ثالثاً: دراسة قائمة خيار الصحابة – بزعمه -:
حيث ذكر نحو 120 اسماً زعم أنها لصحابة ( تُبجلهم الإمامية وتـُكبرهم ) أنظر ص140-145 .
قال في مطلعها ص141: ( فها نحن نضع أمام القاريء الكريم قائمة
بأسماء ثلة من الصحابة الذين شهدت أعمالهم على أوصافهم ، وأفعالهم على نياتهم
وأثنى أصحاب الرجال والتراجم عليهم أو على الأقل سكت عنهم التاريخ ) .
وقال في خاتمتها ص145: ( فهؤلاء طليعة الصحابة وسنام العرب من المهاجرين والأنصار
قد استضاءوا بنور النبوة والوحي ، واستقامت أمورهم ، وكانوا على الصراط المستقيم
في حياتهم ، وكم لهم من نظائر في صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أعرضنا عن ذكرهم مخافة الإطناب ) .
إذاً ..
قرر المؤلف صفات من أورد في قائمته وهي:
1- أنهم طليعة الصحابة .
2- أنهم سنام العرب من المهاجرين والأنصار .
3- أنهم قد استضاءوا بنور الوحي واستقامت أمورهم .
4- أنهم كانوا على الصراط المستقيم في حياتهم .
5- أن أعمالهم كانت جليلة تدل على صدق نياتهم .
6- ثناء أصحاب تراجم الصحابة عليهم .
7- أنهم على الأقل سكت عنهم التاريخ .
وأقول: كذب السبأي في دعواه ولفق .
وأما القيد الأخير فعجيب:
لا أدري كيف سكت عنهم التاريخ فضلاً عن الكتاب والسنة وعلم بعدالتهم العلامة ؟
هذا تناقض لا يرقع !!
وأين اشتراطك الرواية المعتبرة في إثبات العدالة عمن سكت عنه التاريخ ؟
وما الذي استثنى هؤلاء أن يكونوا من المنافقين الذين لا يعرفهم أحد ، كما أوردت سابقاً ؟
وما الدليل الذي أخرجهم من أن يكونوا ممن تردهم الملائكة عند الحوض ؟
وهي الأمور التي جعلتها سلاحك في التشكيك في عدالة الصحابة كلهم !
ثم ألست أنت القائل في ذات كتابك: ص11:
( إن التوسع في مفهوم الصحابي على الوجه الذي عرفته في كلماتهم مما لا تساعد عليه اللغة والعرف
العام.. فلا تصدق على من ليس له حظ إلا الرؤية من بعيد ، أو سماع الكلام أو المكالمة
أو المحادثة فترة يسيرة ، أو الإقامة معه زمناً قليلاً ) !!
فكيف أخرجت من العدالة من أقام مع النبي زمناً قليلاً مؤمناً به ومات على ذلك ، وأدخلت
من سكت عنه التاريخ !
* أولست أنت القائل في كتابك كليات في علم الرجال:
( إذا نصّ أحد المعصومين ( عليهم السَّلام ) على وثاقة الرجل ، فإنّ ذلك يثبت وثاقته قطعاً ،
إلى قولك: ولكن يتوقّف على ثبوته بالعلم الوجداني أو برواية معتبرة ) .
فما بالك تناقضت هنا وقلت بعدالة الصحابي الذي سكت عنه التاريخ بلا رواية معتبرة ، بل
وأنت تثبت جهالة حالهم بالنسبة لك !
* ألم تزعم أن في الصحابة منافقون لا يعرفهم حتى النبي صلى الله عليه وسلم كما في ص72:
( فكثيراً ما يشتبه الصحابي الصادق بالمنافق ، ولا يتميز عن المنافق عن المؤمن ،
حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما كان لا يعرفهم ..فهذا يجر الباحث - الذي يريد
الإفتاء على ضوء ما قاله الصحابة – التفتيش عن حال الصحابي حتى يعرف المنافق من
غيره ، فلو اشتبه الحال فلا يكون في قوله ولا روايته حجة ) .
فأين البحث والتفتيش في من سكت عنهم التاريخ ؟
بل أين المصداقية يا آية التلفيق العظمى !
مثل هذه التناقضات تكشف تلاعب هذا المعمم وتناقضه في تقرير مسألة عدالة الصحابة
يريد أن يخرج من يريد من العدالة ويدخل من يريد بهوى محض ، وبأمور يلفقها !
