الحلقة السابعة والأخيرة
والآن سادتي الكرام وبعد أن تحللت من كل الأغلال والأصفاد والعقد والأوهام المريضة فقد وجدت نفسي على سنة المصطفى ونهجه وبشكل تلقائي وذاتي وفطري، وهذا شرف لي ولعائلتي، فإنني الآن ولو لأول مرة في حياتي أشعر بحلاوة الأيمان والاسلام الحنيف، أشعر بأنني أنتمي الى دين وسنة خير من وطأت قدماه الحصى والرمال [ص]، سنة من قال الله تعالى فيه: {وأنك لعلى خلق عظيم}. وهذه الكلمة "ألسنة" صرت أراها بمعناها الطاهر البهي وأستشعر حلاوتها التي أطيب من العسل المصفى بعد أن زحت عنها غبار الحقد الصفوي المجوسي الذي كان يغلف معناها الوضاء ويجعلها مثار "النفور" والصدود في نفسي.
لأول مرة أصلي الصلوات الخمس في أوقاتها وكما أمر الله تعالى، ولأول مرة أعيش لحظات السمو النفسي والإتصال الرباني في صلاة التراويح.
أنني اليوم وبدلا من ثقافة اللطم والندب والبكاء والعويل والأنكسار وعار هزيمة وهمية زرعت في نفسي لقتل كل ما فيها من خير ورفعة وسمو.. وجدت أنني بدل أن أندب الأمام الحسين السبط [رض] فإنني يجب أن أفخر به كشخصية عربية إسلامية رافضة للذل والهوان، شخصية من العار أن أراها هكذا (مهانة) تداس بحوافر الخيل في رمضاء كربلاء، شخصية منيرة ما بين النجوم التي صفحات تأريخ المسلمين والعرب الذين هم عماد الدين الذين قال فيهم باحث مستشرق إن الاسلام يقوى أذا قوي العرب ويضعف إذا ضعفوا.
إنني اليوم أشعر بأنني جزء من أمة عظيمة بكل المعاني وشامخة شموخ جبال نجد والحجاز والشام والعراق والشام ومصر والمغرب العربي، أمة ليس على وجه الأرض أسمى وأرفع من رموزها الباسقات حملة رسالة من يسجد له الخلق طوعا وكرها: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد والمغيرة ومعاوية وخالد وعتبة رضي الله عنهم أجمعين ومنها سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين [رض]. وبالمناسبة فأنني وجدت أن الترضية على آل الرسول [ص] وصحبه [رض] أكثر توقيرا وأشد حبا من إرسال السلام العابر الذي أقوله لعامة الناس، الجاهل والعالم.. الكبير والصغير.. الوضيع والجليل.
إنني اليوم أشعر بمعنى وجودي كإنسان، ولكن بنفس الوقت أشعر بأنني كان مجني علي عمدا مع سبق الأصرار والترصد من قبل الفرس الصفويين. فبدل أن أحيا على العقيدة الصافية النقية التي أختارها الله تعالى لي كمنهج في الحياة فإن هؤلاء المعتدون المارقون قد طعنوا عقيدتي بخنجر مسموم وبدون أذى سببته لهم وبدون ذنب مني أو جريرة! ولذا فإن من حقي أن أقتص لنفسي وحياتي التي ضيعوها بالدجل والخرافات والكذب والتدليس والدجل والنفاق.
وسوف أرد عدوانهم بالكلمة الصادقة والقول الحق مع الدعاء أن يكتب ألله لي الشهادة في سبيل ديني ووطني الذي أغتصبه أحفاد كسرى أنوشروان.
ومن خلال معايشتي في ايران وما رأيته من نزعة الفرس العدوانية تجاه العرب والعراق خاصة. وقد رأيت أن الأيرانيين كانوا في الحقيقة مستميتين في دفع الأمريكان لأسقاط الحكم في العراق واحتلاله. لقد كانت فرحتهم فرحة التأريخ عندهم، ولكنهم بذات الوقت وجهوا اعلامهم التضليلي والمنافق لإعطاء صورة كاذبة على أنهم كانوا ضد الإحتلال.! ولقد كانوا متربصين للثأر من أبناء العراق وتقتيلهم وتشريدهم وتعذيبهم. وما الذي حصل ويحصل في العراق إلاّ مظهرا من مظاهر هذا الحقد الأسود المقيت الذي يحمله الفرس تجاه العراق. إن كل الذي يجري للعراق هو من عمل الفرس ولا أحد غيرهم.
الأمريكان نعم، لا أحد ينكر ذلك ولكن الحصة الأكبر في التدمير والقتل هي على أيدي الفرس الصفويين.
لقد رأيت الكثير من عملاء الفرس الأذلاء الذين كانوا يمارسون الخيانة في ما يسمى فيلق بدر أو منظمة العمل أو حزب الدعوة يجلبون للمسؤولين الايرانيين حتى التسجيلات الصوتية للمذيعين والمذيعات العراقيات اللواتي كن يقرأن نشرات الأخبار أيام عدوان الفرس على العراق ومن بينها تسجيلات للمذيعة خمائل محسن وأمل المدرس وكلادس يوسف وأكرم محسن، حيث يقول المذيعون عبارات في الأخبار مثل "العدو الفارسي المتغطرس"، وقد نال الفرس من بعض هؤلاء المذيعين على أيدي عملائهم في العراق وللأسف الشديد.
وبعد هذه المعرفة بالفرس ونواياهم تجاه العراق، ومن شدة القلق والهم والخوف مما أراه يحيق بالعراق على أيدي الفرس فقد كتبت عشرات الرسائل عبر الإنترنت للشرفاء وكبريات الصحف الاجنبية والعربية والعراقية بأن الأيرانيين يتربصون بالعراق مع ذكر الكثير من الأدلة والشواهد والحقائق التأريخية.
جدير بالذكر مرة قابلت قائد القوات الأمريكية في النجف في عام 2004 وشرحت له التوجهات والنوايا الأيرانية في العراق، والحقيقة أنني كنت جاهلا بأن كلا العدوين الفارسي والأمريكي لهما الكثير من المصالح المشتركة في غنيمة العراق، فلقد كنت أعتقد أن الأمريكان كانوا يهدفون الى ازالة نظام صدام حسين [رح] وحسب، ولا أخفي بأنني كنت من المؤيدين لهذا الغزو.
كما أرسلت مئات الرسائل الى كل من أعتقد أنه حريص على مستقبل العراق من السياسيين والوطنيين. ولكن الأمور تسير والى حد الآن بحسب ما كان يخطط الأيرانيون.
وفي عودتي الى العراق عن طريق البر، وبعد أن حثوت التراب على رأسي عندما دخلت العراق عن طريق منطقة بدرة، وبكيت حتى وقعت على الأرض. فقد كنت مسجونا لعشر سنوات لدى سجان لا ذمة له ولا ضمير. أدرت وجهي نحو أيران وبعد أن لعنتها من كل قلبي فقد أحسست بأنني واحد من ملايين الضحايا الذين يعيشون في الظلام الدامس الذي غشاهم به مكر الليل والنهار الذي هو ديدن هؤلاء المجوس الذين أبتلي بمجاورتهم العراق.
واسمحوا لي أن لا أسمي نفسي أبعد من هذا.
وبعد أن رجعت ألى العراق، وقبل أن يحكم الإيرانيون سيطرتهم عليه فقد كنت أتحدث في كل مكان أكون فيه عما شاهدته في ايران، تحدثت في السيارة وفي المقهى وفي الشارع وبين الأصدقاء والأقرباء، بين المعارف والغرباء، ولكن الصدمة الأخرى هي أن الذين كنت أتحدث إليهم يعانون نفس الجهل الذي كنت أعيش فيه قبل هذه التجربة، وقد أصبحت مطاردا من قبل بعض الذين يقلدون مراجع الفرس، فما كان أمامي ألا اللجوء خارج العراق مرة أخرى ولكن الى وجهة أخرى هذه المرة.
لم يعد همي أن أعيش أو أموت، ولكن أن يعرف المسلمون والعرب والعراقيون والشيعة خاصة حقيقة الفرس التي عرفتها، وهذه المعرفة التي صرت أعرفها قد أصبحت رسالتي في الحياة تجاه الذين لا يزالون يجهلون الإيرانيين.
وأخيرا فإن الذي ورد طوال هذه الأجزاء أنما هو قطرة من بئر المجوس الآسن العفن وما خفي كان أعظم، وإنني الآن أقف عاجزا عن شكر الله سبحانه وتعالى الذي قيض لي هذه التجربة النوعية والفريدة التي لم يخطر لي على بال في يوم من الأيام.
التوقيع:
شيعي عراقي مهتدي