العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى القرآن الكريم وعلومه وتفاسيره

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-04-14, 05:01 PM   رقم المشاركة : 11
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ
امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ
قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا
إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا
وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ
فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ
وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا
إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ *

قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ
وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ
لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ *

قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ
وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ
أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ *

فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ
فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *

ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ
لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ }
{ 30 - 35 }




يعني: أن الخبر اشتهر وشاع في البلد،
وتحدث به النسوة فجعلن يلمنها،

ويقلن: { امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
أي: هذا أمر مستقبح،
هي امرأة كبيرة القدر، وزوجها كبير القدر،
ومع هذا لم تزل تراود فتاها الذي تحت يدها
وفي خدمتها عن نفسه،

.ومع هذا فإن حبه قد بلغ من قلبها مبلغا عظيما.




{ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
أي: وصل حبه إلى شغاف قلبها،
وهو باطنه وسويداؤه،
وهذا أعظم ما يكون من الحب،

{ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
حيث وجدت منها هذه الحالة التي لا تنبغي منها،
وهي حالة تحط قدرها وتضعه عند الناس،
وكان هذا القول منهن مكرا،

ليس المقصود به مجرد اللوم لها والقدح فيها،
وإنما أردن أن يتوصلن بهذا الكلام إلى رؤية يوسف
الذي فتنت به امرأة العزيز
لتحنق امرأة العزيز، وتريهن إياه ليعذرنها،
ولهذا سماه مكرا،

فقال: { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ }
تدعوهن إلى منزلها للضيافة.



{ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً }
أي: محلا مهيأ بأنواع الفرش والوسائد،
وما يقصد بذلك من المآكل اللذيذة،
وكان في جملة ما أتت به وأحضرته في تلك الضيافة،
طعام يحتاج إلى سكين، إما أترج، أو غيره،

{ وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا }
ليقطعن فيها ذلك الطعام

{ وَقَالَتِ } ليوسف:
{ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } في حالة جماله وبهائه.



{ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ }
أي: أعظمنه في صدورهن،
ورأين منظرا فائقا لم يشاهدن مثله،

{ وَقَطَّعْنَ } من الدهش
{ أَيْدِيَهُنَّ }بتلك السكاكين اللاتي معهن،

{ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ } أي: تنزيها لله

{ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ }
وذلك أن يوسف أعطي من الجمال الفائق والنور والبهاء،
ما كان به آية للناظرين،
وعبرة للمتأملين.




فلما تقرر عندهن جمال يوسف الظاهر،
وأعجبهن غاية،
وظهر منهن من العذر لامرأة العزيز،
شيء كثير - أرادت أن تريهن جماله الباطن
بالعفة التامة

فقالت معلنة لذلك ومبينة لحبه الشديد غير مبالية،
ولأن اللوم انقطع عنها من النسوة:
{ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ }
أي: امتنع وهي مقيمة على مراودته،
لم تزدها مرور الأوقات إلا قلقا ومحبة
وشوقا لوصاله وتوقا.



ولهذا قالت له بحضرتهن:
{ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ
وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ }
لتلجئه بهذا الوعيد إلى حصول مقصودها منه،


فعند ذلك اعتصم يوسف بربه،
واستعان به على كيدهن
و { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ }
وهذا يدل على أن النسوة،
جعلن يشرن على يوسف في مطاوعة سيدته،
وجعلن يكدنه في ذلك.



فاستحب السجن والعذاب الدنيوي
على لذة حاضرة توجب العذاب الشديد،

{ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ }
أي: أمِل إليهن،
فإني ضعيف عاجز،
إن لم تدفع عني السوء،

{ وَأَكُنْ }إن صبوت إليهن
{ مِنَ الْجَاهِلِينَ }
فإن هذا جهل،
لأنه آثر لذة قليلة منغصة،
على لذات متتابعات وشهوات متنوعات
في جنات النعيم،

ومن آثر هذا على هذا،
فمن أجهل منه؟"

فإن العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين
وأعظم اللذتين،
ويؤثر ما كان محمود العاقبة.




{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ }حين دعاه
{ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ }
فلم تزل تراوده وتستعين عليه بما تقدر عليه من الوسائل،
حتى آيسها، وصرف الله عنه كيدها،

{ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ }لدعاء الداعي
{ الْعَلِيمُ }
بِنيته الصالحة،
وبُنيته الضعيفة
المقتضية لإمداده بمعونته ولطفه.



فهذا ما نجى الله به يوسف
من هذه الفتنة الملمة والمحنة الشديدة،


.وأما أسياده فإنه لما اشتهر الخبر وبان،
وصار الناس فيها بين عاذر ولائم وقادح.



{ بَدَا لَهُمْ } أي: ظهر لهم
{ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ } الدالة على براءته،

{ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ }
أي: لينقطع بذلك الخبر ويتناساه الناس،
فإن الشيء إذا شاع لم يزل يذكر ويشاع مع وجود أسبابه،
فإذا عدمت أسبابه نُسي،
فرأوا أن هذا مصلحة لهم،

فأدخلوه في السجن.






من مواضيعي في المنتدى
»» قصيدة النصيحة في بيان توحيد العبادة والرد على الصوفية
»» أسئلة متنوعة عن التصوف والصوفية / أجاب عليها الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله
»» الصوفية عبدة أضرحة !!
»» الأحباش : فرقة ضالة ، فاحذرها - د.عبدالله بن عبدالرحمن الشامي
»» الريحانتان / قصيدة
 
قديم 11-04-14, 06:04 PM   رقم المشاركة : 12
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ
قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا
وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا
تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ
نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *

قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ
إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا
ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي
إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *

وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ

ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِعَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ *

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ
أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ *

مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ
إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ

إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ
أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ

وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }

{ 36 - 40 }




أي: { و } لما دخل يوسف السجن،
كان في جملة من { دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ }
أي: شابان،
فرأى كل واحد منهما رؤيا،
فقصها على يوسف ليعبرها،

.فـ { قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا
وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا }
وذلك الخبز { تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ }
أي: بتفسيره، وما يؤول إليه أمرهما،


وقولهما: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }
أي: من أهل الإحسان إلى الخلق،
فأحسن إلينا في تعبيرك لرؤيانا،
كما أحسنت إلى غيرنا،
فتوسلا ليوسف بإحسانه.



فـ { قَالَ } لهما مجيبا لطلبتهما:
{ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ
إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا }
أي: فلتطمئن قلوبكما،
فإني سأبادر إلى تعبير رؤياكما،
فلا يأتيكما غداؤكما، أو عشاؤكما،
أول ما يجيء إليكما،
إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما.



ولعل يوسف عليه الصلاة والسلام قصد أن يدعوهما
إلى الإيمان في هذه الحال
التي بدت حاجتهما إليه،
ليكون أنجع لدعوته، وأقبل لهما.


ثم قال: { ذَلِكُمَا } التعبير الذي سأعبره لكما
{ مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي }
أي: هذا من علم الله علمنيه وأحسن إليَّ به،

وذلك { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }
والترك كما يكون للداخل في شيء ثم ينتقل عنه،
يكون لمن لم يدخل فيه أصلًا.


فلا يقال: إن يوسف كان من قبل،
على غير ملة إبراهيم.


{ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ }

ثم فسر تلك الملة بقوله:
{ مَا كَانَ لَنَا } أي: ما ينبغي ولا يليق بنا
{ أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ }
بل نفرد الله بالتوحيد،
ونخلص له الدين والعبادة.


{ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ }
أي: هذا من أفضل مننه وإحسانه وفضله علينا،
وعلى من هداه الله كما هدانا،

فإنه لا أفضل من منة الله على العباد
بالإسلام والدين القويم،
فمن قبله وانقاد له فهو حظه،
وقد حصل له أكبر النعم وأجل الفضائل.


{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ }
فلذلك تأتيهم المنة والإحسان،
فلا يقبلونها ولا يقومون لله بحقه،

وفي هذا من الترغيب للطريق التي هو عليها ما لا يخفى،

فإن الفتيين لما تقرر عنده أنهما رأياه بعين التعظيم والإجلال
-وأنه محسن معلم-
ذكر لهما أن هذه الحالة التي أنا عليها،
كلها من فضل الله وإحسانه،
حيث منَّ عليَّ بترك الشرك وباتباع ملة آبائه،
فبهذا وصلت إلى ما رأيتما،
فينبغي لكما أن تسلكا ما سلكت.


ثم صرح لهما بالدعوة،

فقال: { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ
أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ
أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
أي: أرباب عاجزة ضعيفة لا تنفع ولا تضر،
ولا تعطي ولا تمنع،
وهي متفرقة ما بين أشجار وأحجار
وملائكة وأموات،
وغير ذلك من أنواع المعبودات
التي يتخذها المشركون،


أتلك { خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ }
الذي له صفات الكمال،

{ الْوَاحِدُ }
في ذاته وصفاته وأفعاله فلا شريك له
في شيء من ذلك.


{ الْقَهَّارُ }
الذي انقادت الأشياء لقهره وسلطانه،
فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن

{ ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها }
ومن المعلوم أن من هذا شأنه ووصفه خير
من الآلهة المتفرقة التي هي مجرد أسماء،
لا كمال لها ولا أفعال لديها.

ولهذا قال:
{ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً
سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ }


أي: كسوتموها أسماء، سميتموها آلهة،
وهي لا شيء،
ولا فيها من صفات الألوهية شيء،

{ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ }

بل أنزل الله السلطان بالنهي عن عبادتها
وبيان بطلانها،

وإذا لم ينزل الله بها سلطانا،
لم يكن طريق ولا وسيلة ولا دليل لها.


لأن الحكم لله وحده،
فهو الذي يأمر وينهى،
ويشرع الشرائع،
ويسن الأحكام،

وهو الذي أمركم { أن لا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }
أي: المستقيم الموصل إلى كل خير،

وما سواه من الأديان، فإنها غير مستقيمة،
بل معوجة توصل إلى كل شر.



{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
حقائق الأشياء،
وإلا فإن الفرق بين عبادة الله وحده لا شريك له،
وبين الشرك به،
أظهر الأشياء وأبينها.


ولكن لعدم العلم من أكثر الناس بذلك،
حصل منهم ما حصل من الشرك،


.فيوسف عليه السلام دعا صاحبي السجن
لعبادة الله وحده،
وإخلاص الدين له،

فيحتمل أنهما استجابا وانقادا،
فتمت عليهما النعمة،

ويحتمل أنهما لم يزالا على شركهما،
فقامت عليهما -بذلك- الحجة،







من مواضيعي في المنتدى
»» Meaning of life \ معنى الحياة / فيديو رائع مترجم
»» ما هي شروط المباهلة ؟
»» كيف أكون أديبا ؟ للشيخ البشير المراكشي
»» قصيدة النصيحة في بيان توحيد العبادة والرد على الصوفية
»» نقد مواقف بعض أتباع المذهب السلفي في موقفهم من الأشعري والأشعرية
 
قديم 11-04-14, 10:40 PM   رقم المشاركة : 13
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

ثم إنه عليه السلام شرع يعبر رؤياهما،
بعد ما وعدهما ذلك،
فقال:


{ 41 } { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا }
وهو الذي رأى أنه يعصر خمرا،
فإنه يخرج من السجن { فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا }
أي: يسقي سيده الذي كان يخدمه خمرا،
وذلك مستلزم لخروجه من السجن،

{ وَأَمَّا الْآخَرُ } وهو:
الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه.


{ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ }
فإنه عبر [عن] الخبز الذي تأكله الطير،
بلحم رأسه وشحمه،
وما فيه من المخ،
وأنه لا يقبر ويستر عن الطيور،
بل يصلب ويجعل في محل،
تتمكن الطيور من أكله،

ثم أخبرهما بأن هذا التأويل الذي تأوله لهما،
أنه لا بد من وقوعه فقال:
{ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }
أي: تسألان عن تعبيره وتفسيره.







من مواضيعي في المنتدى
»» العار عنوانه ويكليكس
»» فهارس ومراجع كتاب هذه هي الصوفية للشيخ عبدالرحمن الوكيل
»» الحافظ العسقلاني، ناقلاً عن القرطبي : أفعال الصوفية على التحقيق من آثار الزندقة ..!!
»» العلاقة بين التشيع والتصوف / رسالة دكتوراه
»» قصيدة في محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
 
قديم 11-04-14, 10:45 PM   رقم المشاركة : 14
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا
اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ
فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ
فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }

{ 42 }




أي: { وَقَالَ } يوسف عليه السلام:
{ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا }
وهو: الذي رأى أنه يعصر خمرا:

{ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ }
أي: اذكر له شأني وقصتي،
لعله يرقُّ لي، فيخرجني مما أنا فيه،

{ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ }
أي: فأنسى الشيطان ذلك الناجي ذكر الله تعالى،
وذكر ما يقرب إليه،
ومن جملة ذلك نسيانه ذكر يوسف
الذي يستحق أن يجازى بأتم الإحسان،
وذلك ليتم الله أمره وقضاءه.


{ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }
والبضع من الثلاث إلى التسع،
ولهذا قيل: إنه لبث سبع سنين،

ولما أراد الله أن يتم أمره،
ويأذن بإخراج يوسف من السجن،
قدر لذلك سببا لإخراج يوسف
وارتفاع شأنه وإعلاء قدره،
وهو رؤيا الملك.







من مواضيعي في المنتدى
»» صوفيات:خطاب مفتوح إلى شيخ مشايخ الطرق الصوفية من:عبد الرحمن الوكيل
»» القوة و الشجاعة
»» معرفة المأمور به والمحذور في زيارة القبور
»» النصيحة الودية لقارئ صحيفة الصلاة الإسماعيلية
»» ابن عربي ووحدة الوجود
 
قديم 11-04-14, 11:06 PM   رقم المشاركة : 15
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ
يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ
وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ
يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ
إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ *

قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ
وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ *

وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ *

يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ

أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ
وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ
لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ *

قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا
فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ
إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ *

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ
يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ
إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ *

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }


{ 43 - 49 }




لما أراد الله تعالى أن يخرج يوسف من السجن،
أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة،
الذي تأويلها يتناول جميع الأمة،
ليكون تأويلها على يد يوسف،
فيظهر من فضله،
ويبين من علمه ما يكون له رفعة في الدارين،
ومن التقادير المناسبة
أن الملك الذي ترجع إليه أمور الرعية هو الذي رآها،
لارتباط مصالحها به.



وذلك أنه رأى رؤيا هالته،
فجمع لها علماء قومه وذوي الرأي منهم وقال:
{ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ }
أي: سبع من البقرات { عِجَافٌ }
وهذا من العجب،
أن السبع العجاف الهزيلات اللاتي سقطت قوتهن،
يأكلن السبع السمان التي كنَّ نهاية في القوة.


{ وَ } رأيت
{ سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ } يأكلهن سبع سنبلات { يَابِسَاتٍ }

{ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ }
لأن تعبير الجميع واحد، وتأويله شيء واحد.

{ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ }
فتحيروا، ولم يعرفوا لها وجها.


و { قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ }
أي أحلام لا حاصل لها، ولا لها تأويل.


وهذا جزم منهم بما لا يعلمون،
وتعذر منهم، [بما ليس بعذر]

ثم قالوا: { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ }
أي: لا نعبر إلا الرؤيا،
وأما الأحلام التي هي من الشيطان،
أو من حديث النفس، فإنا لا نعبرها.


فجمعوا بين الجهل
والجزم، بأنها أضغات أحلام،
والإعجاب بالنفس،

بحيث إنهم لم يقولوا: لا نعلم تأويلها،

وهذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين والحِجا،
وهذا أيضا من لطف الله بيوسف عليه السلام.
فإنه لو عبرها ابتداء
- قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم،
فيعجزوا عنها -
لم يكن لها ذلك الموقع،
ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب،
وكان الملك مهتما لها غاية،

فعبَّرها يوسف- وقعت عندهم موقعا عظيما،
وهذا نظير إظهار الله فضل آدم على الملائكة بالعلم،
بعد أن سألهم فلم يعلموا.
ثم سأل آدم، فعلمهم أسماء كل شيء،
فحصل بذلك زيادة فضله،

وكما يظهر فضل أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم
في القيامة،
أن يلهم الله الخلق أن يتشفعوا بآدم،
ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام،
فيعتذرون عنها،
ثم يأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول:
"أنا لها أنا لها"
فيشفع في جميع الخلق،
وينال ذلك المقام المحمود،
الذي يغبطه به الأولون والآخرون.


فسبحان من خفيت ألطافه،
ودقَّت في إيصاله البر والإحسان،
إلى خواص أصفيائه وأوليائه.



{ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا }
أي: من الفتيين،
وهو: الذي رأى أنه يعصر خمرا،
وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه

{ وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ }
أي: وتذكر يوسف،
وما جرى له في تعبيره لرؤياهما،
وما وصاه به،
وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين


فقال: { أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ }
إلى يوسف لأسأله عنها.


فأرسلوه، فجاء إليه،
ولم يعنفه يوسف على نسيانه،
بل استمع ما يسأله عنه،

وأجابه عن ذلك فقال:
{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ }
أي: كثير الصدق في أقواله وأفعاله.

{ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ
وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ
لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ }
فإنهم متشوقون لتعبيرها، وقد أهمتهم.


فعبَّر يوسف، السبع البقرات السمان
والسبع السنبلات الخضر،

بأنهن سبع سنين مخصبات،
والسبع البقرات العجاف،
والسبع السنبلات اليابسات، بأنهن سنين مجدبات،


ولعل وجه ذلك - والله أعلم -

أن الخصب والجدب لما كان الحرث مبنيا عليه،
وأنه إذا حصل الخصب قويت الزروع والحروث،
وحسن منظرها، وكثرت غلالها،
والجدب بالعكس من ذلك.

وكانت البقر هي التي تحرث عليها الأرض،
وتسقى عليها الحروث في الغالب،
والسنبلات هي أعظم الأقوات وأفضلها،
عبرها بذلك، لوجود المناسبة،
فجمع لهم في تأويلها بين التعبير والإشارة لما يفعلونه،
ويستعدون به من التدبير في سني الخصب،
إلى سني الجدب

فقال: { تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا } أي: متتابعات.


{ فَمَا حَصَدْتُمْ } من تلك الزروع
{ فَذَرُوهُ } أي: اتركوه { فِي سُنْبُلِهِ }
لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه

{ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ }
أي: دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة،
وليكن قليلا، ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه.


{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ }
أي: بعد تلك السنين السبع المخصبات.
{ سَبْعٌ شِدَادٌ } أي: مجدبات جدا
{ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ }
أي: يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا.
{ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ }
أي: تمنعونه من التقديم لهن.


{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ }
أي: بعد السبع الشداد

{ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }
أي: فيه تكثر الأمطار والسيول،
وتكثر الغلات، وتزيد على أقواتهم،
حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم،

ولعل استدلاله على وجود هذا العام الخصب،
مع أنه غير مصرح به في رؤيا الملك،

لأنه فهم من التقدير بالسبع الشداد،
أن العام الذي يليها يزول به شدتها،

.ومن المعلوم أنه لا يزول الجدب المستمر
سبع سنين متواليات،
إلا بعام مخصب جدا،

وإلا لما كان للتقدير فائدة،

فلما رجع الرسول إلى الملك والناس،
وأخبرهم بتأويل يوسف للرؤيا،
عجبوا من ذلك،
وفرحوا بها أشد الفرح.







من مواضيعي في المنتدى
»» ثلاث قصص للعلامة عبد الرحمن الوكيل مع ثلاثة صوفية / حول ورد ابن بشيش
»» صوفيات:خطاب مفتوح إلى شيخ مشايخ الطرق الصوفية من:عبد الرحمن الوكيل
»» حـمايةُ النبي صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التوحيد وتجفيف منابِع الشرك
»» الجانب المظلم : الطرق الصوفية وعلاقتها بمردة الجن - فيديو
»» فوائد مختارة من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
 
قديم 12-04-14, 06:26 AM   رقم المشاركة : 16
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ
فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ
قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ
مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ
إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ *

قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ
قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ
مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ

قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ
أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ
وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ *

ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ *

وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ
إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي
إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ *

وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي
فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ *

قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ
إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ *

وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ
يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ
نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ
وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ *

وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا
وَكَانُوا يَتَّقُونَ }

{ 50 - 57 }





يقول تعالى:
{ وَقَالَ الْمَلِكُ } لمن عنده
{ ائْتُونِي بِهِ } أي: بيوسف عليه السلام،
بأن يخرجوه من السجن ويحضروه إليه،

فلما جاء يوسف الرسول وأمره بالحضور عند الملك،
امتنع عن المبادرة إلى الخروج،
حتى تتبين براءته التامة،
وهذا من صبره وعقله ورأيه التام.



فـ { قَالَ } للرسول:
{ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ } يعني به الملك.

{ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ }
أي: اسأله ما شأنهن وقصتهن،
فإن أمرهن ظاهر متضح
{ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ }.


فأحضرهن الملك،
وقال: { مَا خَطْبُكُنَّ } أي: شأنكن
{ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ } فهل رأيتن منه ما يريب؟


فبرَّأنه و { قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ }
أي: لا قليل ولا كثير،
فحينئذ زال السبب الذي تنبني عليه التهمة،
ولم يبق إلا ما عند امرأة العزيز،

فـ { قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ }
أي: تمحض وتبين،
بعد ما كنا ندخل معه من السوء والتهمة،
ما أوجب له السجن

{ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }
في أقواله وبراءته.


{ ذَلِكَ } الإقرار، الذي أقررت [أني راودت يوسف]
{ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ }


يحتمل أن مرادها بذلك زوجها أي:
ليعلم أني حين أقررت أني راودت يوسف،
أني لم أخنه بالغيب،
أي: لم يجر منِّي إلا مجرد المراودة،
ولم أفسد عليه فراشه،

ويحتمل أن المراد بذلك
ليعلم يوسف حين أقررت أني أنا الذي راودته،
وأنه صادق
أني لم أخنه في حال غيبته عني.


{ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ }
فإن كل خائن،
لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه،
ولا بد أن يتبين أمره.



ثم لما كان في هذا الكلام نوع تزكية لنفسها،
وأنه لم يجر منها ذنب في شأن يوسف،

استدركت فقالت:
{ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي } أي: من المراودة والهمِّ، والحرص الشديد،
والكيد في ذلك.


{ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ }
أي: لكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء،
أي: الفاحشة، وسائر الذنوب،
فإنها مركب الشيطان،
ومنها يدخل على الإنسان

{ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي }
فنجاه من نفسه الأمارة،
حتى صارت نفسه مطمئنة إلى ربها،
منقادة لداعي الهدى،
متعاصية عن داعي الردى،
فذلك ليس من النفس،
بل من فضل الله ورحمته بعبده.


{ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ }
أي: هو غفور لمن تجرأ على الذنوب والمعاصي،
إذا تاب وأناب،

{ رَحِيمٌ } بقبول توبته، وتوفيقه للأعمال الصالحة،

. وهذا هو الصواب
أن هذا من قول امرأة العزيز،
لا من قول يوسف،
فإن السياق في كلامها،
ويوسف إذ ذاك في السجن لم يحضر.



فلما تحقق الملك والناس براءة يوسف التامة،
أرسل إليه الملك وقال:
{ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي }
أي: أجعله خصيصة لي ومقربا لديَّ
فأتوه به مكرما محترما،

{ فَلَمَّا كَلَّمَهُ } أعجبه كلامه، وزاد موقعه عنده

فقال له:
{ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا } أي: عندنا
{ مَكِينٌ أَمِينٌ } أي: متمكن، أمين على الأسرار،

فـ { قَالَ } يوسف طلبا للمصلحة العامة:
{ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ }
أي: على خزائن جبايات الأرض وغلالها،
وكيلا حافظا مدبرا.


{ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }
أي: حفيظ للذي أتولاه،
فلا يضيع منه شيء في غير محله،
وضابط للداخل والخارج،
عليم بكيفية التدبير والإعطاء والمنع،
والتصرف في جميع أنواع التصرفات،

وليس ذلك حرصا من يوسف على الولاية،
وإنما هو رغبة منه في النفع العام،
وقد عرف من نفسه من الكفاءة والأمانة والحفظ
ما لم يكونوا يعرفونه.


فلذلك طلب من الملك أن يجعله على خزائن الأرض،
فجعله الملك على خزائن الأرض وولاه إياها.



قال تعالى: { وَكَذَلِكَ }
أي: بهذه الأسباب والمقدمات المذكورة،
{ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ }
في عيش رغد، ونعمة واسعة، وجاه عريض،

{ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ }
أي: هذا من رحمة الله بيوسف
التي أصابه بها وقدرها له،
وليست مقصورة على نعمة الدنيا.


{ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }
ويوسف عليه السلام من سادات المحسنين،
فله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،

ولهذا قال:
{ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ } من أجر الدنيا

{ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }
أي: لمن جمع بين التقوى والإيمان،
فبالتقوى تترك الأمور المحرمة
من كبائر الذنوب وصغائرها،

وبالإيمان التام يحصل تصديق القلب،
بما أمر الله بالتصديق به،
وتتبعه أعمال القلوب وأعمال الجوارح،
من الواجبات والمستحبات.







من مواضيعي في المنتدى
»» أسئلة متنوعة عن صيام رمضان / أجاب عليها الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله
»» الجامع الكبير عن ابن عربي وعقيدته
»» الجانب المظلم : الطرق الصوفية وعلاقتها بمردة الجن - فيديو
»» [[ الأشاعرة : عرض ونقض ]] لفضيلة الشيخ سفر الحوالي
»» مطويات ونشرات في التوحيد والعقيدة
 
قديم 12-04-14, 07:16 AM   رقم المشاركة : 17
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


{ وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ
فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ *

وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ
قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ
أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ *

فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ
فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ *

قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ *
وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ
لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *

فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ
قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ
فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *

قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ
إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ
فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *

وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ
وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ
قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي
هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا
وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ
ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ *

قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ
حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ
إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ
فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ
قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ *

وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ
وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ

وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ

إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ *


وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ
مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ
إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا
وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }

{ 58 - 68 }





أي: لما تولى يوسف عليه السلام خزائن الأرض،
دبرها أحسن تدبير،
فزرع في أرض مصر جميعها في السنين الخصبة،
زروعا هائلة،
واتخذ لها المحلات الكبار،
وجبا من الأطعمة شيئا كثيرا وحفظه،
وضبطه ضبطا تاما،

فلما دخلت السنون المجدبة،
وسرى الجدب،
حتى وصل إلى فلسطين،
التي يقيم فيها يعقوب وبنوه،
فأرسل يعقوب بنيه لأجل الميرة إلى مصر.

{ وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ
فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ }
أي: لم يعرفوه.


{ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ }
أي: كال لهم كما كان يكيل لغيرهم،
وكان من تدبيره الحسن
أنه لا يكيل لكل واحد أكثر من حمل بعير،
وكان قد سألهم عن حالهم،
فأخبروه أن لهم أخا عند أبيه، وهو بنيامين.



فـ { قَالَ } لهم:
{ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ }
ثم رغبهم في الإتيان به فقال:
{ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ }
في الضيافة والإكرام.


ثم رهبهم بعدم الإتيان به،
فقال: { فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ }
وذلك لعلمه باضطرارهم إلى الإتيان إليه،
وأن ذلك يحملهم على الإتيان به.


فـ { قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ }
دل هذا على أن يعقوب عليه السلام
كان مولعا به لا يصبر عنه،
وكان يتسلى به بعد يوسف،
فلذلك احتاج إلى مراودة في بعثه معهم
{ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } لما أمرتنا به.



{ وَقَالَ } يوسف { لِفِتْيَانِهِ } الذين في خدمته:
{ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ }
أي: الثمن الذي اشتروا به من الميرة.
{ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا }
أي: بضاعتهم إذا رأوها بعد ذلك في رحالهم،
{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
لأجل التحرج من أخذها على ما قيل،

والظاهر
أنه أراد أن يرغبهم في إحسانه إليهم
بالكيل لهم كيلا وافيا،
ثم إعادة بضاعتهم إليهم على وجه لا يحسون بها،
ولا يشعرون لما يأتي،
فإن الإحسان يوجب للإنسان تمام الوفاء للمحسن.



{ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ }
أي: إن لم ترسل معنا أخانا،
{ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ }
أي: ليكون ذلك سببا لكيلنا،
ثم التزموا له بحفظه،
فقالوا: { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } من أن يعرض له ما يكره.



{ قَالَ } لهم يعقوب عليه السلام:
{ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ }
أي: تقدم منكم التزام، أكثر من هذا في حفظ يوسف،
ومع هذا لم تفوا بما عقدتم من التأكيد،
فلا أثق بالتزامكم وحفظكم،
وإنما أثق بالله تعالى.


{ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }
أي: يعلم حالي، وأرجو أن يرحمني،
فيحفظه ويرده علي،
وكأنه في هذا الكلام قد لان لإرساله معهم.



ثم إنهم { وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ }
هذا دليل على أنه قد كان معلوما عندهم
أن يوسف قد ردها عليهم بالقصد،
وأنه أراد أن يملكهم إياها.

فـ { قَالُوا } لأبيهم - ترغيبا في إرسال أخيهم معهم -:
{ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي }
أي: أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام الجميل،
حيث وفَّى لنا الكيل،
ورد علينا بضاعتنا على الوجه الحسن،
المتضمن للإخلاص ومكارم الأخلاق؟



{ هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا }
أي: إذا ذهبنا بأخينا صار سببا لكيله لنا،
فمِرنا أهلنا، وأتينا لهم، بما هم مضطرون إليه من القوت،

{ وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } بإرساله معنا،
فإنه يكيل لكل واحد حمل بعير،

{ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ }
أي: سهل لا ينالك ضرر،
لأن المدة لا تطول، والمصلحة قد تبينت.



فـ { قَالَ } لهم يعقوب:
{ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ }
أي: عهدا ثقيلا،
وتحلفون بالله { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ }
أي: إلا أن يأتيكم أمر لا قبل لكم به،
ولا تقدرون دفعه،

{ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } على ما قال وأراد

{ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }
أي: تكفينا شهادته علينا وحفظه وكفالته.



ثم لما أرسله معهم وصاهم، إذا هم قدموا مصر،
أن { لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ }
وذلك أنه خاف عليهم العين،
لكثرتهم وبهاء منظرهم،
لكونهم أبناء رجل واحد،

وهذا سبب.


{ وَ } إلا فـ { مَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ }
فالمقدر لا بد أن يكون،

{ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ }
أي: القضاء قضاؤه، والأمر أمره،
فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع،

{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي: اعتمدت على الله،
لا على ما وصيتكم به من السبب،

{ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }
فإن بالتوكل يحصل كل مطلوب، ويندفع كل مرهوب.


{ وَلَمَّا } ذهبوا
و { دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ } ذلك الفعل

{ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ
إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا }

وهو موجب الشفقة والمحبة للأولاد،
فحصل له في ذلك نوع طمأنينة،
وقضاء لما في خاطره.


وليس هذا قصورا في علمه،
فإنه من الرسل الكرام والعلماء الربانيين،
ولهذا قال عنه: { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ }
أي: لصاحب علم عظيم
{ لِمَا عَلَّمْنَاهُ }
أي: لتعليمنا إياه، لا بحوله وقوته أدركه،
بل بفضل الله وتعليمه،


{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
عواقب الأمور ودقائق الأشياء
وكذلك أهل العلم منهم،
يخفى عليهم من العلم وأحكامه ولوازمه شيء كثير.






من مواضيعي في المنتدى
»» النصيحة الودية لقارئ صحيفة الصلاة الإسماعيلية
»» محاضرات ودروس فـضيلة الشيخ أ. د . عـبـد الـقـادر عـطـا صـوفـي
»» فضائل وثمرات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
»» فهم الصوفية واستشراف أثرها في السياسة الأمريكية
»» جبان جداً وليس لديه ثقة بنفسه
 
قديم 12-04-14, 10:11 AM   رقم المشاركة : 18
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ
قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *

فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ
ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ *

قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ *
قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ
وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ *

قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ
وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ *

قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ *
قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ
كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ *

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ
ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ

كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ
مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ
وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ *

قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ
فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ
قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ *

قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ
إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا
فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ
إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *

قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ
أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ
إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ }
{ 69 - 79 }





أي: لما دخل إخوة يوسف على يوسف
{ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ }
أي: شقيقه وهو "بنيامين"
الذي أمرهم بالإتيان به،
[و] ضمه إليه،
واختصه من بين إخوته،
وأخبره بحقيقة الحال،

و { قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ }
أي: لا تحزن

{ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
فإن العاقبة خير لنا،
ثم خبره بما يريد أن يصنع
ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.



{ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ }
أي: كال لكل واحد من إخوته،
ومن جملتهم أخوه هذا.

{ جَعَلَ السِّقَايَةَ }
وهو: الإناء الذي يشرب به، ويكال فيه

{ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ }
أوعوا متاعهم، فلما انطلقوا ذاهبين،

{ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }
ولعل هذا المؤذن، لم يعلم بحقيقة الحال.




{ قَالُوا } أي: إخوة يوسف
{ وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ } لإبعاد التهمة،

فإن السارق ليس له همٌّ إلا البعد
والانطلاق عمن سرق منه،
لتسلم له سرقته،
وهؤلاء جاءوا مقبلين إليهم،
ليس لهم همٌّ إلا إزالة التهمة
التي رموا بها عنهم،

فقالوا في هذه الحال:
{ مَاذَا تَفْقِدُونَ }
ولم يقولوا: "ما الذي سرقنا"
لجزمهم بأنهم براء من السرقة.



{ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ }
أي: أجرة له على وجدانه

{ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ }
أي: كفيل، وهذا يقوله المؤذن المتفقد.



{ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ }
بجميع أنواع المعاصي،

{ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ }
فإن السرقة من أكبر أنواع الفساد في الأرض،
وإنما أقسموا على علمهم أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين،
لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم
ما يدلهم على عفتهم وورعهم،

وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم،
وهذا أبلغ في نفي التهمة،
من أن لو قالوا:
" تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق " .



{ قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ } أي: جزاء هذا الفعل
{ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ } بأن كان معكم؟



{ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ }
أي: الموجود في رحله

{ جَزَاؤُهُ } بأن يتملكه صاحب السرقة،
وكان هذا في دينهم
أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة
كان ملكا لصاحب المال المسروق،
ولهذا قالوا: { كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }



{ فَبَدَأَ } المفتش
{ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ }
وذلك لتزول الريبة التي يظن أنها فعلت بالقصد،
فلما لم يجد في أوعيتهم شيئا
{ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ }
ولم يقل "وجدها، أو سرقها أخوه" مراعاة للحقيقة الواقعة.



فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده،
على وجه لا يشعر به إخوته،

قال تعالى: { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ }
أي: يسرنا له هذا الكيد،
الذي توصل به إلى أمر غير مذموم

{ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ }
لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق،
وإنما له عندهم، جزاء آخر،

فلو ردت الحكومة إلى دين الملك،
لم يتمكن يوسف من إبقاء أخيه عنده،
ولكنه جعل الحكم منهم، ليتم له ما أراد.




قال تعالى:
{ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ }
بالعلم النافع،
ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها،
كما رفعنا درجات يوسف،

{ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }
فكل عالم، فوقه من هو أعلم منه
حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.




فلما رأى إخوة يوسف ما رأوا
{ قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ }
هذا الأخ، فليس هذا غريبا منه.
{ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ }
يعنون: يوسف عليه السلام،
ومقصودهم تبرئة أنفسهم
وأن هذا وأخاه قد يصدر منهما ما يصدر من السرقة،
وهما ليسا شقيقين لنا.



وفي هذا من الغض عليهما ما فيه،
ولهذا: أسرها يوسف في نفسه
{ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ }
أي: لم يقابلهم على ما قالوه بما يكرهون،
بل كظم الغيظ، وأسرَّ الأمر في نفسه.

و { قَالَ } في نفسه { أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا }
حيث ذممتمونا بما أنتم على أشر منه،

{ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } منا،
من وصفنا بالسرقة،
يعلم الله أنا براء منها،

ثم سلكوا معه مسلك التملق،
لعله يسمح لهم بأخيهم.



فـ { قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا }
أي: وإنه لا يصبر عنه، وسيشق عليه فراقه،

{ فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }
فأحسن إلينا وإلى أبينا بذلك.



فـ { قَالَ } يوسف
{ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ }
أي: هذا ظلم منا،
لو أخذنا البريء بذنب من وجدنا متاعنا عنده،
ولم يقل "من سرق"

كل هذا تحرز من الكذب،

{ إِنَّا إِذًا } أي: إن أخذنا غير من وجد في رحله

{ لَظَالِمُونَ }
حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها.






من مواضيعي في المنتدى
»» ابن عربي ووحدة الوجود
»» بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
»» الأحباش : فرقة ضالة ، فاحذرها - د.عبدالله بن عبدالرحمن الشامي
»» قصيدة في محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
»» أسئلة متنوعة عن صيام رمضان / أجاب عليها الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله
 
قديم 12-04-14, 10:33 AM   رقم المشاركة : 19
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا
قَالَ كَبِيرُهُمْ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ
وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ
فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي
أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي
وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *

ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ
فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ
وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا
وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ *

وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا
وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا
وَإِنَّا لَصَادِقُونَ *

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }

{ 80 - 83 }


أي: فلما استيأس إخوة يوسف من يوسف
أن يسمح لهم بأخيهم

{ خَلَصُوا نَجِيًّا } أي: اجتمعوا وحدهم،
ليس معهم غيرهم، وجعلوا يتناجون فيما بينهم،

فـ { قَالَ كَبِيرُهُمْ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ }
في حفظه،
وأنكم تأتون به إلا أن يحاط بكم

{ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ } ،
فاجتمع عليكم الأمران،
تفريطكم في يوسف السابق،
وعدم إتيانكم بأخيه باللاحق،
فليس لي وجه أواجه به أبي.



{ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ }
أي: سأقيم في هذه الأرض ولا أزال بها
{ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي }
أي: يقدر لي المجيء وحدي، أو مع أخي
{ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }




ثم وصَّاهم بما يقولون لأبيهم،
فقال: { ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ
فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ }
أي: وأُخذ بسرقته،
ولم يحصل لنا أن نأتيك به،
مع ما بذلنا من الجهد في ذلك.

والحال أنا ما شهدنا بشيء لم نعلمه،
وإنما شهدنا بما علمنا،
لأننا رأينا الصواع استخرج من رحله،

{ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ }
أي: لو كنا نعلم الغيب
لما حرصنا وبذلنا المجهود في ذهابه معنا،
ولما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا،
فلم نظن أن الأمر سيبلغ ما بلغ.



{ وَاسْأَلِ } إن شككت في قولنا
{ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا }
فقد اطلعوا على ما أخبرناك به

{ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }
لم نكذب ولم نغير ولم نبدل، بل هذا الواقع.



فلما رجعوا إلى أبيهم وأخبروه بهذا الخبر،
اشتد حزنه وتضاعف كمده،
واتهمهم أيضا في هذه القضية،
كما اتهمهم في الأولى،

و { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ }
أي: ألجأ في ذلك إلى الصبر الجميل،
الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع،
ولا شكوى للخلق،


ثم لجأ إلى حصول الفرج
لما رأى أن الأمر اشتد،
والكربة انتهت

فقال: { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا }
أي: يوسف و "بنيامين"
وأخوهم الكبير الذي أقام في مصر.



{ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ }
الذي يعلم حالي،
واحتياجي إلى تفريجه ومنَّته،
واضطراري إلى إحسانه،


{ الْحَكِيمُ }
الذي جعل لكل شيء قدرا،
ولكل أمر منتهى،
بحسب ما اقتضته حكمته الربانية.






من مواضيعي في المنتدى
»» القوة و الشجاعة
»» من الأخلاق المذمومة : التقليد والتبعية
»» وَدَعُـوني أَجُرُّ ذَيلَ فــخَـارٍ *** عِندَما تُـخْـجِـلُ الجـبـانَ العُـيُـوبُ
»» ابن عربي ووحدة الوجود
»» خلاصة دين الصوفية
 
قديم 12-04-14, 10:43 AM   رقم المشاركة : 20
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


Lightbulb بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام

{ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ
وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ
وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ *

قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ
حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ *

قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }


{ 84 - 86 }


أي: وتولى يعقوب عليه الصلاة والسلام عن أولاده
بعد ما أخبروه هذا الخبر،
واشتد به الأسف والأسى،
وابيضت عيناه من الحزن الذي في قلبه،
والكمد الذي أوجب له كثرة البكاء،
حيث ابيضت عيناه من ذلك.



{ فَهُوَ كَظِيمٌ }
أي: ممتلئ القلب من الحزن الشديد،

{ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ }
أي: ظهر منه ما كمن من الهم القديم والشوق المقيم،
وذكرته هذه المصيبة الخفيفة بالنسبة للأولى،
المصيبة الأولى.



فقال له أولاده متعجبين من حاله:
{ تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ }
أي: لا تزال تذكر يوسف في جميع أحوالك.

{ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا }
أي: فانيا لا حراك فيك ولا قدرة على الكلام.



{ أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ }
أي: لا تترك ذكره مع قدرتك على ذكره أبدا.




{ قَالَ } يعقوب
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي } أي: ما أبثُّ من الكلام
{ وَحُزْنِي } الذي في قلبي

{ إِلَى اللَّهِ } وحده،
لا إليكم ولا إلى غيركم من الخلق،
فقولوا ما شئتم

{ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
من أنه سيردهم علي ويقر عيني بالاجتماع بهم.






من مواضيعي في المنتدى
»» قناة العربية والعداء المستحكم لدين جمهورها
»» الحذر من الجدال المراء
»» ما الطريقة المثلى لدعوة المتصوفة لطريق أهل السنَّة والجماعة ؟
»» Meaning of life \ معنى الحياة / فيديو رائع مترجم
»» شرح كتاب التوحيد - للشيخ أ. د. صالح بن عبدالعزيز سندي
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:13 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "