النقول عن العلماء
قال ابن كثير في تفسيره الآية 54\الأعراف
وأما قوله تعالى { ثم استوى على العرش }
فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا ليس هذا موضع بسطها
وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح
مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي
وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا
وهو إمرارها كما جاءت
من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل
والظاهر المتبادر
إلى أذهان المشبهين
منفي عن الله لا يشبهه شيء من خلقه
و { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
بل الأمر كما قال الأئمة منهم
نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال
من شبه الله بخلقه كفر
ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر
وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه
فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الايات الصريحة
والأخبار الصحيحة
على الوجه الذي يليق بجلال الله
ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى
رروى أبو داود في المسائل (ص263)
بسندصحيح
عن عبدالله بن نافع عن الامام مالك أنه قال
( الله في السماء وعلمه في كل مكان)
حدد ابن حجر رحمه الله معنى
( بلا كيف )
التي قالها السلف حين قال بأن السلف
لم يخوضوا في صفات الله
لعلمهم بأنه بحث عن
كيفية ما لا تعلم كيفيته بالعقل
لكون العقول لها حد تقف عنده
فتح الباري 13/350
- و ليس ما لا يعلم معناه ! -
و كل من نفى معرفة
"الكيف"
فهو تلقائياً يثبت معرفة
" المعنى"
و إلا لو كان يعتقد
بأن المعنى مجهول
فلا حاجة عندئذ لنفي كيفية المجهول
و في تفسير البغوي 1\235:
"{ ثم استوى على العرش }
"... أولت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء
وأما أهل السنة فيقولون :
" الاستواء على العرش صفة لله تعالى
بلا كيف
يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلى الله عز وجل وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله : { الرحمن على العرش استوى } [ طه - 5 ] كيف استوى ؟
فأطرق رأسه مليا وعلاه الرحضاء ثم قال :
الاستواء غير مجهول (= معلوم المعنى)
والكيف غير معقول(= مجهول الكيف)
والإيمان به واجب
والسؤال عنه بدعة
وما أظنك إلا ضالا ثم أمر به فأخرج
- "فالكيف" و ليس " المعنى "غير معقول! -
وروي عن سفيان الثوري و الأوزاعي و الليث بن سعد و سفيان بن عيينة و عبد الله بن المبارك وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات المتشابهة :
أمروها كما جاءت
بلا كيف
-و ليس بلا معنى-
و أثبت ابن جرير الطبري صفة المجيء
حيث قال في تفسيره وقوله:
(وجاء ربكوالملك صفا صفا)
يقول تعالى ذكره:
وإذا جاء ربك يا محمد
وأملاكه صفوفا صفا بعدصف
وقد قال القرطبي
( وهو من أهل التأويل )
في تفسيره
( والذي عليه جمهورأئمة أهل السنة أنهم يقولون:
يجيء وينزل ويأتي.
ولا يكيفون
لأنه "ليس كمثله شيء وهوالسميع البصير" )
- لا "يكيفون "
و ليس
" لا يفهمون شيئا "
كما تقول المعطلة المفوضة!-
وقوله
ولا يكيفون يدل على أنهم يثبتون المعنى
ولكن أشاعرةاليوم يعتبرون هذا القول من أقوال أهل التجسيم والتشبيه
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (7 / 152)
أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها
وحملها على الحقيقة لا على المجاز
إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك
ولا يحدون فيه صفة محصورة
وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج
فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة
ويزعمون أن من أقر بها مشبه
وهم عند من أثبتها نافون للمعبودوالحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمدلله
الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد 1/365
قال : حدّثني الحسن بن أبي طالب قال: نبّأنا أبو الحسن
منصور بن محمد بن منصور القزاز قال:
سمعت أبا الطيب أحمد بن عثمان السمسار والد أبي حفص بن شاهين يقول:
حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي
صلى الله عليه وسلم:
(( إنَّ الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا ... ))،
فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علوّ؟!،
فقال أبو جعفر الترمذي:
النزول معقول،
والكيف مجهول
والإيمان به واجب،
والسؤال عنه بدعة.
وأورده الذهبي في العلوّ ، قال الألباني -رحمه الله-:
(( وهذا إسنادرجاله كلهم ثقات ... ))
- مختصر العلوّ ص:232
وعلّق الذهبيُّ على هذا الأثر
بقوله
(صدق فقيهُ بغداد وعالمُها في زمانه؛ إذ السؤال عن النزول ما هو؟ عيٌّ؛
لأنَّه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة،
وإلاّفالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والاستواء
عباراتٌ جليّةٌ واضحةٌ للسامع
فإذا اتّصف بها من ليس كمثله شيء،
فالصفة تابعةٌ للموصوف،
وكيفية ذلك مجهولة عندالبشر،
وكان هذا الترمذي من بحور العلم ومن العباد الورعين.
مات سنة خمس وتسعين ومائتين)
- مختصر العلوّ ص:231
أبو علي الحسين بن الفضل البجلي :
سئل عن الاستواء وقيل له :
كيف استوى على عرشه؟
فقال:
(أنا لا أعرف من أنباء الغيب إلاَّ مقدار ماكُشف لنا،
وقد أعلمنا جلّ ذكره انَّه استوى على عرشه
ولم يخبرنا كيف استوى
رواه الصابوني في عقيدة السلف ص:40
قال الإمام الترمذي صاحبالسنن بعد روايته حديث:
"إِنَّ اللهَ يَقبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُهابِيَمِينِه"
- الترمذي (662)- وتصحيحه له:
(وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذاالحديث
وما يشبه هذا من الروايات من الصفات،
ونزول الرب تبارك وتعالى، كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا:
قد تثبت الروايات في هذا، ويؤمن بها ولا يُتوهم،
ولا يقال: كيف
هكذا روي عن
مالك
وسفيان بن عيينة
وعبد الله بن المبارك
أنهم قالوا في هذه الأحاديث:
أمروها بلا كيف
-و ليس أمروها بلا معنى-
وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة،
وأماالجهمية فأنكرت هذه الروايات
وقالوا: (هذا تشبيه).
وقد ذكر الله عز وجل، في غيرموضع من كتابه اليد، والسمع، والبصر،
فتأولت الجهمية هذه الآيات،
ففسروها على غيرما فسر أهل العلم،
وقالوا:
(إن الله لم يخلق آدم بيده).
وقالوا:
(إن معنى اليد هاهنا القوة)
. وقال إسحاق بن إبراهيم:
(إنما يكون التشبيه إذا قال:
يد كيد، أو مثل يد،
أو سمع كسمع، أو مثل سمع.
فإذا قال: سمع كسمع، أو مثل سمع.
فهذا التشبيه
وأما إذا قال، كما قال الله تعالى:
يد، وسمع، وبصر.
ولا يقول: كيف.
ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع.
فهذا لا يكون تشبيهًا
وهو كما قال الله تعالى، في كتابه:
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)
[الشورى: 11] السنن (3/50، 51).
ونقل الإمام البخاري في (خلق أفعال العباد)
عن يزيد بن هارون قوله:
من زعم أن الرحمن على العرش استوى
على خلاف مايقر في قلوب العامة فهو جهمي
ونقل أيضًا قول الفضيل بن عياض:
إذا قال لك جهمي:
أنا كافر برب يزول عن مكانه.
فقل: أنا أؤمن برب يفعل مايشاء
ونقل أيضًا قول سليمان التيمي:
(لو سئلت: أين الله؟
لقلتُ: في السماء،فإن قال: فأين كان عرشه قبل السماء؟
لقلت: على الماء، فإن قال:
فأين كان عرشه قبل الماء؟
لقلتُ لا أعلم
قال الإمام البخاري:
(وذلك لقوله تعالى: (وَلاَيُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ).
يعني إلا بما بين.
قال الإمام أبو حنيفة:
وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن
فما ذكرهالله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس
فهو له صفات بلا كيف
ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال…
[الفقهالأكبر ص302]
-بلا كيف و ليس بلا معنى-
قال الذهبي في السير في ترجمة أبو بكر الإسماعيلي
الإمام الحافظ الحجةالفقيه رحمهالله
(ولد سنة 277 هــ) :
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بنالفراء ، أخبرنا الشيخ موفق الدين عبد الله ، أخبرنا مسعود بن عبد الواحد ، أخبرناصاعد بن سيار ، أخبرنا علي ابن محمد الجرجاني ، أخبرنا حمزة بن يوسف ، أخبرنا أبوبكر الإسماعيلي ، قال :
اعلموا - رحمكم الله - أن مذاهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وقبول ما نطق به كتاب الله ، وما صحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا معدل عن ذلك .
ويعتقدون بأن الله مدعو بأسمائه الحسنى،
وموصوف بصفاته التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها نبيه ،
خلق آدم بيديه ،ويداه مبسوطتان
بلا اعتقاد
كيف
واستوى على العرش
بلا كيف
وذكرسائر الاعتقاد . اهــ
و قال في ترجمة أبي ذَرّ الهَرَوِيّ رحمه الله (ولد سنة 356 هــ) :
هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان ، وبالحضرة رءوس المعتزلةوالرافضة والقدرية وألوان البدع ،
ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية ، وكان يرد على الكرامية، وينصر الحنابلة عليهم ، وبينه وبين أهل الحديث عامر ،
وإن كانوا قديختلفون في مسائل دقيقة ، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام ، وقد ألف كتابا سماه:
"الإبانة" ، يقول فيه : فإن قيل :
فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟
قال : قوله : وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ وقوله :
مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
فأثبت - تعالى - لنفسه وجها ويدا ...
إلى أن قال:
فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان ؟
قيل : معاذ الله !
بل هو مستوٍ على عرشه
كما أخبر في كتابه اهــ
و قال في ترجمة الخطيب البغدادي رحمه الله (ولد سنة 392 هــ) :
أخبرنا أبو علي بنالخلال ، أخبرنا أبو الفضل الهمداني ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ،
أخبرنا محمد بن مرزوق الزعفراني ، حدثنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال :
أما الكلام في الصفات ، فإنما روي منها في السنن الصحاح ،
مذهب السلف إثباتها
وإجراؤها على ظواهرها ،
ونفي الكيفية
والتشبيه عنها ،
وقد نفاها قوم ، فأبطلوا ما أثبته الله ، وحققها قوم منالمثبتين ، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف ،
والقصد إنما هو سلوكالطريقة المتوسطة بين الأمرين ، ودين الله ءتعالىء بين الغالي فيه والمقصر عنه
. والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ، ويُحتذى في ذلك حذوهومثاله ،
فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما
هو إثبات وجود لا إثبات كيفية،
فكذلك إثبات صفاته
إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف .
فإذا قلنا :
لله يد وسمع وبصر ، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ،
ولا نقول : إن معنى اليد القدرة ،
ولا إن معنى السمع والبصر العلم ،
ولا نقول : إنها جوارح .
ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل،
ونقول : إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ،
ووجب نفي التشبيه عنها لقوله : لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ . اهــ
في سنن ابن ماجة في مقدمته عنونبابابعنوان :
باب فيما أنكرت الجهمية
و وضع فيه هذه الأحاديث :
عنأبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق :
رحمتي سبقت غضبي "
سعيد بنالمسيب ، أن أبا هريرة ، كان يقول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يقبضالله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماءبيمينه، ثم يقول :
أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ "
عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلمقال :
" يمين الله ملأى، لا يغيضها شيء ، سحاء الليلوالنهار ، وبيده الأخرى الميزان ، يرفع القسط ويخفض ،
قال : أرأيت ما أنفق منذ خلقالله السموات والأرض ؟ فإنه لم ينقص مما في يديه شيئا "
عبد الله بن عمر ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو علىالمنبر يقول :
" يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده،وقبض بيده
فجعل يقبضها ويبسطها "
، ثم يقول : " أنا الجبار ، أينالجبارون ؟ أين المتكبرون ؟
" ، قال : " ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره ،
حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه ، حتى إني أقول :
أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا إدريس الخولاني ، يقول :
حدثني النواس بن سمعان الكلابي ، قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" ما منقلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن ، إن شاء أقامه ، وإن شاء أزاغه "
وكان رسولالله صلى الله عليه وسلم يقول :
" يا مثبت القلوب ، ثبت قلوبنا على دينك .
قال :والميزان بيد الرحمن،
يرفع أقواما ويخفض آخرين ، إلى يومالقيامة "
فأنظروا كيف أثبت ابن ماجة صفة اليدين لله عز و جل
فهذا مذهب أهل الحديث و السلف.
قال أبو حسن الأشعري في كتابه الإبانة :
وقد اعتل معتل بقول الله تعالى ( 1 / 130 ) :
( والسماء بنيناها بأيد ) من الآية ( 47 / 51 ) قالوا :
الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى :
( بيدي ) بقدرتي قيل لهم :
هذا التأويل فاسد من وجوه :
أحدها
: أن الأيد ليس جمع لليدلأن جمع يد أيدي
وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى :
( لما خلقت بيدي ) من الآية ( 75 / 38 ) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله :
( بيدي ) معنى قوله : ( بنيناها بأيد )
وأيضا فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا
وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين . ( 1 / 132 )
وأيضا فلو كان الله تعالى عنى بقوله :
( لما خلقت بيدي ) القدرة
لم يكن لآدم صلى الله عليه وسلم على إبليس مزية في ذلك
والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه وسلم عليه
إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده
لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه
: فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه وسلم بهما
فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليهوسلم أن يسجد له :
( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) ( 75 / 38 )
دل علىأنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعا
بقدرته وإنما أرادإثبات يدين
ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه وسلم في أن خلق بهما .
الإبانة الأشعري [ جزء 1 صفحة 133 ]
من أثبت صفة النزول من السلف
وقال أحمد بن سلمة :
"سمعت إسحاق بن راهويه يقول:
جمعني وهذا المبتدع -يعني إبراهيم بن أبي صالح-
مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ، فسألني الأمير عنأخبار النـزول فسردتها.قال ابن أبي
صالح:
كفرت برب ينـزل من سماء إلى سماء
. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء" .
رواه البيهقي في الأسماء والصفات عن الحاكم سمعت محمد بن صالح بن هاني
سمعت أحمد بن سلمة فذكره
وإسناده صحيح
وفيه الرد على من زعم
أن السلف كان مذهبهم التفويض
أو ما يسمونه بالسكوت
وممن أثبت النزول
أبو العباس السراج ولد عام 217 وتوفي عام 313)
قال الذهبي في سير اعلام النبلاء
أخبرنا إسماعيل بن إسماعيلفي كتابه:
أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك أخبرنا أبو روح بهراة أخبرنا محمد بنإسماعيل أخبرنا
عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف
حدثنا أبوالعباس السراج إملاء قال:
من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى
السماء الدنيا فيقول:
" من يسألني فأعطيه"
فهو زنديق كافر يستتاب
فإن تاب وإلا ضربت عنقه
ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين
قلت وإسناده صحيح شيخ الذهبي إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين
أبو الفداء عماد الدينقال اليونيني ذيل مرآةالزمان
كان إماماً عالماً فاضلاً ورعاً عاملاً
وأحمد بن تميم حافظ معروف
وأبو روح اسمه عبد المعز بن محمد له ترجمه في تاريخ الإسلام
قال الذهبي
( عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل بن أحمد بن أسعد بن صاعد. الشيخ المعمَّر،
حافظالدين أبو رَوْح الساعدي، البزّاز، الهَرَوي، الصوفي، مسند العصر بخُراسان.
ولدفي ذي العَقْدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بهَراة
(وشيخه محمد بن إسماعيل بنالفُضيلله ترجمة في الأنساب للسمعانيقال السمعاني
(( محمد بن إسماعيل بنالفضيل الفضيلي من أهل هراة،
كان مشهوراً بالعدالة والتزكية عالماً باللغة، سمعالحديث الكثير وكان من بيت الحديث ))
وأما المليحي فلهترجمة في الأنساب للسمعاني قال السمعاني
(( محدث هراة في وقته ومسندها
(وأما شيخه الخفاف فقد ذكر السمعاني
( كما نقل الألباني )
في الأنساب أنسماعاته من أبي العباس السراج صحيحة
والأثر واضح وهو والذي قبله فيهما رد
على من زعم أن السلف كانوا مفوضة
وقال [الترمذي] لما روى حديث أبي هريرة
"إن الله يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه فيربيها"
: "هذا حديث صحيح روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم،
وقد قال غيرواحد من أهل العلم في هذا الحديث،
وما يشبهه من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا:
قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن به، ولا نتوهم،
ولايقال كيف هذا
وروي عن مالك، وابن عيينة، وابن المبارك أنهم قالوا في هذهالأحاديث:
أمروها بلا كيف.
وهكذا قول أهل العلم، من أهل السنة والجماعة.
وأماالجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه،
وفسروها على غير ما فسرأهل العلم، وقالوا:
إن الله لم يخلق آدم بيده، وإنما معنى اليد ها هنا النعمة،
وقالإسحاق بن راهويه:
إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، وسمع كسمع
قلت وقوله ولا يقال كيف إثبات للصفة
إذ ما لم يثبت معناه
لم نحتج نفي العلم بكيفيته أو السؤال عن كيفيته
ووما على أن الترمذي أراد الإثبات أنه لم يفرق
بين صفات السمع والبصر واليد
ومما يؤكد أنه أراد الإثبات إثباته لصفة العلو في
موضع آخر من سننه
الدارمي
( وهو من طبقة شيوخ البخاري)
صاحب السنن حيث بوب في سننه
( باب في شأن الساعة ونزول الرب تعالى )
ابن أبي عاصم النبيل
صاحب كتاب السنة فقد باباً في النزول في كتابه السنة
السادس عثمان بن سعيد الدارمي ولم ينكر عليه أحد من السلف إثباته للصفات
بل أثنى أبو زرعة على تصنيفه
ابن أبي داود
حيث قال في منظومته
وقل ينـزل الجبار في كل ليلة
بلا كيف
جل الواحد المتمدح
وقال بعد منظومته
(( هذا قولي، وقول أبي، وقولشيوخنا، وقول من لقيناهم من أهل العلم،
وقول العلماء ممن لم نرهم كما بلغنا عنهم،
فمن قال غير ذلك فقد كذب
وقد قدمنا إثبات كل من ابن عباس وام سلمة رضي الله عنهما
لصفة النزول وإنما قصدنا هنا ذكر من أثبت صفة النزول من غيرالصحابة
- ابن حجر رحمه الله :
حدد رحمه الله معنى
( بلا كيف )
التي قالها السلف حين قال بأن السلف
لم يخوضوافي صفات الله لعلمهم بأنه بحث عن كيفية ما لا تعلم كيفيته
بالعقل، لكون العقول لهاحد تقف عنده
فتح الباري 13/350
- إمام الأئمة ابن خزيمة :
)نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار
من ذكر نزول الرب
من غير أن نصف الكيفية
لأننبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا
وأعلمنا أنه ينزل والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمردينهم
فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الاخبار من ذكر النزول
غير متلكفين القول بصفته
أو ((بصفة الكيفية))
إذ النبي لم يصف لنا كيفية النزول
التوحيد لاب نخزيمه 1/289-290
- الإمام المفسر القرطبي الأشعري :
(قال مالك رحمه الله :
الاستواء معلوم
-يعني في اللغة-
والكيف مجهول
والسؤال عنه بدعة)
وينقل إجماع السلف ويقول
- (ولم ينكر أحد من السلف الصالح
أنه استوى على عرشه حقيقة،
وخص العرش بذلك لأنه أعظم المخلوقات
وإنما جهلوا كيفية الاستواء
فإنه لا تعلم حقيقته
تفسير القرطبي 7/140-141
- العلامة جمال الدين القاسمي :
قال في تفسيره "محاسن التأويل" في شرح آية الإستواء :
قال البخاري في آخر [صحيحه]
في كتاب الرد على الجهمية،
في باب قوله تعالى
"وكان عرشه على الماء":
[قال مجاهد: استوى: علا على العرش]
انتهى .
وفي كتاب [العلو] للحافظ الذهبي:
قال إسحاق بن راهويه:
سمعت غير واحد من المفسرين يقول:
"الرحمن على العرش استوى"
أي ارتفع،
ونقل ابن جرير عن الربيع بن أنس أنه بمعنى ارتفع،
وقال: إنه في كل مواضعه بمعنى علا وارتفع
وأقول: لا حاجة إلى الاستنكار من ذلك،
فإن الاستواء غير مجهول
وإن كان الكيف مجهولاً
- أبو علي الحسين بن الفضل البجلي :
سئل عن الاستواء وقيل له :
كيف استوى على عرشه؟
فقال:
((أنا لا أعرف من أنباء الغيب إلاَّ مقدار ما كُشف لنا،
وقد أعلمنا جلّ ذكره انَّه استوى على عرشه
ولم يخبرنا كيف استوى))
رواه الصابوني في عقيدة السلف ص:40
- الإمام أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي :
يقول في قصيدته في السنة :
وأن استواء الرب
يعقل كونه ويجهل فيه الكيف
جهل الشهارب
العلو للذهبي 191 وطبقات السبكي 6/137
- أبو بكر بن العربي الأشعري :
عارضة الاحوذي 3/166
وذهب مالك رحمه الله أن كل حديث
- منهامعلوم المعنى
- ولذلك قال للذي سأله
الاستواء معلوم والكيفية مجهولة
- الإمام حماد بن أبي حنيفة رحمه الله :
قال محمد بن الحسن :
قال حماد بن أبي حنيفة رحمه الله :
قلنا لهؤلاء أرأيتم قول الله -عز وجل :
(( وجاء ربك والملك صفاً صفاً)
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً ،
وأماالرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك
ولا ندري كيف مجيئه.
فقلت لهم:
إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته،
ولكن نكلفكم أن تؤمنوابمجيئه ،
أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفاً
ماهو عندكم؟
قالوا: كافر مكذب.
قلت:
فكذلك من أنكر أن الله سبحانه يجيء فهو كافرمكذب
راوه أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف ص64 وإسناده في غايه الصحة
و نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله في الحموية:
) روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال:
سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث فقالا :
أمرّوها كما جاءت
وروى أيضاًعن الوليد ابن مسلم قال:
سألت مالك ابن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي
عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا:
(( أمرُّوها كما جاءت ))
، ـ وفي رواية قالوا:
- (( أمرُّوها كما جاءت بلا كيف)
وقولهم -رضي الله عنهم-:
(( أمرّوهاكما جاءت )) ردٌّ على المعطِّلة
وقولهم: (( بلا كيف )) ردٌّ على الممثِّلة،
والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم،
والأربعة الباقون أئمة الدنيا في عصرتابعي التابعين،
ومن طبقتهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهما ...
وأورد أثر مالك وربيعة ثم قال:
) فقول ربيعة ومالك
(( الاستواءغير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب ))
موافق لقول الباقين:
(( أمرُّوهاكما جاءت بلا كيف ))
فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة
ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرّد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله
لما قالوا
(( الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول ))،
ولما قالوا:
((أمرّوها كما جاءت بلا كيف)،
فإنَّ الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً،
بل مجهول بمنزلة حروف المعجم،
وأيضاًفإنَّه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية
إذا لم يفهم عن اللفظ معنى
، إنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية
إذا أُثبتت الصفات.
وأيضاً فإنَّ من ينفي الصفات الخبرية أوالصفات مطلقاً لا يحتاج إلى أن يقول:
(( بلا كيف ))،
فمن قال: إنَّ الله ليس على العرش،
لا يحتاج أن يقول: بلا كيف،
فلو كان مذهب السلف نفي الصفات
في نفس الأمر لماقالوا:
بلا كيف.
وأيضاً فقولهم:
(( أمرّوها كما جاءت ))
يقتضي إبقاء دلالتهاعلى ما هي عليه،
فإنها جاءت ألفاظاً دالَّة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية
لكان الواجب أن يقال أمرّوا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد،
أو: أمرّوالفظها مع اعتقاد أنَّ الله لا يوصف بما دلّت عليه حقيقةً،
وحينئذ تكون قد أُمرَّتكما جاءت،
ولا يقال حينئذٍ:
(( بلا كيف ))؛
إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول.
وروى الأثرم في السنة وأبو عبد الله بن بطة في الإبانة وأبو عمروالطلمنكي
وغيرهم بإسناد صحيح عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون
ـ وهوأحد أئمة المدينة الثلاثة الذين هم:
مالك بن أنس وابن الماجشون وابن أبي ذئب
وقدسُئل عما جحدت به الجهمية:
(( أما بعد فقد فهمتُ ما سألتَ فيما تتابعت الجهمية ومنخلفها في صفة الرب العظيم
الذي فاقت عظمته الوصف والتدبر، وكلّت الألسن عن تفسيرصفته، وانحصرت العقول دون معرفة قدرته،
وردت عظمته العقول فلم تجد مساغاً فرجعتخاسئة وهي حسيرة، وإنما أُمروا بالنظر والتفكير،
فيما خلق بالتقدير، وإنما يقال(كيف )) لمن لم يكن مرّة ثم كان،
فأما الذي لا يحول ولا يزول ولم يزل وليس له مثل،فإنه لا يعلم كيف هو إلاّ هو، وكيف يعرف قدر من لم يبدأ،
ومن لا يموت ولا يبلى؟،
وكيف يكون لصفته شيء منه حدٌّ أو منتهى يعرفه عارف،
أو يحدُّ قدره واصف؟
، على أنَّهالحق المبين لا حق أحق منه ولا شيء أبين منه، الدليل على عجز العقول
عن تحقيق صفتهعجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغراً، يحول ويزول،
ولا يُرى له سمعولا بصر، لما يتقلّب به ويحتال من عقله أعضل بك وأخفى عليك مما ظهر من سمعه
وبصره،فتبارك الله أحسن الخالقين، وخالقهم، وسيِّد السادة، وربُّهم،
ليس كمثله شيء وهوالسميع البصير.
اعرف -رحمك الله- غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب من نفسه
بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف قدر ما وصف فما تكلّفك
علم ما لميصف؟!، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته؟،
أو تزجر به عن شيء من معصيته؟
إلى أن قال:
(( فما وصف الله من نفسه فسماه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم سميناه كما سماه،
ولم تتكلّف منه صفة ما سواه، لا هذا ولا هذا، ولا نجحد ماوصف، ولا نتكلّف معرفة ما لم يصف … )
إلى آخر كلامه -رحمه الله-
الحمويةص:24 ـ 27