عقيدة الطينة عند الشيعة الإثناعشرية؟!
{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ
فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}
[الإسراء : 15] .
عقيدة الطينة من العقائد التي تواصى أرباب العلم في البيت الشيعي على
كتمانها وإخفائها على عوامهم، لأنهم يخشون من عاقبة وبالها عليهم .
والشيعي لو اطلع على هذه العقيدة لـ ( تعمد أفعال الكفار لحصول اللذة
الدنيوية، ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره )
[الأنوار النعمانية : 1/295] .
وملخص هذه العقيدة كما ذكرها الشيخ القفاري-حفظه الله - :
(أن الشيعي خلق من طينة خاصة والسني خلق من طينة أخرى ، وجرى المزج بين
الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة
السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي ، فإذا
كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات
أهل السنة تعطى للشيعة ) [أصول مذهب الشيعة الإمامية : 2/956] .
ولم يوافق على هذه العقيدة بعض عقلاء الشيعة المتقدمين، وأنكروها وقالوا
ما وجد في كتب الشيعة من أخبارها، إنما هي أخبار آحاد تخالف الكتاب
والسنة والإجماع فيجب ردها
[انظر: الأنوار النعمانية : 1/293] .
ولكن شيخهم نعمة الله الجزائري أبى ذلك وقال بأن النصوص قد استفاضت
واشتهرت ولم يبقى مجال للإنكارها والحكم عليها بأنها أخبار آحاد [انظر:
الأنوار النعمانية : 1/293] .
وهذه العقيدة مذكورة في أهم كتب الشيعة ، فقد بوب الكليني في كافيه
بقوله : باب . طينة المؤمن وطينة الكافر . وأدرج تحته سبعة أحاديث
[انظر : أصول الكافي : 2/2-6]. وعقد المجلسي في بحار الأنوار باباً
وعنونه بـ : باب الطينة والميثاق . وأدرج تحته سبعة وستين حديثاً [بحار
الأنوار : 5/225-276] . ولذلك فإن منكر هذه العقيدة من الشيعة الإمامية
إما مكذب بكتب شيعته أو متقي ، فهما أمران أحلاهما مر ! .
بقي أن يقال ما سبب ظهور هذه العقيدة ؟
والجواب: أن كثرة الشكاوي من بعض الشيعة الإمامية لما يجدونه من الموبقات
التي يرتكبها كثير من الشيعة، وفي المقابل كثرة الأعمال الصالحة والحسنات
التي يعملها أهل السنة، أوجد لديهم شكوك حيال شيعتهم ، فكان منهم أن
أحدثوا القول بالطينة لأجل تسكين ما في قلوبهم من شك وحيرة ! .
ويتضح الأمر بالرواية التالية :
يقول أسحاق القمي لأبي جعفر :
(جعلت فداك أرى المؤمن الموحد [أي الشيعي] الذي يقول بقولي، ويدين الله
بولايتكم ، وليس بيني وبينه خلاف، يشرب السكر، ويزني،ويلوط، وآتيه في
حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كالح اللون، ثقيلاً في حاجتي ، بطيئاً
فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه، ويعرفني بذلك [أي يعرف أنني
شيعي]، فآتيه في حاجة، فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعاً في قضاء
حاجتي، فرحاً بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة،
يؤدي الزكاة، ويُستودع فيؤدي الأمانة ) [علل الشرائع لابن بابويه : ص
489-490، وبحار الأنوار: 5/246-247] .
ولقد أجاب مشايخ الشيعة عن هذه الشكوك والحيرة التي انتبابت بعض شيعتهم
برويات فحواها أن الله في الأزل جمع بين طينة الشيعة –وهي غير طينة
الأئمة- وطينة أهل السنة ، فما كان من حسنات وخير عند أهل السنة فسبب
طينة الشيعة ، وما كان من فجور وشر عند الشيعة فهو من جراء طينة أهل
السنة .يقول أبو جعفر -زعموا- لأبي اسحاق القمي : ثم إذا كان ( يوم
القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم [أي من أهل السنة] فردها إلى
شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها على
أعدائنا، وعاد كل شيء إلى عنصره الأول ... قلت : جعلت فداك تؤخذ حسناتهم
فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟ قال : إي والله الذي لاإله إلا
هو ) [علل الشرائع لابن بابويه : ص 489-490، وبحار الأنوار: 5/246-247] .
قلت: عقيدة الطينة مخالفة للكتاب والسنة والإجماع ، التي تخبر أن الإنسان
لا يحمل وزر غيره، إلا إذا كان محدثاً فعليه آثام من تبعه لا ينقص ذلك من
آثامهم شي، ولا يكسب الإنسان حسنات غيره إلا إذا سن في الإسلام سنة حسنة
فله مثل حسناتهم لا ينقص ذلك من حسناتهم شيء . والقول بمقالة الشيعة
هذه ، فيه اجتراء على الله ونسب الظلم إليه، فالعدل سبحانه لا يظلم الناس
شيئاً ، ولا يبخس العامل عمله . والله الهادي .