على" عكس"شھد ل" فإذا "شھدت على فلان" أى كنت خصماً له
أما إذا "شھدت لفلان" فقد صرت مدافعاً عنه شفیعاً له.
والنسق القرآنى يجعل من الرسول يوم القیامة "شاھداً على" قومه أى
خصماً لمن عصى منھم واقرأ فى ذلك الآيات الكريمات الآتیة: ﴿إنا أرسلنا
علیكم رسولاً شاھداً علیكم﴾ (المزمل 15 ) ﴿فكیف إذا جئنا من كل أمة بشھید
وجئنا بك على ھؤلاء شھیدا﴾ (النساء 41 ) ﴿ويوم نبعث فى كل أمة شھیداً
علیھم من أنفسھم وجئنا بك شھیداً على ھؤلاء ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل
( شىء﴾ (النحل 89
وقد جاءت شھادة الرسول على قومه يوم القیامة فى قوله تعالى ﴿وقال
الرسول يا رب إن قومى اتخذوا ھذا القرآن مھجورا﴾ (الفرقان 30 ) فمسئولیته
أن يبلغ الناسالقرآن وحین ھجروا القرآن وتمسكوا بكتب أخرى معه
استحقوا أن يتبرأ منھم الرسول يوم القیامة
ومن معالم ھجرھم للقرآن اتھامھم له بأنه لیسمبینا يحتاج الى كلام البشر
لشرحه وتوضیحه ،وأنه فرط فى التبیین وما جاء تبیانا لكل شىء مستحق
للتبیین. من ھنا ستكون شھادة الرسول يوم القیامة شھادة خصومة تؤكد أن
القرآن نزل تبیانا لكل شىء:{ ويوم نبعث فى كل أمة شھیداً علیھم من
أنفسھم وجئنا بك شھیداً على ھؤلاء ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء﴾
( (النحل 89
وبعضآيات التبلیغ كانت تقصر مھمة التبلیغ والإنذار على الرسول وتجعل
مھمة الحساب على الله يوم القیامة ﴿فإنما علیك البلاغ وعلینا الحساب﴾
(الرعد 40 ) ﴿فإن أعرضوا فما أرسلناك علیھم حفیظاً إن علیك إلا البلاغ﴾
(الشورى 48 ) ﴿فذكر إنما أنت مذكر. لست علیھم بمسیطر. إلا من تولى
وكفر. فیعذبه اللهالعذاب الأكبر. إن إلینا إيابھم. ثم إن علینا حسابھم﴾
(26 : (الغاشیة 21
وقد أدى رسول الله مھمته والقرآن معنا نقرؤه، ولكن لا نتدبره، وأكثرنا
يھجره.. نرجو من اللهتعالى لنا الھداية.
الرسول كان يحكم بالقرآن وحده:
كان النبى حاكماً مسئولاً عن دولة، وكان قائداً للأمة، وكانوا يحتكمون إلیه
فى أمورھم وقضاياھم، وكان يحكم بینھم بصفته الرسول الذى ينطق بحكم
الله كما ھو.
والقاعدة القرآنیة أن الحكم للهفى أمور النزاع والاختلاف وينبغى على كل
فريق أن يرضى بحكم الله.
يقول تعالى ﴿وكذلك أوحینا إلیك قرآناً عربیاً لتنذر أم القرى ومن حولھا وتنذر
يوم الجمع لا ريب فیه فريق فى الجنة وفريق فى السعیر﴾ ثم يقول تعالى
﴿وما اختلفتم فیه من شىء فحكمه إلى اللهذلكم اللهربى علیه توكلت وإلیه
( أنیب﴾ (الشورى 10 ،7
ويقول تعالى ﴿أفغیر الله أبتغى حكماً؟ وھو الذى أنزل إلیكم الكتاب مفصلا﴾
( (الأنعام 114
فالحكم إلى الله فى كتابه الذى نزل مفصلاً، والذى كان ينطق بھذا الكتاب
ويبلغه للناسكان رسول الله علیه السلام، لذا تقول آية أخرى تفصل فى
( القول ﴿فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى اللهوالرسول﴾ (النساء 59
وحتى لا يقول قائل أن الرسول محمد علیه السلام قد مات وترك لنا غیر
القرآن كلاماً نحتكم إلیه فإن القرآن الكريم أوضح لنا أن الرسول كان فى
حكمه ينطق بالقرآن وحده . وبعد موت النبى وغیابه عنا فإن القرآن لا يزال
بیننا لمن أراد الھدى والاحتكام إلیه، وھذا ما نفھمه من موقف المنافقین من
الرسول علیه السلام، المنافقون كانوا يحتكمون للرسول إذا كان الحق فى
جانبھم، أما إذا لم يكن الحق معھم أعرضوا عن حكم الرسول مع أنھم يدعون
أنھم مسلمون ينبغى أن يدينوا بالولاء لله ورسوله. ويفصل القرآن موقفھم
ھذا فیقول ﴿ويقولون آمنا باللهوبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منھم من
بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنین. وإذا دعوا إلى اللهورسوله لیحكم بینھم إذا
(49 : فريق منھم معرضون. وإن يكن لھم الحق يأتوا إلیه مذعنین﴾ (النور 47
ويقول تعالى ﴿وإذا قیل لھم تعالوا إلى ما أنزل اللهوإلى الرسول رأيت
( المنافقین يصدون عنك صدودا﴾ (النساء 61
وقد كانوا يصدون لأن الرسول يحكم بینھم بما أنزل الله فقط، فقوله تعالى
﴿وإذا قیل لھم تعالوا إلى ما أنزل اللهوإلى الرسول﴾ لا تفید وجود مصدر آخر
مع ما أنزل الله، لأن الرسول ھو الذى ينطق بما أنزل الله وھو الذى يحكم بما
أنزل الله.
ويؤكد ذلك آيات سورة النور ﴿وإذا دعوا إلى اللهورسوله لیحكم بینھم إذا
فريق منھم معرضون﴾ ﴿إنما كان قول المؤمنین إذا دعوا إلى اللهورسوله
لیحكم بینھم أن يقولوا سمعنا وأطعنا..﴾ (النور 51 ،48 ) فلو كان الرسول
شیئاً آخر منفصلاً عن كلام الله لجاء الفعل مثنى ولقال تعالى "وإذا دعوا إلى
الله ورسوله لیحكما بینھم" ولقال "إنما كان قول المؤمنین إذا دعوا إلى الله
ورسوله لیحكما بینھم.."
ولكن لأن الله ھو الحكم وحده ولأن الرسول ھو الذى ينطق بكلام اللهوحده
جاء الفعل مفرداً يعود الضمیر فیه على واحد لا إله إلا ھو فقال تعالى "لیحكم
بینھم". وصدق الله العظیم ﴿وقال اللهلا تتخذوا إلھین اثنین إنما ھو إله واحد
فإياى فارھبون. وله ما فى السماوات والأرضوله الدين واصباً أفغیر الله
(52 : تتقون﴾ (النحل 51
والنبى- غیر الرسول كما عرفنا- وباعتبار النبى بشراً فقد استطاع بعض
المنافقین أن يخدعه . حدث ذلك حین سرق أحدھم درعاً وشاع بین الناس
أمره وأحسأھل اللصبالعار مما ارتكبه ابنھم فتآمروا باللیل على أن يضعوا
الدرع المسروق فى بیت شخصيھودى برئ وفى الصباح جاءوا للنبى
يبرئون ساحة ابنھم المظلوم.. وانخدع النبى وصدقھم ودافع عن ابنھم، وبذلك
أصبح اللصبريئاً، وأصبح البرىء لصاً.. وھى قصة تتكرر فى كل زمان ومكان،
موجزھا أن ينجو المجرم صاحب النفوذ وأن يدخل البرىء السجن ظلماً.
والقرآن الكريم ذكر القصة وحولھا من حادثة تاريخیة محددة بالزمان والمكان
والأشخاصإلى قضیة إنسانیة عامة تتكرر فى كل عصر . وفى البداية عاتب
الله تعالى النبى ووجه نظره إلى أن يحكم بالكتاب وحذره من أن يكون مدافعاً
عن الخائنین ﴿إنا أنزلنا إلیك الكتاب بالحق لتحكم بین الناسبما أراك اللهولا
تكن للخائنین خصیما﴾ أى أنزل الكتاب الحق لیحكم بین الناسبما أراه الله
فى ذلك الكتاب، فالاحتكام للكتاب. ولأنه نسى فقد جاء الأمر بالاستغفار
﴿واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحیما﴾ ثم جاءه النھى عن الدفاع عن أولئك
الخونة الذين تآمروا لتبرئة المجرم واتھام البرىء ﴿ولا تجادل عن الذين
يختانون أنفسھم إن الله لا يحب من كان خواناً أثیما. يستخفون من الناسولا
يستخفون من الله وھو معھم إذ يبیتون ما لا يرضى من القول وكان اللهبما
يعملون محیطا﴾.
ثم يقول تعالى ﴿ھا أنتم ھؤلاء جادلتم عنھم فى الحیاة الدنیا فمن يجادل الله
عنھم يوم القیامة؟ أم من يكون علیھم وكیلا؟﴾ يعنى ھل يستطیع أحد أن
يدافع عنھم يوم القیامة أو أن يشفع فیھم؟ ثم جاءت الآيات التالیة تضع قواعد
المسئولیة الفردية ﴿ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر اللهيجد الله
غفوراً رحیما. ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله علیماً
حكیما. ومن يكسب خطیئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بھتاناً وإثماً
مبینا﴾ أى كل إنسان مسئول عن سیئاته، وإذا استغفر غفر اللهله وإلا فھو
مؤاخذ بما كسبت يداه ولن يجادل عنه أحد أو يشفع فیه يوم القیامة ﴿ما
( للظالمین من حمیم ولا شفیع يطاع﴾ (غافر 18
ثم يقول تعالى للنبى ﴿ولولا فضل اللهعلیك ورحمته لھمت طائفة منھم أن
يضلوك وما يضلون إلا أنفسھم وما يضرونك من شىء وأنزل اللهعلیك الكتاب
: والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله علیك عظیما﴾ (النساء 105
113 ) أى حاولوا خداع النبى ولكن نزل الوحى ففضحھم وأعاد الأمور إلى
نصابھا العادل، وعلى ھذا كانت أقضیة الرسول تسیر وفق القرآن لأنه كان
يحكم بالقرآن وينطق بالقرآن ولا شىء غیر القرآن.
أطیعوا اللهوأطیعوا الرسول:
يقول تعالى ﴿وأطیعوا الله والرسول لعلكم ترحمون﴾ (آل عمران 132 ) ويقول
﴿يا أيھا الذين آمنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾ (النساء
59 ) فھل الطاعة فى الدين لواحد أو لاثنین أو لثلاثة؟ المطاع واحد ھو الله
فى أوامره التى ينطق بھا الرسول أو من يقوم بالأمر بعد موت النبى.
والقاعدة الشرعیة المأخوذة من القرآن أنه لا طاعة لمخلوق فى معصیة
الخالق. وقد كانت طاعة النبى- وھو فى حیاته- فى إطار طاعة الله فقط،
نفھم ھذا من قوله تعالى ﴿يا أيھا النبى إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا
يشركن بالله شیئاً ولا يسرقن ولا يزنین ولا يقتلن أولادھن ولا يأتین ببھتان
يفترينه بین أيديھن وأرجلھن ولا يعصینك فى معروف فبايعھن واستغفر لھن
( الله﴾ (الممتحنة 12
والشاھد فى الآية الكريمة ھو قوله تعالى "يا أيھا النبى" فلو قال "يا أيھا
الرسول" لكانت طاعته مطلقة لأنھا طاعة للرسالة أى كلام الله. ولكنه لأنه
تعالى خاطبه بوصفه النبى فقد جعل طاعته مقیدة بالمعروف فقال "ولا
يعصینك فى معروف".
فالطاعة للرسول ھى طاعة لله صاحب الوحى، والنبى أول الناسطاعة
للرسالة ، وكذلك أولو الأمر ينبغى أن يكونوا أولى الناسبطاعة اللهوالا
لاطاعة لھم فى معصیة الخالق جل وعلا..
ويقول تعالى ﴿وما أرسلنا من رسول إلا لیطاع بإذن الله﴾... ﴿من يطع الرسول
فقد أطاع الله﴾ (النساء 80 ،64 ) ولذلك فإن كل نبى كان يأتى لقومه برسالة
كان يخاطبھم بوصف الرسول ويطلب منھم أن يطیعوه على أساسھذه
، الرسالة ﴿إنى لكم رسول أمین. فاتقوا الله وأطیعون﴾ (الشعراء 126 ،108
163 ) ولم يقل لھم "إنى لكم نبى أمین..".
ومع أن القرآن حث على الإحسان بالوالدين إلا أنه أوجب أن تكون الطاعة لله
إذا حاول الوالدان إضلال الأولاد ﴿ووصینا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاھداك
( لتشرك بى ما لیسلك به علم فلا تطعھما﴾ (العنكبوت 8
إن طاعة الرسول ھى طاعة القرآن الذى أنزله الله على الرسول، ولا يزال
الرسول أو القرآن بیننا.
واتبعوا النور الذى أنزل معه:
الإيمان لیسبشخصمحمد علیه السلام وإنما الإيمان بما نزل على محمد
﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وھو الحق من
( ربھم كفر عنھم سیئاتھم﴾ (محمد 2
ونحن لا نتبع محمداً علیه السلام كشخصوإنما نتبع النور الذى أنزل معه أى
القرآن فھذا ما جاء فى كلام الله ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور
( الذى أنزل معه أولئك ھم المفلحون﴾ (الأعراف 157
كان النسق اللغوى يقتضى أن يقال "فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه
واتبعوه.." ولكن الاتباع لیسللشخصالآدمى وإنما للوحى الإلھى.
ومحمد علیه السلام ھو أول الناستمسكاً بالوحى واتباعاً للھدى، وبھذا أمره
به تعالى فقال ﴿اتبع ما أوحى إلیك من ربك﴾ (الأنعام 106 ) ﴿واتبع ما يوحى
إلیك واصبر﴾ (يونس 109 ) ﴿واتبع ما يوحى إلیك من ربك إن اللهكان بما
تعملون خبیرا﴾ (الأحزاب 2) ﴿فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ (القیامة 18 ) ﴿ثم جعلناك
( على شريعة من الأمر فاتبعھا﴾ (الجاثیة 18
( وأمره ربه أن يعلن أنه يتبع الوحى ﴿إن أتبع إلا ما يوحى إلىّ﴾ (الأنعام 5
( ﴿قل إنما أتبع ما يوحى إلىّ من ربى﴾ (الأعراف 203
وإذا كان النبى متبعاً للوحى فنحن أولى الناسبعده باتباع الوحى. يقول
تعالى يخاطبنا ويخاطب النبى ﴿كتاب أنزل إلیك فلا يكن فى صدرك حرج منه
لتنذر به وذكرى للمؤمنین. ابتعوا ما أنزل إلیكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه
(3 : أولیاء قلیلاً ما تذكرون﴾ (الأعراف 2
وھذه الآيات الكريمة ھى بداية سورة الأعراف وفیھا ينھى اللهتعالى النبى
عن التحرج من تبلیغ القرآن وأن ينذر به. وھو تعلیم لنا نحن المؤمنین وذكرى
﴿كتاب أنزل إلیك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنین﴾. ثم
جاءت لنا نحن المؤمنین أوامر محددة بالاتباع للقرآن فقط :﴿اتبعوا ما أنزل
إلیكم من ربكم﴾ ونھى واضح محدد عن اتباع غیر القرآن :﴿ولا تتبعوا من دونه
أولیاء﴾ فالقضیة واضحة لا تقبل الجدل، وھى اتباع القرآن دون غیره.
ويأتى السؤال التقلیدى: إذن فأين الاتباع للنبى؟ والجواب الوحید: إنه الاتباع
للقرآن الذى يتبعه النبى، أو ھو اتباع الرسول أى الرسالة أى القرآن.
وقوله تعالى ينھانا ﴿ولا تتبعوا من دونه أولیاء﴾ فیه إعجاز خفى، فاتخاذ مصادر
أخرى من القرآن والانحیاز لمن كتبھا وألفھا معناه وضعھم فى موضع المقارنة
بالله تعالى وكتابه فى نفسالمستوى أو أقل قلیلاً، وذلك وقوع فى اتخاذ
أولیاء مع الله، مع أن المؤمن يكتفى باللهولیاً وبالقرآن كتاباً.
وقوله تعالى ﴿ولا تتبعوا من دونه أولیاء قلیلاً ما تذكرون﴾ يضع حقیقة إنسانیة
ثابتة وھى أن أكثر البشر تتبع الأھواء والضلالات ﴿وإن تطع أكثر من فى
الأرضيضلوك عن سبیل اللهإن يتبعون إلا الظن وإن ھم إلا يخرصون﴾
( (الأنعام 116
ولكن ھذه الكثرة العددية التى تتبع الظن والھوى ينبغى ألا تكون حجة على
الحق القرآنى.. ﴿قل لا يستوى الخبیث والطیب ولو أعجبك كثرة الخبیث﴾
( (المائدة 100
ومن عادات البشر السیئة أنھم قلیلاً ما يتذكرون ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا
( الصالحات وقلیلاً ما ھم﴾ (ص 24
2) ھل للنبى أن يجتھد فى التشريع! )
لیسللنبى أن يجتھد فى التشريع أو أن يعلم الغیب:
المؤمن بالقرآن علیه أن يؤمن بأن الأنبیاء ھم أصلح البشر لتحمل مسئولیة
( الرسالة وإلا لما اختارھم الله ﴿الله أعلم حیث يجعل رسالته﴾ (الأنعام 124
على أن مسئولیة الرسالة تنحصر فى النھاية فى التبلیغ فقط ﴿ما على
( الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99
ومن اقتصار مھمة النبى على التبلیغ للرسالة كما ھى دون زيادة أو نقصان
يمكن أن نستنتج أن تدبر الكتاب والاجتھاد فى فھم معانیه ھو مسئولیة
الناسبعد أن أوصل لھم النبى الرسالة، وھذا الاستنتاج العقلى قد أثبته
القرآن قبلنا، فالله تعالى يقول ﴿كتاب أنزلناه إلیك مبارك لیدبروا آياته ولیتذكر
أولو الألباب﴾ (ص 29 ) فالنسق اللغوى فى الآية كان يقتضى أن يقال للنبى:
كتاب أنزلناه إلیك مبارك لتتدبر آياته، ولكن التدبر فى الكتاب مسئولیة الناس
كما أن التبلیغ مسئولیة الرسول.
ويؤكد القرآن على مسئولیتنا نحن فى التدبر فى الكتاب، فیقول تعالى بتعبیر
الاستفھام الإنكارى ﴿أفلا يتدبرون القرآن؟ ولو كان من عند غیر اللهلوجدوا
فیه اختلافاً كثیرا﴾ (النساء 82 ) ﴿أفلا يتدبرون القرآن؟ أم على قلوب أقفالھا﴾
( (محمد 24
ويوم القیامة سیكون ندمھم شديداً لأنھم لم يتدبروا القرآن، فسیقال لھم
( ﴿أفلم يدبروا القول﴾ (المؤمنون 68
ووصف الله تعالى القرآن بأنه بصائر للناس، أى دعوة لھم لأن يتبصروه وأوضح
لھم أنه لا شأن للنبى بھم بعد أن أدى مھمته فى التبلیغ، نفھم ھذا من قوله
تعالى ﴿قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعلیھا وما أنا
( علیكم بحفیظ﴾ (الأنعام 104
ويقول تعالى للنبى ﴿قل إنما أتبع ما يوحى إلىّ من ربى ھذا بصائر من ربكم
وھدى ورحمة لقوم يؤمنون. وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
204 ) فلابد من الإنصات للقرآن حتى نتبصره ونتدبر : ترحمون﴾ (الأعراف 203
آياته.
والذى لا شك فیه أن النبى علیه السلام بعقلیته كان أصلح الناسللاجتھاد،
وكان منتظراً أن يبادر بالإجابة على من يسأله ويستفتیه فى أمور الدين،
ولكن الواقع القرآنى يؤكد أن النبى كان إذا سئل فى شىء كان ينتظر نزول
الوحى لیأتى بالإجابة، وينزل قوله تعالى ﴿يسألونك عن﴾ كذا ﴿قل﴾ كذا..
وكلمتا ﴿يسألونك﴾ و﴿يستفتونك﴾ مع كلمة {قل} من كلمات اللهفى القرآن
الكريم، ومنھا نتأكد أن النبى كان مطلوباً منه فقط أن يبلغ الرسالة كما ھى،
لقد كانوا يستفتون النبى ولكن النبى كان ينتظر نزول الوحى، وتنزل الفتوى
من رب العزة ﴿ويستفتونك فى النساء قل الله يفتیكم﴾ ﴿النساء 127 ) لم يقل
له ويستفتونك قل إنى أفتیكم. وإنما قال ﴿قل اللهيفتیكم﴾ وفى المواريث
استفتوا النبى فى الكلالة فانتظر الفتوى من الله تعالى فنزل قوله تعالى
﴿يستفتونك قل الله يفتیكم فى الكلالة..﴾ (النساء 176 ) لم يقل أنا أفتیكم.
ومن مراجعة كلمة "يسألونك" فى القرآن نتعرف على الحقائق الآتیة:
* كانوا يسألون النبى عن أشیاء جديدة فى التشريع، وكان النبى ينتظر معھم
الحكم التشريعى الجديد الذى ينزل به القرآن، مثال ذلك سؤالھم عن الأنفال
( أو الغنائم ﴿يسألونك عن الأنفال قل.... ﴾ (الأنفال 1
* وكانوا يسألون النبى عن إيضاحات جديدة فى أمور تحدث عنھا القرآن من
قبل، وكان بإمكان النبى أن يجیب عنھا بالاستنتاج والقیاس، ولكنه علیه
السلام لم يفعل، فقد نزل قوله تعالى فى مكة ﴿قل إنما حرم ربى الفواحش
ما ظھر منھا وما بطن والإثم والبغى بغیر الحق﴾ (الأعراف 33 ) فالإثم كان
محرماً فى مكة، ثم سئل النبى فى المدينة عن حكم الخمر ومعلوم أنھا من
الآثام، ولم يجتھد النبى فى التوضیح والقیاسوالاستنتاج، وھو بلا شك أقدر
الناسعلیه، ولكنه انتظر حتى جاءت الإجابة من الله تعالى ﴿يسألونك عن
الخمر والمیسر قل فیھا إثم كبیر ومنافع للناسوإثمھما أكبر من نفعھما﴾
(البقرة 219 ) وطالما أن فى الخمر إثماً كبیراً فإن تحريمھا قد نزل إجمالاً فى
مكة ثم جاء تفصیلاً فى المدينة.
* بل كانوا يسألون النبى عن أمور تكرر حديث القرآن عنھا، ومع ذلك فالنبى
كان لا يتلو علیھم الإجابة من الآيات التى نزلت من قبل ، وإنما كان ينتظر
نزول الوحى فینزل بإجابات تؤكد ما سبق بیانه، فقد نزلت آيات مكیة تحض
على رعاية الیتیم، ومنھا ﴿فأما الیتیم فلا تقھر﴾ (الضحى 9) ﴿أرأيت الذى يكذب
2) ﴿كلا بل لا تكرمون الیتیم﴾ : بالدين فذلك الذى يدع الیتیم﴾ (الماعون 1
(الفجر 17 ) ﴿أو إطعام فى يوم ذى مسبغة يتیماً ذا مقربة﴾ (البلد 15 ) ﴿ولا
، تقربوا مال الیتیم إلا بالتى ھى أحسن حتى يبلغ أشده﴾ (الأنعام 152
( الإسراء 34
ثم نزلت آيات فى المدينة تؤكد على رعاية الیتیم منھا ﴿ويطعمون الطعام
على حبه مسكیناً ويتیماً وأسیرا﴾ (الإنسان 8) ﴿وآتى المال على حبه ذوى
( القربى والیتامى والمساكین..﴾ (البقرة 177
ومع ذلك سألوا النبى عن الیتامى، وانتظر النبى الإجابة ولم يقرأ علیھم
الآيات الكثیرة عن رعاية الیتیم وحقوقه، ونزل قوله تعالى يجیب السؤال
﴿ويسألونك عن الیتامى قل إصلاح لھم خیر وإن تخالطوھم فإخوانكم﴾ (البقرة
220 ) وھذه الإجابة تؤكد ما سبق بیانه من رعاية الیتیم. وسئل النبى مرة
أخرى عن يتامى النساء ونزل الوحى يؤكد ما سبق بیانه من وجوب رعايتھن
ورعاية الیتیم ﴿ويستفتونك فى النساء قل الله يفتیكم فیھن وما يتلى علیكم
فى الكتاب من يتامى النساء اللاتى لا تؤتونھن ما كتب لھن وترغبون أن
تنكحوھن والمستضعفین من الولدان وأن تقدموا للیتامى بالقسط﴾ (النساء
127 ) والإجابة ھنا تشیر إلى ما نزل فى الكتاب وكانوا يتلونه ويقرأونه من
رعاية الیتامى والمستضعفین من الولدان.
* وأكثر من ذلك فھناك حقیقة قرآنیة مؤكدة وكررھا القرآن، وھى أن النبى لا
يعلم الغیب ولا يعلم موعد قیام الساعة ولا ما سیحدث له أو للناس. واقرأ
فى ذلك قوله تعالى ﴿قل لا أقول لكم عندى خزائن اللهولا أعلم الغیب﴾
(الأنعام 50 ) ﴿قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا. عالم
﴿ (27 : الغیب فلا يظھر على غیبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول..﴾ (الجن 25
فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدرى أقريب أم بعید ما توعدون﴾
(الأنبیاء 109 ) وھل ھناك أوضح من قوله تعالى ﴿قل ما كنت بدعاً من الرسل
( وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم..﴾ (الأحقاف 9
ومع ذلك فھناك آيات أخرى كثیرة تؤكد أن علم الساعة عند اللهوحده ﴿إن الله
عنده علم الساعة وينزل الغیث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفسماذا
تكسب غداً وما تدرى نفسبأى أرضتموت﴾ (لقمان 34 ) ﴿إلیه يرد علم
الساعة﴾ (فصلت 47 ) ﴿وتبارك الذى له ملك السماوات والأرضوما بینھما
( وعنده علم الساعة وإلیه ترجعون﴾ (الزخرف 85
كلھا آيات تؤكد أن النبى لا يعلم الغیب وأن علم الساعة للهوحده وكانت
تكفى آية واحدة ولكنھم سألوا النبى مرة ومرات عن الساعة، ومع ذلك لم
يبادر بالإجابة بأن يقرأ علیھم الآيات السابقة، وإنما انتظر الوحى، وكان
الوحى ينزل دائماً بنفسالإجابة وھى أن علم الساعة لله وحده وأن النبى لا
يعلم الغیب.
سألوا النبى عن الساعة فلم يبادر بالإجابة وھو بلا شك يعلم أن القرآن لا
يمكن أن يأتى بإجابة تناقضما سبق، وأن الإجابة ستكون نفسالمعنى
الذى تكرر وتأكد من قبل،.. انتظر النبى الإجابة ونزل قوله تعالى ﴿يسألونك
عن الساعة أيان مرساھا قل إنما علمھا عند ربى لا يجلیھا لوقتھا إلا ھو ثقلت
فى السماوات والأرضلا تأتیكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفى عنھا قل إنما
علمھا عند الله ولكن أكثر الناسلا يعلمون. قل لا أملك لنفسى نفعاً ولا ضراً
إلا ما شاء اللهولو كنت أعلم الغیب لاستكثرت من الخیر وما مسنى السوء﴾
188 ) وھذا توضیح فیه أكثر من الكفاية. : (الأعراف 187
ولكنھم سألوه أيضاً عن الساعة ونرى النبى علیه السلام أيضاً ينتظر الإجابة
فنزل قوله تعالى يجیب ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرساھا. فیم أنت من
(45 : ذكراھا؟. إلى ربك منتھاھا. إنما أنت منذر من يخشاھا﴾ (النازعات 42
والآيات الأخیرة ملئت بأسلوب الاستفھام الإنكارى ﴿فیم أنت من ذكراھا﴾ وجاء
أسلوب القصر يقصر علم الساعة على رب العزة ﴿إلى ربك منتھاھا﴾ ويقصر
وظیفة النبى على الإنذار ﴿إنما أنت منذر من يخشاھا﴾.
كان ذلك فى مكة ثم فى المدينة سألوا النبى عن الساعة، وانتظر النبى
أيضا نفسالجواب من رب العزة ﴿يسألونك عن الساعة قل إنما علمھا عند
( ربى وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا﴾ (الأحزاب 63
كان بإمكان النبى أن يجیب، ولديه الكفاية من الآيات، ولكنه كان ينتظر
الإجابة، وينزل الوحى بالإجابة المعروفة سلفاً، ثم يسألون النبى نفس
السؤال وينتظر النبى إلى أن تأتى الإجابة.. وتأتى نفسالإجابة ثم يسأله
آخرون نفسالسؤال، وأيضاً ينتظر الإجابة التى يعرفھا إلى أن ينزل الوحى..
وھكذا.. ولو كان من حقه الاجتھاد لأجاب منذ السؤال الأول.
على أن ھذه التأكیدات القرآنیة لم تأت عبثاً- وتعالى اللهعن العبث- فمع كل
التأكیدات التى كانت تكرر وتكرروتؤكد أن النبى لا يعلم الغیب ولا يعلم شیئاً
عن الساعة وموعدھا وأحداثھا- مع ذلك فإن الناسأسندوا للنبى بعد موته
عشرات الأحاديث عن علامات الساعة وأحداثھا والشفاعات وأحوال أھل
الجنة وأھل النار. وھذه الأحاديث التى ملأت الكتب (الصحاح) تؤكد اعجاز
القرآن لأننا نفھم الآن لماذا كرر القرآن تلك التأكیدات سلفا ومسبقا لیرد علیھا
سلفا ومسبقا. ھذه الأحاديث الضالة تضعنا فى موقف اختبار أمام اللهتعالى
فإما أن نصدق القرآن ونكذبھا، وإما أن نصدقھا ونكذب اللهوقرآنه.. ولا مجال
للتوسط.. ونسأل اللهالسلامة والھداية.. ونعود إلى قضیة التشريع..
* فقد كانوا يسألون النبى عن أشیاء لا نشك لحظة فى أنه علیه السلام كان
يعرف الإجابة عنھا من خارج القرآن، ومع ذلك فلم يبادر النبى بالإجابة من
عنده أو من معلوماته وإنما انتظر الوحى القرآنى. فقد سألوا النبى عن
الأھلة- جمع ھلال- ومعروف أن الأھلة ھى لمعرفة المواقیت، وھذا ما كان
مشھوراً العلم به فى الجزيرة العربیة حیث اعتاد العرب فى شھورھم العربیة
على الاعتماد على التوقیت القمرى، وبه كانوا يؤدون فريضة الحج قبل القرآن
وفى عصر النبى علیه السلام. وھكذا فعندما سألوا النبى عن الأھلة كان
ممكناً أن يجیبھم من عنده ولكنه انتظر حتى نزل قوله تعالى ﴿يسألونك عن
الأھلة قل ھى مواقیت للناسوالحج﴾ (البقرة 189 ). وسألوا النبى عن
مباشرة النساء فى المحیض، ونحن نعتقد أن النبى بذوقه الرفیع وحسه
المرھف- علیه السلام- كان يعلم أن المحیضأذى وأنه ينبغى اجتناب النساء
فى المحیض، ومع ذلك فلم يصرح النبى برأيه وانتظر الوحى حتى نزل قوله
تعالى ﴿ويسألونك عن المحیضقل ھو أذى فاعتزلوا النساء فى المحیضولا
( تقربوھن حتى يطھرن﴾ (البقرة 222
* وحدث أن جاءت امرأة تسأل النبى عن حكم الظھار بعد أن ظاھر منھا زوجھا
أى أقسم باجتنلبھا جنسیا أو بحرمتھا مثل تحريم أمه علیه، ولم تكن لدى
النبى إجابة فانتظر كعادته الوحى، ولكن المرأة لم تنتظر وأخذت تجادل
النبى- وھذا منتظر ممن كانت فى مثل حالتھا- ولما لم تجد لدى النبى شیئاً
رفعت يديھا للسماء تشكو للهتعالى حالھا، ونزل القرآن يوضح ذلك الموقف
ويفتى فى الموضوع ﴿قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجھا وتشتكى
( إلى اللهواللهيسمع تحاوركما إن الله سمیع بصیر﴾ (المجادلة 1
إن صاحب الشرع ھو رب العزة تعالى، أما الرسول فھو الذى يبلغ ذلك الوحى
كما ھو.. ولو كان للنبى حق الشرح والاجتھاد، لأصبح للدين مصدران، وكان
لابد حینئذ أن يحظى ذلك المصدر الثانى بحفظ الله شأنه شأن المصدر الأول،
ولكن ذلك لم يحدث لأنه ومنذ البداية فإن التبلیغ ھو مسئولیة الرسول، ولیس
الاجتھاد من مسئولیاته..
ونضیف إلى ذلك أنه طالما كان الوحى ينزل والشرع لما يكتمل بعد فلم يكن
ھناك مجال للاجتھاد فى التشريع، وحین اكتمل الوحى نزولاً وتم الدين قرآناً
انتھى دور النبى ومات بعد أن أدى الأمانة وبلّغ الرسالة.
ولو كان النبى يجتھد ويتحدث فى الدين برأيه وأنشأ مصدراً آخر مع القرآن من
خلال اجتھاده- لو حدث ھذا ما كان لدى الصحابة والتابعین والأئمة مجال
للاجتھاد بعد اجتھاد النبى أو تفسیره للقرآن. ولكن الذى حدث أن الصحابة
والتابعین والأئمة قد اجتھدوا فى التفسیر والإفتاء والتشريع، ثم جاء اللاحقون
فأسندوا بعضالاجتھاد الذى قالوه للنبى لیجعلوا له قدسیة ولیضمنوا
انتشاره، ولم يفطنوا إلى أن ذلك يناقضالقرآن. وبذلك نشأ ما يعرف
بالمصادر الأخرى إلى جانب كتاب الله...
اجتھاد النبى فى التطبیق ولیسفى التشريع
لم يكن للنبى أن يجتھد فى التشريع..
ولكن كان علیه أن يجتھد فى طاعة اللهوتطبیق أوامره وتنفیذ شريعته،
وحتى فى ذلك أمره اللهأن يشاور المؤمنین فى الأمر.ولكن ھل يصلح
اجتھاده في التطبیق لمن جاء بعده من المؤمنین ؟ ان المفھوم أن اجتھاده
فى التطبیق للنصوصالشرعیة يخضع لامكاناته البشرية وظروف الزمان
والمكان ومن حوله من البشر ، وھى مختلفة بالتأكید عن ظروفنا وبالنالى
فلیساجتھاده التطبیقى فى عصره ولعصره ملزما لنا وكل من جاء بعده.
مثلا يقول تعالى : " وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل "
الأنفال 60 " كان اجتھاد النبى فى التسلیح والاستعداد العسكرى طبقا للآية
الكريمة محكوما بظروف عصره ، فھل نتمسك بذلك فى عصرنا ؟ أم نجتھد بما
يناسب عصرنا.؟
أجتھادنا فى فھم القرآن فريضة دينیة اسمھا التدبر .
اذا تدبرنا القرآن طلبا للھداية وبمنھج علمى وبدون ھوى مسبق أفلحنا ،
وھذا ينسب لنا ولیسلدين اللهتعالى . أما إذا اجتھدنا فى الدين فأخطأنا فى
الاجتھاد فالخطأ يلحق بنا نحن ولا شأن للدين بنا.. وكلنا بشر يجوز علینا
الخطأ، لذا كان لابد لدين اللهأن يكون بمعزل ومنجاة من أخطاء البشر ولیظل
سامیا فوق الھوى البشرى وقد ضمن اللهتعالى حفظه الى قیام الساعة
لیكون حجة على اجتھادھم الخاطىء و افترائھم على الله تعالى ورسوله.
ولأنه محفوظ بقدرة الله تعالى فلم يستطیعوا النیل من لفظه ونصه فكذبوا
على الله تعالى ورسوله فى التفاسیر والأحاديث. وتخیل لو لم يحفظ الله
تعالى قرآنه من أھوائھم ؟ اذن كانت رقابة الشیوخ قد حذفت من القرآن كل
الآيات التى تنفى عصمة النبى وشفاعته وعلمه بالغیب والآيات الأخرى التى
تؤكد على القیم الاسلامیة العلیا من الحرية المطلقة فى العقیدة والفكر و
الحق المطلق فى العدل وفرضیة الشورى بمعنى الديمقراطیة المباشرة ،
وكل تلك الحقائق القرآنیة المنسیة الغائبة والتى اجتھدنا فى توضیحھا فثار
علینا الشیوخ ولا يزالون مع أن كل أدلتنا من القرآن . لو استطاعوا لأعلنوا
كفرھم به . لم يبق فى استطاعتھم الا اضطھادى وسبى وشتمى لیداروا
عورة جھلھم وكراھیتھم لما أنزل الله تعالى .ّ ذلك القرآن الذى أنزله الله
تعالى لنا دينا نقیاً صافیاً محفوظاً بقدرته جل وعلا حتى تتم علینا حجة الله
يوم القیامة.
حدود اجتھاد الناسفى تشريع القرآن:
كلمة الاجتھاد بمعناھا الاصطلاحى من مبتكرات العصر العباسى ونحن
مضطرون لاستعمالھا لشیوعھا على الألسنة، والاصطلاح القرآنى المماثل
ھو "التدبر" ومعناه أن يظل القارئ للقرآن خلف الآية يتتبعھا فى القرآن حتى
يستوعب المراد، لأن القرآن مثانى وفیه التشابه وتكرار المعنى وتفصیلھا،
وآياته تفسر بعضھا بعضاً ولا يناقضبعضھا بعضاً، لذا فإن الأمر بتدبر القرآن
يشیر إلى ھذه الحقیقة فیقول تعالى ﴿أفلا يتدبرون القرآن؟ ولو كان من عند
( غیر اللهلوجدوا فیه اختلافاً كثیرا﴾ (النساء 82
والتدبر عملیة عقلیة فكرية يقوم بھا القارئ للقرآن متشجعاً بآياته التى تحث
على التفكر والتعقل والنظر والعلم والتفقه.
على أن القرآن استعمل بعضالمشتقات القريبة من كلمة "الاجتھاد" مثل
﴿والذين لا يجدون إلا جھدھم فیسخرون منھم﴾ (التوبة 79 ) والجھد ھنا يعنى
الإمكانات المالیة والمادية، وقريب منه قوله تعالى ﴿وأقسموا بالله جھد
أيمانھم﴾ (النور 53 ) وقد يكون الجھد مجھوداً عضلیاً أما التدبر فھو تفكیر
عقلى علمى بحت، وذلك يجعل من أسلوب القرآن أرقى وأدق من اختراع
العصر العباسى : "الاجتھاد" الذى لا يزال مسیطراً على تفكیرنا حتى الآن.
والسؤال الآن: ما ھى حدود الاجتھاد فى شرع الله؟ ومتى يكون مباحاً ومتى
يكون محظوراً؟ إن اللهتعالى يقول ﴿أم لھم شركاء شرعوا لھم من الدين ما
لم يأذن به الله؟﴾ (الشورى 21 ) ومع نبرة الھجوم والتخويف فى الآية من ذلك
التشريع الذى لم يأذن به اللهفإن فى الآية تصريحاً بوجود تشريع يرضى عنه
الله لأنه جاء فى الحدود التى يأذن بھا الله. ومن أسف فإنھم لم يعرفوا تلك
الحدود فاجتھدوا فى المحظور وربما توقفوا حیث ينبغى الاجتھاد، ولقد قالوا
أنه "لا اجتھاد مع وجود نص" مع ان النصالقرآنى يحتاج كأى نصتشريعى
الى اجتھاد فى تطبیقه على الواقع. أنھم أضافوا نصوصاً منسوبة للنبى
وجعلوھا مع أخرى مصادر أخرى للاسلام مع القرآن . وأصبحت تلك
النصوصموانع للاجتھاد لا وجود له معھا بما جعلوا لھا من قدسیة مع أنھا
تخالف القرآن. ونضرب لذلك مثلاً:
فالمحرمات فى الزواج جاءت فى نصقرآنى جامع مانع فى قوله تعالى ﴿ولا
تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء
سبیلا. حرمت علیكم أمھاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ
وبنات الأخت وأمھاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمھات
نسائكم وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بھن فإن لم
تكونوا دخلتم بھن فلا جناح علیكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن
تجمعوا بین الأختین إلا ما قد سلف إن اللهكان غفوراً رحیما. والمحصنات من
النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب اللهعلیكم . وأحل لكم ما رواء ذلكم أن
(24 : تبتغوا بأموالكم محصنین غیر مسافحین﴾ (النساء 22
فالمحرمات ھنا بالنصالقرآنى كالآتى "الأم" "البنت" الأخت" "العمة"
"الخالة" "بنت الأخ" "بنت الأخت" "الأم من الرضاعة" "الأخت من الرضاعة"
"أم الزوجة" "بنت الزوجة التى دخل بھا زوجھا" "زوجة الابن من الصلب"
"أخت الزوجة فى وجود الزوجة على ذمة زوجھا وفى عصمته" ثم "المرأة
المتزوجة بزوج آخر إلا إذا فسخ عقد زواجھا بملك الیمین" فھنا خمسعشرة
امرأة محرمة فى الزواج عندما نضیف "زوجة الأب".
وقد حرصالقرآن الكريم على توضیح التفصیلات والاستثناءات والمحترزات
لتتضح الصورة كاملة، فأجازعلى سبیل الاستثناء أنواع الزواج الباطل الذى
كان موجوداً قبل نزول الآية وأقره بصفة مؤقتة ولكن حرم أن ينشأ بعد تلك
الحالات الموجودة حالات أخرى، ففى تحريم زواج أرملة الأب أو طلیقة الأب
قال تعالى ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم إلا ما قد سلف﴾ وفى تحريم الجمع بین
الأختین فى الزواج قال تعالى ﴿وأن تجمعوا بین الأختین إلا ما قد سلف﴾ ومع
أنھا كانت حالات فردية معدودة وقت نزول القرآن إلا أن القرآن الكريم الذى
فصل كل شىء تفصیلاً والذى نزل تبیاناً لكل شىء أفسح لھا مجالاً للتوضیح
طالما يستدعى الأمر ذلك.
وأوضح القرآن بأفصح بیان معنى البنت الربیبة بالتفصیل ﴿وربائبكم اللاتى فى
حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بھن فإن لم تكونوا دخلتم بھن فلا جناح
علیكم﴾.
وأوضح معنى زوجة الابن المحرمة ﴿وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم﴾ أى
لابد أن يكون الابن من صلب أبیه ولیسابناً بالتبنى ولذلك أمر اللهتعالى أن
يطلق زيد بن حارثة- الذى تبناه النبى- زوجته زينب بنت جحشلیتزوجھا
النبى فیما بعد.
وأوضح حرمة الزواج من المرأة المتزوجة التى لا تزال فى عصمة زوجھا إلا إذا
فقدت حريتھا وأصبحت مملوكة وحینئذ ينفسخ عقد زواجھا وبعد انتھاء عدتھا
يمكن لھا الزواج ﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم﴾.
وبعد أن حصر القرآن المحرمات وفصّل القول فیھن تفصیلاً قال تعالى ﴿كتاب
الله علیكم﴾ أى أن تحريم ھؤلاء النسوة مكتوب ومفروضعلیكم، فھنا حكم
جامع مفصل بالتحريم، وبعده قال تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ أى أنه من
بعد المحرمات المنصوصعلیھن فى الآيات الثلاث فكل النساء أمامكم حلال
للزواج الشرعى ولسن محرمات بأى حال.
ومعناه أن القرآن الكريم أحاط النساء المحرمات بسور تشريعى جامع مانع،
وما بعد ذلك السور فكل النساء حلال للزواج.
وبمعنى أدق فلا يجوز ھنا أن نجتھد الا فى تطبیق ھذا النصكما ھو خصوصا
وھو نصتشريعى جامع مانع لا يجوز الاضافة له او الحذف منه حتى لا
نعتدى على تشريع الله، ولكن الفقھاء أعملوا القیاسفحرموا الجمع بین
المرأة وعمتھا وخالتھا قیاسا على حرمة الجمع بین المرأة وأختھا، وحرموا
الخالة والعمة من الرضاع قیاساً على تحريم الأم من الرضاع والأخت من
الرضاع، ثم صاغوا فى ذلك أحاديث ھى أشبه بمتون الفقه وأحكام الفقھاء
فقالوا "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" وقالوا "لا يجمع الرجل بین
المرأة وعمتھا والمرأة وخالتھا".
وھنا يقع التناقصمع كتاب الله..
فإذا أراد رجل أن يتزوج عمة زوجته أجاز له القرآن ذلك لأن عمة الزوجة
لیست من المحرمات فى نصالقرآن ولأنھا تدخل فى الحلال من النساء
للزواج ضمن قوله تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ ولكن كتب الفقه تجعل
ذلك الحلال القرآنى حراماً.
وإذا أراد رجل أن يتزوج خالته من الرضاع أحلھا له القرآن وحرمھا علیه
الفقه..!! وذلك يعنى بوضوح أنھم يحرمون ما أحل اللهوينسبون ذلك للرسول
، والرسول علیه السلام برىء من ذلك..
إن النساء كلھن حلال للزواج ماعدا المنصوصعلیھن بالتحديد والتعريف
الدقیق ولكنھم لم يكتفوا بذلك التحديد الجامع المانع فأضافوا محرمات
أخريات وضربوا بقوله تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ عرضالحائط. وقالوا لنا
"لا اجتھاد مع وجود نص" واخترعوا نصوصاً أكسبوھا قدسیة مع أنھا تعارض
كتاب اللهومنعونا من مناقشتھا..
وذلك مجرد مثل للاجتھاد المحظور الذى وقع فیه السابقون وأكسبوه
قدسیة، وھناك أمثلة أخرى لذلك الاجتھاد فى المحظور الذى يعتدى على
النصوصالقرآنیة الجامعة المانعة، ولكن الإسھاب فى ذلك يخرج عن موضوع
ھذا الكتاب.
كان ينبغى أن يتوجه اھتمام الفقھاء إلى الاجتھاد فى المناطق المباح فیھا
الاجتھاد. فمن الملاحظ أن آيات التشريع القرآنى محدودة ومحددة فھى أقل
30 من القرآن الكريم، ومع ذلك فقد / من مائتى آية أى ما يعادل حوالى 1
اكتفى رب العزة بھذه الآيات. وبھا اكتمل الدين وتمت نعمة الإسلام بتمام
القرآن ﴿الیوم أكملت لكم دينكم وأتممت علیكم نعمتى ورضیت لكم الإسلام
دينا﴾ (المائدة 3) ولیسممكناً بعد ھذه الآية أن يقال أن كتب الفقه والحديث
تكمل نقصاً فى القرآن، فتعالى الله العزيز الحكیم أن ينزل لنا كتاباً ناقصاً
يحتاج للبشر فى استكماله. وآيات التشريع القرآنى على قلتھا ومحدوديتھا
تعنى أن تشريع القرآن ترك ھامشاً للحركة الإنسانیة فى الاجتھاد والتطور
وفق المتغیرات ولكن ينبغى أن يكون ذلك فى الإطار العام لتشريعات القرآن
التى تھدف لإقرار العدل والمساواة والقسط والتیسیر وحفظ الحقوق والدماء.
إن التشريع القرآنى جاء بنصوصجامعة مانعة فى أمور محددة كالمحرمات
فى الزواج والحرام فى الطعام وجاء بأنصبة محددة فى المیراث، ومطلوب منا
أن نجتھد فى تطبیق ھذه النصوصالتطبیق الأمثل، لا أن نجتھد فى الاعتداء
علیھا وتغییرھا بالإضافة والتشويه.
ثم جاء التشريع القرآنى يحتكم للعرف أو المعروف فى التطبیق لأحكامه
التفصیلیة و لأن تصاغ من العرف والمعروف قوانین اسلامیة فى اطار القیم
الاسلامیة الانسانیة العلیا المتعارف علیھا فى كل زمان ومكان من العدل
والحرية والسلام والاحسان والتسھیل والتخفیف والرحمة والرفق والعفو.
بالعرف وبالمعروف يمكن مثلا تطبیق تلك القیم الاسلامیة العلیا فى المجتمع
وفق العرف السلیم ومواءمته للعصر الذى يعیشه الناس فى كل ما تركه
القرآن للتقنین البشرى ، وھذا يدخل فیه كل شىء من قوانین الاسكان الى
المرور والاستیراد والتصدير والھجرة ...الخ ..الخ . وكل قانون يشرى روعیت
فیه تلك القیم السامیة فھو تشريع اسلامى أذن به اللهتعالى. كما يمكن
أيضا تطبیق التفصیلات الثشريعیة القرآنیة نفسھا حسب العرف أو المعروف
المتعارف علیه فى كل عصر، وذلك لكى يتیح القرآن الكريم المجال للتطور
الاجتماعى والإنسانى وتظل تشريعات القرآن فوق الزمان وفوق المكان، وما
كان يصلح للعصر العباسى مثلاً لا يصلح لعصرنا.
ومثلاً يقول تعالى ﴿والوالدات يرضعن أولادھن حولین كاملین لمن أراد أن يتم
الرضاعة وعلى المولود له رزقھن وكسوتھن بالمعروف﴾ (البقرة 233 ) فلم
يحدد القرآن مبلغاً من المال بالدرھم والدينار وإنما قال "رزقھن" لیشمل
الجانب النقدى والجانب العینى واحتكم للمعروف أى القیمة الانسانیة العلیا
فى القسط والعدل وتطبیق ذلك بالعرف السائد من النقد والعملة وسائر
احوال المعیشة ومدى المناسب لحال المرضعة والوالدة ووضعھا ووضع
المجتمع، وينبغى ھنا أن يقوم الناسبوضع القوانین التى تناسب عصرھا
فى اطار ذلك العرف الذى اشار الیه القرآن الكريم فى تلك التفصیلات
التشريعیة. وھنا يكون الاجتھاد فى خدمة النصالقرآنى.
ويلاحظ أن الاحتكام للعرف والمعروف يتكرر كثیراً فى حديث القرآن عن الزواج
والأحوال الشخصیة باعتبارھا أقدم "عرف" تعارف علیه بنو آدم ولا يزال الزواج
ھو الصیغة الشرعیة التى يباركھا دين الله، وحین نزل القرآن كان رسول الله
محمد قد تزوج زواجاً شرعیاً وفق عرف الجاھلیة، فالعرب قبل الإسلام لم
يكونوا محرومین كلیة من التشريعات الصالحة، ولذلك فإن القرآن الكريم لم
يوضح لنا مثلاً كیفیة عقد الزواج، ولكن نزلت آيات كثیرة تصحح بعضالأخطاء
الشائعة فى الزواج وعلاقات الزوجین والشقاق بینھما وعدة المطلقة
وحقوقھا، واحتكم فى ذلك للعرف.
والتفصیل فى مواضع الاحتكام للعرف والمعروف فى تشريع القرآن يخرج عن
موضوعنا وموعدھا كتاب خاصعن فلسفة التشريع القرآنى. ولكن يلفت
النظر عناية القرآن بالشورى وأمر النبى بھا وھو الذى ينزل علیه الوحى،
وجعلھا من سمات المجتمع المسلم، وبھا يمكن للمجتمع صیاغة قوانین فى
اطار العرف والمعروف سواء فى تطبیق التفصیلات التشريعات القرآنیة
وتنزيلھا على الواقع المعاشوفق المتعارف على أنه الأكثر عدلا ويسرا ، او
فى استخلاصقوانین جديدة فیما ينفع الناسفیم تركه القرآن للبشرللتقنین
وما أذن الله تعالى لھم فى تشريعه فى اطار وضوابط القیم الاسلامیة العلیا
المشار الیھا .
لقد قامت حیاة النبى علیه السلام على أساستبلیغ القرآن كما ھو وجاھد
حتى بلّغ الرسالة وحین اكتملت الرسالة مات النبى وترك لنا الرسالة
أوالقرآن أو الرسول المقروء بیننا.. وفى حیاة النبى كانوا يسألونه ويستفتونه
فینتظر الإجابة من الوحى، وبعضھذه الأسئلة كان يمكنه الإجابة عنھا ولكن
الدين دين الله، والله وحده ھو صاحب الحق فى التشريع ولیسللنبى أن
يفتى وما كان يفعل. ولكنه علیه السلام كان يجتھد فى تطبیق النصوص
القرآنیة وكان يستشیر لكى يصل للصیغة المثلى فى التطبیق.
وھناك بالنسبة لنا نحن بعد النبى مجالات حددھا القرآن للتطبیق الحرفى بلا
أدنى تغییر أو تبديل مثل المحرمات فى الزواج وعدم تحريم الحلال فى
الطعام، والأنصبة المحددة فى المیراث.
ثم ھناك مجالات أباح فیھا القرآن للاحتكام للعرف منھا ما يخصالسلطة
الاجتماعیة ومنھا ما ينفذه المسلم فى ضوء تقواه وخشیته من الله مثل
الوصیة والصدقة..
ثم ھناك المشورة فى غیر وجود النص، والنصوصالقرآنیة التشريعیة محددة
ومحدودة مما يعطى فرصة كبرى للتطور الاجتماعى لتحقیق العدالة والقسط
والتیسیر، وذلك يعطى تشريع القرآن إمكانیة الاستمرار فى كل مكان وزمان،
وھناك أيضاً المشورة فى كیفیة تطبیق النصأو فى تقنین العرف، وأى
تشريع يصل إلیه المجتمع بالمشورة مستلھماً روح القرآن بھدف تحقیق
العدالة والمساواة ومنع الظلم فھو تشريع إسلامى أذن اللهتعالى به.
فالھدف من إرسال الرسل وإنزال الكتاب كان إقامة الناسللقسط وفى ذلك
يقول تعالى ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبینات وأنزلنا معھم الكتاب والمیزان لیقوم
( الناسبالقسط..﴾ وصدق اللهالعظیم (الحديد 25
((((سُنّة الرسول ھى القرآن فقط))))
السُنّة ھى الشرع وھى الطريقة والمنھاج. وبھذين المعنیین جاءت كلمة
السنة فى القرآن منسوبة لله ولشرعه ولطريقته فى التعامل مع البشر
مشركین ومؤمنین..
كانت سنة أو طريقة المشركین ھى الاستكبار عن الحق والمكر بالمؤمنین،
وكانت طريقة الله معھم أو سنته أن يحیق مكرھم السیئ بھم ﴿استكباراً فى
الأرضومكر السیئ ولا يحیق المكر السیئ إلا بأھله فھل ينظرون إلا سنة
( الأولین؟ فلن تجد لسنة اللهتبديلاً ولن تجد لسنة اللهتحويلا﴾ (فاطر 43
كان المشركون يرغمون المؤمنین على الھجرة لذا كانت طريقة الله إھلاكھم
أو تعذيبھم، يقول ﴿وإن كادوا لیستفزونك من الأرضلیخرجوك منھا وإذاً لا
يلبثون خلافك إلا قلیلا. سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولن تجد لسنتنا
(77 : تحويلا﴾ (الإسراء 76
وكانت سنة الله أو طريقته أن يھزم المشركین أمام المؤمنین إذا صدقوا فى
إيمانھم ﴿ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولیاً ولا نصیرا. سنة
(23 : اللهالتى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة اللهتبديلا﴾ (الفتح 22
وتآمر المنافقون فى المدينة على النبى والمسلمین وھددھم اللهبأن يجرى
علیھم سنته فى التعامل مع المشركین ﴿لئن لم ينته المنافقون والذين فى
قلوبھم مرضوالمرجفون فى المدينة لنغرينك بھم ثم لا يجاورونك فیھا إلا
قلیلا. ملعونین أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتیلا. سنة الله فى الذين خلوا من
(62 : قبل ولن تجد لسنة اللهتبديلا﴾ (الأحزاب 60
ھذه ھى السنة بمعنى الطريقة والمنھاج وھى تنسب للهوطريقته فى الرد
على المشركین.
وتأتى السنة أيضاً بمعنى الشرع. وبھذا الاستعمال نتحدث نحن فى لغتنا
العادية فنقول "سنّ قانوناً" أى شرّع قانوناً. وحین يسن القانون يكون ملزماً
للناسولابد من طاعته. ونفسالمعنى للسنة جاء فى الآية الكريمة ﴿ما كان
على النبى من حرج فیما فرضاللهله سنة اللهفى الذين خلوا من قبل وكان
أمر اللهقدراً مقدورا﴾ (الأحزاب 38 ) ففى الآية تجد ﴿سنة الله﴾ مرادفة لكلمتى
"فرضالله" و"أمر الله" الذى جعله اللهقدراً مقدورا. إذن سنة اللهبمعنى
الشرع ھى الفرضوالأمر الإلھى واجب التنفیذ.
وھذا يذكرنا بمعنى السنة الآخر وھو المنھاج والطريقة وكان تعبیر القرآن
عنھا أنه لا تبديل ولا تحويل لسنة الله.
والنبى كان علیه أن ينفذ سنة اللهأى شرع اللهوأوامره حتى لو كان فیھا
حرج، وقد نزلت آية ﴿ما كان على النبى من حرج فیما فرضاللهله سنة الله
فى الذين خلوا من قبل وكان أمر اللهقدراً مقدورا﴾ فى موضوع زيد بن حارثة
وزواجه وطلاقه من زوجته، فقد تحرج النبى من تنفیذ سنة اللهأو شرع الله
فنزلت ھذه الآية، ونستفید منھا أن السنة ھى شرع الله، وأن النبى ھو أول
من ينفذ ھذه السنة، ونحن بالتالى نقتدى بالنبى فى طاعة سنة اللهأو
شرعه وأوامره، وينبغى على المؤمن أن يعلم أنه لا فارق بین السنة والفرض
لأنھما شرع الله الواجب التنفیذ، فالصلاة والزكاة والحج للمستطیع كلھا سنن
اللهوفرائضه.
وعلماء التراث أطلقوا "السنة العملیة" وھى الصلاة- على ما توارثناه من
كیفیة للصلاة عن النبى وقالوا بوجوبھا وضرورة الالتزام بھا وثبوتھا بالقطع
والیقین. وھذا صواب فى الرأى . إلا أنھم أخطأوا حین نسبوا للرسول أحاديث
قولیة وقالوا بأنھا السنة القولیة، فالسنة القولیة للرسول ھى فقط فى
القرآن وحديث القرآن وما تكرر فیه من كلمة "قل" . وأخطأوا أيضاً حین
ناقضوا أنفسھم وجعلوا فارقاً بین السنة والفرض، فجعلوا الفرضواجب
التنفیذ مثل الصلوات الخمسوجعلوا السنة ھى ما يزيد من نوافل على
الصلوات المفروضة، وقد تبین لنا أن السنة ھى الفرضولا فارق بینھما فى
حديث القرآن ولا فى لغتنا العادية حین نقول "سنّ قانوناً".
وبعد ھذا التوضیح سیستمر التساؤل: ألیست للرسول سنة؟ ويستدرك
السائل حین يتذكر عنوان البحث "سنة الرسول ھى القرآن فقط" فیحور
السؤال "ألیست للرسول سنة خارج القرآن؟؟".
والإجابة فى القرآن يقول تعالى ﴿لقد كان لكم فى رسول اللهأسوة حسنة
لمن كان يرجوا الله والیوم الآخر وذكر الله كثیرا } (الأحزاب 21 ) فلم يقل الله
تعالى: "قد كان لكن فى رسول الله سنة حسنة" وإنما قال "أسوة حسنة".
فالسنة لله لأنھا شرع الله وأوامر الله. أما الاقتداء والتأسى فبالرسول فى
تطبیقه العلمى لسنة اللهوشرع الله.
على أنه من المفید أن نستزيد فھماً للآية الكريمة والسیاق الذى جاءت فیه،
فقد نزلت الآية فى التعلیق على غزوة الأحزاب وفى سورة الأحزاب، وقد كان
أھل المدينة عند حصار الأحزاب لھم فريقین: المنافقون وأشیاعھم وقد
تخاذلوا ﴿وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبھم مرضما وعدنا الله ورسوله
إلا غرورا﴾ (الأحزاب 12 ) ثم المؤمنون الذين تماسكوا وثبتوا ﴿ولما رأى
المؤمنون الأحزاب قالوا ھذا ما وعدنا اللهورسوله وصدق اللهورسوله وما
زادھم إلا إيماناً وتسلیما﴾ (الأحزاب 22 ) وكان رسول اللهعلیه السلام ھو
القدوة لھم فى الشجاعة والثبات لذا يقول تعالى عن موقفه ھذا ﴿لقد كان
لكم فى رسول الله أسوة حسنة﴾ وكان ھناك من المؤمنین من تأسى بالنبى
فى ھذه الشجاعة وفاق أقرانه فقال عنھم رب العزة ﴿من المؤمنین رجال
صدقوا ما عاھدوا الله علیه فمنھم من قضى نحبه ومنھم من ينتظر وما بدلوا
( تبديلا﴾ (الأحزاب 23
إذن فالتأسى بالرسول فى ھذه الآية كان فى سیاق قصة وفى موقف
محدد. ويؤكد ذلك أن اللهتعالى أمر الرسول محمداً والمؤمنین بالتأسى
بإبراھیم والذين معه حین تبرءوا من قومھم ﴿قد كانت لكم أسوة حسنة فى
إبراھیم والذين معه إذ قالوا لقومھم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون
الله﴾.. ﴿لقد كان لكم فیھم أسوة حسنة لمن كان يرجوا اللهوالیوم الآخر..﴾
(الممتحنة 6 ،4 ) فقال تعالى يحدد الموقف الذى ينبغى التأسى بھم فیه ﴿إذ
قالوا لقومھم﴾ ولم يجعل التأسى بھم مطلقاً..
إن الاقتداء والتأسى يعنى الاتباع، ولا يكون الاقتداء والتأسى على إطلاقه إلا
بكتاب الله. والله تعالى كما أمرنا بالتأسى برسول الله محمد فى موقف معین
فإنه أمر النبى نفسه بالاقتداء بھدى الأنبیاء السابقین فقال ﴿أولئك الذين
ھدى الله فبھداھم اقتده﴾ (الأنعام 90 ) فلم يقل تعالى "فبھم اقتده" وإنما
قال ﴿فبھداھم اقتده﴾.
ولم يأمر الله خاتم النبیین بالاقتداء والاتباع لإبراھیم وإنما أمره باتباع "ملة
إبراھیم" والملة ھى دين الله ﴿ثم أوحینا إلیك أن اتبع ملة إبراھیم حنیفا﴾
( (النحل 123
إن الاقتداء والتأسى إنما يكون بشرع الله وسنة رسوله، وھكذا كان يفعل
النبى.. والأنبیاء ھم القدوة الذين نقتدى بھم فى مواقف حكى عنھا رب العزة
وھو وحده الأعلم بھم وبأسرار حیاتھم.
إن سنة الرسول ھى القرآن شرع الله..
واللهتعالى نسأل أن نعیشعلى سنة الرسول وأن نموت علیھا..
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نھاكم عنه فانتھوا واتقوا الله
يحلوا لبعضالناسأن يسىء- عن عمد- فھم ھذه الآية لیلوى معناھا
ويقطعھا عن السیاق لیستدل بھا على مشروعیة المصادر الأخرى التى
أضافوھا للقرآن الكريم. وحتى نفھم المدلول الحقیقى لقوله تعالى ﴿وما
آتاكم الرسول فخذوه..﴾ ينبغى أن نقرأ الآية من أولھا ونراھا تتحدث عن
الفىء- أو ما يفىء إلى بیت المال بلا حرب ولا قتال، يقول تعالى ﴿ما أفاء الله
على رسوله من أھل القرى فلله وللرسول ولذى القربى والیتامى
والمساكین وابن السبیل كى لا يكون دولة بین الأغنیاء منكم وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نھاكم عنه فانتھوا واتقوا اللهإن اللهشديد العقاب.
للفقراء المھاجرين الذين أخرجوا من ديارھم وأموالھم يبتغون فضلاً من الله
(8 : ورضوانا..﴾ (الحشر 7
فالآية تتحدث عن الفىء وتوزيعه على الفقراء والمحتاجین دون الأغنیاء وتقول
للمؤمنین: وما آتاكم الرسول من ھذا الفىء فخذوه وما نھاكم عنه من التطلع
إلى ما لیسمن حقكم فانتھوا عنه، ثم تبین الآية التالیة استحقاق الفقراء
المھاجرين لھذا الفىء بعد أن تركوا أموالھم وديارھم.
وقد كانت عادة سیئة للمنافقین فى المدينة أن يربطوا رضاھم عن الإسلام
بمدى استفادتھم المالیة منه مع أنھم أغنیاء نھى الله النبى عن الإعجاب
بأموالھم وأولادھم (التوبة 85 ،55 ) ومع ھذا الغنى كانوا يزاحمون الفقراء فى
الحصول على الصدقات وقال تعالى عنھم ﴿ومنھم من يلمزك فى الصدقات
فإن أعطوا منھا رضوا وإن لم يعطوا منھا إذا ھم يسخطون. ولو أنھم رضوا ما
آتاھم الله ورسوله وقالوا حسبنا اللهسیؤتینا الله من فضله ورسوله إنا إلى
اللهراغبون. إنما الصدقات للفقراء والمساكین والعاملین علیھا والمؤلفة
(60 : قلوبھم..﴾ إلى آخر الآية (التوبة 58
وھذه الآيات من سورة التوبة توضح المعنى المقصود لقوله تعالى ﴿وما آتاكم
الرسول فخذوه﴾ فشأن المؤمن أن يرضى بما آتاه الرسول ﴿ولو أنھم رضوا ما
آتاھم اللهورسوله وقالوا حسبنا اللهسیؤتینا الله من فضله ورسوله..﴾.
وشأن المنافق أن يطمع فیما لیسحقاً له وألا ينتھى عن طمعه.
وقد أبان رب العزة مستحقى الفىء فى سورة الحشر ﴿ما أفاء اللهعلى
رسوله من أھل القرى فلله وللرسول ولذى القربى والیتامى والمساكین
وابن السبیل كى لا يكون دولة بین الأغنیاء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه
وما نھاكم عنه فانتھوا﴾.
وأوضح بالتحديد مستحقى الصدقات فى سورة التوبة ﴿إنما الصدقات للفقراء
والمساكین..﴾ (الآية 60 ) وفى الموضعین كان الحديث عما يؤتیه الرسول
للمؤمنین وعلیھم أخذه والرضا به والانتھاء عما نھى عنه.ولنتذكر ھنا أنه علیه
السلام كان يحكم بالقرآن بین الناس، وھذا يدخل فیه توزيع الفىء والغنائم
والصدقات طبقا لما جاء فى الكتاب الحكیم.
وقد يقال فى الرد علینا أن القاعدة الأصولیة تقطع بأن خصوصالسبب لا
يمنع عموم الاستشھاد. فإذا كانت الآية تتحدث عن الفىء فإن قوله تعالى
فیھا ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نھاكم عنه فانتھوا﴾ عامة فى وجوب الأخذ
بما آتانا به الرسول وبوجوب الانتھاء عما نھانا عنه..
ومن السھل الرد على ھذا الاحتجاج بما تعنیه كلمة الرسول فى القرآن
وبوجوب طاعته لأنه فى أقواله يقرأ القرآن، والرسول- كما سبق بیانه- ھو
نبى الله حین ينطق بالقرآن أو ھو القرآن بعد موت النبى. إذن فقد جاءنا
الرسول بالقرآن وعلینا التمسك به، واللهتعالى يقول ﴿إنا أنزلنا علیك الكتاب
للناسبالحق..﴾ (الزمر 41 ) فھذا الكتاب ھو الذى نزل على الرسول لنا، وھو
ما آتانا به الرسول وعلینا أخذه والتمسك به.
وأما ما نھانا عنه الرسول ﴿وما نھاكم عنه فانتھوا﴾ فھو كتابة غیر القرآن ومحو
كل مكتوب فى الدين خارج كتاب الله.
روى أحمد ومسلم والدارمى والترمذى والنسائى عن أبى سعید الخدرى
قول الرسول "لا تكتبوا عنى شیئاً سوى القرآن فمن كتب عنى غیر القرآن
فلیمحه" وأخرج الدارمى- وھو شیخ البخارى- عن أبى سعید الخدرى أنھم
"استأذنوا النبى فى أن يكتبوا عنه شیئاً فلم يأذن لھم". ورواية الترمذى عن
أبى سعید الخدرى تقول: أستأذنا النبى (صلى الله علیه وسلم) فى الكتابة
فلم يأذن لنا.
وروى مسلم وأحمد أن زيد بن ثابت- أحد مشاھیر كتاب الوحى- دخل على
معاوية فسأله عن حديث وأمر إنساناً أن يكتبه فقال له زيد: "أن رسول الله
أمرنا ألا نكتب شیئاً من حديثه، فمحاه معاوية".
وقد وردت أحاديث تفید الإذن بكتابة بعضالحديث مثل "اكتبوا لأبى شاه" وما
ورد أن لابن عمرو بعضكتابات وأدعیة فى الحديث، ولكن المحققین من
علماء الحديث رجحوا الأحاديث التى نھت عن كتابة الحديث خصوصاً وأنه لا
يعقل أن ينھى النبى عن شىء ثم يأمر بما يناقضه، ثم وھذا ھم الأھم فإن
النبى عندما مات لم يكن مع الصحابة من كتاب مدون غیر القرآن الكريم.
وبعضھم حاول التوفیق والمواءمة بین الأحاديث التى تنھى عن كتابة غیر
القرآن وبین الحديث الذى يفید كتابة بعضھم بقوله بأن المراد حتى لا تلتبس
الأحاديث بالقرآن.
وھذه حجة لا تستقیم مع إعجاز القرآن الذى يعلو على كلام البشر والذى
تحدى به الله العرب فعجزوا عن الإتیان بسورة من مثله، وذلك القرآن المعجز
للعرب كیف يخشى أحد علیه من أن يختلط به شىء آخر؟..
إن الثابت أن رسول اللهلم يترك بعده سوى القرآن.
والبخارى يعترف فى أحاديثه بأن النبى ما ترك غیر القرآن كتاباً مدوناً. يروى
ابن رفیع: "دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباسفقال له شداد بن
معقل: أترك النبى من شىء؟ قال ما ترك إلا ما بین الدفتین. أى القرآن فى
المصحف". قال "ودخلنا على محمد بن الحنفیة فسألناه فقال: ما ترك إلا ما
234 . ط. دار الشعب). / بین الدفتین" (البخارى 6
ويؤكد أن النبى نھى عن كتابة غیر القرآن أن الخلفاء الراشدين بعده ساروا
على طريقه فنھوا عن كتابة الأحاديث وعن روايتھا..
فأبو بكر الصديق جمع الناسبعد وفاة النبى فقال: "إنكم تحدثون عن رسول
الله أحاديث تختلفون فیھا والناسبعدكم أشد اختلافاً فلا تحدثوا عن رسول
الله شیئاً، فمن سألكم فقولوا: بیننا وبینكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا
حرامه" وھذا ما يرويه الذھبى فى تذكرة الحفاظ. ويروى ابن عبد البر
والبیھقى أن عمر الفاروق قال "إنى كنت أريد أن أكتب السنن وإنى ذكرت
قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا علیھا وتركوا كتاب الله. وإنى واللهلا أشوب
كتاب الله بشىء أبداً. ورواياته البیھقى "لا ألبسكتاب الله بشىء أبداً" وروى
ابن عساكر قال "ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله
فجمعھم من الآفاق.. فقال: ما ھذه الأحاديث التى أفشیتم عن رسول الله
فى الآفاق؟.. أقیموا عندى لا واللهلا تفارقونى ما عشت.. فما فارقوه حتى
مات".
وروى الذھبى فى تذكرة الحفاظ أن عمر بن الخطاب حبسأبا مسعود وأبا
الدرداء وأبا مسعود الأنصارى فقال: "أكثرتم الحديث عن رسول الله"، وكان قد
حبسھم فى المدينة ثم أطلقھم عثمان.
وروى ابن عساكر أن عمر قال لأبى ھريرة: "لتتركن الحديث عن رسول الله أو
لألحقنك بأرضدوس- أرضبلاده- وقال لكعب الأحبار: لتتركن الحديث عن
الأول- أى أبى ھريرة- أو لألحقنك بأرضالقردة" وكذلك فعل معھما عثمان بن
عفان.
وأكثر أبو ھريرة من الحديث بعد وفاة عمر إذ أصبح لا يخشى أحداً وكان أبو
ھريرة يقول "إنى أحدثكم بأحاديث لو حدثت بھا زمن عمر لضربنى بالدرة-
وفى وراية لشج رأسى- ويروى الزھرى أن أبا ھريرة كان يقول: "ما كنا
نستطیع أن نقول قال رسول الله حتى قبضعمر، ثم يقول أبو ھريرة: أفكنت
محدثكم بھذه الأحاديث وعمر حى؟ أما واللهإذن لأيقنت أن المخفقة- العصا-
ستباشر ظھرى فإن عمر كان يقول: "اشتغلوا بالقرآن فإن القرآن كلام الله".
وقال رشید رضا فى المنار يعلق على ذلك "لو طال عمر (عمر) حتى مات أبو
ھريرة لما وصلت إلینا تلك الأحاديث الكثیرة".
ونكتفى بھذا لإثبات أن النبى أتانا بالقرآن ونھانا عن غیره، وأن كبار الصحابة
ساروا على نھجه فى التمسك بالقرآن وحده، وأن تدوين تلك الأحاديث
المنسوبة للنبى كان ولا يزال معصیة للنبى ومخالفة لأمره حسب ما يروون
ھم فى كتبھم ، وأن ذلك التدوين المخالف لشرع اللهتعالى ووصیة نبیه
الكريم لم يبدأ إلا فى القرن الثالث، بعد وفاة النبى بقرنین من الزمان.
وھنا نتساءل.. إذا كانت تلك الأحاديث جزءاً من الإسلام كما يدّعون وقد نھى
النبى عن كتابتھا ألیسذلك اتھاماً للنبى بالتقصیر فى تبلیغ رسالته؟ وھل
يعقل أن تكون الرسالة الإسلامیة ناقصة وتظل ھكذا إلى أن يأتى الناسفى
عصر الفتن لیكملوا ھذا النقصالمزعوم؟
إن الذى نعتقده أن النبى علیه السلام قد بلغ الرسالة بأكملھا وھى القرآن
ونھى عن كتابة غیره، أما تلك الأحاديث فھى تمثل واقع المسلمین
وعقائدھم.. وتمثل فى النھاية تلك الفجوة الھائلة بین الإسلام وبین
المسلمین..
الفصل الثالث
كیف نشأ المصدر الثانى:
العادة أن اللهسبحانه وتعالى ينزل على كل نبى كتاباً واحداً كاملاً تاماً
مفصلاً، ولكن ما يلبث الشیطان أن يدفع الإنسان إلى التلاعب بدين الله
بالتحريف والتزيیف فى الكتاب الأصلى ثم يدفعھم إلى إنشاء مصادر أخرى
تكتسب قدسیة، وبطبیعة الحال لابد أن يكون أولئك فى صف العداء للنبىس.
والله تعالى يقول ﴿وكذلك جعلنا لكل نبى عدواً شیاطین الإنسوالجن يوحى
بعضھم إلى بعضزخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرھم وما
يفترون. ولتصغى إلیه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ولیرضوه ولیقترفوا ما ھم
مقترفون. أفغیر الله أبتغى حكماً وھو الذى أنزل إلیكم الكتاب مفصلا﴾ (الأنعام
(114 :112
وبدأ منافقوالمدينة الكید للإسلام بھذا الطريق.
* كان المنافقون يدخلون على النبى يقدمون له فروضالطاعة والولاء ثم
يخرجون من عنده يتآمرون علیه، وفى ذلك يقول تعالى ﴿ويقولون طاعة فإذا
برزوا من عندك بیّت طائفة منھم غیر الذى تقول والله يكتب ما يبیتون فأعرض
( عنھم وتوكل على الله﴾ (النساء 81
ونفھم من قوله تعالى عنھم ﴿بیّت طائفة منھم غیر الذى تقول﴾ أنھم كانوا
يزيفون أقوالاً على النبى لم يقلھا، أو بتعبیر علماء الحديث كانوا يضعون
أحاديث مفتراة ينسبوھا للنبى. أى أن الكذب على الرسول بدأه المنافقون
فى حیاة النبى نفسه.
وعلماء الحديث يتفقون على صحة حديث "من كذب على فلیتبوأ مقعده من
النار" وبعضھم يضیف إلیه كلمة متعمداً "من كذب على متعمداً فلیتبوأ مقعده
من النار" وھم يجعلون ھذا الحديث من المتواتر، وعدد الحديث المتواتر لا
يصل إلى بضعة أحاديث عند أكثر المتفائلین، والمھم أنھم بإقرارھم بصحة
ھذا الحديث إنما يثبتون أن الكذب على النبى بدأ فى حیاة النبى نفسه وإلا
ما قال النبى ھذا الحديث يحذر من الكذب علیه.
ونفھم من قوله تعالى ﴿ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك..﴾ إن أولئك
المنافقین كانوا معروفین للنبى، والواقع أن المنافقین فى عھد النبى كانوا
صنفین:
• صنف كان معروفاً للنبى وأمره اللهبألا يعجب بأموالھم ولا أولادھم وألا
85 ) وكان منھم : يصلى على أحد منھم مات أبداً ولا يقم على قبره (التوبة 84
من زيّف الحديث على النبى..
• وصنف آخر كان أشد خصومة وأكثر خطورة، وقد توعد الله ھذا الصنف بأن
يعذبه مرتین فى الدنیا وفى الآخرة له عذاب عظیم.. ھذا الصنف الشديد
الخطورة لم يكن يعرفه النبى. يقول تعالى فیھم ﴿وممن حولكم من الأعراب
منافقون ومن أھل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمھم نحن نعلمھم
( سنعذبھم مرتین ثم يردون إلى عذاب عظیم﴾ (التوبة 101
عن المنافقین المعروفین يقول تعالى ﴿يحلفون باللهما قالوا ولقد قالوا كلمة
الكفر وكفروا بعد إسلامھم..﴾ ويجعل لھم عذاباً واحداً فى الدنیا إن لم يتوبوا
﴿فإن يتوبوا يك خیراً لھم وإن يتولوا يعذبھم اللهعذاباً ألیماً فى الدنیا والآخرة﴾
( (التوبة 74
أما الصنف الآخر الذى لا يعلمه النبى فقد توعده الله بأن يعذبھم مرتین ﴿ومن
أھل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمھم نحن نعلمھم سنعذبھم مرتین ثم
يردون إلى عذاب عظیم﴾.
ونفھم من المقارنة بین الفريقین أن اللهتعالى أشار إلى احتمال توبة الصنف
الأول المعروف من المنافقین ﴿فإن يتوبوا يك خیراً لھم..﴾ أما الصنف الآخر
الذى لا يعلمه النبى فقد حكم اللهبأنه سیظل سادراً فى غیه وكفره إلى
نھاية حیاته، لذا حكم الله تعالى حكماً مطلقاً بأن يعذبھم مرتین فى الدنیا ثم
ينتظرھم العذاب العظیم فى الآخرة. وحتى بعد أن قال تعالى عنھم ﴿ثم
يردون إلى عذاب عظیم﴾ ذكر صنفاً آخر من أھل المدينة خلطوا عملاً صالحاً
وآخر سیئاً وأشار إلى احتمال قبوله لتوبتھم ﴿وآخرون اعترفوا بذنوبھم خلطوا
عملاً صالحاً وآخر سیئاً عسى الله أن يتوب علیھم إن اللهغفور رحیم﴾ (التوبة
(102
ثم فیما بعد ذكر صنفاً آخر من أھل المدينة وأشار إلى احتمال توبتھم
( ﴿وآخرون مرجون لأمر اللهإما يعذبھم وإما يتوب علیھم﴾ (التوبة 106
إذن فالصنف الوحید من الصحابة من أھل المدينة الذين حكم اللهبأن يظلوا
سادرين فى الكفر بلا توبة ھم أولئك الذين مردوا على النفاق والذين لم يكن
للنبى علم بھم. وھذا الصنف عاشعلى ھذا يكید للإسلام طیلة حیاته أثناء
حیاة النبى وبعد موته علیه السلام..
وإذا كان المنافقون الذين يعرفون النبى قد كذبوا علیه وزيفوا أقواله فى
حیاته فكیف بمن يقول عنھم رب العزة أنھم أدمنوا النفاق وعاشوا علیه
﴿وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أھل المدينة مردوا على النفاق لا
تعلمھم نحن نعلمھم سنعذبھم مرتین ثم يردون إلى عذاب عظیم﴾.
وقد كان أولئك من بین الصحابة وفق تعريف علماء الحديث بأن الصحابى ھو
من صحب النبى أو لقیه فى حیاته.. ومعنى ذلك أنه كان من بین رواة
الأحاديث منافقون ظاھرون معروفون للنبى لا يتورعون عن الكید للإسلام،
وكان منھم من أدمن النفاق آمناً من أن يعلم أحد بحقیقة نفاقه ﴿لا تعلمھم
نحن نعلمھم﴾. ومن يدرى ربما كان منھم بعضالمشاھیرمن الصحابة .علم
ذلك عند اللهوحده جل وعلا..
وإن كان مستحیلاً أن نضع أيدينا على أسمائھم الحقیقیة وشخصیاتھم بعد أن
حجب الله تعالى العلم بھم عن النبى الكريم.. فإنه من الممكن لنا أن نعثر
على رواياتھم التى حملت كل حقدھم على النبى العظیم. وتنوقلت تلك
الروايات حتى وجدت طريقھا للتدوين فیما عرف بكتب الصحاح.. والذين جمعوا
الحديث وقاموا بتنقیته ووضع أسانید له أصدوا قراراً بأن الصحابة كلھم عدول
فوق مستوى الشبھات، ثم لم ينظروا فى متن الحديث ومنطوقه وھل يتفق
مع القرآن أم لا. ونحن وإن كنا نعتبر القرآن ھو المصدر الوحید لسنة النبى
وشريعة الرحمن ودين اللهالأعلى فإننا نضع تلك الروايات الحديثیة موضعھا
الصحیح وھى أنھا تاريخ بشرى للنبى وللمسلمین وصدى لثقافتھم وأفكارھم
سواء اتفقت أم لم تتفق مع القرآن. ويعز علینا أن تتناثر بین تلك الروايات
سموم تشوه سیرة النبى العظیم الذى نشر دعوة وأقام أمة وأسسدولة
وأثر فى تاريخ العالم، علیه الصلاة والسلام.. ونحن على موعد مع "صحیح
البخارى" فى قراءة سريعة لنتعرف منھا على خطورة ما أسموه بالمصدر
الثانى..
سیرة النبى علیه السلام بین حقائق القرآن وروايات البخارى:
نحن لا نوافق على المقولة الشھیرة بأن البخارى أصح كتاب بعد القرآن. فلو
كان البخارى صحیحاً فى كل سطر فیه فلا يصح أبدأ أن نضعه فى موضع
مقارنة بكتاب اللهالعزيز.
والبخارى فى نھاية الأمر من أبناء آدم الذين يجوز علیھم الخطأ والنسیان
والوقوع فى العصیان. وأولئك الذين يحملون فى قلوبھم قدسیة للبخارى
تعصمه من الوقوع فى الخطأ إنما يرفعون البخارى إلى مكانة الألوھیة من
حیث لا يدرون أومن حیث يدرون.
ومن واقع نظرتنا للبخارى كأحد علماء التراث فإننا لا نقصد مطلقاً أن نعقد
مقارنة بینه وبین القرآن الكريم، نعوذ بالله من ذلك، وإنما نقصد من ھذا
المبحث رصد تلك الفجوة بین سیرة النبى فى القرآن وبین سیرته المتناثرة
بین سطور البخارى.
ونترك الحكم للقارئ ونحن على ثقة من أن ولاء القارئ المسلم العاقل إنما
ھو لله تعالى ولرسوله الكريم والكتاب العزيز الذى أنزل السیرة الحقیقیة
للنبى الكريم قرآناً نتعبد بتلاوته ونتقرب إلى الله بقراءته، وحقیق بنا حینئذ أن
نؤمن بتلك الصورة السامیة التى رسمھا القرآن للنبى علیه السلام وأن نكفر
ونرفضفى ذات الوقت أحاديث البخارى وكل ما يخالف القرآن الكريم من
كلام البشر وكتاباتھم.. ھدانا اللهتعالى للصراط المستقیم..!!
كیف كان النبى يقضى يومه:
لك يا عزيزى القارئ أن تتخیل الإجابة على ھذا السؤال وستجدھا مطابقة
لما جاء فى القرآن الكريم. فمنذ أن نزل الوحى على النبى وھو قد ودع حیاة
الراحة وبدأ عصر التعب والإجھاد والجھاد، ويكفى أن أوائل ما نزل من القرآن
يقول له ﴿يا أيھا المدثر. قم فأنذر﴾ و﴿يا أيھا المزمل. قم اللیل إلا قلیلا﴾ أى أن
وقت النبى منذ أن نزل علیه الوحى كان بین تبلیغ الرسالة والمعاناة فى
سبیلھا ثم قیام اللیل.. ولیسھناك بعد ذلك متسع للراحة التى ھى حق لكل
إنسان، وانتقل النبى للمدينة وقد جاوز الخمسین من عمره فزادت أعباؤه، إذ
أصبح مسئولاً عن إقامة دولة وتكوين أمة ورعاية مجتمع، ثم ھو يواجه مكائد
المنافقین فى الداخل والصراع مع المشركین باللسان والسنان، ثم ھو بعد
ذلك يأتیه الوحى ويقوم على تبلیغه وتأسیسالمجتمع المدنى على
أساسه.. ونجح النبى علیه السلام فى ذلك كله. وفى السنوات العشر التى
قضاھا فى المدينة إلى أن مات انتصر على كل أعدائه الذين بدأوه بالھجوم
،ودخل الناسفى دين الله أفواجا.. ومع ھذا فإنه فى حیاته علیه السلام لم
ينقطع عن قیام اللیل ومعه أصحابه المخلصین الذين كانوا الفرسان بالنھار
العابدين للهتعالى باللیل، رضى اللهعنھم أجمعین..
ھذا ما لا نشك لحظة يا عزيزى القارئ فى أنك تتفق معنا فیه. بل وكل عاقل
من أى ملة ودين لا يملك إلا أن يسلم بأن الذى أقام دولة من لا شىء ونشر
دعوة ونھضت به أمة لا يمكن إلا أن يكون قد وھب وقته كله للهولدين الله
وعمل كل دقیقة فى حیاته لتكون كلمة الله ھى العلیا وكلمة الذين كفروا
ھى السفلى..
وندع اجتھادنا العقلى جانباً ونبحث عن الإجابة فى كتاب اللهالعزيز.
فى بداية الوحى نزل قوله تعالى للنبى ﴿يا أيھا المزمل قم اللیل إلا قلیلا.
نصفه أو انقصمنه قلیلا. أو زد علیه ورتل القرآن ترتیلا. إنا سنلقى علیك قولاً
(5 : ثقیلا﴾ (المزمل 1
وأطاع النبى علیه السلام ونفذ أوامر اللهفى مكة واستمر على تنفیذھا فى
المدينة.
وكان معه أصحابه يقومون اللیل فى صلاة وتھجد وتلاوة للقرآن، ولكن الوضع
فى المدينة اختلف عنه فى مكة. أصبح النبى فى المدينة مسئولاً عن دولة
الإسلام الجديدة بكل ما تستلزمه الدولة الولیدة من استعداد وجھاد فى
الداخل والخارج، وأصبح أصحابه معه مشغولین بالجھاد والسعى فى سبیل
الرزق وتوطید أركان الدولة الولیدة التى يتربصبھا الأعداء فى الداخل
والخارج. وأصبح قیام اللیل بنفسما تعودوه فى مكة مرھقاً لھم يعوقھم عن
حسن الأداء فى النھار.
لذا نزلت فى المدينة الآية الأخیرة من سورة "المزمل" بالتخفیف، حیث يقول
رب العزة جل وعلا للنبى الكريم ﴿إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى اللیل
ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك واللهيقدر اللیل والنھار علم أن لن
تحصوه فتاب علیكم فاقرأوا ما تیسر من القرآن علم أن سیكون منكم مرضى
وآخرون يضربون فى الأرضيبتغون من فضل اللهوآخرون يقاتلون فى سبیل
الله فاقرأوا ما تیسر منه وأقیموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسنا﴾
وأعتقد أن من أعظم ما نزل مدحاً للنبى والمؤمنین معه ھو فى ھذه الآية
الكريمة.
فقد جاء فى بداية الآية تزكیة الله للنبى بأعظم ما يكون ﴿إن ربك يعلم أنك
تقوم أدنى﴾ وھل ھناك أعظم شھادة من الله وھو تعالى يشھد بصیغة العلم
الإلھى بأن النبى طبق أوامر ربه فأقام اللیل إلى الثلثین، ثم تأتى شھادة الله
للنبى بالتأكید اللغوى ﴿إن ربك﴾ ثم تضاف كلمة "رب" إلى كاف الخطاب "ربك"
لیكون ذلك التأكید من رب العزة خطاباً مباشراً من اللهتعالى للرسول الكريم
فى معرضالتكريم. ثم يستمر خطاب اللهالمباشر للنبى ﴿إن ربك يعلم أنك
تقوم.. وطائفة من الذين معك..﴾.
ثم تثبت الآية الكريمة أن طائفة من المؤمنین كانت تقوم اللیل مع النبى، ولأن
الله تعالى يعلم العبء الجديد علیھم فى المدينة ولأنه يعلم أن بعضھم سیقع
مريضاً لذا أنزل التخفیف علیھم بأن يقرءوا ما تیسر من القرآن مع استمرار
الأوامر لھم بالمحافظة على الصلاة المفروضة وإيتاء الزكاة والصدقات..
إذن كان النبى يقضى النھار فى الجھاد وتبلیغ الدعوة ورعاية الدولة ويقضى
لیله فى قیام اللیل للعبادة، وكان معه أصحابه. ھذا ما يثبته الرحمن فى
القرآن. وھذا ما ينبغى الإيمان به وتصديقه إذا كنا نحب الله ورسوله ونؤمن
بكتابه وندفع عن النبى الأذى وما يشوه سیرته العظیمة.
وإذا بحثنا عن إجابة لنفسالسؤال "كیف كان يقضى يومه" فى أحاديث
البخارى وجدنا إجابة مختلفة وعجیبة..
نقرأ فى البخارى حديث أنس"إن النبى كان يطوف على نسائه فى لیلة
واحدة وله تسع نسوة".
وفى حديث آخر لأنسأكثر تفصیلاً يقول "كان النبى يدور على نسائه فى
الساعة الواحدة من اللیل والنھار وھن إحدى عشرة". قال الراوى: قلت
لأنس: أو كان يطیقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثین.." (البخارى الجزء
السابع: ص 4، والجزء الأولص 76 . طبعة دار الشعب- وھى التى نعتمد علیھا
فى ھذا المبحث).
وطبقاً لھذه الرواية العجیبة نرى إجابة مختلفة عما ورد فى كتاب اللهالعزيز إذ
نفھم منھا أن النبى كان يطوف على نسائه كلھن- أى يجامعھن- ويتعجب
الراوى ويسأل أنسھل كان فى طاقة النبى ذلك فتكون الإجابة أعجب وھى
أن الصحابة كانوا يتابعون النبى ويتحدثون أن اللهأعطاه قوة ثلاثین رجلاً فى
الجماع.. إذن كان اھتمام النبى فى الطواف حول نسائه وكان اھتمام أصحابه
فى متابعة ھذا النشاط وفى التفاخر به، ولا تعرف بالطبع من أين لھم ذلك
المقیاسالجنسى الذكورى الذى جعلوا به مقدرة النبى الجنسیة -
المزعومة- فى الجماع تبلغ قوة ثلاثین رجلاً. نعوذ باللهتعالى من ھذا الافتراء.
ثم تأتى فى أحاديث البخارى روايات أخرى ينسبھا لعائشة تقول: "أنا طّیبت
رسول الله ثم طاف فى نسائه ثم أصبح محرماً" ورواية أخرى "كنت أطیّب
رسول الله فیطوف على نسائه ثم يصبح محرماً ينضح طیباً" (البخارى: الجزء
.( الأول ص 73
والآن.. ھل نصدق حديث القرآن عن النبى وقیامه اللیل مع أصحابه
وانشغالھم بالجھاد أم نصدق تلك الروايات البشرية؟ نترك لك ذلك عزيزى
القارئ. ولا حول ولا قوة إلا بالله..!!
ھل كان النبى يباشر نساءه فى المحیض؟
والإجابة التى ننتظرھا منك عزيزى القارئ ھى أعوذ بالله.. ونحن معك فى
ھذا. ونعتذر عن إيراد العنوان بھذا الشكل.. ولكن لا نجد عنواناً آخر للموضوع.
والذى نؤمن به جمیعاً أن النبى كان صفوة خلق اللهومن أرقھم ذوقاً
وأسماھم خلقاً. ومن كان على ھذا المستوى لا ننتظر منه ھذا، خصوصاً وأن
الله تعالى قال له ﴿ويسألونك عن المحیضقل ھو أذى فاعتزلوا النساء فى
المحیضولا تقربوھن حتى يطھرن فإذا تطھرن فأتوھن من حیث أمركم الله
( إن اللهيحب التوابین ويحب المتطھرين﴾ (البقرة 222
لم يقل رب العزة "فاعتزلوھن" فقط وإنما قال أيضاً ﴿ولا تقربوھن﴾ أى زيادة
فى التأكید والتحذير. ونحن نؤمن بأن النبى طبق ھذا السنة، فالسنة
الحقیقیة للنبى ھى فى تطبیق القرآن، والله تعالى ﴿يحب التوابین ويحب
المتطھرين﴾ ونبى الله من أئمة المتطھرين فى كل عصر..
ھذا ما نؤمن به جمیعاً عزيزى القارئ، ولكنك حین تقرأ باب الحیضفى
البخارى تفاجأ بروايات غريبة تحت عنوان غريب ھو "باب مباشرة الحائض".
منھا حديث ينسب لعائشة "كنت أغتسل أنا والنبى من إناء واحد كلانا جنب
وكان يأمرنى فأتّزر فیباشرنى وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلى وھو معتكف
فأغسله وأنا حائض" ورواية أخرى عن عائشة كانت إحدانا إذا كانت حائضاً
فأراد الرسول أن يباشرھا أمرھا أن تتزر فى فور حیضتھا ثم يباشرھا، قالت:
وأيكم يملك إربه كما كان النبى يمك إربه" ومنھا حديث میمونة "كان رسول
اللهإذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرھا فاتزرت وھى حائض"
فالبخارى ھنا يسند تلك الروايات لأمھات المؤمنین لیجعلھن شھوداً على أن
النبى كان يباشرھن وھن حائضات، ويضع البخارى على لسان عائشة إشارة
إلى خصوصیة النبى فى مقدرته الجنسیة فیزعم أن عائشة قالت "وأيكم
يملك إربه كما كان النبى يملك إربه"!!
وفى رواية أخرى يجعل البخارى من النبى ملازماً للنساء لا يفترق عنھن حتى
فى المحیض، فیروى حديثاً ينسبه لأم سلمة "بینما أنا مع النبى مضطجعة
فى خمیلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثیاب حیضتى قال: أنفست؟ قلت: نعم.
فدعانى فاضطجعت معه فى الخمیلة".
وھكذا أصبح لا عمل أمام النبى ولا مسئولیات ملقاة على عاتقه إلا أن يجلس
فى الخمیلة مع زوجاته حتى فى المحیض.. نعوذ بالله من ھذا الافتراء.. بل
ھناك أكثر من ذلك، يدعى البخارى أن عائشة قالت "كان النبى يتكىء فى
حجرى وأنا حائضثم يقرأ القرآن".. ھكذا.. ضاقت كل الأماكن ولم تعد ھناك
مساجد ولا قیام للیل مع طائفة من الذين آمنوا.. حتى يلجأ النبى إلى ذلك
.( فى زعم البخارى (راجع باب الحیضفى البخارى: الجزء الأولص 79
لن نضع عناوين أخرى فى ھذا الموضوع
ثم تدخل أحاديث البخارى فى منعطف خطیر فى تشويه سیرة النبى علیه
السلام تجعلنا نتحرج من أن نضع لھا عناوين، وھذا المنعطف الخطیر يتناول
علاقة مزعومة للنبى علیه السلام بالنساء من غیر زوجاته. وكم كنا نود إغفال
ھذا المنعطف لولا حرصنا على تنزيه نبى الإسلام من ھذا الافتراء الذى
يسرى سريان السم بین سطور البخارى. والذى يقف دلیلاً ھائلاً على تلك
الفجوة بین القرآن والبخارى باعتباره أھم كتب المصدر الثانى لمن يعتقد أن
ھناك مصادر أخرى مع القرآن.
-1 ونبدأ بأحاديث زعم فیھا أن النبى كان يخلو بالنساء الأجنبیات. ونقرأ حديث
أنس: "جاءت امرأة من الأنصار إلى النبى فخلا بھا فقال: والله إنكن لأحب
الناسإلى" والرواية تريد للقارئ أن يتخیل ما حدث فى تلك الخلوة التى
انتھت بكلمات الحب تلك.. ولكن القارئ الذكى لابد أن يتساءل إذا كانت تلك
الخلوة المزعومة قد حدثت- فرضاً- فكیف عرف أنس- وھو الراوى ما قال
النبى فیھا؟.
وفى نفسالصفحة التى جاء فیھا ذلك الحديث يروى البخارى حديثاً آخر ينھى
فیه النبى عن الخلوة بالنساء، يقول الحديث "لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذى
محرم" وذلك التناقضالمقصود فى الصفحة الواحدة فى "صحیح البخارى"
يدفع القارئ للاعتقاد بأن النبى كان ينھى عن الشىء ويفعله.. يقول للرجال
"لا يخلون رجل بامرأة" ثم يخلو بامرأة يقول لھا "واللهإنكن لأحب النساء إلى"
ھل نصدق أن النبى علیه السلام كان يفعل ذلك؟ نعوذ بالله... (راجع
.( البخارى: الجزء السابعص 48
-2 ثم يسند البخارى رواية أخرى لأنستجعل النبى يخلو بأم سلیم الأنصارية،
تقول الرواية "إن أم سلیم كانت تبسط للنبى نطعاً فیقیل عندھا- أى ينام
القیلولة عندھا- على ذلك النطع، فإذا نام النبى أخذت من عرقه وشعره
.( فجعلته فى قارورة ثم جمعته فى سك" (البخارى الجزء الثامنص 78
ويريدنا البخارى أن نصدق أن بیوت النبى التى كانت مقصداً للضیوف كانت لا
تكفیه وأنه كان يترك نساءه بعد الطواف علیھن لیذھب للقیلولة عند امرأة
أخرى، وأثناء نومه كانت تقوم تلك المرأة بجمع عرقه وشعره.. وكیف كان
يحدث ذلك.. يريدنا البخارى أن نتخیل الإجابة.. ونعوذ بالله من ھذا الإفك.
-3 ثم يؤكد البخارى على ھذا الزعم الباطل بحديث أم حرام القائل "كان
رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت
عبادة بن أبى الصامت فدخل علیھا رسول اللهفأطعمته وجعلت تفلى رأسه
فنام رسول اللهثم استیقظ وھو يضحك فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟...
إلخ" فالنبى على ھذه الرواية المزعومة تعود الدخول على ھذه المرأة
المتزوجة ولیسفى مضمون الرواية وجود للزوج، أى تشیر الرواية إلى أنه
كان يدخل علیھا فى غیبة زوجھا ويصور البخارى كیف زالت الكلفة والاحتشام
بین النبى وتلك المرأة المزعومة، إذ كان ينام بین يديھا وتفلى له رأسه
وبالطبع لابد أن يتخیل القارئ موضع رأسالنبى بینما تفلیھا له تلك المرأة
فى ھذه الرواية الخیالیة، ثم بعد الأكل والنوم يستیقظ النبى من نومه وھو
يضحك ويدور حديث طويل بینه وبین تلك المرأة نعرف منه أن زوجھا لم يكن
موجوداً وإلا شارك فى الحديث.
وصیغة الرواية تضمنت الكثیر من الإيحاءات والإشارات المقصودة لتجعل
القارئ يتشكك فى أخلاق النبى. فتقول الرواية "كان رسول اللهيدخل على
أم حرام.." ولاحظ اختیار لفظ الدخول على المرأة ولم يقل كان يزور والدخول
على المرأة له مدلول جنسى لا يخفى ، والايحاء ھنا موظف جیدا بھذا
الأسلوب المقصودة دلالته. ثم يقول عن المرأة "وكانت أم حرام تحت عبادة
بن أبى الصامت" فھنا تنبیه على أنھا متزوجة ولكن لیسلزوجھا ذكر فى
الرواية لیفھم القارئ أنه كان يدخل على تلك المرأة المتزوجة فى غیبة
زوجھا، وھى عبارة محشورة فى السیاق عمدا حیث لا علاقة لھا بتفصیلات
الرواية . الا أن حشرھا ھكذا مقصود منه ان النبى كان يدخل على امرأة
متزوجة فى غیبة زوجھا ويتصرف معھا وتتعامل معه كتعامل الزوجین. وحتى
يتأكد القارىء ان ذلك حرام ولیسحلالا يجعل البخارى اسم المرأة "أم حرام"
لیتبادر إلى ذھن القارئ أن ما يفعله النبى حرام ولیسحلالاً. ثم يضع الراوى-
بكل وقاحة- أفعالاً ينسبھا للنبى علیه السلام لا يمكن أن تصدر من أى إنسان
على مستوى متوسط من الأخلاق الحمیدة فكیف بالذى كان على خلق
عظیم.. علیه الصلاة والسلام، فیفترى الراوى كیف كانت تلك المرأة تطعمه
وتفلى له رأسه وينام عندھا ثم يستقیظ ضاحكاً ويتحادثان.. نعوذ بالله من
الافتراء على رسول الله..
وقد كرر البخارى ھذه الرواية المزعومة بصور متعددة وأسالیب شتى لیستقر
معناھا فى عقل القارئ (راجع البخارى: الجزء الرابعص 51 ،39 ،21 ،19
.( والجزء الثامنص 78 والجزء التاسعص 44
-4 ولا تقتنع روايات البخارى بذلك..
إذ يروى عن بعضھم حديثاً يقول "خرجنا مع النبى (صلى اللهعلیه وسلم)
حتى انطلقنا إلى حائط- أى بستان أو حديقة- يقال له الشوط ، حتى انتھینا
إلى حائطین فجلسنا بینھما فقال النبى: اجلسوا ھاھنا ، ودخل وقد أُتى
بالجونیة فأنزلت فى بیت نخل فى بیت أمیمة بنت النعمان بن شراحیل ومعھا
دايتھا حاضنة لھا ، فلما دخل علیھا النبى (صلى الله علیه وسلم) قال: ھبى
نفسك لى. قالت: وھل تھب الملكة نفسھا للسوقة، فأھوى بیده
علیھا لتسكت فقالت: أعوذ بالله منك.. (راجع البخارى الجزء السابعص
.(53
وبالتمعن فى ھذه الرواية الزائفة نشھد رغبة محمومة من البخارى لاتھام
النبى بأنه حاول اغتصاب امرأة أجنبیة جىء له بھا، وانھا رفضته وشتمته
باحتقار . فالراوى يجعل النبى يذھب عامداً إلى المكان المتفق علیه وينتظره
أصحابه فى الخارج، والمرأة الضحیة- واسمھا الجونیة- قد أحضروھا له،
ونفھم من القصة أنھا مخطوفة جئ بھا رغم أنفھا. ويدخل النبى فى تلك
الرواية المزعومة على تلك المرأة وقد جھزتھا حاضنتھا أو وصیفتھا لذلك اللقاء
المرتقب، والمرأة فى تلك الرواية المزعومة لم تكن تحل للنبى لذا يطلب منھا
أن تھب نفسھا له بدون مقابل، وترفضالمرأة ذلك بإباء وشمم قائلة "وھل
تھب الملكة نفسه للسوقة؟" أى تسب النبى فى وجھه – بزعم البخارى -
وبدلا من أن يغضب لھذه الاھانة يصر على أن ينال منھا جنسیا ويقترب منھا
بیده فتتعوذ بالله منه ، أى تجعله- فى تلك الرواية الباطلة- شیطاناً تستعیذ
بالله منه.. ولكن ذلك البناء الدرامى لتلك القصة الوھمیة البخارية ينھار فجأة
أمام عقل القارئ الواعى.. إذا كان الراوى للقصة قد سجل على نفسه أنه
انتظر النبى فى الخارج فكیف تمكن من إيراد الوصف التفصیلى والحوار الذى
حدث فى خلوة بین الجدران؟؟
-5 ولا تتورع أحاديث البخارى عن نسبة الألفاظ النابیة والتعبیرات المكشوفة
الخارجة للنبى علیه السلام، وذلك حتى تكتمل صورة الشخصالمھووس
بالجنسوالنساء التى أحاط بھا شخصیة النبى علیه السلام وسیرته فى لیله
ونھاره.
فھناك حديث نسبه البخارى للنبى جعل النبى يقصقصة إسرائیلیة يقول
فیھا "وكان فى بنى إسرائیل رجلً يقال له جريج كان يصلى جاءته أمه
فدعتھا فقال: أجیبھا أو أصلى فقالت: اللھم لاتمته حتى تريه وجوه
.( المومسات" (البخارى: الجزء الرابعص 201
إن الرجل المحترم لا يستطیع أن يتلفظ بھذه الكلمة (المومسات) فكیف
برسول الله علیه الصلاة والسلام.. وتلك القصة لا تستند إلى منطق درامى
فى عالم التألیف .واعتقد أن الھدف من صیاغتھا الركیكة ھى أن يضعوا كلمة
نابیة على لسان الرسول بأى شكل..
ومثله حديث آخر مزعوم يرويه البخارى ويعلن شكّه فیه يقول "فیمن يلعب
بالصبى إن أدخله فیه فلا يتزوجن أمه.." ومنطق ذلك الحديث الكاذب يعطى
انطباعاً أنه صیغ فى العصر العباسى عصر المجون والشذوذ، ولم يكن ذلك
الشذوذ معروفاً فى الجزيرة العربیة حتى نھاية الدولة الأموية وقد قال أحد
.( الأمويین أنه لولا القرآن ذكر أفعال قوم لوط ما صدق أن ذلك يمكن حدوثه( 1
( والبخارى أورد ذلك الحديث وشكك فیه (البخارى: الجزء السابعص 14
وإذن لماذا رواه؟
وتفوح الإيحاءات الجنسیة المثیرة من بعضأحاديث البخارى التى ينسبھا
للنبى مثل "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعھا آخر الیوم". (البخارى
الجزء السابعص 42 ) وما الذى نستفیده من ھذه النصیحة الغیر الغالیة.
وحديث آخر عن متى يجب الغسل من الجماع "إذا جلسبین شعبھا الأربع ثم
جھدھا فقد وجب الغسل" (البخارى: الجزء الأول 77 ) وھو حديث ينبغى منع
الشباب من قراءته.
ويجعل البخارى ھذه النوعیة من الأحاديث الجنسیة تدور حول أم المؤمنین
عائشة مثل "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
(البخارى: الجزء الرابعص 200 ) ثم ذلك الحوار المزعوم بین النبى وعائشة
وھى تقول له "أرأيت لو نزلت وادياً وفیه شجر وقد أُكل منھا ووجدت شجراً
لم يؤكل منھا، فى أيھا كنت ترتع بعیرك؟ قال: فى الذى لم يرتع منھا. تعنى
.( أن رسول اللهلم يتزوج بكراً غیرھا" (البخارى: الجزء السابعص 6
وأسوأ ما فى ھذه الأحاديث المكشوفة ھو لفظ أورده البخارى لا نجرؤ على
كتابته ونترك للقارئ فھمه والبحث عنه بنفسه، يقول "لما أتى ماعز بن مالك
النبى (صلى الله علیه وسلم) قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت: قالا لا...
قال (.....)( 2) لايكنى، قال فعند ذلك أمر برجمه" (البخارى الجزء الثامنص
.(207
وعقوبة الرجم تشريع ما أنزل الله بھا من سلطان. وشاء واضعوا ھذا التشريع
أن ينسبوا للنبى تلك الكلمة البذيئة فى تحقیقه المزعوم مع مرتكب الزنا
ماعز بن مالك. فادعوا أن النبى قال له "....." وأنه قالھا له صريحة بلا كناية
"لايكنى".
ھل نتصور قائد أمة يتلفظ بھذا اللفظ النابى؟ فكیف بالرسول الكريم الذى
قال فیه ربنا جل وعلا ﴿وإنك لعلى خلق عظیم﴾!!! نعوذ بالله من الكذب على
رسول الله...
-6 ويصل افتراؤھم على الرسول علیه السلام إلى حد أنھم ينسبون له
تشريعاً بإباحة الزنا وتحريم الزواج. فالبخارى ينسب للنبى قوله "أيما رجل
وامرأة توافقا فعشرة ما بینھما ثلاث لیال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاراكا"
(البخارى: الجزء السابعص 16 ) ومعناه الواضح أن أى رجل أعجبته امرأة ونال
ھو إعجابھا فله أن يعاشرھا ثلاث لیال ثم لھما الحرية فى أن يطیلا فترة
المعاشرة أو أن يتركھا بعد تلك التجربة الحمراء.
واختیار الألفاظ واضح فى الدعوة للزنا فى ذلك الحديث الكاذب، فقال "رجل
وامرأة" و"توافقا" و"عشرة ما بینھما" و"ثلاث لیال" "أحبا أن يتزايدا"
"يتتاراكا".
ونأسف لأننا أوردنا كل ألفاظ الحديث تقريباً.. ومعذرة إذا نسینا أول وأھم كلمة
فیه وھى "أيّما" التى تجعل من الحديث تشريعاً عاماً يسوغ الزنا لكل رجل
وامرأة..







 
قديم 06-12-14, 04:41 PM   رقم المشاركة : 67
متبع الدليل
عضو فضي






متبع الدليل غير متصل

متبع الدليل is on a distinguished road


1) القرآن الكريم ھو الكتاب الوحید للمسلم )
المؤمن طالما يكتفى بالله تعالى رباً فھو أيضاً يكتفى بكتاب اللهفى الھداية
والتشريع يقول تعالى {أولم يكفھم أنا أنزلنا علیك الكتاب يتلى علیھم؟}
.( (العنكبوت 51
ويلاحظ أن الآيات الكريمة التى تحضعلى الاكتفاء باللهرباً وعلى الاكتفاء
بالقرآن كتاباً جاءت كلھا بأسلوب الاستفھام الإنكارى.. أى الإنكار على من
يتخذون أولیاء وأرباباً مع اللهوالذين يتخذون كتباً أخرى مع كتاب الله.
وأوضح رب العزة أن فى الاكتفاء بالقرآن رحمة وذكرى للمؤمنین {أولم يكفھم
أنا أنزلنا علیك الكتاب يتلى علیھم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون}.
فمن رحمة اللهبنا أن فرضعلینا كتاباً واحداً میسراً للذكر ومصوناً عن
التحريف وجعله واضحاً مبیناً، له بداية وله نھاية، ولم يتركنا إلى كتب أخرى
كتبھا بشر مثلنا يجوز علیھم الخطأ والنسیان والھوى والعصیان، ثم ھم
مختلفون متناقضون، ولا أول لكتبھم ولا نھاية لھا..
- القرآن ھو الحق الذى لا ريب فیه، وما عداه ظن ولا ينبغى اتباع الظن..
.( يقول تعالى عن القرآن {ذلك الكتاب لا ريب فیه ھدى للمتقین} (البقرة 2
فالقرآن لا مجال فیه للريب أو الشك، وحقائق القرآن مطلقة، وما عداه من
كتب يعترف أصحابھا بأن الحق فیھا نسبى أى يحتمل الصدق والكذب.. وما
يحتمل الصدق والكذب يدخل فى دائرة الظن..
ودين الله الحق لا يقوم إلا على الحق الیقینى الذى لا ريب فیه حتى لا تكون
للبشر حجة على الله يوم القیامة. لذا ضمن الله حفظ كتابه من كل عبث أو
.( تحريف {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر 9
ويقول تعالى عن كتابه الحكیم {وإنه لكتاب عزيز. لا يأتیه الباطل من بین يديه
.(42 : ولا من خلفه تنزيل من حكیم حمید} (فصلت 41
أما أديان البشر الوضعیة فالمجال واسع فیھا للظن والريب..
لذا يأمرنا جل وعلا باتباع الحق الذى لا ريب فیه والإعراضعن المعتقدات
التى تقوم على الظن، يقول تعالى فى الاعتقاد القائم على الظن {وما يتبع
الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن ھم إلا يخرصون}؛
.( (يونس 66
ويقول تعالى فى التشريع القائم على الظن {سیقول الذين أشركوا لو شاء
الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء كذلك كذب الذين من قبلھم حتى
ذاقوا بأسنا قل ھل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ إن تتبعون إلى الظن وإن
.( أنتم إلا تخرصون} (الأنعام 148
ويقول تعالى يقارن بین اتباع الحق واتباع الظن {وما يتبع أكثرھم إلا ظناً إن
الظن لا يغنى من الحق شیئا} (يونس 36 ). ويتكرر نفسالمعنى فى سورة
النجم {إن يتبعون إلا الظن وما تھوى الأنفسولقد جاءھم من ربھم الھدى}.
{إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شیئا}؛.
.(...، وصدق الله العظیم {وإن الظن لا يغنى من الحق شیئا} (النجم 28 ،23
ولكن المشكلة أن الغالبیة العظمى من البشر ينبذون الحق ويتبعون الظن،
يقول تعالى يخاطب النبى الكريم {وإن تطع أكثر من فى الأرضيضلوك عن
.( سبیل اللهإن يتبعون إلا الظن وإن ھم إلا يخرصون} (الأنعام 116
ومشكلتنا نحن المسلمین أن علماء الحديث يؤكدون أن الأغلبیة العظمى من
الأحاديث المنسوبة للرسول (صلى اللهعلیه وسلم) ھى أحاديث آحاد
ويؤكدون أنھا تفید الظن ولا تفید الیقین..ومع ذلك يأمرنا بعضھم باتباع الظن
مع أن الظن لا يغنى من الحق شیئا.. ھدانا اللهإلى الطريق المستقیم..
ويلفت النظر أن الله تعالى وصف ذاته العلیة بأنه الحق، ووصف إنزال القرآن
بأنه أنزله بالحق، ووصف القرآن نفسه بأنه الحق..
عن وصف الله تعالى بالحق يقول الحق تعالى {فذلك اللهربكم الحق فماذا
بعد الحق إلا الضلال؟} (يونس 32 ).{ذلك بأن الله ھو الحق وإن ما يدعون من
.( دونه الباطل} (لقمان 30
وعن إنزال القرآن بالحق يقول تعالى {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} (الإسراء
.(105
وعن وصف القرآن بأنه الحق يقول تعالى {والذى أوحینا إلیك من الكتاب ھو
.( الحق} (فاطر 31 ). {إن ھذا لھو القصصالحق} (آل عمران 62
بل إن الله تعالى يصف الحق القرآنى بأنه الحق الیقینى المطلق، يقول
تعالى {إن ھذا لھو حق الیقین} (الواقعة 95 ).{وإنه لحق الیقین} (الحاقة
.(51
وجاءت الصیغة بالتأكید..
فإذا كان اللهقد أكرمنا بالحق الیقینى فكیف نأخذ معه أقاويل ظنیة.. مع أنه لا
مجال فى الدين الحق للظن؟؟
- القرآن ھو الحديث الوحید الذى ينبغى الإيمان به
وصف الله تعالى القرآن بأنه حديث وتحدى المشركین أن يأتوا بحديث مثله
فقال تعالى {أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون. فلیأتوا بحديث مثله إن كانوا
.(34 : صادقین} (الطور 33
ووصف القرآن بأنه أحسن الحديث {اللهنزل أحسن الحديث كتاباً مثانى
تقشعر منه جلود الذين يخشون ربھم ثم تلین جلودھم وقلوبھم إلى ذكر الله
.( ذلك ھدى اللهيھدى به من يشاء} (الزمر 23
فإذا أكرمنا اللهتعالى بأحسن الحديث فكیف نتركه إلى غیره؟..
وأوضح رب العزة أن الصدق كله فى حديث اللهتعالى فى القرآن {ومن
.( أصدق من الله حديثا} (النساء 87
وتوعد اللهتعالى من يكذب بحديثه فى القرآن {فذرنى ومن يكذب بھذا
.( الحديث سنستدرجھم من حیث لا يعلمون} (القلم 44
وأكد رب العزة أن الإيمان لا يكون إلا بحديثه تعالى فى القرآن الكريم فقال
.( فى آخر سورة المرسلات {فبأى حديث بعده يؤمنون؟} (المرسلات 50
وتكرر نفسالمعنى فى قوله تعالى {أولم ينظروا فى ملكوت السماوات
والأرضوما خلق الله من شىء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلھم فبأى
( حديث بعده يؤمنون}.(الأعراف 185
وھى دعوة لنا لنتفكر قبل أن يأتى الأجل المحتوم..
بل إن الله تعالى يجعل من الإيمان بحديث القرآن وحده مقترناً بالإيمان به
تعالى وحده، فكما لا إيمان إلا بحديث القرآن وحده فكذلك لا إيمان إلا بالله
وحده إلھاً. وكما أن المؤمن يكتفى باللهوحده إلھاً فھو أيضاً يكتفى بحديث
القرآن وحده حديثاً.. وجاءت تلك المعانى فى قوله تعالى {تلك آيات الله
نتلوھا علیك بالحق فبأى حديث بعد اللهوآياته يؤمنون. ويل لكل أفاك أثیم.
يسمع آيات اللهتتلى علیه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعھا كأن فى أذنیه
.(8 : وقرا فبشره بعذاب ألیم} (الجاثیة 6
وذلك الذى يعرضعن آيات الله شأنه أنه يتمسك بأحاديث أخرى غیر القرآن
سماھا القرآن {لھو الحديث} يقول تعالى {ومن الناسمن يشترى لھو
الحديث لیضل عن سبیل الله بغیر علم ويتخذھا ھزوا أولئك لھم عذاب مھین.
وإذا تتلى علیه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعھا كأن فى أذنیه وقرا
.(7 : فبشره بعذاب ألیم} (لقمان 6
وحین يقول رب العزة {ومن الناس} فإنه تعالى يقرر حقیقة تنطبق على كل
مجتمع بشرى فیه ناسفى أى زمان ومكان..
- الوحى المكتوب الذى نزل على الرسول ھو سور وآيات فى القرآن فقط
تحدى الله تعالى المشركین أن يأتوا بسورة مثل القرآن {وإن كنتم فى ريب
.( مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} (البقرة 23
{أم يقولون افتراه؟ قل فأتوا بعشر سور مثله} (يونس 38 ). والشاھد ھنا أن
الذى نزله اللهتعالى على رسوله الكريم ھو سور، ولیست ھناك سور إلا فى
القرآن. إذن فالقرآن ھو الوحى الوحید المكتوب الذى نزل على الرسول
(صلى اللهعلیه وسلم).
- البشر مطالبون يوم القیامة بما نزل على الرسل من آيات الوحى.. فالوحى
آيات
يوم القیامة سیقول تعالى {يا معشر الجن والإنسألم يأتكم رسل منكم
يقصون علیكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم ھذا؟} (الأنعام 130 ) فالرسل
كانوا يقصون آيات اللهالتى أنزلھا علیھم..
ويقول تعالى فى أصحاب النار {وسیق الذين كفروا إلى جھنم زمرا حتى إذا
جاءوھا فتحت أبوابھا وقال لھم خزنتھا ألم يأتكم رسل منكم يتلون علیكم آيات
ربكم..} (الزمر 71 ). أى كان الرسل يتلون آيات الله. ومن أعرضعنھا دخل
النار وحشره ربه أعمى.. {قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصیرا؟ قال
كذلك أتتك آياتنا فنسیتھا وكذلك الیوم تنسى. وكذلك نجزى من أسرف ولم
.(..127 : يؤمن بآيات ربه..} (طه 125
إذن نحن مطالبون بالإيمان بالآيات التى نزلت على النبى، ولیست ھناك آيات
من الوحى خارج القرآن الكريم.. إذن ھو القرآن الكريم وكفى...
- لا مثیل للقرآن كما أنه لا مثیل للهتعالى
يقول تعالى عن ذاته العلیة {لیسكمثله شىء وھو السمیع البصیر}
(الشورى 11 ). ويقول تعالى عن كتابه الحكیم {قل لئن اجتمعت الإنس
والجن على أن يأتوا بمثل ھذا القرآن لا يأتون بمثله} (الإسراء 88 ).. إذن لا
مثیل للقرآن كما أنه لا مثیل لله..
وكما أن الله تعالى أحد فى ذاته وصفاته ولا يشبھه أحد من المخلوقات{قل
( ھو اللهأحد. اللهالصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد}(الإخلاص 1:4
فإنه لیسفى استطاعة المخلوقات أن تأتى بسورة واحدة مثل السورة
القرآنیة {فأتوا بسورة من مثله} (البقرة 23 ). {فأتوا بسورة مثله} (يونس
.(38
لیسھناك مثیل للقرآن، ولیسھناك مثیل لأى سورة من سور القرآن.. ومع
ذلك يقولون أن الله أوحى للنبى القرآن {ومثله معه} فإين ذلك المثیل إذا
كان اللهتعالى قد نفى وجوده؟
2) القرآن الكريم ما فرط فى شىء )
- بیان القرآن فى داخل القرآن، القرآن كتاب مبین فى ذاته
يقول تعالى {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البینات والھدى من بعد ما بیناه
للناسفى الكتاب أولئك يلعنھم اللهويلعنھم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا
.( وبینوا فأولئك أتوب علیھم وأنا التواب الرحیم} (البقرة 159
كتاب الله ھو الكتاب المبین بذاته، وآياته موصوفة بالبینات أى التى لا تحتاج
فى تبیینھا إلا لمجرد القراءة والتلاوة والتفكر والتدبر فیھا. والذى جعل الكتاب
مبیناً وجعل آياته بینات ھو رب العزة القائل {بعد ما بیناه للناسفى الكتاب}
.( والقائل عن كتابه {ولقد يسرنا القرآن للذكر فھل من مدكر} (القمر 22
.( {فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقین وتنذر به قوماً لدا} (مريم 97
.( {فإنما يسرناه بلسانك لعلھم يتذكرون} (الدخان 58
وكل المطلوب منا أن نتلوا القرآن وإذا تلوناه نطقت آياته البینات بنفسھا
والتى لا تحتاج منا إلا لمجرد النطق وعدم الكتمان. لذا فإن اللهتعالى يجعل
الكتمان- كتمان الآيات- ھو عكسالتبیین لذا فإن اللهتعالى يھدد من يكتم
آيات الله البینات التى بینھا فى كتابه {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البینات
والھدى من بعد ما بیناه للناسفى الكتاب أولئك يلعنھم الله..}
ويقول تعالى عن أھل الكتاب {وإذ أخذ الله میثاق الذين أوتوا الكتاب لتبیننه
للناسولا تكتمونه} (آل عمران 187 ). فشرح تعالى تبیین البشر للكتاب بأنه
عدم كتمانه، أى تلاوته وقراءته، ومتى تلونا الكتاب المبین نطقت آياته البینات
لمن يريد تدبرھا .
والآيات التى تتحدث عن بیان القرآن ووصفه بالكتاب المبین والبینات أكثر من
أن تستقصى ومع ذلك فإن منا من يعتقد أن كتاب الله غامضمبھم يحتاج
إلى من يفسره.. ھذا مع أن الله تعالى يقول عن كتابه {ولا يأتونك بمثل إلا
جئناك بالحق وأحسن تفسیرا} (الفرقان 33 ). فأحسن تفسیر للقرآن ھو فى
داخل القرآن.
وابن كثیر يعترف فى بداية تفسیره أن أحسن التفسیر أن يفسر القرآن
بالقرآن..
- القرآن ما فرط فى شىء ونزل تبیاناً لكل شىء وجاء مفصلاً لكل شىء
.( يقول تعالى {ما فرطنا فى الكتاب من شىء} (الأنعام 38
.( ويقول تعالى {ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء} (النحل 89
ويقول تعالى {ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذى بین يديه وتفصیل كل
( شىء}.(يوسف 111
والمؤمن بالقرآن لا يبادر باتھام كتاب الله بأنه فرط وجاء غامضاً يحتاج لما يبینه
وجاء مجملاً يحتاج لمن يفصله..
والمؤمن بالقرآن يؤمن بأن اللهتعالى صادق فیما يخبر به من أن القرآن ما
فرط فى شىء وأنه نزل تبیاناً لكل شىء وتفصیلاً لكل شىء.
وحتى لا تتلاعب به أھواء السوء لتقول له وأين كذا وكذا فى القرآن علیه أن
يتفھم منطق القرآن قبل أن يبادر بالاتھام..
يقول تعالى {ما فرطنا فى الكتاب من شىء} والتفريط ھو إغفال الشىء
الضرورى الھام وتركه، ونحن مثلاً لا نواجه مشكلة فى عدد ركعات الصلاة ولا
فى كیفیتھا. واللهتعالى وھو الأعلم بالماضى والحاضر والمستقبل- لو
عرفنا أننا سنواجه مشاكل فى موضوع الصلاة لأوضح لنا عددھا وكیفیتھا
ومواقیتھا بالتحديد.. ولكنه تعالى أنزل القرآن يوضح ما نحتاج إلیه فعلاً فى
الحاضر وفى المستقبل وأنزل القرآن بالحق والمیزان {اللهالذى أنزل الكتاب
بالحق والمیزان} (الشورى 17 ). فلا مجال فیه لزيادة أو تزيّد لسنا فى حاجة
إلیه، ولو نزل القرآن يحكى لنا تفصیل الصلاة ونحن نعرفھا ونمارسھا منذ
الصغر لكان فى ذلك شىء من الھزل، ولا مجال للھزل فى كتاب الله
{والسماء ذات الرجع. والأرضذات الصدع. إنه لقول فصل. وما ھو بالھزل}
.(14 : (الطارق 11
لذا فالقرآن ما فرط فى شىء نحتاج إلیه.
ويقول تعالى {ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء} والتبیان ھو التوضیح لما
يستلزم البیان والتوضیح . والشىء الواضح بذاته لا يحتاج لما يبینه ويوضحه
وإلا كان فضولاً فى الكلام وثرثرة لا حاجة إلیھا..
والله سبحانه وتعالى أنزل كتابه محكماً لا مجال فیه للغو والتزيد لذا كان
البیان فیه لما يتطلب البیان، وكل شىء يستلزم البیان والتوضیح جاء فى
القرآن بیانه وتوضیحه. وما لیسمحتاجاً لبیان فلا مجال فیه للتفصیل والبیان
فى كتاب فُصّلت آياته ثم أحكمت من لدن حكیم خبیر.
لذا يرتبط "البیان فى القرآن" بالھدى والرحمة والبشرى للمسلمین {ونزلنا
علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء وھدى ورحمة وبشرى للمسلمین} فبیان
القرآن {ھدى} للباحث عن الھدى وسط ركامات من الغموضوالحیرة، وبیان
القرآن {رحمة} به حین يبین له ما خفى ويصل به إلى شاطئ الأمان
والرحمة الإلھیة وھناك {البشرى} بعد الھدى والرحمة..
وأيضاً ترتبط (تفصیلات القرآن) بالھدى والرحمة، يقول تعالى {ولقد جئناھم
.( بكتاب فصلناه على علم ھدى ورحمة لقوم يؤمنون} (الأعراف 52
فالتفصیلات القرآنیة التى شملت كل شىء جاءت ھدى وحمة لأولئك الذين
يحتاجون إلى ھذه التفصیلات. وإذا كانت الأمور واضحة لا تحتاج إلى تفصیل
وإيضاح فمن العبث توضیح ما ھو واضح، وتعالى اللهعن العبث.
والبشر قد تتحول التفصیلات فى كلامھم إلى لغو وثرثرة فیما لا حاجة إلیه ولا
طائل من ورائه، وھذا ما تنزھت عنه تفصیلات الكتاب العزيز التى جاءت فیما
يحتاج إلى تفصیل، لذا ارتبطت تفصیلات القرآن الكريم بالعلم المحكم وفى
ذلك يقول تعالى {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكیم خبیر} (ھود
.(1
ويقول تعالى عن العلم الإلھى الذى يحكم التفصیلات القرآنیة لتكون ھدى
ورحمة للمؤمنین {ولقد جئناھم بكتاب فصلناه على علم ھدى ورحمة لقوم
يؤمنون}.
ولذا فإن العلماء المحققین المؤمنین بتمام القرآن والمكتفین به ھم فقط
الذين يفھمون تفصیلات القرآن. وفى ذلك يقول تعالى {كذلك نفصل الآيات
لقوم يعلمون} (الأعراف 32 ).. {كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون} (يونس
24 ).. {كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} (الروم 28 ). ويقول تعالى {كتاب
.( فصلت آياته قرآناً عربیاً لقوم يعلمون} (فصلت 3
والذين لا يعلمون ھم الذين يسعون فى آيات الله معاجزين مكذبین ببیان
القرآن وتفصیله لكل شىء،يقولون : أين عدد الركعات فى القرآن ؟ أين كیفیة
الصلاة ؟ كیف نحج ؟ وبعضھم يتساءل ساخرا : أين أيام الأسبوع فى القرآن ..
والله تعالى يقول {والذين سعو فى آياتنا معاجزين أولئك لھم عذاب من رجز
ألیم} (سبأ 5) قال عن {الذين سعو} فى الماضى. فأين الحاضر؟. يقول
تعالى {والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون} (سبأ
.(38
واللهتعالى نسأل ألا نكون من الذين يسعون فى آيات اللهمعاجزين.
- القرآن ھو الذكر الذى نزل على النبى (صلى اللهعلیه وسلم)
يقول تعالى {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إلیھم فاسألوا أھل الذكر إن
كنتم لا تعلمون. بالبینات والزبر وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل إلیھم
.(44 : ولعلھم يتفكرون} (النحل 43
يسىء الناسفھم قوله تعالى {وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل
إلیھم..} والسبب أنھم يقطعون ھذا الجزء من الآية عما قبله ويتخذونه دلیلاً
على وجود مصدر آخر مع القرآن، وعندھم أن ھناك ذكراً نزل للنبى يبین به
القرآن الذى نزل للناس. وحتى نفھم الآية الفھم الصحیح علینا أن نتدبر
السیاق القرآنى، فالله يقول عن الأنبیاء السابقین {وما أرسلنا من قبلك إلا
رجالاً نوحى إلیھم فاسألوا أھل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبینات والزبر} أى
أن الله تعالى أرسل الأنبیاء السابقین لأھل الكتاب وأنزل معھم البینات والزبر-
أى الكتب- ثم يوجه الخطاب للنبى فیقول {وأنزلنا إلیك الذكر} أى القرآن
{لتبین للناسما نزل إلیھم} أى لتوضح لأھل الكتاب ما سبق إنزاله إلیھم من
البینات والزبر لعلھم يتفكرون.
إن كلمة (الناس) فى قوله تعالى {لتبین للناسما نزل إلیھم} لا تدل ھنا
على عموم البشر وإنما تفید حسب السیاق أھل الكتاب الذين نزلت فیھم
الكتب السماوية السابقة فاختلفوا فیھا وحرفوا فیھا بعضما جاء بھا.
واستعمال كلمة (الناس) لتدل على طائفة معینة أشار إلیھا السیاق ورد
فى القرآن كثیراً كقوله تعالى {الذين قال لھم الناسإن الناسقد جمعوا لكم
فاخشوھم فزادھم إيمانا} (آل عمران 173 ).. وكقوله تعالى {يوسف أيھا
الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلھن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر
وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناسلعلھم يعلمون} (يوسف 46 ). فكلمة
الناسھنا لا تعنى عموم البشر وإنما تعنى طائفة معینة ورد ذكرھا فى
السیاق القرآنى الذى يتحدث عن الموضوع.
وبالنسبة لقوله تعالى {وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل إلیھم} فإن
المقصود بكلمة الناسھو أھل الكتاب طالما تتحدث الآية عن الأنبیاء
السابقین وما أنزل الله علیھم من البینات والزبر وأھل الذكر الذين لديھم علم
بالكتب السماوية السابقة.
وتقول الآية عن سبب من أسباب نزول القرآن {وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناس
ما نزل إلیھم} فوظیفة القرآن لأھل الكتاب ھى تبیین الحق فى الكتب
السماوية السابقة بعدما لحقھا من تحريف وتغییر وإخفاء وكتمان، وفى ذلك
يقول تعالى {يا أھل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبین لكم كثیراً مما كنتم تخفون
.( من الكتاب ويعفو عن كثیر قد جاءكم من الله نور وكتاب مبین} (المائدة 15
ويقول تعالى عن دور القرآن فى توضیح الحق لبنى إسرائیل {إن ھذا القرآن
يقصعلى بنى إسرائیل أكثر الذى ھم فیه يختلفون} (النمل 76 ). ويقول
أيضاً {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إلیھم فاسألوا أھل الذكر إن كنتم
لا تعلمون بالبینات والزبر وأنزلنا إلیك الذكر لتبین للناسما نزل إلیھم ولعلم
.(44 : يتفكرون} (النحل 43
والآية السابقة فى سورة النحل فسرتھا آية لاحقة فى نفسالسورة. يقول
تعالى {تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لھم الشیطان أعمالھم فھو
ولیھم الیوم ولھم عذاب ألیم. وما أنزلنا علیك الكتاب إلا لتبین لھم الذى
64 ). وكل ذلك يؤكد أن القرآن ھو الذكر الذى نزل : اختلفوا فیه} (النحل 63
على النبى لیبین لأھل الكتاب ما نزل لھم من قبل واختلفوا فیه.. وذلك يعنى
أيضاً أن الذى نزل على النبى كتاب واحد وذكر واحد وقرآن واحد لا مثیل له ولا
شىء معه.
وقد جاء وصف القرآن بالذكر كثیراً، منھا {إن ھو إلا ذكر للعالمین} (يوسف
104 ) (ص 87 )، {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر 9). {وھذا ذكر
مبارك أنزلناه} (الأنبیاء 50 ). ويقول تعالى يؤكد أن ذكر الله فى القرآن وحده
{وإذا قرأت القرآن جعلنا بینك وبین الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا.
وجعلنا على قلوبھم أكنة أن يفقھوه وفى آذانھم وقرا وإذ ذكرت ربك فى
.(46 : القرآن وحده ولوا على أدبارھم نفورا} (الإسراء 45
فالمشركون كانوا ينفرون من النبى لأنه يذكر ربه من خلال ما ورد فى القرآن
الكريم فقط. فقال تعالى {وإذا ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا على أدبارھم
نفورا}. والشاھد ھو قوله تعالى {وحده} التى ترجع لله تعالى والقرآن معاً.
ومن الإعجاز البلاغى أن تأتى كلمة {وحده} لیعود الضمیر فیه على الله
وكتابه بضمیر المفرد وذلك يؤكد لنا أن المسلم ھو من يكتفى بالله {وحده}
وبالقرآن {وحده} أو من يكتفى بالله وكتابه {وحده}؛ . أما المشرك فیحلو له
دائماً أن تتعدد لديه المصادر والآلھة {وإذا ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا
على أدبارھم نفورا} وھذا ما توضحه الآية..
نسأل اللهتعالى لنا جمیعاً الھداية...!!
- القرآن كامل تام لا يحتاج لشىء آخر معه
يقول تعالى {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلا لا مبدل لكلماته وھو السمیع
العلیم} (الأنعام 115 ). إذن تمت كلمة الله لنا بالقرآن ولا مبدل لكلمة الله..
ويقول تعالى {الیوم أكملت لكم دينكم وأتممت علیكم نعمتى ورضیت لكم
الإسلام دينا} (المائدة 3). إذن تمت نعمة الله علینا بالإسلام الذى ارتضاه لنا
ديناً وذلك باكتمال وحى القرآن.
ويقول تعالى {ولو أنما فى الأرضمن شجرة أقلام والبحر يمده من بعده
.( سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله..} (لقمان 27
ويقول تعالى {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد
.( كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا..} (الكھف 109
لیسھناك حد أقصى لكلمات اللهالتى لا تنفد. والقرآن كتاب مثانى يتكرر فیه
المعنى مرة ومرات، وفیه تفصیل وتوضیح وتبیین على حكمة وعلم. وتأتى
أحیاناً كلمة {قل} تؤكد معنى سبق إيراده فى القرآن وذلك حتى تكون أقوال
الرسول من داخل القرآن ولیست من عنده أو من خارج القرآن.
ولو أراد اللهأن تكون كلماته لنا بلا نھاية لفعل وحینئذ لن تكفیھا الأشجار
أقلاماً ولا البحار مداداً. ولكن شاءت رحمة اللهبنا أن أنزل لنا كتاباً واحداً تاماً
كاملاً مفصلاً مبیناً وأمرنا بالاكتفاء به.
ولذلك كان الاكتفاء بالقرآن رحمة {أولم يكفھم أنا أنزلنا علیك الكتاب يتلى
علیھم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون} وكان الله تعالى شھیداً على
أن كتابه يكفى فیقول تعالى {قل كفى باللهبینى وبینكم شھیداً يعلم ما فى
السماوات والأرضوالذين آمنوا بالباطل وكفروا باللهأولئك ھم الخاسرون}
.(51 : (العنكبوت 50
- القرآن ھو صراط اللهالمستقیم وما عداه خروج عن الصراط المستقیم
فى الفاتحة ندعو اللهتعالى فنقول {اھدنا الصراط المستقیم} والصراط
المستقیم ھو القرآن الكريم، يقول تعالى عن كتابه الكريم {وھذا صراط ربك
.( مستقیما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون} (الأنعام 126
ويقول تعالى يأمر باتباع القرآن الصراط المستقیم دون غیره {وأن ھذا
صراطى مستقیماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبیله ذلكم
وصاكم به لعلكم تتقون} (الأنعام 153 ). فاللهتعالى أوصى باتباع القرآن
صراطه المستقیم ونھى عن اتباع غیره من السبل حتى لا يقع المسلمون
فى التفرق والابتعاد عن سبیل الله. وحدث ما حذر منه رب العزة فاختار
المسلمون أحاديث نسبوھا للنبى علیه السلام واختلفوا فى أسانیدھا، وقام
(علم الحديث) على تنقیح تلك الروايات وتلك الأسانید، وقوله تعالى {ولا
تتبعوا السبل} أى لا تتبعوا الطرق، فالسبیل ھو الطريق، ومن العجیب أن
علماء الحديث يقیمون تلك الأسانید وتلك الروايات على سلاسل و"طرق"
فیقولون أن الحديث من "السلسلة" الفلانیة، وأن تلك الرواية جاءت من
"طريق فلان" أى أنھم حین تنكبوا الصراط المستقیم ونبذوه وقعوا فى اتباع
السبل وتناسوا قول الله تعالى {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبیله}
وتلك السلاسل والطرق التى قام علیھا علم الحديث أوقعته فى تفرق
واختلاف لا ينتھى، وصدق ما نبأ به كلام اللهالعزيز.
والله تعالى حذرنا من التفرق وقال لرسولنا (صلى الله علیه وسلم) {إن
الذين فرقوا دينھم وكانوا شیعاً لست منھم فى شىء} (الأنعام 159 ). أى
أمره بالتبرؤ ممن فرقوا دينھم.
والنبى يوم القیامة سیعلن براءته من أولئك الذين تركوا كتاب اللهوھجروه
جرياً وراء مصادر أخرى ومعتقدات ما أنزل الله بھا من سلطان، يقول تعالى
{وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا ھذا القرآن مھجورا. وكذلك جعلنا لكل
.(31 : نبى عدواً من المجرمین وكفى بربك ھادياً ونصیرا} (الفرقان 30
والقرآن ھو الصراط المستقیم وحده..
ويستحیل ھندسیاً أن يكون ھناك أكثر من كتاب واحد يوصف بأنه الصراط
المستقیم. وعلم الھندسة يقول أن الخط المستقیم ھو أقصر ما يوصل بین
نقطتین ولا يمكن ان يتعدد اكثر من خط مستقیم واحد بین نقطتین.. إذن لابد
أن يكون خطاً واحداً ذلك الذى يوصف بأنه الخط أو الطريق المستقیم.وعلیه
فالصراط المستقیم او الخط المستقیم فى دين الله تعالى لا يتعدد. وطالما
ھو الكتاب الحكیم الكامل التام فلیسمعه كتاب آخر.
ومع أننا ندعو الله فى صلاتنا بأن يھدينا الصراط المستقیم فإننا فى العادة
نكون غافلین عن معنى الصراط المستقیم، وذلك بسبب إبلیسالذى حدد
مھمته فى إبعادنا عن الصراط المستقیم وتحويله إلى طرق وسبل شتى
.( {قال فبما أغويتنى لأقعدن لھم صراطك المستقیم} (الأعراف 16
اللھم اھدنا الصراط المستقیم...!!
- القرآن ھو الحكمة
يقول تعالى {ھو الذى بعث فى الأمیین رسولاً منھم يتلو علیھم آياته ويزكیھم
.( ويعلمھم الكتاب والحكمة} (الجمعة 2
والشائع بین الناسأن الكتاب شىء والحكمة شىء آخر وحجتھم أن العطف
بالواو يقتضى المغايرة إذن فالكتاب شىء آخر يغاير ويختلف عن الحكمة.
والواقع أن العطف بالواو فى القرآن قد يكون للتبیین والتوضیح والتفضیل
ولیسللمغايرة. ودلیلنا قوله تعالى {ولقد آتینا موسى وھارون الفرقان وضیاء
وذكراً للمتقین} (الأنبیاء 48 ). فالفرقان والضیاء والذكر كلھا أوصاف توضح
وتفصل وتبین معنى التوراة. وفى موضع آخر يقول تعالى عن التوراة فى
حديثه تعالى عن موسى وھارون {وآتیناھما الكتاب المستبین} (الصافات
117 ). فالتوراة أو الكتاب المستبین ھى نفسھا الفرقان والضیاء والذكر.
والعطف ھنا معناه التوضیح والتفصیل لمعنى الشىء الواحد ولیسالمغايرة.
والله تعالى يقول لعیسى {وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجیل}
.( (المائدة 110
ويقول تعالى عن عیسى {ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجیل} (آل
.( عمران 48
فالكتاب والحكمة أوصاف للتوراة والإنجیل، ولا يعنى ذلك أن اللهتعالى علّم
عیسى أربعة أشیاء منفصلة مختلفة، والدلیل ھو قوله تعالى عن عیسى
{ولما جاء عیسى بالبینات قال قد جئتكم بالحكمة} (الزخرف 63 ). فالحكمة
ھنا تعنى الإنجیل الذى جاء به عیسى. والآية ھنا تلخصما جاء فى الآيتین
السابقتین عن الكتاب والحكمة والتوراة والإنجیل. إذن فالحكمة ھى كتاب
الله.
وبالنسبة لخاتم النبیین فقد جاءت فى القرآن أوامر عديدة متتالیة فى سورة
الإسراء تبدأ بقوله تعالى {لا تجعل مع اللهإلھاً آخر..} إلى قوله تعالى {ولا
تمشفى الأرضمرحاً} وفى النھاية ھذه الأوامر القرآنیة يقول تعالى {ذلك
39 ). إذن فالحكمة ھى آيات : مما أوحى إلیك ربك من الحكمة..} (الإسراء 22
القرآن، والقرآن ھو الحكمة فھو كلام العزيز الحكیم الذى جعله كتاباً محكماً
.( {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكیم خبیر} (ھود 1
إن الحكمة من أوصاف القرآن ومن مرادفات الكتاب العزيز، شأنھا شأن كلمات
أخرى مثل الفرقان والنور.
ودلیلنا الأخیر على أن الحكمة ھى القرآن قوله تعالى {واذكروا نعمة الله
علیكم وما أنزل علیكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} (البقرة 231 ). فلو
كانت الحكمة شیئاً آخر غیر القرآن لقال "وما أنزل علیكم من الكتاب والحكمة
يعظكم بھما.."، ولكن لأن الحكمة ھى القرآن فقد قال {يعظكم به} فھما
شىء واحد لذا عاد الضمیر علیھما بصیغة المفرد..
الفصل الثانى
1) الفرق بین الرسول والنبى )
يخطئ الناسفى فھم الأمر بطاعة الرسول واتباع الرسول، وذلك لأنھم
يخطئون فى فھم الفارق بین مدلول النبى ومدلول الرسول..
"النبى" ھو شخصمحمد بن عبد اللهفى حیاته وشئونه الخاصة وعلاقاته
الإنسانیة بمن حوله، وتصرفاته البشرية.
ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب اللهتعالى، لذا كان العتاب يأتى
له بوصفه النبى، كقوله تعالى ﴿يا أيھا النبى لم تحرم ما أحل اللهلك؟ تبتغى
مرضات أزواجك؟!..﴾ (التحريم 1) . ويقول تعالى فى موضوع أسرى بدر ﴿ما
كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرضتريدون عرضالدنیا والله
يريد الآخرة﴾ (الأنفال 67 ). ويقول له ﴿وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأتىبما
غل يوم القیامة﴾ (آل عمران 161 ). وحین استغفر لبعضأقاربه قال له ربه
تعالى ﴿ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركین ولو كانوا أولى
قربى من بعد ما تبین لھم أنھم أصحاب الجحیم﴾ (التوبة 113 ). وعن غزوة ذات
العسرة قال تعالى ﴿لقد تاب اللهعلى النبى والمھاجرين والأنصار الذين
اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منھم..﴾ (التوبة
.(117
وقال تعالى يأمره بالتقوى واتباع الوحى والتوكل على الله وينھاه عن طاعة
المشركین ﴿يا أيھا النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقین إن اللهكان
علیماً حكیماً. واتبع ما يوحى إلیك من ربك إن اللهكان بما تعملون خبیرا.
3). كل ذلك جاء بوصفه النبى. : وتوكل على الله..﴾ (الأحزاب 1
وكان الحديث القرآنى عن علاقة محمد علیه السلام بأزواجه أمھات المؤمنین
يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيھا النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحیاة الدنیا
وزينتھا فتعالین أمتعكن وأسرحكن سراحاً جمیلا﴾ (الأحزاب 28 ). ﴿وإذ أسر
النبى إلى بعضأزواجه حديثاً..﴾ (التحريم 3). وكان القرآن يخاطب أمھات
المؤمنین، فلا يقول يا نساء الرسول وإنما ﴿يا نساء النبى لستن كأحد من
النساء.. يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبینة يضاعف لھا العذاب
.( ضعفین﴾ (الأحزاب 30 ،32
وكان الحديث عن علاقته بالناسحوله يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيھا النبى
( قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنین يدنین علیھن من جلابیبھن﴾ (الأحزاب 59
﴿النبى أولى بالمؤمنین من أنفسھم وأزواجه أمھاتھم﴾ (الأحزاب 6) ﴿يا أيھا
الذين آمنوا لا تدخلوا بیوت النبى إلا أن يؤذن لكم﴾ (الأحزاب 53 ) ﴿ويستأذن
فريق منھم النبى يقولون إن بیوتنا عورة﴾ (الأحزاب 13 ). وھكذا فالنبى ھو
شخصمحمد البشرى فى سلوكیاته وعلاقاته الخاصة والعامة، لذا كان
مأموراً بصفته النبى باتباع الوحى.
أما حین ينطق النبى بالقرآن فھو الرسول الذى تكون طاعته طاعة لله ﴿من
يطع الرسول فقد أطاع الله..، .. وما أرسلنا من رسول إلا لیطاع بإذن الله﴾
(النساء 64 ،80 ) والنبى محمد بصفته البشرية أول من يطیع الوحى القرآنى
وأول من يطبقه على نفسه.. وھكذا ففى الوقت الذى كان فیه (النبى)
مأموراً باتباع الوحى جاءت الأوامر بطاعة (الرسول) أى طاعة النبى حین
ينطق بالرسالة أى القرآن ﴿قل أطیعوا اللهوأطیعوا الرسول..﴾ (النور 54 ). ولم
يأت مطلقاً فى القرآن "أطیعوا اللهوأطیعوا النبى" لأن الطاعة لیست
لشخصالنبى وإنما للرسالة أى للرسول. أى لكلام اللهتعالى الذى نزل
على النبى والذى يكون فیه شخصالنبى أول من يطیع..كما لم يأت مطلقا
فى القرآن عتاب له علیه السلام بوصفه الرسول.
ولكلمة النبى معنى محدد ھو ذلك الرجل الذى اختاره الله من بین البشر
لینبئه بالوحى لیكون رسولاً. أما كلمة الرسول فلھا فى القرآن معان كثیرة
ھى:
• الرسول بمعنى النبى: ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله
.( وخاتم النبیین﴾ (الأحزاب 40
• الرسول بمعنى جبريل ﴿إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش
مكین. مطاع ثم أمین. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالأفق المبین﴾ (التكوير
.(23 :19
• الرسول بمعنى الملائكة: ملائكة تسجیل الأعمال ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع
سرھم ونجواھم؟ بلى ورسلنا لديھم يكتبون﴾ (الزخرف 80 ). ملائكة الموت
القرآن وكفى
وفى الوقت الذى يأمر الله فیه النبى باتباع الوحى فإن اللهتعالى يأمرنا
جمیعاً وفینا النبى- بطاعة الله والرسول، أى الرسالة. ولم يأت مطلقاً "ما
( على النبى إلا البلاغ"، وإنما جاء ﴿ما على الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99
فالبلاغ مرتبط بالرسالة كما أن معنى "النبى" مرتبط ببشرية الرسول
وظروفه وعصره وعلاقاته.
بین كلام الرسول وكلام النبى
عرفنا أن مدلول (النبى) ھو شخصمحمد علیه السلام فى حیاته وعلاقاته
الخاصة والعامة وسلوكیاته البشرية. أما الرسول فھو النبى محمد حین
ينطق بالرسالة وحیناللهللوحى كانت أسرع من كیدھم، وتعبیر
القرآن فى وصف ما حدث أقوى مما يمكن قوله، تقوّل النبى على الله شیئاً لم يقله رب العزة لعاقبه الله تعالى عقاباً شديداً
يشھده الناسفى عصر النبى ولا يستطیعون دفعه وحماية النبى منه ﴿فما
منكم من أحد عنه حاجزين﴾ وحیث أن ھذه العقوبة الھائلة لم تحدث فھى
شھادة للنبى بأنه بلغ الرسالة كاملة فى عصره ولم يتقوّل على اللهشیئاً..
إن الدين ھو لله، فالله تعالى ھو الذى ينزله وحیاً، وعلى الناسأن يخضعوا
لھذا الوحى مھما تعارضمع أھوائھم، والرسول ھو الذى يتلقى ھذا الوحى
ويبلغه بحذافیره ولا يملك أن يزيد أو ينقصمنه شیئاً. والله تعالى قال عن
خاتم النبیین علیه السلام ﴿ولو تقوّل علینا بعضالأقاويل..﴾ لیبرئ ساحة
النبى من التحدث فى دين الله من كلامه البشرى، وفى نفسالوقت أمره أن
يقول كذا وكذا.. وھذا سر تكرار كلمة "قل" فى القرآن الكريم.
وكلمة "قل" من أھم الكلمات القرآنیة وقد وردت فى القرآن 332 مرة، وھى
تعنى أن ھناك أقوالاً محددة أمر الله تعالى رسوله أن يقولھا للناس، وتمیز
القرآن الكريم بكثرة ورود كلمة "قل" على نحو يختلف به القرآن عن التوراة
والإنجیل اللذين بین أيدينا.
وقد بشرت التوراة التى بین أيدينا بخاتم النبیین الذى يأتى من بنى إسماعیل
"يقیم الرب إلاھك نبیاً من وسطك من إخوتك مثلى له تسمعون.. أقیم لھم
نبیاً من وسط أخوتھم مثلك واجعل كلامى فى فمه فیكلمھم بكل ما أوصیه
."18 ،5/ به: سفر التثنیة 18
والشاھد ھنا أن الكتب السماوية السابقة نبأت بخاتم النبیین الذى ينزل علیه
الوحى يقول له قل كذا. ويصبح ھذا جزءاً من الوحى المكتوب، أو بتعبیر
التوراة "واجعل كلامى فى فمه فیكلمھم بكل ما أوصیه به".
وباستقراء المواضع القرآنیة التى جاءت فیھا كلمة "قل" نضع الملاحظة
السريعة الآتیة:
• ( وكان يذكرھم بالقرآن ﴿وذكر به أن تبسل نفسبما كسبت﴾ (الأنعام 70
﴿فذكر بالقرآن من يخاف وعید﴾ (ق 45 ) وكان يبشرھم بالقرآن ﴿فإنما يسرناه
القرآن وكفى
38
بلسانك لتبشر به المتقین وتنذر به قوماً لدا﴾ (مريم 97 ) وكان يجاھدھم
( بالقرآن ﴿فلا تطع الكافرين وجاھدھم به جھاداً كبیرا﴾ (الفرقان 52
كان علیه السلام "خلقه القرآن" وحقیق به حینئذ أن يكون على خلق عظیم
﴿وإنك لعلى خلق عظیم﴾ (القلم 4) والخُلُق فى المفھوم القرآنى ھو الدين..
وھل ھناك أعظم من دين الله!.
وخارج نطاق الرسالة كانت للنبى أقوال وتصرفات فى حدود بشريته
وتعاملاته الخاصة والعامة ومسئولیاته وعلاقاته.. فھل ھذه الأقوال والأفعال
تعتبر جزءاً من الدين؟
أقوال النبى: محمد علیه السلام فى حیاته خارج الوحى كان حاكماً وقائداً
عسكرياً وزوجاً وصديقاً لأصحابه وجاراً فى المسكن، وكان مثلاً أعلى فى ذلك
كله، وكان فصیح اللسان وقد نجح فى إبلاغ الدعوة وتكوين الأمة وإقامة
الدولة، وقد واجه فى حیاته مشاكل سیاسیة وشخصیة وقد تغلب علیھا
ونجح فى النھاية بمھارته ولباقته وكیاسته، وبالطبع انعكسعلیه أحیاناً
ضعف الإنسان فى داخله أو من المحیطین به، وأقواله وأفعاله خارج الوحى
القرآنى كانت تعكسذلك..
والقرآن ذكر أقوالاً للنبى وامتدحه فى بعضھا وعاتبه فى بعضھا الآخر ونعطى
أمثلة:
* فى غزوة بدر خرج المسلمون بعدد قلیل لیواجھوا قافلة ففوجئوا بقدم
جیشضخم يفوقھم عدداً وعدة، وكره المسلمین دخول الحرب خوفاً، والقرآن
يصور ذلك الموقف فیقول ﴿كما أخرجك ربك من بیتك بالحق وإن فريقاً من
المؤمنین لكارھون. يجادلونك فى الحق بعد ما تبین كأنما يساقون إلى الموت
(6 : وھم ينظرون﴾ (الأنفال 5
وفى ھذا الموقف انبرى القائد نبى اللهيشجع أصحابه، وسجل اللهله ھذا
"القول" وذكر مقالته فى ھذا الشأن فى معرضالمدح ﴿إذ تقول للمؤمنین
( ألن يكفیكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلین﴾ (آل عمران 124
قال لھم النبى فى ذلك الموقف: ألن يكفیكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من
الملائكة. إذن ھذا حديث للنبى القائد فى معركة بدر ذكره القرآن فى معرض
المدح.
* وفى غزوات ذات العسرة تثاقل المنافقون عن الخروج بینما جاء بعضفقراء
المسلمین يريدون الخروج ولكن لیسمعھم راحلة ولا مئونة فاعتذر لھم
النبى قائلاً "لا أجد ما أحملكم علیه" ونزل القرآن يروى الحادثة ﴿لیسعلى
الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا
لله ورسوله ما على المحسنین من سبیل واللهغفور رحیم. ولا على الذين
إذا ما أتوك لتحملھم قلت: لا أجد ما أحملكم علیه، تولوا وأعینھم تفیضمن
(92 : الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون﴾ (التوبة 91
قال لھم النبى فى ذلك الموقف: "لا أجد ما أحملكم علیه" فھذا حديث مرتبط
بظروفه المكانیة والزمانیة شأن ما سبق فى غزوة بدر.
* وفى قضیة زواج زيد وتطلیقه زوجته التى أصبحت زوجة للنبى علیه
السلام يقول تعالى ﴿وإذ تقول للذى أنعم اللهعلیه وأنعمت علیه أمسك علیك
زوجك واتق الله، وتخفى فى نفسك ما اللهمبديه وتخشى الناسواللهأحق
( أن تخشاه﴾ (الأحزاب 37
أمر الله تعالى النبى أن يجعل زيداً يطلق زوجته ثم يتزوجھا النبى فیما بعد
لكى يقضى النبى عملیاً على عادة الجاھلیة فى اعتبار زوجة الابن بالتبنى
وطلیقته مثل زوجة الابن الحقیقى، وحتى لا يكون على المؤمنین حرج فى
أزواج أدعیائھم إذا قضوا منھن وطرا.
وكان ينبغى على النبى أن "يقول" لزيد "طلق زوجتك" ولكنه تحرج وقال
العكستماماً فنزل القرآن يؤنب النبى ويحكى القول الذى قاله واستحق
بسببه التأنیب من ربه ﴿وإذ تقول للذى أنعم اللهعلیه وأنعمت علیه أمسك
علیك زوجك واتق الله..﴾ إذن ھنا حديث للنبى ھو ﴿أمسك علیك زوجك واتق
الله﴾ قاله النبى لزيد بن حارثة ، وذلك الحديث أيضاً مرتبط بظروفه الزمانیة
والمكانیة، ولكنه حین قاله النبى لم يحالفه التوفیق فیه . والمراد أنه كان
للنبى فى تحركاته وعلاقاته المتعددة أقوال وأحاديث، وھذه الأحاديث كانت
مرتبطة بظروفھا الزمانیة والمكانیة التى قیلت فیھا والتى يستحیل أن تتكرر
فى أى عصر لاحق بنفسالأحداث والأشخاصوالظروف، لأنه تاريخ مضى
وانتھى بانتھاء أبطاله وموتھم ولم يبق منه إلا العبرة والعظة.
وسیرة النبى فیھا الكثیر من الأحداث والأقوال المنسوبة للنبى فى الفترة
المكیة وفى الفترة المدنیة، وھى تاريخ يجوز علیه الصدق والكذب ولیس
داخلاً فى دين الله تعالى بأى حال. أما ما أورده القرآن من قصصيخص
النبى محمد فھو القصصالحق الذى لا يأتیه الباطل من بین يديه ولا من
خلفه. والإيمان بھذا القصصيدخل فى إطار الإيمان بالقرآن:
• إن أقوال (النبى) خارج الوحى القرآنى والتى أوردھا القرآن ھى قصص
للعبرة نؤمن بھا ضمن إيماننا بكل حرف نزل فى القرآن.
• وأقوال (النبى) خارج الوحى القرآنى والتى كتبھا الرواة فى السیرة بعد
وفاة النبى ھى تاريخ فیه الحق والباطل والصحیح والزائف ولیست جزءاً من
الدين على الإطلاق.
• أما أقوال (الرسول) فھى الرسالة أو القرآن أو دين الله ، وقد أبلغه الرسول
دون زيادة ولا نقصان، وفیه الكفاية وفیه التفصیل وفیه البیان، وكان (النبى)
أول الناسطاعة لھذا الوحى وعملاً بما جاء فیه. وھذه ھى العظمة
الانسانیة الحقیقیة لمحمد النبى البشر علیه السلام.
ما على الرسول إلا البلاغ:
ھذه الجملة القرآنیة أصبحت مثلاً يقال على اللسان، ھذا مع أننا قلیلاً ما
نتفكر فیھا فیما يخصديننا. فالنسق القرآنى ھنا يأتى بأسلوب القصر
والحصر الذى يحصر مھمة الرسول فى إبلاغ الرسالة فحسب ﴿ما على
( الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99 ) ﴿وإن تولوا فإنما علیك البلاغ﴾ (آل عمران 20
﴿فإن تولیتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبین﴾ (المائدة 92 ) ﴿إن علیك
( إلا البلاغ﴾ (الشورى 48
وتبلیغ الرسالة معناه توصیلھا كما ھى دون زيادة أو نقصويؤكد ذلك أن
أسلوب القصر والحصر فى "ما على الرسول إلا البلاغ" يؤكد أكثر من مرة أن
مسئولیة الرسول ھى تبلیغ الرسالة بحذافیرھا كما ھى.
والبلاغ أو توصیل القرآن للناسيغنى أن يعرف الناسما فى القرآن من
تبشیر وإنذار وھداية ونور ﴿يا أيھا النبى إنا أرسلناك شاھداً ومبشراً ونذيرا.
46 ) وأوصاف الشاھد : وداعیاً إلى اللهبإذنه وسراجاً منیرا﴾ (الأحزاب 45
والمبشر والنذير والداعى كلھا تندرج تحت مفھوم التبلیغ. والرسول إذا بلغ
الرسالة أصبح شاھداً على قومه.
"وشھد على" عكس"شھد ل" فإذا "شھدت على فلان" أى كنت خصماً له
أما إذا "شھدت لفلان" فقد صرت مدافعاً عنه شفیعاً له.
والنسق القرآنى يجعل من الرسول يوم القیامة "شاھداً على" قومه أى
خصماً لمن عصى منھم واقرأ فى ذلك الآيات الكريمات الآتیة: ﴿إنا أرسلنا
علیكم رسولاً شاھداً علیكم﴾ (المزمل 15 ) ﴿فكیف إذا جئنا من كل أمة بشھید
وجئنا بك على ھؤلاء شھیدا﴾ (النساء 41 ) ﴿ويوم نبعث فى كل أمة شھیداً
علیھم من أنفسھم وجئنا بك شھیداً على ھؤلاء ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل
( شىء﴾ (النحل 89
وقد جاءت شھادة الرسول على قومه يوم القیامة فى قوله تعالى ﴿وقال
الرسول يا رب إن قومى اتخذوا ھذا القرآن مھجورا﴾ (الفرقان 30 ) فمسئولیته
أن يبلغ الناسالقرآن وحین ھجروا القرآن وتمسكوا بكتب أخرى معه
استحقوا أن يتبرأ منھم الرسول يوم القیامة
ومن معالم ھجرھم للقرآن اتھامھم له بأنه لیسمبینا يحتاج الى كلام البشر
لشرحه وتوضیحه ،وأنه فرط فى التبیین وما جاء تبیانا لكل شىء مستحق
للتبیین. من ھنا ستكون شھادة الرسول يوم القیامة شھادة خصومة تؤكد أن
القرآن نزل تبیانا لكل شىء:{ ويوم نبعث فى كل أمة شھیداً علیھم من
أنفسھم وجئنا بك شھیداً على ھؤلاء ونزلنا علیك الكتاب تبیاناً لكل شىء﴾
( (النحل 89
وبعضآيات التبلیغ كانت تقصر مھمة التبلیغ والإنذار على الرسول وتجعل
مھمة الحساب على الله يوم القیامة ﴿فإنما علیك البلاغ وعلینا الحساب﴾
(الرعد 40 ) ﴿فإن أعرضوا فما أرسلناك علیھم حفیظاً إن علیك إلا البلاغ﴾
(الشورى 48 ) ﴿فذكر إنما أنت مذكر. لست علیھم بمسیطر. إلا من تولى
وكفر. فیعذبه اللهالعذاب الأكبر. إن إلینا إيابھم. ثم إن علینا حسابھم﴾
(26 : (الغاشیة 21
وقد أدى رسول الله مھمته والقرآن معنا نقرؤه، ولكن لا نتدبره، وأكثرنا
يھجره.. نرجو من اللهتعالى لنا الھداية.
الرسول كان يحكم بالقرآن وحده:
كان النبى حاكماً مسئولاً عن دولة، وكان قائداً للأمة، وكانوا يحتكمون إلیه
فى أمورھم وقضاياھم، وكان يحكم بینھم بصفته الرسول الذى ينطق بحكم
الله كما ھو.
والقاعدة القرآنیة أن الحكم للهفى أمور النزاع والاختلاف وينبغى على كل
فريق أن يرضى بحكم الله.
يقول تعالى ﴿وكذلك أوحینا إلیك قرآناً عربیاً لتنذر أم القرى ومن حولھا وتنذر
يوم الجمع لا ريب فیه فريق فى الجنة وفريق فى السعیر﴾ ثم يقول تعالى
﴿وما اختلفتم فیه من شىء فحكمه إلى اللهذلكم اللهربى علیه توكلت وإلیه
( أنیب﴾ (الشورى 10 ،7
ويقول تعالى ﴿أفغیر الله أبتغى حكماً؟ وھو الذى أنزل إلیكم الكتاب مفصلا﴾
( (الأنعام 114
فالحكم إلى الله فى كتابه الذى نزل مفصلاً، والذى كان ينطق بھذا الكتاب
ويبلغه للناسكان رسول الله علیه السلام، لذا تقول آية أخرى تفصل فى
( القول ﴿فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى اللهوالرسول﴾ (النساء 59
وحتى لا يقول قائل أن الرسول محمد علیه السلام قد مات وترك لنا غیر
القرآن كلاماً نحتكم إلیه فإن القرآن الكريم أوضح لنا أن الرسول كان فى
حكمه ينطق بالقرآن وحده . وبعد موت النبى وغیابه عنا فإن القرآن لا يزال
بیننا لمن أراد الھدى والاحتكام إلیه، وھذا ما نفھمه من موقف المنافقین من
الرسول علیه السلام، المنافقون كانوا يحتكمون للرسول إذا كان الحق فى
جانبھم، أما إذا لم يكن الحق معھم أعرضوا عن حكم الرسول مع أنھم يدعون
أنھم مسلمون ينبغى أن يدينوا بالولاء لله ورسوله. ويفصل القرآن موقفھم
ھذا فیقول ﴿ويقولون آمنا باللهوبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منھم من
بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنین. وإذا دعوا إلى اللهورسوله لیحكم بینھم إذا
(49 : فريق منھم معرضون. وإن يكن لھم الحق يأتوا إلیه مذعنین﴾ (النور 47
ويقول تعالى ﴿وإذا قیل لھم تعالوا إلى ما أنزل اللهوإلى الرسول رأيت
( المنافقین يصدون عنك صدودا﴾ (النساء 61
وقد كانوا يصدون لأن الرسول يحكم بینھم بما أنزل الله فقط، فقوله تعالى
﴿وإذا قیل لھم تعالوا إلى ما أنزل اللهوإلى الرسول﴾ لا تفید وجود مصدر آخر
مع ما أنزل الله، لأن الرسول ھو الذى ينطق بما أنزل الله وھو الذى يحكم بما
أنزل الله.
ويؤكد ذلك آيات سورة النور ﴿وإذا دعوا إلى اللهورسوله لیحكم بینھم إذا
فريق منھم معرضون﴾ ﴿إنما كان قول المؤمنین إذا دعوا إلى اللهورسوله
لیحكم بینھم أن يقولوا سمعنا وأطعنا..﴾ (النور 51 ،48 ) فلو كان الرسول
شیئاً آخر منفصلاً عن كلام الله لجاء الفعل مثنى ولقال تعالى "وإذا دعوا إلى
الله ورسوله لیحكما بینھم" ولقال "إنما كان قول المؤمنین إذا دعوا إلى الله
ورسوله لیحكما بینھم.."
ولكن لأن الله ھو الحكم وحده ولأن الرسول ھو الذى ينطق بكلام اللهوحده
جاء الفعل مفرداً يعود الضمیر فیه على واحد لا إله إلا ھو فقال تعالى "لیحكم
بینھم". وصدق الله العظیم ﴿وقال اللهلا تتخذوا إلھین اثنین إنما ھو إله واحد
فإياى فارھبون. وله ما فى السماوات والأرضوله الدين واصباً أفغیر الله
(52 : تتقون﴾ (النحل 51
والنبى- غیر الرسول كما عرفنا- وباعتبار النبى بشراً فقد استطاع بعض
المنافقین أن يخدعه . حدث ذلك حین سرق أحدھم درعاً وشاع بین الناس
أمره وأحسأھل اللصبالعار مما ارتكبه ابنھم فتآمروا باللیل على أن يضعوا
الدرع المسروق فى بیت شخصيھودى برئ وفى الصباح جاءوا للنبى
يبرئون ساحة ابنھم المظلوم.. وانخدع النبى وصدقھم ودافع عن ابنھم، وبذلك
أصبح اللصبريئاً، وأصبح البرىء لصاً.. وھى قصة تتكرر فى كل زمان ومكان،
موجزھا أن ينجو المجرم صاحب النفوذ وأن يدخل البرىء السجن ظلماً.
والقرآن الكريم ذكر القصة وحولھا من حادثة تاريخیة محددة بالزمان والمكان
والأشخاصإلى قضیة إنسانیة عامة تتكرر فى كل عصر . وفى البداية عاتب
الله تعالى النبى ووجه نظره إلى أن يحكم بالكتاب وحذره من أن يكون مدافعاً
عن الخائنین ﴿إنا أنزلنا إلیك الكتاب بالحق لتحكم بین الناسبما أراك اللهولا
تكن للخائنین خصیما﴾ أى أنزل الكتاب الحق لیحكم بین الناسبما أراه الله
فى ذلك الكتاب، فالاحتكام للكتاب. ولأنه نسى فقد جاء الأمر بالاستغفار
﴿واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحیما﴾ ثم جاءه النھى عن الدفاع عن أولئك
الخونة الذين تآمروا لتبرئة المجرم واتھام البرىء ﴿ولا تجادل عن الذين
يختانون أنفسھم إن الله لا يحب من كان خواناً أثیما. يستخفون من الناسولا
يستخفون من الله وھو معھم إذ يبیتون ما لا يرضى من القول وكان اللهبما
يعملون محیطا﴾.
ثم يقول تعالى ﴿ھا أنتم ھؤلاء جادلتم عنھم فى الحیاة الدنیا فمن يجادل الله
عنھم يوم القیامة؟ أم من يكون علیھم وكیلا؟﴾ يعنى ھل يستطیع أحد أن
يدافع عنھم يوم القیامة أو أن يشفع فیھم؟ ثم جاءت الآيات التالیة تضع قواعد
المسئولیة الفردية ﴿ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر اللهيجد الله
غفوراً رحیما. ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله علیماً
حكیما. ومن يكسب خطیئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بھتاناً وإثماً
مبینا﴾ أى كل إنسان مسئول عن سیئاته، وإذا استغفر غفر اللهله وإلا فھو
مؤاخذ بما كسبت يداه ولن يجادل عنه أحد أو يشفع فیه يوم القیامة ﴿ما
( للظالمین من حمیم ولا شفیع يطاع﴾ (غافر 18
ثم يقول تعالى للنبى ﴿ولولا فضل اللهعلیك ورحمته لھمت طائفة منھم أن
يضلوك وما يضلون إلا أنفسھم وما يضرونك من شىء وأنزل اللهعلیك الكتاب
: والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله علیك عظیما﴾ (النساء 105
113 ) أى حاولوا خداع النبى ولكن نزل الوحى ففضحھم وأعاد الأمور إلى
نصابھا العادل، وعلى ھذا كانت أقضیة الرسول تسیر وفق القرآن لأنه كان
يحكم بالقرآن وينطق بالقرآن ولا شىء غیر القرآن.
أطیعوا اللهوأطیعوا الرسول:
يقول تعالى ﴿وأطیعوا الله والرسول لعلكم ترحمون﴾ (آل عمران 132 ) ويقول
﴿يا أيھا الذين آمنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾ (النساء
59 ) فھل الطاعة فى الدين لواحد أو لاثنین أو لثلاثة؟ المطاع واحد ھو الله
فى أوامره التى ينطق بھا الرسول أو من يقوم بالأمر بعد موت النبى.
والقاعدة الشرعیة المأخوذة من القرآن أنه لا طاعة لمخلوق فى معصیة
الخالق. وقد كانت طاعة النبى- وھو فى حیاته- فى إطار طاعة الله فقط،
نفھم ھذا من قوله تعالى ﴿يا أيھا النبى إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا
يشركن بالله شیئاً ولا يسرقن ولا يزنین ولا يقتلن أولادھن ولا يأتین ببھتان
يفترينه بین أيديھن وأرجلھن ولا يعصینك فى معروف فبايعھن واستغفر لھن
( الله﴾ (الممتحنة 12
والشاھد فى الآية الكريمة ھو قوله تعالى "يا أيھا النبى" فلو قال "يا أيھا
الرسول" لكانت طاعته مطلقة لأنھا طاعة للرسالة أى كلام الله. ولكنه لأنه
تعالى خاطبه بوصفه النبى فقد جعل طاعته مقیدة بالمعروف فقال "ولا
يعصینك فى معروف".
فالطاعة للرسول ھى طاعة لله صاحب الوحى، والنبى أول الناسطاعة
للرسالة ، وكذلك أولو الأمر ينبغى أن يكونوا أولى الناسبطاعة اللهوالا
لاطاعة لھم فى معصیة الخالق جل وعلا..
ويقول تعالى ﴿وما أرسلنا من رسول إلا لیطاع بإذن الله﴾... ﴿من يطع الرسول
فقد أطاع الله﴾ (النساء 80 ،64 ) ولذلك فإن كل نبى كان يأتى لقومه برسالة
كان يخاطبھم بوصف الرسول ويطلب منھم أن يطیعوه على أساسھذه
، الرسالة ﴿إنى لكم رسول أمین. فاتقوا الله وأطیعون﴾ (الشعراء 126 ،108
163 ) ولم يقل لھم "إنى لكم نبى أمین..".
ومع أن القرآن حث على الإحسان بالوالدين إلا أنه أوجب أن تكون الطاعة لله
إذا حاول الوالدان إضلال الأولاد ﴿ووصینا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاھداك
( لتشرك بى ما لیسلك به علم فلا تطعھما﴾ (العنكبوت 8
إن طاعة الرسول ھى طاعة القرآن الذى أنزله الله على الرسول، ولا يزال
الرسول أو القرآن بیننا.
واتبعوا النور الذى أنزل معه:
الإيمان لیسبشخصمحمد علیه السلام وإنما الإيمان بما نزل على محمد
﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وھو الحق من
( ربھم كفر عنھم سیئاتھم﴾ (محمد 2
ونحن لا نتبع محمداً علیه السلام كشخصوإنما نتبع النور الذى أنزل معه أى
القرآن فھذا ما جاء فى كلام الله ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور
( الذى أنزل معه أولئك ھم المفلحون﴾ (الأعراف 157
كان النسق اللغوى يقتضى أن يقال "فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه
واتبعوه.." ولكن الاتباع لیسللشخصالآدمى وإنما للوحى الإلھى.
ومحمد علیه السلام ھو أول الناستمسكاً بالوحى واتباعاً للھدى، وبھذا أمره
به تعالى فقال ﴿اتبع ما أوحى إلیك من ربك﴾ (الأنعام 106 ) ﴿واتبع ما يوحى
إلیك واصبر﴾ (يونس 109 ) ﴿واتبع ما يوحى إلیك من ربك إن اللهكان بما
تعملون خبیرا﴾ (الأحزاب 2) ﴿فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ (القیامة 18 ) ﴿ثم جعلناك
( على شريعة من الأمر فاتبعھا﴾ (الجاثیة 18
( وأمره ربه أن يعلن أنه يتبع الوحى ﴿إن أتبع إلا ما يوحى إلىّ﴾ (الأنعام 5
( ﴿قل إنما أتبع ما يوحى إلىّ من ربى﴾ (الأعراف 203
وإذا كان النبى متبعاً للوحى فنحن أولى الناسبعده باتباع الوحى. يقول
تعالى يخاطبنا ويخاطب النبى ﴿كتاب أنزل إلیك فلا يكن فى صدرك حرج منه
لتنذر به وذكرى للمؤمنین. ابتعوا ما أنزل إلیكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه
(3 : أولیاء قلیلاً ما تذكرون﴾ (الأعراف 2
وھذه الآيات الكريمة ھى بداية سورة الأعراف وفیھا ينھى اللهتعالى النبى
عن التحرج من تبلیغ القرآن وأن ينذر به. وھو تعلیم لنا نحن المؤمنین وذكرى
﴿كتاب أنزل إلیك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنین﴾. ثم
جاءت لنا نحن المؤمنین أوامر محددة بالاتباع للقرآن فقط :﴿اتبعوا ما أنزل
إلیكم من ربكم﴾ ونھى واضح محدد عن اتباع غیر القرآن :﴿ولا تتبعوا من دونه
أولیاء﴾ فالقضیة واضحة لا تقبل الجدل، وھى اتباع القرآن دون غیره.
ويأتى السؤال التقلیدى: إذن فأين الاتباع للنبى؟ والجواب الوحید: إنه الاتباع
للقرآن الذى يتبعه النبى، أو ھو اتباع الرسول أى الرسالة أى القرآن.
وقوله تعالى ينھانا ﴿ولا تتبعوا من دونه أولیاء﴾ فیه إعجاز خفى، فاتخاذ مصادر
أخرى من القرآن والانحیاز لمن كتبھا وألفھا معناه وضعھم فى موضع المقارنة
بالله تعالى وكتابه فى نفسالمستوى أو أقل قلیلاً، وذلك وقوع فى اتخاذ
أولیاء مع الله، مع أن المؤمن يكتفى باللهولیاً وبالقرآن كتاباً.
وقوله تعالى ﴿ولا تتبعوا من دونه أولیاء قلیلاً ما تذكرون﴾ يضع حقیقة إنسانیة
ثابتة وھى أن أكثر البشر تتبع الأھواء والضلالات ﴿وإن تطع أكثر من فى
الأرضيضلوك عن سبیل اللهإن يتبعون إلا الظن وإن ھم إلا يخرصون﴾
( (الأنعام 116
ولكن ھذه الكثرة العددية التى تتبع الظن والھوى ينبغى ألا تكون حجة على
الحق القرآنى.. ﴿قل لا يستوى الخبیث والطیب ولو أعجبك كثرة الخبیث﴾
( (المائدة 100
ومن عادات البشر السیئة أنھم قلیلاً ما يتذكرون ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا
( الصالحات وقلیلاً ما ھم﴾ (ص 24
2) ھل للنبى أن يجتھد فى التشريع! )
لیسللنبى أن يجتھد فى التشريع أو أن يعلم الغیب:
المؤمن بالقرآن علیه أن يؤمن بأن الأنبیاء ھم أصلح البشر لتحمل مسئولیة
( الرسالة وإلا لما اختارھم الله ﴿الله أعلم حیث يجعل رسالته﴾ (الأنعام 124
على أن مسئولیة الرسالة تنحصر فى النھاية فى التبلیغ فقط ﴿ما على
( الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99
ومن اقتصار مھمة النبى على التبلیغ للرسالة كما ھى دون زيادة أو نقصان
يمكن أن نستنتج أن تدبر الكتاب والاجتھاد فى فھم معانیه ھو مسئولیة
الناسبعد أن أوصل لھم النبى الرسالة، وھذا الاستنتاج العقلى قد أثبته
القرآن قبلنا، فالله تعالى يقول ﴿كتاب أنزلناه إلیك مبارك لیدبروا آياته ولیتذكر
أولو الألباب﴾ (ص 29 ) فالنسق اللغوى فى الآية كان يقتضى أن يقال للنبى:
كتاب أنزلناه إلیك مبارك لتتدبر آياته، ولكن التدبر فى الكتاب مسئولیة الناس
كما أن التبلیغ مسئولیة الرسول.
ويؤكد القرآن على مسئولیتنا نحن فى التدبر فى الكتاب، فیقول تعالى بتعبیر
الاستفھام الإنكارى ﴿أفلا يتدبرون القرآن؟ ولو كان من عند غیر اللهلوجدوا
فیه اختلافاً كثیرا﴾ (النساء 82 ) ﴿أفلا يتدبرون القرآن؟ أم على قلوب أقفالھا﴾
( (محمد 24
ويوم القیامة سیكون ندمھم شديداً لأنھم لم يتدبروا القرآن، فسیقال لھم
( ﴿أفلم يدبروا القول﴾ (المؤمنون 68
ووصف الله تعالى القرآن بأنه بصائر للناس، أى دعوة لھم لأن يتبصروه وأوضح
لھم أنه لا شأن للنبى بھم بعد أن أدى مھمته فى التبلیغ، نفھم ھذا من قوله
تعالى ﴿قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعلیھا وما أنا
( علیكم بحفیظ﴾ (الأنعام 104
ويقول تعالى للنبى ﴿قل إنما أتبع ما يوحى إلىّ من ربى ھذا بصائر من ربكم
وھدى ورحمة لقوم يؤمنون. وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
204 ) فلابد من الإنصات للقرآن حتى نتبصره ونتدبر : ترحمون﴾ (الأعراف 203
آياته.
والذى لا شك فیه أن النبى علیه السلام بعقلیته كان أصلح الناسللاجتھاد،
وكان منتظراً أن يبادر بالإجابة على من يسأله ويستفتیه فى أمور الدين،
ولكن الواقع القرآنى يؤكد أن النبى كان إذا سئل فى شىء كان ينتظر نزول
الوحى لیأتى بالإجابة، وينزل قوله تعالى ﴿يسألونك عن﴾ كذا ﴿قل﴾ كذا..
وكلمتا ﴿يسألونك﴾ و﴿يستفتونك﴾ مع كلمة {قل} من كلمات اللهفى القرآن
الكريم، ومنھا نتأكد أن النبى كان مطلوباً منه فقط أن يبلغ الرسالة كما ھى،
لقد كانوا يستفتون النبى ولكن النبى كان ينتظر نزول الوحى، وتنزل الفتوى
من رب العزة ﴿ويستفتونك فى النساء قل الله يفتیكم﴾ ﴿النساء 127 ) لم يقل
له ويستفتونك قل إنى أفتیكم. وإنما قال ﴿قل اللهيفتیكم﴾ وفى المواريث
استفتوا النبى فى الكلالة فانتظر الفتوى من الله تعالى فنزل قوله تعالى
﴿يستفتونك قل الله يفتیكم فى الكلالة..﴾ (النساء 176 ) لم يقل أنا أفتیكم.
ومن مراجعة كلمة "يسألونك" فى القرآن نتعرف على الحقائق الآتیة:
* كانوا يسألون النبى عن أشیاء جديدة فى التشريع، وكان النبى ينتظر معھم
الحكم التشريعى الجديد الذى ينزل به القرآن، مثال ذلك سؤالھم عن الأنفال
( أو الغنائم ﴿يسألونك عن الأنفال قل.... ﴾ (الأنفال 1
* وكانوا يسألون النبى عن إيضاحات جديدة فى أمور تحدث عنھا القرآن من
قبل، وكان بإمكان النبى أن يجیب عنھا بالاستنتاج والقیاس، ولكنه علیه
السلام لم يفعل، فقد نزل قوله تعالى فى مكة ﴿قل إنما حرم ربى الفواحش
ما ظھر منھا وما بطن والإثم والبغى بغیر الحق﴾ (الأعراف 33 ) فالإثم كان
محرماً فى مكة، ثم سئل النبى فى المدينة عن حكم الخمر ومعلوم أنھا من
الآثام، ولم يجتھد النبى فى التوضیح والقیاسوالاستنتاج، وھو بلا شك أقدر
الناسعلیه، ولكنه انتظر حتى جاءت الإجابة من الله تعالى ﴿يسألونك عن
الخمر والمیسر قل فیھا إثم كبیر ومنافع للناسوإثمھما أكبر من نفعھما﴾
(البقرة 219 ) وطالما أن فى الخمر إثماً كبیراً فإن تحريمھا قد نزل إجمالاً فى
مكة ثم جاء تفصیلاً فى المدينة.
* بل كانوا يسألون النبى عن أمور تكرر حديث القرآن عنھا، ومع ذلك فالنبى
كان لا يتلو علیھم الإجابة من الآيات التى نزلت من قبل ، وإنما كان ينتظر
نزول الوحى فینزل بإجابات تؤكد ما سبق بیانه، فقد نزلت آيات مكیة تحض
على رعاية الیتیم، ومنھا ﴿فأما الیتیم فلا تقھر﴾ (الضحى 9) ﴿أرأيت الذى يكذب
2) ﴿كلا بل لا تكرمون الیتیم﴾ : بالدين فذلك الذى يدع الیتیم﴾ (الماعون 1
(الفجر 17 ) ﴿أو إطعام فى يوم ذى مسبغة يتیماً ذا مقربة﴾ (البلد 15 ) ﴿ولا
، تقربوا مال الیتیم إلا بالتى ھى أحسن حتى يبلغ أشده﴾ (الأنعام 152
( الإسراء 34
ثم نزلت آيات فى المدينة تؤكد على رعاية الیتیم منھا ﴿ويطعمون الطعام
على حبه مسكیناً ويتیماً وأسیرا﴾ (الإنسان 8) ﴿وآتى المال على حبه ذوى
( القربى والیتامى والمساكین..﴾ (البقرة 177
ومع ذلك سألوا النبى عن الیتامى، وانتظر النبى الإجابة ولم يقرأ علیھم
الآيات الكثیرة عن رعاية الیتیم وحقوقه، ونزل قوله تعالى يجیب السؤال
﴿ويسألونك عن الیتامى قل إصلاح لھم خیر وإن تخالطوھم فإخوانكم﴾ (البقرة
220 ) وھذه الإجابة تؤكد ما سبق بیانه من رعاية الیتیم. وسئل النبى مرة
أخرى عن يتامى النساء ونزل الوحى يؤكد ما سبق بیانه من وجوب رعايتھن
ورعاية الیتیم ﴿ويستفتونك فى النساء قل الله يفتیكم فیھن وما يتلى علیكم
فى الكتاب من يتامى النساء اللاتى لا تؤتونھن ما كتب لھن وترغبون أن
تنكحوھن والمستضعفین من الولدان وأن تقدموا للیتامى بالقسط﴾ (النساء
127 ) والإجابة ھنا تشیر إلى ما نزل فى الكتاب وكانوا يتلونه ويقرأونه من
رعاية الیتامى والمستضعفین من الولدان.
* وأكثر من ذلك فھناك حقیقة قرآنیة مؤكدة وكررھا القرآن، وھى أن النبى لا
يعلم الغیب ولا يعلم موعد قیام الساعة ولا ما سیحدث له أو للناس. واقرأ
فى ذلك قوله تعالى ﴿قل لا أقول لكم عندى خزائن اللهولا أعلم الغیب﴾
(الأنعام 50 ) ﴿قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا. عالم
﴿ (27 : الغیب فلا يظھر على غیبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول..﴾ (الجن 25
فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدرى أقريب أم بعید ما توعدون﴾
(الأنبیاء 109 ) وھل ھناك أوضح من قوله تعالى ﴿قل ما كنت بدعاً من الرسل
( وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم..﴾ (الأحقاف 9
ومع ذلك فھناك آيات أخرى كثیرة تؤكد أن علم الساعة عند اللهوحده ﴿إن الله
عنده علم الساعة وينزل الغیث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفسماذا
تكسب غداً وما تدرى نفسبأى أرضتموت﴾ (لقمان 34 ) ﴿إلیه يرد علم
الساعة﴾ (فصلت 47 ) ﴿وتبارك الذى له ملك السماوات والأرضوما بینھما
( وعنده علم الساعة وإلیه ترجعون﴾ (الزخرف 85
كلھا آيات تؤكد أن النبى لا يعلم الغیب وأن علم الساعة للهوحده وكانت
تكفى آية واحدة ولكنھم سألوا النبى مرة ومرات عن الساعة، ومع ذلك لم
يبادر بالإجابة بأن يقرأ علیھم الآيات السابقة، وإنما انتظر الوحى، وكان
الوحى ينزل دائماً بنفسالإجابة وھى أن علم الساعة لله وحده وأن النبى لا
يعلم الغیب.
سألوا النبى عن الساعة فلم يبادر بالإجابة وھو بلا شك يعلم أن القرآن لا
يمكن أن يأتى بإجابة تناقضما سبق، وأن الإجابة ستكون نفسالمعنى
الذى تكرر وتأكد من قبل،.. انتظر النبى الإجابة ونزل قوله تعالى ﴿يسألونك
عن الساعة أيان مرساھا قل إنما علمھا عند ربى لا يجلیھا لوقتھا إلا ھو ثقلت
فى السماوات والأرضلا تأتیكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفى عنھا قل إنما
علمھا عند الله ولكن أكثر الناسلا يعلمون. قل لا أملك لنفسى نفعاً ولا ضراً
إلا ما شاء اللهولو كنت أعلم الغیب لاستكثرت من الخیر وما مسنى السوء﴾
188 ) وھذا توضیح فیه أكثر من الكفاية. : (الأعراف 187
ولكنھم سألوه أيضاً عن الساعة ونرى النبى علیه السلام أيضاً ينتظر الإجابة
فنزل قوله تعالى يجیب ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرساھا. فیم أنت من
(45 : ذكراھا؟. إلى ربك منتھاھا. إنما أنت منذر من يخشاھا﴾ (النازعات 42
والآيات الأخیرة ملئت بأسلوب الاستفھام الإنكارى ﴿فیم أنت من ذكراھا﴾ وجاء
أسلوب القصر يقصر علم الساعة على رب العزة ﴿إلى ربك منتھاھا﴾ ويقصر
وظیفة النبى على الإنذار ﴿إنما أنت منذر من يخشاھا﴾.
كان ذلك فى مكة ثم فى المدينة سألوا النبى عن الساعة، وانتظر النبى
أيضا نفسالجواب من رب العزة ﴿يسألونك عن الساعة قل إنما علمھا عند
( ربى وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا﴾ (الأحزاب 63
كان بإمكان النبى أن يجیب، ولديه الكفاية من الآيات، ولكنه كان ينتظر
الإجابة، وينزل الوحى بالإجابة المعروفة سلفاً، ثم يسألون النبى نفس
السؤال وينتظر النبى إلى أن تأتى الإجابة.. وتأتى نفسالإجابة ثم يسأله
آخرون نفسالسؤال، وأيضاً ينتظر الإجابة التى يعرفھا إلى أن ينزل الوحى..
وھكذا.. ولو كان من حقه الاجتھاد لأجاب منذ السؤال الأول.
على أن ھذه التأكیدات القرآنیة لم تأت عبثاً- وتعالى اللهعن العبث- فمع كل
التأكیدات التى كانت تكرر وتكرروتؤكد أن النبى لا يعلم الغیب ولا يعلم شیئاً
عن الساعة وموعدھا وأحداثھا- مع ذلك فإن الناسأسندوا للنبى بعد موته
عشرات الأحاديث عن علامات الساعة وأحداثھا والشفاعات وأحوال أھل
الجنة وأھل النار. وھذه الأحاديث التى ملأت الكتب (الصحاح) تؤكد اعجاز
القرآن لأننا نفھم الآن لماذا كرر القرآن تلك التأكیدات سلفا ومسبقا لیرد علیھا
سلفا ومسبقا. ھذه الأحاديث الضالة تضعنا فى موقف اختبار أمام اللهتعالى
فإما أن نصدق القرآن ونكذبھا، وإما أن نصدقھا ونكذب اللهوقرآنه.. ولا مجال
للتوسط.. ونسأل اللهالسلامة والھداية.. ونعود إلى قضیة التشريع..
* فقد كانوا يسألون النبى عن أشیاء لا نشك لحظة فى أنه علیه السلام كان
يعرف الإجابة عنھا من خارج القرآن، ومع ذلك فلم يبادر النبى بالإجابة من
عنده أو من معلوماته وإنما انتظر الوحى القرآنى. فقد سألوا النبى عن
الأھلة- جمع ھلال- ومعروف أن الأھلة ھى لمعرفة المواقیت، وھذا ما كان
مشھوراً العلم به فى الجزيرة العربیة حیث اعتاد العرب فى شھورھم العربیة
على الاعتماد على التوقیت القمرى، وبه كانوا يؤدون فريضة الحج قبل القرآن
وفى عصر النبى علیه السلام. وھكذا فعندما سألوا النبى عن الأھلة كان
ممكناً أن يجیبھم من عنده ولكنه انتظر حتى نزل قوله تعالى ﴿يسألونك عن
الأھلة قل ھى مواقیت للناسوالحج﴾ (البقرة 189 ). وسألوا النبى عن
مباشرة النساء فى المحیض، ونحن نعتقد أن النبى بذوقه الرفیع وحسه
المرھف- علیه السلام- كان يعلم أن المحیضأذى وأنه ينبغى اجتناب النساء
فى المحیض، ومع ذلك فلم يصرح النبى برأيه وانتظر الوحى حتى نزل قوله
تعالى ﴿ويسألونك عن المحیضقل ھو أذى فاعتزلوا النساء فى المحیضولا
( تقربوھن حتى يطھرن﴾ (البقرة 222
* وحدث أن جاءت امرأة تسأل النبى عن حكم الظھار بعد أن ظاھر منھا زوجھا
أى أقسم باجتنلبھا جنسیا أو بحرمتھا مثل تحريم أمه علیه، ولم تكن لدى
النبى إجابة فانتظر كعادته الوحى، ولكن المرأة لم تنتظر وأخذت تجادل
النبى- وھذا منتظر ممن كانت فى مثل حالتھا- ولما لم تجد لدى النبى شیئاً
رفعت يديھا للسماء تشكو للهتعالى حالھا، ونزل القرآن يوضح ذلك الموقف
ويفتى فى الموضوع ﴿قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجھا وتشتكى
( إلى اللهواللهيسمع تحاوركما إن الله سمیع بصیر﴾ (المجادلة 1
إن صاحب الشرع ھو رب العزة تعالى، أما الرسول فھو الذى يبلغ ذلك الوحى
كما ھو.. ولو كان للنبى حق الشرح والاجتھاد، لأصبح للدين مصدران، وكان
لابد حینئذ أن يحظى ذلك المصدر الثانى بحفظ الله شأنه شأن المصدر الأول،
ولكن ذلك لم يحدث لأنه ومنذ البداية فإن التبلیغ ھو مسئولیة الرسول، ولیس
الاجتھاد من مسئولیاته..
ونضیف إلى ذلك أنه طالما كان الوحى ينزل والشرع لما يكتمل بعد فلم يكن
ھناك مجال للاجتھاد فى التشريع، وحین اكتمل الوحى نزولاً وتم الدين قرآناً
انتھى دور النبى ومات بعد أن أدى الأمانة وبلّغ الرسالة.
ولو كان النبى يجتھد ويتحدث فى الدين برأيه وأنشأ مصدراً آخر مع القرآن من
خلال اجتھاده- لو حدث ھذا ما كان لدى الصحابة والتابعین والأئمة مجال
للاجتھاد بعد اجتھاد النبى أو تفسیره للقرآن. ولكن الذى حدث أن الصحابة
والتابعین والأئمة قد اجتھدوا فى التفسیر والإفتاء والتشريع، ثم جاء اللاحقون
فأسندوا بعضالاجتھاد الذى قالوه للنبى لیجعلوا له قدسیة ولیضمنوا
انتشاره، ولم يفطنوا إلى أن ذلك يناقضالقرآن. وبذلك نشأ ما يعرف
بالمصادر الأخرى إلى جانب كتاب الله...
اجتھاد النبى فى التطبیق ولیسفى التشريع
لم يكن للنبى أن يجتھد فى التشريع..
ولكن كان علیه أن يجتھد فى طاعة اللهوتطبیق أوامره وتنفیذ شريعته،
وحتى فى ذلك أمره اللهأن يشاور المؤمنین فى الأمر.ولكن ھل يصلح
اجتھاده في التطبیق لمن جاء بعده من المؤمنین ؟ ان المفھوم أن اجتھاده
فى التطبیق للنصوصالشرعیة يخضع لامكاناته البشرية وظروف الزمان
والمكان ومن حوله من البشر ، وھى مختلفة بالتأكید عن ظروفنا وبالنالى
فلیساجتھاده التطبیقى فى عصره ولعصره ملزما لنا وكل من جاء بعده.
مثلا يقول تعالى : " وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل "
الأنفال 60 " كان اجتھاد النبى فى التسلیح والاستعداد العسكرى طبقا للآية
الكريمة محكوما بظروف عصره ، فھل نتمسك بذلك فى عصرنا ؟ أم نجتھد بما
يناسب عصرنا.؟
أجتھادنا فى فھم القرآن فريضة دينیة اسمھا التدبر .
اذا تدبرنا القرآن طلبا للھداية وبمنھج علمى وبدون ھوى مسبق أفلحنا ،
وھذا ينسب لنا ولیسلدين اللهتعالى . أما إذا اجتھدنا فى الدين فأخطأنا فى
الاجتھاد فالخطأ يلحق بنا نحن ولا شأن للدين بنا.. وكلنا بشر يجوز علینا
الخطأ، لذا كان لابد لدين اللهأن يكون بمعزل ومنجاة من أخطاء البشر ولیظل
سامیا فوق الھوى البشرى وقد ضمن اللهتعالى حفظه الى قیام الساعة
لیكون حجة على اجتھادھم الخاطىء و افترائھم على الله تعالى ورسوله.
ولأنه محفوظ بقدرة الله تعالى فلم يستطیعوا النیل من لفظه ونصه فكذبوا
على الله تعالى ورسوله فى التفاسیر والأحاديث. وتخیل لو لم يحفظ الله
تعالى قرآنه من أھوائھم ؟ اذن كانت رقابة الشیوخ قد حذفت من القرآن كل
الآيات التى تنفى عصمة النبى وشفاعته وعلمه بالغیب والآيات الأخرى التى
تؤكد على القیم الاسلامیة العلیا من الحرية المطلقة فى العقیدة والفكر و
الحق المطلق فى العدل وفرضیة الشورى بمعنى الديمقراطیة المباشرة ،
وكل تلك الحقائق القرآنیة المنسیة الغائبة والتى اجتھدنا فى توضیحھا فثار
علینا الشیوخ ولا يزالون مع أن كل أدلتنا من القرآن . لو استطاعوا لأعلنوا
كفرھم به . لم يبق فى استطاعتھم الا اضطھادى وسبى وشتمى لیداروا
عورة جھلھم وكراھیتھم لما أنزل الله تعالى .ّ ذلك القرآن الذى أنزله الله
تعالى لنا دينا نقیاً صافیاً محفوظاً بقدرته جل وعلا حتى تتم علینا حجة الله
يوم القیامة.
حدود اجتھاد الناسفى تشريع القرآن:
كلمة الاجتھاد بمعناھا الاصطلاحى من مبتكرات العصر العباسى ونحن
مضطرون لاستعمالھا لشیوعھا على الألسنة، والاصطلاح القرآنى المماثل
ھو "التدبر" ومعناه أن يظل القارئ للقرآن خلف الآية يتتبعھا فى القرآن حتى
يستوعب المراد، لأن القرآن مثانى وفیه التشابه وتكرار المعنى وتفصیلھا،
وآياته تفسر بعضھا بعضاً ولا يناقضبعضھا بعضاً، لذا فإن الأمر بتدبر القرآن
يشیر إلى ھذه الحقیقة فیقول تعالى ﴿أفلا يتدبرون القرآن؟ ولو كان من عند
( غیر اللهلوجدوا فیه اختلافاً كثیرا﴾ (النساء 82
والتدبر عملیة عقلیة فكرية يقوم بھا القارئ للقرآن متشجعاً بآياته التى تحث
على التفكر والتعقل والنظر والعلم والتفقه.
على أن القرآن استعمل بعضالمشتقات القريبة من كلمة "الاجتھاد" مثل
﴿والذين لا يجدون إلا جھدھم فیسخرون منھم﴾ (التوبة 79 ) والجھد ھنا يعنى
الإمكانات المالیة والمادية، وقريب منه قوله تعالى ﴿وأقسموا بالله جھد
أيمانھم﴾ (النور 53 ) وقد يكون الجھد مجھوداً عضلیاً أما التدبر فھو تفكیر
عقلى علمى بحت، وذلك يجعل من أسلوب القرآن أرقى وأدق من اختراع
العصر العباسى : "الاجتھاد" الذى لا يزال مسیطراً على تفكیرنا حتى الآن.
والسؤال الآن: ما ھى حدود الاجتھاد فى شرع الله؟ ومتى يكون مباحاً ومتى
يكون محظوراً؟ إن اللهتعالى يقول ﴿أم لھم شركاء شرعوا لھم من الدين ما
لم يأذن به الله؟﴾ (الشورى 21 ) ومع نبرة الھجوم والتخويف فى الآية من ذلك
التشريع الذى لم يأذن به اللهفإن فى الآية تصريحاً بوجود تشريع يرضى عنه
الله لأنه جاء فى الحدود التى يأذن بھا الله. ومن أسف فإنھم لم يعرفوا تلك
الحدود فاجتھدوا فى المحظور وربما توقفوا حیث ينبغى الاجتھاد، ولقد قالوا
أنه "لا اجتھاد مع وجود نص" مع ان النصالقرآنى يحتاج كأى نصتشريعى
الى اجتھاد فى تطبیقه على الواقع. أنھم أضافوا نصوصاً منسوبة للنبى
وجعلوھا مع أخرى مصادر أخرى للاسلام مع القرآن . وأصبحت تلك
النصوصموانع للاجتھاد لا وجود له معھا بما جعلوا لھا من قدسیة مع أنھا
تخالف القرآن. ونضرب لذلك مثلاً:
فالمحرمات فى الزواج جاءت فى نصقرآنى جامع مانع فى قوله تعالى ﴿ولا
تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء
سبیلا. حرمت علیكم أمھاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ
وبنات الأخت وأمھاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمھات
نسائكم وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بھن فإن لم
تكونوا دخلتم بھن فلا جناح علیكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن
تجمعوا بین الأختین إلا ما قد سلف إن اللهكان غفوراً رحیما. والمحصنات من
النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب اللهعلیكم . وأحل لكم ما رواء ذلكم أن
(24 : تبتغوا بأموالكم محصنین غیر مسافحین﴾ (النساء 22
فالمحرمات ھنا بالنصالقرآنى كالآتى "الأم" "البنت" الأخت" "العمة"
"الخالة" "بنت الأخ" "بنت الأخت" "الأم من الرضاعة" "الأخت من الرضاعة"
"أم الزوجة" "بنت الزوجة التى دخل بھا زوجھا" "زوجة الابن من الصلب"
"أخت الزوجة فى وجود الزوجة على ذمة زوجھا وفى عصمته" ثم "المرأة
المتزوجة بزوج آخر إلا إذا فسخ عقد زواجھا بملك الیمین" فھنا خمسعشرة
امرأة محرمة فى الزواج عندما نضیف "زوجة الأب".
وقد حرصالقرآن الكريم على توضیح التفصیلات والاستثناءات والمحترزات
لتتضح الصورة كاملة، فأجازعلى سبیل الاستثناء أنواع الزواج الباطل الذى
كان موجوداً قبل نزول الآية وأقره بصفة مؤقتة ولكن حرم أن ينشأ بعد تلك
الحالات الموجودة حالات أخرى، ففى تحريم زواج أرملة الأب أو طلیقة الأب
قال تعالى ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم إلا ما قد سلف﴾ وفى تحريم الجمع بین
الأختین فى الزواج قال تعالى ﴿وأن تجمعوا بین الأختین إلا ما قد سلف﴾ ومع
أنھا كانت حالات فردية معدودة وقت نزول القرآن إلا أن القرآن الكريم الذى
فصل كل شىء تفصیلاً والذى نزل تبیاناً لكل شىء أفسح لھا مجالاً للتوضیح
طالما يستدعى الأمر ذلك.
وأوضح القرآن بأفصح بیان معنى البنت الربیبة بالتفصیل ﴿وربائبكم اللاتى فى
حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بھن فإن لم تكونوا دخلتم بھن فلا جناح
علیكم﴾.
وأوضح معنى زوجة الابن المحرمة ﴿وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم﴾ أى
لابد أن يكون الابن من صلب أبیه ولیسابناً بالتبنى ولذلك أمر اللهتعالى أن
يطلق زيد بن حارثة- الذى تبناه النبى- زوجته زينب بنت جحشلیتزوجھا
النبى فیما بعد.
وأوضح حرمة الزواج من المرأة المتزوجة التى لا تزال فى عصمة زوجھا إلا إذا
فقدت حريتھا وأصبحت مملوكة وحینئذ ينفسخ عقد زواجھا وبعد انتھاء عدتھا
يمكن لھا الزواج ﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم﴾.
وبعد أن حصر القرآن المحرمات وفصّل القول فیھن تفصیلاً قال تعالى ﴿كتاب
الله علیكم﴾ أى أن تحريم ھؤلاء النسوة مكتوب ومفروضعلیكم، فھنا حكم
جامع مفصل بالتحريم، وبعده قال تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ أى أنه من
بعد المحرمات المنصوصعلیھن فى الآيات الثلاث فكل النساء أمامكم حلال
للزواج الشرعى ولسن محرمات بأى حال.
ومعناه أن القرآن الكريم أحاط النساء المحرمات بسور تشريعى جامع مانع،
وما بعد ذلك السور فكل النساء حلال للزواج.
وبمعنى أدق فلا يجوز ھنا أن نجتھد الا فى تطبیق ھذا النصكما ھو خصوصا
وھو نصتشريعى جامع مانع لا يجوز الاضافة له او الحذف منه حتى لا
نعتدى على تشريع الله، ولكن الفقھاء أعملوا القیاسفحرموا الجمع بین
المرأة وعمتھا وخالتھا قیاسا على حرمة الجمع بین المرأة وأختھا، وحرموا
الخالة والعمة من الرضاع قیاساً على تحريم الأم من الرضاع والأخت من
الرضاع، ثم صاغوا فى ذلك أحاديث ھى أشبه بمتون الفقه وأحكام الفقھاء
فقالوا "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" وقالوا "لا يجمع الرجل بین
المرأة وعمتھا والمرأة وخالتھا".
وھنا يقع التناقصمع كتاب الله..
فإذا أراد رجل أن يتزوج عمة زوجته أجاز له القرآن ذلك لأن عمة الزوجة
لیست من المحرمات فى نصالقرآن ولأنھا تدخل فى الحلال من النساء
للزواج ضمن قوله تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ ولكن كتب الفقه تجعل
ذلك الحلال القرآنى حراماً.
وإذا أراد رجل أن يتزوج خالته من الرضاع أحلھا له القرآن وحرمھا علیه
الفقه..!! وذلك يعنى بوضوح أنھم يحرمون ما أحل اللهوينسبون ذلك للرسول
، والرسول علیه السلام برىء من ذلك..
إن النساء كلھن حلال للزواج ماعدا المنصوصعلیھن بالتحديد والتعريف
الدقیق ولكنھم لم يكتفوا بذلك التحديد الجامع المانع فأضافوا محرمات
أخريات وضربوا بقوله تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ عرضالحائط. وقالوا لنا
"لا اجتھاد مع وجود نص" واخترعوا نصوصاً أكسبوھا قدسیة مع أنھا تعارض
كتاب اللهومنعونا من مناقشتھا..
وذلك مجرد مثل للاجتھاد المحظور الذى وقع فیه السابقون وأكسبوه
قدسیة، وھناك أمثلة أخرى لذلك الاجتھاد فى المحظور الذى يعتدى على
النصوصالقرآنیة الجامعة المانعة، ولكن الإسھاب فى ذلك يخرج عن موضوع
ھذا الكتاب.
كان ينبغى أن يتوجه اھتمام الفقھاء إلى الاجتھاد فى المناطق المباح فیھا
الاجتھاد. فمن الملاحظ أن آيات التشريع القرآنى محدودة ومحددة فھى أقل
30 من القرآن الكريم، ومع ذلك فقد / من مائتى آية أى ما يعادل حوالى 1
اكتفى رب العزة بھذه الآيات. وبھا اكتمل الدين وتمت نعمة الإسلام بتمام
القرآن ﴿الیوم أكملت لكم دينكم وأتممت علیكم نعمتى ورضیت لكم الإسلام
دينا﴾ (المائدة 3) ولیسممكناً بعد ھذه الآية أن يقال أن كتب الفقه والحديث
تكمل نقصاً فى القرآن، فتعالى الله العزيز الحكیم أن ينزل لنا كتاباً ناقصاً
يحتاج للبشر فى استكماله. وآيات التشريع القرآنى على قلتھا ومحدوديتھا
تعنى أن تشريع القرآن ترك ھامشاً للحركة الإنسانیة فى الاجتھاد والتطور
وفق المتغیرات ولكن ينبغى أن يكون ذلك فى الإطار العام لتشريعات القرآن
التى تھدف لإقرار العدل والمساواة والقسط والتیسیر وحفظ الحقوق والدماء.
إن التشريع القرآنى جاء بنصوصجامعة مانعة فى أمور محددة كالمحرمات
فى الزواج والحرام فى الطعام وجاء بأنصبة محددة فى المیراث، ومطلوب منا
أن نجتھد فى تطبیق ھذه النصوصالتطبیق الأمثل، لا أن نجتھد فى الاعتداء
علیھا وتغییرھا بالإضافة والتشويه.
ثم جاء التشريع القرآنى يحتكم للعرف أو المعروف فى التطبیق لأحكامه
التفصیلیة و لأن تصاغ من العرف والمعروف قوانین اسلامیة فى اطار القیم
الاسلامیة الانسانیة العلیا المتعارف علیھا فى كل زمان ومكان من العدل
والحرية والسلام والاحسان والتسھیل والتخفیف والرحمة والرفق والعفو.
بالعرف وبالمعروف يمكن مثلا تطبیق تلك القیم الاسلامیة العلیا فى المجتمع
وفق العرف السلیم ومواءمته للعصر الذى يعیشه الناس فى كل ما تركه
القرآن للتقنین البشرى ، وھذا يدخل فیه كل شىء من قوانین الاسكان الى
المرور والاستیراد والتصدير والھجرة ...الخ ..الخ . وكل قانون يشرى روعیت
فیه تلك القیم السامیة فھو تشريع اسلامى أذن به اللهتعالى. كما يمكن
أيضا تطبیق التفصیلات الثشريعیة القرآنیة نفسھا حسب العرف أو المعروف
المتعارف علیه فى كل عصر، وذلك لكى يتیح القرآن الكريم المجال للتطور
الاجتماعى والإنسانى وتظل تشريعات القرآن فوق الزمان وفوق المكان، وما
كان يصلح للعصر العباسى مثلاً لا يصلح لعصرنا.
ومثلاً يقول تعالى ﴿والوالدات يرضعن أولادھن حولین كاملین لمن أراد أن يتم
الرضاعة وعلى المولود له رزقھن وكسوتھن بالمعروف﴾ (البقرة 233 ) فلم
يحدد القرآن مبلغاً من المال بالدرھم والدينار وإنما قال "رزقھن" لیشمل
الجانب النقدى والجانب العینى واحتكم للمعروف أى القیمة الانسانیة العلیا
فى القسط والعدل وتطبیق ذلك بالعرف السائد من النقد والعملة وسائر
احوال المعیشة ومدى المناسب لحال المرضعة والوالدة ووضعھا ووضع
المجتمع، وينبغى ھنا أن يقوم الناسبوضع القوانین التى تناسب عصرھا
فى اطار ذلك العرف الذى اشار الیه القرآن الكريم فى تلك التفصیلات
التشريعیة. وھنا يكون الاجتھاد فى خدمة النصالقرآنى.
ويلاحظ أن الاحتكام للعرف والمعروف يتكرر كثیراً فى حديث القرآن عن الزواج
والأحوال الشخصیة باعتبارھا أقدم "عرف" تعارف علیه بنو آدم ولا يزال الزواج
ھو الصیغة الشرعیة التى يباركھا دين الله، وحین نزل القرآن كان رسول الله
محمد قد تزوج زواجاً شرعیاً وفق عرف الجاھلیة، فالعرب قبل الإسلام لم
يكونوا محرومین كلیة من التشريعات الصالحة، ولذلك فإن القرآن الكريم لم
يوضح لنا مثلاً كیفیة عقد الزواج، ولكن نزلت آيات كثیرة تصحح بعضالأخطاء
الشائعة فى الزواج وعلاقات الزوجین والشقاق بینھما وعدة المطلقة
وحقوقھا، واحتكم فى ذلك للعرف.
والتفصیل فى مواضع الاحتكام للعرف والمعروف فى تشريع القرآن يخرج عن
موضوعنا وموعدھا كتاب خاصعن فلسفة التشريع القرآنى. ولكن يلفت
النظر عناية القرآن بالشورى وأمر النبى بھا وھو الذى ينزل علیه الوحى،
وجعلھا من سمات المجتمع المسلم، وبھا يمكن للمجتمع صیاغة قوانین فى
اطار العرف والمعروف سواء فى تطبیق التفصیلات التشريعات القرآنیة
وتنزيلھا على الواقع المعاشوفق المتعارف على أنه الأكثر عدلا ويسرا ، او
فى استخلاصقوانین جديدة فیما ينفع الناسفیم تركه القرآن للبشرللتقنین
وما أذن الله تعالى لھم فى تشريعه فى اطار وضوابط القیم الاسلامیة العلیا
المشار الیھا .
لقد قامت حیاة النبى علیه السلام على أساستبلیغ القرآن كما ھو وجاھد
حتى بلّغ الرسالة وحین اكتملت الرسالة مات النبى وترك لنا الرسالة
أوالقرآن أو الرسول المقروء بیننا.. وفى حیاة النبى كانوا يسألونه ويستفتونه
فینتظر الإجابة من الوحى، وبعضھذه الأسئلة كان يمكنه الإجابة عنھا ولكن
الدين دين الله، والله وحده ھو صاحب الحق فى التشريع ولیسللنبى أن
يفتى وما كان يفعل. ولكنه علیه السلام كان يجتھد فى تطبیق النصوص
القرآنیة وكان يستشیر لكى يصل للصیغة المثلى فى التطبیق.
وھناك بالنسبة لنا نحن بعد النبى مجالات حددھا القرآن للتطبیق الحرفى بلا
أدنى تغییر أو تبديل مثل المحرمات فى الزواج وعدم تحريم الحلال فى
الطعام، والأنصبة المحددة فى المیراث.
ثم ھناك مجالات أباح فیھا القرآن للاحتكام للعرف منھا ما يخصالسلطة
الاجتماعیة ومنھا ما ينفذه المسلم فى ضوء تقواه وخشیته من الله مثل
الوصیة والصدقة..
ثم ھناك المشورة فى غیر وجود النص، والنصوصالقرآنیة التشريعیة محددة
ومحدودة مما يعطى فرصة كبرى للتطور الاجتماعى لتحقیق العدالة والقسط
والتیسیر، وذلك يعطى تشريع القرآن إمكانیة الاستمرار فى كل مكان وزمان،
وھناك أيضاً المشورة فى كیفیة تطبیق النصأو فى تقنین العرف، وأى
تشريع يصل إلیه المجتمع بالمشورة مستلھماً روح القرآن بھدف تحقیق
العدالة والمساواة ومنع الظلم فھو تشريع إسلامى أذن اللهتعالى به.
فالھدف من إرسال الرسل وإنزال الكتاب كان إقامة الناسللقسط وفى ذلك
يقول تعالى ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبینات وأنزلنا معھم الكتاب والمیزان لیقوم
( الناسبالقسط..﴾ وصدق اللهالعظیم (الحديد 25
((((سُنّة الرسول ھى القرآن فقط))))
السُنّة ھى الشرع وھى الطريقة والمنھاج. وبھذين المعنیین جاءت كلمة
السنة فى القرآن منسوبة لله ولشرعه ولطريقته فى التعامل مع البشر
مشركین ومؤمنین..
كانت سنة أو طريقة المشركین ھى الاستكبار عن الحق والمكر بالمؤمنین،
وكانت طريقة الله معھم أو سنته أن يحیق مكرھم السیئ بھم ﴿استكباراً فى
الأرضومكر السیئ ولا يحیق المكر السیئ إلا بأھله فھل ينظرون إلا سنة
( الأولین؟ فلن تجد لسنة اللهتبديلاً ولن تجد لسنة اللهتحويلا﴾ (فاطر 43
كان المشركون يرغمون المؤمنین على الھجرة لذا كانت طريقة الله إھلاكھم
أو تعذيبھم، يقول ﴿وإن كادوا لیستفزونك من الأرضلیخرجوك منھا وإذاً لا
يلبثون خلافك إلا قلیلا. سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولن تجد لسنتنا
(77 : تحويلا﴾ (الإسراء 76
وكانت سنة الله أو طريقته أن يھزم المشركین أمام المؤمنین إذا صدقوا فى
إيمانھم ﴿ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولیاً ولا نصیرا. سنة
(23 : اللهالتى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة اللهتبديلا﴾ (الفتح 22
وتآمر المنافقون فى المدينة على النبى والمسلمین وھددھم اللهبأن يجرى
علیھم سنته فى التعامل مع المشركین ﴿لئن لم ينته المنافقون والذين فى
قلوبھم مرضوالمرجفون فى المدينة لنغرينك بھم ثم لا يجاورونك فیھا إلا
قلیلا. ملعونین أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتیلا. سنة الله فى الذين خلوا من
(62 : قبل ولن تجد لسنة اللهتبديلا﴾ (الأحزاب 60
ھذه ھى السنة بمعنى الطريقة والمنھاج وھى تنسب للهوطريقته فى الرد
على المشركین.
وتأتى السنة أيضاً بمعنى الشرع. وبھذا الاستعمال نتحدث نحن فى لغتنا
العادية فنقول "سنّ قانوناً" أى شرّع قانوناً. وحین يسن القانون يكون ملزماً
للناسولابد من طاعته. ونفسالمعنى للسنة جاء فى الآية الكريمة ﴿ما كان
على النبى من حرج فیما فرضاللهله سنة اللهفى الذين خلوا من قبل وكان
أمر اللهقدراً مقدورا﴾ (الأحزاب 38 ) ففى الآية تجد ﴿سنة الله﴾ مرادفة لكلمتى
"فرضالله" و"أمر الله" الذى جعله اللهقدراً مقدورا. إذن سنة اللهبمعنى
الشرع ھى الفرضوالأمر الإلھى واجب التنفیذ.
وھذا يذكرنا بمعنى السنة الآخر وھو المنھاج والطريقة وكان تعبیر القرآن
عنھا أنه لا تبديل ولا تحويل لسنة الله.
والنبى كان علیه أن ينفذ سنة اللهأى شرع اللهوأوامره حتى لو كان فیھا
حرج، وقد نزلت آية ﴿ما كان على النبى من حرج فیما فرضاللهله سنة الله
فى الذين خلوا من قبل وكان أمر اللهقدراً مقدورا﴾ فى موضوع زيد بن حارثة
وزواجه وطلاقه من زوجته، فقد تحرج النبى من تنفیذ سنة اللهأو شرع الله
فنزلت ھذه الآية، ونستفید منھا أن السنة ھى شرع الله، وأن النبى ھو أول
من ينفذ ھذه السنة، ونحن بالتالى نقتدى بالنبى فى طاعة سنة اللهأو
شرعه وأوامره، وينبغى على المؤمن أن يعلم أنه لا فارق بین السنة والفرض
لأنھما شرع الله الواجب التنفیذ، فالصلاة والزكاة والحج للمستطیع كلھا سنن
اللهوفرائضه.
وعلماء التراث أطلقوا "السنة العملیة" وھى الصلاة- على ما توارثناه من
كیفیة للصلاة عن النبى وقالوا بوجوبھا وضرورة الالتزام بھا وثبوتھا بالقطع
والیقین. وھذا صواب فى الرأى . إلا أنھم أخطأوا حین نسبوا للرسول أحاديث
قولیة وقالوا بأنھا السنة القولیة، فالسنة القولیة للرسول ھى فقط فى
القرآن وحديث القرآن وما تكرر فیه من كلمة "قل" . وأخطأوا أيضاً حین
ناقضوا أنفسھم وجعلوا فارقاً بین السنة والفرض، فجعلوا الفرضواجب
التنفیذ مثل الصلوات الخمسوجعلوا السنة ھى ما يزيد من نوافل على
الصلوات المفروضة، وقد تبین لنا أن السنة ھى الفرضولا فارق بینھما فى
حديث القرآن ولا فى لغتنا العادية حین نقول "سنّ قانوناً".
وبعد ھذا التوضیح سیستمر التساؤل: ألیست للرسول سنة؟ ويستدرك
السائل حین يتذكر عنوان البحث "سنة الرسول ھى القرآن فقط" فیحور
السؤال "ألیست للرسول سنة خارج القرآن؟؟".
والإجابة فى القرآن يقول تعالى ﴿لقد كان لكم فى رسول اللهأسوة حسنة
لمن كان يرجوا الله والیوم الآخر وذكر الله كثیرا } (الأحزاب 21 ) فلم يقل الله
تعالى: "قد كان لكن فى رسول الله سنة حسنة" وإنما قال "أسوة حسنة".
فالسنة لله لأنھا شرع الله وأوامر الله. أما الاقتداء والتأسى فبالرسول فى
تطبیقه العلمى لسنة اللهوشرع الله.
على أنه من المفید أن نستزيد فھماً للآية الكريمة والسیاق الذى جاءت فیه،
فقد نزلت الآية فى التعلیق على غزوة الأحزاب وفى سورة الأحزاب، وقد كان
أھل المدينة عند حصار الأحزاب لھم فريقین: المنافقون وأشیاعھم وقد
تخاذلوا ﴿وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبھم مرضما وعدنا الله ورسوله
إلا غرورا﴾ (الأحزاب 12 ) ثم المؤمنون الذين تماسكوا وثبتوا ﴿ولما رأى
المؤمنون الأحزاب قالوا ھذا ما وعدنا اللهورسوله وصدق اللهورسوله وما
زادھم إلا إيماناً وتسلیما﴾ (الأحزاب 22 ) وكان رسول اللهعلیه السلام ھو
القدوة لھم فى الشجاعة والثبات لذا يقول تعالى عن موقفه ھذا ﴿لقد كان
لكم فى رسول الله أسوة حسنة﴾ وكان ھناك من المؤمنین من تأسى بالنبى
فى ھذه الشجاعة وفاق أقرانه فقال عنھم رب العزة ﴿من المؤمنین رجال
صدقوا ما عاھدوا الله علیه فمنھم من قضى نحبه ومنھم من ينتظر وما بدلوا
( تبديلا﴾ (الأحزاب 23
إذن فالتأسى بالرسول فى ھذه الآية كان فى سیاق قصة وفى موقف
محدد. ويؤكد ذلك أن اللهتعالى أمر الرسول محمداً والمؤمنین بالتأسى
بإبراھیم والذين معه حین تبرءوا من قومھم ﴿قد كانت لكم أسوة حسنة فى
إبراھیم والذين معه إذ قالوا لقومھم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون
الله﴾.. ﴿لقد كان لكم فیھم أسوة حسنة لمن كان يرجوا اللهوالیوم الآخر..﴾
(الممتحنة 6 ،4 ) فقال تعالى يحدد الموقف الذى ينبغى التأسى بھم فیه ﴿إذ
قالوا لقومھم﴾ ولم يجعل التأسى بھم مطلقاً..
إن الاقتداء والتأسى يعنى الاتباع، ولا يكون الاقتداء والتأسى على إطلاقه إلا
بكتاب الله. والله تعالى كما أمرنا بالتأسى برسول الله محمد فى موقف معین
فإنه أمر النبى نفسه بالاقتداء بھدى الأنبیاء السابقین فقال ﴿أولئك الذين
ھدى الله فبھداھم اقتده﴾ (الأنعام 90 ) فلم يقل تعالى "فبھم اقتده" وإنما
قال ﴿فبھداھم اقتده﴾.
ولم يأمر الله خاتم النبیین بالاقتداء والاتباع لإبراھیم وإنما أمره باتباع "ملة
إبراھیم" والملة ھى دين الله ﴿ثم أوحینا إلیك أن اتبع ملة إبراھیم حنیفا﴾
( (النحل 123
إن الاقتداء والتأسى إنما يكون بشرع الله وسنة رسوله، وھكذا كان يفعل
النبى.. والأنبیاء ھم القدوة الذين نقتدى بھم فى مواقف حكى عنھا رب العزة
وھو وحده الأعلم بھم وبأسرار حیاتھم.
إن سنة الرسول ھى القرآن شرع الله..
واللهتعالى نسأل أن نعیشعلى سنة الرسول وأن نموت علیھا..
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نھاكم عنه فانتھوا واتقوا الله
يحلوا لبعضالناسأن يسىء- عن عمد- فھم ھذه الآية لیلوى معناھا
ويقطعھا عن السیاق لیستدل بھا على مشروعیة المصادر الأخرى التى
أضافوھا للقرآن الكريم. وحتى نفھم المدلول الحقیقى لقوله تعالى ﴿وما
آتاكم الرسول فخذوه..﴾ ينبغى أن نقرأ الآية من أولھا ونراھا تتحدث عن
الفىء- أو ما يفىء إلى بیت المال بلا حرب ولا قتال، يقول تعالى ﴿ما أفاء الله
على رسوله من أھل القرى فلله وللرسول ولذى القربى والیتامى
والمساكین وابن السبیل كى لا يكون دولة بین الأغنیاء منكم وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نھاكم عنه فانتھوا واتقوا اللهإن اللهشديد العقاب.
للفقراء المھاجرين الذين أخرجوا من ديارھم وأموالھم يبتغون فضلاً من الله
(8 : ورضوانا..﴾ (الحشر 7
فالآية تتحدث عن الفىء وتوزيعه على الفقراء والمحتاجین دون الأغنیاء وتقول
للمؤمنین: وما آتاكم الرسول من ھذا الفىء فخذوه وما نھاكم عنه من التطلع
إلى ما لیسمن حقكم فانتھوا عنه، ثم تبین الآية التالیة استحقاق الفقراء
المھاجرين لھذا الفىء بعد أن تركوا أموالھم وديارھم.
وقد كانت عادة سیئة للمنافقین فى المدينة أن يربطوا رضاھم عن الإسلام
بمدى استفادتھم المالیة منه مع أنھم أغنیاء نھى الله النبى عن الإعجاب
بأموالھم وأولادھم (التوبة 85 ،55 ) ومع ھذا الغنى كانوا يزاحمون الفقراء فى
الحصول على الصدقات وقال تعالى عنھم ﴿ومنھم من يلمزك فى الصدقات
فإن أعطوا منھا رضوا وإن لم يعطوا منھا إذا ھم يسخطون. ولو أنھم رضوا ما
آتاھم الله ورسوله وقالوا حسبنا اللهسیؤتینا الله من فضله ورسوله إنا إلى
اللهراغبون. إنما الصدقات للفقراء والمساكین والعاملین علیھا والمؤلفة
(60 : قلوبھم..﴾ إلى آخر الآية (التوبة 58
وھذه الآيات من سورة التوبة توضح المعنى المقصود لقوله تعالى ﴿وما آتاكم
الرسول فخذوه﴾ فشأن المؤمن أن يرضى بما آتاه الرسول ﴿ولو أنھم رضوا ما
آتاھم اللهورسوله وقالوا حسبنا اللهسیؤتینا الله من فضله ورسوله..﴾.
وشأن المنافق أن يطمع فیما لیسحقاً له وألا ينتھى عن طمعه.
وقد أبان رب العزة مستحقى الفىء فى سورة الحشر ﴿ما أفاء اللهعلى
رسوله من أھل القرى فلله وللرسول ولذى القربى والیتامى والمساكین
وابن السبیل كى لا يكون دولة بین الأغنیاء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه
وما نھاكم عنه فانتھوا﴾.
وأوضح بالتحديد مستحقى الصدقات فى سورة التوبة ﴿إنما الصدقات للفقراء
والمساكین..﴾ (الآية 60 ) وفى الموضعین كان الحديث عما يؤتیه الرسول
للمؤمنین وعلیھم أخذه والرضا به والانتھاء عما نھى عنه.ولنتذكر ھنا أنه علیه
السلام كان يحكم بالقرآن بین الناس، وھذا يدخل فیه توزيع الفىء والغنائم
والصدقات طبقا لما جاء فى الكتاب الحكیم.
وقد يقال فى الرد علینا أن القاعدة الأصولیة تقطع بأن خصوصالسبب لا
يمنع عموم الاستشھاد. فإذا كانت الآية تتحدث عن الفىء فإن قوله تعالى
فیھا ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نھاكم عنه فانتھوا﴾ عامة فى وجوب الأخذ
بما آتانا به الرسول وبوجوب الانتھاء عما نھانا عنه..
ومن السھل الرد على ھذا الاحتجاج بما تعنیه كلمة الرسول فى القرآن
وبوجوب طاعته لأنه فى أقواله يقرأ القرآن، والرسول- كما سبق بیانه- ھو
نبى الله حین ينطق بالقرآن أو ھو القرآن بعد موت النبى. إذن فقد جاءنا
الرسول بالقرآن وعلینا التمسك به، واللهتعالى يقول ﴿إنا أنزلنا علیك الكتاب
للناسبالحق..﴾ (الزمر 41 ) فھذا الكتاب ھو الذى نزل على الرسول لنا، وھو
ما آتانا به الرسول وعلینا أخذه والتمسك به.
وأما ما نھانا عنه الرسول ﴿وما نھاكم عنه فانتھوا﴾ فھو كتابة غیر القرآن ومحو
كل مكتوب فى الدين خارج كتاب الله.
روى أحمد ومسلم والدارمى والترمذى والنسائى عن أبى سعید الخدرى
قول الرسول "لا تكتبوا عنى شیئاً سوى القرآن فمن كتب عنى غیر القرآن
فلیمحه" وأخرج الدارمى- وھو شیخ البخارى- عن أبى سعید الخدرى أنھم
"استأذنوا النبى فى أن يكتبوا عنه شیئاً فلم يأذن لھم". ورواية الترمذى عن
أبى سعید الخدرى تقول: أستأذنا النبى (صلى الله علیه وسلم) فى الكتابة
فلم يأذن لنا.
وروى مسلم وأحمد أن زيد بن ثابت- أحد مشاھیر كتاب الوحى- دخل على
معاوية فسأله عن حديث وأمر إنساناً أن يكتبه فقال له زيد: "أن رسول الله
أمرنا ألا نكتب شیئاً من حديثه، فمحاه معاوية".
وقد وردت أحاديث تفید الإذن بكتابة بعضالحديث مثل "اكتبوا لأبى شاه" وما
ورد أن لابن عمرو بعضكتابات وأدعیة فى الحديث، ولكن المحققین من
علماء الحديث رجحوا الأحاديث التى نھت عن كتابة الحديث خصوصاً وأنه لا
يعقل أن ينھى النبى عن شىء ثم يأمر بما يناقضه، ثم وھذا ھم الأھم فإن
النبى عندما مات لم يكن مع الصحابة من كتاب مدون غیر القرآن الكريم.
وبعضھم حاول التوفیق والمواءمة بین الأحاديث التى تنھى عن كتابة غیر
القرآن وبین الحديث الذى يفید كتابة بعضھم بقوله بأن المراد حتى لا تلتبس
الأحاديث بالقرآن.
وھذه حجة لا تستقیم مع إعجاز القرآن الذى يعلو على كلام البشر والذى
تحدى به الله العرب فعجزوا عن الإتیان بسورة من مثله، وذلك القرآن المعجز
للعرب كیف يخشى أحد علیه من أن يختلط به شىء آخر؟..
إن الثابت أن رسول اللهلم يترك بعده سوى القرآن.
والبخارى يعترف فى أحاديثه بأن النبى ما ترك غیر القرآن كتاباً مدوناً. يروى
ابن رفیع: "دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباسفقال له شداد بن
معقل: أترك النبى من شىء؟ قال ما ترك إلا ما بین الدفتین. أى القرآن فى
المصحف". قال "ودخلنا على محمد بن الحنفیة فسألناه فقال: ما ترك إلا ما
234 . ط. دار الشعب). / بین الدفتین" (البخارى 6
ويؤكد أن النبى نھى عن كتابة غیر القرآن أن الخلفاء الراشدين بعده ساروا
على طريقه فنھوا عن كتابة الأحاديث وعن روايتھا..
فأبو بكر الصديق جمع الناسبعد وفاة النبى فقال: "إنكم تحدثون عن رسول
الله أحاديث تختلفون فیھا والناسبعدكم أشد اختلافاً فلا تحدثوا عن رسول
الله شیئاً، فمن سألكم فقولوا: بیننا وبینكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا
حرامه" وھذا ما يرويه الذھبى فى تذكرة الحفاظ. ويروى ابن عبد البر
والبیھقى أن عمر الفاروق قال "إنى كنت أريد أن أكتب السنن وإنى ذكرت
قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا علیھا وتركوا كتاب الله. وإنى واللهلا أشوب
كتاب الله بشىء أبداً. ورواياته البیھقى "لا ألبسكتاب الله بشىء أبداً" وروى
ابن عساكر قال "ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله
فجمعھم من الآفاق.. فقال: ما ھذه الأحاديث التى أفشیتم عن رسول الله
فى الآفاق؟.. أقیموا عندى لا واللهلا تفارقونى ما عشت.. فما فارقوه حتى
مات".
وروى الذھبى فى تذكرة الحفاظ أن عمر بن الخطاب حبسأبا مسعود وأبا
الدرداء وأبا مسعود الأنصارى فقال: "أكثرتم الحديث عن رسول الله"، وكان قد
حبسھم فى المدينة ثم أطلقھم عثمان.
وروى ابن عساكر أن عمر قال لأبى ھريرة: "لتتركن الحديث عن رسول الله أو
لألحقنك بأرضدوس- أرضبلاده- وقال لكعب الأحبار: لتتركن الحديث عن
الأول- أى أبى ھريرة- أو لألحقنك بأرضالقردة" وكذلك فعل معھما عثمان بن
عفان.
وأكثر أبو ھريرة من الحديث بعد وفاة عمر إذ أصبح لا يخشى أحداً وكان أبو
ھريرة يقول "إنى أحدثكم بأحاديث لو حدثت بھا زمن عمر لضربنى بالدرة-
وفى وراية لشج رأسى- ويروى الزھرى أن أبا ھريرة كان يقول: "ما كنا
نستطیع أن نقول قال رسول الله حتى قبضعمر، ثم يقول أبو ھريرة: أفكنت
محدثكم بھذه الأحاديث وعمر حى؟ أما واللهإذن لأيقنت أن المخفقة- العصا-
ستباشر ظھرى فإن عمر كان يقول: "اشتغلوا بالقرآن فإن القرآن كلام الله".
وقال رشید رضا فى المنار يعلق على ذلك "لو طال عمر (عمر) حتى مات أبو
ھريرة لما وصلت إلینا تلك الأحاديث الكثیرة".
ونكتفى بھذا لإثبات أن النبى أتانا بالقرآن ونھانا عن غیره، وأن كبار الصحابة
ساروا على نھجه فى التمسك بالقرآن وحده، وأن تدوين تلك الأحاديث
المنسوبة للنبى كان ولا يزال معصیة للنبى ومخالفة لأمره حسب ما يروون
ھم فى كتبھم ، وأن ذلك التدوين المخالف لشرع اللهتعالى ووصیة نبیه
الكريم لم يبدأ إلا فى القرن الثالث، بعد وفاة النبى بقرنین من الزمان.
وھنا نتساءل.. إذا كانت تلك الأحاديث جزءاً من الإسلام كما يدّعون وقد نھى
النبى عن كتابتھا ألیسذلك اتھاماً للنبى بالتقصیر فى تبلیغ رسالته؟ وھل
يعقل أن تكون الرسالة الإسلامیة ناقصة وتظل ھكذا إلى أن يأتى الناسفى
عصر الفتن لیكملوا ھذا النقصالمزعوم؟
إن الذى نعتقده أن النبى علیه السلام قد بلغ الرسالة بأكملھا وھى القرآن
ونھى عن كتابة غیره، أما تلك الأحاديث فھى تمثل واقع المسلمین
وعقائدھم.. وتمثل فى النھاية تلك الفجوة الھائلة بین الإسلام وبین
المسلمین..
الفصل الثالث
كیف نشأ المصدر الثانى:
العادة أن اللهسبحانه وتعالى ينزل على كل نبى كتاباً واحداً كاملاً تاماً
مفصلاً، ولكن ما يلبث الشیطان أن يدفع الإنسان إلى التلاعب بدين الله
بالتحريف والتزيیف فى الكتاب الأصلى ثم يدفعھم إلى إنشاء مصادر أخرى
تكتسب قدسیة، وبطبیعة الحال لابد أن يكون أولئك فى صف العداء للنبىس.
والله تعالى يقول ﴿وكذلك جعلنا لكل نبى عدواً شیاطین الإنسوالجن يوحى
بعضھم إلى بعضزخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرھم وما
يفترون. ولتصغى إلیه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ولیرضوه ولیقترفوا ما ھم
مقترفون. أفغیر الله أبتغى حكماً وھو الذى أنزل إلیكم الكتاب مفصلا﴾ (الأنعام
(114 :112
وبدأ منافقوالمدينة الكید للإسلام بھذا الطريق.
* كان المنافقون يدخلون على النبى يقدمون له فروضالطاعة والولاء ثم
يخرجون من عنده يتآمرون علیه، وفى ذلك يقول تعالى ﴿ويقولون طاعة فإذا
برزوا من عندك بیّت طائفة منھم غیر الذى تقول والله يكتب ما يبیتون فأعرض
( عنھم وتوكل على الله﴾ (النساء 81
ونفھم من قوله تعالى عنھم ﴿بیّت طائفة منھم غیر الذى تقول﴾ أنھم كانوا
يزيفون أقوالاً على النبى لم يقلھا، أو بتعبیر علماء الحديث كانوا يضعون
أحاديث مفتراة ينسبوھا للنبى. أى أن الكذب على الرسول بدأه المنافقون
فى حیاة النبى نفسه.
وعلماء الحديث يتفقون على صحة حديث "من كذب على فلیتبوأ مقعده من
النار" وبعضھم يضیف إلیه كلمة متعمداً "من كذب على متعمداً فلیتبوأ مقعده
من النار" وھم يجعلون ھذا الحديث من المتواتر، وعدد الحديث المتواتر لا
يصل إلى بضعة أحاديث عند أكثر المتفائلین، والمھم أنھم بإقرارھم بصحة
ھذا الحديث إنما يثبتون أن الكذب على النبى بدأ فى حیاة النبى نفسه وإلا
ما قال النبى ھذا الحديث يحذر من الكذب علیه.
ونفھم من قوله تعالى ﴿ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك..﴾ إن أولئك
المنافقین كانوا معروفین للنبى، والواقع أن المنافقین فى عھد النبى كانوا
صنفین:
• صنف كان معروفاً للنبى وأمره اللهبألا يعجب بأموالھم ولا أولادھم وألا
85 ) وكان منھم : يصلى على أحد منھم مات أبداً ولا يقم على قبره (التوبة 84
من زيّف الحديث على النبى..
• وصنف آخر كان أشد خصومة وأكثر خطورة، وقد توعد الله ھذا الصنف بأن
يعذبه مرتین فى الدنیا وفى الآخرة له عذاب عظیم.. ھذا الصنف الشديد
الخطورة لم يكن يعرفه النبى. يقول تعالى فیھم ﴿وممن حولكم من الأعراب
منافقون ومن أھل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمھم نحن نعلمھم
( سنعذبھم مرتین ثم يردون إلى عذاب عظیم﴾ (التوبة 101
عن المنافقین المعروفین يقول تعالى ﴿يحلفون باللهما قالوا ولقد قالوا كلمة
الكفر وكفروا بعد إسلامھم..﴾ ويجعل لھم عذاباً واحداً فى الدنیا إن لم يتوبوا
﴿فإن يتوبوا يك خیراً لھم وإن يتولوا يعذبھم اللهعذاباً ألیماً فى الدنیا والآخرة﴾
( (التوبة 74
أما الصنف الآخر الذى لا يعلمه النبى فقد توعده الله بأن يعذبھم مرتین ﴿ومن
أھل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمھم نحن نعلمھم سنعذبھم مرتین ثم
يردون إلى عذاب عظیم﴾.
ونفھم من المقارنة بین الفريقین أن اللهتعالى أشار إلى احتمال توبة الصنف
الأول المعروف من المنافقین ﴿فإن يتوبوا يك خیراً لھم..﴾ أما الصنف الآخر
الذى لا يعلمه النبى فقد حكم اللهبأنه سیظل سادراً فى غیه وكفره إلى
نھاية حیاته، لذا حكم الله تعالى حكماً مطلقاً بأن يعذبھم مرتین فى الدنیا ثم
ينتظرھم العذاب العظیم فى الآخرة. وحتى بعد أن قال تعالى عنھم ﴿ثم
يردون إلى عذاب عظیم﴾ ذكر صنفاً آخر من أھل المدينة خلطوا عملاً صالحاً
وآخر سیئاً وأشار إلى احتمال قبوله لتوبتھم ﴿وآخرون اعترفوا بذنوبھم خلطوا
عملاً صالحاً وآخر سیئاً عسى الله أن يتوب علیھم إن اللهغفور رحیم﴾ (التوبة
(102
ثم فیما بعد ذكر صنفاً آخر من أھل المدينة وأشار إلى احتمال توبتھم
( ﴿وآخرون مرجون لأمر اللهإما يعذبھم وإما يتوب علیھم﴾ (التوبة 106
إذن فالصنف الوحید من الصحابة من أھل المدينة الذين حكم اللهبأن يظلوا
سادرين فى الكفر بلا توبة ھم أولئك الذين مردوا على النفاق والذين لم يكن
للنبى علم بھم. وھذا الصنف عاشعلى ھذا يكید للإسلام طیلة حیاته أثناء
حیاة النبى وبعد موته علیه السلام..
وإذا كان المنافقون الذين يعرفون النبى قد كذبوا علیه وزيفوا أقواله فى
حیاته فكیف بمن يقول عنھم رب العزة أنھم أدمنوا النفاق وعاشوا علیه
﴿وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أھل المدينة مردوا على النفاق لا
تعلمھم نحن نعلمھم سنعذبھم مرتین ثم يردون إلى عذاب عظیم﴾.
وقد كان أولئك من بین الصحابة وفق تعريف علماء الحديث بأن الصحابى ھو
من صحب النبى أو لقیه فى حیاته.. ومعنى ذلك أنه كان من بین رواة
الأحاديث منافقون ظاھرون معروفون للنبى لا يتورعون عن الكید للإسلام،
وكان منھم من أدمن النفاق آمناً من أن يعلم أحد بحقیقة نفاقه ﴿لا تعلمھم
نحن نعلمھم﴾. ومن يدرى ربما كان منھم بعضالمشاھیرمن الصحابة .علم
ذلك عند اللهوحده جل وعلا..
وإن كان مستحیلاً أن نضع أيدينا على أسمائھم الحقیقیة وشخصیاتھم بعد أن
حجب الله تعالى العلم بھم عن النبى الكريم.. فإنه من الممكن لنا أن نعثر
على رواياتھم التى حملت كل حقدھم على النبى العظیم. وتنوقلت تلك
الروايات حتى وجدت طريقھا للتدوين فیما عرف بكتب الصحاح.. والذين جمعوا
الحديث وقاموا بتنقیته ووضع أسانید له أصدوا قراراً بأن الصحابة كلھم عدول
فوق مستوى الشبھات، ثم لم ينظروا فى متن الحديث ومنطوقه وھل يتفق
مع القرآن أم لا. ونحن وإن كنا نعتبر القرآن ھو المصدر الوحید لسنة النبى
وشريعة الرحمن ودين اللهالأعلى فإننا نضع تلك الروايات الحديثیة موضعھا
الصحیح وھى أنھا تاريخ بشرى للنبى وللمسلمین وصدى لثقافتھم وأفكارھم
سواء اتفقت أم لم تتفق مع القرآن. ويعز علینا أن تتناثر بین تلك الروايات
سموم تشوه سیرة النبى العظیم الذى نشر دعوة وأقام أمة وأسسدولة
وأثر فى تاريخ العالم، علیه الصلاة والسلام.. ونحن على موعد مع "صحیح
البخارى" فى قراءة سريعة لنتعرف منھا على خطورة ما أسموه بالمصدر
الثانى..
سیرة النبى علیه السلام بین حقائق القرآن وروايات البخارى:
نحن لا نوافق على المقولة الشھیرة بأن البخارى أصح كتاب بعد القرآن. فلو
كان البخارى صحیحاً فى كل سطر فیه فلا يصح أبدأ أن نضعه فى موضع
مقارنة بكتاب اللهالعزيز.
والبخارى فى نھاية الأمر من أبناء آدم الذين يجوز علیھم الخطأ والنسیان
والوقوع فى العصیان. وأولئك الذين يحملون فى قلوبھم قدسیة للبخارى
تعصمه من الوقوع فى الخطأ إنما يرفعون البخارى إلى مكانة الألوھیة من
حیث لا يدرون أومن حیث يدرون.
ومن واقع نظرتنا للبخارى كأحد علماء التراث فإننا لا نقصد مطلقاً أن نعقد
مقارنة بینه وبین القرآن الكريم، نعوذ بالله من ذلك، وإنما نقصد من ھذا
المبحث رصد تلك الفجوة بین سیرة النبى فى القرآن وبین سیرته المتناثرة
بین سطور البخارى.
ونترك الحكم للقارئ ونحن على ثقة من أن ولاء القارئ المسلم العاقل إنما
ھو لله تعالى ولرسوله الكريم والكتاب العزيز الذى أنزل السیرة الحقیقیة
للنبى الكريم قرآناً نتعبد بتلاوته ونتقرب إلى الله بقراءته، وحقیق بنا حینئذ أن
نؤمن بتلك الصورة السامیة التى رسمھا القرآن للنبى علیه السلام وأن نكفر
ونرفضفى ذات الوقت أحاديث البخارى وكل ما يخالف القرآن الكريم من
كلام البشر وكتاباتھم.. ھدانا اللهتعالى للصراط المستقیم..!!
كیف كان النبى يقضى يومه:
لك يا عزيزى القارئ أن تتخیل الإجابة على ھذا السؤال وستجدھا مطابقة
لما جاء فى القرآن الكريم. فمنذ أن نزل الوحى على النبى وھو قد ودع حیاة
الراحة وبدأ عصر التعب والإجھاد والجھاد، ويكفى أن أوائل ما نزل من القرآن
يقول له ﴿يا أيھا المدثر. قم فأنذر﴾ و﴿يا أيھا المزمل. قم اللیل إلا قلیلا﴾ أى أن
وقت النبى منذ أن نزل علیه الوحى كان بین تبلیغ الرسالة والمعاناة فى
سبیلھا ثم قیام اللیل.. ولیسھناك بعد ذلك متسع للراحة التى ھى حق لكل
إنسان، وانتقل النبى للمدينة وقد جاوز الخمسین من عمره فزادت أعباؤه، إذ
أصبح مسئولاً عن إقامة دولة وتكوين أمة ورعاية مجتمع، ثم ھو يواجه مكائد
المنافقین فى الداخل والصراع مع المشركین باللسان والسنان، ثم ھو بعد
ذلك يأتیه الوحى ويقوم على تبلیغه وتأسیسالمجتمع المدنى على
أساسه.. ونجح النبى علیه السلام فى ذلك كله. وفى السنوات العشر التى
قضاھا فى المدينة إلى أن مات انتصر على كل أعدائه الذين بدأوه بالھجوم
،ودخل الناسفى دين الله أفواجا.. ومع ھذا فإنه فى حیاته علیه السلام لم
ينقطع عن قیام اللیل ومعه أصحابه المخلصین الذين كانوا الفرسان بالنھار
العابدين للهتعالى باللیل، رضى اللهعنھم أجمعین..
ھذا ما لا نشك لحظة يا عزيزى القارئ فى أنك تتفق معنا فیه. بل وكل عاقل
من أى ملة ودين لا يملك إلا أن يسلم بأن الذى أقام دولة من لا شىء ونشر
دعوة ونھضت به أمة لا يمكن إلا أن يكون قد وھب وقته كله للهولدين الله
وعمل كل دقیقة فى حیاته لتكون كلمة الله ھى العلیا وكلمة الذين كفروا
ھى السفلى..
وندع اجتھادنا العقلى جانباً ونبحث عن الإجابة فى كتاب اللهالعزيز.
فى بداية الوحى نزل قوله تعالى للنبى ﴿يا أيھا المزمل قم اللیل إلا قلیلا.
نصفه أو انقصمنه قلیلا. أو زد علیه ورتل القرآن ترتیلا. إنا سنلقى علیك قولاً
(5 : ثقیلا﴾ (المزمل 1
وأطاع النبى علیه السلام ونفذ أوامر اللهفى مكة واستمر على تنفیذھا فى
المدينة.
وكان معه أصحابه يقومون اللیل فى صلاة وتھجد وتلاوة للقرآن، ولكن الوضع
فى المدينة اختلف عنه فى مكة. أصبح النبى فى المدينة مسئولاً عن دولة
الإسلام الجديدة بكل ما تستلزمه الدولة الولیدة من استعداد وجھاد فى
الداخل والخارج، وأصبح أصحابه معه مشغولین بالجھاد والسعى فى سبیل
الرزق وتوطید أركان الدولة الولیدة التى يتربصبھا الأعداء فى الداخل
والخارج. وأصبح قیام اللیل بنفسما تعودوه فى مكة مرھقاً لھم يعوقھم عن
حسن الأداء فى النھار.
لذا نزلت فى المدينة الآية الأخیرة من سورة "المزمل" بالتخفیف، حیث يقول
رب العزة جل وعلا للنبى الكريم ﴿إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى اللیل
ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك واللهيقدر اللیل والنھار علم أن لن
تحصوه فتاب علیكم فاقرأوا ما تیسر من القرآن علم أن سیكون منكم مرضى
وآخرون يضربون فى الأرضيبتغون من فضل اللهوآخرون يقاتلون فى سبیل
الله فاقرأوا ما تیسر منه وأقیموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسنا﴾
وأعتقد أن من أعظم ما نزل مدحاً للنبى والمؤمنین معه ھو فى ھذه الآية
الكريمة.
فقد جاء فى بداية الآية تزكیة الله للنبى بأعظم ما يكون ﴿إن ربك يعلم أنك
تقوم أدنى﴾ وھل ھناك أعظم شھادة من الله وھو تعالى يشھد بصیغة العلم
الإلھى بأن النبى طبق أوامر ربه فأقام اللیل إلى الثلثین، ثم تأتى شھادة الله
للنبى بالتأكید اللغوى ﴿إن ربك﴾ ثم تضاف كلمة "رب" إلى كاف الخطاب "ربك"
لیكون ذلك التأكید من رب العزة خطاباً مباشراً من اللهتعالى للرسول الكريم
فى معرضالتكريم. ثم يستمر خطاب اللهالمباشر للنبى ﴿إن ربك يعلم أنك
تقوم.. وطائفة من الذين معك..﴾.
ثم تثبت الآية الكريمة أن طائفة من المؤمنین كانت تقوم اللیل مع النبى، ولأن
الله تعالى يعلم العبء الجديد علیھم فى المدينة ولأنه يعلم أن بعضھم سیقع
مريضاً لذا أنزل التخفیف علیھم بأن يقرءوا ما تیسر من القرآن مع استمرار
الأوامر لھم بالمحافظة على الصلاة المفروضة وإيتاء الزكاة والصدقات..
إذن كان النبى يقضى النھار فى الجھاد وتبلیغ الدعوة ورعاية الدولة ويقضى
لیله فى قیام اللیل للعبادة، وكان معه أصحابه. ھذا ما يثبته الرحمن فى
القرآن. وھذا ما ينبغى الإيمان به وتصديقه إذا كنا نحب الله ورسوله ونؤمن
بكتابه وندفع عن النبى الأذى وما يشوه سیرته العظیمة.
وإذا بحثنا عن إجابة لنفسالسؤال "كیف كان يقضى يومه" فى أحاديث
البخارى وجدنا إجابة مختلفة وعجیبة..
نقرأ فى البخارى حديث أنس"إن النبى كان يطوف على نسائه فى لیلة
واحدة وله تسع نسوة".
وفى حديث آخر لأنسأكثر تفصیلاً يقول "كان النبى يدور على نسائه فى
الساعة الواحدة من اللیل والنھار وھن إحدى عشرة". قال الراوى: قلت
لأنس: أو كان يطیقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثین.." (البخارى الجزء
السابع: ص 4، والجزء الأولص 76 . طبعة دار الشعب- وھى التى نعتمد علیھا
فى ھذا المبحث).
وطبقاً لھذه الرواية العجیبة نرى إجابة مختلفة عما ورد فى كتاب اللهالعزيز إذ
نفھم منھا أن النبى كان يطوف على نسائه كلھن- أى يجامعھن- ويتعجب
الراوى ويسأل أنسھل كان فى طاقة النبى ذلك فتكون الإجابة أعجب وھى
أن الصحابة كانوا يتابعون النبى ويتحدثون أن اللهأعطاه قوة ثلاثین رجلاً فى
الجماع.. إذن كان اھتمام النبى فى الطواف حول نسائه وكان اھتمام أصحابه
فى متابعة ھذا النشاط وفى التفاخر به، ولا تعرف بالطبع من أين لھم ذلك
المقیاسالجنسى الذكورى الذى جعلوا به مقدرة النبى الجنسیة -
المزعومة- فى الجماع تبلغ قوة ثلاثین رجلاً. نعوذ باللهتعالى من ھذا الافتراء.
ثم تأتى فى أحاديث البخارى روايات أخرى ينسبھا لعائشة تقول: "أنا طّیبت
رسول الله ثم طاف فى نسائه ثم أصبح محرماً" ورواية أخرى "كنت أطیّب
رسول الله فیطوف على نسائه ثم يصبح محرماً ينضح طیباً" (البخارى: الجزء
.( الأول ص 73
والآن.. ھل نصدق حديث القرآن عن النبى وقیامه اللیل مع أصحابه
وانشغالھم بالجھاد أم نصدق تلك الروايات البشرية؟ نترك لك ذلك عزيزى
القارئ. ولا حول ولا قوة إلا بالله..!!
ھل كان النبى يباشر نساءه فى المحیض؟
والإجابة التى ننتظرھا منك عزيزى القارئ ھى أعوذ بالله.. ونحن معك فى
ھذا. ونعتذر عن إيراد العنوان بھذا الشكل.. ولكن لا نجد عنواناً آخر للموضوع.
والذى نؤمن به جمیعاً أن النبى كان صفوة خلق اللهومن أرقھم ذوقاً
وأسماھم خلقاً. ومن كان على ھذا المستوى لا ننتظر منه ھذا، خصوصاً وأن
الله تعالى قال له ﴿ويسألونك عن المحیضقل ھو أذى فاعتزلوا النساء فى
المحیضولا تقربوھن حتى يطھرن فإذا تطھرن فأتوھن من حیث أمركم الله
( إن اللهيحب التوابین ويحب المتطھرين﴾ (البقرة 222
لم يقل رب العزة "فاعتزلوھن" فقط وإنما قال أيضاً ﴿ولا تقربوھن﴾ أى زيادة
فى التأكید والتحذير. ونحن نؤمن بأن النبى طبق ھذا السنة، فالسنة
الحقیقیة للنبى ھى فى تطبیق القرآن، والله تعالى ﴿يحب التوابین ويحب
المتطھرين﴾ ونبى الله من أئمة المتطھرين فى كل عصر..
ھذا ما نؤمن به جمیعاً عزيزى القارئ، ولكنك حین تقرأ باب الحیضفى
البخارى تفاجأ بروايات غريبة تحت عنوان غريب ھو "باب مباشرة الحائض".
منھا حديث ينسب لعائشة "كنت أغتسل أنا والنبى من إناء واحد كلانا جنب
وكان يأمرنى فأتّزر فیباشرنى وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلى وھو معتكف
فأغسله وأنا حائض" ورواية أخرى عن عائشة كانت إحدانا إذا كانت حائضاً
فأراد الرسول أن يباشرھا أمرھا أن تتزر فى فور حیضتھا ثم يباشرھا، قالت:
وأيكم يملك إربه كما كان النبى يمك إربه" ومنھا حديث میمونة "كان رسول
اللهإذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرھا فاتزرت وھى حائض"
فالبخارى ھنا يسند تلك الروايات لأمھات المؤمنین لیجعلھن شھوداً على أن
النبى كان يباشرھن وھن حائضات، ويضع البخارى على لسان عائشة إشارة
إلى خصوصیة النبى فى مقدرته الجنسیة فیزعم أن عائشة قالت "وأيكم
يملك إربه كما كان النبى يملك إربه"!!
وفى رواية أخرى يجعل البخارى من النبى ملازماً للنساء لا يفترق عنھن حتى
فى المحیض، فیروى حديثاً ينسبه لأم سلمة "بینما أنا مع النبى مضطجعة
فى خمیلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثیاب حیضتى قال: أنفست؟ قلت: نعم.
فدعانى فاضطجعت معه فى الخمیلة".
وھكذا أصبح لا عمل أمام النبى ولا مسئولیات ملقاة على عاتقه إلا أن يجلس
فى الخمیلة مع زوجاته حتى فى المحیض.. نعوذ بالله من ھذا الافتراء.. بل
ھناك أكثر من ذلك، يدعى البخارى أن عائشة قالت "كان النبى يتكىء فى
حجرى وأنا حائضثم يقرأ القرآن".. ھكذا.. ضاقت كل الأماكن ولم تعد ھناك
مساجد ولا قیام للیل مع طائفة من الذين آمنوا.. حتى يلجأ النبى إلى ذلك
.( فى زعم البخارى (راجع باب الحیضفى البخارى: الجزء الأولص 79
لن نضع عناوين أخرى فى ھذا الموضوع
ثم تدخل أحاديث البخارى فى منعطف خطیر فى تشويه سیرة النبى علیه
السلام تجعلنا نتحرج من أن نضع لھا عناوين، وھذا المنعطف الخطیر يتناول
علاقة مزعومة للنبى علیه السلام بالنساء من غیر زوجاته. وكم كنا نود إغفال
ھذا المنعطف لولا حرصنا على تنزيه نبى الإسلام من ھذا الافتراء الذى
يسرى سريان السم بین سطور البخارى. والذى يقف دلیلاً ھائلاً على تلك
الفجوة بین القرآن والبخارى باعتباره أھم كتب المصدر الثانى لمن يعتقد أن
ھناك مصادر أخرى مع القرآن.
-1 ونبدأ بأحاديث زعم فیھا أن النبى كان يخلو بالنساء الأجنبیات. ونقرأ حديث
أنس: "جاءت امرأة من الأنصار إلى النبى فخلا بھا فقال: والله إنكن لأحب
الناسإلى" والرواية تريد للقارئ أن يتخیل ما حدث فى تلك الخلوة التى
انتھت بكلمات الحب تلك.. ولكن القارئ الذكى لابد أن يتساءل إذا كانت تلك
الخلوة المزعومة قد حدثت- فرضاً- فكیف عرف أنس- وھو الراوى ما قال
النبى فیھا؟.
وفى نفسالصفحة التى جاء فیھا ذلك الحديث يروى البخارى حديثاً آخر ينھى
فیه النبى عن الخلوة بالنساء، يقول الحديث "لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذى
محرم" وذلك التناقضالمقصود فى الصفحة الواحدة فى "صحیح البخارى"
يدفع القارئ للاعتقاد بأن النبى كان ينھى عن الشىء ويفعله.. يقول للرجال
"لا يخلون رجل بامرأة" ثم يخلو بامرأة يقول لھا "واللهإنكن لأحب النساء إلى"
ھل نصدق أن النبى علیه السلام كان يفعل ذلك؟ نعوذ بالله... (راجع
.( البخارى: الجزء السابعص 48
-2 ثم يسند البخارى رواية أخرى لأنستجعل النبى يخلو بأم سلیم الأنصارية،
تقول الرواية "إن أم سلیم كانت تبسط للنبى نطعاً فیقیل عندھا- أى ينام
القیلولة عندھا- على ذلك النطع، فإذا نام النبى أخذت من عرقه وشعره
.( فجعلته فى قارورة ثم جمعته فى سك" (البخارى الجزء الثامنص 78
ويريدنا البخارى أن نصدق أن بیوت النبى التى كانت مقصداً للضیوف كانت لا
تكفیه وأنه كان يترك نساءه بعد الطواف علیھن لیذھب للقیلولة عند امرأة
أخرى، وأثناء نومه كانت تقوم تلك المرأة بجمع عرقه وشعره.. وكیف كان
يحدث ذلك.. يريدنا البخارى أن نتخیل الإجابة.. ونعوذ بالله من ھذا الإفك.
-3 ثم يؤكد البخارى على ھذا الزعم الباطل بحديث أم حرام القائل "كان
رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت
عبادة بن أبى الصامت فدخل علیھا رسول اللهفأطعمته وجعلت تفلى رأسه
فنام رسول اللهثم استیقظ وھو يضحك فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟...
إلخ" فالنبى على ھذه الرواية المزعومة تعود الدخول على ھذه المرأة
المتزوجة ولیسفى مضمون الرواية وجود للزوج، أى تشیر الرواية إلى أنه
كان يدخل علیھا فى غیبة زوجھا ويصور البخارى كیف زالت الكلفة والاحتشام
بین النبى وتلك المرأة المزعومة، إذ كان ينام بین يديھا وتفلى له رأسه
وبالطبع لابد أن يتخیل القارئ موضع رأسالنبى بینما تفلیھا له تلك المرأة
فى ھذه الرواية الخیالیة، ثم بعد الأكل والنوم يستیقظ النبى من نومه وھو
يضحك ويدور حديث طويل بینه وبین تلك المرأة نعرف منه أن زوجھا لم يكن
موجوداً وإلا شارك فى الحديث.
وصیغة الرواية تضمنت الكثیر من الإيحاءات والإشارات المقصودة لتجعل
القارئ يتشكك فى أخلاق النبى. فتقول الرواية "كان رسول اللهيدخل على
أم حرام.." ولاحظ اختیار لفظ الدخول على المرأة ولم يقل كان يزور والدخول
على المرأة له مدلول جنسى لا يخفى ، والايحاء ھنا موظف جیدا بھذا
الأسلوب المقصودة دلالته. ثم يقول عن المرأة "وكانت أم حرام تحت عبادة
بن أبى الصامت" فھنا تنبیه على أنھا متزوجة ولكن لیسلزوجھا ذكر فى
الرواية لیفھم القارئ أنه كان يدخل على تلك المرأة المتزوجة فى غیبة
زوجھا، وھى عبارة محشورة فى السیاق عمدا حیث لا علاقة لھا بتفصیلات
الرواية . الا أن حشرھا ھكذا مقصود منه ان النبى كان يدخل على امرأة
متزوجة فى غیبة زوجھا ويتصرف معھا وتتعامل معه كتعامل الزوجین. وحتى
يتأكد القارىء ان ذلك حرام ولیسحلالا يجعل البخارى اسم المرأة "أم حرام"
لیتبادر إلى ذھن القارئ أن ما يفعله النبى حرام ولیسحلالاً. ثم يضع الراوى-
بكل وقاحة- أفعالاً ينسبھا للنبى علیه السلام لا يمكن أن تصدر من أى إنسان
على مستوى متوسط من الأخلاق الحمیدة فكیف بالذى كان على خلق
عظیم.. علیه الصلاة والسلام، فیفترى الراوى كیف كانت تلك المرأة تطعمه
وتفلى له رأسه وينام عندھا ثم يستقیظ ضاحكاً ويتحادثان.. نعوذ بالله من
الافتراء على رسول الله..
وقد كرر البخارى ھذه الرواية المزعومة بصور متعددة وأسالیب شتى لیستقر
معناھا فى عقل القارئ (راجع البخارى: الجزء الرابعص 51 ،39 ،21 ،19
.( والجزء الثامنص 78 والجزء التاسعص 44
-4 ولا تقتنع روايات البخارى بذلك..
إذ يروى عن بعضھم حديثاً يقول "خرجنا مع النبى (صلى اللهعلیه وسلم)
حتى انطلقنا إلى حائط- أى بستان أو حديقة- يقال له الشوط ، حتى انتھینا
إلى حائطین فجلسنا بینھما فقال النبى: اجلسوا ھاھنا ، ودخل وقد أُتى
بالجونیة فأنزلت فى بیت نخل فى بیت أمیمة بنت النعمان بن شراحیل ومعھا
دايتھا حاضنة لھا ، فلما دخل علیھا النبى (صلى الله علیه وسلم) قال: ھبى
نفسك لى. قالت: وھل تھب الملكة نفسھا للسوقة، فأھوى بیده
علیھا لتسكت فقالت: أعوذ بالله منك.. (راجع البخارى الجزء السابعص
.(53
وبالتمعن فى ھذه الرواية الزائفة نشھد رغبة محمومة من البخارى لاتھام
النبى بأنه حاول اغتصاب امرأة أجنبیة جىء له بھا، وانھا رفضته وشتمته
باحتقار . فالراوى يجعل النبى يذھب عامداً إلى المكان المتفق علیه وينتظره
أصحابه فى الخارج، والمرأة الضحیة- واسمھا الجونیة- قد أحضروھا له،
ونفھم من القصة أنھا مخطوفة جئ بھا رغم أنفھا. ويدخل النبى فى تلك
الرواية المزعومة على تلك المرأة وقد جھزتھا حاضنتھا أو وصیفتھا لذلك اللقاء
المرتقب، والمرأة فى تلك الرواية المزعومة لم تكن تحل للنبى لذا يطلب منھا
أن تھب نفسھا له بدون مقابل، وترفضالمرأة ذلك بإباء وشمم قائلة "وھل
تھب الملكة نفسه للسوقة؟" أى تسب النبى فى وجھه – بزعم البخارى -
وبدلا من أن يغضب لھذه الاھانة يصر على أن ينال منھا جنسیا ويقترب منھا
بیده فتتعوذ بالله منه ، أى تجعله- فى تلك الرواية الباطلة- شیطاناً تستعیذ
بالله منه.. ولكن ذلك البناء الدرامى لتلك القصة الوھمیة البخارية ينھار فجأة
أمام عقل القارئ الواعى.. إذا كان الراوى للقصة قد سجل على نفسه أنه
انتظر النبى فى الخارج فكیف تمكن من إيراد الوصف التفصیلى والحوار الذى
حدث فى خلوة بین الجدران؟؟
-5 ولا تتورع أحاديث البخارى عن نسبة الألفاظ النابیة والتعبیرات المكشوفة
الخارجة للنبى علیه السلام، وذلك حتى تكتمل صورة الشخصالمھووس
بالجنسوالنساء التى أحاط بھا شخصیة النبى علیه السلام وسیرته فى لیله
ونھاره.
فھناك حديث نسبه البخارى للنبى جعل النبى يقصقصة إسرائیلیة يقول
فیھا "وكان فى بنى إسرائیل رجلً يقال له جريج كان يصلى جاءته أمه
فدعتھا فقال: أجیبھا أو أصلى فقالت: اللھم لاتمته حتى تريه وجوه
.( المومسات" (البخارى: الجزء الرابعص 201
إن الرجل المحترم لا يستطیع أن يتلفظ بھذه الكلمة (المومسات) فكیف
برسول الله علیه الصلاة والسلام.. وتلك القصة لا تستند إلى منطق درامى
فى عالم التألیف .واعتقد أن الھدف من صیاغتھا الركیكة ھى أن يضعوا كلمة
نابیة على لسان الرسول بأى شكل..
ومثله حديث آخر مزعوم يرويه البخارى ويعلن شكّه فیه يقول "فیمن يلعب
بالصبى إن أدخله فیه فلا يتزوجن أمه.." ومنطق ذلك الحديث الكاذب يعطى
انطباعاً أنه صیغ فى العصر العباسى عصر المجون والشذوذ، ولم يكن ذلك
الشذوذ معروفاً فى الجزيرة العربیة حتى نھاية الدولة الأموية وقد قال أحد
.( الأمويین أنه لولا القرآن ذكر أفعال قوم لوط ما صدق أن ذلك يمكن حدوثه( 1
( والبخارى أورد ذلك الحديث وشكك فیه (البخارى: الجزء السابعص 14
وإذن لماذا رواه؟
وتفوح الإيحاءات الجنسیة المثیرة من بعضأحاديث البخارى التى ينسبھا
للنبى مثل "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعھا آخر الیوم". (البخارى
الجزء السابعص 42 ) وما الذى نستفیده من ھذه النصیحة الغیر الغالیة.
وحديث آخر عن متى يجب الغسل من الجماع "إذا جلسبین شعبھا الأربع ثم
جھدھا فقد وجب الغسل" (البخارى: الجزء الأول 77 ) وھو حديث ينبغى منع
الشباب من قراءته.
ويجعل البخارى ھذه النوعیة من الأحاديث الجنسیة تدور حول أم المؤمنین
عائشة مثل "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
(البخارى: الجزء الرابعص 200 ) ثم ذلك الحوار المزعوم بین النبى وعائشة
وھى تقول له "أرأيت لو نزلت وادياً وفیه شجر وقد أُكل منھا ووجدت شجراً
لم يؤكل منھا، فى أيھا كنت ترتع بعیرك؟ قال: فى الذى لم يرتع منھا. تعنى
.( أن رسول اللهلم يتزوج بكراً غیرھا" (البخارى: الجزء السابعص 6
وأسوأ ما فى ھذه الأحاديث المكشوفة ھو لفظ أورده البخارى لا نجرؤ على
كتابته ونترك للقارئ فھمه والبحث عنه بنفسه، يقول "لما أتى ماعز بن مالك
النبى (صلى الله علیه وسلم) قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت: قالا لا...
قال (.....)( 2) لايكنى، قال فعند ذلك أمر برجمه" (البخارى الجزء الثامنص
.(207
وعقوبة الرجم تشريع ما أنزل الله بھا من سلطان. وشاء واضعوا ھذا التشريع
أن ينسبوا للنبى تلك الكلمة البذيئة فى تحقیقه المزعوم مع مرتكب الزنا
ماعز بن مالك. فادعوا أن النبى قال له "....." وأنه قالھا له صريحة بلا كناية
"لايكنى".
ھل نتصور قائد أمة يتلفظ بھذا اللفظ النابى؟ فكیف بالرسول الكريم الذى
قال فیه ربنا جل وعلا ﴿وإنك لعلى خلق عظیم﴾!!! نعوذ بالله من الكذب على
رسول الله...
-6 ويصل افتراؤھم على الرسول علیه السلام إلى حد أنھم ينسبون له
تشريعاً بإباحة الزنا وتحريم الزواج. فالبخارى ينسب للنبى قوله "أيما رجل
وامرأة توافقا فعشرة ما بینھما ثلاث لیال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاراكا"
(البخارى: الجزء السابعص 16 ) ومعناه الواضح أن أى رجل أعجبته امرأة ونال
ھو إعجابھا فله أن يعاشرھا ثلاث لیال ثم لھما الحرية فى أن يطیلا فترة
المعاشرة أو أن يتركھا بعد تلك التجربة الحمراء.
واختیار الألفاظ واضح فى الدعوة للزنا فى ذلك الحديث الكاذب، فقال "رجل
وامرأة" و"توافقا" و"عشرة ما بینھما" و"ثلاث لیال" "أحبا أن يتزايدا"
"يتتاراكا".
ونأسف لأننا أوردنا كل ألفاظ الحديث تقريباً.. ومعذرة إذا نسینا أول وأھم كلمة
فیه وھى "أيّما" التى تجعل من الحديث تشريعاً عاماً يسوغ الزنا لكل رجل
وامرأة..







 
قديم 07-12-14, 02:15 AM   رقم المشاركة : 68
ابن الخطاب
عضو ماسي







ابن الخطاب غير متصل

ابن الخطاب is on a distinguished road


بعد كل الصفعات لابد أن تطبر وتلطم وتحضر وساخة صبحي منصورك
وتلصقها هنا وليكن هذا درس أيها الرافضي
حتى لا تستخدم التقية
فغير معرفك اذا كنت تريد الحفاظ على
ماء وجهك اذا وجد فيه ماء اصلا - وتعال شارك في الحوار مع الاثناعشرية
ولاتختبئ تحت مسميات وشعارات اخرى







التوقيع :
عن عباس بن يزيد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون ان الشرك اخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء.. فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل..»


وسائل الشيعة 341/28
وبحار الانوار 96/69
والخصال 136/1.
من مواضيعي في المنتدى
»» قبر الزهراء مجهول =خـــــــــرافــــــــه
»» برأيكم ماذا يفعل السيستاني يوم الجمعة وقت الصلاة؟؟
»» فضيحة مركز أبحاث الدكتور سيستاني السادة هم اليتامى والمساكين وأبناء السبيل؟$
»» ماذا يعني عدم توفر ثلاثمائة وبضع عشر رجلا بمواصفات أهل بدر عند الرافضة الإثني عشرية؟
»» تنقية الأحجار
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:18 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "