بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع للاخ صلاح الدين2
أظن أن ابن القيم و ابن تيمية وغيرهم من أهل العلم و الفضل أعلمبحقيقة التصوف. فلم نرى و نسمع أن هناك من قال أن المراد بالصوفية (هم الزهاد و النساك و العباد) و التي (أي هذه الصفات) هي في الحقيقة ركيزة وسمة اساسية من سمات اهل التصوف المقترنة بالعلم و لذلك قال ابن القيم رحمهُ الله في مدارج السالكين ص368/2 عند شرحه لكلام سيد الطائفة الصوفية الجنيد رحمه الله عندما قال ( إذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه على الصوفية و منعه القراء) قال ابن القيم:
[وأما قوله يعني الجنيد إذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه على الصوفية ومنعه صحبة القراء فالقراء في لسانهم هم أهل التنسك والتعبد سواء كانوا يقرءون القرآن أم لا فلقارىء عندهم هو الكثير التعبد والتنسك الذي قد قصر همته على ظاهر العبادة دون أرواح المعارف ودون حقائق الإيمان وروح المحبة وأعمال القلوب فهمتهم كلها إلى العبادة ولا خبر عندهم مما عند أهل التصوف وأرباب القلوب وأهل المعارف ولهذا قال من قال طريقنا تفت لا تقسر فسير هؤلاء بالقلوب والأرواح وسير أولئك بمجرد القوالب والأشباح ]
و من أجل ذلك أيضا ألف الإمام الكلاباذي كتابه المشهور التعرف لمذهب التصوف والذي كثيرا ما يشير اليه شيخ الإسلام إبن تيمية في درء التعارض ص 347/1 واه و الذي ذكر فيه أصول ومقامات واحوال اهل التصوف والأسس التي يُبنى عليها هذا العلم فقال :- [ فالذي ذكره البغوي عن أهل السنة إثبات صفة الخلق لله تعالى وأنه لم يزل خالقا وكذلك ذكر أبو بكر الكلاباذي في كتاب التعرف لمذهب التصوف أنه مذهب الصوفية وكذلك ذكره الطحاوي وسائر أصحاب أبي حنيفة وهو قول جمهور أصحاب أحمد كأبي إسحاق بن شاقلا وأبي عبدالله بن حامد والقاضي أبي يعلى وغيرهم وكذلك ذكره غير واحد من المالكية وذكر أنه قول أهل السنة والجماعة ] .
قال شيخ الأسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ً17/11 والذي يقول فيهِ:-
[طائفة ذمت الصوفية والتصوف وقالوا أنهم مبتدعون خارجون عن السنة ونقل عن طائفة من الأئمة فى ذلك من الكلام ما هو معروف وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام وطائفة غلت فيهم وادعوا انهم افضل الخلق واكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفى هذه الأمور ذميم والصواب أنهم مجتهدون فى طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذى هو من أهل اليمين وفى كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطىء وفيهم من يذنب فيتوب او لا يتوب ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه وقد انتسب اليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلا فان أكثر مشائخ الطريق انكروه واخرجوه عن الطريق مثل الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية وذكره الحافظ أبوبكرالخطيب فى تاريخ بغداد فهذا أصل التصوف ثم انه بعد ذلك تشعب وتنوع وصارت الصوفية ثلاثة أصناف صوفية الحقائق وصوفية الأرزاق وصوفية الرسم فأما صوفية الحقائق فهم الذين وصفناهم وأما صوفية الأرزاق فهم الذين وقفت عليهم الوقوف كالخوانك فلا يشترط فى هؤلاء أن يكونوا من أهل الحقائق فان هذا عزيز وأكثر أهل الحقائق لا يتصفون بلزوم الخوانك ولكن يشترط فيم ثلاثة شروط أحدها العدالة الشرعية بحيث يؤدون الفرائض ويجتنبون المحارم و الثانى التأدب بآداب أهل الطريق وهى الآداب الشرعية فى غالب الأوقات وأما الآداب البدعية الوضعية فلا يلتفت إليها و الثالث ان لا يكون احدهم متمسكا بفضول الدنيا فاما من كان جماعا للمال أو كان غير متخلق بالأخلاق المحمودة ولا يتأدب بالآداب الشرعية أو كان فاسقا فانه لا يستحق ذلك وأما صوفية الرسم فهم المقتصرون على النسبة فهمهم فى اللباس والآداب الوضعية ونحو ذلك فهؤلاء فى الصوفية بمنزلة الذى يقتصر على زى أهل العلم وأهل الجهاد ونوع ما من أقوالهم وأعمالهم بحيث يظن الجاهل حقيقة امره أنه منهم وليس منهم ]