السؤال (9) / يقول الأخ باساييف كيف يمكن برأيك ان يتخلص الانسان صاحب المذهب الشيعي من تراكم الافكار التي تشبع فيها طوال عمره و ان يصبح على المذهب الحق بإذن الله؟
الجواب /
أولا نشكرك على هذا السؤال الدقيق والمهم ، أما كيفية تخلص الإنسان من تراكم الأفكار التي تشبع بها طوال عمره فهذا يحتاج إلى عدة امور :
- فضل الله ورعايته قبل كل شيء فالهداية منة من الله يتفضل بها على من يشاء .
- ثانيا : إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وقد تسأل كيف يغير الإنسان الشيعي ما في نفسه إذا ظن أو أحس مجرد احساس بأنه يسلك طريقا خاطئا ؟
الأمر الأول في ذلك هو أن يراجع مراجعة دقيقة إلى الآيات القرآنية الدالة على توحيد الله تبارك وتعالى في أعمال القلوب خصوصا وأقول هنا أعمال القلوب خصوصا لأنني أتكلم عن نفسي أولا حينما كنت على هذا المنهج الذي انقذني الله منه كنت اقف عند الأضرحة وكما يسمونها المقامات المقدسة بخشوع قلبي لا يماثله وقوفي في الصلاة بين يدي الله تبارك وتعالى ، كذلك كان احساسي ومشاعري القلبية فيها حيز لا استطيع تحجيمه لمكانة أهل البيت في قلبي ، ولا يعني كلامي هذا أن مكانة أهل البيت في نفس المسلم تقل أو تنقص وإنما تكون محبتهم محبة منضبطة على ضوابط الشرع الحنيف ، وتكون محبة تابعة لحب الله تبارك وتعالى ، أمااذا كانت على ما هو عليه الشيعة فإنها تدخل في قول الله تبارك وتعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) .
الأمر الآخر ... يجب أن يعلم كل انسان لماذا خلق ؟
إن القناعة عند أكثر الشيعة تكاد تكون هي أنهم إنما خلقوا لأجل حب أهل البيت ودليل ذلك قول أكثر علماء الشيعة إن السموات والأرض والجنة والنار إنما خلقت لأجل أهل البيت فهذا الأمر احدث قناعة واعتقادا راسخا في قلوب عامة الشيعة أنهم إنما خلقوا لأجل حب أهل البيت ، فإذا أراد السني أن يؤثر على شيعي في عرضه للحق وبيانه له ، أو إذا أراد الشيعي أن يعرف الحق يجب أن يعلم لماذا خلق ، وهذا سؤال بسيط لكنه مهم وعظيم ، ولأجل تحقيقة أرسلت الرسل وبعثت الأنبياء ، والجواب على هذا السؤال هو :
أننا نحن والجن خلقنا للعبادة ودليل ذلك ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) !
فإذا اقتنع الشيعي ووضحت له هذه المفاهيم من خلال هذه الآية وما ماثلها تكون أعظم نقطة انطلاقة لكي يبصر الحق وينجلي أمامه كل شيء لكي يحدث تغيير جذري كامل في منهجه واعتقاده .
الأمر الآخر هو :
أننا نعتقد جميعا أن ما سوى الله تبارك وتعالى هو مخلوق له فهو من عبيده ، فإما يكون مسخرا للعبادة مثل الملائكة وإما أن يكون مكلفا بها مع وجود ملكة في داخل نفسه قد تحيد به عن طريق الصواب ولذلك عدة الجنة والنار للجن والإنس وهما المخلوقان المكلفان بالعبادة .
فهل أهل البيت من الصنف المكلف أم لا ؟
ولا شك ولا ريب حتى وإن كانوا من المخلوقات التي سخرت للعبادة فإنهم عباد لله كالملائكة والانبياء وغيرهم ولمثل هذا دل قوله تعالى :
( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ) فإذا كان أهل البيت من المكلفين بالعبادة كباقي البشر فإن حبهم له ضوابط أولا أن يكون حبا تابعا لحب الله مؤديا له .
كحب الملائكة والانبياء وسائر الصالحين وهذا من أصول التوحيد الحب في الله والبغض في الله أي بمعنى آخر الولاء والبراء .
والخلاف هنا بيننا وبين الشيعة ليس في الأصل الذي هو حب أهل البيت وإنما الخلاف في طريقة التعبير عن هذا الحب ، فإذا كان الحب في الله من العبادات العظيمة التي يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( وجبت محبتي للمتحابين فيّ ) .
والعبادات كلها لا يتسنى لنا أن نعملها على حسب ما نراه أو ما تمليه علينا نفوسنا وانما نطبقها حسب ما أمر الله به فالمسألة العظيمة التي اختلف فيها كثير من فرق المسلمين هو ليست في اصل اننا خلقنا لعبادة الله وانما الاختلاف في كيف نعبد الله ؟
ولذلك الاختلاف بيننا وبين الشيعة هو كيف نحب أهل البيت فكلنا نحب أهل البيت ، فيجب أن نقنع الشيعي أو أن يقتنع هو بنفسه أن حب أهل البيت أصل ثابت وعبادة عظيمة لله تبارك وتعالى ولكن لأنها عبادة لله فليس من حق العباد ان يطبقوها كيفما شاؤوا وانما يجب ان يطبقوها كيفما اراد الله وأمر .
وهذا الجانب يورث قناعة عند الشيعي بأن التوحيد وإفراد الله بأنواع العبادة كالدعاء والتوكل ونفي الوساطة بينه وبين الله لا يتعارض مع حب أهل البيت .
وقضية حب أهل البيت هي النقطة الأساسية عند الشيعي ، فإذا عرض عليه الحق مستندا إلى كتاب الله تبارك وتعالى ولا ينافي حب أهل البيت ، فإن كان باحثا عن الحق فإنه يستجيب له لا محالة ، وإن كان متعصب على عمى فهذا ينطبق عليه قول الله تبارك وتعالى :
( وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا ) !!!
وأمر آخر ... لو قال انسان : إن العمر الطويل على منهج الشيعي صعب أن يتغير في انسان بعد ان غرس في قلبه هذه العقيدة !
نقول له : ارجع الى السيرة والتاريخ لترى كيف أن اقواما يعبدون الاصنام منذ قرون عديدة كان الواحد منهم يسمع بعض الايات فيعلن اسلامه ويترك كل ما يعبد من دون الله ، والامثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى .
فإذا كان هذا حال قوم لم ينزل عليهم كتاب ولم يعرفوا أن محمدا رسول الله فكيف بانسان يعلم ان القرآن كتاب الله بين يديه وأن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله ، فاذا جئته بموضوع ما تستند فيه على دليل من كتاب الله وحديث نبيه صلى الله عليه وسلم فان الأولى به ان يكون أكثر استجابة وخصوصا اذا تيقن من صحة الاستدلال على الموضوع الذي عرض عليه .