إياك نعبد و إياك نستعين
(نخصك بالعبادة و الدعاء و الاستعانة وحدك)
1. ذكر علماء العربية أن الله تعالة قدم المفعول به
"إياك" على الفعل "نعبد و نستعين" ليخص العبادة
و الاستعانة به وحده، و يحصرها فيه دون سواه.
2. إن هذه الآية التي يكررها المسلم عشرات المرات
في الصلاة و خارجها ، هي خلاصة سورة الفاتحة،
و هي خلاصة القرآن كله.
3. إن العبادة في هذه الآية تعم العبادات كلها
مثل الصلاة و النذر و الذبح و لا سيما الدعاء
لقوله صلى الله عليه و سلم: "الدعاء هو العبادة".
(رواه الترمذي و قال حسن صحيح).
فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لرسول و لا لولي
فكذك الدعاء عبادة ، بل هو لله وحده
"قل إنما أدعو ربي و لا أشرك به أحدا" (سورة الجن)
4. و قال صلى الله عليه و سلم :
"دعوة ذي النون إذ دعا بها و هو في بطن الحوت :
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنا من الظالمين"
(صححه الحاكم ووافقه الذهبي)
لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
*****
استعن بالله وحده
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إذا سألت فاسال الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله"
(رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
1. يقول الإمام النووي و الهيتمي في تفسير هذا
الحديث ما خلاصته : إذا طلبت الإعانة على أمر من
أمور الدنيا و الآخرة فاستعن بالله ،
لا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها غير الله ،
كشفاء المرض و طلب الرزق و الهداية،
فهي مما اختص الله بها وحده ، قال تعالى:
" و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو"
(سورة الأنعام)
2. من أراد حجة فالقرآن يكفيه ،
و من أراد مغيثا فالله يكفيه ، و من أراد واعظا
فالموت يكفيه ، و من لم يكفه شيء من ذلك فإن النار
تكفيه، قال تعالى :" أليس الله بكاف عبده"
(سورة الزمر)
3. يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في الفتح الرباني:
"سلوا الله و لا تسألوا غيره، استعينوا بالله
و لا تستعينوا بغيره ، ويحك بأيّ وجه تلقاه غدا ،
و أنت تُنازعه في الدنيا ، مُعرض عنه ،
مُقبل على خلقه، مُشرك به ، تُنزل حوائجك بهم.
و تتكل بالمهمات عليهم. ارفعوا الوسائط بينكم
و بين الله ، فإن وقوفكم معها هَوَس،
لا مُلك و لا سُلطان و لا غِنى و لا عزّ إلا للحق
عز و جل . كن مع الحق بلا خَلْق "
(أي كن مع الله بدعائه بلا واسطة من خلقه).
4. الاستعانة المشروعة : أ تستعين بالله على حل مشاكلك
و الاستعانة الشركية : أن تستعين بغير الله كالأنبياء
و الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين ،
فهم لا يملكون نفعا و لا ضرا و لا يسمعون الدعاء
و لو سمعوا ما استجابوا لنا كما حكى القرآن عنهم ذلك.
أما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون
عليه من بناء مسجد أو أخذ مساعدة مالية و غير ذلك ،
فهي جائزة لقول الله تعالى :
"و تعاونوا على البر و التقوى" (سورة المائدة)
و قوله صلى الله عليه و سلم :
"و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"
(رواه مسلم)
و من أمثلة الاستعانة الجائزة من الأحياء قول
الله تعالى : "فاستغاثه الذي من شيعته على الذي
من عدوّه" (سورة القصص)
و قول الله تعالى في طلب ذي القرنين:
"فاعينوني بقوة" (سورة الكهف)
*****
منقول من كتاب الفرقة الناجيه
للشيخ محمد بن جميل زينو