العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية > كتب ووثائق منتدى الحوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-10-16, 10:58 PM   رقم المشاركة : 1
الطالبKH
عضو فضي







الطالبKH غير متصل

الطالبKH is on a distinguished road


التجسس و احكامه عند الشيعة الامامية

بِسم اللهِ الرحمنِ الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:
فموضوع التجسس من الموضوعات التي صارت اليوم ذات أهمية بالغة و تناولته الكتب اللغوية مفردةً له تعريفات و تناولته الكتب الفقهية مُبينةً احكامه و الموقف الشرعي منه, فالتجسس معروف منذ أقدم العصور، وله أشكال وصور متعددة، فمنه تجسس الدول على بعضها، أو الدولة على أعدائها لحماية نفسها، ومنه تجسس الحاكم على الرعية، ومنه تجسس الناس على بعضهم البعض، وكل ذلك له أحكامه وضوابطه الشرعية فقد بحث الفقهاء هذه الأشياء في كتبهم وكذلك المفسرون والمحدثون أيضاً، لكن المسألة ازدادت تعقيداً في عصرنا هذا حيث صار للدول شبكات من المخابرات والجواسيس المنظمين والمجندين لصالحها .
وقد كتب المعاصرون أبحاثاً عديدة عنه ومنها أحكام التجسس في الشريعة الإسلامية للباحث: محمد راكان الدغمي وهو رسالة جامعية من الأزهر.
أما هذا البحث الذي سنتناوله هنا فهو كالآتي:
المبحث الأول :1-تعريف "التجسس" لغةً و اصطلاحاً .
2- لمحة تاريخية في التجسس.
المبحث الثاني: اقسام التجسس و الموقف الشرعي من ذلك.
و اخيراً ارفقت الخاتمة بعد المبحث الثاني .
وفي كل بحث تفصيل له كامل له، مشفوعاً بأدلته من القرآن والسنة كما في بعض المواضع و مرويات الشيعة وأقوال علمائهم.

*منهج البحث:
سلكت في كتابة هذا البحث، وجمع مادته العلمية، المنهج التالي:
1. ذكرت المصادر التاريخية للتجسس بالاعتماد على كتب تناولت هذا الشأن كـ" الجاسوسية بين الوقاية و العلاج لأحمد هاني و رواية التجسس و الصراع العربي الإسرائيلي لمحمد قاسم و جاسوسية و جواسيس لعبدة مباشر .."
2. عزوتُ مصادر تفسير التجسس لغوياً الى مصادر اللغة التي تناولته تفصيلاً كـ" تهذيب اللغة لأبي المنصور الهروي و لسان العرب لابن منظور و العين لاحمد الفراهيدي.."
3. جمعت اقوال فقهاء الشيعة الامامية أو اقوال المفسرين من الكتب التفسير مع ذكرها في اخر البحث و ذِكر الجزء و الصفحة و في بعض الأحيان ذِكر عنوان الطبعة او دار النشر
4. رقّمت الآيات القرآنية الواردة، وعزوتها إلى سورها.
5. عَزوتُ الأحاديث النبوية، وآثار الصحابة ان وجدت واهل البيت رضي الله عنهم الى مصادرها سواء في الصحيحين "البخاري ومسلم" ، أو كتب السنن و المسانيد عن اهل السنة و الجماعة كـ"سنن ابي داود و مسند ابي شيبة و مسند الامام احمد..." وعند الشيعة الامامية فأما الحديث فعزوته الى احد الكتب الأربعة المعتمدة الشاملة للأصول ال400 إن وجِدَ كـ"الكافي ومن لا يحضره الفقيه و تهذيب الاحكام والأستبصار" أو غيرها "بحار الانوار و الوافي و مستدرك الوسائل ..." و قد اذكر مصدر الحديث حتى من كتب التفسير كـ"تفسير البيان للطوسي و تفسير الأمثل لاية الله المدرسي و تفسير الصافي لملّا محسن "الفيض الكاشاني ..." .
6. ما يتعلق بالسيرة و الاحداث التأريخية فذكرتها في كتب التأريخ و السيرة كـ"تاريخ الطبري و تاريخ اليعقوبي و السيرة النبوية لابن هشام ..."
وأسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، أن يوفقني إلى السداد، ويلهمني الرشد والصواب وأن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله ذُخراً لي يوم الدين. وأن يغفر لي ولوالدي، ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين. إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبا عبد الله العراقي


المبحث الاول



التجسس لغةً و اصطلاحاً

قال أبو بكر: الجاسوس معناه في كلام العرب: المتجسس الباحث عن أمور الناس. يقال: تجسَّس الرجل وتحسَّس بمعنى واحد. هذا إجماع أهل اللغة. (141 / أ) (1) .
و يقول أبو منصور الهروي عند تعريفه التجسس "والْجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، وَمِنْه: التَّجَسُّسُ قَالَ: والجاسُوسُ: العَيْنُ يَتَجَسَّسُ الأخبارَ ثمَّ يَأْتِي بهَا."(2) و قال أيضاً "وَيُقَال: تَجَسَّسْتُ الخَبَرَ، وتَحَسّسْتُهُ بِمَعْنى واحدٍ." (3)
و يقول ابن منظور "والجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، وَمِنْهُ التَجَسُّسُ. وجَسَّ الخَبَرَ وتَجَسَّسه: بَحَثَ عَنْهُ وفحَصَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَجَسَّسْتُ فُلَانًا وَمِنْ فُلَانٍ بَحَثْتُ عَنْهُ كتَحَسَّسْتُ، وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ: فَتَجَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وأَخيه.
وتَجَسَّسْتُ الْخَبَرَ وتَحَسَّسْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:"لَا تَجَسَّسُوا"
التَّجَسُّسُ، بِالْجِيمِ: التَّفْتِيشُ عَنْ بَوَاطِنِ الأُمور، وأَكثر مَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ(4)
و قد افردت كُتب اللغة الأخرى تعريفات عِدَّة للتجسس تكادُ تكون مُتَفِقةً على تعريفه.(5)
و قد أشْكَلَ على كثير من الناس كلمة "تجسس" فَيُفَسيرونها بمعنى واحد و هو مراقبة الناس الناس و الإطلاع على عوراتهم و العمل على ايذائهم .
و الحقيقة أنَّ هذا المعنى صحيحٌ مِن بَعضِ الوجوه و هو الوقوف على عورات المسلمين إستِناداً لقولِ الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].
قلتُ :و هذا ليس بمقصود هنا إذ انَّ المقصود هنا هو تتبع أخبار العدو أو المخربين داخل البلد بوساطة العيون و هو من الأمور المُباحة في الإسلام و عندما يكون المُستَهدَفُ هو القضاء على الخطر سواء من الداخل أو الخارج و ذلك لِأخذِ الحيطةِ و الحذَر.
والجاسُوسُ: العَيْنُ يَتَجَسَّسُ الأَخبار ثُمَّ يأْتي بِهَا، وَقِيلَ: الجاسُوسُ الَّذِي يَتَجَسَّس الأَخبار. (6), و هو مشتقٌ من جسِّ الخبر (7) فَيُقال تجسَّسَ الرجلُ و تحسَّسَ بمعنىً واحدٍ (8)
فَنُلاحِظُ مما سَبق أنَّ التجسس و التحسس هدفهما واحد و مآلُهما الى معنى واحدٍ، و أنَّ كُلاً مِنهُما يعني البحثَ عن الأخبارِ و تَفَحُصِها بصورةٍ خفية و معرفة الأُمور و البحثُ عنها و طلبها ، و تحسسَ من القومِ تَتَبَع أخبارهم و تحسسَ للقوم سعى في جمعِ الأخبارِ لهم (9) .
أما من حيث الإصطلاح : فالتجسُّس عرَّفَه الإمام أبا سليمان الخطابي " البَحثُ عن باطن أُمورِ النَّاس وأكثر ما يُقال ذَلِكَ في الشر.(10) .
وَ قال عنه الأمام أبا عبد الله محمد الحميدي " هو الْبَحْث وَالِاسْتِقْصَاء والفحص عَن بواطن الْأُمُور وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي الشَّرّ"(11)
وفسره الامام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح المعرةف بصحيح البخاري بإنَّه " الْبَحْث وَهُوَ بِمَعْنى مَا تقدم من الاستقصا والبحث"(12)
و قال عنه محمد رواس قلعجي و حامد صادق قنيبي "التفحص عن الاخبار."(13)
و قال عنه المفسر المعروف محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان بِقوله "التجسس بالجيم تتبع ما استتر من أمور الناس للاطلاع عليها"(14)
و قال عنه الدكتور أحمد فتح الله "متابعة أخبار الناس وأفعالهم وأقوالهم وهم لا يعلمون ونقلها
إلى آخر، كالحاكم أو العدو"(15)
و قال زين الدين بن علي الجبعي العاملي " ومعنى التجسس أنه لا تترك عباد الله تحت ستر الله فتتوصل إلى الاطلاع وهتك الستر حتى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك لكان أسلم لقلبك ودينك" (16)

لمحة تاريخية في التجسس

منذ ان وجِد الإنسان وجِدَتْ معه الحرب كوسيلة من وسائل الدفاع عن النفس أمام هجمات الأعداء و الطامعين و مِنها إستعمال الأسلحة المتوافرة وَ وسائل القتال المعروفة عند كل أُمم من الأُمم و محاولة رصد العدو عبر التجسُّس "العيون" و يمكن تلخيص مراحل التجسُّس عبر العصور :

*في عصر الأغريق :

يُعتبر الإسكندر المقدوني من القادة العِظام في الحروب عَرَفَ أهمية الطلائع و فِرق الإستِكشافات و أكثر من استعملَ الفُرسان للكَشْفِ البعيد و هو أول من استعمَل الحِصنَ من الجبل للكمائن و أول من أتخَذ الجواسيس و العيون على العدو(17)

*في عهد الصينين القدماء :

فقد عرفوا التجسس و بذلك يقول سان سو (الصيني الأخلاقي) :"إنَّ ما يمكن المليك الحكيم و القائد الصالح من انزال الضربة و الانتصار و بلوغ ما يتجاوز دود الرجل العادي هي المعلومات السابقة " (18)
ويعتبر صن تزو رائد الجاسوسية في الصين ، ولا يعني ذلك أن الصين لم تعرف الجاسوسية قبل عام 510 ق.م ، فعمر الجاسوسية في الصين حوالي 2500 سنة ، لكن الفضل يرجع لصن تزو في تكوين أول شبكة مخابرات كاملة في الصين.
ألف كتابا بعنوان : ( أصول الحرب) ، و هو أقدم كتاب عُرف عن فن الحرب عموما ، وما زال مطلوبا للقراءة في أكاديميات عسكرية كثيرة فقد كَرَسَ الكتابُ جهداً كبيراً لإيضاح أهمية الجواسيس ، وطالب بتقسيمهم إلى خمسة أقسام :
1-جواسيس محليون : مواطنون محليون يتقاضون مكافآت على المعلومات التي يقدمونها.
2-جاسوس داخلي : خائن في صفوف العدو.
3-جاسوس مُنشق(مزدوج) : عميل أمكن إقناعه بتغيير.
4-جاسوس هالك (المضللون) : عميل إعتاد تزويد العدو بمعلومات زائفة ، من المحتمل قتله فيما بعد.
5-الاستراتيجيون (الباقون احياء): هم الذين يرجعون من ارض الأعداء و معهم الاخبار من ارض العدو . (19)
و يعتقد صن تزو انه لا يمكن توظيف الجواسيس بدون مباديء عامة حكيمة و مفهومة وواضحة و يجب ان يكون القائد عالماً بحقائق الأمور فيعرف الصدق من الكذب و يعرف الأمين من المخادع و لا يمكن إدارة شؤون الجواسيس بنجاح من دون إظهار النوايا الطيبة و الوضوح التام و الصدق الكامل في التعامل , يجب ان تكسب ثقة الجاسوس ثقةً تامةً . (20)

*في عهد المصريين القدماء :

تُعتبر اول عملية تجسس في التاريخ هي لطبيب فرعوني اسمه "سنوحي" فقد كان طبيباً ناجحاً و مرموقاً وصل الى أسمى ما يَطمِحُ اليه طبيب في العصر الفرعوني بعد اخياره طبيبا خاصا للفرعون . (21)
خلال تلك الفترة هبت على مصر رياح الخطر فالحيثيون و ملك عمورية و عدد من الممالك التابعة لمصر بدا عليهم واضحاً انهم يُضمرون العدوان مصر فأحس القائد المصري "حور محب" بذلك فقرر ان يُسرع بحماية مصر و كان عنده فكرة ان يُرسِلَ رسول يطوف بالبلاد لجمع المعلومات , و قد قرر ان يختار صديقه "سنوحي" فهو يمتلك الخبرة و الجرأة و لذلك فقد سجلت البرديات (أوراق من نبات البردي كان تُستخدم للكتابة عن المصريين القدماء) الأسباب التي جعلته يختار "سنوحي" :
"إنَّكَ يا سنوحي أكثر من غيرك احاطة بالامور و أوسع علماً بإحوال البلدان و في وسعك و انت الحرُّ الطليق ان تنتقل من مدينة الى أُخرى و تكشف عن كثير من خفايا شؤونها ...." (22)
وقد حدثنا التاريخ ان القدماء المصريين كانوا يعتبرون التجسس على اعدائهم فناً رفيعاً و من عمليات التجسسية فقد قيلَ انَّ احد الضباط القدماء و يدعى "توت" استطاع ان يُرسل مائتي جندي داخل أكياس من القمح على ظهر مركب الى مدينة يافا التي كانت محاصرة من قبَلِهم في حينه و َلَمّا رَست المركبة على الشاطيء استولوا بعدها على المدينة (23)
و يقول ممدوح عيسى في مجلة "المهندسون العسكريون" (يناير 1956) انَّ النقوش دلت على ان الفراعنة كانوا يبثون العيون في داخل البلاد و خارجها فكان حاجب الفرعون القرب اليه يُلقب ب"عينا ملك الوجه القبلى " و "أُذنا ملك الوجه البحري" مما يدل على ان هذا الحاجب كان في عاصمة الملك يتفقد للفرعون كل شيء بنفسه, كما كان له مُتَسمعون يأتون اليه بالأخبار عما يدور في الوجه البحري من أشياء خفية . (24)
و قد دلت ألواح تل العمارنة على ان الفرعون كان يستخدم الجواسيس في كل بقاع المستعمرات المصرية و فلسطين و سوريا و كذلك في الممالك المتحالفة معه , كما كان يستخدم امراء المستعمرات أنفُسهم جواسيس على بعضهم البعض (25).
و اكد الباحث الأمريكي "ألن دولز" أن الفراعنة عُرِفوا اشد النُظم النُظم صرامةً في التجسس من اجل الحفاظ على اسرار الكنهوت و العوم المتقدمة في تلك الأزمنة . (26)

*في بعض قصص بعض الانبياء :

ففي ما ينقله عبد الوهاب النجار في قصص الأنبياء ان موسى عليه السلام بعث بعناصره تجوس الارض المقدسة قبل ان يطلب من بني اسرائي دخول تلك الأرض فقد ارسل من قبله رواداً يتجسسون و يجمعون المعلومات و كانوا اثني عشر رجلا ً فلما عادوا اخبروا بني إسرائيل بما رأوا فلما امرهم موسى عليه السلام بالعبور ضعفت قلوبهم فأبوا الدخول . (27)
و ينقل احمد هاني قصة من العهد القديم مفادها ان الرب امرَ "يوشع بن نون" ليقود بني إسرائيل عبر الأردن الى كنعان "و انتفع" يوشع من تجاربه مع موسى عليه السلام و ارسل رجلين ليتجسسا على اريحا لمعرفة مدى قوة العدو و غير ذلك مما يجدر بالقائد ان يعرفه قبل مهاجمة الأعداء و عاونت في ذلك سيدة "ساقطة" تُدعى "رباب" فأستطاع الرجلان أداء مهمتهما و تم خروجهما من المدينة دون ان يستطيع رجال ملك اريحا اكتشاف ذلك (28) .

وفي قصة نبي الله سليمان عليه السلام مع طائر الهدهد و مملكة سبأ تتضمن الإشارة الى استفادة سليمان عليه السلام من خبر الهدهد فَعرف عليه السلام سمات و معالم شخصية المملكة و حاشيتها و تنظيمها هي القصة الواردة في القرآن الكريم فيقول الله سبحانه و تعالى
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)) "سورة النمل"
و يعرض الامام ابن جرير الطبري سبب تفقد سليمان عليه السلام للطير و سؤاله عن الهدهد خاصة دون غيره من الطيور بعد ان ذكر جملة من الاقوال : "فالصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن سليمان أنه تفقد الطير، إما للنوبة التي كانت عليها وأخلت بها، وإما لحاجة كانت إليها عن بُعد الماء." (29)

فمن الملاحظ ان الهدهد كجندي على ثغرة من ثغر الإسلام في شريعة ما قبل الإسلام رأى ان من واجبه أن يأتي بما حصل عليه من معلومات لا يعلمها سليمان عليه السلام و اما تصرفه دون إذن من النبي سليمان عليه السلام أما لضيق وقته أو لِأهمية و خطورة الأمر الذي سيتخلف فيه عن الحضور لجيش سليمان عليه السلام من الطير كم تظهر فطنة سليمان عليه السلام و اعتمامه بكل صغيرة و كبيرة من ملكه و حذره الشديد و رغبته في ان تكون المعلومات التي يأت يبها الجند صادقة و دقيقة .
و من هنا تتخذ بعض الدول الهدهد شِعاراً لمخابراتها كالمملكة الأردنية الهاشمية إشارة الدقة و الصدق في الخبر و السرعة و الإخلاص و التضحية في نقل الاخبار بكل امانة إضافة الى الفطنة و الحذر فأن كل مواطن حار سامين قد ينقل الخبر الى المسؤولين دون ان يُكَلَّف بذلك .

*في الامبراطوريتان الرومانية و الفارسية :

فمن المعلوم ان الروم و الفرس كان لديهما دولتان كبيرتان في العالم و لِكل منهما أسلوب خاص في الحرب و كانت الحرب بينهما مستحكمة في كثير من الأحيان و اُستُعمِل سلاح التجسس في كل منهما كوسيلة عسكرية .
و كانت دولة الفرس تبدو مملكة عزيزة الجانب و هي في حروب دائمة مع الدلة البيزنطية (الروم) و كانت الأيام تدول بين الدولتين حتى انتهى الامر الى تقلص سلطة الدولة الفارسية نتيجة لصراعات الداخلية و الدسائس .
و كانت دولة الروم قوية ايضاً و مهابة الجانب و كانت تستعمل الجواسيس ضد العرب قبل الإسلام حتى ان مكة المكرمة قبل الإسلام كانت لا تخلو من الجواسيس الذين يعملون لصالح الرومان , وكان فيها تجارية رومانية يستخدمها الرومان للشؤون التجارية في الظاهر و للتجسس على أحوال العرب سراً قُبيل الإسلام (30)
قال الواقدي :"و كانت جواسيس يوقنا زعيم قلعة حلب تأتيه بالأخبار في الليل والنهار وكان أعظم جواسيسه من متنصرة العرب لأنهم كانوا يحسنون لسان الرومية." (31)

*في عهد ما قبل الإسلام :

عمد العرب إلى استخدام العيون للتجسس على العدو، يرسلونهم في صور شتى. في صورة تجار أو مسافرين أو على هيأة سرايا صغيرة تقتص آثار العدو, وتسأل من يرون من المسافرين عن علمهم بأحوال العدو. أو تقبض ربايا العدو ليحققوا معهم وليحصلوا منهم عن معلومات تفيدهم في إعداد خطة الحرب أو الغزو.(32)
كما عَرَفَ العرب الخدعة في الحرب و معناها " ومعناها خدع العدو وإيهامه للتغلب عليه" كأن يشيع قائد الجيش أنه سيسلك الطريق الفلاني، فيرسل بالفعل قوة صغيرة، وهو يضمر خطة أخرى، بأن يأمر القوة الكبرى بسلوك طريق آخر، فيفاجئ العدو وهو غير متأهب، أو يؤخذ على غرة وهو لا يدري باحتمال قدوم الجيش من هذا المكان. (33)

*في العهد الإسلامي :

1-في العهد النبوي

لقد استخدم النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله وسلَّم منذ تشكيله للدولة الإسلاميّة نظام التجسّس على تحرّكات العدو العسكريّة حتّى أنّ كثيراً من نجاحاته وانتصاراته العسكريّة والسياسيّة ترجع إلى اهتمامه البالغ بالمعلومات التي كانت ترد إليه من الأعداء عن طريق (عيونه) وجواسيسه الذين كان يبثّهم في كلّ مكان، فيرفعون إليه ما يشاهدونه من تحرّكات العدوّ، ويخبرونه بأخبارهم وأقوالهم وأفعالهم، فكان صلَّى اللّه عليه و آله وسلَّم يباغتهم وهم في عقر دارهم ويفاجئهم وهم نيّام راقدون. فقد وجّه رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ إلى منطقة وقال له: «اكمن"اسكن" النّهار، وسر اللّيل ولا تُفارقك العينُ (أي الجاسوس )». (34)
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عيون محلية داخل المدينة المنورة و عيوناً في مكة المكرمة يُطلعونه على كل صغيرة و كبيرة قد تضُر بالمصلحة العامة للمسلمين في السِلم و الحرب فقد
كان استخدام العيون في العهد النبوي في غزوات واحداث عدة منها

أ-في غزوة بدر سنة 2 للهجرة فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم انه عشرة عيناً يتجسسون له (35) .

و كذلك بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلين يتجسسان له الاخبار من عير قريش "فعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثَ بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي، وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ، قَالَ: فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ لَنَا طَلِبَةً، فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا»، فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: «لَا، إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا»، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ " (36)

ب-في السنة الثالثة للهجرة في غزوة احد كان العباس رضي الله عنه عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه بالاخبار فقال الامام ابن عبد البر: (وكان - رضي الله عنه - يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان المسلمون يتقوون به بمكة، وكان يحب أن يقدم على رسول الله فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن مقامك في مكة خير) (37)

ج- في السنة الخامسة للهجرة في "غزوة الخندق" حيث استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيم بن مسعود و عرض عليه ان يقوم بعمل ضد المشركين حيث ان قومه لا يعلمون بإسلامه فقد جاء في كتب السيرة أن ًّ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّ قَوْمِي لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا أَنْتُ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَخَذِّلْ عَنَّا إنْ اسْتَطَعْتُ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ. فَخَرَجَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَ لَهُمْ نَدِيمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، قَدْ عَرَفْتُمْ وُدِّي إيَّاكُمْ، وَخَاصَّةً مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، قَالُوا: صَدَقْتُ، لَسْتُ عِنْدَنَا بِمُتَّهَمٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إنَّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ لَيْسُوا كَأَنْتُمْ، الْبَلَدُ بَلَدُكُمْ، فِيهِ أَمْوَالُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ، لَا تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَحَوَّلُوا مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ قَدْ جَاءُوا لِحَرْبِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ ظَاهَرْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ، وَبَلَدُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ بِغَيْرِهِ، فَلَيْسُوا كَأَنْتُمْ، فَإِنْ رَأَوْا نُهْزَةً أَصَابُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَحِقُوا بِبِلَادِهِمْ وَخَلَّوْا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرَّجُلِ بِبَلَدِكُمْ، وَلَا طَاقَةَ لَكُمْ بَهْ إنْ خَلَا بِكُمْ، فَلَا تُقَاتِلُوا مَعَ الْقَوْمِ حَتَّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، يَكُونُونَ بِأَيْدِيكُمْ ثِقَةً لَكُمْ عَلَى أَنْ تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُنَاجِزُوهُ، فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ أَشَرْتُ بِالرَّأْيِ.
ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ: قَدْ عَرَفْتُمْ وُدِّي لَكُمْ وَفِرَاقِي مُحَمَّدًا، وَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَمْرٌ قَدْ رَأَيْتُ عَلَيَّ حَقًّا أَنْ أُبْلِغَكُمُوهُ، نُصْحًا لَكُمْ، فَاكْتُمُوا عَنِّي، فَقَالُوا: نَفْعَلُ، قَالَ: تَعْلَمُوا أَنَّ مَعْشَرَ يَهُودَ قَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ أَرْسَلُوا إلَيْهِ:
إنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى مَا فَعَلْنَا، فَهَلْ يُرْضِيكَ أَنْ نَأْخُذَ لَكَ مِنْ الْقَبِيلَتَيْنِ، مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ رِجَالًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَنُعْطِيكَهُمْ، فَتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ ثُمَّ نَكُونُ مَعَكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُمْ؟ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ: أَنْ نَعَمْ. فَإِنْ بَعَثَتْ إلَيْكُمْ يَهُودُ يَلْتَمِسُونَ مِنْكُمْ رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ فَلَا تَدْفَعُوا إلَيْهِمْ مِنْكُمْ رَجُلًا وَاحِدًا.
ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى غَطَفَانَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ غَطَفَانَ، إنَّكُمْ أَصْلِي وَعَشِيرَتِي، وَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، وَلَا أَرَاكُمْ تَتَّهِمُونِي، قَالُوا: صَدَقْتُ، مَا أَنْتَ عِنْدَنَا بِمُتَّهَمٍ، قَالَ: فَاكْتُمُوا عَنِّي، قَالُوا: نَفْعَلُ، فَمَا أَمْرُكَ؟ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ لِقُرَيْشِ وَحَذَّرَهُمْ مَا حَذَّرَهُمْ. (38) .

د-في السنة السادسة للهحرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريدُ حرباً إلا انه إحتاطَ فبعثَ من يستطلع الاخبار لمعرفة تحركات العدو زيادة في اخذ الحيطةِ و الحذرِ تنفيذاً لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)) "سورة النساء"
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بَنِ الْحَكَمِ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ، وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبٌ مِنْ عُسْفَانَ، أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِشَ، وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ، فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْرُوبِينَ، وَإِنْ نَجَوْا ، أَوْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَلَمْ نَجِئْ نُقَاتِلُ أَحَدًا، وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَرُوحُوا إِذًا ". (39 )

5- بعث رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم عباد بن بشر في فوارس طليعة فأخذ عيناً من يهود من أشجع فقال: من أنت، قال: باغ ابتغي أبعرة ضلّت لي، قال له عباد: ألك علم بخيبر ؟، قال: عهدي بها حديث فيم تسألني عنه، قال: عن اليهود، قال: نعم.
(ثمّ أخبر عن اليهود بأخبار كاذبة بقصد إرعاب المسلمين) فعند ذلك رفع عباد ابن بشر السوط فضربه ضربات وقال: ما أنت إلاّ عين لهم، أصدقني والاّ ضربتُ عنقك. فقال الإعرابي: أتؤمنني على أن أصدقك، قال عباد: نعم، فقال الإعرابي: القوم مرعوبون منكم خائفون وجلون لما قد صنعتم بمن كان بيثرب من اليهود إلى آخر القصة(40).
هذه بعض النماذج من الأعمال التجسّسية التي كان يأمر بها رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و سلَّم غيره من قادة الإسلام في المجال العسكريّ، لمعرفة التحركات المعادية للحكومة الإسلاميّة.
كلّ ذلك يؤكّد موقف الإسلام من جهاز الاستخبارات العسكريّة الذي يضمن جمع المعلومات الدقيقة حول العدو، ويمكّن القيادة والحكومة من اتّخاذ الموقف المناسب.(41)

2-في عهد الخلفاء الراشدين

أ-في عهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه

عندما صارت الخلافة الإسلامية بيد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، اهتموا بِأمرِ آلعيون و نظام المخابرات في شتى مناحي الدولة الإسلامية .
فقد كان الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوصي قادته بإتخاذ العيون ففي وصيته الى عمر بن العاص رضي الله عنه " و ابعث عيونك يأتونك بإخبار أبو عبيدة فإن كان ظافراً بعدوه فكُن انت لقتال من في فلسطين .... (42).
و كان مما قاله رضي الله عنه موصياً به قادة حروب الردة " وأن لا يدخل فيهم حشوا حتّى يعرفهم ويعلم ما هم: لئلّا يكونوا عيونا، ولئلا يؤتى المسلمون من قبلهم" (43).
و في معركة اليرموك ضد الروم التي كانت بقيادة القائد أبو عبيدة الجراح رضي الله عنه قال في خطبته " واعلموا أن عيوني أخبروني أن عدو الله هرقل استنجد علينا من كبار بلاد الشرك وقد سيرهم إليكم وأثقلهم بالزاد والسلاح: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8)) "سورة الصف" واعلموا إنهم قد ساروا إليكم في طرق مختلفة ووعدهم طاغيتهم أن يجتمعوا بازائكم على قتالكم واعلموا أن الله معكم وليس بكثير من يخذله الله تعالى وليس بقليل من يكون الله تعالى معه فما عندكم من الرأي رحمكم الله تعالى ثم قال لبعض عيونه قم وأخبر المسلمين بما رأيت فقام الرجل وأخبر الناس بما رأى من الجيوش الثقيلة وعددها وعديدها..." (44)

و في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث نجده يوصي قادته بإتخاذ العيون و بث الطلائع عند بلوغ ارض العدو حتى يكونوا على علم و دراية بحالهم ونواياهم.
فقد كتب الخليفة عمر رضي الله عنه الى القائد سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قائلاً " وإذا وطئت أدنى أرض العدوّ فأذك "إذكاء :بثها" العيون بينك وبينهم، ولا يخف عليك أمرهم. وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه، فإن الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدق فى بعضه، والغاشّ عين عليك وليس عينا لك. وليكن منك عند دنوّك من أرض العدوّ أن تكثر الطلائع وتبثّ السّرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم، وتتبع الطلائع عوراتهم . وانتق للطلائع أهل الرأى والبأس من أصحابك، وتخيّر لهم سوابق الخيل، فإن لقوا عدوّا كان أوّل ما تلقاهم القوّة من رأيك"(45)
و من خلال هذه الوصية نلاحظ ان الخليفة عمر رضي الله عنه كان شديد الاهتمام بِإمر العيون.
و كذلك استفاد بعض القادة المسلمين من الصلح في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه من بعض المجاهدين بإستخدامهم جواسيس للمسلمين ضد الأعداء يبحثون و يتعرفون له عبى اخبارهم و يبلغونهم أياها حيث كان ذلك شرطاً من شروط الصلح معهم كما اشترطوا ان يتركوا جاسوساً في منازلهم ضد المسلمين ففي كلام لأبي عبيد الجراح رضي الله عنه عند فتح حلب و قلاعها " ولا تكتموا عنا خبرا تكونون تعلمونه من أعدائنا ولا تتركوا جاسوسا يتجسس علينا وأن رجع إليكم بطريقكم منهزما تمنعوه أن يصل إلى القلعة...." (46).

و في زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث ان الفتوحات كانت مستمرة و كان أيضاً هتم بإمر العيون و يتقصاها بنفسه ففي ترجمة امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه من طبقات ابن سعد عن موسى بن طلحة قال:" رأيت عثمان بن عفان والمؤذن يؤذن وهو يحدث الناس يسألهم ويستخبرهم عن الأسعار والأخبار" . (47)
وأخرج أيضا عن موسى قال: رأيت عثمان يخرج يوم الجمعة فيجلس على المنبر، فيؤذن المؤذن وهو يتحدث يسأل الناس عن أسعارهم وعن قوامهم وعن مرضاهم، ثم إذا سكت المؤذن قام يتوكأ على عصا فيخطب، ثم يجلس جلسة فيبتدىء كلام الناس فيسائلهم كمسألته الأولى ثم يقوم فيخطب ثم ينزل ويقيم المؤذن.(48)
و كذلك استفاد المسلمين من الصلح في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه ففي صُلح معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما مع اهل جزيرة قبرص انه " اشترط المسلمون عليهم مع اداء الاتاوة، النصيحة وانذار المسلمين بسير الروم اليهم،..." (49)

و في زمن الخليفة علي بن ابي طالب رضي الله عنه اتخذَ في ادارته العيون و اهتم بها فعندما خرج الخريت بن راشد الخارجي و جماعته ، كَتَبَ الى عماله "أَمَّا بَعْدُ، فإن رجالا خرجوا هرابا ونظنهم وجهوا نحو بلاد الْبَصْرَة، فسل عَنْهُمْ أهل بلادك، واجعل عَلَيْهِم العيون فِي كل ناحية من أرضك، واكتب إلي بِمَا ينتهي إليك عَنْهُمْ، والسلام."(50)
و في موقعة صفين دعا امير المؤمنين علي رضي الله عنه "دعا زياد بن النضر وشريح بن هانئ، فعقد لكل واحد منهما على سته آلاف فارس، وقال: ليسر كل واحد منكما منفردا عن صاحبه، فان جمعتكما حرب، فأنت يا زياد الأمير، واعلما ان مقدمه القوم عيونهم، وعيون المقدمه طلائعهم، فاياكما ان تسأما عن توجيه الطلائع، ولا تسيرا بالكتائب والقبائل من لدن مسير كما الى نزولكما الا بتعبيه وحذر، وإذا نزلتم بعدو او نزل بكم، فليكن معسكركم في اشرف المواضع..." (51)
لان الطلائع هي نياط جمع المعلومات التي يتعرف بها القائد على خصمه و قوته حتى لا يقع في كمين له و لذلك يقول الامام بدر الدين بن جماعة " وَيسْتَحب أَن يبْعَث الجواسيس والطلائع قبل الْخُرُوج وَبعده، ليطلع على أَخْبَار الْعَدو وقوته. ويبث الجواسيس فِي عَسْكَر الْعَدو أَيْضا إِن أمكن ليطلع على أخبارهم حَالا فحالا، فَيعلم مِنْهُم رُؤَسَاء الْعَدو، وعددهم؛ وفرسانهم، وَيُوجه إِلَيْهِم بضروب من الخداع، وتقوية الأطماع إِن أمكن. (52).

و اهتمام امير المؤمنين علي رضي الله عنه حتى في موضوع العيون داخل مؤسسات الدولة ففما روي عنه ان امير المؤمنين علي رضي الله عنه كَتَبَ الى مالك الاشتر (في مراقبة الجنود) -: "ثمّ انظر في اُمور عمّالك فاستعملهم اختباراً... ثمّ تفقّد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم؛ فإنّ تعاهدَك في السرّ لاُمورهم حَدْوَةٌ لهم على استعمال الأمانة، والرفق بالرعيّة، وتحفّظ من الأعوان؛ فإن أحدٌ منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك، اكتفيت بذلك شاهداً، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثمّ نصبته بمقام المذلّة، ووسمته بالخيانة، وقلّدته عار التُّهمَةَ(53).
مما سبق يتضح اهتمام الخلفاء الراشدين بموضوع التجسس لِما تلعبه من أهمية كبيرة و فيما توفره من معلومات مهمة.

2-في عهد الدولة الاموية

إنَّ الخلفاء الامويين بِإمرِ العيون و تطور نظام المخابرات يظهر جلياً منذُ انتقال الخلافة الى بني امية ففي خلافة امير المؤمنين معاوية رضي الله عنه " أن رجلا من قريش أُسِرَ فحمل الى صاحب القسطنطينية، فكلّمه ملك الروم، فجاو به القرشىّ بجواب لم يوافقه؛ فقام اليه رجل من بطارقة صاحب القسطنطينية فوكزه، فقال القرشىّ: وا معاوياه! لقد أغفلت أمورنا وأضعتنا. فوصل الخبر الى معاوية عن طريق عيونه المتواجدين بإرض الروم ..(54)
كما ظهر اهتمامه بِأمر العيون من خلال ديوان البريد الذي يُعتبر اول من وضعه (55) و اعتنائه به لكي تُسرع إليه اخبار البلاد من جميع أطرافها بِما في ذلك اخبار الثغور
و عندما انتقلت الخلافة الى عبد الملك بن مروان ففي خلافته كان المهلب بن ابي صفرة قائداً و كان شديد الحرص لدى محاربته الخوارج فقد " أذكى العيون" (56) .
و من اهتمام عبد الملك بن مروان بالعيون و الجواسيس فقد طوَّرَ نظام البريد (57)

و استمر الامر بالاهتمام بالعيون حتى آلَ الامر الى آخر خليفة من بني أُمية مروان بن محمد نجد في كتابه لبعض من ولّاه كلاماً يدلُ على اهتمام شديد بذلك فقد جاء في احد فقرات كتابه " ثم أذك عيونك على عدوّك متطلّعا لعلم أحوالهم التي يتقلّبون فيها، ومنازلهم التي هم بها، ومطامعهم التي قدمدّوا أعناقهم نحوها، ... احفظ من عيونك وجواسيسك ما يأتونك به من أخبار عدوّك...... واعلم أنّ جواسيسك وعيونك ربّما صدقوك، وربّما غشّوك، وربّما كانوا لك وعليك فنصحوا لك وغشّوا عدوّك وغشّوك ونصحوا عدوّك، وكثيرا ما يصدقونك ويصدقونه، فلا تبدرنّ منك فرطة عقوبة إلى أحد منهم، ولا تعجل بسوء الظن إلى من اتّهمته على ذلك، واستنزل نصائحهم بالمياحة والمنالة، وابسط من آمالهم فيك من غير أن يرى أحد منهم أنك أخذت من قوله أخذ العامل به والمتّبع له، أو عملت على رأيه عمل الصادر عنه، أو رددته عليه ردّ المكذّب به، المتهم له، المستخفّ بما أتاك منه، فتفسد بذلك نصيحته، وتستدعي غشّه، وتحترّ عداوته. واحذر أن يعرفوا في عسكرك أو يشار إليهم بالأصابع، وليكن منزلهم على كاتب رسائلك وأمين سرّك، ويكون هو الموجّه لهم، والمدخل عليك من أردت مشافهته منهم.(58)
و في عصر الدولة العباسية و ما بعدها الى يومنا هذا كان الامر في تطور في موضوع التجسس و تَطوِّر اساليبه بمرور الزمن ففي عصرنا التجسس اصبح بِطُرق شتى منها الأقمار الصناعية إضافة الى مؤسسات مهتمة بهذا بالتجسس سواء داخل بلادها او خارج بلادها .

و لذلك يقول نابليون بونابرت " جاسوس واحد يكفي عن ثلاثين الف جندي في المعركة" ، مما يُعطيك أهمية كبيرة فإنَّ التجسس سلاح خطير و مهم يكون سببا في انهيار دول بإكملها يُغني عن استخدام جيوش لإسقاط الدول !





الأصل في التجسس أنَّه محرم شرعًا، منهيٌّ عنه، غير أنَّ هناك بعض الصور قد تقتضي المصلحة جوازها.
وعليه فيمكننا أن نقسم التجسس إلى قسمين:
اقسام التجسس 1-تجسس ممنوع 2-تجسس مشروع


1-التجسس الممنوع :

ويُقصد به تتبع عورات الناس وأسرارهم، والكشف عن معائبهم؛ بدافع الفضول وإشباع غريزة حبِّ الاستطلاع، دون أن يكون له غرض مباح؛ من جلب منفعة راجحة، أو دفع مفسدة متوقعة، سواء أكان ذلك بالتطلُّع، أو التنصت والاستماع (59).
و يدخل في ذلك أيضا من هذا النوع من التجسس هو التجسس لصالح العدو الخارجي مُسبباً ضررا للمسلمين.
و لذلك يُقسَّم التجسس الممنوع الى :
1-تجسس المسلم أو المسلمة على المسلمين و فيه قسمين : أ-تجسس لإجل تتبُّع عورات المسلمين
ب-تجسس لصالح العدو
2-تجسس غير المسلم على المسلم لصالح العدو و فيه اقسام
أ-تجسس الذمي
ب-تجسس المستأمن
ج-تجسس الكافر الحربي
1-تجسس المسلم أو المسلمة على المسلمين

أ-تجسس لإجل تتبُّع عورات المسلمين :
إن الأصل في المسلم الطهارة والعفة والبراءة والسلامة من كل شيء مشين ولذا كان الأصل في الإسلام النهي عن التجسس بجميع صوره وأشكاله سواء كان تجسس الفرد على الفرد أو الفرد على الدولة أو الدولة على الدولة لأن التجسس انتهاك لحرمة المسلم وكشف ستره وقد يسبب الحقد والبغض بين أفراد المجتمع المسلم وهذا الذي يرفضه الإسلام جملة وتفصيلاً" (60).
فالبحث عن أسرار الآخرين الخفية، ممّا لا يريدون اطلاع الناس عليها الذي يشمل قضاياهم الذاتية أو الاجتماعية وغير ذلك، منهيٌ عنه لأنّ الله أعطى الحياة الخاصة حرمة شرعية لم يجز للغير اقتحامها، وجعل للإنسان الحق في منع غيره من الاعتداء عليها بأيّة وسيلة من وسائل المعرفة الظاهرة أو الخفية..(61).


الموقف الشرعي منه


1-نهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن التجسس في آية محكمة وصريحة تدلُّ على حرمة هذا الفعل المشين، والخصلة المذمومة
قال تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)) "سورة الحجرات".
اقوال بعض اهل التفسير في ذلك :
1-قال الامام ابن جرير الطبري في تفسيره "الطبري" وهو يتحدث عن تفسير قوله: وَلا تَجَسَّسُوا يقول: (ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره ...). ثم ذكر أثر ابن عباس رضي الله عنهما: (نهى الله المؤمن من أن يتتبع عورات المؤمن)(62)
2-قال الشيخ محمد الطوسي في تفسير "التبيان ":
وقوله (ولا تجسسوا) أي لا تتبعوا عثرات المؤمن - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة - وقال ابوعبيدة التجسس والتجسس واحد وهو التبحث يقال: رجل جاسوس، والجاسوس والناموس واحد. وقيل للمؤمن حق على المؤمن ينافي التجسس عن مساوئه. وقيل: يجب على المؤمن أن يتجنب ذكره المستور عند الناس بقبيح، لان عليهم أن يكذبوه ويردوا عليه، وإن كان صادقا عندالله، لان الله ستره عن الناس، وإنما دعى الله تعالى المؤمن إلى حسن الظن في بعضهم ببعض للالفة والتناصر على الحق، ونهوا عن سوء الظن لما في ذلك من التقاطع والتدابر.(63)
3-قال الشيخ الفيض الكاشاني في تفسيره "الاصفى" :
(ولا تجسسوا): ولا تبحثوا عن عوارت المؤمنين. وردَ: (لا تطلبوا عثرات المؤمنين، فإنه من يتبع عثرات أخيه يتبع الله عثرته، ومن يتبع الله عثرته، يفضحه ولو في جوف بيته) (64)
4-و في تفسير الجلالين للامام جلال الدين السيوطي و جلال الدين المحلي :
{ وَلاَ تَجَسَّسُواْ } لا تتبعوا عورات المسلمين ومعايبهم بالبحث عنها (65).
2- كذلك في قولِ الله تعالى: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58)) "سورة الأحزاب"
وأيُ إيذاء أكبر من تتبع عورات الناس، والبحث عن سوءاتهم، والتجسس عليهم، وإظهار ما ستره الله من ذنوبهم ، لذلك يقول الشيخ محمد صالح العثيمين " التجسس أذية، يتأذى به المتجَسس عليه، ويؤدي إلى البغضاء والعداوة ويؤدي إلى تكليف الإنسان نفسه ما لم يلزمه، فإنك تجد المتجسس والعياذ بالله، مرة هنا ومرة هنا، ومرة هنا، ومرة ينظر إلى هذا ومرة ينظر إلى هذا، فقد أتعب نفسه في أذية عباد الله" (66)
3- قولِ اللهِ تعالى وهو يتحدث عن المنافقين وعن صفاتهم: (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(47)) "سورة التوبة"
قال الامام مجاهد بن جبر: (معناه وفيكم محبون لهم، يؤدون إليهم ما يسمعون منكم، وهم الجواسيس) (67) .
وقال الامام المفسر القرطبي في تفسيره : ( وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ أي: عيون لهم، ينقلون إليهم الأخبار منكم)(68) .


أما الأدلة من السنة النبوية على تحريم هذا النوع من التجسس فكثيرة فمنها :
أ- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً " (69)
قالوا في شرح الحديث :

1-قال الامام المناوي :
"(وَلَا تجسسوا) بجيم أَي لَا تتعرفوا خبر النَّاس بلطف كالجاسوس (وَلَا تحسسو) بحاء مُهْملَة لَا تَطْلُبُوا الشَّيْء بالحاسة كاستراق السّمع وإبصار الشَّيْء خُفْيَة" (70)
2-قال الامام محمد علي الشافعي :
" (ولا تحسسوا ولا تجسسوا) إحداهما بالجيم والأخرى بالحاء المهملة، وفي كل منهما وفي المنهيات بعدهما حذف إحدى التاءين تخفيفاً.
فقيل بالجيم البحث عن العورات، وبالمهملة استماع حديث القوم.
وقيل بالجيم: البحث عن بواطن الأمور، وأكثر ما يكون في الشر، وبالمهملة عما يدرك بحاسة العين أو الأذن، ورجحه القرطبي، وقيل بالجيم تتبعه لأجل غيره، وبالحاء تتبعه لأجل نفسه " (71)
3- يقول آية الله ناصر مكارم الشيرازي :
"ولعلّ المقصود منهما في هذا الحديث الشريف: لا تبحثوا عن اُمور الناس وقضاياهم سواء كانت شرّاً أم خيراً" (72)
ب- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتَبّع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته" (73)
قالوا في شرح الحديث :

1-قال الملا علي القاري :" (وَلَا تَتَّبِعُوا) : مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ أَيْ لَا تَجَسَّسُوا (عَوْرَاتِهِمْ) فِيمَا تَجْهَلُونَهَا وَلَا تَكْشِفُوهَا فَمَا تَعْرِفُونَهَا (فَإِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ (مَنْ يَتَّبِعْ) : أَيْ مَنْ يَطْلُبُ (عَوْرَةَ أَخِيهِ) أَيْ: ظُهُورَ عَيْبِ أَخِيهِ (الْمُسْلِمِ) أَيِ: الْكَامِلِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ عَنْهُ (يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ) ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ أَيْ: يَكْشِفُ عُيُوبَهُ، وَمِنْ أَقْبَحِهَا مَنْ تَتَّبَعَ عَوْرَةَ الْأَخِ الْمُسْلِمِ وَهَذَا فِي الْآخِرَةِ (74)

2-قال الامام الغزالي : (التَّجَسُّسُ وَالتَّتَبُّعُ ثَمَرَةُ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ، وَالْقَلْبُ لَا يَقْنَعُ بِالظَّنِّ وَيَطْلُبُ التَّحْقِيقَ فَيُؤَدِّي إِلَى هَتْكِ السِّتْرِ وَحَدُّ الِاسْتِتَارِ أَنْ يُغْلَقَ بَابُ دَارِهِ وَيَسْتَتِرَ بِحِيطَانِهِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ عَلَى دَارِهِ لِيَسْمَعَ صَوْتَ الْأَوْتَارِ، وَلَا الدُّخُولُ عَلَيْهِ لِرُؤْيَةِ الْمَعْصِيَةِ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِحَيْثُ يَعْرِفُهُ مَنْ هُوَ خَارِجُ الدَّارِ كَأَصْوَاتِ الْمَزَامِيرِ وَالسَّكَارَى بِالْكَلِمَاتِ الْمَأْلُوفَةِ بَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَوْا أَوَانِيَ الْخَمْرِ وَظُرُوفَهَا وَآلَاتِ الْمَلَاهِي فِي الْكَمِّ وَتَحْتَ الذَّيْلِ فَإِذَا رَأَى لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْشِقَ لِيُدْرِكَ رَائِحَةَ الْخَمْرِ، وَلَا أَنْ يَسْتَخْبِرَ مِنْ جِيرَانِهِ لِيُخْبِرُوهُ بِمَا جَرَى فِي دَارِهِ، وَأُنْشِدَ فِي مَعْنَاهُ شِعْرٌ:
لَا تَلْتَمِسُ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَهْتِكَ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا

وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إِذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا (75)


3-قال الامام شرف الحق العظيم آبادي : " ( وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ) أَيْ لَا تَجَسَّسُوا عُيُوبَهُمْ وَمَسَاوِيَهُمْ (فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ (يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ) ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ أَيْ يَكْشِفُ عُيُوبَهُ وَهَذَا فِي الْآخِرَةِ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُجَازِيهِ بِسُوءِ صَنِيعِهِ (76) .


ج- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
" إني لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ ". (77)


فقيلَ في شرح الحديث " أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يؤمر بالبحث عن أحوالهم والإطلاع على ما هو مطوي عنه ويحتمل أنه أراد الإعلام بأنه لا يعلم بواطن العباد أحد غير الله، وأنه لو أمر بنقب القلوب وشق البطون ما علم ما أضمروه ويحتمل أنه يَعلمه بعد ذلك إلا أنه لم يؤمر به " (78) .

قلتُ : و هذا داخل في حكم التجسس بالبحث عن حال الناس و المُبالغة دون الحاجة الى ذلك فلذلك يجب التسليم الى الامر الظاهر لكل شخص إلاَّ أن استوجبَ الامرُ للتجسس كما سيأتي فيما بعد .
د- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ... » (79 )
قيلَ: إن الخبر إنما ورد بالوعيد لمستمع ذلك وأهله له كارهون، فأما من لم يعلم كراهتهم لذلك فالصواب ألا يستمع حديثهم ألا بإذنهم له في ذلك؛ للخبر الذي روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) : (أنه نهى عن الدخول بين المتناجيين) فى كراهية ذلك إلا بإذنهم. والآنك: الرصاص المذاب. (80)

. 3- آثار هذا التجسس


1- أن التجسس مظهر من مظاهر سوء الظن وأثر من آثاره فهو متولد عن صفة مذمومة سيئة نهى عنها الدين الحنيف.
يقول المفسر محمد الطاهر بن عاشور: (التجسس من آثار الظن لأن الظن يبعث عليه حين تدعو الظان نفسه إلى تحقيق ما ظنه سرا فيسلك طريق التجسس) (81).

2- التجسس صورة من صور ضعف الإيمان وضعف التدين وقلة المراقبة, هذا على الجانب الديني أما الأخلاقي والسلوكي فهو يدل على دناءة النفس وخستها, وضعف همتها وانشغالها بالتافه من الأمور عن معاليها وغاياتها.
3- يُعْتَبر سبيل إلى قطع الصلات وتقويض العلاقات, وظهور العداء بين الأحبة وبث الفرقة بين الإخوان (فقد يرى المتجسس من المتجسس عليه ما يسوءه فتنشأ عنه العداوة والحقد. ويدخل صدره الحرج والتخوف بعد أن كانت ضمائره خالصة طيبة وذلك من نكد العيش) (82).
4- بالتجسس تنهار القدوات, وتصغر في الأعين القامات وعندها تهون الذنوب وتحقر السيئات, وتفسير ذلك أن المتجسس عليه إذا كان في منزل القدوة؛ واطلع منه على أمر سيئ أو ذنب أو معصية فإنه لا شك سيقل قدره وستتلاشى مكانته ولن يقبل منه نصحاً ولا توجيهاً, بل ربما تهون المعصية التي عملها على المتجسس فيعملها بحجة أن ليس أحسن حالاً من فلان القدوة الذي عملها وتلبس بها.
5- التجسس يؤدي إلى فساد الحياة فتصبح مليئة بالشكوك والتخوفات, فلا يأمن الإنسان على خصوصياته من أن تنكشف أو تظهر للناس, بل يعيش المرء في حالة من الشك الذي لا ينتهي وهذا تصديق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه قال: ((إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)) (83).
6- التجسس سبيل إلى الكراهية ودافع إلى الانتقام, فإذا علم شخص ما أن فلان يتجسس عليه ويريد أن يهتك ستره ويفضح أمره سعى هو من جانبه إلى التجسس عليه وفضحه وهكذا.
يقول المفسر ابن عاشور: فـ (إن اطلع المتجسس عليه على تجسس الآخر ساءه فنشأ في نفسه كره له وانثلمت الأخوة ... ، ثم يبعث ذلك على انتقام كليهما من أخيه) (84).
7-كما أنه سبيل إلى إشاعة الفاحشة بين المسلمين وانتشار السوء بينهم, وذلك بما يحصل من نشر لما استتر من الفضائح وإظهار لما خفي من السوءات.
8- يُعْتَبر دليل بين واضح على سوء الطوية وعن نفاق يعشش في القلب, وأن صاحبه بعيد عن الإيمان وإن ادعاه, قصي عن التقوى وإن تزيا بلباسها، لذا كان نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذه صفته بقوله: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ... )) (85).
9- أن صاحبه متوعد بالفضيحة وكشف العورة حتى ولو كان في قعر داره, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتَبّع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)) (86).
10-يكفي بالتجسس سوءاً أن صاحبه يُعَرِّضُ نفسَه لغضبِ الله واستحقاق العذاب الأليم, هذا في الآخرة, أما في الدنيا فيبقى مكروهاً مبغوضاً من الناس فهو دائماً في محل ريبة, لا يأنسون به ولا يرتاحون بحضوره.


4- أسباب هذا التجسس


للتجسس الممنوع عدة دوافع يمكننا أن نذكر منها ما يلي:
1- الفضول المحض: قد يكون الدافع إلى التجسس وتتبع عورات الناس هو الفضول المحض وحب الاستطلاع ومعرفة ما خفي واستتر.
2- قصد الإيذاء والفضيحة: فيتجسس على الشخص لكي يؤذيه أو يفضحه لغرض في نفسه قد يكون دافعه الحسد أو الكراهية أو غير ذلك من الأمور.
3- سوء الظن: فالتجسس كما أسلفنا هو أثر من آثار سوء الظن, فإذا ظن شخص بشخص سوءا دفعه ذلك إلى التحقق من ظنه فيعمد إلى التجسس وتتبع العورات.
4- الانتقام والمعاملة بالمثل: وذلك إذا علم المتجسس عليه أن شخص ما يتتبع عورته ويتجسس على خصوصياته فعند ذلك يدفعه الانتقام إلى التجسس والبحث والتقصي, وخاصة إذا تسبب المتجسس في أذيته وفضحه.
5- الدافع المادي: بأن يكون مدفوعاً من جهة ما للتجسس والتقصي بمقابل إغراء مادي.

5- قالوا في هذا التجسس


1- حبر الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: ولا تجسسوا قال: (نهى الله المؤمن أن يتبع عورات أخيه المؤمن) (87).
2- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إنا قد نُهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به (88).
3- الامام مجاهد في قوله: (ولا تجسسوا) قال: (خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله) (89).
4- الامام الحسن البصري : لا تسأل عن عمل أخيك الحسن والسيئ فإنه من التجسس . (90)
5- الامام أبو حاتم : التجسس من شعب النفاق كما أن حسن الظن من شعب الإيمان (91)
6- آية الله محمد تقي المدرسي : " لا يجوز التجسس على الناس، والتجسس هو البحث عن عيوب الناس بمتابعتهم وكشف أستارهم، فقد رُوِيَ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: (صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه واله ثُمَّ انْصَرَفَ مُسْرِعاً حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَخْلُصِ الْإِيمَانَ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِ المُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِ المُؤْمِنِينَ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ فَضَحَهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ)" (92).
7-الشيخ الفيض الكاشاني : "ولا يجوز التجسّس، كوضع الاذن والأنف لاحساس الصوت والريح، وطلب إراءة ما تحت الثوب؛ للنص الفرقاني" (93)

8- الشيخ حسين المنتظري : "إن من الوظائف الخطيرة التي اهتم بها الإسلام حفظ حرمات المسلمين وأعراضهم، والاجتناب عن التفتيش عن عقائد الناس وأسرارهم، فلم يجز التجسس على دخائل الناس وخفاياهم، ولم يسمح لأحد إشاعة أسرار المسلمين و عثراتهم" (94)

9-في الموسوعة الفقيه من اصدار مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي :

"كذا لا يجوز التجسّس على أحوال الآخرين الشخصية والتتبع لعوراتهم والتدخّل في شؤونهم الخاصة بهم" (95)
10-الشيخ محمد متولي الشعراوي : "وإنْ كان الحق سبحانه وتعالى قد دعانا إلى النظر في ظواهر الكون، والتدبُّر في آيات الله في كونه، والبحث فيها لنصل إلى أسرار ما غُيّب عنا، فإنه سبحانه نهانا أن نفعل هذا مع بعضنا البعض، فقد حرَّم علينا التجسُّس وتتبُّع العورات، والبحث في أسرار الآخرين وغَيْبهم." (96)
11-الشيخ محمد صالح العثيمين : "فلا ينبغي للإنسان أن يتجسس، بل يأخذ الناس على ظاهرهم، ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر " (97)
12- الدكتور نعمان جغيم : " قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ" فهو صريح في أن قصد الشارع من فرض الإستئذان هو منعُ التجسس على الناس، وستر حرماتهم وأسرارهم، فكل ما أدى إلى خرق ذلك فهو ممنوع.(98)
13-الباحث علي بن نايف الشحود : " يعتبر التجسس انتهاكا لحقوق الغير والتي منها: حفظ حرمة المسكن، وحرية صاحبه الشخصية بعدم الاطلاع على أسراره. بل وبالغ الإسلام في تقرير حرية المسكن بأن أسقط القصاص والدية عمن انتهك له حرمة بيته " (99)
14- آية الله ناصر مکارم الشیرازي :" في الحقيقة إنّ سوء الظن باعث على‌ التجسّس، والتجسس باعث على‌ كشف الأسرار وما خفي من أمور الناس، والإسلام لا يبيح أبداً كشف أسرار الناس!
وبتعبير آخر إنّ الإسلام يريد أن يكون الناس في حياتهم الخاصة آمنين من كل الجهات، وبديهي أنّه لو سمح الإسلام لكلّ أحد أن يتجسّس على‌ الآخرين فإنّ كرامة الناس وحيثيّاتهم تتعرض للزوال، وتتولد من ذلك «حياة جهنمية» يحسّ فيها جميع أفراد المجتمع بالقلق والتمزّق!." (100)


احكام فقهية في عقوبة هذا التجسس


على الإنسان أن يصون حرماته، ويحصن نفسه من الشهوات العاتية ومن العدوان ويحفظ ماله من السفه والتلف. ولعل أول ما يُحصن: الفرج، وبالذات للمرأة (لأنه الأقرب إلى الخطر) ثم النفس ، ثم المال. وهكذا كانت المحافظة على حرمات الإنسان مسؤولية مشتركة بينه وبين الآخرين. فكما لا يجوز للآخرين أن ينتهكوا حرمتك، كذلك عليك أن تمنعهم من ذلك.

وأيضاً على الإنسان حفظ حدود الله وأحكامه، وحفظ الأيمان والأمانات.(101)
و لَمَّا كان القصد من التأديب -في غالب الأحيان- هو زجر النفوس عن اتباع هواها، وردعها عن شهواتها، وقد تكون تلك الشهوات من القوة بحيث تحتاج النَّفس معها إلى رادع قوي، فإن المؤدِّب قد يبالغ في النهي إلى درجة التهديد والتوبيخ، ليكون ذلك أبلغ في الردع والزجر وعلى عِظَم الذنب المنهي عنه تَعْظُم وسيلةُ الزجر والتأديب. (102)

و عمدة ما استند عليه الفقهاء للمذاهب الأربعة في عقوبة المتجسس على بيوت المسلمين على روايات منها :

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ، فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَلَا قِصَاصَ " (103)
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ نَاسٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ، فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ" (104)
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ حَرَجٌ» وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: «جُنَاحٌ»(105)
4- عن بن شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ مِدْرًى يَحُكُّ بِهَا رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أجل البصر".(106)
5- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى بَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَلْقَمَ عَيْنَهُ خُصَاصَةَ الْبَابِ، فَبَصُرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَخَّاهُ بِحَدِيدَةٍ أَوْ عُودٍ، لِيَفْقَأَ عَيْنَهُ، فَلَمَّا أَنْ بَصُرَ انْقَمَعَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ ثَبَتَّ لَفَقَأْتُ عَيْنَكَ»(107)
6- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَامَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ أَوْ قَالَ: بِمَشَاقِصَ، قَالَ أَنَسٌ: " وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعَنَهُ " (108)

أما عند الشيعة الامامية فأستندوا على روايات في عقوبة المتجسس على بيوت المسلمين منها:

1-عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : بينما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بعض حجراته إذا طلع رجل في شق الباب وبيد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مدارة ، فقال : لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك . (109)
2-عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال: (عورة المؤمن على المؤمن حرام، وقال: من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحتان للمؤمن في تلك الحال، ومن دمر على مؤمن في منزلة بغير اذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال... (110)
3- عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : اطلع رجل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الجريد فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لو أعلم أنك تثبت لي لقمت إليك بالمشقص حتى أفقا به عي************ ، قال : فقلت له : وذاك لنا ؟
فقال : ويحك ـ أو ويلك ـ أقول لك : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعل ، وتقول : اذاك لنا!..(111)
4- عن عبيد بن زرارة ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : بينما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حجراته مع بعض أزواجه ومعه مغازل يقبلها إذ بصر بعينين تطلعان ، فقال : لو أعلم أنك تثبت لي لقمت حتى أنخسك ، فقلت : نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله ؟ فقال : إن خفى لك فافعله . (112)
5-عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا اطلع رجل على قوم يشرف عليهم ، أو ينظر من خلل شيء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينيه فليس عليهم غرم ، وقال : إن رجلا اطلع من خلل حجرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أي خبيث أما والله لو ثبت لي لفقأت عينك . (113)
6-عن الحلبي عن ابي عبدالله عليه السلام قال: ايما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم فرموه وفقؤا عينه او جرحوه فلا دية له، وقال: من بدأ فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له.(114)
7-في الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام) : و من اطلع في دار قوم رجم فإن تنحى فلا شي ء عليه و إن وقف فعليه أن يرجم فإن أعماه أو أصمه فلا دية له (115)
و إننا في هذا البحث سنُركِز على اقوال علماء الشيعة الإمامية من دون التطرق الى أقوال اهل السنة و الجماعة

-أقوال الشيعة الإمامية في هذا النوع من التجسس :

فقد مال الى فقء عين المتطلع على بيوت المسلمين جمع من فقهاء الشيعة الجعفرية (116 قول محمد الصدر الثاني عن تسمية الجعفرية ) كما هو الظاهر من الشيخ محمد بن يعقوب الكليني في كتابه "الكافي" في الفروع "باب:من لا دية له " (117) و الشيخ محمد بن بابويه القمي "الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه "باب:من لا دية له في جراح أو قصاص" (118) .

إذ ان المعروف ان رأي علماء الشيعة القدماء نعرفه من خلال ما سطروه من كتبهم من روايات لانهم اعتمدوه كما أشار الى ذلك الشيخ محمد الصدوق في مقدمة كتابه من لا يحضره الفقيه إذ قال :

" وصنفت له هذا الكتاب بحذف الاسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع مارووه، بل قصدت إلى إيراد ما افتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول وإليها المرجع"(119)

و الشيخ الكليني في مقدمة كتابه الكافي إذ قال :
"وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع [فيه] من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وقلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله [تعالى] بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم. " (120)

و أشار الى ذلك الشيخ حسين النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب بعد ان نقل كلام المحقق محسن الكاظمي أذ قال بعد ذلك :

"فإنَّ مذاهب القدماء تُعلم غالباً من عناوين ابوابهم و به صّرَّح ايضاً العلامة المجلسي في مرآة العقول " (121)

و مال الى ذلك الشيخ محمد الطوسي في كتابه تهذيب الاحكام" باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا يعرف قاتله ومن لا دية له ومن ليس لقاتله عاقلة ولا مال يؤدى منه الدية " (122) .


و عقدَ الشيخ محمد بن الحسن المعروف بالشيخ الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة باباً كاملاً بعنوان " ـ باب أن من اطلع إلى دار لينظر عورة لاهلها فلهم منعه ، فإن أصر فلهم قلع عينه ان خفى ذلك ، وان لم يندفع بدون القتل جاز" (123) ، و كذلك الشيخ حسين النوري الطبرسي في مستدرك عَنون باباً كاملاً " أن من اطلع الى دار لينظر عورة لأهلها فلهم منعه ، فان اصر فلهم قلع عينه إن خفى ذلك ، وإن لم يندفع بدون القتل جاز" (124) .

و اليك اقوال بعض الاقوال لعلماء الشيعة نذكُرُها أيضاً :

1- الشيخ ﺑﻬﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ "الفاضل الهندي" :
" (ومن اطلع على) عورات (قوم فلهم زجره، فإن امتنع من الكف عنهم فرموه بحصاة أو عود) وجنوا على نفسه أو طرف منه (فهدر) إن لم يتعمدوا الجناية ولا رموه بما يأتي عادة على نفسه أو طرفه، مع تجويزهم الاندفاع بدونها، اطلع من طريق أو غيره، من ملكه أو غيره، أشرف عليهم أو نظر من باب مفتوح أو من ثقبة ضيقة أو واسعة، للإجماع كما في الخلاف ولنحو قوله (صلى الله عليه وآله): من اطلع عليك فخذفته بحصاة ففقأت عينه فلا جناح عليك. وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح حماد بن عيسى: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببعض حجراته إذا اطلع رجل من شق الباب وبيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدارة، فقال له: لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك . (125)

2- الشيخ محمد بن الحسن الطوسي:
" مسألة 3: إذا اطلع في بيت رجل، فنظر الى حرمته، فله أن يرمى عينه، فإذا فعل، فذهبت، فلاضمان عليه. وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك، فان فعله لزمه الضمان .
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا براءة الذمة دليل هاهنا. وروى أبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: من اطلع عليك فخذفته بحصاة، ففقأت عينه، فلا جناح عليك . فإذا ثبت أنه لا جناح عليه فلا ضمان، لان أحدا لا يفصل بين الامرين. (126)
3- أحمد بن محمد الأردبيلي المعروف بــ"المحقق الاردبيلي" : " قوله: " ولو زجر المطلع الخ " أي لصاحب الدار والاهل زجر من يطلع وينظر إلى اهله، فان أصر ولم ينزجر ولم يترك بالكلام والمنع والزجر بدون الرمي، فله رميه بالحصى والعود ونحوهما، فان رماه فقتل به أو عمي بصره، فهو هدر لا دية ولا قصاص له. وجهه ظاهر وبه رواية مثل حسنة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ايما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم (فرموه - خ) وفقؤا عينه وجرحوه فلا دية (له عليهم - خ)، وقال: من بدأ (اعتدى - ئل) فاعتدي عليه فلا قود له . ومثلها في رواية العلاء بن الفضيل عنه عليه السلام وزاد في آخرها بعد قوله: فرموه: فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينيه فليس عليهم غرم: وقال: ان رجلا اطلع من خلل حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي خبيث اما والله لو ثبت لي لفقأت عينك . ولا فرق في ذلك بينه صلى الله عليه وآله وبيننا. وصرح به في رواية عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اطلع رجل على النبي صلى الله عليه وآله من الجريد فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لو اعلم انك تثبت لي لقمت اليك بالمشقص حتى افقأ به عي************، قال: فقلت له: وذلك (اذلك - ئل) لنا؟ فقال: ويحك أو ويلك اقول لك ان رسول الله ولو بادر من غير زجر أو رمى ذا الرحم بعد الزجر الا أن تكون المرأة مجردة. ولو تلفت (ماتت - خ) الدابة الصائلة بالدفع فلا ضمان. ولو انتزع يده فسقطت اسنان العاض فلا ضمان. صلى الله عليه وآله فعل وتقول: أذلك لنا؟ . وهذه صريحة في كون فعله صلى الله عليه وآله حجة للجواز لنا. وهما يدلان على جواز القتل والجرح والفقأ قبل الزجر بغير ذلك، ومع امكان الدفع بغيره فخصصت بالاجتهاد بذلك. فيحتمل بذلك مطلقا جزاء للعادي الا ان يكون جاهلا محضا، فتأمل. ولو بادر فرماه قبل الزجر بالكلام فقتله أو فقأ عينه، ضمن ذلك فعليه مقتضى ما فعله من قصاص وجناية نفسا وطرفا وجرحا، وهو ظاهر. ولا فرق بين الرحم وغيره فيما (إذا - ئل) لم يكن جائزا لنظره. وكذا يضمن إذا كان المطلع ذا رحم، يجوز نظره إلى من في الدار ولم يكن غيره فيها فرماه فجنا عليه نفسا وغيرها. وان كان بعد المنع والزجر بالكلام ولم يمتنع، وكان نظره جائزا له منعه الا أن تكون المرأة المنظورة إليها في الدار مجردة (وقد - خ) كان نظر المطلع إلى عورتها فمنعه ولم ينزجر فرماه وجنى، فانه حينئذ غير ضامن، وكل ذلك ظاهر. (127)
4- آية الله محمد رضا الموسوي الگلپايگاني :
وفي بعض الروايات أنه إذا نظر أحد من خلال شيئ الى دار أحدكما إذا نظر من الثقب ونحوه الى داخل الدار أو أشرف من موضع عال فنظر الى من في الدار فرموه وقتلوه أو فقؤرا عينه فلا شيى عليهم. ففى رواية العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: إذا اطلع رجل على قوم يشرف عليهم أو ينظر من خلل شيئ لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقئوا عينه فليس عليهم غرم، وقال: إن رجلا اطلع من خلل حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء صلى الله عليه وآله بمشقص ليفقأ عينه، فوجده قد انطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي خبيث لو ثبت لى لفقأت عينك . وفي رواية عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اطلع رجل على النبي صلى الله عليه وآله من الجريدة فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لو أعلم أنك تثبت لى لقمت اليك بالمشقص حتى أفقأ به عينك قال: فقلت له: أذالك لنا؟ فقال: ويحلك أو ويلك أقول لك: إن رسول الله صلى الله عليه وآله فعل، تقول: ذلك لنا؟ وفي روايته الاخرى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في حجراته مع بعض أزواجه ومعه مغازل يقلها إذ بصر بعينين تطلعان، فقال: لو أعلم أنك تثبت حتى أنحسك، فقلت: نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله بنا؟ فقال: ان خفى لك فافعله . ولعل المراد إن خفى فعلك به عند الحكومة لئلا تؤخذ بذلك فافعله أنت أيضا" (128) و قال أيضا " وكيف كان فلم يعمل الاصحاب باطلاق هذه الروايات بأن حد من يدخل دار غيره أو كان قاطع الطريق أو نظر الى بيت شخص من شق الباب - القتل أو فقأ العين، بل يقولون بمراعاة مراتب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر من زجره أولا، ثم ضربه ثانيا وهكذا الى أن ينتهى الامر الى قتله قال في الجواهر: بل ستسمع من غير واحد ما يقتضى بتقييد النصوص الاخيرة بما إذا لم يندفع بالزجر ونحوه والا كان ضامنا" (129)

5-آية الله محمد صادق الروحاني :
و كذا من دخل دار قوم فزجروه فلم ينزجر فأدّى الدفع و الزجر بمراتبهما المتقدمة إلى التلف لم يضمن بتلفه أو بتلف بعض أعضائه .

وقد شهد بذلك نصوص كثيرة، لاحظ خبر العلا بن الفضيل عن أبي عبد اللّٰه-عليه السّلام-: "إذا اطلع رجل على قوم يشرف عليهم أو ينظر من خلل شيء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينه فليس عليهم غرم"و قال: "إنّ رجلاً اطلع من خلل حجرة رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم فجاء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم بمشقص ليفقأ عينه قد انطلق، فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم: أي خبيث أما و اللّٰه لو ثبت لي لفقأت عينك. و صحيح الحلبي عنه-عليه السّلام-: "أيّما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم فقفأوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم"و قال: "من اعتدى فاعتدي عليه فلا" (130)

6-الشيخ جعفر بن الحسن المعروف ب"المحقق الحلي" :
" الثانية: من اطلع على قوم، فلهم زجره.فلو أصر فرموه بحصاة أو عود، فجنى ذلك عليه، كانت الجناية هدرا. ولو بادره من غير زجر، ضمن.

ولو كان المطلع رحما لنساء صاحب المنزل، اقتصر على زجره.ولو رماه والحال هذه، فجنى عليه، ضمن.ولو كان من النساء مجردة، جاز زجره ورميه، لانه ليس للمحرم هذا الاطلاع. (131)

7- الشيخ أبي جعفر محمد بن منصور إدريس الحلي :

" ومن اطلع على قوم في دارهم، أو دخل عليهم من غير إذنهم، فزجروه، فلم ينزجر، فرموه بعد الزجر، فأدى الرمي إلى قتله، أو فقأوا عينه، لم يكن عليهم شئ. ومن قتله القصاص، أو الحد، فلا قود له، ولا دية، سواء كان الحد من حدود الآدميين، أو من حقوق الله تعالى، وحدوده، لأن الضارب للحد محسن بفعله، وقد قال تعالى " ما على المحسنين من سبيل "(سورة التوبة آية 91 ) (132)

8-الشيخ الحسن بن يوسف المعروف ب"العلامة الحلي" :

" ومن اطلع على قوم فلهم زجره، فإن امتنع من الكف عنهم فرموه بحصاة أو عود فهدر. ولو بادروا الى رميه من غير زجر ضمنوا الجناية. ولو كان المطلع رحما لنساء صاحب المنزل اقتصر على زجره، فإن رماه - حينئذ - ضمن، إلا مع تجرد المرأة فإن له رميه لو امتنع بالزجر عن الكف، إذ ليس للمحرم التطلع على العورة والجسد. " (133)


8-آية الله أبو القاسم الخوئي –آية الله الوحيد الخرساني:

( مسألة 299 ) : من اطلع على قوم في دارهم لينظر عوراتهم فلهم زجره ، فلو توقف على أن يفقأوا عينيه أو يجرحوه فلا دية عليهم ، نعم لو كان المطلع محرما لنساء صاحب المنزل ولم تكن النساء عاريات لم يجز جرحه ولا فق ء عينيه .(134)
9- الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء :
" وللانسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله ما استطاع بالأسهل ، فإن لم يندفع فبالأصعب متدرجاً . ومن اطلع على دار قوم فزجروه فلم ينزجر فرموه بحجارة أو نحوها فقضت عليه ، فدمه هدر. (135)
10-الشيخ علي اكبر السيفي المازندراني :

" منها: مسألة من اطلع على عورات المؤمنين بالنظر إلى ما يحرم عليه، فقد أفتى الفقهاء بجواز زجره،فلو لم يرتدع حكموا بجواز رميه بحصاة و عود ومعراض ونحوه ؛ ردعاً ودفاعاً. وإذا اتّفق الجناية بذلك ، و قد افتوا بإن الجناية حينئذ هدر لا ضمان عليه
و هذا لا خلاف فيه بين الفقهاء إذا توقف رد المُتطلِّع و الدفاع عن العرض عليه بل اجمعوا على ذلك كما في الجواهر "بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه مع توقف الدفع عليها ". و أيضا دلت عليه النصوص كصحيح حماد و خبر العلاء بن الفضيل و ابي بصير و زرارة و صحيح ابن مسلم .

و أما لو بادر الى الرمي و الضرب من غير زجر حكموا بالضمان لكونه تعديا فيندرج في عمومات الضمان ، و انما الصورة المزبورة قد خرجت عن الاجماع و إطلاقات النصوص المزبورة .

ثم انه لا إشكال في الحكم بالضمان فيما اذا اتفقت الجناية قبل الزجر إذا عُلِمَ بحصول الارتداع و الازعاج بالدفع بالأسهل . اما عند الجهل بذلك، فقد حُكِمَ في الجواهر "يقصد كتاب جواهر الكلام" بعدم الضمان "أي لا دية " عملاً بإطلاقات النصوص المزبورة ، ثم جعل أولى من ذلك في اعمل بهذه الإطلاقات ما إذا ادعى الدافع رعاية التدرج و تقديم الدفاع بالاسهل، و لم تكن له بينة فَجهُل ذلك .

فحيتئذ فقد حكم في الجواهر بعدم الضمان و جعل الاصل المرجع في المقام عدم الضمان ما لم يعلم حصول سبب الضمان . و استدل لذلك بورود الأصل المستفاد من النصوص المزبورة – و هو هدر دم المتطلع على عورات المؤمنين على اصالة الضمان ..." (136)

11-آية الله الخميني :

"مسألة 30 - من اطلع على عورات قوم بقصد النظر إلى ما يحرم عليه منهم فلهم زجره ومنعه، بل وجب ذلك، ولو لم ينزجر جاز دفعه بالضرب ونحوه، فلو لم ينزجر فرموه بحصاة أو غيرها حتى الآلات القتالة فاتفق الجناية عليه كانت هدرا ولو انجر إلى القتل، ولو بادروا بالرمي قبل الزجر والتنبيه ضمنوا على الأحوط. (137)

12- امير محمد الكاظمي القزويني

من اطلع على عورات قوم بقصد النظر الى ما يحرم عليه منهم و لو الى وجه امرأة ليس للناظر النظر اليها فلهم ان يزجروه فان لم يكف جاز لهم ان يرموه بعود او حصاة و نحوهما فان ادى ذلك الى جرحه او الى قتله كان دمه هدرا.(138)
13-حمزة بن عبد العزيز الديلمي المعروف بـ"سلار" :
فأما من ليس هذا حكمه فدمه طائح كمن هجم على دار قوم فبعثوه، حتى يخرج فلم يخرج فضربوه بعمود ليخرج فمات، ومن اطلع يستنظر عورات قوم في دارهم فزجروه فلم ينزجر فرموه بالنشاب أو غيره فقتل، أو من سقط من علو على غيره فقتله وكمن أغشى دابته إنسانا فأراد الانسان دفعها عنه فنفرت فرمت به فقتله فلا دية له (139)

ب-تجسس لإجل العدو :
مرَّ سابقاً من الأدلة على حرمة التجسس على المسلمين "ما لم تكون فيه مصلحة شرعية" و الأدلة في ذلك من القران و السنة و اقوال اهل العلم و سنتناول في هذا القسم الثاني من التجسس الممنوع سنتناول "التجسس لأجل العدو الخارجي" و فيه احكام سنذكُرها إن شاء الله فيما إذا كان الجاسوس مسلماً أو ذمياً أو مستأمناً و ذلك بالاعتماد على آراء علماء الامامية .
1-الجاسوس المسلم :
إنَّ التجسس على المسلمين لمصلحة العدو الكافر هو خيانة للدّين ، ومحاربة للمسلمين ، ومبارزة بالعداوة لهم ، وسعي في إيقاع الضرر بل الهلاك بهم ، ومعاونة لأهل الشرك والكفر عليهم ، وكلها كبائر عظيمة ، قال سبحانه و تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تَخونوا اللهَ والرسولَ وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (27)) "سورة الانفال"
و فيه يقول الامام عز الدين بن عبد السلام :
" وَكَذَلِكَ لَوْ دَلَّ الْكُفَّارَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَسْتَأْصِلُونَهُمْ بِدَلَالَتِهِ وَيَسْبُونَ حُرُمَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ، وَيَغْتَنِمُونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَزْنُونَ بِنِسَائِهِمْ وَيُخَرِّبُونَ دِيَارَهُمْ، فَإِنَّ تَسَبُّبَهُ إلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَعْظَمُ مِنْ تَوْلِيَتِهِ يَوْمَ الزَّحْفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ. (140)

و قبل ذِكر اقوال علماء الشيعة في هذه المسألة سنذكر الذي استندوا اليه :
سبب نزول الاية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) ﴾ "سورة الممتحنة" على حاطب و سبب نزول الآية كما يرويها المفسر الشيعي علي بن إبراهيم القمي :
نزلت في حاطب بن ابي بلتعة، ولفظ الآية عام ومعناه خاص، وكان سبب ذلك ان خاطب بن ابي بلتعة كان قد اسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة وكانت قريش تخاف ان يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فصاروا إلى عيال خاطب وسألوهم ان يكتبوا إلى خاطب يسألوه عن خبر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وهل يريد ان يغزو مكة؟ فكتبوا إلى خاطب يسألونه عن ذلك فكتب اليهم خاطب ان رسول الله صلى الله عليه وآله يريد ذلك، ودفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرنها ومرت، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله فاخبره بذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام والزبير بن العوام في طلبها فلحقوها، فقال لها امير المؤمنين عليه السلام: أين الكتاب؟ فقالت: ما معي، ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما نرى معها شيئا فقال امير المؤمنين: والله ما كذبنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وآله على جبرئيل عليه السلام ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه والله لتظهرن لي الكتاب او لاوردن رأسك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت تنحيا حتى أخرجه فاخرجت الكتاب من قرنها فاخذه امير المؤمنين عليه السلام وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حاطب ! ما هذا؟ فقال حاطب: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت واني أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله صلى الله عليه وآله حقا ولكن أهلي وعيالي كتبوا إلى بحسن صنيع قريش اليهم، فأحببت ان اجازي قريشا بحسن معاشرتهم فانزل الله جل ثناؤه على رسول الله صلى الله عليه وآله (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة - إلى قوله - لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة). (141)
أما اقوال علماء الشيعة في حكم هذا الجاسوس فهي :
1-الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي :
" وإذا تجسس مسلم لأهل الحرب، وكتب إليهم فأطلعهم على أخبار المسلمين لم يحل بذلك قتله لأن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة كتابا يخبرهم بخبر المسلمين فلم يستحل النبي قتله وللإمام أن يعفو عنه، وله أن يعزره لأن النبي (صلى الله عليه وآله) عفي عن حاطب" (142)
2- الشيخ جعفر بن الحسن المعروف ب"العلامة الحلي" :
" الرابع : لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام وما عزم عليه من قصدهم وبذكر أحواله ، لم يقتل بذلك ، بل يعزر ولا يسهم له إلا أن يتوب قبل تحصيل الغنيمة ." (143)
و قال أيضا : " ولو تجسس مسلم لاهل الحرب وأطلعهم على عورات المسلمين، لم يحل قتله بل يعزر ان شاء الامام." (144)
3- الفقيه القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي :
" 183 - مسألة: إذا تجسس انسان لأهل الحرب، وحمل إليهم اخبار المسلمين، هل يجوز قتله بذلك أم لا؟ الجواب: لا يجوز قتله بذلك، لان (حاطب بن أبي بلتعة) كاتب أهل (مكة) باخبار المسلمين، فلم ير رسول الله صلى الله عليه وآله قتله بذلك . غير أن الامام يعزره على ذلك، وله العفو عنه." (145)
4-الشيخ محمد علي الانصاري:
علَّقَ قائلاً على قصة حاطب في موسوعته الفقهية :
الرواية صريحة في ان النبي صلى الله عليه و آله وسلم صدَّقَ حاطب في نيته و عذره في فعله و لذلك لا تدلُّ الرواية على ان القتلَ ليس عقوبةٌ للجاسوسِ !! لأنَّ عدم القتل إنَّما كان لعدم تحقق موضوع التجسس عندئد (146)
5-الشيخ حسين علي المنتظري :
" الجهة الحادية عشرة: في حكم جاسوس العدو: من المسائل المهمة التي تبتلى بها الأنظمة والدول استخبارات العدو الأجنبي بأياديه وجواسيسه الداخلية والخارجية النافذة في المجتمعات والدوائر والجنود ومراكز التصميم والقرار.
والخسارة المترتبة عليها كثيرة ولا سيما في المعارك والحروب، فيجب على الحاكم المدبر العاقل مراقبة أعمال الأفراد وحركاتهم والتهيؤ الدائم في قبالها. إذ رب غفلة عن ذلك توجب هزيمة فظيعة وخسارة فادحة لا يجبرها شيء، ولعل قوله - تعالى - بعد الأمر بإعداد القوة في قبال الكفار: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم " ناظر إلى هذا الطابور الخامس والشبكة الداخلية التي يستخدمها العدو للتجسس والاطلاع على إمكانات المسلمين وروحياتهم.
ويظهر من الآثار والروايات الإسلامية أن الجزاء المناسب لهذا الذنب العظيم هو القتل والإعدام إلا أن يعفى عنه لجهات مبررة له، فإن عظم الجناية وجزاءها متناسبان للشرور والخسارات المترتبة عليها.(147)
و قال ايضاً :" وبالجملة، فالظاهر أن استحقاق الجواسيس للقتل كان أمرا واضحا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) وإن كان قد يعفى عنهم لجهات مبررة." (148)
و قال أيضاَ " والحاصل أن حفظ النظام الذي هو من أهم الفرائض يتوقف على سياسة الحزم مع المنافقين وجواسيس الأعداء، كما يتوقف على بعث العيون والمراقبين ليستخبروا مكائد العدو وقراراته." (149)
6-جاء في فقه اهل البيت عليهم السلام بعد ذِكر قصة حاطب:
"ممّا يوحي بأنّ النبيّ (صلى‌ الله ‌عليه ‌و ‌آله ‌و سلم) قد أقرّ عمر على إرادة القتل لولا وجود المانع وهو المشاركة في بدر . وهكذا استدلّ بها عليه في ( الاستخبارات العسكرية ) بأنّ النبيّ (صلى‌ الله ‌عليه ‌و ‌آله ‌و سلم) قد أقرّ عمر على إرادة القتل لولا وجود المانع وهو شهود غزوة بدر ، فهذه العلّة هي المانعة من قتل حاطب ، فإذا لم تتوفّر هذه العلّة في غيره كان قتل الجاسوس مشروعاً لا مانع منه ، وهذه العلّة ـ وهي شهود بدر ـ لا تتوفّر في غير عصر النبوة ، ولذا فإنّ الجاسوس المسلم الذي يفشي أسرار المسلمين للأعداء يقتل لإضراره بالمسلمين وسعيه بالفساد في الأرض ، وربّما كان بعمله هذا أضرّ على المسلمين من المحاربين أنفسهم .

ويشكل ذلك بأنّ تصديق النبيّ (صلى‌ الله ‌عليه ‌و ‌آله ‌و سلم) حاطب بن أبي بلتعة وقبول عذره قبل قول عمر ، ممّا يشهد على أنّه لا يستحقّ القتل ، فلا مورد للاستجازة في القتل ممّن له أدنى معرفة ، وعليه فقوله (صلى‌ الله ‌عليه ‌و ‌آله ‌و سلم) : وما يدريك . . . إلخ ردع لعمر .

أمّا دعوى النفاق لحاطب ، فإنّ سابقته في بدر واعتذاره بما صدّقه النبيّ (صلى‌ الله ‌عليه ‌و ‌آله ‌و سلم) ينافي كونه من المنافقين .

لا يقــال :إنّ نفي الصغرى لا ينافي تقرير الكبرى المطوية ، فإنّ قول عمر مركّب من صغرى مذكورة وهي أنّ حاطب منافق ، وكبرى مطوية وهي أنّ المنافق يقتل ، والرسول العظيم ردعه في الصغرى لا الكبرى ، فهي تكفي في إثبات جواز قتل المسلم الجاسوس .

لأنّـا نقـول :الكبرى المطوية ليس أنّ الجاسوس المسلم يكون منافقاً ، بل هي أنّ المنافق يقتل ، ولا تنافي تلك الكبرى مع عدم صيرورة الجاسوس بنفس التجسّس من المنافقين ، إذا كان له دواع اُخر كدواعي حاطب بن أبي بلتعة . هذا مضافاً إلى أنّ النبيّ (صلى‌ الله ‌عليه ‌و ‌آله ‌و سلم) لم يكن في مقام بيان الكبرى المطوية حتى يؤخذ بإطلاق بيانه .

و كيف كان ، فالقصّة المذكورة لا تدلّ على جواز قتل الجاسوس المسلم بمجرّد استخباره للأعداء ، كما لا تدلّ على عدم جواز قتله حتى فيما إذا كان معنوناً بعنوان المفسد في الأرض ونحوه ممّا يجوز قتله ، بناءً على كون الافساد موضوعاً لجواز القتل كما يظهر من بعض الأصحاب في بعض الموارد كاعتياد المولى قتل عبيده ، وعليه بناء العقلاء ." (150)

8-الدكتور غسان السعد :

"ثالثا : الجاسوس، او العين كما اصطلح عليه ، والحقيقة لم اعثر على نص مباشر للامام بهذا الشأن، لكن رأي الإمام الحسن بن علي والإمام جعفر بن محمد الصادق والإمام علي بن موسى الرضا ، وهم من ذرية الامام علي والذين يستندون في علومهم الى حد كبير على علم النبي(‌صلى الله عليه وآله) وعلم الامام (ع) ، يقولون بقتل الجاسوس وان كان مسلما وذلك خلافا لاراء بعض فقهاء المسلمين الذين حكموا عليه بالحبس او التعزير. ويبدو ان الإمام يذهب الى قتل الجاسوس في الاقل من منطلق عقلي ، فجريمة التجسس اضافة الى هبوطها الاخلاقي بخيانة الامة قد تؤدي الى قتل مئات والاف من ابناء الامة وضياع قدراتها ومن ثم تراجع مشروعها الحضاري .. وذلك جميعا مما يتضاد مع الاتجاه النظري والعملي للامام . (151)

قلتُ انا أبا عبد الله العراقي : و خلاصة ذلك عند الشيعة الامامية ان المسلم اذا صار عيناً للكفار:

1-لا يُقتل و يُعزره الامام أو الحاكم و هو مخير
2-يُقتل كما ذهب اليه بعض من الفقهاء لخطورة الجواسيس على المسلمين

2-تجسس غير المسلم على المسلم لصالح العدو:
إنَّ الإسلام دين اللهِ تعالى و هو دين العدل، فقد أمر بالقيام به مع كل أحد، مسلما أو كافراً، قريباً أو غريباً، عدوا أم صديقاً، وقد جاءت بذلك نصوص الكتاب والسنة فقال سبحانه و تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ(58)) "سورة النساء:".
وقال تعالى مخاطبًا نبيه داود عليه الصلاة والسلام: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ(26)) "سورة ص ".
في المعاملة مع الأعداء: قال تعالى: (َلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8)) "سورة المائدة"
وأما معاملة أهل الكتاب بخلق حسن فلا حرج فيها إذا لم يكونوا محاربين؛ بل كانوا ذميين أو مستأمنين، لقوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)) "سورة الممتحنة"
و قبل الدخول في الحكم الشرعي للذمي و المُستأمن و المعاهد اذا تجسس على المسلمين فلا بُذَ من ذِكرِ نبذة تعريفة لهذه المُسميات :

" يُتبع"






التوقيع :
( إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي) رواه مسلم

قناتي على اليوتيوب "ابن الدليم" والاحتياطية " زين العابدين"

تنويه :

* لا يوجد حساب لي على تويتر و لا الفيس بوك بأسمي

*يمكن لأي شخص اقتباس ما انشره من مواضيع دون الرجوع اليَّ سواء من الوثائق او من البحوث النصية
*حسابي في منتدى السرداب بإسم "منهاج الحق"
لا تنسونا من صالح دعائكم فلربما نكون تحت التراب ان طال الغياب
من مواضيعي في المنتدى
»» الشيخ ملا محسن الفيض الكاشاني يستدل بآية على ان الخلفاء ال3 ائمة يدعون الى النار
»» حسن الشيرازي : الاتفاق على طهارة عائشة مما رميت به أي في الافك
»» على ذمة والد الصدوق علي بن الحسين : و من عثرت به دابته فمات دخل النار
»» قنبلة من العلامة المامقاني: الاخبار عن الجواد و الهادي و العسكري لا تخلو من اضطراب
»» المرجع كمال الحيدري : لحم الحمير حلال اكله عند الشيعة
 
قديم 06-10-16, 10:59 PM   رقم المشاركة : 2
الطالبKH
عضو فضي







الطالبKH غير متصل

الطالبKH is on a distinguished road


1- اهل الذمة :

فـــــ"الذِّمَّةُ" لغةً معناها " الْأَمَانُ أو الضَّمَان" (152) والذمة أَيْضا الْعَهْد (153) و ايضاً "والحرمة والحق" (154) فيُقال " أَهلُ الذِّمة: أَهلُ العَقْد".(155)

وكذلك قولهم: فلان من أهل الذمة، معناه: من أهل العهد قال الله عز وجل: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) ﴾ "سورة التوبة" (156)

وَ في الإصطلاح

يقول الامام الحميدي في تفسير غريب ما في الصحيحين " أهل الذِّمَّة أَي أهل الْأمان والعهد الَّذِي بِهِ أمنُوا على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ" (157)

" أي أهل العهد الذين تلحق المذمة في ترك الوفاء لهم."(158) (161)

" وسُمِّي أَهْلُ الذِّمَّة لدخُولهم فِي عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَانِهِمْ (159) و لِأَنَّهُمْ أَدَّوُا الْجِزْيَةَ فَأَمِنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ.(160) و هم المعاهدون من أهل الكتاب، ومن جرى مجراهم من اليهود والنصارى وغيرُهم ممن يقيم بدار الإسلام.(162 ) و منها قيل للمعاهدين من الكفار: ذمي لأنه أومن على ماله ودمه بالجزية. ويسمى محل التزام الذمة بها في قولهم: ثبت في ذمه كذا (163)

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أدناهُم» أَيْ إِذَا أعْطَى أحدُ الجَيْشِ العَدُوَّ أمَاناً جَازَ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُخْفِرُوه، وَلَا أَنْ يَنْقُضوا عَلَيْهِ عَهْده. وَقَدْ أجازَ عُمَر أمَانَ عبدٍ عَلَى جَميعِ الْجَيْشِ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ واحدةٌ» . (164)

فــــــــ"الذمي": هو المعاهد الذي أعطي عهدا يأمن به على ماله، وعرضه، ودينه..(165)

و سبب اعتبار "الذمة هي العهد لأن نقضه يوجب الذم، وتفسر بالأمان والضمان، وكل ذلك متقارب.(166)

2-اهل العهد :

فــــــ"العهد" في اللغة هو الأمان واليمينُ، والموثقُ، والذمّةُ، والحِفاظُ، والوصيةُ. وقد عَهِدْتُ إليه، أي أوصيته. ومنه اشتُقَّ العَهْدُ الذي يكتب للوُلاةِ. (167)

اما المقصود بـ"اهل العهد" كما عند الفقهاء: هُمُ الَّذِينَ صَالَحَهُمْ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إِنْهَاءِ الْحَرْبِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا، وَالْمُعَاهَدُ: مِنَ الْعَهْدِ: وَهُوَ الصُّلْحُ الْمُؤَقَّتُ، وَيُسَمَّى الْهُدْنَةَ وَالْمُهَادَنَةَ وَالْمُعَاهَدَةَ وَالْمُسَالَمَةَ وَالْمُوَادَعَةَ(168)

3-المستأمن :

لغة : استأمنَ اسم فاعل من استأمنَ. (169)
(اسْتَأْمَنَ) إِلَيْهِ دَخَلَ فِي أَمَانِهِ.(170)
اصطلاحاً فـ"الْمُسْتَأْمَنُ: هو من يدخل دار غيره بأمانٍ مسلماً كان أو حربياً."(171)
و عند الفقهاء المذاهب الأربعة :
- عند المالكية: الحربي الذي دخل بلادنا بأمان.
- عند الحنفية: من دخل دار غيره بأمان، مسلما كان أو حربيا.
والمراد بالدار: الاقليم المختص بقهر ملك إسلام أو كفر.
- عند الحنابلة: من دخل دار الاسلام بأمان طلبه.(172)
و عند الشيعة الإمامية حيث يقول الشيخ محمد الطوسي : والمستأمن من دخل إلينا بأمان في رسالة أو حاجة من تجارة ونحوه.(173)

و مما سبق فالفرق بين اهل الذمة و اهل العهد و اهل الأمان كالاتي :

يقول الإمام ابن القيم الجوزية بعد ان ذَكَرَ ان اقسام اهل العهد من الكفار هم
إِمَّا أَهْلُ حَرْبٍ وَإِمَّا أَهْلُ عَهْدٍ، وَأَهْلُ الْعَهْدِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
1- أَهْلُ ذِمَّةٍ. 2- وَأَهْلُ هُدْنَةٍ. 3- وَأَهْلُ أَمَانٍ.
وَقَدْ عَقَدَ الْفُقَهَاءُ لِكُلِّ صِنْفٍ بَابًا، فَقَالُوا: بَابُ الْهُدْنَةِ، بَابُ الْأَمَانِ، بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ.
وَلَفْظُ " الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ " يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ فِي الْأَصْلِ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الصُّلْحِ "، فَإِنَّ الذِّمَّةَ مِنْ جِنْسِ لَفْظِ الْعَهْدِ، وَالْعَقْدِ.(174)
فقال :
1-" أَهْلُ الذِّمَّةِ " عِبَارَةً عَمَّنْ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ ذِمَّةٌ مُؤَبَّدَةٌ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ عَاهَدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِذْ هُمْ مُقِيمُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
2- "أَهْلَ الْعَهْدَ": وَهَمُ الذينَ صَالَحُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ، أَوْ غَيْرِ مَالٍ، لَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ كَمَا تَجْرِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَكِنْ عَلَيْهِمُ الْكَفُّ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَؤُلَاءِ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْعَهْدَ، وَأَهْلَ الصُّلْحِ، وَأَهْلَ الْهُدْنَةِ.
3- "الْمُسْتَأْمِنُ" فَهُوَ الَّذِي يَقْدَمُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ لَهَا، وَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: رُسُلٌ، وَتُجَّارٌ، وَمُسْتَجِيرُونَ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا فِيهِ، وَإِنْ شَاءُوا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَطَالِبُوا حَاجَةٍ مِنْ زِيَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَحُكْمُ هَؤُلَاءِ أَلَّا يُهَاجِرُوا، وَلَا يُقْتَلُوا، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، وَأَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْمُسْتَجِيرِ مِنْهُمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ فَذَاكَ، وَإِنْ أَحَبَّ اللَّحَاقَ بِمَأْمَنِهِ أُلْحِقَ بِهِ، وَلَمْ يُعْرَضْ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَ مَأْمَنُهُ عَادَ حَرْبِيًّا كَمَا كَانَ. (175)

و منهم من يُلحِق لفظ المُستأمن بالمعاهد لكونه غير ذمي كما هو الظاهر من عبارة الشيخ الحسن بن يوسف الحلي بقوله "وأما المستأمن وهو المعاهد في عرف الفقهاء فهو الذي له أمان بغير ذمة" (176)
وعموماً الجاسوس من غير المسلمين إما ان يكون ذمياً أو مستأمناً أو محارباً و سنتكلم عن حكم كل منهم عند الشيعة الامامية فقط .

1-الجاسوس الذمي :
و فيما يتعلق بحكم هذا الجاسوس فسنستعرض بعض اقوال علماء الشيعة بخصوصه :
1-الشيخ جعفر بن الحسن المعروف ب"المحقق الحلي" :
" في شرائط الذمة وهي ستة: الاول: قبول الجزية...... الثالث: ان لا يؤذوا المسلمين. كالزنا: بنسائهم، وللواط بصبيانهم، والسرقه لاموالهم، وإيواء عين المشركين، والتجسس لهم.فإن فعلوا شيئا من ذلك، وكان تركه مشترطا في الهدنة، كان نقضا.وان لم يكن مشترطا، كانوا على عهدهم، وفعل بهم ما يقتضيه جنايتهم من حد أو تعزير. (177)
2-اية الله الخميني :

" القول فى شرائط الذمة :
" الخامس أن لا يؤذوا المسلمين كالزنا بنسائهم و اللواط بأبنائهم و السرقة لاموالهم و إيواء عين المشركين و التجسس لهم ، و لا يبعد أن يكون الاخيران سيما الثانى منهما من منافيات الامان و لزوم تركهما من مقتضياته ." (178)
3-آية الله محمد الروحاني :

" [ وان لا يؤذوا المسلمين، وان لا يتظاهروا بالمحرمات ] وفي الفقيه: المجوس يؤخذ منهم الجزية لان النبي صلى الله عليه وآله قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب . وفي خبر حفص بن غياث: ولو منع الرجال فأبوا أن يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم ونحوها غيرها. (و) الثاني: (أن لا يؤذوا المسلمين كالزنا بنسائهم واللواط بصبيانهم والسرقة لاموالهم وإيواء عين المشركين والتجسيس لهم، فإن فعلوا شيئا وكان تركه مشترطا في الهدنة كان نقضا، وإن لم يكن مشترطا كانوا عهدهم، وفعل بهم ما يقتضيه جنايتهم من حد أو تعزير كما صرح به غير واحد." (179)
4-الشيخ الحسن بن يوسف المعروف بـ"العلامة الحلي"

" ما ينبغي اشتراطه فيما يجب عليهم الكف، وهو سبعة: ترك الزنا بالمسلمة وعدم إصابتها باسم النكاح وأن لا يفتنوا مسلما عن دينه، ولا يقطع عليه الطريق، ولا يؤوي عين المشركين، ولا يعين على المسلمين بدلالة أن بكتابة كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم، ولا يقتلوا مسلما ولا مسلمة، فإن فعلوا شيئا من ذلك وكان تركه شرطا في العقد، نقضوا العهد، وإلا فلا.
م إن أوجب ما فعلوه حدا، حدهم الإمام، وإن لم يوجبه، عزرهم بحسب ما يراه. (180)

5-الشيخ جعفر كاشف الغطاء

" سادسها : أنّ كلّ مَن ظهرت منهُ خيانة للمُسلمين ، بأن كانَ عيناً جاسوساً للكفّار يُوصل إليهم الأخبار ، أو يسعى بفتنتهم ، ليفرّق كلمتهم ، ويوهن قولهم ، انحلّ عقده(181)

و أيضا قال " السابع والعشرون : أنّه ينحلّ العاصم من جزية وغيرها بإخلالهم بأُمور المسلمين ، بأن يكونوا جواسيس للمُشركين ، أو مخذلين للمسلمين ، أو موقعي الفتنة بينهم ، ونحو ذلك ممّا يقتضي وهن الإسلام. (182)
6-ابن ادريس الحلي :

" وشرائط الذمة، الامتناع من مجاهرة المسلمين، بأكل لحم الخنزير، وشرب الخمور، وأكل الربا، ونكاح المحرمات في شريعة الاسلام، وإن لا يأووا عينا على المسلمين، ولا يعاونوا عليهم كافرا، وإن لا يستقروا على مسلم، فمتى فعلوا شيئا من ذلك، فقد خرجوا من الذمة، وجرى عليهم أحكام الكفار الحربيين الذين لا كتاب لهم (183)

7-علي بن حمزة

"الكفار ضربان: فضرب يجوز اقراره على دينه، وهم: اليهود، والنصارى، والمجوس بشرطين: قبول الجزية، والتزام اجراء أحكام الاسلام عليهم، وهي ترك التظاهر بالمحرمات، وجميعها ثمانية عشر شيئا: الاشياء المنافية للامان من القتال مع أهل الاسلام، وما يكون في حكم المنافية من سب الله تعالى، أو سب نبيه (ع)، واصابة المسلمة بالنكاح، والزنى بها، والاعانة على المسلمين: اما باطلاع أهل الحرب على أحوال المسلمين، أو بكتاب اليهم بأخبار أهل الاسلام، أو بايواء عين منهم، أو بافتتان مسلم عن دينه، أو بدلالة على أحد من المسلمين، أو قطع طريق عليه، واظهار منكر في دار الاسلام من شرب الخمر، ونكاح المحرمات، وادخال الخنازير في بلادهم، وضرب الناقوس، واحداث الكنيسة، والبيعة، واطالة البنيان.
فاذا التزموا ترك جميع ذرك - وهو الصغار - جاز عقد الذمة لهم، فان خالفوا شيئا من ذلك خرجوا من الذمة.
والضرب الاخر لا يجوز اقراره على دينه، وهو من عدا هؤلاء من الكفار، ولايقبل منهم غير الاسلام، فان لم يقبلوا قوتلوا، ولم يرجع عنهم الا بعد أن يسلموا أو يقتلوا عن آخرهم.
والضرب الاول ان لم يلتزموا الصغار قوتلوا حتى يسلموا، أو يلتزموا الجزية والصغار، أو يقتلوا عن آخرهم. (184)
8-الشيخ الطوسي

" فصل: فيما يشرط على أهل الذمة المشروط في عقد الذمة :........وأما ما فيه ضرر على المسلمين يذكر فيه ستة أشياء: ألا يزني بمسلمة ولا يصيبها باسم نكاح، ولا يفتن مسلما عن دينه، ولا يقطع عليه الطريق ولا يؤدي للمشركين عيبا، ولا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتبه كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم فإن خالفوا شرطا من هذه الشرايط نظر فإن لم يكن مشروطا في عقد الذمة لم ينقض العهد لكن إن كان ما فعله يوجب حدا أقيم عليه الحد فإن لم يوجبه عزر، وإن كان مشروطا عليه في عقد الذمة كان نقضا للعهد لأنه فعل ما ينافي الأمان. (185)

9- علي أصغر مرواريد

في شرائط الذمة: وهي ستة: الأول: قبول الجزية.
الثاني: أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان مثل العزم على حرب المسلمين أو إمداد المشركين، ويخرجون عن الذمة بمخالفة هذين الشرطين.
الثالث: أن لا يؤذوا المسلمين كالزنى بنسائهم واللواط بصبيانهم والسرقة لأموالهم وإيواء عين المشركين والتجسس لهم، فإن فعلوا شيئا من ذلك وكان تركه مشترطا في الهدنة كان نقضا وإن لم يكن مشترطا كانوا على عهدهم وفعل بهم ما يقتضيه جنايتهم من حد أو تعزير(186)
10-علي اكبر الكلانتري
"الثالث: ان لا يؤذوا المسلمين كسرقة اموالهم والزنا بنسائهم واللواط بصبيانهم، وايواء عين المشركين والتجسس لهم، فان فعلوا شيئا وكان تركه مشترطا في الهدنة كان نقضا، وان لم يكن مشترطا كانوا على عهدهم ويجري عليهم ما تقتضيه جنايتهم من حد أو تعزير أو سجن. (187)



2-الجاسوس المُستأمن :

ان الدولة لا بُذَ ان تكون ساهرة مُتيقظة في مراقبة اعدائها و اعوانهم في كل لحظة في السِلم و الحرب ، و لا بُّدَ من معرفة الداخلين اليها و الخارجين منها من رعاية الدول الخارجية خاصةً الدول المحاربة أو التي يُحتَمل ان تكون في حالة حرب مع المسلمين مُستقبلاً.
و اليك اخي العزيز اقوال علماء الشيعة في حكم هذا الجاسوس :

1-الشيخ الحسن بن يوسف المعروف ب"العلامة الحلي" :

" وأما المستأمن وهو المعاهد في عرف الفقهاء فهو الذي له أمان بغير ذمة فللامام أن يؤمنه دون الحول بعوض وغيره ولو أراد إقامة حول وجب العوض فإذا عقد له الأمان فإن خاف منه الامام الخيانة بايواء عين المشركين وشبهه نبذ الامام إليه الأمان ويرده إلى دار الحرب لقوله تعالى " واما تخافن من قوم خيانة فأنبذ إليهم على سواء (188)

2-علي أصغر مرواريد

"فأما المستأمن والمعاهد - فهما عبارتان عن معنى واحد، وهو من دخل إلينا بأمان لا للبقاء والتأبيد - فلا يجوز للإمام أن يقره في بلد الإسلام سنة بلا جزية ولكن يقره أقل من سنة على ما يراه بعوض أو غير عوض، فإن خاف الإمام منه الخيانة نقض أمانه ورده إلى مأمنه لقوله تعالى: ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء(58)) "سورة الانفال" (189)

3-الشيخ محمد بن الحسن الطوسي
"فأما المستأمن والمعاهد. فهما عبارتان عن معنى واحد وهو من دخل إلينا بأمان لا للبقاء والتأبيد فلا يجوز للإمام أن يقره في بلد الاسلام سنة بلا جزية ولكن يقره أقل من سنة على ما يراه بعوض أو غير عوض. فإن خاف الإمام منه الخيانة نقض أمانه ورده إلى مأمنه لقوله تعالى (وإما تخافن من قوم خيانة فأنبذ إليهم على سواء(58)) "سورة الانفال". (190)
و قال أيضا "إذا خاف الإمام من المهادنين خيانة جاز له أن ينقض العهد لقوله تعالى (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) ولا تنقض الهدنة بنفس الخوف بل للإمام نقضها فإذا نقضها ردهم إلى مأمنهم لأنهم دخلوا إليه من مأمنهم فكان عليه ردهم إليه، وإذا زال عقد الهدنة لخوف الإمام نظر فيما زال به فإن لم يتضمن وجوب حق عليه مثل أن آوى لهم عينا أو عاون رده إلى مأمنه ولا شئ عليه ... (191)

3-الجاسوس الحربي الكافر :

أستند الشيعة على ما رويَ في دعائم الإسلام :
"والجاسوس والعين إذا ظفر بهما قتلا، كذلك روينا عن أهل البيت" (192)

قد جاء في جاء في فقه اهل البيت عليهم السلام :
" ولا يخفى عليك أنّ الجاسوس الكافر سواء اختفى في جماعة المسلمين أو استأمن ثمّ تخلّف وتجسّس للكفّار محكوم بالقتل لأنّه حربي ، ولا أمان له بعد التخلّف وصيرورته جاسوساً ، بل يجب قتله فيما إذا خيف على النظام الإسلامي من جهة إفشاء الأسرار وعورات المسلمين ." (193)
و في الموسوعة الفقهية الميسرة و يليها الملحق الاصولي للشيخ محمد علي الانصاري :

"و امَّا الحربي فالظاهر ان عقوبة تجسسه القتل ، لِأنَّه مهدور الدم " (194)

2- التجسس المشروع


ويراد به كل تجسس يهدف إلى مصلحة الدولة في تعاملها مع أعدائها أو إلى مصلحة المجتمع الإسلامي بتنقيته وتطهيره من أهل الشر والفساد.
فتمارس سلطات أي دولة التجسس على مواطينيها لإغراض إدارية و حكومية و تُمارسه في الخارج لِأغراض حربية و سياسية كما تُمارسه على مواطينيها في الخارج .(195)

و سنتكلم عن ممارسة السلطة الحكومية للتجسس لإغراض إدارية قد تكون لمراقبة ما يجري في تلك المؤسسات إن حصل فساد أو لمعالجة بعض التقصيرات أو حكومية في الداخل و ذلك لحفظ الامن داخل حدود الدولة وسنتناول موارد التجسس المشروع :

1-التجسس الحاكم على الرعية

أنَّ الأصل كما مرَّ سابِقاً تحريم التجسس على المسلمين لقوله الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].
ويتأكد ذلك في حق ولي الأمر لورود نصوص خاصة تنهى أولياء الأمور عن تتبع عورات الناس، منها ما رواه معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"قَال لَهُ: إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ " (196)

"وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الأْمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ"" . (197)

لكن هناك موارد يصح فيها التجسس في هذا القسم كإرسال العيون على العاملين منها ما ورد في كتاب عليّ (رضي الله عنه) إلى كعب بن مالك : « أمّا بعد فاستخلف على عملك واخرج في طائفة من أصحابك حتى تمرّ بأرض كورة السواد فتسأل عن عمّالي وتنظر في سيرتهم فيما بين دجلة والعذيب ، ثمّ ارجع إلى البهقُباذات فتوّل معونتها واعمل بطاعة اللّه‌ فيما ولاّك منها ـ إلى أن قال :ـ وأعلمني الصدق فيما صنعت » (198) يدلّ الخبر على اتّخاذ العيون بالنسبة إلى العمّال .
ويدلّ على اتّخاذ العيون أيضاً التوبيخات والتهديدات التي صدرت عن أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) بالنسبة إلى عمّاله منه ما وردَ في كتابه إلى :

1- إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة : " أمّا بعد يابن حنيف ، فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة ، فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان . وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ ، وغنيّهم مدعوّ" (199)

2- إلى مصقلة بن هبيرة عامله على" أردشير خرّة" (بلدة في بلاد العجم): أمّا بعد فقد بلغني عنك أمر أكبرت أن اُصدّقه ، إنّك تقسّم في ء المسلمين في قومك ومن اعتراك من السألة والأحزاب وأهل الكذب من الشعراء كما تقسّم الجوز ، فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لافتّشنّ عن ذلك تفتيشاً شافياً فإن وجدته حقّاً لتجدّن بنفسك عليَّ هواناً فلا تكوننّ من الخاسرين أعمالاً (200)

2-التجسس لوقف ما يُخِلُّ بالأمن لمنعه او لمنكر ظاهر


أ-يجوز للدولة ان تجسس من اجل الامن و فيما تقتضيه المصلحة العامة حِفظاً لدماء الشعب حتى إذا كان هناك نشاط مريب أو خطر يُخطط له بعض المجرمين ضد المواطنين .

1-يقول آية الله محمد تقي المدرسي " يحرم تجسس الدولة على رعاياها، إلا إذا اقتضت مصلحة الأُمة، فلابد أن يخضع ذلك للقضاء القائم على أساس أحكام الشريعة." (201)

2- يقول الشيخ حسين علي المنتظري بعد ان ذَكَرَ ادلة حرمة التجسس :

"ولكن المتأمل في الآيات والروايات الواردة في هذا المجال يظهر له أن محط هذا التحريم وموضوعه هي الأسرار الفردية والعائلية التي لا تمس مصالح المجتمع.

وأما التي ترتبط بمصالح المجتمع وحفظ النظام فلا محيص فيها عن التفتيش و المراقبة، إذ على الدولة الاسلامية الحافظة لنظام المسلمين أن تحصل على الاطلاعات الكافية حول أوضاع الدول والأمم الأجنبية وقراراتهم ضد الإسلام والمسلمين، وتجمع الأخبار حول تحركاتهم وتحركات عملائهم وجواسيسهم، و مؤامرات الكفار وأهل النفاق والبغي والطغيان .." (202)
3-و جاء في الموسوعة الفقهية(من منشورات مؤسسة المعارف الفقه الاسلامي) :
"وكذا لا يجوز التجسّس على أحوال الآخرين الشخصية ، والتتبع لعوراتهم والتدخّل في شؤونهم الخاصة بهم؛ ولهذا يحكم بحماية المراسلات البريدية والبرقيات والهواتف والشبكات العنكبوتية (الانترنت) فلا يجوز التجسّس أو التنصّت إلّا بعنوان ثانوي طارئ بموجب إذن من الحاكم الشرعي." (203)

ب-و يجوز التجسس على من يجهر بمنكره :
1-اجابة آية الله علي خامائني عندما سُئِلَ :

" س 314: هل يجوز التجسس على المؤمنين في أمورهم الشخصية وغيرها بحجة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما لو رأى منهم فعل المنكر أو ترك المعروف؟ وما هو حكم الاشخاص الذين يتجسسون للعثور على مخالفات الناس مع انهم ليسوا مكلفين بالتجسس؟

ج: لا مانع من مبادرة خصوص موظفي الفحص والتفتيش الرسميين إلى البحث والتحقيق القانوني عن أعمال الموظفين حول العمل الاداري أو غيره في إطار الحدود والمقررات القانونية، وأما التجسس على عمل الاخرين أو التفتيش في أعمال وسلوك الموظفين لكشف أسرارهم خارج الحدود والضوابط فلا يجوز لهم فضلا عن غيرهم. (204)

2- الشيخ الفيض الكاشاني :
" الظّاهر انّ حرمة التّجسّس مختصّة بحقوق اللّه و أمّا حقوق النّاس إذا قامت أمارة اورثت سوء الظنّ فعلى المحتسب التّتبّع و التّفحّص بحيث لا يلزم ارتكاب محرّم آخر خصوصا فيما يبني أمر العصاة فيه على الإخفاء كالسّرقة و الإكراه على الزّنا و الغشّ و يجوز بثّ العيون و الجواسيس الامناء لتحقيق أمر المحاربين و البغاة." (205)
3-يقول آية الله ناصر مكارم الشيرازي :
" التّجسس على أفعال المسلمين حرام ولكن حفظ نفوس أفراد المجتمع، ونظام الدّولة الإسلاميّة، وإحباط مؤامرات الأعداء، أهم من ذلك، وعليه ففي كلّ مورد يخاف فيه من تعرّض مثل هذه الأمور للخطر، يجوز استراق السّمع للحدِّ من وقوع تلك المخاطر. (206)

3-التجسس على العدو
مَرَّ في مقدمة البحث (التجسس في العصر الإسلامي) استعمال الجواسيس على الأعداء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم و من بعدهم
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في حديث صلح الحديبية :
" وَاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الطَّلَائِعِ وَالْعُيُونِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَيْشِ وَالْأَخْذُ بِالْحَزْمِ فِي أَمْرِ الْعَدُوِّ لِئَلَّا يَنَالُوا غِرَّةَ الْمُسْلِمِينَ وَجَوَازُ الْخِدَاعِ فِي الْحَرْبِ" (207)


و يقول الامام ابن بطال:

"وهذا من باب قوله (صلى الله عليه وسلم) : (الحرب خدعة) . " فيه: جواز التجسس على المشركين، وطلب غرتهم، وفيه الاغتيال فى الحرب، والإيهام بالقول، وفيه الأخذ بالشدة فى الحرب، والتعرض لعدد كثير من المشركين، والإلقاء إلى التهلكة فى سبيل الله..." (208)

و يقول حسن أترك و هو أُستاذ في فرع الفلسفة بجامعة زنجان في ايران " وأمّا التجسّس على الأعداء وحكوماتهم وجمع المعلومات عنهم فهو جائزٌ بحكم العقل والشرع." (209)
و يقول الشيخ حسين علي المنتظري بعد إيراده مجموعة من الروايات :
" الظاهر من هذه الروايات أنه يتعين مراقبة الأعداء ولو في عقر دارهم والتجسس على قواهم وإمكاناتهم النفسية والعسكرية والصناعية والاقتصادية" (210)

فالتجسس على العدو عملٌ مشروع لحماية الدولة من الاعتداء و لِتكونَ الدولة على إطلاعٍ تام بتحركات العدو و مخططاته و ما يُبيته ضد المسلمين .

الخاتمة


ان موضوع التجسس من الموضوعات الهامة التي تمس حياة الدولة و المجتمع خاصة في هذا العصر . فلن تعد الحروب مُقتصرة على الجيوش التي تتقابل في ميادين القتال ، بل أصبحت تشمل جميع ميادين الحياة الأقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
و لا يقتصر الحصول على المعلومات في وقت الحرب فقط ، بل يبدأ وقت السلم و ينشط وقت الإستعداد للمعركة و يصل الى اعلى مداه أثنائِها.
و من يخوص في الكتب الفقهية و السياسية الإسلامية يجد جواهر الإسلام متناثرة و منها التجسس بطريقهِ المشروع ، فقد وضعت له الشريعة الإسلامية له الأصول و الضوابط التي تمتاز بإنسانيتها ، و تقدمها العلمي في الوقت الحاضر الذي يعجر فيه العلم الحديث العسكري و الاجتماعي على تربية الإنسان الصالح في المجتمع ، الأمر الذي يُدلل على قوة الشريعة الإسلامية و أستيعابها في جميع مجالات الحياة و رغم انني تعمدت في هذا البحث التركيز على اقوال الامامية إلا انها كثيراً منها موافقة لبعض مذاهب اهل السنة و الجماعة .
و يمكن تلخبص النتائج التي توصلتُ اليها في البحث :
1-جواز التجسس و استعمال الحيل :
تحرص على دولة على أن تتوافر المعلومات لدى كِبار المسؤولين المدنيين و العسكريين لتأمين البلاد و حماية الاقتصاد بها و العناية بالجبهة الداخلية و وضع سياسة خارجية ناجحة ثم وضع الخطط اللازمة بسلامة الدولة .
و انطلاقاً من اهداف الإسلام السامية في حماية الرعية و البلاد و الدفاع عنهم و اظهار هيبة الدولة بين الدول ، فإنَّ لها ان تستعملَ التجسس و تُرسِل الجواسيس بل يتحتم عليها ذلك اذا اكن التقصير فيه يؤدي الى الضرر بالصالح الإسلامي
2-ضرورة التجسس :
التجسس ضروري لكل دولة سواء أكان جمع المعلومات عن العدو و اعدادها للإستفادة منها عند الحاجة ، أم كان لمقاومة جواسيس الأعداء و إيقاف حملاتهم الدعائية أو اشاعتهم المغرضة في الحرب .
3-حرمة الأفراد بعضهم على بعض:
لقد حفظ الإسلام الحرمات الخاصة للمواطنين ، كما حَفَظَ حرمة المساكن فلا يجوز التجسس عليها سواء بالنظر أو بإستراق السمع لان تجسس منهي عنه في الشرع الإسلامي
4-حرمة التجسس لصالح العدو :
من التجسس المحرم :التجسس لصالح العدو ، و توصيل المعلومات الى أعداء المسلمين خاصة في وقت الحرب . لأنَّ ذلك خيانة لله و رسوله و للمؤمنين و موالاة للكفار الأمر الذي يجعل الفرد فريسة لأجهزة المخابرات المعادية التي تقوم بتصيد الأفراد مستغلة عثراتهم لتعمل على تجنيدهم للعمل لحسابها .
5-يجب ان يكون للحاكم عيون على رعيته :
الحاكم راعٍ للأمة و هو مسؤول عن رعيته ، لذا عليه ان يتفقد احوالها و يتحسس احتياجاتها.و يضع الأجهزة الخاصة لمراقبة اعمال الولاة ، و توصيل المعلومات الخاصة بإحوال الرعية اليهِ على حقيقتها و ذلك حتى يتمكن من انصاف المظلوم و رد الحقوق الى أهلها و معاقبة الظالم و معالجة الخلل قبل فوات الأوان .
هذا ما يسره الله لي في هذا البحث و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير المرسلين محمدٍ و على آله وصحبه وسلم .



الهوامش في البحث
(1) الزاهر في معاني كلمات الناس(ط:الرسالة) لأبي بكر الأنباري ج1 ص368

(2)(3)تهذيب اللغة لأبي المنصور الهروي (ط:دار احياء التراث العربي) ج10ص242
(4) لسان العرب (م: دار صادر – بيروت-ط3) لإبن منظور ج6 ص 38 ، النهاية في غريب الحديث (م: المكتبة العلمية - بيروت ) لإبن الاثير ج1 ص272 ، مجمع بحار الانوار للإمام محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (م: طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية-ط3 ) ج1 ص359
(5) كتاب العين لخليل بن أحمد الفراهيدي (م: دار ومكتبة الهلال)ج6 ص5، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية لأبي النضر إسماعيل الفارابي (م: دار العلم للملايين – بيروت) ج3 ص913 ، تاج العروس من جواهر القاموس (م: دار الهداية) لمرتضى الزبيدي ج15ص499،العباب الزاخر واللباب الفاخر لرضي الدين الحسني ج1ص75 "ومصادر أخرى مادة "جسس""
(6) تهذيب اللغة لأبي المنصور الهروي (ط:دار احياء التراث العربي) ج10ص242 ، لسان العرب (م: دار صادر – بيروت-ط3) لإبن منظور ج6 ص 38
(7) كتاب العين لخليل بن أحمد الفراهيدي (م: دار ومكتبة الهلال)ج6 ص5، تهذيب اللغة لأبي المنصور الهروي (ط:دار احياء التراث العربي) ج10ص242 ، لسان العرب (م: دار صادر – بيروت-ط3) لإبن منظور ج6 ص 38
(8) لسان العرب (م: دار صادر – بيروت-ط3) لإبن منظور ج6 ص 38
(9) المعجم الوسيط(م: دار الدعوة) ج1ص 172
(10) غريب الحديث للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي (م: دار الفكر – دمشق) ج1ص83
(11) تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم للإمام أبي عبد الله محمد الحميدي (م: مكتبة السنة – القاهرة-ط1 ) ص349
(12) مشارق الأنوار على صحاح الآثار (م: المكتبة العتيقة ودار التراث) للإمام عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي ج1 ص 160
(13) معجم لغة الفقهاء (م: دار النفائس-ط2) ص 121
(14) الميزان في تفسير القرآن للمفسر الطباطبائي (م:مؤسسة الاعلمي) ج18 ص323، مختصر تفسير الميزان لـ"ألياس كلانتري" ج6 ص20
(15) معجم ألفاظ الفقه الجعفري للدكتور أحمد فتح الله ص98
(16) مرآة العقول للشيخ محمد باقر المجلسي(م:دار الكتب الإسلامية=ط2) ج11 ص18
(17) صبح الأعشى (م: دار الكتب العلمية- بيروت) لأحمد بن علي القلقشندي ج1ص489
(18)الجاسوسية الامريكية اندرتولي ص11
(19)فن الحرب من اعداد احمد ناصيف (م:دار الكتاب العربي-حلب-ط1) ص164وص165" بتصرف يسير"
(20) فن الحرب من اعداد احمد ناصيف (م:دار الكتاب العربي-حلب-ط1) ص165
(21) جاسوسية و جواسيس(م:الهيئة المصرية العامة للكتاب )لعبدة مباشر ص71
(22) جاسوسية و جواسيس(م:الهيئة المصرية العامة للكتاب )لعبدة مباشر ص72
(23) مخابرات دولة الرسول لمحمد الشافعي ص30
(24)رواية التجسس و الصراع العربي الإسرائيلي للكاتب المصري محمود قاسم ص8
(25) رواية التجسس و الصراع العربي الإسرائيلي للكاتب المصري محمود قاسم ص9
(26) رواية التجسس و الصراع العربي الإسرائيلي للكاتب المصري محمود قاسم ص8
(27) قصص الأنبياء لعبد الوهاب النجار ص227
(28) الجاسوسية بين الوقاية و العلاج لأحمد هاني ص35
(29)تفسير الإمام الطبري (م: مؤسسة الرسالة-ط1-بتحقيق الشيخ احمد شاكر) ج19ص 442
(30)فجر الإسلام للشيخ احمد امين (ط:10) ص13
(31) فتوح الشام لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي(م: دار الكتب العلمية-ط1) ج1 ص 248
(32) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي(م: دار الساقي-ط4) ج10ص 80
(33) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي(م: دار الساقي-ط4) ج10ص 111
(34) التفسير الصافي للشيخ الفيض الكاشاني (م: مكتبة الصدر- طهران) ج5ص361،أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت (ع) لمجيب جواد جعفر الرفيعي ص239، بحار الأنوار (م: داراحیاء التراث-ط3) للشيخ محمد باقر المجلسي ج21 ص75، تفسير نور الثقلين للشيخ عبد على ابن جمعة العروسي الحويزي ج5ص652
(35) صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج4ص 67، مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج13ص308، مسند أبي داود الطيالسي (م: دار هجر – مصر) ج4ص324،مصنف ابن ابي شيبة (م: مكتبة الرشد – الرياض) ج7ص391 ، السنن الكبرى للإمام احمد بن شعيب النسائي (م: مؤسسة الرسالة – بيروت) ج8ص123
(36) مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج19ص 389، المنتخب من مسند عبد بن حميد للشيخ صبحي السامرائي-الشيخ محمود محمد خليل الصعيدي(م: مكتبة السنة – القاهرة) ص 379، صحيح مسلم (بتعليق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي-م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) ج3ص1509،السنن الكبرى للامام ابي بكر البيهقي (م: دار الكتب العلمية-بيروت) ج9ص169،سنن أبي داود (م: دار الرسالة العالمية-ط1) ج4ص259
(37)السيرة النبوية للشيخ علي الصلابي (م:دار المعرفة-بيروت) ص473، التراتيب الإدارية للشيخ محمد عَبْد الحَيّ الادريسي (م: دار الأرقم – بيروت-ط2) ج1ص291،ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى لمحب الدين الطبري ص191،السيرة الحلبية لعلي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي(م: دار الكتب العلمية – بيروت-ط2) ج2ص272
(38) السيرة الحلبية لعلي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي(م: دار الكتب العلمية – بيروت-ط2) ج2ص433 ، السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي (م: دار ابن كثير – دمشق –ط12)ص355،تاريخ الطبري (م: دار التراث – بيروت-ط2)ج2ص578
(39) المصنف للإمام ابي بكر الصنعاني (م: المجلس العلمي- الهند) ج5ص 330، مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج31ص 243، صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج5ص 126، السنن الكبرى للإمام احمد بن شعيب النسائي (م: مؤسسة الرسالة – بيروت) ج8ص 125،صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان(م: مؤسسة الرسالة – بيروت)ج11ص216
(40) السيرة النبوية للشيخ علي الصلابي (م:دار المعرفة-بيروت) ص698، المغازي لأبي عبد الله محمد بن عمر (م: دار الأعلمي – بيروت) ج2ص 640، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس(م: دار صادر – بيروت) للمؤرخ حسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري ج2ص44
(41) مفاهيم القرآن للشيخ جعفر السبحاني ج2 ص553
(42) فتوح الشام لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي(م: دار الكتب العلمية-ط1) ج1 ص 14
(43) صبح الأعشى (م: دار الكتب العلمية- بيروت) لأحمد بن علي القلقشندي ج10ص 196
(44) فتوح الشام لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي(م: دار الكتب العلمية-ط1) ج1 152
(45) نهاية الأرب في فنون الأدب (م: دار الكتب والوثائق القومية- القاهرة-ط1) لأحمد بن عبد الوهاب التيمي ج6ص 169، العقد الفريد لأبن عبد ربه الاندلسي (م: دار الكتب العلمية – بيروت-ط1) ج1ص118
(46) فتوح الشام لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي(م: دار الكتب العلمية-ط1) ج1 ص 242
(47) الطبقات الكبرى للإمام ابن سعد (م:دار الكتب العلمية-بيروت) ج3ص43، تاريخ الخلفاء للإمام جلال الدين السيوطي (م: مكتبة نزار مصطفى الباز) ص128
(48) الطبقات الكبرى للإمام ابن سعد (م:دار الكتب العلمية-بيروت) ج3ص43
(49) الخراج وصناعة الكتابة لقدامة بن جعفر (دار الرشيد للنشر-بغداد-ط1) ص 306
(50) تاريخ الطبري (م: دار التراث – بيروت-ط2)ج5ص 116،الغارات (ط:الحديثة) لابراهيم الثقفي ج1 ص 338، منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام لمحمد الري شهري ص381 ، موسوعة عبد الله بن عبّاس لمحمد مهدي الموسوي الخرسان ج4ص462
(51) الأخبار الطوال لأحمد الدينوري (م: : دار إحياء الكتب العربي-ط1) ص166
(52) تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام للإمام بدر الدين بن جماعة(م: دار الثقافة-الدوحة) ص 159
(53) )نهج البلاغة (م: دار العلوم -بيروت) بتعليق آية الله محمد الحسيني الشيرازي ج4 ص574 الى ص578 "بتصرف يسير" , نهاية الأرب في فنون الأدب للمؤرخ المصري أحمد بن عبد الوهاب النويري ج6 ص25, الولاية الآلهية الإسلامية أو الحكومة الإسلامية للشيخ محمد المؤمن القمي ص425 , تفسير حكيم(باللغة الفارسية من منشورات دار العرفان في قم) للأستاذ حسين انصاريان ج8 ص332, البداية في الأخلاق العملية لِآية الله محمد رضا مهدوي كني ص128 , دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الإسلامية لِآية الله حسين علي المنتظري ج4 ص313
(54) معاوية بن أبي سفيان - شخصيته وعصره للشيخ علي الصلابي ص192
(55) خطط الشام(م: مكتبة النوري-دمشق-ط:3) لمحمد بن عبد الرزاق ج1ص111 ) ، صبح الأعشى (م: دار الكتب العلمية- بيروت) لأحمد بن علي القلقشندي ج14ص413
(56) تاريخ الطبري (م: دار التراث – بيروت-ط2)ج5ص617
(57) تاريخ المخابرات عبر العصور ص326
(58) صبح الأعشى (م: دار الكتب العلمية- بيروت) لأحمد بن علي القلقشندي ج10ص 218 و ص 220 و ص 221
(59) عقوبة الإعدام دراسة فقهية مقارنة لأحكام العقوبة بالقتل في الفقه الإسلامي للشيخ محمد بن سعد الغامدي ص 470
(60) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة للشيخ عبد العزيز بن أحمد المسعود ص 238
(61) اسوار الأمان من اصدار مركز نون للتأليف والترجمة (الدرس ال9) ص194
(62) تفسير الإمام الطبري (م: مؤسسة الرسالة-ط1-بتحقيق الشيخ احمد شاكر) ج22ص 304
(63)التبيان في تفسير القران للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (م:دار احياء التراث العربي) ج9ص350
(64) التفسير الأصفى للشيخ الفيض الكاشاني ج2ص1194 (م: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي )
(65) تفسير الجلالين(م: دار الحديث – القاهرة-ط1) ص 687
(66) شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين (دار الوطن للنشر- الرياض) ج6ص 251و252
(67) تفسير البغوي (م: دار إحياء التراث العربي –بيروت) ج2ص 355
(68) تفسير الامام القرطبي (دار الكتب المصرية – القاهرة) ج8ص157
(69) موطأ الإمام مالك(م:دار احياء التراث العربي-بيروت) ج5ص 1333، مسند أبي داود الطيالسي (م: دار هجر – مصر) ج4ص 265، لمصنف للإمام ابي بكر الصنعاني (م: المجلس العلمي- الهند) ج10ص 231، صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج7ص 19، حكم النبي الأعظم صلى الله عليه واله و سلم لمحمد الري شهري ج4 ص625
(70) فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمام المناوي (م: المكتبة التجارية الكبرى – مصر-ط1) ج3ص122
(71) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين للإمام محمد علي الشافعي(م: دار المعرفة –بيروت-ط4)ج8 ص 412
(72) الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل لآية الله ناصر مكارم الشيرازي (م: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام)-قم) ج7 ص285
(73)الكافي "الأصول" (منشورات الفجر-لبنان) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ج2ص202، جامع معمر بن راشد (م: المجلس العلمي بباكستان-ط2) ج11ص176،سنن الامام الترمذي(م: دار الغرب الإسلامي – بيروت) ج6ص302، مسند الروياني(م: مؤسسة قرطبة – القاهرة)ج1ص219، بحار الأنوار (م: داراحیاء التراث-ط3) للشيخ محمد باقر المجلسي ج72 ص 259
(74) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري (م:دار الفكر-بيروت-ط1) ج8ص 3157
(75) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري (م:دار الفكر-بيروت-ط1) ج8ص 3157
(76) عون المعبود شرح سنن أبي داود للإمام شرف الحق العظيم آبادي(م: دار الكتب العلمية – بيروت) ج13ص 153
(77) مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج17ص 47، صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج5ص 163، صحيح مسلم (بتعليق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي-م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) ج2ص742، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان(م: مؤسسة الرسالة – بيروت)ج1ص 205،ميزان الحكمة لمحمد الري شهري ج1 ص390
(78) التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ (م: مكتبة دار السلام- الرياض) للأمير الصنعاني ج4ص 219
(79) جامع معمر بن راشد (م: المجلس العلمي بباكستان-ط2) ج10ص399، مسند الحميدي (م:دار السقا-دمشق-ط1) ج1 ص 459، مصنف ابن ابي شيبة (م: مكتبة الرشد – الرياض) ج5 ص 267 ، عوالي اللئالي لأبن ابي جمهور الاحسائي ج1ص122، الخصال للشيخ الصدوق ص
(80) شرح صحيح البخارى لابن بطال (م: مكتبة الرشد – السعودية-ط2)ج9ص556
(81) تفسير التحرير و التنوير للمفسر محمد طاهر ابن عاشور (م: الدار التونسية للنشر – تونس)ج26 ص253
(82) تفسير التحرير و التنوير للمفسر محمد طاهر ابن عاشور (م: الدار التونسية للنشر – تونس)ج26 ص254
(83) سنن أبي داود (م: دار الرسالة العالمية-ط1) ج4ص272،مسند أبي يعلى (م: دار المأمون للتراث – دمشق-ط1) ج13 ص382، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان(م: مؤسسة الرسالة – بيروت)ج13 ص 72،شعب الإيمان للإمام ابي بكر البيهقي (م: مكتبة الرشد) ج9 ص525، المعجم الكبير للإمام سليمان الطبراني (م: مكتبة ابن تيمية – القاهرة) ج19ص379
(84) تفسير التحرير و التنوير للمفسر محمد طاهر ابن عاشور (م: الدار التونسية للنشر – تونس)ج26 ص254
(85) الكافي "الأصول" (منشورات الفجر-لبنان) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ج2ص202، جامع معمر بن راشد (م: المجلس العلمي بباكستان-ط2) ج11ص176،سنن الامام الترمذي(م: دار الغرب الإسلامي – بيروت) ج6ص302، مسند الروياني(م: مؤسسة قرطبة – القاهرة)ج1ص219، بحار الأنوار (م: داراحیاء التراث-ط3) للشيخ محمد باقر المجلسي ج72 ص 259
(86) تقدم تخريجه في 85 و 73
(87) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (م: مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العربية السعودية-ط3- بتحقيق أسعد محمد الطيب) ج10ص 3305
(88) الاستذكار للامام ابي عمر القرطبي(م: دار الكتب العلمية – بيروت) ج8ص 291، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (م: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب) ج18ص22، دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين للإمام محمد علي الشافعي(م: دار المعرفة –بيروت-ط4)ج8 ص 415، التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير للأمير الصنعاني(م: مَكتَبَةُ الرُّشد- الرياض) ج6ص657
(89) تفسير الإمام الطبري (م: مؤسسة الرسالة-ط1-بتحقيق الشيخ احمد شاكر) ج22ص 304
(90) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء للإمام محمد بن حبان البُستي (م: دار الكتب العلمية – بيروت)ص125
(91) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء للإمام محمد بن حبان البُستي (م: دار الكتب العلمية – بيروت)ص126
(92) الفقه الاسلامي( الرسالة العملية) لآية الله محمد تقي المدرسي ج2ص106
(93)مفاتيح الشرائع للشيخ الفيض الكاشاني ج2ص55
(94) دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للشيخ حسين علي المنتظري ج2ص539
(95) الموسوعة الفقهية من إصدارات دائرة المعارف الفقه الإسلامي ج18ص 173وص174
(96) تفسير الشعراوي(م: مطابع أخبار اليوم) ج14 ص 8384
(97) تفسير الحجرات – الحديد للشيخ محمد صالح العثيمين(م:دار الثريا=الرياض)ص 50و51
(98) طرق الكشف عن مقاصد الشارع للدكتور نعمان جغيم (م:دار النفائس-الاردن) ص155
(99) الأحكام الشرعية للثورات العربية للباحث علي نايف ص507
(100) الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل لآية الله ناصر مكارم الشيرازي (م: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام)-قم) ج16 ص550
(101) الوجیز في الفقه الإسلامی(فقه الحياة الطيبة) لآية الله محمد تقي المدرسي ص92
(102) طرق الكشف عن مقاصد الشارع للدكتور نعمان جغيم (م:دار النفائس-الاردن) ص 124
(103) مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج14ص 545، مسند البزار (م: كتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة) ج17ص 37، السنن الكبرى للإمام احمد بن شعيب النسائي (م: مؤسسة الرسالة – بيروت) ج6ص 377 ،سنن الدارقطني(م: مؤسسة الرسالة-بيروت) ج4ص273
(104) المنتقى ِلإبنِ الجارود (م: مؤسسة الكتاب الثقافية – بيروت)ص 199
(105)مسند الشافعي(م: دار الكتب العلمية-بيروت)ص 201 ، مسند الحميدي (م:دار السقا-دمشق-ط1) ج2 ص 247، صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج9ص 11، صحيح مسلم (بتعليق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي-م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) ج3ص 1699،سنن النسائي (م: مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب)ج8ص 61،السنن الصغير للإمام ابي بكر البيهقي (م: جامعة الدراسات الإسلامية- كراتشي)ج3 ص352
(106) المنتخب من مسند عبد بن حميد للشيخ صبحي السامرائي-الشيخ محمود محمد خليل الصعيدي(م: مكتبة السنة – القاهرة) ص 166، الأدب المفرد للامام البخاري(م: دار البشائر الإسلامية – بيروت)ص 367 ، صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج7ص 164، صحيح مسلم (بتعليق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي-م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) ج3ص 1698
(107) سنن النسائي (م: مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب)ج8ص 60، الأدب المفرد للامام البخاري(م: دار البشائر الإسلامية – بيروت)ص 367 ، السنن الكبرى للامام ابي بكر البيهقي (م: دار الكتب العلمية-بيروت) ج8ص 587، تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للأمام عبقدالرحمن المزي ج1ص 93
(108) مسند الشافعي(م: دار الكتب العلمية-بيروت)ص 201 ، المصنف للإمام ابي بكر الصنعاني (م: المجلس العلمي- الهند) ج3ص 535،، مسند الحميدي (م:دار السقا-دمشق-ط1) ج1 ص 511، مصنف ابن ابي شيبة (م: مكتبة الرشد – الرياض) ج5ص295 ، مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج19ص 112 ، صحيح البخاري (م: دار طوق النجاة-ط1) ج8ص 54
(109) وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج29 ص66، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (م:مؤسسة الاعلمي) ج4ص80 ،مـسـندالإمام علي (عليه السلام) لحسن القبانجي ج10ص62،قرب الإسناد( ط- الحديثة-م: مؤسسه آل البيت عليهم السلام‌-قم) للشيخ عبدالله الحميري ص18
(110) الاختصاص للشيخ المفيد(م:مؤسسة النشر الإسلامي-قم) ص259، موسوعة الكلمة للمفكر حسن الشيرازي ج11 ص113 ، بحار الأنوار (م: داراحیاء التراث-ط3) للشيخ محمد باقر المجلسي ج76 ص214، مستدرك الوسائل للشيخ حسين النوري الطبرسي ج18 ص235،الوافي للشيخ الفيض الكاشاني مجلد16 ص809
(111) وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج29 ص67، الوافي للشيخ الفيض الكاشاني مجلد16 ص812، الكافي "الفروع" (م:دار الكتب الإسلامية) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ج7ص292
(112) وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج29 ص67، الكافي "الفروع" (م:دار الكتب الإسلامية) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ج7ص293، الوافي للشيخ الفيض الكاشاني مجلد16 ص812، معجم المحاسن و المساوئ لأبي طالب التبريزي ج13ص97،التقية في فقه أهل البيت عليهم السلام لمحمد علي المعلم ج2ص123
(113) وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج29 ص68، الوافي للشيخ الفيض الكاشاني مجلد16 ص811، الكافي "الفروع" (م:دار الكتب الإسلامية) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ج7ص291، تهذيب الاحكام للشيخ محمد الطوسي (م: دار الكتب الإسلامية) ج10ص207
(114) الكافي "الفروع" (م:دار الكتب الإسلامية) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني ج7ص291، وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج29 ص59، تهذيب الاحكام للشيخ محمد الطوسي (م: دار الكتب الإسلامية) ج10ص206، الوافي للشيخ الفيض الكاشاني مجلد16 ص807، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار للشيخ ابي الفضل الطبرسي ص416
(115) بحار الأنوار (م: داراحیاء التراث-ط3) للشيخ محمد باقر المجلسي ج76 ص196، فقه الرضا (م: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث) ص310، مستدرك الوسائل للشيخ حسين النوري الطبرسي (م: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث )ج18 ص234، معجم المحاسن و المساوئ لأبي طالب التبريزي ج13ص97
(116) يقول آية الله محمد محمد صادق الصدر عن سبب تسمية الشيعة بالجعفرية
"ومن هنا نستطيع ان نخطوا الخطوة الاخرى لنتوصل الى النتيجة وهي التساؤل عن السبب في نسبة المذهب اليه فانه لا شك انه كان يدعوا الى المذهب ويؤمن بولاية امير المؤمنين (سلام الله عليه) والمعصومين من ابائه وابنائه وبتعبير آخر انه (سلام الله عليه) استطاع استقطاب اكبر عدد واعظم نسبة من المجتمع في هذا الاتجاه وان الملتفين حوله والمتعلمين منه كانوا باعداد هائلة جدا حتى ان تسعمائة شيخ في مسجد الكوفة يقول حدثني جعفر بن محمد (صلوات الله عليه). فكيف بغير مسجد الكوفة من مناطق الاسلام ونحن نرى الان ان كل جماعة او مجموعة تنتسب الى راعيها وقائدها والرئيسي الموجه (كول لا!)
فنقول مثلا ناصريين لاصحاب جمال عبد الناصر وخالصيين لاصحاب الشيخ محمد الخالصي وسيستانيين لاصحاب السيد علي السيستاني وصدريين لاصحاب السيد محمد الصدر وهذا معاش وكلكم مشاهديه فكذلك قال المجتمع يومئذ عن اصحاب الامام جعفر الصادق (عليه السلام) انهم جعفريون اي هم الملتفون حوله والمندرجون تحت قيادته وعقيدته واهدافه لانه في ذلك الحين من اقوى واشهر الائمة المعصومين (عليهم السلام) في زمانه بل من اقوى واشهر علماء الاسلام كله حتى ان ابا حنيفة بن النعمان يفتخر بانه من طلاب الامام الصادق (عليه السلام) ويقول على ما روي عنه: (لولا السنتان لهلك النعمان). يريد بهما عامين قضاها بالتلمذة على الامام الصادق (عليه السلام). "
المصدر : خطب الجمع ج2 ص165
(117) فروع الكافي للشيخ محمد الكليني ج7ص186(م:منشورات دار الفجر)
(118) من لايحضره الفقيه للشيخ الصدوق (م:مؤسسة الاعلمي) ج4 ص80
(119) من لايحضره الفقيه للشيخ الصدوق (م:مؤسسة الاعلمي) ج1 ص12
(120)أصول الكافي للشيخ محمد الكليني (م:دار المرتضى) ص8 وص9
(121) فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الارباب للشيخ حسين النوري الطبرسي(طبعة حجرية ص26)
(122) تهذيب الاحكام للشيخ محمد الطوسي (م: دار الكتب الإسلامية) ج10ص201
(123) وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج29 ص66
(124) مستدرك الوسائل للشيخ حسين النوري الطبرسي (م: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث )ج18 ص234
(125) كشف اللثام عن قواعد الأحكام للفاضل الهندي (م:مؤسسة النشر الإسلامي) ج10ص653
(126) كتاب الخلاف للشيخ محمد الطوسي(م:مؤسسة النشر الإسلامي) ج5 ص510
(127) مجمع الفائدة للمحقق الاردبيلي ج13ص306و وص307
(128) تقريرات الحدود والتعزيرات لآية الله محمد رضا الكلبايكاني ج2ص40 وص41
(129) تقريرات الحدود والتعزيرات لآية الله محمد رضا الكلبايكاني ج2ص42
(130) فقه الصادق (طبعة جديدة) لآية الله محمد صادق الروحاني ج25 ص542
(131) شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام للمحقق الحلي (م:مؤسسة اسماعيليان)ج4ص178
(132) السرائر لأبن ارديس الحلي (م: مؤسسة النشر الإسلامي ) ج3ص361
(133) قواعد الأحكام لشيخ الحسن بن يوسف الحلي(م: مؤسسة النشر الإسلامي) ج3ص571
(134) منهاج الصالحين لآية الله أبو القاسم الخوئي مع فتاوى الوحيد الخرساني ج3ص495
(135) أصل الشيعة وأصولها للشيخ محمد كاشف الغطاء (م:مؤسسة الامام علي) ص207
(136) بدائع البحوث فی علم الأصول للشيخ علي اكبر السيفي ج6 ص74 و75
(137) تحرير الوسيلة لآية الله الخميني( م: مطبعة الآداب -النجف) ج1 ص491
(138) الشيعة في عقائدهم واحكامهم ص290 في موضوع حكم الدفاع عن النفس نقطة 9)
(139)المراسم في الفقه الامامي من منشورات الحرمين في قم ص240
(140) قواعد الأحكام في مصالح الأنام للشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام ج1ص 23
(141) تفسير الشيخ علي بن إبراهيم القمي (م:مطبعة النجف)ج2 ص361 و ص362، تفسير فرات الكوفي(م: مؤسسة التاريخ العربي-بيروت-تحقيق:محمد الكاظم) ج2 ص479 و ص 480، التفسير الصافي للشيخ الفيض الكاشاني (م: مكتبة الصدر- طهران) ج5ص161، أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت (ع) لمجيب جواد جعفر الرفيعي ص211
(142) المبسوط للشيخ محمد الطوسي (م: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية) ج2ص15
(143) تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية للشيخ الحسن بن يوسف الحلي ( ط- القديمة-م: مؤسسه آل البيت عليهم السلام‌-مشهد) ج1 ص143 ، منتهى المطلب في تحقيق المذهب ج14 ص 409
(144) قواعد الأحكام لشيخ الحسن بن يوسف الحلي(م: مؤسسة النشر الإسلامي) ج1ص505
(145) جواهر الفقه للقاضي ابن البراج ص51
(146) الموسوعة الفقهية الميسرة و يليها الملحق الاصولي ج8 ص 28 "في الهامش"
(147) دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الإسلامية لِآية الله حسين علي المنتظري ج2 ص740
(148) دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الإسلامية لِآية الله حسين علي المنتظري ج2 ص744
(149) دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الإسلامية لِآية الله حسين علي المنتظري ج2 ص744
(150) فقه اهل بيت علیهم السلام من مؤسسة دائرة المعارف الإسلامي ج12 ص139 و ص140
(151) حقوق الانسان عند الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)‌ رؤية علمية ص70 وص71
(152) تهذيب اللغة لأبي المنصور الهروي (ط:دار احياء التراث العربي) ج10ص242 ،مختار الصحاح لمحمد بن ابي بكر الرازي (م: المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت) ص113
(153) مشارق الانوار على صحاح الاخبار ج1 ص270، الزاهر في معاني كلمات الناس (ط:الرسالة ) لأبي بكر الأنباري ج1 ص480
(154) مجمع بحار الانوار للإمام محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (م: طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية-ط3 ) ج2 ص247
(155) ، تاج العروس من جواهر القاموس (م: دار الهداية) لمرتضى الزبيدي ج8ص455
(156) الزاهر في معاني كلمات الناس (ط:الرسالة ) لأبي بكر الأنباري ج1 ص480
(157) تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم للإمام أبي عبد الله محمد الحميدي (م: مكتبة السنة – القاهرة-ط1 ) ص 55
(158) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم(م: دار الفكر المعاصر-بيروت) لـــــ"نشوان بن سعيد الحميرى اليمني" ج4 ص 2227 و ص 2228
(159) لسان العرب (م: دار صادر – بيروت-ط3) لإبن منظور ج12ص 221
(160) معجم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس القزويني (م: دار الفكر) ج2 ص346
(161) القاموس الفقهي لغة واصطلاحا (م: دار الفكر. دمشق-ط2) للدكتور سعدي أبو حبيب ص 138
(162) التعريفات الفقهية(م: دار الكتب العلمية)للإمام محمد عميم الإحسان المجددي ص39
(163) أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء (م:دار الكتب العلمية) للإمام قاسم بن عبد الله بن أمير علي القونوي الرومي الحنفي ص65
(164)النهاية في غريب الحديث لإبن الاثير (م: المكتبة العلمية – بيروت) ج2 ص 168
(165) القاموس الفقهي لغة واصطلاحا (م: دار الفكر. دمشق-ط2) للدكتور سعدي أبو حبيب ص 138
(166) أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء (م:دار الكتب العلمية) للإمام قاسم بن عبد الله بن أمير علي القونوي الرومي الحنفي ص65
(167) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية لأبي النضر إسماعيل الفارابي (م: دار العلم للملايين – بيروت) ج32ص 515 ، مجمل اللغة لابن فارس(م:مؤسسة الرسالة-بيروت) ص634، مختار الصحاح لمحمد بن ابي بكر الرازي (م: المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت) ص220
(168) الموسوعة الفقهية الكويتية (م:دارالسلاسل – الكويت-ط2) ج7 ص 105
(169) معجم اللغة العربية المعاصرة(م:دار الكتب) للدكتور أحمد مختار عبد الحميد عمر ج1 ص125
(170) مختار الصحاح لمحمد بن ابي بكر الرازي (م: المكتبة العصرية - الدار النموذجية- بيروت) ص22 ، تكملة المعاجم العربية(م:وزارة الثقافة و الاعلام-العراق) لـ"رينهارت بيتر آن دُوزِي ج1 ص191
(171) التعريفات الفقهية(م: دار الكتب العلمية)للإمام محمد عميم الإحسان المجددي ص27
(172) القاموس الفقهي لغة واصطلاحا (م: دار الفكر. دمشق-ط2) للدكتور سعدي أبو حبيب ص 27
(173) المعجم الفقهي للشيخ الطوسي (م: دائرة المعارف الفقه الإسلامي) ج1 ص406
(174) أحكام أهل الذمة للإمام ابن القيم الجوزية (م:رمادي للنشر-الدمام) ج2 ص873
(175) أحكام أهل الذمة للإمام ابن القيم الجوزية (م:رمادي للنشر-الدمام) ج2 ص874
(176) تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية للشيخ الحسن بن يوسف الحلي ( ط- القديمة-م: مؤسسه آل البيت عليهم السلام‌-مشهد) ج1 ص151
(177) شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام (م:انتشارات استقلال-طهران) للمحقق الحلي ج1ص252
(178) تحرير الوسيلة لآية الله الخميني( م: مطبعة الآداب -النجف) ج2ص501 و ص502
(179) فقه الصادق لآية الله محمد الروحاني(م:دار الكتاب-قم) ج13ص54
(180) تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي (م: المكتبة الرضوية لاحياء الآثار الجعفرية- ط:القديمة)ج1ص 443
(181) كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء للشيخ جعفر كاشف الغطاء (ط:الحديثة-م: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الإسلامي-ايران) ج4 ص353
(182) كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء للشيخ جعفر كاشف الغطاء (ط:الحديثة-م: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الإسلامي-ايران) ج4 ص355
(183) السرائر لأبن ارديس الحلي (م: مؤسسة النشر الإسلامي ) ج2 ص7
(184) الوسيلة إلى نيل الفضيلة لأبن حمزة الحلي ص200
(185) المبسوط للشيخ محمد الطوسي (م: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية) ج2ص43
(186) الينابيع الفقهية لعلي اصغر مرواريد ج9 ص213
(187) الجزية و احكامها في الفقه الإسلامي لعلي اكبر الكلانتري ص172
(188) تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي (م: المكتبة الرضوية لاحياء الآثار الجعفرية- ط:القديمة)ج1ص 443
(189) الينابيع الفقهية لعلي اصغر مرواريد ج5 ص 316
(190) المبسوط للشيخ محمد الطوسي (م: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية) ج2 ص42 و ص43
(191) المبسوط للشيخ محمد الطوسي (م: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية) ج2 ص58
(192) ميزان الحكمة لمحمد الري شهري (م: دار الحديث-قم) ج1 ص 393 ، مستدرك الوسائل للشيخ حسين النوري الطبرسي (م: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث )ج18 ص197 ، دعائم الإسلام‌ (م:مؤسسه آل البيت عليهم السلام‌-قم) لنعمان بن محمد المغربي ج1 ص 398
(193) فقه اهل بيت عليهم السلام من مؤسسة دائرة المعارف الإسلامي ج11 ص 141
(194) الموسوعة الفقهية الميسرة و يليها الملحق الاصولي ج8 ص 28
(195) دائرة المعارف الاسلامية ج10 ص401
(196) سنن أبي داود (م: المكتبة العصرية- صيدا - بيروت) ج4ص 272 ، مسند أبي يعلى (م: دار المأمون للتراث – دمشق-ط1) ج13 ص 382 ، المعجم الكبير للإمام سليمان الطبراني (م: مكتبة ابن تيمية – القاهرة) ج19 ص 379 ، السنن الكبرى للامام ابي بكر البيهقي (م: دار الكتب العلمية-بيروت) ج8ص 578
(197) مسند الإمام أحمد بن حنبل (م:مؤسسة الرسالة-تعليق الشيخ شُعيب) ج39ص 237 ، سنن أبي داود (م: المكتبة العصرية- صيدا - بيروت) ج4ص 272 ،، المعجم الكبير للإمام سليمان الطبراني (م: مكتبة ابن تيمية – القاهرة) ج8 ص 108 ، المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري (م: دار الكتب العلمية – بيروت-تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا) ج4 ص 419، السنن الكبرى للامام ابي بكر البيهقي (م: دار الكتب العلمية-بيروت) ج8ص 578
(198) موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ لمحمد الري شهري ج7 ص 480 ، مکاتيب الأئمة عليهم السلام لعلي الاحمدي الميانجي (م:مؤسسة الاعلمي) ج1 ص 396 ، حياة امير المؤمنين عليه السلام عن لسانه (م: جامع المدرسين-قم) لمحمد ﻣﺤﻤﺪﻳﺎﻥ ج4 ص 222 ، تاريخ اليعقوبي لإحمد بن إسحاق اليعقوبي (م:دار صادر-بيروت) ج2 ص204
(199) نهج البلاغة (دار المرتضی-بيروت-شرح علي محمد علي دخيل) ج3ص12، أخلاقيات الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام (م:دار العلوم-بيروت) لآية الله هادي المدرسي ج2 ص184 ، مسندالإمام علي (عليه السلام) لحسن القبانجي ج2ص106، الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (م:المركز الإسلامي للدراسات) لجعفر مرتضى العاملي ج21 ص 219 ، وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي(م: مؤسّسة آل البيتِ عليهم السلام لإحياء التُّراثِ) ج27 ص 159
(200) موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للشيخ باقر شريف القرشي (م: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية) ج10 ص 98 ، موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ لمحمد الري شهري ج7 ص 496 ، مکاتيب الأئمة عليهم السلام لعلي الاحمدي الميانجي (م:مؤسسة الاعلمي) ج2 ص 49
(201) الفقه الاسلامي( الرسالة العملية) لآية الله محمد تقي المدرسي ج2ص106
(202) دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الإسلامية لِآية الله حسين علي المنتظري ج2 ص546
(203) الموسوعة الفقهية من إصدارات دائرة المعارف الفقه الإسلامي ج18ص 173
(204) أجوبة الاستفتاءات لآية الله علي الخامنئي (م: الدار الإسلامية- لبنان) ج2 ص107
(205) الوافي للشيخ الفيض الكاشاني مجلد15 ص27
(206) نفحات القرآن‌ لآية الله ناصر مكارم الشيرازي (م: مدرسه الامام على بن ابى طالب( ع)-قم) ج10 ص335
(207) فتح الباري للإمام ابن حجر العسقلاني (م: دار المعرفة – بيروت) ج5 ص352
(208) شرح صحيح البخارى لابن بطال (م: مكتبة الرشد – السعودية-ط2)ج5ص 183
(209) معرفت اخلاقی (الكتاب فارسي : المعرفة الأخلاقية من اصدار مؤسسة الامام الخميني) ج8 ص8
(210) نظام الحكم في الإسلام للشيخ حسين علي المنتظري ص363

ابو عبد الله العراقي السلفي المعروف بالطالب kh






التوقيع :
( إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي) رواه مسلم

قناتي على اليوتيوب "ابن الدليم" والاحتياطية " زين العابدين"

تنويه :

* لا يوجد حساب لي على تويتر و لا الفيس بوك بأسمي

*يمكن لأي شخص اقتباس ما انشره من مواضيع دون الرجوع اليَّ سواء من الوثائق او من البحوث النصية
*حسابي في منتدى السرداب بإسم "منهاج الحق"
لا تنسونا من صالح دعائكم فلربما نكون تحت التراب ان طال الغياب
من مواضيعي في المنتدى
»» الخميني يجعل قول زرارة و محمد بن مسلم و غيره من الرواة حجة لا يمكن رده
»» المرجع صادق الحسيني الشيرازي :لا إشكال على من يفقد حياته لإقامة الشعائر الحسينية
»» يوسف البحراني يحكم بكفر المخالفين و ان الكلب و اليهودي افضل منهم وعبادتهم باطلة
»» المرجع شهاب الدين المرعشي لولده محمد : اوصيك بحفظ بالطلاسم
»» محمد هادي الشيرازي:لاخلاف بين علمائنا في كفر المخالفين أي بخلودهم في النار
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "