اتحاد اللاهوت و الناسوت عند النصارى

[د.هشام عزمى]

بسم الله الرحمن الرحيم

كتب أحد النصارى هذا المقال و نشره في مواقعهم التنصيرية الموجهة للهجوم على الإسلام و التبشير بالنصرانية

المسيح هو الله المتجسد [ أو الذي ظهر في جسد ]
بحسب العقيدة المسيحية

أرجوك أن لا تصدم أيها القارئ العزيز وأنت تقرأ هذا العنوان! لأنه بالطبع كلام غريب عن فكرك، ولكن لا تنـزعج وأرجوك أن تواصل القراءة لتعرف الرأي الآخر الذي قد يختلف مع رأيك، ولكني واثق أنه إن كنت فعلا تبحث عن الحقيقة بإخلاص فإنك سوف تواصل القراءة.

نحن المسيحيين نؤمن أن السيد المسيح من الناحية الجسدية هو إنسان كامل يحمل كل الصفات البشرية؛ يأكل ويشرب ويتعب ويشعر بالألم وينام، تماما كالبشر ولكنه بلا خطية. هذا هو الجانب الأول من عقيدتنا في المسيح من جهة [طبيعته الجسدية أو ناسوته (أي طبيعته الإنسانية)].

ولكننا نؤمن أيضا أن روح الله أو ما يعرف باللاهوت قد حل أو ظهر في هذا الجسد البشري الطاهر دون اختلاط أو امتزاج أو تغيير في أية طبيعة من الطبيعتين. وهذا هو الجانب الآخر من عقيدتنا في المسيح من جهة [طبيعتة الإلهية أو لاهوته].

فالسيد المسيح إذن هو إنسان بشري كامل قد حل أو ظهر فيه اللاهوت. وهذا ما عبر عنه الكتاب المقدس بقوله:"عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس الإصحاح الثالث والآية 16).

والتساؤل هنا كيف يمكن أن يظهر الله سبحانه في جسد بشري أو في شيء مادي؟

فمن حسن الحظ أن الآباء القديسين، قد فسروا ذلك بتشبيه رائع إذ قالوا أن هذا الاتحاد يشبه اتحاد النار بالحديد (عندما توضع قطعة من الحديد في النار تتحد بها) دون أن تختلط النار أو تمتزج بالحديد ودون أن تتغير النار فتصبح حديدا أو الحديد تتغير طبيعته ويصبح نارا. فالنار المتحدة بالحديد لازالت تحتفظ بطبيعتها إذ يمكن أن تحرق وتكوي، ولكن في نفس الوقت لم يفقد الحديد طبيعته لذلك يمكن طرقه وتشكيله.

على هذا القياس فإن حلول الله في جسد المسيح هو كحلول النار في الحديد إذ أن طبيعة اللاهوت قد اتحدت بالناسوت بغير اختلاط أو امتزاج بينهما وبغير تغيير فلم يصبح اللاهوت ناسوتا ولا الناسوت لاهوتا.

[د.هشام عزمى]

و للرد على هذا الكلام نقول بسم الله الواحد الأحد . . .

ملخص المقال هو أن المسيح هو إنسان كامل يحمل كل صفات البشرية بلا استثناء و إله كامل يحمل كل صفات الألوهية بلا استثناء ، و هذا إتحاد دون اختلاط أو امتزاج بينهما و ضربت لهذا مثلاُ : ’حلول’ النار في الحديد و الرد على هذا الكلام يتضمن عدة مسائل .

الأولى : معلوم ان الحديد إذا وضع في النار لا يبقى على حاله بل يستحيل لونه و قوامه و الجمرة الناتجة عن ذلك الاتحاد لا تملك صلابة الحديد و لا شكل النار بل هي نوع ثالث و قولك "دون أن تتغير النار فتصبح حديدا أو الحديد تتغير طبيعته ويصبح نارا" عبارة عن تلبيس لأن الاتحاد لا يكون إلا مع تغير و تحول ؛ فأنت تستطيع طرق و تشكيل الحديدة المتحدة بالنار بخلاف الحديدة التي لا أثر للنار فيها . و هذا يعني أن ناتج هذا الاتحاد إنما هو نوع ثالث له صفات غير موجودة في أي من النوعين الأصليين : فالنار تفقد لطفها و شكلها و الحديدة تفقد صلابتها و تماسكها و هنا لا نملك القول بأن الناتج يملك كل صفات النار و كل صفات الحديد ، فهذا من التلبيس المذموم .
فكما يقتضي المثل الذي ضربته يكون الناسوت إنساناً قد تحول و تغير و كذلك اللاهوت إله قد تحول و تغير و هذا من المحال لأن الله لا يجوز عليه التغير و التحول الذي يجوز على الحوادث .

الثانية : معلوم أن الجسد إذا فارقته الروح يصير جماداً لا حول له و لا قوة بخلاف حاله إذا كانت الروح مختلطة به فتراه يسمع و يبصر و يتحرك و يتكلم . فإذا ضرب البدن و صفع و صلب تألمت الروح بذلك و لو كان الجسد فقط لما تألم و لا أحس و لا جاع و لا عطش ، فيعلم من هذا كله أن الذي يحس و يتألم هو الروح و ليس الجسد . و سؤالي لك : هل تؤمن بكون الناسوت جسداً و روحاً أم جسداً فقط ؟
و هذا السؤال مهم جداً لأنكم تقولون أن الذي كان يأكل و يشرب و يتألم و يصوم و يدعو و يتضرع هو الناسوت و الذي كان يأمر و ينهى و يخلق و يرزق هو اللاهوت . فإن قلت أن الناسوت جسد فقط ، بطل كلامك بما سبق ، و إن قلت أنه جسد و روح فاقرأ المسألة التالية .

الثالثة : معلوم أن الجني إذا تلبس بالإنسي غلبه و تكلم على لسانه ، فإن الإنسي يتغير حتى يصبح الصوت و الكلام الصادر منه ليس هو صوته و كلامه المعروف . و إذا ضرب جسد الإنسي فإن الجني يتألم بالضرب و يصيح و يصرخ . و انظر في هذا الفيديو الذي يقوم فيه الأنبا مكاري يونان المشعوذ الدجال بإخراج الجني من جسد أحدهم و الجني المزعوم يصرخ و يقول بصوت غريب (أنا مارد و من قبيلة بها كذا و كذا ... ) .

حمل الفيلم من هنا .

فكيف يكون مع هذا القول بأن المسيح إله كامل و إنسان كامل ؟! و قد علم من المخالطين للمسيح أنه في حال أكله و شربه لا يختلف في هيئته و لا كلامه و لا صوته عن حال قيامه بالمعجزات !

الرابعة : إذا اتحد اللاهوت و الناسوت نتج عن اتحادهما نوع ثالث ما هو بلاهوت خالص و لا ناسوت خالص بل خليط . فكما اتحدت النار بالحديدة و نتج عنهما جمرة ليست في صلابة الحديد و لا لطف النار كذلك يجب أن تتغير قوة الناسوت و طبيعته عما كانت و يجب أن تنكسر قوة اللاهوت و طبيعته عما كانت ، و ذلك يستلزم نقص اللاهوت عما كان و بطلان كماله . فإذا لم ينقص كمال اللاهوت و ظل كما كان فلا اتحاد و لا اختلاط .

الخلاصة أنه بعد الاتحاد إما أن يكونا اثنين كما كانا أو صارا واحداً ، فإن كانا اثنين كما كانا فلا اتحاد بل هما متعددان كما كانا متعددين بلا اتحاد أو حلول ، و إن كانا صارا واحداً فإن كان هذا الواحد هو أحدهما فقد عدم الآخر و إن لم يكن أحدهما فلا بد من تحولهما و تغيرهما ، و إلا لو كانا بعد الاتحاد باقيين بصفاتهما كاملة فلا اتحاد .

فإن قيل اتحاد بلا اختلاط أو تغير كان هذا كلاماً متناقضاً لأن اتحاد أي صنفين لا بد أن يكون حاصلهما شيئاً ثالثاً يشمل تغير و تحول في الصنفين الأصليين و أما اتحاد بدون هذا فمستحيل !

لذا اضطربت الديانة النصرانية في هذا الموضع و كثر الاختلاف بين معتنقيها و صار كل منهم برأي و يرد على رأي الآخر و أقوالهم جميعاً باطلة مردودة لأنهم اشتركوا جميعاً في أصل فاسد لذا فسدت النتيجة ، و هذا هو حال جميع المقولات الباطلة لأن ما بني على باطل فهو باطل .

الحمد لله على نعمة الإسلام و العقل !

[ابن قدامة]

جزاكم الله خيرا أخي على ردكم على هذا النصراني..أخي العزيز الدكتور إن شاء الله
وأقول..أتحداه أن يجلب كلمة واحدة فقط على لسان المسيح عليه السلام يقول فيها إنه إله..
أتحداه في كل الأناجيل المعتمدة لديه
متى ومرقس ويوحنا ولوقا

[المنهج]

بورك فيك أهيا الأخ الفاضل ..

[خالد أهل السنة]

بارك الله في الدكتور هاشم عزمي وأهلاً به ومرحباً بين أهله وإخوانه
وجهوده مشكورة منظورة في الرد على النصارى وبيان زيفهم
ومشاركاته القيمة في ملتقى أهل الحديث

[السعدي 2]

نرحب بــ د. هشام عزمي في شبكة الدفاع عن السنة ونسأل الله أن ينفع بجهوده آمـــــيـــــن .


أخوك المحب السعدي 2 ...

[د.هشام عزمى]

و بارك فيكم جميعًا احبائي في الله و جزاكم كل خير على مجوداتكم في هذا الصرح العظيم .

جمعنا الله و إياكم مع رسول الله في دار البقاء ... آمين .