وهذا رد على هذا البيان
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به
---------------------------------
الحمد لله على إحسانه
والشكر له على توفيقه وامتنانه
وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين أما بعد
اطلعت على رسالة الشيخ علوي السقاف صاحب موقع الدرر السنية في مقالته التي عنونها بـ
إعلانُ الخِلافةِ الإسلاميَّةِ - رؤيةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ
عَلَوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
المشرف العام على مؤسَّسة الدُّرر السَّنية
18 شوال 1435هـ
http://www.dorar.net/article/1760
وهي المقالة المنشورة في موقعه المبارك، ضمنها خلاصة رؤيته، ولا شك أن رؤيته جديرة بالاحترام بصفته باحثاً قضى زمناً في خدمة العلم الشرعي والعناية بأدواته ومحتواه، ولعل هذا كان واحداً من أقوى الأسباب التي جعلتني أقرأ مقالته في هذا الموضوع بعناية راجياً أن أجد الحق بعيداً عن رقابة رقيب من مباحث الأنظمة الحاكمة، فإن البحث العلمي تحت عباءة سلطان جائر لا شك أنه منقوص ومسير ضمن نطاق محدد وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها
والشيخ علوي السقاف حفظه الله محل ثقة عندي ، أزكيه ، وأحسب أنه صاحب رؤية شرعية محايدة ، يبتغي بها وجه الله ولا يحابي سلطاناً حاكماً أو يبتغي بالعلم الشرعي تكسباً من الدنيا أو تقلد منصب أو نحوه، أحسبه كذلك والله حسيبه، وأسأله ﷻ أن يرفع منزلته ويلهمه رشده ويريه الحق حقاً ويرزقه اتباعه ويريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه
لكنه - حسب وجهة نظري - لم يوفق في هذه المقالة ، ولذلك أسباب، أبرزها أنه لم تكتمل له معطيات الحالة بالشكل الذي يكفيه للحكم عليها،
فهو مازال ينظر إلى الأحداث بعين واحدة، هي عين الحاكم وأتباعه وموظفوه وآلته الإعلامية، ويفكر ضمن نطاق التفكير المسموح له في حدود ما لا ينتهي به إلى المسائلة الأمنية وما يتبعها من تبعات.
وقد وقع الشيخ في خطأ جسيم وهو بناء ورقة بحثه، أو مقالته المكتوبة على أساس خاطئ،
وهو الوهم ، والإيهام. بأن دولة الخلافة الإسلامية المعلنة في العراق تدعي الولاية العامة، وتطالب المسلمين في كافة أقطار المعمورة في الصين والهند وبقية الدول الأوروبية والإمريكتين بالبيعة للخليفة أبي بكر البغدادي،
وبالتالي يلزم مسلمي بلاد الحرمين وبقية دول الخليج العربي واليمن ومسلمي أفريقيا كذلك بالبيعة والولاء لدولة الخلافة
وهذا الكلام باطل جملةً وتفصيلاً
وقد أعلنت دولة الخلافة ذلك وبينت في إعلانها أن سلطانها يتحقق في الأرض التي تبسط فيها الدولة سيطرتها وتقيم فيها حكمها،
فمن الذي لبس على الشيخ علوي بهذا الكلام وأوقعه في هذا الموقع الذي ينسف ثلاثة أرباع مقالته وهو الباحث المجتهد ؟
لا شك عندي أن مجرد السماع لتسجيل منسوب إلى الناطق الإعلامي لدولة الخلافة يعد مخالفة قانونية في البلد التي يقيم فيها فضيلة الشيخ علوي السقاف، وأحسب أنه كتب مقالته تلك بناءاً على ملخص من وسيط استمع له بالنيابة لكلمة الناطق الرسمي للدولة، فبنى على ما قيل له
أما إن كان الشيخ استمع للكلمة بنفسه فالحال لا يخلو من احتمالين:
إما أن الشيخ عنده مشكلة في الفهم ، ومصاب بداء التسرع ، فسقط لهذا السبب في هذا المسقط
أو أنه يعلم ولكنه - لحاجة في نفسه - أراد أن يلبس على الناس في خدعهم بدعوى أن الدولة تطلب البيعة من المسلمين عامة في أقطار المعمورة
وأنا أستبعد الاحتمال الثاني لما علمت من فضل الشيخ وأمانته وحرصه على خدمة العلم الشرعي وطلبة العلم.
فهذا ماكان من البند الأول في الجانب الشرعي من مقالة الشيخ، أما البند الثاني فهو متعلق بمسألة انعقاد البيعة ، وكون الإمام جنة يقاتل من وراءه ويتقى به العدو، وواجب الإمام في حماية الناس وإقامة الدين.
فكل هذه مبنية على ما أوضحنا في البند الأول، لانعقاد البيعة يتحقق بأهل العلم، وأمراء الحرب من أهل الإسلام في العراق والشام حيث بلغت سلطة الدولة هناك،
فليس من المعقول أن تنتظر الدولة رأي عالم في سجون الأردن ، يكون ثمن الإفراج عنه الإساءة إلى الدولة
وليس مطلباً شرعياً انتظار رأي عالم مسيس لا يبين من شرع الله إلا ما يخدم سيادة سلطانه وأميره الذي لا يخلو سجل استخباراته من أعمال تكيد لدولة الخلافة ومشروعها.
وأما واجبات الإمام ، فمن الذي نصر المسلمين المستضعفين وأخرجهم سجون العراق، ومن أعاد للمسلمين عزهم في المناطق المحررة من سطوة الروافض، ومن الذي حمى جناب التوحيد بهدم المزارات الشركية والأضرحة التي كانت تعبد من دون الله جهراً في أرجاء العراق وسوريا
فهذا القول ساقط شرعاً وعقلاً ، ولا يقوله إلا جاهل بحال المسلمين في العراق، قد عمّي عليه فلا يرى إلا ما يراد له أن يراه
وأما بقية ما قيل في رسالة فضيلة الشيخ علوي حفظه الله فهو قول عقلي وقياس تاريخي ليس مما ينسب إلى الرأي الشرعي ، ولا مانع من توضيح بعض ماجاء فيه والرد عليه
ففي الأمثلة التي أدرجها منذ بدء حكم العثمانيين إلى حكم الدولة السعودية وعدم إعلامهم دولة خلافة إسلامية، فلأنها - في الحالتين - قامت على أنقاض خلافة قبلها قائمة ، فلم يكن من الحكم إعلان خلافتين في ذات الوقت لأن الحكم الشرعي - الذي لان يخفاك - يُسقط الخلافة الثانية قولاً واحداً
وأما الحال في دولة الخلافة الحالية فهو مختلف تماماً ، فالمسلمون بحاجة إلى إمام يجتمعون عليه
ولا مسوغ لتأخير الإعلان وقد تحققت شروطه من توفر الأرض والشوكة
ثم إن الإعلان لم يكن متعجلاً ، فقد بدأت الحركة الجهادية منذ عشرون سنة مضت، وتوالى على إمارتها عدة قادة، ولم تكن في حال أقوى منها في حالها اليوم
وقد ظهر لكل متابع حاجة الحركة الجهادية إلى إمام تجتمع عليه وقائد واحد تكون له الطاعة لحماية المجاهدين من تعدد الأحزاب والرايات وتفرق كلمتهم، وقد أثبتت الأيام والتجارب أن الفصيلين المتآخيين تختلف كلمتهم بتغير أمراءهم وقادتهم، فلا حل لهذا التفرق المضعف إلا الاجتماع على إمام واحد
وأما الزعم بأنه لم تجد دولة الخلافة تأييداً من أي من العلماء المعتبرين من علماء المسلمين فهو قول منتقض من جهتين
من جهة أن تأييد الخلافة جريمة تعاقب عليها الأنظمة الحاكمة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وهذه تكفي لتكميم الأفواه
ومن جهة أنه غير صحيح على إطلاقه فهناك علماء صدعوا بتأييد دولة الخلافة في بلاد اليمن والمغرب وغيرها رغم المخاطر التي قد يتعرضون لها
وإني أحسب كل صامت متوقف عن الإفصاح في شرعية دولة الخلافة مؤيداً لها يمنعه الخوف من السجن من قول الحق
وقد بُعث أحد أقارب عالم من علماء بلادكم وطُلب من الشيخ أن يقول رأيه في الواقع فاعتذر الشيخ بأنه لم يعد قادراً على احتمال السجن، وهذا عذر بليغ. إذ أن الشيخ قد قضى سنوات في السجون أثقلت كاهله ، فهو وغيره معذورون فيما لو سكتوا
والسجون مكتظة بالمئات من طلبة العلم لا لجرم اقترفوه إلا لأنهم يرون شرعية الجهاد في سبيل الله
بقي التنبيه إلى خلل في مقال الشيخ علوي السقاف وهو الخلط بين الإمامة، والمهدية
فمعلوم أن المهدي شخص معين وصفه رسول الله ﷺ بصفات معينة ،
أما الإمام فهو كل من يستقر رأي أهل الحل والعقد على توليه ، فليس بين المهدي الذي يخرج في آخر الزمان بالصفة التي وصفها رسول الله ﷺ وبين الإمام الذي يجب على المسلمين اختياره لتولي شؤون دولتهم تعارض أو توافق، فهي قضيتين مختلفتين تماماً ، وإيرادها في بحث الشيخ علوي السقاف بهذه الصيغة إنما القصد منه الإيهام بأن اختيار وتعيين خليفة من الخرافة التي وقع فيها بعض مدعي المهدية وهذا تضليل على عموم المسلمين أدعوا أخي الشيخ علوي السقاف من التوبة منه والنصح للمسلمين
هذا ما تيسر جمعه، وإني أختم بتذكير أخي الشيخ علوي السقاف وكافة طلبة العلم ممن يطلع عليه بأن يخلص النية لله في طلب العلم وينصح للمسلمين امتثالاً لقول الله تعالى : ( لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) ولا يقع فيما وقع فيه أهل الكتاب ( فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا )
وإن كان في قول الحق فتنة وأذى من صاحب سلطان أو ظالم ، فإن في التوكل على الله والأخذ بالأسباب سبب التقاء شرهم
هذا والله أعلى وأعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين
كتبه
عبدالله زين #مناصر
@17Commander