وأما كيفية تلفيق هذه القائمة:
فواضح أنه ذهب يفتش في كتب تراجم الصحابة عمن ذكر له منهم صحبة لعلي رضي الله
عنه أو قاتل معه في صفين أو ولاه ولاية أو كلفه بشيء ، ممن ورد له ولو رائحة صحبة أو
ولد في زمن النبي أو عده أحد الحفاظ ممن أدرك زمن النبي ولم يره ، أو ترجم له في
تراجم الصحابة ولو بطرق لا تصح - وكتب التراجم كما هو معلوم لم تشترط ثبوت الصحبة
لمن ترجمت لهم - أو كان ممن ثبت أنه من التابعين ..
ليزور التاريخ فيجعلهم خيار الصحابة والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار
وبالتالي ينزل عليهم الآيات والروايات المثنية على الصحابة .
هكذا هو خبث السبأية وتلاعبهم .
وأراد أن يزور أمراً آخر أخطر وهو تصوير هؤلاء على أنهم مؤمنون بالولاية وإمامة الأئمة
المزعومين زعم أنهم رواد التشيع في زمان النبوة وبعده .
وكذب السبأي ، فإنه لم يثبت عن من ذكر من الصحابة والتابعين أي رواية في إيمانهم بهذه
العقيدة السبأية ، بل الوارد عنهم خلافها من بيعتهم للخلفاء الثلاثة ، وقتالهم تحت ألويتهم ،
وكون بعضهم من ولاة الخلفاء الثلاثة الراشدين رضي الله عنهم على الأمصار !
ونقول: ما دام أن هؤلاء قد قاتلوا مع علي رضي الله عنه في صفين وأكثر من ذكرت فيهم
من الأنصار أهل السقيفة ، وتبين أن اختيارك كان بسبب أنهم نصروا الخليفة علي رضي
الله عنه ، وقاتلوا الألوف المؤلفة من أهل الشام ..
أفلا نصروه في السقيفة أمام عدد يسير جدا لا يجاوز أصابع اليد الواحدة ؟
هل يقاتلون من أجل خلافته عشرات الألوف ، ولا يقاتلون لأجل الوصية النبوية والإمامة
السماوية والخلافة عدد قليل اغتصبها بزعمكم ؟
هل هذه الشجاعة والبطولة خرجت فجأة ، أم أن هذا ديدنهم منذ زمن النبوة ؟
بل هي كذلك منذ زمن النبوة ، ولو علموا أن لعلي وصية ما بايعوا غيره أبداً في السقيفة
أو بعدها للخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم ، ولكانوا أسرع الناس لبيعة علي ، كيف وهم أهل
الجنة المرضي عنهم بنص القرآن .
والرافضي بين أمرين:
1- إما أن يقول أن من ذكرهم في قائمته قد ارتدوا بعد وفاة النبي فيكشف تلفيقه وقوله
بقول سائر علماء الإمامية .
2- أو يقول بما قال المسلمون قاطبة أن الوصية المزعومة أكذوبة مفتراة على النبي صلى
الله عليه وسلم وعلى علي رضي الله عنه لم تعرف قبل عبدالله بن سبأ .
وأؤكد أن ما أورده سبحاني في كتابه هذا مطابق تماماً لعقيدته الإمامية التي حكى تواتر
الروايات فيها المامقاني وغيره ، وهي أن الأصل في الصحابة الردة بعد رسول الله إلا من
بايع لعلي ، ولكنه يريد أن يلبس ذلك لباساً جميلاً يخرج عقيدة الإمامية من تهمة تكفير عامة
الصحابة ، وهيهات !
قائمة خيار الصحابة:
في هذه القائمة العجيبة من التلفيق رديء الصناعة ، بل والتناقضات مع ضوابطه التي ذكرنا
آنفاً ما يفضح دعاوى هذا السبأي ، وإليكم البيان:
1- ذكر كثيراً من التابعين زاعماً أنهم من خيار الصحابة .
2- ذكر فيها من تأخر إسلامه من الطلقاء وغيرهم ، وفي ذكره لهم تناقض فاضح ، إذ أنهم
عنده ليسوا بأهل للعدالة وقد تقدم ذكر ذمه لهم وطعنه في عدالتهم .
3- ذكر فيها كثيراً ممن اختلف في صحبته ، وأكثرهم لم تثبت له صحبة .
4- ذكر فيها بعض البدريين وهم من طعن فيهم وذمهم - كما تقدم - .
5- ذكر فيها من ولد في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدرك منها إلا سنوات معدودة .
6- ذكر أسماءاً لم أجد لهم ترجمة في الصحابة حتى في كتب الرجال لدى الإمامية ، ولا
أدري من أين أتى بهم ثم زعم أنهم من خيار الصحابة !
7- ذكر أسماءاً لبعض الصحابة من السابقين الأولين في العدول ، بلا دليل يخصهم دون سواهم .
وسنأتي على ذكر هذه الأقسام بالتفصيل بحول الله: