العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة > كتب ووثائق منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-05-03, 04:31 AM   رقم المشاركة : 11
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


8- وقد يُنكِر الجهمي هذا عندنا --- بمصـداقِ مـا قلنـا حديـثٌ مصـرحُ

هذا البيت عُقد لإثبات هذه الصفة العظيمة صفة اليدين لله على وجه يليق بجلاله , وأهل السنة يثبتون اليدين لله حقيقة على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله دون تشبيهٍ بيدي المخلوق , بل يقولون : لله يدان حقيقيتان لا تشبهان يدي المخلوق , وهذا شأنهم في إثبات جميع الصفات , فهم عند الإثبات يحذرون من منزلقين خطيرين هما : التعطيل والتمثيل , فمنهجهم في الصفات يقوم على أصلين هما : الإثبات بلا تمثيل , والتنزيه بلا تعطيل , فأهل السنة يثبتون اليد لله بلا تمثيل لها بصفة المخلوق وينزهون الله عن النقص , ولكن دون تعطيل له عن إثبات اليد الحقيقية اللائقة بجلاله وكماله .

ويضاد هذا المنهج الذي يقوم عليه مسلك أهل السنة في إثبات الصفات منهجان منحرفان :

الأول : إثباتٌ بمتثيلٍ , وهم المشبهة الذين يمثلون صفات الله بصفات خلقه وأهل السنة ليسوا مشبهةً إذ الشتبيه ضلال وكفر , لأن من يقول عن ربه إن يده كيده وسمعه كمسعه وبصره كبصره فهو إنما يعبد صنماً ووثناً من الأوثان .

الثاني : تنزيه بتعطيل , وهم المعطلة الذين يجحدون صفات الله وينفونها بحجة تنزيه الله عن مماثلة خلقه , وهم أقسام كثيرة : منهم من يعطل الأسماء والصفات , ومنهم من يعطل الصفات دون الأسماء , ومنهم من يعطل بعض الصفات دون بعض , ومعطِّل الصفات عابد للعدم , ولذا قيل : المشبه بعدا صنماً , والمعطل يعبد عدماً .

وهذان المنهجان وما تفرع عنهما يجمعهما وصف جامع وهو الإلحاد في أسماء الله وصفاته , وقد أمرنا الله تعالى أن نذر هذا المنهج وتوعد أهله باشد الوعيد في قوله ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف180 .

الممثلة يقولون في اليد : كأيدينا فلم يثبتوا لله يده التي تليق به , والمعطلة يقولون : يلزم من إثباتها التمثيل فلا نثبت لله بدا حقيقةً . ولهذا ( فكل معطل ممثل وكل ممثل معطل ) .

( كل معطل ممثل ) لأن تعطيله للصفات إنما قام على ساق التمثيل , فما جحد اليد إلا لأنه توهم أول الأمر أن إثباتها لله حقيقة يلزم منه التشبيه فنفى عن الله اليد , فهو لما يقرأ قوله تعالى ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ العالين ) ص75 / لا يفهم منه إلا يد المخلوق وهذا يدفعه إلى تنزيه الله , ولا سبيل عنده إلا تنزيه الله إلا بنفي اليد عن الله , وعلى هذا مضى عامة معطلة الصفات يعطلونها , لأنهم لا يفهمون من المضاف إلى الله إلا عين ما يرونه ويشاهدونه في المخلوق .

ولهذا يصرح بعضهم بهذا فيقولون ( لا نعقل يداً إلا عين ما نراه في الشاهد ) فهم فرو من شر ووقعوا في شر أخبث منه , ثم إنهم لما عطلوا صفة الله نتيجة للتمثيل الذي هم مرضى به انتقلوا منه إلى تمثيل آخر , فمثلوا الله إما بالمعدومات أو الجمادات أو الممتنعات بحسب نوع تعطيلهم , ويظهر من هذا أن كل معطل ممثل مرتين مرة قبل التعطيل ومره بعده , فكل تعطيل محفوف بتمثيل .

( وكل ممثل معطل ) من يمثل صفة الله بصفة خلقه فهو معطل وليس معطلاً مرة واحدة بل معطل ثلاث مرات , فالذي يقرأ قوله تعالى ( ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ .. )ص75 / ثم يفهم منها يد كأيديهم وقع في التعطيل ثلاث مرات :

1- كونه عطل الله عن صفة اليد الحقيقية اللائقة به التي لا تشبه يد المخلوقين .

2- كونه عطل هذا النص وهو قوله تعالى ( ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ .. )ص75 / عن مدلوله , ومدلوله إثبات يد حقيقة تليق بالله , وصَرَفَه إلى إثبات يد تشبه يد المخلوقين .

3- كونه عطل النصوص الكثيرة في القرآن النافية للشتبيه كقوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى11 .

ولم يسلم من التعطيل والتمثيل أحد من الطوائف برمتها غير أهل السنة والجماعة , ومن سواهم معطلة ممثلة في الوقت نفسه , وإن كان يزعم كل واحد منهم ظاهر قوله أنه غير معطل أو غير ممثل .

والناظم بدأ إثبات صفة اليد بالرد على الجهمية , والجهمية أساس الشر ورأس البلاء في تعطيل الصفات , ولذا فكل معطل جهمي , وكل معطل شيخه الأول الجهم بن صفوان , لأنهم ورثوا منه تركة التعطيل ولكنهم في أخذهم عنه يتفاوتون , فبعضهم أخذ منه بحظ وافر و وبعضهم أخذ منه دون ذلك .

وغدا إن شاء الله سأقوم بسرد شرح الأبيات







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» ( الصدّيقان وآل البيت عليهم السلام) جديد الشيخ الحسيني !
»» الرسالة الثالثة حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
»» فتوى اللجنة الدائمة في الخميني ودولتهم
»» فتاوى الشيخ د.عبدالكريم بن عبدالله الخضير حفظه الله
»» فتوى العلامة المحدث أحمد شاكر التعاون مع المعتدين بأي نوع من أنواع
 
قديم 05-05-03, 10:46 PM   رقم المشاركة : 12
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


( وقد ينكر الجهمي ) أي يجحد السائر على منهج الجهم والمتأثر بشبهه، و ( قد ) هنا للتأكيد والتحقيق.

( أيضا ) أي مع إنكاره للصفات الأخرى.

( يمينه ) أي ثبوت اليمين واليد لله تعالى. وهنا سؤال: كيف أنكر الجهمية اليمين واليد لله مع أن اليد ثابتة في القران والسنة بمئات النصوص، ووصفت بصفات كثيرة لا تجعل من يقرأ تلك الأدلة يتردد في إثباتها لله، بل قد وصفت اليد بصفات تصل إلى مائة صفة، مثل الطي والقبض والبسط والأخذ و الإعطاء وغير ذلك من الصفات، كلها تؤكد إثبات هذه الصفة لله حقيقة على الوجه اللائق به.

و إذا كان الأمر كذلك، فكيف غرس الجهم في نفوس من تأثر به عدم إثبات اليد لله؟ وقبل مقالة الجهم كان كل من يقرأ آيات الصفات في القران لا يفهم منها إلا الصفات الحقيقية اللائقة بالله، ويعلم ذلك بالنظر إلى العوام الذين لم يتلقوا بجهمي أو أي متكلم، فإذا تليت عليهم آية في الصفات لا يفهمون منها إلا الصفة الحقيقية.

فدبر الجهم خطة وبدا بتعقيد القواعد الكليات لجحد الصفات، فهو لا يستطيع أن يأتي إلى الناس رأسا ويقول لهم : ليس لله يد، فجاء بألفاظ مجملة ونزه الله عنها، وجعل تنزيه الله عنها أصولا كلية عند هؤلاء، ثم توصل إلى إنكار الصفات من خلال ذلك، حيث جاء بلفظ الجسم والحيز والجهة، فقال مثلا: هل الله جسم؟ فاحذ يقرر أن الله ليس بجسم ولا يوصف بالجسمية، فلما قرر ذلك ومكنه من نفوسهم اخذ يقرر فيهم ما يريد فقال: لو أثبتنا لله اليد أثبتنا له الجسمية ولو أثبتنا له الجسمية شبهناه بخلقه ومن ثم غرس فيهم تعطي الصفات.

ولكن واجهته مشكلة وهي النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة التي تصادم تقريره، فدلهم على التحريف، وبهذا توصل الجهم إلى تقرير إنكار صفات الله لدى من استهوتهم شبهته واستفزهم ضلاله و باطله من ذوي الجهل وقلة البصيرة بالدين .


( اليمين ) صفة ثابتة لله، فالله له يدان حقيقيتان، وفي رواية لمسلم إثبات يدين لله : يمين وشمال، ومن أهل العلم من صوب أن لفظ الشمال لم يثبت و إنما الثابت ( الأخرى ) بدل الشمال، وعلى كل فهذه الرواية ليست معارضة لقوله صلى الله عليه وسلم ( وكلتا يدي ربي يمين )(1) لان أهل العلم وضحوا أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم ( وكلتا يدي ربي يمين ) نفي توهم النقص ؛ لأنه قد تبادر إلى بعض الأذهان أن الشمال أو الأخرى انقص من اليمين.

و اليمين ثابتة لله في القران والسنة، قال تعالى ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (الزمر67)، وفي هذه الآية رد بين على المعطلة الذين قالوا إن إثبات اليد لله يلزم منه تشبيه الله بالخلق . فيقال لهم: كيف يفهم عاقل تأمل هذه الآية انه يلزم من إثبات اليد لله حقيقة تشبيه الله بالمخلوق وقد وصف يده سبحانه بهذه العظمة والكمال .

ويرد عليهم بأنه لا يلزم من اتفاق الشيئين في الاسم أن يتفقا في الحقيقة و المسمى، هذا بين المخلوق والمخلوق، فكيف بين الخالق والمخلوق ؟

( وكلتا يديه ) وفيه إثبات اليدين لله حقيقة على الوجه اللائق به، وهذا التنصيص بأن له يدين جاء في القران والسنة، قال تعالى ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ... ) (المائدة 64) .

وفي الحديث ( يمين الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار، أ رأيتم ما انفق منذ خلق السماوات والأرض، فانه لم يغض ما في يمينه وعرشه على الماء وبيده الأخرى القسط يرفع ويخفض ). رواه البخاري ومسلم(2) .

وهذه الآية والحديث من أقوى الأدلة في الرد على من قال يده قدرته، فيقال لهم: هل لله قدرتان؟ و بإجماع أهل الإسلام انه ليس لله قدرتان، وتفسيرها بالنعمة أيضا مردود؛ لأنه لا يقول أحد أن لله نعمتين بل نعمه كثيرة، وماذا يقول هؤلاء في الحديث؟ هل يقولون وبقدرته الأخرى أو بنعمته الأخرى أو ماذا يقولون؟

ولا يعارض ثبوت اليدين لله أن اليد قد جاءت في بعض النصوص بصيغة الجمع كما في قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ) (يس71)

وكذلك جاءت مفردة كما في قوله تعالى ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (الملك1).

لأن لغة العرب تتسع للإخبار عن المثنى بالجمع أو المفرد، قد ورد ذلك في القران كما في قوله تعالى ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) (التحريم4)، ومازال العرب يقولون رأيتك بعيني، وسمعتك بأذني، والمراد عيني وأذني، فلا تعارض إذا بين الألفاظ الواردة. ومثله تماما القول في العين .

( وكلتا يديه بالفواضل ) الفواضل جمع فاضلة، وهو الخير والجود والكرم والعطاء، قال الله تعالى ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) (المائدة64) .

روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم وما ولوا )(3) .

( تنفح ) والنفح العطاء، وفي بعض النسخ ( تنضح )، و النضح هو الرش والسقي، والمقصود انه يعطي الجزيل ويكرم عباده ويعطيهم العطاء الواسع، كما في الحديث ( يمين الله ملآى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار... )(4)

واليد من صفات الله الذاتية، والناظم عندما يذكر إنكار الجهمية لليد يشير بذلك إلى إنكارهم للصفات الذاتية الأخرى كالوجه والقدم والعين والساق ونحوها فمضمون كلامه الرد عليهم في إنكارهم بقية الصفات الذاتية؛ لان القول في الصفات واحد.

وصفات الله نوعان:

ذاتية و ضابطها : هي التي لا تنفك عن الذات، ولا تعلق لها بالمشيئة.

وفعلية : وهي التي تتعلق بالمشيئة.

ولا فرق عند أهل السنة والجماعة بين الصفات من حيث الإثبات فكلها حق تثبت لله كما وردت ويؤمن بها كما جاءت بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

وإلى اللقاء في شرح الأبيات المتعلقة بإثبات صفة النزول لله عزوجل

أخوكم : العوضي


ــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم برقم1827 من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
(2) البخاري برقم7411 ومسلم برقم993 من حديث ابي هريرة رضي الله عنه
(3) بنفس تخريج (1)
(4) بنفس تخريج (2)







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» حكم سب أمهات المؤمنين عامة و أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خاصة
»» سؤال من الإمام ابن القيم للإمام ابن تيمية رحمهما الله
»» ماهي حدود جزيرة العرب التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
»» قصة إسلام رجال من بني حنيفة ورجل من بني ضبيعة
»» الأَكَاذِيبُ الشِّيعِيَّةُ فِي الصَّحِيفَةِ الرِّضَوِيَّةِ
 
قديم 06-05-03, 10:00 PM   رقم المشاركة : 13
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


وقل ينزلُ الجبارُ في كلِّ ليلةٍ --- بـر كيـفَ جـلَّ الواحـدُ المُتمَـدحُ

هذه الأبيات في إثبات نزول الله في كل ليله إلى سماء الدنيا، و أهل السنة مذهبهم في النزول هو مذهبهم في بقية الصفات، فكل صفة لله ثبتت في الكتاب والسنة يمرها أهل السنة كما جاءت و يثبونها لله كما أثبتها لنفسه وكما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس أحد من أهل السنة يتقدم بين يدي الله ورسوله معترضا على قوله بان يقول بعد إثبات الله الصفة : هذا لا يليق بك يا الله، أو بعد إثبات الرسول صلى الله عليه وسلم لها هذا لا يليق بالله، فينفي عن الله الصفات تنزيها لله عما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم و كأنه اعلم بالله من نفسه واعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم، تعالى الله عما يقولون وسبحان الله عما يصفون، ولذا أهل السنة يقولون لا بد من أصول ثلاثة لمن أراد الاشتغال بالأسماء والصفات:

الأول : أن يُقر في نفسه انه لا أحد اعلم بالله من الله. ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ) (البقرة140)

الثاني : انه لا أحد اعلم بالله من خلق الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو اعلم الخلق بالله (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) (النجم 3 / 4)

الثالث: أن الله بالنسبة لنا غيب لم نره، فلا مجال للإنسان أن يخوض فيما هو غائب عنه من وصف إلا بوحي.

وعليه فالطريقة الحقة في باب الصفات: أن نصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله لا نتجاوز القران والحديث، كما قال رحمه الله ( ندور مع السنة حيث دارت ) أي نفياً و إثباتاً.

فمن تقررت في قلبه تلك الأصول امتنع أن يخوض في الصفات بما لا يعم، وعلم فساد مذهب أهل الكلام الباطل الذين يتقدمون باراهم وعقولهم الفاسدة بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

( النزول ) قد وردت به السنة، وحديثه متواتر رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون صحابيا، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا )(1) غير مرة , ، وهو عليه الصلاة والسلام افصح الناس وابلغهم وانصحهم، وقد بلغ ما انزل إليه أتم البلاغ، وبينه احسن البيان واوضحه، وهو احسن خلق الله تنزيها لله وتعظيما له، فقال في اكثر من مرة ( ينزل ربنا ) و إثباته صلى الله عليه وسلم لربه هذه الصفة لا يتنافى مع تنزيهه له سبحانه، فماذا يقول المعطلون المعترضون على قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمتقدمين بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ أما الصحابة و التابعون و أئمة السلف فلم ينقل عن أحد منهم انه قال هذا لا يليق بالله و أنها ليست على ظاهرها وهم المعطلة الجهمية ومن لف لفهم فيقولون : الله لا ينزل؛ لانا لو أتثبتنا لله النزول لأثبتنا له الحركة والمكان، وهكذا ينفون عن الله صفة النزول، وهذه التعليلات العقلية لها منشأ فاسد في قلوب هؤلاء انبثق منه إنكارهم للصفات، وهو قياس الخالق بالمخلوق، أو فهم الصفة التي تضاف إلى الخالق كما يفهمون من الصفة التي تضاف إلى المخلوق ، فقالوا : لو أتثبتنا لله النزول لاثبتنا له الحركة والانتقال والمكان، وهذه الأمور من صفات الحوادث والله منزه عن الحوادث، إذاً ما النتيجة؟ نفي هذه الصفة.

يُقال لهم: إذا كانت تعليلاتكم هذه صحيحةً، فلماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في غير مجلس ( ينزل ربنا؟ ) يجيب هؤلاء المتكلمون : النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بقله هذا نزول الله، و إنما أراد نزول الملك. يقال لهم: إذا كان ذلك كذلك فان هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون إلى الألغاز والتعمية منه إلى الفصاحة والبيان.

و إذا كان كلام هؤلاء حقا لكان اللازم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: ينزل ملك ربنا صراحةً، ولكنه لم يفعل ولو مرة ، فهو في كل مرة يقول ( ينزل ربنا ) ولو كان كلامهم حقا لقال ولو في مجلس واحد: ينزل ملك ربنا؛ حتى يحمل المطلق على المقيد، ولكنه لم يفعل، وقولهم هذا بلا شك فيه طعن في علم النبي صلى الله عليه وسلم و فصاحته، وطعن في نصحه صلى الله عليه وسلم، لأنه يقال هؤلاء : هذا الذي تقولونه هل علمه النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يعلمه ؟ فان قالوا : لم يعلمه وعلمناه دونه فهو تجهيل للرسول صلى الله عليه وسلم، وان قالوا: هذا أمر علمه النبي صلى الله عليه وسلم يقال لهم: هل هو قادر على الإفصاح عنه وبيانه للامة بوضوح أم ليس بقادر؟ فان قالوا ليس بقادر على الإفصاح عنه وافصح عنه الجهمية فهذا طعن في فصاحته وبيانه، وان قالوا قادر على الإفصاح عنه، يقال لهم: هذا فيه طعن في نصحه، لأنه عالم قادر ومع ذلك لم يفصح لأنه لم يقل ولا مرة واحدة ينزل ملك ربنا، وان قالوا هو نصح الأمة وبين، قيل لهم: أعطونا ولو حديثا واحدا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ينزل ملك ربنا.

وهذه الأمور الثلاثة يمكن أن تقال في شان من ينفي أي صفة من الصفات.
والناظم رحمه الله يثبت نزول الله على وجه يليق بالله، و أهل السنة في النزول يحترزون من أمرين:

1- تعطيل النزول ونفيه.
2- تكييف النزول.

على القاعدة ( إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل ).

( قل ) الخطاب لصاحب السنة والعقيدة السلفية أي قل ذلك غير متردد ولا مرتاب , بل قله مؤمناً موقناً , لأن هذه الكلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم في غير مجلس , فإذا قلت ذلك لم تزد على أن قلت مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم , ولم ترد على أن آمنت بما آمن به النبي صلى الله عليه وسلم .

وإلى اللقاء في تتمة شرح هذا البيت غدا إن شاء الله







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» قصيدة في الذب عن الصحابة وهجاء من سبهم لبديع الزمان الهمذاني
»» كتاب: الوجه الآخر للصوفية (حتى لا تنخدع)
»» قصيدة : موتوا بغيظكم ياروافض ويا أحفاد المجوس
»» رجلان جنى عليهما أصحابهما جعفر الصادق وأحمد بن حنبل !!
»» ما هي الكتب المؤلفة في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؟
 
قديم 08-05-03, 01:52 PM   رقم المشاركة : 14
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


وهذا البيت اشتمل على على الأصليين , ففي قوله ( ينزل الجبار في كل ليلة ) احتراز من التعطيل .

وفي قوله ( بلا كيف جل الواحد .. ) احتراز من التكييف وفي نفيه للتكييف نفي للتمثيل , لأن الممثل مكيف , ولذا ( كل ممثل مكيف وليس كل مكيف ممثلاً ) لأن الممثل يقول ينزل الله كنزول المخلوق , وهو في الوقت نفسه كَّيف صفات الله بكيفية صفات المخلوق , وليس كل مكيف ممثلاً لأن التكييف يكون بتمثيل , وقد يكون بلا تمثيل وإنما بتخيل الذهن .

( بلا كيف ) مراد الناظم بهذا القول , أي : بلا كيف معلوم لنا , فهو نفيٌ لعلمنا بالكيفية وليس نفياً للكيفية , لأن ما لا كيفية له لا وجود له , فإن صفات الله لها كيفيةٌ اللهُ أعلم بها , ولذا قال الإمام مالك رحمه الله ( والكيف مجهول ) ولم يقل : الكيف معدوم .

والعلم بكيفية الصفات فرع عن العلم بكيفية الذات , فإذا قال الجهمي كيف ينزل ربنا إلى سماء الدنيا ؟ قل كيف هو في ذاته ؟ فإذا قال أنا لا أعلم كيفيته قيل له ونحن لا نعلم كيفية نزوله إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف وهو فرع له وتابع له .

فأهل السنة يقولون ينزل الله إلى السماء الدنيا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكيفيون , فلا يجعلون لصفة الله كيفيةً ككيفية المخلوق , ولا كيفية يتخيلونها في الذهن , والمعطلة الذين نفوا النزول إنما نفوه بعد تكييفٍ , لأنه قد استقر في أذهانهم النزول الذي في المخلوق , وهذا الذي فهموه في عقولهم ظنوا أن أهل السنة يثبتونه فرموهم بالتشبيه .

وبعضهم افترى على شيخ الإسلام أن نزل عن المنبر وقال ( ينزل الله كنزولي هذا ) ذكر ذلك ابن بطوطة في رحلته , وهذا كذب وافتراء عليه رحمه الله , لأنه كان في السجن في الوقت الذي مر فيه ابن بطوطة دمشق , والذي يريد أن يعرف عقيدة الشيخ يقرأ كتاب ( شرح حديث الزول ) وقد قرر فيه إبطال تشبيه نزول الله بنزول المخلوقين في مواضع , والذي دفع هؤلاء إلى هذا الإفتراء على شيخ الإسلام وغيره هو أنهم لم يفهموا من الزول إلا نزول المخلوق , ولما رأوا أهل السنة يثبتون هذا النزول وصفوهم بالتشبيه . وحاشاهم من التشبيه .

( الجبار ) هو الله وهو اسم من أسمائه كما في قوله تعالى ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الحشر23 ) .

والجبر الذي في اسمه الجبار من دلالاته : الإصلاح , يقال : جبر كسره أي أصلحه , وجبر حال الفقير , أي : أصلحه .

ومن مدلولاته العلو والقهر , أي العلي على خلقه والقهر فوق عباده .

( جل ) أي عظم قدره عن التكييف سواء كان مبناه الأوهام , أو القياس بصفات المخلوق , قال الله تعالى ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) ( الرحمن78 ) .

( الواحد ) المنفرد بصفات كماله ونعوت جلاله .

( المتمدح ) المتمدح صفة للواحد , أي الذي يمدحه المؤمنون ويثنون عليه فهو الذي أسبغ على العباد من النعم وأولاهم من العطاء ما يوجب مدحهم له , وحسن الثناء عليه وحمده , وهو جل وعلا لا يُحصي أحدٌ الثناء عليه , وهو سبحانه يُثني عليه ويُمدح على أسمائه الحسنى وصفاته العُلى , وعلى نعمه وعطاياه التي لا تُعد ولا تُحصى .

وإلى اللقاء في شرح البيت الثاني عشر إن شاء الله







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» أين الله
»» الأمة تتبع سنة نبيها للشيخ صالح الفوزان حفظه الله / هدية للصوفية
»» من يعينني على هذا الصوفي
»» فتوى الشيخ ابن عثيمين في السجود على الطاقيّة والغترة
»» ابن الخطاب و نكاج المتعة
 
قديم 13-05-03, 01:32 PM   رقم المشاركة : 15
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


12- إلى طبقِ الدنيـا يمُـنُّ بفضلـهِ --- فتفـرجُ أبـواب السمـاءِ وتُفتـحُ

هذه الجملة في هذا البيت مكملة للبيت السابق , فهذا كقوله صلى الله عليه وسلم ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) , فالجار والمجرور في قوله ( إلى طبق الدنيا ) متعلق بقوله ( ينزل الجبار ) .

( طبق ) هو الغطاء , والسماء غطاءٌ للأرض , وكل سماء غطاء للسماء التي دونها , وسماء الدنيا سميت بذلك , لقربها من الأرض .

( يمن بفضله ) المن هو البذل والعطاء فينزل سبحانه ليعطي ويتفضل على العباد بالخيرات وأنواع الهبات .

( فتفرج أبواب السماء وتفتح ) , قوله ( تفرج ) أي تنشق وتنفتح والسماء لها أبواب دل على ذلك نصوص كثيرة , منها قوله تعالى ( ...لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ... ) ( الأعراف 40 ) .

وقد جاء في بعض روايات حديث النزول أن أبواب السماء تفتح وقت النزول الإلهي , ففي المسند للإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عزوجل إلى السماء الدنيا , ثم تفتح أبواب السماء , ثم يبسط يده فيقول : هل من سائل يعطى سؤله فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر )(1) .

(1) المسند رقم 3672

وإلى اللقاء في شرح البيت الثالث عشر







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» قصيدةٌ في مدحِ السُّنَةِ واتّباع عَقيدةَ السَّلفِ لَلإمَامِ أَبِي طَاهرٍ السِّلَفي
»» ساعدوني في هذا البحث بارك الله فيكم
»» فتوى الشيخ الخضير حفظه الله في الشيخ الألباني رحمه الله
»» ماهي حدود جزيرة العرب التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
»» بيان مخالفة الكوثري لاعتقاد السلف
 
قديم 27-05-03, 05:41 PM   رقم المشاركة : 16
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


13- يقولُ أَلا مُستغفرٌ يَلـقَ غافـراً --- ومُستمنـحٌ خيـراً ورِزْقـاً فُمنـحُ

( يقول ) أي الله سبحانه عندما ينزل , فالقائل هو الله , لأنه لا يصح أن يقول المَلَك ( من يستغفرني من يسألني من يدعوني ) وهذا يبين بطلان قول الجهمية : إن الذي ينزل هو المَلَك , لأنه لو كان الذي ينزل هو المَلَك لقال : ‘ن الله يغفر الذنوب فمن يستغفره , كما في الحديث الآخر ( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني أحبٌّ فلاناً فأحبه فيحبُّه جبريل وينادي أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه ... )(1) الحديث .

وجاء في بعض روايات حديث النزول أن الله يقول ( لا أسألُ عن عبادي أحداً غيري )(2) وهي مبطلة لمقالة هؤلاء , لأن هذا لا يمكن أن يقول إلا الله .

( أن مستغفرٌ ) , ( ألا ) أداة تخصيص , فهو يخص على الاستغفار والإستمناح , والمستغفر : طالب الغفران .

( يلق غافراً ) هو الله الغفور ذو الرحمة سبحانه وتعالى ( ... وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ... ) ( آل عمران135 ) .

( مستمنح ) من يطلب المنح وهو العطاء , أي يسأل الله الخيرَ والرزقَ , والخيرُ شاملٌ لأمور كثيرة .

( فيمنَح ) أي قيمنحه الله حاجته ويعطيه سؤله , فإن خزائنه ملآى لا يغسضها نفقة , يقول تعالى في الحديث القدسي ( يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني وأعطيت كلَّ واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما يُنقص المخيط إذا غمس في البحر )(3) .



(1) أخرجه البخاري برقم 6040 ومسلم برقم 2637 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(2) أخرجه أحمد برقم 16316
(3) أخرجه مسلم برقم 2577 من حديث أبي ذر رضي الله عنه

وإن شاء الله غدا مع شرح للبيت الرابع عشر







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» تعذيب أهل السنة للشيعة في بريطانيا
»» مساعدة بارك الله فيكم
»» دروس ومحاظرات العلامة المحقق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله في الشارقة
»» صفة التيمم
»» حكم بغض الصحابة
 
قديم 01-06-03, 10:12 AM   رقم المشاركة : 17
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


14- روى ذاك قومٌ لا يردُّ حديثُهم --- ألا خابَ قومٌ كذبوهم وقُبِّحوا

ثم ذكر الناظم رحمه الله دليل النزول فقال :

( روى ذاك قوم لا يرد حديثهم ) الإشارة بقوله ( ذاك ) إلى النزول الإلهي الثابت , أي : الذي رووا حديث النزول ثقات أثبات لا يرد حديثهم بل يتلقى بالقبول , والحديث متواترٌ , نص على ذلك غير واحد من الأئمة منهم : شيخ الإسلام في ( شرح حديث النزول ) , وابن القيم في ( الصواعق المرسلة ) والذهبي في ( العلو ) والسيوطي في ( الأزهار المتناثرة ) , والكتاني , وقد ذكر ابن القيم في ( الصواعق ) أن ثمانية وعشرين صحابياً رووه , وذكرهم .

( ألا خاب ) ( ألا ) أداة استفتاح و تنبيه , أي خسر الذين كذبوا هؤلاء الرواة الأثبات نقلوا النزول عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وهؤلاء الذين كذبوا الصحابة في هذه الأمور قبلوا عنهم أحاديث الأحكام , فَلِم هذا التفريق ؟! قال عباد بن العوام ( قدم علينا شريك فسألته عن الحديث " إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان (1) " قلنا : إن قوماً ينكرون هذه الأحاديث !! قال فما يقولون ؟ قلنا : يطعنون فيها , فقال : إن الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن وبالصلاة والحج وبالصوم , فما يُعرف الله إلا بهذه الأحاديث ) .

وهذا الضلال مبنيٌّ على القاعدة التي قعدها المعتزلة : أن خبر الآحاد لا يقبل في العقيدة , مع أن حديث النزول متواتر , فما الضابط عندهم ؟ ومن يتأمل يجد أنَّ الضابط عند هؤلاء هو : أنَّ كلَّ حديث خالف مذهبهم ردوه بحجة أنَّه خبر آحاد وإن كان متواتراً , وكل حديث وافق هواهم قبلوه ولو كان مكذوباً , ولذا اعتمدوا على الحديث المكذوب ( أو ما خلق الله العقل ) , فالقوم أصحاب أهواء .

الناظم رحمه الله لم يذكر العلو والاستواء , لكن في ضمن الأبيات التي ذكرها إشارة إلى ذلك فاكتفى به , لأن في إثبات النزول إثباتاً للعلو , ولهذا أورد الإمام الذهبي رحمه الله هذه المنظومة بكاملها في كتابه ( العلو) في سياق ما نقله عن الأئمة من نقول في تقرير علو الله على خلقه , وسيأتي أيضاً قول الناظم ( وذو العرش يصفح ) وفيه إثبات العرش العظيم الذي استوى عليه الربُّ عزوجل .

وإلى اللقاء في البيت الخامس عشر .

ـــــــــــ

أخرجه الترمذي (739) وإسناده ضعيف







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» نظم القريض في كفر ياسر البغيض / لأبي سهل الزياتي
»» جهودٌ طيبة ومباركة
»» حكم تكفير الرافضة استمع لشيخنا ابن باز رحمه الله
»» أيهما أفضل قراءة القرآن أم استماعه عبر الأشرطة المسجلة
»» حكم قراءة البسملة
 
قديم 05-06-03, 12:55 AM   رقم المشاركة : 18
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


15- وقل: إنَّ خير النَّاسِ بعد محمَّدٍ --- وزيراهُ قدَماً ثـم عثمـانُ الارجَـحُ

هذا مختصرٌ لمعتقد أهل السنة في الصحابة , ومع اقتضاء المنظومة الإختصار إلا أن الناظم قد أتى منه بالشيء الكثير , وبدأه بذكر التفاضل بينهم رضي الله عنهم أجميعن .

( قل ) أي يا صاحب السنة ويا من يريد لنفسه المعتقدَ الصحيحَ , معتقدَ أهل السنة والطائفة المنصورة والفرقة الناجية , قل وأنت منشرحُ الصدر وغيرُ شاك ولا مرتاب :

( إن خير الناس بعد محمد ) أي أفضل الناس وأزكاهم بعد محمد صلى الله عليه وسلم , والناظم هنا يقرر من هم أفضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم , فيقول : إن خير الناس بعد محمد صلى الله عليه وسلم ( وزيراه قدماً ) وهما : أبوبكر وعمر رضي الله عنهما .

و ( الوزير ) في اللغة هو العوين للملك والذي يحتمل عنه أثقاله ويشير عليه ويعينه , ولذا وصف الناظم أبابكر وعمر بأنهما وزيران له صلى الله عليه وسلم .

( قدماً ) اسم زمان من القِدَم , أي هما وزيران له منذ بداية الدعوة , لأن نصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم كانت قديمةً , وقد جاء في حديث يُرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من نبي إلا كان له وزيران من أهل الأرض ووزيران من أهل السماء فوزيرا أهل السماء هما جبريل وميكال ووزيرا الأرض أبوبكر وعمر )(1) ولكن الحديث ضعيف وله طريقان آخران ضعيفان , لكن ثبت في فضلهما وخيريتهما أحاديث .

روى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . فقلت : من الرجال ؟ قال : أبوهما , فقلت ثم من ؟ فقال عمر بن الخطاب )(2)

وليسا أفضل هذه الأمة فحسب بل هما افضل الناس بعد النبيين والمرسلين كما في الحديث ( أبوبكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين )

وهو مروي عن غير واحد من الصحابة منهم علي بن أبي طالب وأنس ابن ماللك وجابر وأبوسعيد وهو حديث صحيح بمجموع طرقه (3)

وثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما , أنه قال ( كنا زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحداً , ثم عمر ثم عثمان , ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم )(4) وروى البخاري عن محمد بن الحنيفة قال : قلت لأبي يعن يعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أبوبكر , قلت : ثم من ؟ قال : عمر , قال : وخشيت أن يقول عثمان , قلت ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا واحد من المسلمين )(5) .

وقد تواتر هذا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بل جاء عنه أنه قال ( لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري )(6) , وذلك لأنه افترى الكذب عندما قدَّم عليا على الوزيرين .

والنصوص الواردة في تفضيل أبي بكر وعمر كثيرة جداً , أوردها أهل العلم في الكتب التي تعتني بمناقب الصحابة , وتفضيلُ أبي بكر وعمر على الصحابة كلهم محل اتفاق بين أهل العلم , وقد ذكر القاضي أبويعلى عن الإمام أحمد أن قال ( من فضل عليا على أبي بكر وعمر أو قدمه عليهما في الفضيلة والإمامة دون النسب فهو رافضي مبتدع فاسق ) .

ــــــــــ
(1) الترمذي برقم3680 والحاكم في المستدرك 2/290 وقال " صحيح الإسناد ولم يخرجاه " وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي برقم3680
(2) البخاري برقم3662 , ومسلم برقم2384
(3) انظر السلسلة الصحيحة برقم 824
(4) البخاري برقم 3655
(5) البخاري برقم 3671
(6) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة 1219


وإلى اللقاء في البيت السادس عشر







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» من فتاوى الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء
»» التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم
»» هدية العيد : الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
»» حتى لا يقال: كان السودان بلداً سُنياً
»» حكم الاستعانة بغير المسلمين
 
قديم 07-06-03, 09:08 PM   رقم المشاركة : 19
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


16- ورابعهُمْ خيرُ البريَّة بعدهُم --- علـيٌّ حليـفُ الخيـرِ بالخيـرِ مُنْجِـحُ

أي رابع الصحابة في الفضل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه

( خير البرية ) أي خير الناس بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم . ( البرية ) من : برأ الله الخلق يبرؤهم أي خلقهم .

وعليٌّ هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته وأبو السبطين صاحب المناقب الكثيرة , وقد أشار الناظم إلى بعض فضائله .

( حليف ) أي المحالف للخير الذي حليفه الخير دائماَ يحظى بالخير وينلل الخير ويحصله أي أنه دائماً ملازم للخير .

( بالخير منجح ) من النجاح , وهو تحصيل المقصود والظفر به .

وفي بعض النسخ ( بالخير يمنح ) , وفي نسخة ( بالخير ممنح ) أي أنه يعطي الناس ويمنحهم , ففيه وصفه بالسخاء والجود والكرم .

وإلى اللقاء في البيت السابع عشر

أخوكم في الله : أبوخطاب عادل العوضي







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» أفيدونا في هذه المسألة بارك الله فيكم
»» فتاوى الحج
»» لأخوانا في الإمارات أو من يستطيع المساعدة
»» دورة فقه الصيام وشرح كتاب الصيام من الموطأ وهدية
»» الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يحذر من أمر خطير شاع بين الناس وامعتصماه
 
قديم 09-06-03, 12:55 AM   رقم المشاركة : 20
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


17- وإنَّهم للرَّهطُ لا ريبَ فيهمُ --- على نُجـبِ الفـردوسِ بالنُّـور تَسـرحُ

أي هؤلاء المذكورون من الصحابة الخلفاء الأربعة , وكذلك الذين سرد اسماءهم في البيت الآتي .

( للرهط ) وهو عشيرة الرجل , ويطلق على ما دون العشرة , وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة .

وفي بعض النسخ ( والرهط ) ولعله الأقرب , ويكون الضمير في قوله ( وإنهم ) عائداً على الأربعة والرهط معطوف عليه , والمقصود بهم الستة المذكورون في البيت الذي بعده .

( لا ريب فيهم ) لا تهمة ولا شك فيهم وفيما سينالونه من الله من الفضل ولا شك في منزلتهم عند أهل السنة , ولا ريب في أنهم من أهل الجنة .

( على نجب ) جمع نجيب وهو أكرم المال وأنفسه , والمراد أنهم يسرحون في الجنة على نجب الفردوس وهي النوق الكريمة والخيل الكريمة يروحون عليها ويغدون في الجنة , روى مسلم عن أبي مسعود الأنصاري قال جاء رجل بناقة مخطومة فقال هذه في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة )(1)

وروى الترمذي عن سليمان بن بريدة بن الحصيب عن أبيه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال ( إن أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت إلا فعلت ) قال : وسأله رجل فقال : يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : قلم يقل له مثل ما قال لصحابه , قال ( إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك )(2) , وسنده ضعيف , لكنه جاء من طريق أخرى مرسلاً بسند صحيح , وله شاهد من حديث بريدة رضي الله عنه قيرتقي بذلك إلى درجة الحسن , كما في السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله برقم 3001 .

ويقصد الناظم رحمه الله بهذا أن هؤلاء مقطوع لهم بالجنة سهد لهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , سيأتي إن شاء الله ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك .


( الفردوس) اسم من أسماء الجنة , وهو اسم لأعلى الجنة وأوسطها وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله , كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض , فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة )(3)


( بالنور تسرح ) اي بمن عليها من أهل النور والوضاءة والبهاء والحسن .

( تسرح ) أي تذهب حيث شاء راكبها , وفي بعض النسخ ( في الخلد تسرح ) والخلد هي الجنة , لأنها دار النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول . وفي هذا أن أهل الجنة يتزاورون فيها يغدون ويروحون لتتم لذتهم وليكمل أنسهم وسرورهم , نسأل الله الكريم من فضله .

وإلى اللقاء في البيت الثامن عشر .

ـــــــــــــــــ
(1) مسلم 1892
(2)الترمذي برقم 2543
(3) أخرجه البخاري برقم 6987







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» أرجوا التوضيح يا أخوان
»» فتنة الأحباش
»» حكم مشاهدة قنوات السحر والشعوذة للعلامة صالح الفوزان حفظه الله
»» من فتاوى جماعة أنصار السنة بمصر
»» ما حكم تسمية دولة يهود بإسرائيل
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:51 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "