ليس لأحد من مخلوقاته من ملائكته المقربين أو أنبيائه المرسلين أوأوليائه الصالحين طريق إلى أسرار علم غيبه المكنون. لا يُظْهِرُ على غيبه أحداً إلامن ارتضى من رسول فإنه يطلعه بالوحي على شيء من أخبارالمستقبل
أو شذرات من علم ما كانوما يكون ليكون ذلك حجة لرسالته وتصديقاً لنبوته، لطفاً منه بعباده، وتأييداً منهلنبوة من أرسله برسالاته،أما ما سوى ذلك فإنه لا يُسمح لأحد من الخلق بالدخول إلى حرم الغيبالإلهي أو الورود إلى حمى كبريائه اللامتناهية، وخفيات مكنوناتهالمحجوبة،
لقد افلست العقيده الشيعيه الجعفريه في اثبات ادعائها بانها من فرق الاسلام وكان العائق لاثبات هذا المعتقد هو القرءان الكريم وسنه رسول الله صلي الله عليه وسلم
لذلك فسنه رسول الله قد انكروها وكتاب الله الكريم قد زعموا انه محرف مع ان الله سبحانه وتعالي قد الزم ذاته العليه بحفظه فقال تعالي في سورة الحجر إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)
وقالعليٌّ عليه السلام – كما جاء في نهج البلاغة - :
«وَصِيَّتِي لَكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً ومُحَمَّدٌ (صلى اللهعليه وآله) فَلا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِوأَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وخَلاكُمْذَمٌّ».
وروىالشيخ الصدوق في معانيالأخبار (ص 155
: «قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (ع) فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ السُّنَّةِ والْبِدْعَةِ وعَنِ الْجَمَاعَةِ وعَنِالْفِرْقَةِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مَاسَنَّ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وآله وسلموَالْبِدْعَةُ مَا أُحْدِثَ مِنْبَعْدِهِ...»(بحار الأنوار 2/266.).
وجاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام – كمافي نهج البلاغة (الخطبة 203
«...نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللهِ ومَا وَضَعَ لَنَاوأَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ ومَا اسْتَنَّ النَّبِيُّ (صلى اللهعليه وآله) فَاقْتَدَيْتُهُ –
والسؤال لماذا زعمت الشيعه بان القرءان محرف
والجواب لان القرءان يهدم هذا الدين الشيعي واليك الادله لمن يبحث عن الحق
1- صوَّب عليٌّ عليه السلام رأي عثمان في المصاحف بعدما حضر مجلسه ودخل في ملأٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما روى أبو جعفر الطبري في تاريخه عن سُوَيْد غفلة الجعفيسُوَيْد بن غَفْلَة الجُعْفِيّ-كما يقول العلامة الحليّ-من أصحاب الإمام علي عليه السلام (انظر خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، للعلامة الحلي، (ص:163).
قال: لا أحدِّثكم إلا ما سمعته أذناي ووعاه قلبي من علي بن أبي طالب عليه السلام سمعته يقول: «لا تُسَمُّوا عثمان شقَّاق المصاحف فوالله ما شقَّقها إلا عن ملأٍ منا أصحاب محمد ولو وليتها لعملت فيها مثل الذي عمل»). تاريخ الأمم والملوك للطبري: (6/114).
2-العدد الكوفي في القرآن منسوبٌ إلى عليٍّ عليه السلام فإنه سمع ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال أبو علي الطبرسي في "مجمع البيان": «روى الأستاذ أحمد الزاهد في كتاب "الإيضاح" بإسناده عن سعيد بن المسيب([1]) عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال سألتُ النبيَّ عن ثواب القرآن؟ فأخبرني بثواب سُوَرِهِ سُوْرَةً سُوْرَةً على نحو ما نزلت من السماء (إلى أن قال)، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (جميع سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة وجميع آيات القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية وست وثلاثون آية وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وعشرون ألف حرف ومائتان وخمسون حرفا، لا يرغب في تعلم القرآن إلا السعداء ولا يتعهد قراءته إلا أولياء الرحمن)»( . سعيد بن المسيِّب من كبار التابعين وأحد فقهاء المدينة السبعة ومن المعاصرين للإمام علي عليه السلام والآخذين عنه. يذكر العلامة الحلي في كتابه الرجالي "خلاصة الأقوال" أن سعيد بن المسيب تربَّى على يَدَيْ عليٍّ عليه السلام.
3- يقول لمن سأله فيما إذا كان لديهم أهل البيت كتاب خاصٌّ من رسول الله أو وحي سوى القرآن، وغير ما لدى سائر المسلمين؟؟،
فيقول: «لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن،
وما في هذه الصحيفة(يشير إلى الصحيفة الجامعة التي كان يضعها في قراب سيفه وكان يدون فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما يتلقفه عنه من العلم. وقد نقلت كتب الحديث عند الفريقين كثير من محتوياتها.)»
(انظر صحيح البخاري: 168-باب فكاك الأسير، وسنن الترمذي: ج2: أبواب الديات عن رسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّم: 16-بابُ مَا جَاءَ لا يُقتلُ مسلمٌ بكافرٍ، وسنن ابن ماجة: ج2، باب لا يقتل مسلم بكافر، وانظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ذيل تفسيره لقوله تعالى ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) الآية (59) من سورة النساء)
أو يقول: «لا! ما عندنا إلا ما في كتاب الله، وما في هذه الصحيفة، إلاَّ أن يعطي الله عز وجل عبداً فهماً في كتابه»(سنن النسائي: ج8، كتاب القسامة، باب سقوط القود من المسلم للكافر).
كان عليَّاًعليه السلام كان يُعَلِّمُ الناسَ القرآنَ، وهُمْ يقرؤون عليه لتقويم قراءتهم، كما رُوِيَ عن أبي مريم زِرُّ بْنُ حُبَيْش(زِرُّ بْنُ حُبَيْش الأسدي الكوفي، من أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال عنه ابن حجر في "تقريب التهذيب": (ثقةٌ جليلٌ مخضرمٌ مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين هجرية وهو ابن (127) سنة).
قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام(انظر بحار الأنوار للمجلسي: (89/206).).
قرأت القرآن من أوله إلى آخره على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما بلغت الحواميم، قال لي: قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت اثنتين وعشرين آية
بكى ثم قال:
اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص الموقنين، ومرافقة الأبرار، واستحقاق حقائق الإيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ورجوت رحمتك والفوز بالجنة والنجاة من النار، ثم قال: يا رزين، إذ ختمت فادع بهذه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن))( السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ذيل تفسيره للآية (20) من سورة الشورى).
ورُبَّما أنشد أحدٌ الشعر عند علي أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام فأمره أن يقرأ القرآن مكان شعره، كما رُوِيَ أنَّه عليه السلام لمَّا انتهى إلى مدينة بهرسير (في مسير صفِّين) إذا رجلٌ من أصحابه يُقال له "حرُّ بن سهم بن طريف" من بني ربيعة بن مالك، ينظر إلى آثار كسرى وهو يتمثل قول ابن يعفر التميمي()من شعراء الجاهلية
جرت الرياح على مكان ديارهم فكـأنـمـا كـانوا على ميعاد
فقال عليٌّ عليه السلام: «أفلا قلت:((كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ))[الدخان:25-29] إنَّ هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين. إن هؤلاء لم يشكروا النعمة فسُلِبوا دنياهم بالمعصية. إياكم وكُفْرَ النِّعَمِ لا تحلُّ بِكُمُ النِّقَمُ»(كتاب "وقعة صفين" لنصر بن مزاحم الثقفي.
وكان من وصيَّته عليه السلام لمَّا حضره الموت أنَّه قال:
«..واللهَ اللهَ في القُرْآنِ، لا يسبِقُكُم بالعمل به غيرُكُم!».انظر نهج البلاغة، للشريف الرضي، (ص:422).
كلامُ عليٍّ عليه السلام في وَصْفِ القرآن
إن عليا عليه السلام كثيراً ما ندب أصحابه إلى القرآن، وبيَّن فضله بأبلغ البيان،
فاستمع إلى كلامٍ تُشَدُّ الرِّحالُ فيما دونه:
إنَّ عَلَى كُلِّ حَقٍّ حقيقةً، وعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوْرَاً، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللهِ فَخُذُوا بِهِ، ومَا خَالَفَ كِتَابَ اللهِ فَدَعُوهُ.
1. قال عليه السلام:
«بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، ولِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، ولِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ، فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ، فأراهم حِلْمَه كيف حَلُمَ، وأراهم عفْوَهُ كيف عفا، وأَرَاهُمْ قُدْرَته كيف قَدَرَ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَكَيْفَ خَلَقَ ما خَلَقَ من الآيات، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ من العصاة بِالْمَثُلاتِ وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ، وكيف رَزَقَ وهَدَى وأعْطَى»( راجع روضة الكافي للكليني، (ص:386)، ونهج البلاغة، الخطبة (147)، على اختلافٍ يسيرٍ بين رواية الكليني ورواية الشريف الرضيّ.
وقال عليه السلام: «وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لا يَغُشُّ وَالْهَادِي الَّذِي لا يُضِلُّ وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لا يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ: زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَلا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنَىً؛ فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْغَيُّ وَالضَّلالُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلا تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ»(نهج البلاغة، الخطبة (176).[2]). 2. وقال عليه السلام: «وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ الْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَالرِّيُّ النَّاقِعُ، وَالْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ، وَالنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ، لا يَعْوَجُّ فَيُقَامَ، وَلا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ، وَلا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ ووُلُوجُ السَّمْعِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ»( نهج البلاغة، الخطبة (156).[3]). 3. وقال عليه السلام: «وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَسَبَبُهُ الأَمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جِلاءٌ غَيْرُهُ»(نهج البلاغة، الخطبة (176).[4]). 4. وقال عليه السلام:«فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ وَارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ، أَتَمَّ نُورَهُ وَأَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ، وَقَبَضَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِ»(نهج البلاغة، الخطبة (183)).
5. وقال عليه السلام:«ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ، ولَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ: إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى وَعِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ»(نهج البلاغة، الخطبة (158)).
6. وقال عليه السلام:«تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِ»(نهج البلاغة، الخطبة (110).
7. وقال عليه السلام:«وَكِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطِقٌ لا يَعْيَا لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَعِزٌّ لا تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ»(نهج البلاغة، الخطبة (133).).
8. وقال عليه السلام: «وَفِي القُرْآنِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُم، وخَبَرُ ما بعْدَكُم، وحُكْمُ ما بيْنَكُم»(نهج البلاغة، حكم أمير المؤمنين، حكمة (رقم:313)).
9. وقال عليه السلام: «إِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لا تَفْنَى عَجَائِبُهُ، وَلا تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ، وَلا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلا بِهِ»( نهج البلاغة، الخطبة (18).
قسَّم الإمامُ عليّ عليه السلام العبادَ في كلامه إلى فئتين، فئة قامعة لهواها، تابعة لكلام ربِّها تَحِلُّ حيث حلَّ القُرْآنُ، فالقُرْآنُ إمامُها وقائِدُها.
وأُخْرَى من أهل الزيغِ والهوى، وتحميلِ الرَّأيِ على القُرْآن، كأنَّهُم أئمَّة الكتابِ وليس الكتابُ إمامهم!
فقال في وصفِ رجلٍ من الفئة الأولى:
«قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ، فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ، يَصِفُ الْحَقَّ ويَعْمَلُ بِهِ، لا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلا أَمَّهَا ولا مَظِنَّةً إِلا قَصَدَهَا قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ فَهُوَ قَائِدُهُ وَإِمَامُهُ يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ ويَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ»(نهجالبلاغة، خطبة (87)).
ثم وصف عليه السلام رجلاً آخر من الفئة الثانية فقال:
«وَ آخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً ولَيْسَ بِهِ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلالٍ وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وَقَوْلِ زُورٍ قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِهِ»نهج البلاغة، خطبة (87).).
وعن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) عليه السلام:
«ألا أُخْبِرُكُمْ بِالفَقِيْهِ حَقَّاً؟ قَالُوا: بَلَى يَا أمِيْرَ المؤمنين!
قَالَ: مَنْ لمْ يُقَنِّط النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْمِنْهِمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ في مَعَاصِي اللهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ القُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إلى غَيْرِهِ. ألا لا خَيْرَ في عِلْمٍ لَيْسَ فِيهِ تَفَهُمٌ، ألا لا خَيْرَ في قِرَاءَةٍ لَيْسَ فيها تَدَبُّرٌ، ألا لا خَيْرَ في عِبِادَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفَقُّهٌ»(معاني الأخبار، الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (ص:226).
.
وقال عليه السلام أيضاً:
«وَ إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ وَلا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَلا أَنْفَقَ مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ! وَلا فِي الْبِلادِ شَيْءٌ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَلا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ، فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ، فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وَأَهْلُهُ طَرِيدَانِ مَنْفِيَّانِ وَصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لا يُؤْوِيهِمَا مُؤْوٍ.
فَالْكِتَابُ وَأَهْلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ ولَيْسَا فِيهِمْ، وَمَعَهُمْ ولَيْسَا مَعَهُمْ، لأَنَّ الضَّلالَةَ لا تُوَافِقُ الْهُدَى وَإِنِ اجْتَمَعَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ وَافْتَرَقُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ، كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلا اسْمُهُ وَلا يَعْرِفُونَ إِلا خَطَّهُ وزَبْرَهُ، وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللَّهِ فِرْيَةً وَجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ(نهج البلاغة، خطبة (147).)».
روى الكليني في الروضة من الكافي بسنده عن أبي عبد الله الصادق قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلا رَسْمُهُ وَمِنَ الإِسْلامِ إِلا اسْمُهُ، يُسَمَّوْنَ بِهِ وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَانِ شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ، مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وإِلَيْهِمْ تَعُودُ»(الروضة من الكافي، للكليني (حديث الفقهاء والعلماء) ح رقم (3).
).
وقال عليه السلام أيضا في النهي عن تفسير القرآن بالرأي:
«فإنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَلا إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِهِ وعَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ واسْتَدِلُّوهُ عَلَى رَبِّكُمْ وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ»( نهج البلاغة، خطبة (176).).
أقول: لا ريب أن القرآن الكريم نزل من عند الله رب العالمين ليتدَبَّر الناسُ آياتِه ولِيَهتَدوا به، فالمراد من التفسير بالرَّأيِ المنْهِيِّ عنه في كلام أمير المؤمنين عليه السلام، تحميل الرَّأي المتَّخذ من المسالك المختلفة على القرآن كما هو معمولٌ به عند أرباب المذاهب:
فكلٌّ يدَّعي وصلاً بليلى وليلى لا تُقِرُّ لهم بذاكا
وأما من ترك تأويلات الصوفية ونسي الآراء الفلسفية وأعرض عن الأقوال الكلامية وأمثالها وتمسَّك بحبل القُرْآن وطلب حلَّ مشكل القُرْآن من نفسه وفسَّر آيةً منه بآيةٍ أخرى، أو بسنَّةٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم. هذا هو المنهج الحقّ في تفسير القُرْآن المبِين وقد أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام في كلامه فقال:
«كِتَابُ اللَّهِ تُبْصِرُونَ بِهِ وَتَنْطِقُونَ بِهِ وَتَسْمَعُونَ بِهِ، وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَلا يَخْتَلِفُ فِي اللَّهِ، وَلا يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللَّهِ»( نهج البلاغة، خطبة (133).)
وقال عليه السلام:«وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ ورَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ الْخُطُوبِ ويَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ الأُمُورِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ والرَّسُولِ)):
فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ والرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ»(( ) نهج البلاغة، الكتاب (53) (عهده للأشتر النخعيّ).).
فعلى المفَسِّر أن يسير إلى ما يتَّجه إليه القرآن ويسكت فيما سكت الله عنه فلا يتكلَّف نفسه في صرف مدلولات الآيات عن ظواهرها، ولا يجاوز حدود الله سبحانه في كلامه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام:
«إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوهَا ونَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلا تَتَكَلَّفُوها»(نهج البلاغة، الحكمة (105)، (ص:487).).