العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-05-15, 04:22 AM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


طعام القلب وشرابه

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طعام القلب وشرابه
قال تعالى(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ)الأنعام،
(وَهُوَ يُطْعِمُ) يتناول إطعامَ الأجساد ما تأكل وتشرب، وإطعامَ القلوب والأرواح ما تغتذي به وتتقوَّتُ به من العلم والإيمان والمعرفة والذكر،
فإنه هو الذي يُقِيتُ القلوبَ بهذه الأغذية، وهو في نفسه عالمٌ لم يُعلِّمْه أحد،متصف بجميع صفات الكمال، قيوم لا يزول،
وعند العلماء أن مرادَه ما يُطعِمه ويَسقِيه في باطنه، من غير أن يكون أكلاً وشربًا في الفم،
وقد وَصفَ النبي،صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم،بالطّعم والذّوق والوجد والحلاوة ما في القلوب من الإيمان،
فقال في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن العباس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،قال(ذاقَ طعمَ الإيمان مَن رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبياً) فهذا ذائق طَعْمَ الإيمان، وهو ذوق بباطن قلبه، يَظهر أثرُه إلى سائر بدنِه، ليس هو ذوقًا لشيء يَدخلُ من الفم،
وفي الصحيحين عنه،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،أنّه قال(ثلاث من كُنَّ فيه وَجَدَ حلاوةَ الإيمان، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، ومن كان يُحبُّ المرءَ لا يُحبُّه إلاّ لله، ومن كان يكره أن يَرجع في الكفر بعدَ إذ أنقذَه الله منه، كما يكره أن يُلقَى في النار)
فبيَّن أنّ الإنسان يجد بقلبه حلاوة الإيمان ويذوق طَعْمَ الإيمان، والله سبحانه هو الذي يُذِيقه طَعْمَ الإيمان، وهو الذي يجعلُه واجداً لهذه الحلاوة،
فالمؤمنون يذوقون ويجدون هذا الطّعم،وفي ذلك من اللّذّة والسّرور والبهجة ما هو أعظم من لذّة أكل البدن وشربه،فهو الذي يجعل في قلوب العباد من أنواع الأغذية والأقوات والمسارّ والفرح والبهجة مالا يجعله غيره، وهو إذا فرح بتوبة التائب فهو الذي جَعَله تائبًا حتّى فَرِحَ بتوبته،
والتعبيرِ بلفظ القوت والطّعام والشّراب،عمّا يقيت القلوب ويغذيها،
وكثيراً ما توصف القلوبُ بالعطش والجوع، وتُوصف بالرَّيّ والشبع،
وفي الصّحيحين عن أبي موسى عن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيثٍ أصابَ أرضاً،فكانت منها طائفة قبلت الماء فانبتت الكلأَ والعشب الكثير،وكانت منها طائفة أمسكتِ الماء، فشربَ الناس وسقوا وزرعوا،وكانت منها طائفة إنّما هي قِيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً،فذلك مثلُ مَنْ فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به من الهدى والعلم،ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسِلت به)
فقد بيَّن أن مثل ما بعثه الله به من الهدى والعلم مثل الغيث الذي تشربه الأرض،فتخرج فنون الثمرات، وتمسكه أرض لتنتفع به الناس، وأرضٌ ثالثة لا تنتفع بشربه ولا تمسكه لغيرها،فتبيّن أنّ القلوب تشرب ما يُنزله الله من الإيمان والقرآن،وذلك شراب لها، كما أن المطر شراب للأرض،والأرض تعطش وتروى،كذلك القلب يعطش إلى ما ينزله الله ويروى به،وهو سبحانه الذي يطعمه هذا الشراب،وهو الذي يُعلِّم،
قال الحسن البصري،ليس الإيمان بالتّمنّي ولا بالتّحلّي، ولكن ما وقَر في القلب وصدَّقه العمل،
وفي الصّحيحين البخاري،ومسلم،عن أبي موسى عن النبي،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنّه قال(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأتْرُجَّةِ طَعْمها طيّبٌ وريحُها طيّب،ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريحَ لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مرٌّ،ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مرّ ولا ريح لها)
قال بعض السلف،مَنْ عرف الله أحبَّه،
وقيل للشعبي،أيّها العالم،فقال،إنّما العالم مَنْ يخشى الله،
ولهذا قال تعالى(هُدًى للمتّقينَ)،وقال(ليُنذِرَ مَن كاَنَ حَيًا)وقال(سَيَذكرُ مَنْ يخشَى)
وفي الصّحيحين أنّه قال(مَنْ يُرِدِ اللهُ به خيرًا يفقِّهه في الدّين)
وهو سبحانه الذي يُطعِم عباده المؤمنين،ويسقيهم شراب معرفته ومحبّته والإيمان به،
وقد ضرب الله مثل الإيمان الّذي هو كلمة طيِّبة بشجرة طيبة، ومثل الشِّرْك الذي هو كلمة خبيثة بشجرة خبيثة،
فهذا أصله كلمة طيّبة في قلبه وهي كلمة التّوحيد، وهذا أصله كلمة خبيثة في قلبه وهي كلمة الشِّرك،
فهذا يتغذّى بهذه الكلمة الطّيّبة، وهذا يتغذّى بهذه الكلمة الخبيثة،
وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال(يا أيّها الّذين آمنوا كُلُوا من طيّبات ما رزقناكم).
فالتّوحيد والإيمان كلمة طيّبة، مثلها مثل الشّجرة الطّيّبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء،
والشرك والكفر كلمة خبيثة،اجتُثَّتْ من فوق الأرض مالها من قرار، ليس لها أصلٌ راسخ ولا فرع باسق،
ولهذا كان أهل الشرك والضلال لهم أذواق وأعمال بحسب ذلك، لكنها باطلة لا تنفع،
إذ هم في جهل يعملون بهواهم بلا اعتقادٍ،يحسبون أنهم على هدى وهم على ضلال،
والمؤمنون يعملون بعلم وهدًى من الله. ولهذا قال تعالى(نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
ثم قال(في بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ )
ثم ضرب للكفّار مثل فقال(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا)فهذا الجهل،وهو الاعتقادات الفاسدة،
المقصود هنا أنّ الربّ تعالى هو الذي يُقيت عباده، ويغذّيهم لأرواحهم وأجسادهم، وهو مستغنٍ عن عبادِه من كل وجهٍ ، فهو بنفسه عالم قادر، وكلُّ ما يعلمه العباد فهو من تعليمه وهدايته، وما يقدرون عليه فهو من إقدارِه،
وهو سبحانه وتعالى،كما قال(وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)وهو الذي خلق فسوى،وقدر فهدى،






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:57 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "