العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-10-14, 06:38 PM   رقم المشاركة : 21
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road



مسير علي بن أبي طالب من المدينة إلى البصرة بدلا من الشام

بعد أن كان قد تجهز قاصدا الشام كما ذكرنا، فلما بلغه قصد طلحة والزبير البصرة، خطب الناس وحثهم على المسير إلى البصرة ليمنع أولئك من دخولها إن أمكن، أو يطردهم عنها إن كانوا قد دخلوها، فتثاقل عنه أكثر أهل المدينة، واستجاب له بعضهم.
قال الشعبي: مما نهض معه في هذا الأمر غير ستة نفر من البدريين ليس لهم سابع، وقال غيره: أربعة.
وذكر ابن جرير وغيره قال: كان ممن استجاب له من كبار الصحابة: أبو الهيثم بن التيهان، وأبو قتادة الأنصاري، وزياد بن حنظلة، وخزيمة بن ثابت.
قالوا: وليس بذي الشهادتين، ذاك مات في زمن عثمان رضي الله عنه.
وسار على من المدينة نحو البصرة على تعبئته المتقدم ذكرها، غير أنه استخلف على المدينة تمام بن عباس وعلى مكة قثم بن عباس، وذلك في آخر شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين.
وخرج علي من المدينة في نحو من تسعمائة مقاتل، وقد لقي عبد الله بن سلام رضي الله عنه عليا وهو بالربذة فأخذ بعنان فرسه.
وقال: يا أمير المؤمنين، لا تخرج منها فوالله لئن خرجت منها لا يعود إليها سلطان المسلمين أبدا، فسبه بعض الناس.
فقال علي: دعوه فنعم الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء الحسن بن علي إلى أبيه في الطريق.
فقال: لقد نهيتك فعصيتني تقتل غدا بمضيعة لا ناصر لك.
فقال له علي: إنك لا تزال تحن على حنين الجارية، وما الذي نهيتني عنه فعصيتك؟.
فقال: ألم آمرك قبل مقتل عثمان أن تخرج منها لئلا يقتل وأنت بها، فيقول قائل: أو يتحدث متحدث، ألم آمرك أن لا تبايع الناس بعد قتل عثمان حتى يبعث إليك أهل كل مصر ببيعتهم؟ وأمرتك حين خرجت هذه المرأة وهذان الرجلان أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا فعصيتني في ذلك كله؟.
فقال له علي: أما قولك أن أخرج قبل مقتل عثمان، فلقد أحيط بنا كما أحيط به، وأما مبايعتي قبل مجيء بيعة الأمصار، فكرهت أن يضيع هذا الأمر، وأما أن أجلس وقد ذهب هؤلاء إلى ما ذهبوا إليه، فتريد مني أن أكون كالضبع التي يحاط بها، ويقال: ليست هاهنا حتى يشق عرقوبها فتخرج، فإذا لم أنظر فيما يلزمني في هذا الأمر ويعنيني، فمن ينظر فيه؟ فكف عني يا بني.
ولما انتهى إليه خبر ما صنع القوم بالبصرة من الأمر الذي قدمنا، كتب إلى أهل الكوفة مع محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر: إني قد اخترتكم على الأمصار، فرغبت إليكم وفزغت لما حدث، فكونوا لدين الله أعوانا وأنصارا، وأيدونا وانهضوا إلينا، فالإصلاح نريد لتعود هذه الأمة إخوانا.
فمضيا، وأرسل إلى المدينة فأخذ ما أراد من سلاح ودواب، وقام في الناس خطيبا، فقال:
إن الله أعزنا بالإسلام ورفعنا به، وجعلنا به إخوانا، بعد ذلة وقلة وتباغض وتباعد، فجرى الناس على ذلك ما شاء الله، الإسلام دينهم، والحق قائم بينهم، والكتاب إمامهم، حتى أصيب هذا الرجل بأيدي هؤلاء القوم الذين نزغهم الشيطان لينزغ بين هذه الأمة، ألا وإن هذه الأمة لا بد مفترقة كما افترقت الأمم قبلها، فنعوذ بالله من شر ما هو كائن.
ثم عاد ثانية فقال: إنه لا بد مما هو كائن أن يكون، ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تحبني ولا تعمل بعملي، وقد أدركتم ورأيتم فالزموا دينكم، واهتدوا بهديي فإنه هدى نبيكم، واتبعوا سنته وأعرضوا عما أشكل عليكم حتى تعرضوه الكتاب، فما عرفه القرآن فالزموه، وما أنكره فردوه، وارضوا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن حكما وإماما.
قال: فلما عزم على المسير من الربذة قام إليه ابن أبي رفاعة بن رافع فقال: يا أمير المؤمنين، أي شيء تريد؟ وأين تذهب بنا؟.
فقال: أما الذي نريد وننوي، فالإصلاح إن قبلوا منا وأجابوا إليه.
قال: فإن لم يجيبوا إليه؟.
قال: ندعهم بغدرهم ونعطيهم الحق ونصبر.
قال: فإن لم يرضوا؟.
قال: ندعهم ما تركونا.
قال: فإن لم يتركونا؟.
قال: امتنعنا منهم.
قال: فنعم إذا.
فقام إليه الحجاج بن غزية الأنصاري.
فقال: لأرضينك بالفعل كما أرضيتني بالقول، والله لينصرني الله كما سمانا أنصارا.
قال: وأتت جماعة من طيء، وعلي الربذة.
فقيل له: هؤلاء جماعة جاؤوا من طيء منهم من يريد الخروج معك ومنهم من يريد السلام عليك.
فقال: جزى الله كلا خيرا، { وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرا عَظِيما } [النساء: 95] .
قالوا: فسار علي من الربذة على تعبئته، وهو راكب ناقة حمراء يقود فرسا كميتا، فلما كان بفيد جاءه جماعة من أسد وطيء، فعرضوا أنفسهم عليه.
فقال: فيمن معي كفاية، وجاء رجل من أهل الكوفة يقال له: عامر بن مطر الشيباني.
فقال له علي: ما وراءك؟.
فأخبره الخبر، فسأله عن أبي موسى، فقال: إن أردت الصلح فأبو موسى صاحبه، وإن أردت القتال فليس بصاحبه.
فقال علي: والله ما أريد إلا الصلح ممن تمرد علينا، وسار.
فلما اقترب من الكوفة وجاءه الخبر بما وقع من الأمر على جليته، من قتل ومن إخراج عثمان بن حنيف من البصرة وأخذهم أموال بيت المال، جعل يقول: اللهم عافني مما ابتليت به طلحة والزبير.
فلما انتهى إلى ذي قار أتاه عثمان بن حنيف مهشما وليس في وجهه شعرة.
فقال: يا أمير المؤمنين، بعثتني إلى البصرة، وأنا ذو لحية، وقد جئتك أمردا.
فقال: أصبت خيرا وأجرا.
وقال عن طلحة والزبير: اللهم احلل ما عقدا، ولا تبرم ما أحكما في أنفسهما، وأرهما المساءة فيما قد عملا - يعني: في هذا الأمر - وأقام علي بذي قار ينتظر جواب ما كتب به مع محمد بن أبي بكر، وصاحبه محمد بن جعفر - وكانا قد قدما بكتابه على أبي موسى وقاما في الناس بأمره - فلم يجابا في شيء.
فلما أمسوا دخل أناس من ذوي الحجبى على أبي موسى يعرضون عليه الطاعة لعلي، فقال: كان هذا بالأمس فغضب محمد ومحمد فقالا له قولا غليظا.
فقال لهما: والله إن بيعة عثمان لفي عنقي وعنق صاحبكما، فإن لم يكن بد من قتال فلا نقاتل أحدا حتى نفرغ من قتلة عثمان حيث كانوا ومن كانوا، فانطلقا إلى علي فأخبراه الخبر وهو بذي قار، فقال للأشتر:
أنت صاحب أبي موسى، والمعرض في كل شيء، فاذهب أنت وابن عباس فأصلح ما أفسدت، فخرجا فقدما الكوفة وكلما أبا موسى واستعانا عليه بنفر من الكوفة، فقام في الناس.
فقال: أيها الناس، إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين صحبوه أعلم بالله ورسوله ممن لم يصحبه، وإن لكم علينا حقا وأنا مؤد إليكم نصيحة، كان الرأي أن لا تستخفا بسلطان الله وأن لا تجترئوا على أمره.
وهذه فتنة النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الراكب، والراكب خير من الساعي، فاغمدوا السيوف وانصلوا الأسنة، واقطعوا الأوتار، وأووا المضطهد والمظلوم حتى يلتئم هذا الأمر، وتنجلي هذه الفتنة.
فرجع ابن عباس والأشتر إلى علي، فأخبراه الخبر، فأرسل الحسن وعمار بن ياسر، وقال لعمار: انطلق فأصلح ما أفسدت فانطلقا حتى دخلا المسجد، فكان أول من سلم عليهما مسروق بن الأجدع.
فقال لعمار: علام قتلتم عثمان؟
فقال: على شتم أعراضنا، وضرب أبشارنا.
فقال: والله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولو صبرتم لكان خيرا للصابرين.
قال: وخرج أبو موسى، فلقي الحسن بن علي فضمه إليه، وقال لعمار: يا أبا اليقظان، أعدوت على أمير المؤمنين عثمان قتلته؟.
فقال: لم أفعل، ولم يسؤني ذلك، فقطع عليهما الحسن بن علي.
فقال لأبي موسى: لم تثبط الناس عنا، فوالله ما أردنا إلا الإصلاح، ولا مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء.
فقال: صدقت بأبي وأمي، ولكن المستشار مؤتمن، سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب » وقد جعلنا الله إخوانا، وحرم علينا دماءنا وأموالنا.
فغضب عمار وسبه، وقال: يا أيها الناس، إنما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أنت فيها قاعدا خير منك قائما.
فغضب رجل من بني تميم لأبي موسى ونال من عمار، وثار آخرون وجعل أبو موسى يكفكف الناس، وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، وقال أبو موسى:
أيها الناس أطيعوني، وكونوا خير قوم من خير أمم العرب، يأوي إليهم المظلوم، ويأمن فيهم الخائف، وإن الفتنة إذا أقبلت شبهت، وإذ أدبرت تبينت، ثم أمر الناس بكف أيديهم، ولزوم بيوتهم.
فقام زيد بن صوحان فقال: أيها الناس، سيروا إلى أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، سيروا إليه أجمعون.
فقام القعقاع بن عمرو فقال: إن الحق ما قاله الأمير، ولكن لا بد للناس من أمير يردع الظالم، ويعدي المظلوم، وينتظم به شمل الناس، وأمير المؤمنين علي وليَ بما وليَ وقد أنصف بالدعاء، وإنما يريد الإصلاح، فانفروا إليه.
وقام عبد خير، فقال: الناس أربع فرق، علي بمن معه في ظاهر الكوفة، وطلحة، والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقه بالحجاز لا تقاتل ولا عناء بها.
فقال أبو موسى: أولئك خير الفرق، وهذه فتنة.
ثم تراسل الناس في الكلام ثم قام عمار، والحسن بن علي في الناس علي المنبر يدعوان الناس إلى النفير إلى أمير المؤمنين، فإنه إنما يريد الإصلاح بين الناس.
وسمع عمار رجلا يسب عائشة فقال: اسكت مقبوحا منبوحا، والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها، رواه البخاري.
وقام حجر بن عدي فقال: أيها الناس، سيروا إلى أمير المؤمنين: { انْفِرُوا خِفَافا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [التوبة: 41] وجعل الناس كلما قام رجل فحرض الناس على النفير يثبطهم أبو موسى من فوق المنبر، وعمار، والحسن معه على المنبر، حتى قال له الحسن بن علي: ويحك! اعتزلنا لا أم لك، ودع منبرنا.
ويقال: إن عليا بعث الأشتر فعزل أبا موسى عن الكوفة، وأخرجه من قصر الإمارة من تلك الليلة، واستجاب الناس للنفير، فخرج مع الحسن تسعة آلاف في البر، وفي دجلة.
ويقال: سار معه اثني عشر ألف رجل ورجل واحد، وقدموا على أمير المؤمنين فتلقاهم بذي قار إلى أثناء الطريق في جماعة، منهم: ابن عباس فرحب بهم، وقال:
يا أهل الكوفة! أنتم لقيتم ملوك العجم ففضضتم جموعهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذاك الذي نريده، وإن أبوا داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بالظلم، ولم ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى.
فاجتمعوا عنده بذي قار، وكان من المشهورين من رؤساء من انضاف إلى علي: القعقاع بن عمرو، وسعد بن مالك، وهند بن عمرو، والهيثم بن شهاب، وزيد بن صوحان، والأشتر، وعدي بن حاتم، والمسيب بن نجية، ويزيد بن قيس، وحجر بن عدي وأمثالهم.
وكانت عبد القيس بكمالها بين علي وبين البصرة ينتظرونه وهم ألوف، فبعث علي القعقاع رسولا إلى طلحة والزبير بالبصرة يدعوهما إلى الألفة والجماعة، ويعظم عليهما الفرقة والاختلاف.
فذهب القعقاع إلى البصرة فبدأ بعائشة أم المؤمنين فقال: أي أماه! ما أقدمك هذا البلد؟
فقالت: أي بني! الإصلاح بين الناس.
فسألها أن تبعث إلى طلحة والزبير ليحضرا عندها فحضرا، فقال القعقاع: إني سألت أم المؤمنين ما أقدمها؟ فقالت: إنما جئت للإصلاح بين الناس.
فقالا: ونحن كذلك.
قال: فأخبراني ما وجه هذا الإصلاح؟ وعلى أي شيء يكون؟ فوالله لئن عرفناه لنصطلحن، ولئن أنكرناه لا نصطلحن.
قالا: قتلة عثمان، فإن هذا إن ترك كان تركا للقرآن.
فقال: قتلتما قتلته من أهل البصرة، وأنتما قبل قتلهم أقرب منكم إلى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمائة رجل فغضب لهم ستة آلاف فاعتزلوكم، وخرجوا من بين أظهركم.
وطلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف فإن تركتموهم وقعتم فيما تقولون، وإن قاتلتموهم فأديلوا عليكم كان الذي حذرتم، وفرقتم من هذا الأمر أعظم مما أراكم تدفعون وتجمعون منه - يعني: أن الذي تريدونه من قتل قتلة عثمان مصلحة، ولكنه يترتب عليه مفسدة هي أربى منها - وكما أنكم عجزتم عن الأخذ بثأر عثمان من حرقوص بن زهير، لقيام ستة آلاف في منعه ممن يريد قتله، فعلي أعذر في تركه الآن قتل قتلة عثمان، وإنما أخر قتل قتلة عثمان إلى أن يتمكن منهم فإن الكلمة في جميع الأمصار مختلفة، ثم أعلمهم أن خلقا من ربيعة ومضر قد اجتمعوا لحربهم بسبب هذا الأمر الذي وقع.
فقالت له عائشة أم المؤمنين: فماذا تقول أنت؟
قال: أقول: إن هذا الأمر الذي وقع دواؤه التسكين، فإذا سكن اختلجوا، فإن أنتم بايعتمونا فعلامة خير، وتباشير رحمة، وإدراك الثأر، وإن أنتم أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر وائتنافه كانت علامة شر، وذهاب هذا الملك، فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولا، ولا تعرضونا للبلاء، فتتعرضوا له، فيصرعنا الله وإياكم.
وأيم الله: إني لأقول قولي هذا وأدعوكم إليه وإني لخائف أن لا يتم، حتى يأخذ الله حاجته من هذه الأمة التي قل متاعها، ونزل بها ما نزل، فإن هذا الأمر الذي قد حدث أمر عظيم، وليس كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل، ولا القبيلة القبيلة.
فقالوا: قد أصبت وأحسنت، فارجع فإن قدم علي وهو على مثل رأيك صلح الأمر.
قال: فرجع إلى علي فأخبره فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه.
وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيبا: فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي من الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره.
ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس.
فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء، وسالم بن ثعلبة، وغلاب بن الهيثم، وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد.
فقالوا: ما هذا الرأي وعلي والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غدا يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم؟
فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلى اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم فإنما اصطلحوا على دمائنا، فإن كان الأمر هكذا ألحقنا عليا بعثمان، فرضي القوم منا بالسكوت.
فقال ابن السوداء: بئس ما رأيت، لو قتلناه قتلنا، فإنا يا معشر قتلة عثمان في ألفين وخمسمائة وطلحة والزبير وأصحابهما في خمسة آلاف، لا طاقة لكم بهم، وهم إنما يريدونكم.
فقال غلاب بن الهيثم: دعوهم وارجعوا بنا حتى نتعلق ببعض البلاد فنمتنع بها.
فقال ابن السوداء: بئس ما قلت، إذا والله كان يتخطفكم الناس.
ثم قال ابن السوداء: قبحه الله يا قوم، إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس ولا تدعوهم يجتمعون، فمن أنتم معه لا يجد بدا من أي يمتنع، ويشغل الله طلحة والزبير ومن معهما عما يحبون، ويأتيهم ما يكرهون، فأبصروا الرأي وتفرقوا عليه، وأصبح علي مرتحلا، ومر بعبد القيس فساروا من معه حتى نزلوا بالزاوية، وسار منها يريد البصرة وسار طلحة والزبير ومن معهما للقائه، فاجتمعوا عند قصر عبيد الله بن زياد، ونزل الناس كل في ناحية.
وقد سبق علي جيشه وهم يتلاحقون به، فمكثوا ثلاثة أيام والرسل بينهم، فكان ذلك للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، فأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة، من قتلة عثمان فقالا: إن عليا أشار بتسكين هذا الأمر، وقد بعثنا إليه بالمصالحة على ذلك.
وقام علي في الناس خطيبا، فقام إليه الأعور بن نيار المنقري، فسأله عن إقدامه على أهل البصرة، فقال: الإصلاح وإطفاء الثائرة ليجتمع الناس على الخير، ويلتئم شمل هذه الأمة.
قال: فإن لم يجيبونا؟
قال: تركناهم ما تركونا.
قال: فإن لم يتركونا؟
قال: دفعناهم عن أنفسنا.
قال: فهل لهم في هذا الأمر مثل الذي لنا؟
قال: نعم!.
وقام إليه أبو سلام الدالاني فقال: هل لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم إن كانوا أرادوا الله في ذلك؟
قال: نعم!
قال: فهل لك من حجة في تأخيرك ذلك؟
قال: نعم!
قال: فما حالنا وحالهم إن ابتلينا غدا؟
قال: إني لأرجو أن لا يقتل منا ومنهم أحد نقي قلبه لله إلا أدخله الله الجنة.
وقال في خطبته: أيها الناس أمسكوا عن هؤلاء القوم أيديكم وألسنتكم، وإياكم أن يسبقونا غدا، فإن المخصوم غدا مخصوم اليوم.
وجاء في غضون ذلك الأحنف بن قيس في جماعة فانضاف إلى علي، وكان قد منع حرقوص بن زهير من طلحة والزبير، وكان قد بايع عليا بالمدينة، وذلك أنه قدم المدينة وعثمان محصور، فسأل عائشة وطلحة والزبير إن قتل عثمان من أبايع؟
فقالوا: بايع عليا، فلما قتل عثمان بايع عليا.
قال: ثم رجعت إلى قومي فجاءني بعد ذلك ما هو أفظع، حتى قال الناس: هذه عائشة جاءت لتأخذ بدم عثمان، فحرت في أمري لمن أتبع، فمنعني الله بحديث سمعته من أبي بكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغه أن الفرس قد ملكوا عليهم ابنة كسرى فقال: « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ».
وأصل هذا الحديث في (صحيح البخاري).
والمقصود: أن الأحنف لما انحاز إلى علي ومعه ستة آلاف قوس، فقال لعلي: إن شئت قاتلت معك، وإن شئت كففت عنك عشرة آلاف سيف، فقال: اكفف عنا عشرة آلاف سيف.
ثم بعث علي إلى طلحة والزبير يقول: إن كنتم على ما فارقتم عليه القعقاع بن عمرو فكفوا حتى ننزل فننظر في هذا الأمر، فأرسلا إليه في جواب رسالته: إنا على ما فارقنا القعقاع بن عمرو من الصلح بين الناس، فاطمأنت النفوس وسكنت، واجتمع كل فريق بأصحابه من الجيشين، فلما أمسوا بعث علي عبد الله بن عباس إليهم، وبعثوا إليه محمد بن طليحة السجاد، وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر وهم قريب من ألفي رجل فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم.
وقام الناس من منامهم إلى السلاح فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلا، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب علي، فبلغ الأمر عليا فقال: ما للناس؟
فقالوا: بيتنا أهل البصرة فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدرا مقدورا، وقامت الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان فنشبت الحرب، وتوافق الفريقان، وقد اجتمع مع علي عشرون ألفا، وألتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا إلا كفوا، فلا يسمع أحد.
وجاء كعب بن سوار قاضي البصرة، فقال: يا أم المؤمنين أدركي الناس لعل الله أن يصلح بك بين الناس، فجلست في هودجها فوق بعيرها وستروا الهودج بالدروع، وجاءت فوقفت بحيث تنظر إلى الناس عند حركاتهم، فتصاولوا وتجاولوا، وكان في جملة من تبارز الزبير وعمار، فجعل عمار ينخره بالرمح والزبير كاف عنه، ويقول له: أتقتلني يا أبا اليقظان؟
فيقول: لا يا أبا عبد الله، وإنما تركه الزبير لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تقتلك الفئة الباغية »، وإلا فالزبير أقدر عليه منه عليه، فلهذا كف عنه.
وقد كان من سنتهم في هذا اليوم أنه لا يذفف على جريح، ولا يتبع مدبر، وقد قتل مع هذا خلق كثير جدا، حتى جعل علي يقول لابنه الحسن: يا بني ليت أباك مات قبل هذا اليوم بعشرين عاما.
فقال له: يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا.
قال سعيد بن أبي عجرة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عبادة قال: قال علي يوم الجمل: يا حسن ليت أباك مات منذ عشرين سنة.
فقال له: يا أبه قد كنت أنهاك عن هذا.
قال: يا بني إني لم أر أن الأمر يبلغ هذا.
وقال مبارك بن فضالة: عن الحسن بن أبي بكرة: لما اشتد القتال يوم الجمل، ورأى علي الرؤوس تندر، أخذ علي ابنه الحسن فضمه إلى صدره ثم قال: إنا لله يا حسن! أي: خير يرجى بعد هذا، فلما ركب الجيشان وترآى الجمعان وطلب علي طلحة والزبير ليكلمهما فاجتمعوا حتى التفت أعناق خيولهم فيقال: إنه قال لهما إني أراكما قد جمعتما خيلا ورجالا وعددا، فهل أعددتما عذرا يوم القيامة؟ فاتقيا الله ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، ألم أكن حاكما في دمكما تحرمان دمي وأحرم دمكما، فهل من حديث أحل لكما دمي؟
فقال طلحة: ألبت على عثمان.
فقال علي: { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ } [النور: 25] .
ثم قال: لعن الله قتلة عثمان، ثم قال: يا طلحة! أجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاتل بها، وخبأت عرسك في البيت، أما بايعتني؟
قال: بايعتك والسيف على عنقي.
وقال للزبير: ما أخرجك؟
قال: أنت، ولا أراك بهذا الأمر أولى به مني.
فقال له علي: أما تذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم فنظر إلي وضحك وضحكت إليه، فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنه ليس بمتمرد لتقاتلنه وأنت ظالم له ».
فقال الزبير: اللهم نعم! ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، ووالله لا أقاتلك.
وفي هذا السياق كله نظر.
والمحفوظ منه الحديث فقد رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي فقال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الدوري، حدثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي، عن جده عبد الملك، عن أبي جرو المازني قال: شهدت عليا والزبير حين تواقفا، فقال له علي: يا زبير! أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إنك تقاتلني وأنت ظالم؟ ».
قال: نعم! لم أذكره إلا في موقفي هذا، ثم انصرف.
وقد رواه البيهقي: عن الحاكم، عن أبي الوليد الفقيه، عن الحسن بن سفيان، عن قطن بن بشير، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي، عن جده، عن أبي جرو المازني، عن علي والزبير به.
وقال عبد الرزاق: أنا معمر، عن قتادة قال: لما ولي الزبير يوم الجمل بلغ عليا فقال: لو كان ابن صفية يعلم أنه على حق ما ولي، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيهما في سقيفة بني ساعدة فقال: « أتحبه يا زبير؟
فقال: وما يمنعني؟
قال: فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له؟ »
قال: فيرون أنه إنما ولي لذلك.
قال البيهقي: وهذا مرسل وقد روي موصولا من وجه آخر.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن القاضي، أنا أبو عامر بن مطر، أنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن سوار الهاشمي الكوفي، أنا منجاب بن الحارث، ثنا عبد الله بن الأجلح، ثنا أبي، عن مرثد الفقيه، عن أبيه. قال: وسمعت فضل بن فضالة يحدث، عن حرب بن أبي الأسود الدؤلي - دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه - قال: لما دنا علي وأصحابه من طلحة والزبير، ودنت الصفوف بعضها من بعض، خرج علي وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: ادعوا لي الزبير بن العوام فإني علي، فدعي له الزبير فأقبل حتى اختلفت أعناق دوابهما، فقال علي: يا زبير! نشدتك الله أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مكان كذا وكذا فقال: « يا زبير ألا تحب عليا؟
فقلت: ألا أحب ابن خالي وابن عمي وعلي ديني؟
فقال: يا زبير أما والله لتقاتلنه وأنت ظالم له؟ ».
فقال الزبير: بلى والله لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرته الآن، والله لا أقاتلك، فرجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله بن الزبير فقال: مالك؟
فقال: ذكرني علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: « لتقاتلنه وأنت ظالم له » فقال: أو للقتال جئت؟ إنما جئت لتصلح بين الناس ويصلح الله بك هذا الأمر، قال: قد حلفت أن لا أقاتله، قال: اعتق غلامك سرجس وقف حتى تصلح بين الناس، فأعتق غلامه ووقف، فلما اختلف أمر الناس ذهب على فرسه.
قالوا: فرجع الزبير إلى عائشة فذكر أنه قد آلى أن لا يقاتل عليا.
فقال له ابنه عبد الله: إنك جمعت الناس فلما ترآى بعضهم لبعض خرجت من بينهم، كفر عن يمينك واحضر.
فأعتق غلاما، وقيل: غلامه سرجس.
وقد قيل: إنه إنما رجع عن القتال لما رأى عمارا مع علي، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: « تقتلك الفئة الباغية » فخشي أن يقتل عمار في هذا اليوم.
وعندي أن الحديث الذي أوردناه إن كان صحيحا عنه فما رجعه سواه، ويبعد أن يكفر عن يمينه ثم يحضر بعد ذلك لقتال علي والله أعلم.
والمقصود: أن الزبير لما رجع يوم الجمل سار فنزل واديا يقال له: وادي السباع، فاتبعه رجل يقال له: عمرو بن جرموز فجاءه وهو نائم فقتله غيلة كما سنذكر تفصيله.
وأما طلحة: فجاءه في المعركة سهم غرب يقال: رماه به مروان بن الحكم فالله أعلم، فانتظم رجله مع فرسه فجمحت به الفرس، فجعل يقول: إلي عباد الله إلي عباد الله، فاتبعه مولى له فأمسكها، فقال له: ويحك! أعدل بي إلى البيوت وامتلأ خفه دما، فقال لغلامه: أردفني، وذلك أنه نزفه الدم وضعف، فركب وراءه وجاء به إلى بيت في البصرة فمات فيه رضي الله عنه.
وتقدمت عائشة رضي الله عنها في هودجها، وناولت كعب بن سوار قاضي البصرة مصحفا وقالت: دعهم إليه - وذلك أنه حين اشتد الحرب وحمي القتال، ورجع الزبير، وقتل طلحة رضي الله عنهما - فلما تقدم كعب بن سوار بالمصحف يدعو إليه استقبله مقدمة جيش الكوفيين، وكان عبد الله بن سبأ - وهو ابن السوداء - وأتباعه بين يدي الجيش، يقتلون من قدروا عليه من أهل البصرة، لا يتوقفون في أحد، فلما رأوا كعب بن سوار رافعا المصحف رشقوه بنبالهم رشقة رجل واحد فقتلوه، ووصلت النبال إلى هودج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فجعلت تنادي: الله الله! يا بني اذكروا يوم الحساب، ورفعت يديها تدعو على أولئك النفر من قتلة عثمان، فضج الناس معها بالدعاء حتى بلغت الضجة إلى علي فقال: ما هذا؟
فقالوا: أم المؤمنين تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم.
فقال: اللهم ألعن قتلة عثمان، وجعل أولئك النفر لا يقلعون عن رشق هودجها بالنبال حتى لقي مثل القنفذ، وجعلت تحرض الناس على منعهم وكفهم، فحملت معه الحفيظة فطردوهم حتى وصلت الحملة إلى الموضع الذي فيه علي بن أبي طالب، فقال لابنه محمد بن الحنفية: ويحك! تقدم بالراية فلم يستطع، فأخذها علي من يده فتقدم بها، وجعلت الحرب تأخذ وتعطي، فتارة لأهل البصرة، وتارة لأهل الكوفة، وقتل خلق كثير، وجم غفير، ولم تر وقعة أكثر من قطع الأيدي والأرجل فيها من هذه الوقعة.
وجعلت عائشة تحرض الناس على أولئك النفر من قتلة عثمان، ونظرت عن يمينها فقالت: من هؤلاء القوم؟
فقالوا: نحن بكر بن وائل.
فقالت لكم يقول القائل:
وجاؤوا إلينا بالحديد كأنهم * من الغرة القعساء بكر بن وائل
ثم لجأ إليها بنو ناجية، ثم بنو ضبة، فقتل عنده منهم خلق كثير، ويقال: إنه قطعت يد سبعين رجلا وهي آخذة بخطام الجمل، فلما اثخنوا تقدم بنو عدي بن عبد مناف فقاتلوا قتالا شديدا، ورفعوا رأس الجمل، وجعل أولئك يقصدون الجمل، وقالوا: لا يزال الحرب قائما ما دام هذا الجمل واقفا، ورأس الجمل في يد عمرة بن يثربي، وقيل: أخوه عمرو بن يثربي.
ثم صمد عليه علباء بن الهيثم وكان من الشجعان المذكورين، فتقدم إليه عمرو الجملي فقتله ابن يثربي، وقتل زيد بن صوحان، وأرتث صعصعة بن صوحان، فدعاه عمار إلى البراز، فبرز له فتجاولا بين الصفين وعمارا ابن تسعين سنة عليه فروة قد ربط وسطه بحبل ليف.
فقال الناس: إنا لله وإنا إليه راجعون الآن يلحق عمارا بأصحابه، فضربه ابن يثربي بالسيف فاتقاه عمار بدرقته، فغصَّ فيها السيف ونشب، وضربه عمار فقطع رجليه، وأخذ أسيرا إلى بين يدي علي.
فقال: استبقني يا أمير المؤمنين؟
فقال: أبعد ثلاثة تقتلهم؟ ثم أمر به فقتل، واستمر زمام الجمل بعده بيد رجل كان قد استنابه فيه من بني عدي، فبرز إليه ربيعة العقيلي فتجاولا حتى قتل كل واحد صاحبه، وأخذ الزمام الحارث الضبي، فما رؤي أشد منه وجعل يقول:
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل * نبارز القرن إذا القرن نزل
ننعي ابن عفان بأطراف الأسل * الموت أحلى عندنا من العسل
ردوا علينا شيخنا ثم بجسل
وقيل: إن هذه الأبيات لوسيم بن عمرو الضبي.
فكلما قتل واحد ممن يمسك الجمل يقوم غيره حتى قتل منهم أربعون رجلا.
قالت عائشة: ما زال جملي معتدلا حتى فقدت أصوات بني ضبة، ثم أخذ الخطام سبعون رجلا من قريش، وكل واحد يقتل بعد صاحبه، فكان منهم محمد بن طلحة المعروف: بالسجاد.
فقال لعائشة: مريني بأمرك يا أمه؟
فقالت: آمرك أن تكون كخير ابني آدم، فامتنع أن ينصرف وثبت في مكانه، وجعل يقول: حم لا ينصرون، فتقدم إليه نفر فحملوا عليه فقتلوه، وصار لكل واحد منهم بعد ذلك يدعي قتله، وقد طعنه بعضهم بحربة فأنفذه وقال:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما ترى العين مسلمِ
هتكتُ له بالريح جيبَ قميصه * فخر صريعا لليدين وللفمِ
يناشدني حم والمرح شاجن * فهلا تلا حم قبل التقدمِ
على غير شيء غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق يندمِ
وأخذ الخطام عمرو بن الأشرف، فجعل لا يدنو منه أحد إلا حطّه بالسيف، فأقبل إليه الحارث بن زهير الأزدي وهو يقول:
يا أمنا يا خير أم نعلم * أما ترين كمَ شجاع يكلمُ
وتجتلى هامته والمعصمُ
واختلفا ضربتين فقتل كل واحد صاحبه، وأحدق أهل النجدات والشجاعة بعائشة، فكان لا يأخذ الراية ولا بخطام الجمل إلا شجاع معروف، فيقتل من قصده، ثم يقتل بعد ذلك، وقد فقأ بعضهم عين عدي بن حاتم ذلك اليوم.
ثم تقدم عبد الله بن الزبير فأخذ بخطام الجمل وهو لا يتكلم، فقيل لعائشة: إنه ابنك ابن أختك، فقالت: واثكل أسماء!
وجاء مالك بن الحارث الأشتر النخعي فاقتتلا فضربه الأشتر على رأسه فجرحه جرحا شديدا، وضربه عبد الله ضربة خفيفة، ثم اعتنقا وسقطا إلى الأرض يعتركان، فجعل عبد الله بن الزبير يقول:
اقتلوني ومالكا * واقتلوا مالكا معي
فجعل الناس لا يعرفون مالكا من هو، وإنما هو معروف بالأشتر، فحمل أصحاب علي وعائشة فخلصوهما، وقد جرح عبد الله بن الزبير يوم الجمل بهذه الجراحة سبعا وثلاثين جراحة، وجرح مروان بن الحكم أيضا.
ثم جاء رجل فضرب الجمل على قوائمه فعقره، وسقط إلى الأرض فسمع له عجيج ما سمع أشد ولا أنفذ منه، وآخر من كان الزمام بيده زفر بن الحارث فعقر الجمل وهو في يده.
ويقال: إنه اتفق هو وبجير بن دلجة على عقره.
ويقال: إن الذي أشار بعقر الجمل علي.
وقيل: القعقاع بن عمرو لئلا تصاب أم المؤمنين، فإنها بقيت غرضا للرماة، ومن يمسك بالزمام برجاسا للرماح، ولينفصل هذا الموقف الذي قد تفانى فيه الناس.
ولما سقط البعير إلى الأرض انهزم من حوله من الناس، وحمل هودج عائشة وإنه لكالقنفذ من السهام، ونادى منادي علي في الناس: إنه لا يتبع مدبر، ولا يذفف على جريح، ولا يدخلوا الدور.
وأمر علي نفرا أن يحملوا الهودج من بين القتلى، وأمر محمد بن أبي بكر وعمارا أن يضربا عليها قبة، وجاء إليها أخوها محمد، فسألها هل وصل إليك شيء من الجراح؟.
فقالت: لا! وما أنت ذاك يا ابن الخثعمية.
وسلم عليها عمّار فقال: كيف أنت يا أم؟
فقالت: ليس لك بأم.
قال: بلى! وإن كرهت.
وجاء إليها علي بن أبي طالب أمير المؤمنين مسلما فقال: كيف أنت يا أمه؟
قالت: بخير.
فقال: يغفر الله لك.
وجاء وجوه الناس من الأمراء والأعيان يسلمون على أم المؤمنين رضي الله عنها، ويقال: إن أعين بن ضبيعة المجاشعي اطلع في الهودج، فقالت: إليك لعنك الله.
فقال: والله ما أرى إلا حميراء.
فقالت: هتك الله سترك، وقطع يدك، وأبدى عورتك، فقتل بالبصرة وسلب وقطعت يده ورمي عريانا في خربة من خرابات الأزد.
فلما كان الليل دخلت أم المؤمنين البصرة - ومعها أخوها محمد بن أبي بكر - فنزلت في دار عبد الله بن خلف الخزاعي وهي أعظم دار بالبصرة على صفية بنت الحارث بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وهي أم طلحة، الطلحات عبد الله بن خلف.
وتسلل الجرحى من بين القتلى فدخلوا البصرة، وقد طاف علي بين القتلى فجعل كلما مر برجل يعرفه ترحم عليه ويقول: يعز علي أن أرى قريشا صرعى.
وقد مر على ما ذكر على طلحة بن عبيد الله وهو مقتول، فقال: لهفي عليك يا أبا محمد، إنا لله وإنا إليه راجعون، والله لقد كنت كما قال الشاعر:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه * إذا ما هو استغنى ويبعده الفقرُ
وأقام علي بظاهر البصرة ثلاثا، ثم صلى على القتلى من الفريقين، وخص قريشا بصلاة من بينهم، ثم جمع ما وجد لأصحاب عائشة في المعسكر، وأمر به أن يحمل إلى مسجد البصرة، فمن عرف شيئا هو لأهلهم فليأخذه، إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان.
وكان مجموع من قتل يوم الجمل من الفريقين عشرة آلاف، خمسة من هؤلاء وخمسة من هؤلاء، رحمهم الله، ورضي عن الصحابة منهم.
وقد سأل بعض أصحاب علي عليا أن يقسم فيهم أموال أصحاب طلحة والزبير، فأبى عليه فطعن فيه السبائية وقالوا: كيف يحلُّ لنا دماؤهم ولا تحل لنا أموالهم؟
فبلغ ذلك عليا، فقال: أيكم يحب أن تصير أم المؤمنين في سهمه؟
فسكت القوم، ولهذا لما دخل البصرة فضَّ في أصحابه أموال بيت المال، فنال كل رجل منهم خمسمائة، وقال: لكم مثلها من الشام، فتكلم فيه السبائية أيضا، ونالوا منه من وراء وراء.



البداية والنهاية/الجزء السابع/مسير علي بن أبي طالب من المدينة إلى البصرة بدلا من الشام
< البداية والنهاية‏ | الجزء السابع
→ ابتداء وقعة الجمل البداية والنهاية – الجزء السابع
مسير علي بن أبي طالب من المدينة إلى البصرة بدلا من الشام
ابن كثير فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل ←







 
قديم 24-10-14, 04:32 PM   رقم المشاركة : 22
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road




من كتب الشيعة ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
لم تخرج على علي رضي الله عنه بل هو الذي تبعها إلى البصرة
و الحسن يعاتب أباه على خروجه مما ينافي العصمة



تفريغ النص

68 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو عاصم، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: لما نزل علي (عليه السلام) بالربذة سألت عن قدومه إليها، فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة، وصاروا إلى البصرة، فخرج يريدهم، فصرت إليه، فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي (عليهما السلام) فجلس بين يديه، ثم بكى، وقال: يا أمير المؤمنين، إني لا استطيع أن أكلمك، وبكى. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبك يا بني، وتكلم، ولا تحن حنين الجارية. فقال: يا أمير المؤمنين، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه، إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها، وتأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الابل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الامة فذاك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله، وأنا اليوم أسالك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة.......

أمالي الطوسي







 
قديم 24-10-14, 04:37 PM   رقم المشاركة : 23
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road



الرد على طعن الرافضة في قولهم أن عائشة خالفت أمر ربها وخرجت لقتال علي في حرب الجمل

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=33601

لماذا خرجت السيّدة عائشة ومعاوية على عليّ؟.

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=151877

عائشة - رضي الله عنها - خرجت على إمام زمانها علي بن ابي طالب ؟؟

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=3008







 
قديم 09-11-14, 06:41 PM   رقم المشاركة : 25
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road



أريد معرفة بعض الحقائق حول معركة الجمل والإلمام بمغزاها ولماذا تقاتل الصحابة رضوان الله
عليهم فيما بينهم وهل نعتبر كتاب ابن العربي مرجعا لنا؟ أريد رداً من فضلكم.
جزاكم الله خيرا.


الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن معتقد أهل السنة والجماعة الإمساك عما جرى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والترضي عنهم جميعاً، واعتقاد أنهم مجتهدون في طلب الحق، للمصيب منهم أجران، وللمخطئ أجر واحد.
ولما كانت كتب التاريخ مشحونة بكثير من الأخبار المكذوبة التي تحط من قدر هؤلاء الأصحاب الأخيار، وتصور ما جرى بينهم على أنه نزاع شخصي أو دنيوي، لما كان الأمر كذلك فإننا نسوق إليك جملة من الأخبار الصحيحة حول هذه المعركة، وبيان الدافع الذي أدى إلى اقتتال الصحابة الأخيار رضي الله عنهم.
أولاً: بويع علي رضي الله عنه بالخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، وكان كارهاً لهذه البيعة رافضاً لها، وما قبلها إلا لإلحاح الصحابة عليه، وفي ذلك يقول رضي الله عنه: (ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة"، وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت، فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين، فكأنما صدع قلبين، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى). رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
ثانياً: لم يكن علي رضي الله عنه قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان رضي الله عنه لعدم علمه بأعيانهم، ولاختلاط هؤلاء الخوارج بجيشه، مع كثرتهم واستعدادهم للقتال، وقد بلغ عددهم ألفي مقاتل كما في بعض الروايات، كما أن بعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة علي.
وقد كان كثير من الصحابة خارج المدينة في ذلك الوقت، ومنهم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، لانشغال الجميع بالحج، وقد كان مقتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة، سنة خمسة وثلاثين على المشهور.
ثالثاً: لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة، والتقوا بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرة ليققوا بمن فيها من الخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان رضي الله عنه، وإنفاذ القصاص فيهم.
ويدل على ذلك ما أخرجه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك: أن عائشة رضي الله عنها لما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب". فقال لها الزبير: ترجعين!! عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس.
قال الألباني: إسناده صحيح جداً، صححه خمسة من كبار أئمة الحديث هم: ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر (سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 474).
رابعاً: وقد اعتبر علي رضي الله عنه خروجهم إلى البصرة واستيلاءهم عليها نوعاً من الخروج عن الطاعة، وخشي تمزق الدولة الإسلامية فسار إليهم رضي الله عنه (وكان أمر الله قدراً مقدوراً).
خامساً: وقد أرسل علي رضي الله عنه القعقاع بن عمرو إلى طلحة والزبير يدعوهما إلى الألفة والجماعة، فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال: أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: أي بني الإصلاح بين الناس.
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيباً، فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي منَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس، فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء... وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأي؟ وعلي والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غداً يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم.
فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا... ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون...) انتهى كلام ابن كثير.
وذكر ابن كثير أن علياً وصل إلى البصرة، ومكث ثلاثة أيام، والرسل بينه وبين طلحة والزبير، وأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة من قتلة عثمان فقالا: إن علياً أشار بتسكين هذا الأمر، وقد بعثنا إليه بالمصالحة على ذلك.
ثم قال ابن كثير: (وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورن، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر، وهم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب علي، فبلغ الأمر علياً فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدراً مقدراً، وقامت على الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان، وقد اجتمع مع علي عشرون ألفاً، والتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد...) انتهى كلام ابن كثير رحمه الله.
سادساً: وإن أهم ما ينبغي بيانه هنا، ما كان عليه هؤلاء الصحابة الأخيار من الصدق والوفاء والحب لله عز وجل رغم اقتتالهم، وإليك بعض النماذج الدالة على ذلك:
1- روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن الحسن بن علي قال: (لقد رأيته - يعني علياً - حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول: يا حسن، لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة أو سنة).
2- وقد ترك الزبير القتال ونزل وادياً فتبعه عمرو بن جرموز فقتله وهو نائم غيلة، وحين جاء الخبر إلى علي رضي الله عنه قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. وجاء ابن جرموز معه سيف الزبير، فقال علي: إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- وأما طلحة رضي الله عنه، فقد أصيب بسهم في ركبته فمات منه، وقد وقف عليه علي رضي الله عنه، فجعل يمسح عن وجهه التراب، وقال: (رحمة الله عليك أبا محمد، يعز علي أن أراك مجدولاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري، والله لوددت أني كنت مت قبل لهذا اليوم بعشرين سنة). وقد روي عن علي من غير وجه أن قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان ممن قال الله فيهم: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر:47].
4- وقيل لعلي: إن على الباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة، وأن يخرجهما من ثيابهما.
5- وقد سألت عائشة رضي الله عنه عمن قتل معها من المسلمين، ومن قتل من عسكر علي، فجعلت كلما ذكر لها واحداً منهم ترحمت عليه ودعت له.
6- ولما أرادت الخروج من البصرة، بعث إليها علي بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسيرَّ معها أخاها محمد بن أبي بكر - وكان في جيش علي - وسار علي معها مودعاً ومشيعاً أميالاً، وسرَّح بنيه معها بقية ذلك اليوم.
7- وودعت عائشة الناس وقالت: يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتي لمن الأخيار، فقال علي: صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.
8- ونادى مناد لعلي: (لا يقتل مدبر، ولا يدفف على جريح، ومن أغلق باب داره فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن). وأمر علي بجمع ما وجد لأصحاب عائشة رضي الله عنها في العسكر، وأن يحمل إلى مسجد البصرة، فمن عرف شيئاً هو لأهلهم فليأخذه.
فهذا - وغيره - يدل على فضل هؤلاء الصحابة الأخيار ونبلهم واجتهادهم في طلب الحق، وسلامة صدورهم من الغل والحقد والهوى، فرضي الله عنهم أجمعين.
وأما الكتب التي ينصح بقراءتها في هذا الموضوع فمنها كتاب (العواصم من القواصم لابن العربي)، ومنها (منهاج السنة لابن تيمية)، (والبداية والنهاية لابن كثير)، (وعصر الخلافة الراشدة للدكتور أكرم ضياء العمري).
والله أعلم.








 
قديم 09-11-14, 06:43 PM   رقم المشاركة : 26
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road


العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي

عاصمة
مجيء أصحاب الجمل إلى البصرة لتأليف الكلمة وللتوصل بذلك إلى إقامة الحد على قتلة عثمان
...
عاصمة:
أما خروجهم إلى البصرة فصحيح لا إشكال فيه.
ولكن لأي شيء خرجوا؟ لم يصح فيه نقل، ولا يوثق فيه بأحد؛ لأن الثقة لم ينقله، وكلام المتعصب [غير مقبول]. وقد دخل مع المتعصب من يريد الطعن في الإسلام واستنقاص الصحابة:
فيحتمل أنهم خرجوا خلعًا لعلي لأمر ظهر لهم249، وهو أنهم بايعوا لتسكين الثائرة، وقاموا يطلبون الحق.
ويحتمل أنهم خرجوا ليتمكنوا من قتلة عثمان250.
ويمكن أنهم خرجوا [لينظروا] في جمع طوائف المسلمين، وضم [تشردهم]، وردهم إلى قانون واحد حتى لا يضطربوا فيقتتلوا، وهذا هو الصحيح، لا شيء سواه. بذلك وردت صحاح الأخبار.
فأما الأقسام الأُوَل فكلها باطلة وضعيفة:
أما بيعتهم كرها فباطل [وقد بيناها].
وأما خلعهم فباطل؛ لأن الخلع لا يكون إلا بنظر من الجميع، فيمكن
ـــــــ
249 وهذا الاحتمال بعيد عن هؤلاء الأفاضل الصالحين، ولم يقع منهم ما يدل عليه، بل الحوادث كلها دلت على نزاهتهم عنه، وإلى هذا ذهب الحافظ ابن حجر في فتح الباري: 41:13-42 فنقل عن كتاب "أخبار البصرة" لعمر بن شبة قول الملهب: "إن أحدًا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليًّا في الخلافة، ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة"."خ".
250 وهذا ما كانوا يذكرونه، إلا أنهم يريدون أن يتفقوا مع علي على الطريقة التي يتوصلون بها إلى ذلك، وهذا ما كان يسعى به الصحابي المجاهد القعقاع بن عمرو، وقبله الطرفان كما سيأتي."خ".

(1/155)

أن يولى واحد أو اثنان، ولا يكون الخلع إلا بعد الإثبات والبيان.
وأما خروجهم في أمر قتلة عثمان فيضعف؛ لأن الأصل قبله تأليف الكلمة. ويمكن أن يجتمع الأمران253.
ويروى أن تغيبهم254 قطعًا للشعب بين الناس، فخرج طلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم رجاء أن يرجع الناس إلى أمهم، فيرعوا حرمة نبيهم، واحتجوا عليها255 بقول الله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء:114]، وقد خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلح وأرسل فيه، فرجت المثوبة، واغتنمت [الفرصة]، وخرجت حتى بلغت الأقضية مقاديرها.
وأحس بهم أهل البصرة، فحرض من كان بها من المتألبين على عثمان الناس، وقالوا: أخرجوا إليهم حتى تروا ما جاءوا إليه، فبعث عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة256، فلقى طلحة والزبير بالزابوقة، فقتل
ـــــــ
253 واجتماع الأمرين هو الذي كاد يقع، لولا أن السبئيين أحبطوه، فأصحاب الجمل جاءوا في أمر قتلة عثمان، ولم يجيئوا إلا لذلك، إلا أنهم أرادوا أن يتفاهموا عليه مع علي؛ لأن التفاهم معه أول الوسائل للوصول إلى ما جاءوا له."خ".
254 أي تغيب طلحة والزبير وعائشة عن المدينة."خ".
255 لما أقنعوها بالخروج إلى البصرة."م".
256 عثمان بن حنيف أنصاري من الأوس، كان عند هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة أحد الشبان الأوسيين الخمسة عشر الذين انضموا إلى عبد عمرو بن صيفي عند خروجه إلى مكة مغاضبًا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان عبد عمرو يسمى في الجاهلية الراهب فسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفاسق. "الطبري: 16:2". والظاهر أن عثمان بن حنيف عاد من مكة وأسلم قبل وقعة أحد؛ لأنها أول مشاهده "الإصابة: 459:2". وتزعم الشيعة أنه شاغب على خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبي بكر الصديق في أول خلافته "تنقيح المقال للمامقاني: 198:1" =

(1/156)

الاجتماع في البصرة
...
حكيم257، ولو خرج مسلمًا مستسلمًا لا مدافعًا258 لما أصابه شيء، وأي خير كان له في المدافعة، وعن أي شيء كان يدافع؟ وهم ما جاءوا مقاتلين ولا ولاة، وإنما ساعين في الصلح، راغبين في تأليف الكلمة، فمن خرج إليهم ودافعهم وقاتلهم دافعوا عن مقصدهم، كما يفعل في سائر الأسفار والمقاصد.
فلما وصلوا إلى البصرة تلقاهم الناس بأعلى المربد مجتمعين259، حتى لو رمى حجر ما وقع إلا على رأس إنسان، فتكلم طلحة وتكلمت عائشة رضي الله عنها.
ـــــــ
= وأعتقد أن هذا من كذبهم، وقد تولى لعمر مساحة أرض العراق وضرب الجزية والخراج على أهلها، فلو صح ما زعموه من شغبه على أبي بكر لتنافى هذا مع استعمال عمر له، إلا أن يكون تاب، ولما بويع لعلي آخر سنة 35 واختار ولاته في بداية سنة 36 ولى عثمان بن حنيف على البصرة "الطبري: 161:5"، ولما وصل أصحاب الجمل إلى الحفير على أربعة أميال من البصرة أرسل إليهم عثمان بن حنيف عمران بن حصين الخزاعي صاحب راية النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خزاعة يوم الفتح ليعلم له علمهم، فلما عاد إليه وذكر له حديثه مع أصحاب الجمل قال له عثمان بن حنيف: أَشِرْ علي يا عمران. فقال له: إني قاعد، فاقعد. فقال عثمان: بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين علي. وأشار عليه هشام بن عامر الأنصاري -أحد الصحابة المجاهدين الفاتحين- بأن يسالمهم حتى يأتي أمر علي، فأبى عثمان بن حنيف ونادى في الناس، فلبسوا السلاح، وأقبل عثمان على الكيد "الطبري: 174:5-175"، وكانت العاقبة فشله، وخروج الأمر من يده إلى أيدي أصحاب الجمل، ووقع ابن حنيف في أسر الجماهير فنتفت لحيته، ثم أنقذه أصحاب الجمل منهم فانسحب إلى معسكر علي في الثعلبة ثم في ذي قار. هذا هو عثمان بن حنيف وموقفه من أصحاب الجمل، أما حكيم بن جبلة فالقارئ يعلم أنه من قتلة أمير المؤمنين عثمان، وقد تقدم التعريف به."خ".
57 الزابوقة: موضع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل في دورها الأول بعد أن خطب طلحة والزبير وعائشة في المربد، أما مصرع حكيم بن جبلة فكان بعد المعارك الأولى التي انتهت بغلبة أصحاب الجمل واستيلائهم على الحكم في البصرة، فتمرد حكيم بن جبلة على هذه الحالة الجديدة وقاتل مع ثلاثمائة من أعوانه حتى قتل."خ".
258 أي مقاتلًا."خ".
259 مربد البصرة: موضع كانت تقام فيه سوق الإبل خارج البلد =

(1/157)

كتابة الكتاب بين عثمان بن حنيف وأصحاب الجمل بالكف عن القتال
...
وكثر اللغط260، وطلحة يقول: "أنصتوا" فجعلوا يركبونه ولا [ينصتون]، فقال: "أُفٍّ، أُفٍّ، فراش نار، وذباب طمع"، وانقلبوا على غير بيان261.
وانحدروا إلى بني نهد، فرمامهم الناس بالحجارة حتى نزلوا الجبل262، والتقى طلحة والزبير وعثمان بن حنيف- عامل علي، على البصرة-
ـــــــ
= ثم صارت تكون فيه مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء، ثم اتسع عمران البصرة، فدخل المربد في العمران، فكان من أجل شوارعها، وسوقه من أجل أسواقها، وصار محطة عظيمة سكنها الناس، ولما انحطت منزلة البصرة، وهزم عمرانها تضاءلت، فأمسى المربد بائنًا عنها حتى كان بينه وبين البصرة في زمن ياقوت ثلاثة أميال، والمربد خراب كالبلدة المفردة في وسط البرية، وكان موضع البصرة يومئذ قريبًا من موضع ضاحيتها الزبير في أيمنا هذه.
260 لأن الذين في الميسرة كانوا يقولون تعليقًا على خطبتي طلحة والزبير: فجرا، وغدرا، وقالا الباطل، وأمرا به. وقد بايعا ثم جاءا يقولان ما يقولان. والذين كانوا في الميمنة يقولون: صدقا، وبرا، وقالا الحق، وأمرا بالحق. وتحاثى الناس وتحاصبوا وأرهجوا، إلا أنه لما انتهت عائشة من خطبتها ثبت الذين مع أصحاب الجمل على موالاتهم لهم، وافترق أصحاب عثمان بن حنيف فرقتين فقالت فرقة: صدقت والله وبرت وجاءت بالمعروف، وقال الآخرون: كذبت، ما نعرف ما تقولون، فتحاثوا وتحاصبوا أرهجوا."خ".
261 لما رأت عائشة ما يفعل أنصار عثمان بن حنيف انحدرت وانحدر أهل الميمنة مفارقين لابن حنيف حتى وقفوا في موضع آخر، ومال بعض الذين كانوا مع ابن حنيف إلى عائشة وبقى بعضهم مع عثمان بن حنيف "الطبري: 175:5".
262 حفظ لنا الطبري: 176:5-177 وصفًا دقيقًا نقله سيف بن عمر التميمي عن شيخيه محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، وطلحة بن الأعلم الحنفي عن موقف أصحاب الجمل السلمي في هذه الوقعة، وإسراف حكيم بن جبلة في إنشاب القتال، قالا: وأمرت عائشة أصحابها فتيامنوا حتى انتهوا إلى مقبرة بني مازن ثم حجز الليل بين الفريقين. وفي اليوم التالي انتقل أصحاب الجمل إلى جهة دار الرزق، وأصبح عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة فجددوا التقال، وكان حكيم يطيل لسانه بسب أم المؤمنين ويقتل من يلومه على ذلك من نساء ورجال، ومنادي عائشة يدعو الناس إلى الكف عن القتال فيأبون، حتى إذا مسهم الشر وعضهم نادوا أصحاب عائشة إلى الصلح."خ".

(1/158)

وصول علي إلى البصرة ووقع التفاهم بينه وبين أصحاب الجمل
...
وكتبوا بينهم أن يكفوا عن القتال، ولعثمان دار الإمارة والمسجد وبيت المال، وأن ينزل طلحة والزبير من البصرة حيث شاءا، ولا يعرض بعضهم لبعض حتى يقدم علي263.
وروي أن حكيم بن جبلة عارضهم حينئذ، فقل بعد الصلح.
وقدم علي البصرة265، وتدانوا ليتراءوا266، فلم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، واشتجر [بينهم] الحرب، وكثرة الغوغاء على البوغاء؛ كل ذلك حتى لا يقع برهان، ولا [تقف] الحال على بيان، ويخفى قتلة عثمان، وإن واحدًا في الجيش يفسد تدبيره، فكيف بألف.
ـــــــ
263 ونص كتاب الصلح في تاريخ الطبري 177:5: ولما بلغ عليًّا ما وقع كتب إلى عثمان بن حنيف يصفه بالعجز، وجمع طلحة والزبير الناس، وقصدوا المسجد وانتظروا عثمان بن حنيف فأبطأ، ولم يحضر، ووقعت فتنة في المسجد من رعاع البصرة أتباع حكيم بن جبلة، وكان لها رد فعل من أناس ذهبوا إلى عثمان بن حنيف ليحضروه، فتوطأه الناس ونتفوا شعر وجهه، أمرهم بذلك مجاشع بن مسعود السلمي زعيم هوازن وبني سليم والأعجاز من قبائل البصرة. "الطبري 178:5"."خ".
265 فنزل مكانًا منها يسمى الزاوية. وكان أصحاب الجمل نازلين مكانًا منها يسمى الفرضة. "خ".
266 عند موضع قصر عبيد الله بن زياد، وكان ذلك يوم الخميس في النصف من جمادى الأخرة سنة 36 "الطبري 199:5". وكان الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو التميمي قد قام بين الفريقين بالوساطة الحكيمة المعقولة، فاستجاب له أصحاب الجمل، وأذعن علي لذلك، وبعث علي إلى طلحة والزبير، يقول: "إن كنتم على ما فارقتم عليه القعقاع بن عمرو، فكفوا حتى ننزل، فننظر في هذا الأمر"، فأرسلا إليه: :إنا على ما فارقنا عليه القعقاع بن عمرو من الصلح بين الناس". قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: 239 فاطمأنت النفوس وسكنت، واجتمع كل فريق بأصحابه من الجيشين. فلما أمسوا بعث علي عبد الله بن عباس إليهم، وبعثوا محمد بن طلحة السجاد إلى علي، وعولوا جميعًا على الصلح، وباتوا بخير ليلة لم يبيتوا بمثلها للعافية. وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشر ليلة باتوها قط، قد أشرفوا على الهلكة. وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها، حتى اجتمعوا على إنشاب الحرب في السر، واستسروا بذلك خشية أن يفطن بما حاولوا من =

(1/159)

وقد روي أن مروان لما وقعت عينه في الاصطفاف على طلحة قال: لا [أطلب] أثرًا بعد عين، ورماه بسهم فقتله267. ومن يعلم هذا إلا علام الغيوب، ولم ينقله ثبت.
وقد روي "أنه" أصابه سهم بأمر مروان، لا أنه رماه.
وقد خرج كعب بن سور بمصحف منشور بيده يناشد الناس أن لا يريقوا دماءهم269، فأصابه سهم غرب فقتله270، ولعل طلحة مثله.
ـــــــ
= الشر، فغدوا مع الغلس وما يشعر بهم جيرانهم، انسلوا إلى ذلك الأمر انسلالًا "وانظر مع ذلك الموضع من تاريخ ابن كثير تاريخ الطبري 202:5-203 ومنهاج السنة 185:5، 225:3، 241" وهكذا أنشبوا الحرب بين علي وأخويه الزبير وطلحة، فظن أصاب الجمل أن عليًّا غدر بهم، وظل علي أن إخوانه غدروا به، وكل منهم اتقى الله من أن يفعل ذلك في الجاهلية، فكيف بعد أن بلغوا أعلى المنازل من أخلاق القرآن."خ".
267 آفة الأخبار رواتها، وفي العلوم الإسلامية علاج آفة الكذب الخبيثة، فإن كل راوي خبر يطالبه الإسلام بأن يعين مصدره على قاعدة: من أين لك هذا؟ ولا تعرف أمة مثل هذه الدقة في المطالبة بمصادر الأخبار كما عرفه المسملون، ولا سيما أهل السنة منهم، وهذا الخبر عن طلحة ومروان لقيط لا يعرف أبوه ولا صاحبه، وما دام لم ينقله ثبت بسند معروف عن رجال ثقات فإن للقاضي ابن العربي أن يقول بملء فيه: ومن يعلم هذا إلا علم الغيوب؟
269 كعب بن سور الأزدي أو قضاةء المسلمين على البصرة ولاه أمير المؤمنين عمر. قال الحافظ بن عبد البر: كان مسلمًا في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكنه لم يره.
270 قال الحافظ ابن عساكر 85:7 في ترجمة طلحة: وقالت عائشة لكعب بن سور الأزدي: "خلِّ يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه"، ودفعت إليه مصحفًا، وأقبل القوم وأمامهم السبئية يخافون أن يجري الصلح، فاستقبلهم كعب بالمصحف، وعلي من خلفهم يزعهم ويأبون إلا إقدامًا، فلما دعاهم كعب رشقوه رشقًا واحدًا فقتلوه، ثم راموا أم المؤمنين ... فكان أول شيء أحدثته حين أبوا أن قالت: "أيها الناس، العنوا قتلة عثمان وأشياعهم"، وأقبلت تدعو، وضج أهل البصرة بالدعاء. وسمع علي =

(1/160)

ومعلوم أنه عند الفتنة، وفي ملحمة القتال يتمكن أولوا الإحن والحقود، من حلِّ العرى ونقض العهود، وكانت آجالا حضرت، ومواعد انتجزت771.
فإن قيل: لم خرجت عائشة رضي الله عنها وقد قال صلى الله عليه وآله
ـــــــ
= الدعاء فقال: "ما هذه الضجة؟" فقالوا: عائشة تدعو ويدعو الناس معها على قتلة عثمان وأشياعهم. فأقبل علي يدعو وهو يقول: "اللهم العن قتلة عثمان وأشياعهم". قلت: وهكذا اشترك صالحوا الفريقين في لعن قتلة أمير المؤمنين الشهيد المظلوم في الساعة التي كان فيها قتلة عثمان ينشبون القتال بين صالحي المسلمين.
271 نقل الحافظ ابن عساكر 86:7-87 قول الشعبي: رأى علي بن أبي طالب طلحة ملقى في بعض الأودية، فنزل فمسح التراب عن وجهه، ثم قال: "عزيز علي أبا محمد أن أراك مجدلًا في الأودية وتحت نجوم السماء. إلى الله أشكو عجري وبجري" "قال الأصمعي: أي سرائري وأحزاني التي تجول في جوفي". وقال: "ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة". وقال أبو حبيبة مولى طلحة: دخلت أنا وعمران بن طلحة على علي بعد الجمل، فرحب بعمران وأدناه وقال: "إني لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} ، وكان الحارث الأعور* جالسًا في ناحية، فقال: الله أعدل من أن نقتلهم ويكونوا إخواننا في الجنة، فقال له علي: قم إلى أبعد أرض الله وأسحقها، فمن هو ذا إن لم أكن أنا وطلحة في الجنة؟ وذكر محمد بن عبد الله أن عليًّا تناول دواة فحذف بها الأعور يريده بها فأخطأه، وقال له ابن الكواء**: "الله أعدل من ذلك"، فقام إليه علي بدرة فضربه، وقال له: "أنت -لا أم لك- وأصحابك تنكرون هذا؟".
ـــــــ
* هو الحارث بن عبد الله الهمداني الحوثي أبو زهير الكوفي الأعور أحد كبار الشيعة. قال عنه الشعبي وابن المديني: كذاب. قلت: وإنما كان يدفعه إلى الكذب تحزبه وتشيعه، فالحزبية والتشيع والتعصب المذهبي من مدارج الباطل، والإسلام دين الاعتدال والإنصاف والصدق، وأن تقول الحق ولو على نفسك."م".
** ابن الكواء: عبد الله بن أبي أوفى اليشكري أحد القائمين بالفتنة على عثمان. وبعد صفين والتحكيم كان على رأس الخوارج على علي، فلما حاجهم علي وابن عباس رجع إلى علي قبل وقعة النهروان، هذان التعليقان السابقان للخطيب."م".

(1/161)

وسلم لهن في حجة الوداع "هذه ثم ظهور الحصر"272. قلنا: حدث حديثين امرأة، فإن أبت فأربعة، يا عقول النسوان ألم أعهد إليكم ألا ترووا أحاديث البهتان، وقدمنا لكم على صحة خروج عائشة البرهان273،، فلم تقولون ما لا تعلمون؟ وتكررون ما وقع الانفصال عنه كأنكم لا تفهمون؟ {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}.
وأما الذي ذكرتم من الشهادة على ماء الحوأب، فقد بؤتم في ذكرها بأعظم حوب274، ما كان قط شيء مما ذكرتم، ولا قال275 النبي صلى الله
ـــــــ
272 في مسند أحمد: 446:2 الطبعة الأولى من حديث صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما حج بنسائه قال: "إنما هذه الحجة ثم الزمن ظهور الحصر"، وفيه 218:5 الطبعة الأولى من حديث واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لنسائه في حجته: "هذه ثم ظهور الحصر". وحديث أبي واقد في باب فرض الحج من كتاب المناسك بسنن أبي داود: ك11ب1. والحصر جمع حصير، أي لزوم المنزل. ونقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 215:5 على أنه إشارة نبوية إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم، ينعى لهن نفسه، وأن هذه آخر حجة له صلى الله عليه وآله وسلم، وليس فيه أمر منه بأن لا يزايلن الحصر إلى حج أو مصلحة أو إصلاح بين الناس، فاستشهاد أعداء الصحابة بهذا الحديث على المنوع مطلقًا عده القاضي ابن العربي من البهتان؛ لأنه استشهاد به لغير ما أراده النبي صلى الله عليه وآله وسلم. "خ".
2 روى الإمام ابن حزم في بحث "وجوه الفضل والمفاضلة" من كتاب "الإمامة والمفاضلة" المدرج في الجزء الرابع من الفصل صـ 134 عن شيخه أحمد بن محمد الخوزي عن أحمد بن الفضل الدينوري عن محمد بن جرير الطبري أن علي بن أبي طالب بعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى الكوفة، إذ خرجت أم المؤمنين إلى البصرة، فلما أتياها اجتمع إليهما الناس في المسجد، فخطبهم عمار، وذكر لهم خروج عائشة أم المؤمنين إلى البصرة ثم قال لهم: "إني أقول لكم، ووالله إني لأعلم أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة كما هي زوجته في الدنيا، ولكن الله ابتلاكم بها لتطيعوها أو لتطيعوه" فقال مسروق أو أبو الأسود: يا أبا اليقظان، فنحن مع من شهدت له بالجنة دون من لم تشهد له، فسكت عمار."خ".
274. الحوب: الإثم."خ".
275 بل هو حديث صحيح، أخرجه أحمد 52/6 و 97 وغيره من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم عن عائشة، وهذا إسناد صحيح =

(1/162)

تحقيق علمي لمسألة الحوأب
...
عليه وآله وسلم ذلك الحديث، ولا جرى ذلك الكلام، ولا شهد أحد
ـــــــ
=
رجاله كلهم ثقات، وقد صححه ابن حبان 1831 والحاكم والحافظ والذهبي وابن كثير.
وبمناسبة الكلام على حديث الحوأب، لا بد لنا من التصريح بأن خروج عائشة رضي الله عنها كان اجتهادًا منها لتحقيق غاية طلحة والزبير، والتعاون مع علي رضي الله عنه من أجل إطفاء الفتنة والقضاء على المنافقين والمفسدين من قتلة عثمان رضي الله عنهم جميعًا. وقد جاء في كتاب التحفة الاثنى عشرية في رد المطاعن في حق أم المؤمنين وحبيبة حبيب رب العالمين عائشة الصديقة وزوج مفخرة العوالم على الحقيقة. منها أنها خرجت من المدينة إلى مكة، ومنها إلى البصرة، ومعها يزيد على ستة عشر ألف رجل من العسكر. وقد قال تعالى في الأزواج المطهرات:
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} فأمرهن بالسكون في البيوت، ونهاهن عن الخروج من بيوتهن.
والجواب: أن الأمر باستقرارهن في البيوت والنهي عن الخروج منها ليس بمطلق، ولو كان مطلقًا لما أخرجهن رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم بعد نزول الآية إلى الحج والعمرة والغزوات، ولا رخص بهن بزيارة الوالدين وعيادة المريض وتعزية أقاربهن. واللازم باطل، فكذا الملزوم. والمراد من هذا الأمر والنهي تأكيد التستر والحجاب، بأن لا يدرن ولا يتسكعن في الطرق كنساء العوام.
وما طعن به أعداء الله على أم المؤمنين رضي الله عنها وجد في فاطمة رضي الله عنها لما ثبت في كتبهم بطريق التواتر أن الأمير -عليًّا- قد أركب فاطمة على مطية وطاف بها في محلات المدينة ومساكن الأنصار طالبًا منهم الإعانة على ما غصب من حقها في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وذلك بناء على رواية الخصوم.
ولما ظهر علي رضي الله عنه جاء إلى أم المؤمنين رضي الله عنها فقال: "غفر الله لك"، قالت: "ولك، ما أردت إلا الإصلاح".
ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف، وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عندها.
فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل منهما مئة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل. "الطبري: 223:5" ولما أرادت الخروج من البصرة بعث إليها بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وأرسل معها أربعين امرأة وسير معها أخاها محمدًا.
ولما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي رضي الله عنه فوقف على الباب
=

(1/163)

بشهادتهم، وقد كتبت شهاداتكم بهذا الباطل وسوف تسألون276.
ـــــــ
=
وخرجت من الدار في الهودج، فودعت الناس ودعت لهم وقالت: "يا بني، لا يغتب بعضكم بعضًا، إنه والله ما كان بيني وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه لمن الأخيار"، فقال علي رضي الله عنه:
"صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة، وسار معها مودعا أميالًا سرح بيته معها بقية ذلك اليوم.
أما خروج عائشة رضي الله عنها فهو اجتهاد منها لتحقيق غاية طلحة والزبير، والتعاون مع علي من أجل إطفاء الفتنة والقضاء على المنافقين من قتلة عثمان رضي الله عنهم جميعا. "التحفة صـ 260-268، 275، 276 باختصار".
فأين هذه البراءة مما زعمه بعض المفترين بأن خروج عائشة رضي الله عنها يوم الجمل كان انتقامًا من علي رضي الله عنه من أنه حض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على طلاقها في حادثة الإفك لما رأى من حزنه من كلام بعض الناس. وقد قال غير واحد أنها اجتهدت، ولكنها أخطأت في الاجتهاد، ولا إثم على المجتهد المخطيء، بل له أجر على اجتهاده، وكونها رضي الله تعالى عنها من أهل الاجتهاد مما لا ريب فيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
إن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت كلما ذكرت تبكي حتى تبل خمارها، وهكذا عامة السابقن ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن لهؤلاء قصد في القتال، ولك وقع القتال بغير اختيارهم . "المنتقى صـ 223"."م".
276 تقدم بيان موضع الحوأب. وأن الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزعموا أن عائشة ذكرته عند وصولهم إلى ذلك الماء ليس له موضع في دواوين السنة المعتبرة. وقد رأينا خبره عند الطبري 170:5 فرأيناه يرويه عن إسماعيل بن موسى الفزاري "وهو رجل قال فيه ابن عدي: أنكروا منه الغلو في التشيع"، ويرويه هذا الشيعي عن علي بن عابس الأزرق "قال عنه النسائي: ضعيف"، وهو يرويه عن أبي الخطاب الهجري "قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: مجهول" وهذا الهجري المجهول يرويه عن صفوان بن قبيصة الأحمسي "قال عنه

(1/164)

..............................
ـــــــ
= الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال": مجهول". هذا هو خبر الحوأب. وقد بني على أعرابي زعموا أنهم لقوه في طريق الصحراء ومعه جمل أعجبهم، فأرادوا أن يكون هو جمل عائشة، فاشتروه منه، وسار الرجل معهم حتى وصلوا إلى الحوأب، فسمع هذا الكلام ورواه، مع أنه هو نفسه -أي الأعرابي صاحب الجمل- مجهول الاسم، ولا نعرف عنه أن كان من الكذابين أو الصادقين.
ويظهر لي أنه ليس من الكذابين ولا من الصادقين؛ لأنه من أصله رجل موهوم لم يخلق، ولأن جمل عائشة واسمه "عسكر" جاء به يعلى بن أمية من اليمن وركبته عائشة من مكة إلى العراق، ولم تكن ماشية على رجلها حتى اشتروا لها 0جملا من هذا الأعرابي الذي زعموا أنهم قابلوه في الصحراء، وركبوا على لسانه هذه الحكاية السخيفة ليقولوا أن طلحة والزبير -المشهود لهما بالجنة ممن لا ينطق عن الهوى- قد شهدا الزور، ولو كنا نستجيز نقل الأخبار الواهية لنقلنا في معارضة هذا الخبر خبرًا آخر نقله ياقوت في معجم البلدان "مادة حوأب" عن سيف بن عمر التميمي أن المنبوحة من كلاب الحوأب هي أم زمل سلمى بنت مالك الفزارية التي قادت المرتدين ما بين ظفر والحوأب، فسباها المسلمون، ووهبت لعائشة فأعتقتها، فقيلت فيها هذه الكلمة. وهذا الخبر ضعيف والخبر الذي أوردوه عن عائشة أوهى منه. وما برح الكذب بضاعة يتجر بها الذين لا يخافون الله. ذكرنا فيما سبق أن خبر الحوأب صحيح فليرجع إليه."م".



;كتاب العواصم من القواصم










 
قديم 10-11-14, 11:54 AM   رقم المشاركة : 27
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road


ن خروج ام المؤمنين عائشة انما اجتهاد منها وقد تأولت واخطأت ولها اجر واحد ..

حتى ان الامام علي لم يسيء اليها ولم يكقرها ..

ونحن مأمورون بأن نستغفر لأئمة السلف الصالح لا ان نقدح بهم ونمسك بزلاتهم ونترك محاسنهم طبقا لقوله تعالى :


( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون *والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) الحشر : 8-10 .


ايها القاريء اللبيب الواضح في الايات الكريمات الثلاث مايلي :

1. في الآية الأولى : وصف الله عز وجل المهاجرين عامة بالصدق ، فهل الذي يشهد الله تعالى له بالصدق يكذب أو يخون أو يرتد أو يؤثر الدنيا على الآخرة ؟ ! إن ذلك كله نقيض الصدق ، والله الذي يعلم السر وأخفى ، والذي يعلم ما كان وما سيكون شهد لهم بالصدق وهو علام الغيوب .

2. في الآية الثانية وصف الله عز وجل الأنصار بالفلاح ، والفلاح في الإسلام والموت عليه ، فهل الذي يشهد الله تعالى له بالفلاح ويعده به يكفر ويرتد ويموت كافرا ؟ ! فأي فلاح يؤول إليه ؟ !


3. في الآية الثالثة يثني الله عز وجل على الذين يقولون : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ويبرأ من الذين يسبون ويلعنون ويكفرون المهاجرين والأنصار الذين وصفهم الله بالصدق والفلاح ، ووعدهم بالجنة والرضوان .

4. إن الاستغفار للصحابة من المهاجرين والانصار يتناقض مع التنقير عن أخطائهم، وتتبع زلاتهم. فكيف بالكذب عليهم. واختلاق التهم وإلصاقها بهم ؟! إن ذلك حرام مع غيرهم. فكيف به معهم وقد أوصى الله بالاستغفار لهم ؟!! بل أمر بذلك رسوله ايضا فقال: { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأْمْرِ } (آل عمران/159).

وتحريم حمل الغل في القلوب يتناقض مع الحقد عليهم. بل جعل الله ذلك من دلائل الكفر وعلامات الكافرين ! فقال: { ليغيظ بهم الكفار } (الفتح/29).
لذلك فنحن اهل السنة والجماعة نستغفر للصحابة الكرام ولانتتبع اخطائهم بل اذا وجدنا منهم بعض الزلات والاخطاء نقذفها في بحار حسناتهم ونستغفرالله لهم واذا وجدنا روايات تحمل الفاظ متشابهة ويمكن ان تحمل على الاحتمالات والظنون ، نخرج منه بافضلالمخارج عملا بقوله تعالى :

( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم )

5. ان هذا القول ممن يأتي بعدهم ممن يقول: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا)[الحشر: 10] دليلٌ على أنه سيحصل من الفتن التي تلتبس على بعض الناس فينالَ منهم، وقد أكدَّ رسولنا الكريم هذا بقوله الموثق في كتب الشيعة : (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)بحار الانوار للمجلسي ج 55 ص


فأنا اقول للعباس 2 لماذا تترك محاسن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها وارضاها وتتمسك بالزلات ؟؟!!

هل هذا سوء فهم ام سوء قصد ؟؟


وانا في هذا المقام تحضرني مقولة رائعة لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه :
(( الاشرار يتبعون مساويء الناس ويتركون محاسنهم كما يتبع الذباب المواضع الفاسدة )) .







 
قديم 10-11-14, 11:59 AM   رقم المشاركة : 28
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road





اولا :


أن معاوية لم يقاتل علي إلا في أمر عثمان وقد رأى أنه ولي دم عثمان وهو أحد أقربائه واستند إلى النصوص النبوية التي تبين وتظهر أن عثمان يقتل مظلوماً ويصف الخارجين عليه بالمنافقين إشارة إلى ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( يا عثمان! إن ولاّك الله هذا الأمر يوماً، فأَرادكَ المنافقون أن تخْلع قميصك الذي قمَّصَكَ الله، فلا تخلعه ) يقول ذلك ثلاث مرات ))
وقد شهد كعب بن مرة أمام جيش معاوية بذلك فقال (( لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قمت أي ما قمت بالقتال بجانب معاوية للقصاص من قتلة عثمان وذكر الفتن فقرّ بها فمر رجل مقنع في ثوب فقال: هذا يومئذ على الهدى فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان، فأقبلت عليه بوجهه فقلت: هذا ؟ قال: نعم ))
وأيضاً عن عبد الله بن شقيق بن مرة قال (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهيج على الأرض فتن كصياصي البقر فمر رجل متقنع فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا وأصحابه يومئذ على الحق فقمت إليه فكشفت قناعه وأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت يا رسول الله هو هذا؟ قال هو هذا، قال: فإذا بعثمان بن عفان ))

وقد رأى معاوية وأنصاره أنهم على الحق بناء على ذلك، وأنهم على الهدى وخصوصاً عندما نعلم أن المنافقين الثائرين على عثمان كانوا في جيش علي فاعتبروهم على ضلال فاستحلّوا قتالهم متأولين.

ومن بين الذين كانوا في جيش علي عبيد الله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن قاتل الامام الحسين فيما بعد ، وهم ركن من اركان اشعال الفتنة .

ثانيا :

إضافة إلى أن أنصار معاوية يقولون لا يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا ولا يظلمنا ونحن إذا بايعنا علياً ظلمنا عسكره كما ظلم عثمان وعلي عاجز عن العدل علينا وليس علينا أن نبايع عاجزاً عن العدل علينا ويقولون أيضاً أن جيش علي فيه قتلة عثمان وهم ظلمة يريدون الاعتداء علينا كما اعتدوا على عثمان فنحن نقاتلهم دفعاً لصيالهم علينا وعلى ذلك فقتالهم جائز ولم نبدأهم بالقتال ولكنهم بدأونا بالقتال.

ثالثا :

وعلى ذلك فالنصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفيد أن ترك القتال كان خيراً للطائفتين فلم يكن واجباً ولا مستحباً وأن علياً مع أنه أولى بالحق وأقرب إليه من معاوية ولو ترك القتال لكان فيه خيراً عظيماً وكفاً للدماء التي أسيلت ولهذا كان عمران بن حصين رضي الله عنه ينهى عن بيع السلاح فيه ويقول: لا يباع السلاح في الفتنة وهذا قول سعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وابن عمر وأسامة بن زيد وأكثر من كان بقي من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين اعتزلوا الفتنة ولم يشاركوا في القتال لذلك قال الكثيرمن أئمة أهل السنة (( لا يشترط قتال الطائفة الباغية فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداءً، بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي )) فالادعاء أن معاوية هو الذي أمر بقتال علي كذب فاضح.

رابعا :

ولو فرضنا أن الذين قاتلوا علياً عصاة وليسوا مجتهدين متأولين فلا يكون ذلك قادحاً في إيمانهم واستحقاقهم لدخول الجنان فالله سبحانه وتعالى يقول { وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما بالعدل فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسِطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون } ( الحجرات 9 10)، فوصفهم بالإيمان وجعلهم إخوة رغم قتالهم وبغي بعضهم على بعض فكيف إذا بغى بعضهم على بعض متأولاً أنه على الحق فهل يمنع أن يكون مجتهداً سواءٌ أخطأ أو أصاب؟! لهذا فأهل السنة يترحمون على الفريقين كما يقول الله تعالى { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيم } ( الحشر 10)


خامسا :

الأحاديث الثابتة تبين أن كِلا الطائفتين دعوتهما واحدة وتسعيان للحق الذي تعتقدان وتبرئهما من قصد الهوى واتباع البطلان فقد أخرج البخاري في صحيحه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة ))، وهذا الحديث كما ترى يثبت أنهما أصحاب دعوة واحدة ودين واحد، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق ))
فهذا الحديث يبين أن كلا الطائفتين يطالبان بالحق ويتنازعان عليه أي أنهما يقصدان الحق ويطلبانه ويبين أن الحق هو مع علي لأنه قاتل هذه الطائفة وهي طائفة الخوارج التي قاتلها في النهروان، وقال النووي (( فيه التصريح بأن الطائفتين مؤمنون لا يخرجون بالقتال عن الإيمان ولا يفسقون )).

سادسا :

بالنسبة لبغي معاوية فإما أن يكون فيه متأولاً أن الحق معه، أو يكون متعمداً في بغيه وفي كلا الحالتين فإن معاوية ليس معصوماً من الوقوع في ذلك أو غيره من الذنوب فأهل السنة لا ينزهونه من الوقوع في الذنوب بل يقولون أن الذنوب لها أسباب ترفعها بالاستغفار والتوبة منها أوفي غير ذلك وقد ذكر ابن كثير في البداية عن المسور بن مخرمة أنه وفد على معاوية قال: (( فلما دخلت عليه حسبت أنه قال سلمت عليه فقال: ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟ قال قلت: ارفضنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له، فقال: لتكلمني بذات نفسك، قال: فلم أدع شيئاًَ أعيبه عليه إلا أخبرته به، فقال: لا تبرأ من الذنوب، فهل لك من ذنوب تخاف أن تهالك إن لم يغفرها الله لك؟ قال: قلت: نعم، إن لي ذنوباً إن لم يغفرها هلكت بسببها، قال: فما الذي يجعلك أحق بأن ترجوا أنت المغفرة مني، فولله لما إلي من إصلاح الرعايا وإقامة الحدود والاصلاح بين الناس والجهاد في سبيل الله والأمور العظام التي لا يحصيها إلا الله ولا نحصيها أكثر من العيوب والذنوب، وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات، والله على ذلك ما كنت لأخيَّر بين الله وغيره إلا اخترت الله على غيره مما سواه، قال: ففكرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خصمني. قال: فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير))، فكيف إذا كان متأولاً؟

سابعا :

بالنسبة لحديث ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية )، فإنه من أعظم الدلائل أن الحق مع عليّ، لكن معاوية تأوّل الحديث فعندما هزَّ مقتل عمار، عمرو بن العاص وابنه تملّكتهما الرهبة ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال (( لمّا قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قُتل عمار وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : تقتله الفئة الباغية فقام عمرو بن عاص فزعاً يُرجِّع حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قتل عمار فقال معاوية: قتل معاوية فماذا؟ قال عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية: دحضْتَ في بولك أو نحنقتلناه؟ إنما قتله عليٌ وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا أو قال: سيوفنا ))، فخرج الناس يقولون: إنما قتل عماراً من جاء به، فأرجع الثقة لجيشه، والذي جعل معاوية يأول الحديث هذا التأويل أنه لم يكن يتصور أن قتلة عثمان أهل حق في ضوء الأحاديث التي تثبت أن عثمان يقتل مظلوماً، وأن قتلته هم الظالمون، فلا شك أن الفئة الباغية هي التي في جيش عليّ، ولكن الحق الذي يقال أن هذه التأويلات باطلة قطعاً وأن الحق مع عليّ، ولكن فئة معاوية معذورون في اجتهادهم لأنهم أرادوا الحق ولكنهم لم يصيبوه، وهذا هو الذي جعل عمرو بن العاص يقترح رفع المصاحف لايقاف الحرب لأنه كان في قلبه شيء من هذا الحديث .

ثامنا :

وإذا أصرَّت الاخت جنان امير النحل على جعل معاوية ظالماً فسيجيبه الناصبة بأن علياً ظالماً أيضاً لأنه قاتل المسلمين لا لشيء بل لإمارته، وهو الذي بدأهم بالقتال وسفك الدماء دون فائدة تجنى للمسلمين، ثم تراجع وصالح معاوية، فلن تستطيع جنان الاجابة على ذلك، ولو احتجت بحديث عمار فسيردّ عليه بأن الله لم يشترط البدء في قتال الطائفة الباغية إلا إذا ابتدأت هي بالقتال ولكن علياً هو الذي بدأهم بالقتال فما هو جواب الاخت جنان؟ وقد ضربت امثلة في طعن النواصب في علي رضي الله عنه ، المهم أن نعلم أن كل حجة يأتي بها الطاعن على معاوية سيقابل بمثلها من جانب الطوائف الأخرى ولكن أهل السنة يترضون عن الطائفتين ولا يفسقون أحدهما ويقولون أن الحق مع علي رضي الله عنه ويردون على جميع حجج الطوائف التي تقدح في علي أو معاوية لأن دينهم مستقيم بخلاف دين غيرهم والحمد لله.

تاسعا :

استقي من مصادر الإمامية ما يثبت أن علي و معاوية على حق ومأجورين على اجتهادهما فقد ذكر الكليني في كتابه( الروضة من الكافي ) الذي يمثل أصول وفروع مذهب الاثني عشرية عن محمد بن يحيى قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول (( اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن علياً وشيعته هم الفائزون، وقال: وينادي مناد في آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون )) الكافي ج 8 \ صفحة 310
وهذا علي بن أبي طالب يقرر أن عثمان وشيعته هم أهل إسلام وإيمان ولكن القضية اجتهادية كل يرى نفسه على الحق في مسألة عثمان فيذكر الشريف الرضي في كتابكم ( نهج البلاغة ) عن علي أنه قال (( وكان بدء أمرنا أن إلتقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء )) .







 
قديم 12-11-14, 10:42 AM   رقم المشاركة : 29
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road




المسؤلون عن اشعال حرب الجمل هم قتلة الخليفة عثمان ذي النورين رضي الله عنه


أرسل علي رضي الله عنه القعقاع بن عمرو إلى طلحة والزبير يدعوهما إلى الألفة والجماعة، فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال: أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: أي بني الإصلاح بين الناس.
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيباً، فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي منَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس، فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء... وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأي؟ وعلي والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غداً يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم.
فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا... ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون...) انتهى كلام ابن كثير.
وذكر ابن كثير أن علياً وصل إلى البصرة، ومكث ثلاثة أيام، والرسل بينه وبين طلحة والزبير، وأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة من قتلة عثمان فقالا: إن علياً أشار بتسكين هذا الأمر، وقد بعثنا إليه بالمصالحة على ذلك.
ثم قال ابن كثير: (وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورن، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر، وهم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب علي، فبلغ الأمر علياً فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدراً مقدراً، وقامت على الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان، وقد اجتمع مع علي عشرون ألفاً، والتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد...) انتهى كلام ابن كثير رحمه الله.
وإن أهم ما ينبغي بيانه هنا، ما كان عليه هؤلاء الصحابة الأخيار من الصدق والوفاء والحب لله عز وجل رغم اقتتالهم، وإليك بعض النماذج الدالة على ذلك:
1- روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن الحسن بن علي قال: (لقد رأيته - يعني علياً - حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول: يا حسن، لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة أو سنة).2- وقد ترك الزبير القتال ونزل وادياً فتبعه عمرو بن جرموز فقتله وهو نائم غيلة، وحين جاء الخبر إلى علي رضي الله عنه قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. وجاء ابن جرموز معه سيف الزبير، فقال علي: إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- وأما طلحة رضي الله عنه، فقد أصيب بسهم في ركبته فمات منه، وقد وقف عليه علي رضي الله عنه، فجعل يمسح عن وجهه التراب، وقال: (رحمة الله عليك أبا محمد، يعز علي أن أراك مجدولاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري، والله لوددت أني كنت مت قبل لهذا اليوم بعشرين سنة). وقد روي عن علي من غير وجه أن قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان ممن قال الله فيهم: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر:47].
وقيل لعلي: إن على الباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة، وأن يخرجهما من ثيابها.
وودعت عائشة الناس وقالت: يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتي لمن الأخيار، فقال علي: صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.











 
قديم 12-11-14, 10:46 AM   رقم المشاركة : 30
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road



تاولوا أ

إلا وكل واحد يظن أن معه الحق رضي الله عنهم وأرضاهم


وروي عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن طلحة بن مصرف أن عليا انتهى إلى طلحة وقد مات فنزل عن دابته وأجلسه ومسح الغبار عن وجهه ولحيته وهو يترحم عليه وقال ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

وروى زيد بن أبي أنيسة عن محمد بن عبد الله من الأنصار عن أبيه أن عليا قال بشروا قاتل طلحة بالنار.

وروي عن عن أبي حبيبة مولى لطلحة قال دخلت على علي مع عمران بن طلحة بعد وقعة الجمل فرحب به وأدناه ثم قال إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك ممن قال فيهم ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (الحجر:15)









 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "