العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-09-17, 12:59 AM   رقم المشاركة : 1
كتيبة درع الاسلام
عضو ذهبي







كتيبة درع الاسلام غير متصل

كتيبة درع الاسلام is on a distinguished road


Lightbulb الباحثة الايرانية زهرة نريماني وبحثها المفصل في سقوط حديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه

بسم الله
ولا حول ولا قوة
الا بالله عليه توكلنا
والـيه المصير وصلى
اللهم على محمد وعلى
الـــــــــــــــــــــــــــــــــه
وصــــــــــحــــــبــــــــــــــــــه
أجمعين

أما بعد ....
========
=======
======
=====
====
===
==
=

الاستاذة ( زهرة نريماني)
باحثة في علوم الحديث ومن خريجي كلية علوم الحديث في إيران
-------------------------------------------------------------

تقول الباحثة في علوم الحديث الشيعية أ. زهرة نريماني :
رواية (رد الشمس لعلي بن ابي طالب عليه السلام) قراءة نقدية في السند والمضمون
تحظى رواية (رد الشمس) بين الشيعة بشهرة واسعة ومقبولية كبيرة وبنفس النسبة تلقى إنكارا من قبل العامة ويتخذون منها وسيلة للتشنيع على الشيعة وتصوير عقائدهم وآرائهم بوصفها من العقائد الخرافية وغير المنطقية.
لقد وردت هذه الرواية في كثير من المصادر الشيعية من قبيل : (الارشاد) للمفيد و (علل الشرائع) و (الأمالي) للصدوق و (قرب الإسناد) للحميري و (الخرائج) للراوندي.
ونقله أهل السنة في ذيل الأحاديث المختلفة والموضوعة فعلى سبيل المثال عمد ابن الجزري في كتاب (الموضوعات من الأحاديث والمرفوعات) والكتاني في كتابه (تنزيه الشريعة) إلى نقد ورد هذا الحديث وقد ألف ابن تيمية الحراني كتابا مستقلا في هذا الشأن.
ومن هنا فإننا ـ شئنا أم أبينا ـ نرى أهمية خاصة لفهم وإدارك هذا الحديث بشكل صحيح. ............

سند الحديث :
لقد استند العلامة المجلسي وآخرون إلى أسانيد هذه الروايات وقالوا بصحتها وفي موسوعة الإمام علي عليه السلام هناك بحث تفصيلي نسبيا تعرض في بدايته إلى مسألة شهرة هذا الحديث التي طبقت الآفاق حيث رواه الكثير من الصحابة ومنهم الإمام علي والإمام الحسين عليه السلام وأسماء بنت عميس وغيرهم.
وبذلك أكدوا على صحة الرواية وأيدوها بنقل المتقدمين من العلماء لها وفي الختام قالوا في الجواب عن الاشكالات الواردة عليها ومن بنها :
ضعف السند : على فرض التسليم بضعف سند الرواية فإنه يجبر باستفاضتها وهذا يكفي في الوصول إلى الاطمئنان بوقوع أصل الحادثة وهذا يكفي في إثباتها.
وفي المقابل جاء في (اللآلئ المصنوعة) نقل عن الجوزقاني قوله : (هذا الحديث منكر مضطرب).
وفي هذا المقال نسعى ـ من خلال الالتفات إلى شرح حال رجال وسلسلة سند الرواية ـ إلى نقد الحديث من الناحية السندية وما أكثر الروايات التي نقلت على أساس من الدوافع السياسية أو الدينية والمذهبية مع ذكر الأسانيد الصحيحة والمتقنة لها وبعد دراسة المحتوى والمضمون يتبين أن هذه الرواية إنما هي من اختلاق الوضاعين وأنهم أرادوا من خلال اختلاقها الوصول إلى غاياتهم الخاصة.
والذي نحصل عليه من خلال مناقشة ودراسة هه الروايات هو اشتمالها الكثير من الاختلافات التي قد تصل أحيانا إلى حد التناقض العجيب. كما أن نقل الرواية بعبارات مختلفة تققل من قيمتها واعتبارها فأحيانا يختلف مكان الحدث وأحيانا يختلف الزمان وأحيانا تختلف العلة والسبب أيضا وهذا في حد ذاته يشكل دليلا على ضعفها وعدم إمكان الاعتماد عليها والاطمئنان إلى نقلها وروايتها وعلى حد تعبير العلامة الشيخ محمد حسن المظفر : (إن خصوص الروايات متنافية من وجوه وهو يشكف عن كذب الواقعة).

وفي ما يلي نستعرض موارد من اختلاف هذه الروايات :
التناقض في الروايات :
1 ـ تكر الرواية الولى أن سبب ترك الامام علي عليه السلام لصلاة العصر وهو حوار دار بينه وبين جمجمة في حين تذكر الرواية الثانية أن ذلك كان بسبب وضع النبي الأكرم صلى الله عليه واله رأسه في حجر الأمام علي عليه السلام اثناء نزول الوحي وأن الإمام لم يرد إزعاج النبي خوفا من أيوقه لو غير موضعه وفي الرواية الثالثة نجد السبب في هذه الحادثة هو شؤم الأرض ونحسها.
2 ـ الاختلاف في الموضع الذي الي تم فيه رد الشمس ففي الرواية الأولى ـ طبقا لبعض القرائن والشواهد ـ وقعت هذه الحادثة في بيداء أو مقبرة وبناء على الرواية الثانية وقعت هذه الحادثة في أرض يقال : (الضهياء) وطبقا للرواية الثالث أنها حصلت في جسر الصراة وأما الرواية السادسة فتقول : إن هذه الحادثة قد حدثت في بيت النبي الأكرم صلى الله عليه واله.
3 ـ الاختلاف في أصل الحادثة إذ طبقا للروايات الخمسة الأولى كانت الصلاة قد فاتت الإمام بالكامل أما الرواية السادسة فتحكي عن أداء الإمام للصلاة من جلوس لعدم استطاعته أداءها عن قيام وأنه أوما في ركوعه وسجوده. ...........

النقد المضموني لرواية رد الشمس :
بعد إعادة النظر في متن الرواية المتقدمة ومضمون نصها ندرك أن هه الروايات ضعيفة وتشتمل على غموض من حيث المحتوى والمفهوم. فهي تعارض الآيات القرآنية تارة وتعارض الثوابت العلمية تارة أخرى وفي ما يلي نشير إلى بعض هذه الموارد :
1 ـ إن المسألة التي وردت في أكثر هه الروايات هي أن الإمام علي عليه السلام قد فاته أن يصلي صلاة العصر في وقتها فالسؤال الي يخطر في هن القارئ هنا هو :
هل كان الإمام علي عليه السلام في هذا الأمر قاصرا أم مقصر ؟
كيف يمكن للإمام علي عليه السلام أن يترك فريضة أوجبها الله عليه لمجرد أن يراعي الأدب استحبابا ويترك رأس رسول الله صلى الله عليه واله في حجره في حين تؤكد الشريعة والفقه الإسلامي على ضرورة أداء الصلاة في أكثر الظروف حرجا وصعوبة فقد بين الشارع حكم الصلاة بالنسبة للمسافر والمجاهد والمقاتل حتى وهو يخوض غمار القتال وبلوغ القلوب الحناجر وحكم صلاة الخوف وصلاة الغريق وعليه فإن الصلاة لا تترك بحال فإذا كان الإمام علي عليه السلام طبقا لهذه الروايات قد ترك صلاته عامدا ـ والعياذ بالله ـ هل يكون لك معقولا ؟ وهل يكون صدوره عن مثل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ؟
ثم هل يمكن للشمس أن تعود القهقرى ؟ وهل يمكن للزمان أن يعود ؟
ثم حتى إذا عادت الشمس يتعين على الإمام أن يصلي العصر أداء وقضاء يضاف إلى لك أنه بعودة الشمس ـ على فرض الإمكان ـ سوف يتعلق الوجوبثلاث صلوات لطلوع الشمس ولغروبها وللحالة المتوسطة بين الطلوع والغروب.
بمعنى أنه بالاضافة إلى وجوب قضاء صلاة العصر عليه ـ بسبب تحقق الفوت ـ أن يؤدي صلاة صبح جديدة بطلوع الشمس عليه ومن ثم صلاة ظهر وعصر جديدة قبل غروب الشمس لتجدد وقتها ثانية !
2 ـ ورد في نقل عن بحار الأنوار : (فسري عن رسول الله صلى الله عليه واله في وقت الغروب فقال لعلي عليه السلام : هل صليت العصر ؟ قال : لا فإني كرهت أن أزيل رأسك ورأيت جلوسي تحت تحت رأسك وأنت في تلك الحال أفضل من صلاتي) !
وقد علق بعض المحققين على ذلك متهكما. الأمر الي يعبر عن استبعاد هذا الكلام قائلا :
أيكون بقاء رأس رسول الله صلى الله عليه واله فحجر الامام علي عليه السلام أفضل من الصلاة ؟ وهل هناك آية قرآنية تعتبر مجالسة رسول الله صلى الله عليه واله أفضل من الصلاة ؟ وهل هناك رواية مأثورة عن رسول الله تؤيد ها الأمر؟.
إن هذه العبارة الواردة في الحديث قد تثير في الأذهان معلومة خاطئة تفيد أن منظومة رسول الله مستقلة عن المنظومة الالهية وأن كل واحدة من هاتين المنظومتين تعمل لحسابها الخاص.
3 ـ لقد ورد في بعض مضامين الرواية المأثورة في (بحار الأنوار) أن النبي الأكرم بعد أن اطلع على أن الإمام علي عليه السلام قد فاتته صلاة العصر رفع يديه بالدعاء قائلا :
(اللهم إن كان علي في طاعتك وحاجة رسولك صلى الله عليه واله فاردد عليه الشمس ليصلي صلاته) هذا في حين أن المتيقن ـ على فرض صحة الرواية ـ أن الإمام علي لم يكن في طاعة الله إذ إن الله سبحانه وتعالى ـ طبقا لما ورد في القرآن الكريم ـ يقول :
(قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) (سورة ابراهيم : 31)
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (البقرة : 43)
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) (طه : 132)
(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) (الإسراء : 78)
وعلى ها الأساس يكون الإمام علي عليه السلام طبقا لصريح هذا الحديث على فرض صحته قد خالف هذا الأمر الإلهي.
ثم إذا كان الإمام علي عليه السلام في طاعة الله فما الداعي إلى إرجاع الشمس كي يعيد صلاته فهو إنما أقام موازنة بين واجبين إلهيين فرجح أحدهما أداء وسيأتي بالثاني قضاء فما هي الحاجة ـ في مثل هذه الحالة ـ لى خرق الأنظمة والقوانين الطبيعية ؟!
4 ـ إن من بين الأدلة التي جعلت هذه الرواية تحظى بالقبول من قبل الشيعة أنهم قد اعتبروها فضيلة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام في حين أنها قبل أن تكون فضيلة لهذا الإمام الهمام يجب اعتبارها واحدة من فضائل رسول الله لأن الشمس إنما ردت استجابة لدعاء النبي بشأن علي عليه السلام وقد ورد في (موسوعة الإمام علي عليه السلام) أن هذا الحديث يمكن أن يدرجضمن فضائل الإمام علي عليه السلام لأن رد الشمس إنما تحقق لعلي عليه السلام في حين أن مجرد دعاء رسول الله صلى الله عليه واله لشخص لا يمكن أن يعتبر لوحده فضيلة لذلك الشخص.
5 ـ لقد ذهب البعض من من أمثال : أبي جعفر أحمد بن صالح الطبري المصري وأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي إلى اعتبار رد الشمس من علامات النبوة إذ يقولون : (وكل هذه الأحاديث من علامات النبوة).
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه : لمن يأتي الانبياء بالمعاجز وعلامات النبوة ؟
من الواضح أن المعاجز والخوارق إنما تجترح لإقناع المنكرين للرسالة والرافضين للنبوة من قبيل : معجزة شق القمر التي اجترحها النبي الأكرم صلى الله عليه واله بطلب من المشركين. وعليه ما معنى أن تجترح معجزة رد الشمس للإمام علي عليه السلام ـ وهو أول المؤمين برسول الله صلى الله عليه واله ـ في تلك اللحظة منكرا حتى يعود إلى أيمانه السابق أو شاكا فيعود له السكون والهدوء والطمأنية ؟!
6 ـ لقد أشكل ابن الجوزي على هذا الحديث بإشكالين :
الأول : حتى إذا عادت الشمس لا تعود صلاة العصر أداء.
الثاني : حتى إذا عادت لاشتهرت وتوفرت الهمم والدواعي على نقلها إذ هي في بعض العادات الجارية مجرى الطوفان نوح وانشقاق القمر. وهذه المسألة هي التي يؤيدها علماء الحديث من الشيعة أيضا فعلى سبيل المثال :
نجد المامقاني في كتابه (مقباس الهداية) بعد تعريفه بخصائص الحديث المختلق يقول : (ومنها إخبارا عن أمر جسيم تتوفر الدواعي على نقله بمحضر الجمع ثم لا ينقله منهم إلا واحد).
7 ـ الإشكال الآخر أن بعض صيغ هذا الحديث تقول : إن النبي الأكرم صلى الله عليه واله كان قد صلى بأصحابه جماعة في حين أن الإمام علي عليه السلام لم يلتحق بالجماعة وهنا يطرح هذا السؤال نفسه : ما الذي منع الامام علي من الالتحاق بصلاة الجماعة مع أنه كان مع النبي الاكرم في حينها ؟
والأشكال الآخر : إن النبي ـ طبقا لهذا الرواية ـ قد جمع بين صلاتي الظهر والعصر ولكن يبدو أن الإمام علي عليه السلام كان له رأي آخر وآثر التفريق بين الصلاتين والإتيان بصلاة العصر في وقتها فهل هو اجتهاد منه في مقابل اجتهاد رسول الله ؟!

نقد الحديث بمعيار القرآن الكريم :
يستند القائلون بصحة رواية (رد الشمس لعلي بن ابي طالب عليه السلام) إلى الآيات التالية من القرآن الكريم إذ يقول الله تعالى على لسان النبي سليمان عليه السلام :
(فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ)
بتقريب أن هذه الظاهرة قد حصلت للنبي سليمان عليه السلام أيضا إذ أهدي له عدد من خيول السباق عند العصر فانشغل بالنظر إليها حتى فاتته صلاة العصر أيضا وندما أفاق من غفلته كان اللام قد اشتبك وفاتته صلاة العصر من هنا أخذ يسأل الله أن يرد الشمس له كي يؤدي صلاة العصر في وقتها.
وقد وقع الخلاف بين المفسرين في تفسير هاتين الآيتين فهناك من اعتقد بهذا الأمر وقال : حيث تحقق رد الشمس لسليمان عليه السلام لا يبعد أن يتكرر حدوثها لعلي عليه السلام ومن القائلين بهذه النظرية العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي حيث يذهب إلى الاعتقاد بعود الضمير في (ردوها) إلى (الشمس) بمعنى أن النبي سليمان عليه السلام يأمر الملائكة بأن يردوا عليه الشمس كي يتمكن من أداء الصلاة في وقتها.
وفي المقابل هناك من ذهب إلى القول بعودة الضمير في كلمة (ردوها) إلى (الخيل) لا إلى (الشمس). ومضافا إلى العلامة الطباطبائي ذهب آخرون من كبار العلماء إلى بيان هذا الرأي أيضا من أمثال : الفخر الرازي في (تفسير الكبير) والشيخ الطوسي (التبيان) أيضا وفي ما يلي نشير إلى جانب من هذه الآراء :
جاء في التفسير الكبير على هامش قوله تعالى : (عَن ذِكْرِ رَبِّي) (إن هذه المحبة الشديدة إنما حصلت عن ذكر الله وأمره لا عن شهوة والهوى) وجاء في (تفسير التبيان) قوله تعالى : (عَن ذِكْرِ رَبِّي) معناه أن هذا الخيل شغلني عن صلاة العصر حتى فات وقتها وهو قول علي عليه السلام وقتادة والسدي وروى أصحابنا أنه فاته الوقت الأول وقال الجبائي : إنه لم يفته الفرض وانما فاته نفل كان يفعله آخر النهار ففاته لاشتغاله بالخيل).
وقال في تفسير الجزء التالي من الآية : وقوله (حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) معناه توارت الشمس بالحجاب يعني بالغيبوبة)
ثم استطرد الشيخ الطوسي قائلا : (ثم قال لأصحابه : (رُدُّوهَا عَلَيَّ) يعني الخيل فلما ردت عليه (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ) وقيل : إن‌ الخيل‌ ‌هذه‌ حربها ‌من‌ غنيمة جيش‌ فتشاغل‌ باعتراضها ‌حتي‌ غابت‌ الشمس‌ وفاتته‌ العصر ‌قال‌ الحسن‌ : كشف‌ عراقيبها وضرب‌ أعناقها وقال‌ ‌لا‌ تشغلني‌ ‌عن‌ عبادة ربي‌ مرة اخري‌. و‌قيل‌ :
انه‌ إنما فعل‌ ‌ذلك ‌علي‌ وجه‌ القربة ‌إلي‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ بأن‌ ذبحها ليتصدق‌ بلحومها ‌لا‌ لعقوبتها بذلك‌. وإنما فعل‌ ‌ذلك‌ لأنها كانت‌ أعز ماله‌ فأراد بذلك‌ ‌ما ‌قال‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ (لَن‌ تَنالُوا البِرَّ حَتّي‌ تُنفِقُوا مِمّا تُحِبُّون‌َ) و‌قال‌ ابو عبيدة: يقولون‌ : مسح‌ علاوته‌ ‌ أي ‌ ضربها. وقال‌ ‌إبن‌ عباس ‌: جعل‌ يمسح‌ أعراف‌ الخيل‌ وعراقيبها حباً لها. و‌قال‌ ابو مسلم‌ ‌محمّد‌ ‌بن‌ بحر : غسل‌ أعرافها وعراقيبها إكراماً لها ‌قال ‌: لان‌ المسح‌ يعبر ‌به‌ ‌عن‌ الغسل‌ ‌من‌ قولهم ‌: تمسحت‌ للصلاة).
وعليه فالذي يراه الشيخ الطوسي هو عودة الضمير في ردوها (رُدُّوهَا) إلى الخيل لا إلى الشمس وبعد أن ذكر الإمام الفخر الرازي في تفسيره الاحتمالات الواردة بشأن مرجع الضمير في (رُدُّوهَا) قام بذكر أدلة في سياق رد أن يكون مرجع الضمير في هذه الكلمة إلى الشمس فقال : (وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله لَمَّا اشْتَغَلَ بِالْخَيْلِ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ الشَّمْسَ فَقَوْلُهُ: رُدُّوها عَلَيَّ إِشَارَةٌ إِلَى طَلَبِ رَدِّ الشَّمْسِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ عِنْدِي بِعِيدٌ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ : الْأَوَّلُ :
أَنَّ الصَّافِنَاتِ مَذْكُورَةٌ تَصْرِيحًا، وَالشَّمْسُ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ وَعَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى الْمَذْكُورِ أَوْلَى مِنْ عَوْدِهِ إِلَى الْمُقَدَّرِ.
الثَّانِي :
أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي. وَكَانَ يُعِيدُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ إِلَى أَنْ/ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، فَلَوْ قُلْنَا الْمُرَادُ حَتَّى تَوَارَتِ الصَّافِنَاتُ بِالْحِجَابِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حِينَ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهَا حَالَ جَرْيِهَا كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلَى أَنْ غَابَتْ عَنْ عَيْنِهِ وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ، وَلَوْ قُلْنَا الْمُرَادُ حَتَّى تَوَارَتِ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُعِيدُ عَيْنَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ إِلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
الثَّالِثُ :
أَنَّا لَوْ حَكَمْنَا بِعَوْدِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَوَارَتْ إِلَى الشَّمْسِ وَحَمَلْنَا اللفظ على أنه ترك الصلاة الْعَصْرِ كَانَ هَذَا مُنَافِيًا لِقَوْلِهِ: أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي فَإِنَّ تِلْكَ الْمَحَبَّةَ لَوْ كَانَتْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَمَا نَسِيَ الصَّلَاةَ وَلَمَا تَرَكَ ذِكْرَ اللَّهِ.
الرَّابِعُ :
أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَقِيَ مَشْغُولًا بِتِلْكَ الْخَيْلِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَفَاتَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ؟، فَكَانَ ذَلِكَ ذَنْبًا عَظِيمًا وَجُرْمًا قَوِيًّا، فَالْأَلْيَقُ لهَذِهِ الْحَالَةِ التَّضَرُّعُ وَالْبُكَاءُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي إِظْهَارِ التَّوْبَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى سَبِيلِ التَّهَوُّرِ وَالْعَظَمَةِ لِإِلَهِ الْعَالَمِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ، رُدُّوهَا عَلَيَّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْعَارِيَةِ عَنْ كُلِّ جِهَاتِ الْأَدَبِ عَقِيبَ ذَلِكَ الْجُرْمِ الْعَظِيمِ، فَهَذَا لَا يَصْدُرُ عَنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْخَيْرِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ إِسْنَادُهُ إِلَى الرَّسُولِ المطهر المكرم).
إن الفخر الرازي من خلال هذه الأدلة المحكمة والمقنعة والمتقنة يستبعد عودة هذا الضمير إلى الشمس ثم يستطرد قائلا : (الْخَامِسُ :
أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى تَحْرِيكِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ رُدَّهَا عَلَيَّ وَلَا يَقُولَ رُدُّوهَا عَلَيَّ، فَإِنْ قَالُوا إِنَّمَا ذَكَرَ صِيغَةَ الْجَمْعِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى تَعْظِيمِ الْمُخَاطَبِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ: رُدُّوها لَفْظٌ مُشْعِرٌ بِأَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْإِهَانَةِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهَذَا اللَّفْظِ رِعَايَةُ التَّعْظِيمِ
السَّادِسُ :
أَنَّ الشَّمْسَ لَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَكَانَ ذَلِكَ مُشَاهَدًا لِكُلِّ أَهْلِ الدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَتَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ وَإِظْهَارِهِ، وَحَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ ذَلِكَ عَلِمْنَا فَسَادَهُ)
يمكن للأدلة التي يسوقها الفخر الرازي في إنكار رد الشمس للنبي سيلمان عليه السلام أن تكون أدلة جيدة على إنكار رد الشمس للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
يقول الفخر الرازي بشأن مرجع الضمير في (ردوها) :
السَّابِعُ :
أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ ثُمَّ قَالَ: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ وَعَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى أَقْرَبِ الْمَذْكُورَيْنَ أَوْلَى، وَأَقْرَبُ الْمَذْكُورَيْنَ هُوَ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ، وَأَمَّا الْعَشِيُّ فَأَبْعَدُهُمَا فَكَانَ عَوْدُ ذَلِكَ الضَّمِيرِ إِلَى الصَّافِنَاتِ أَوْلَى)

نقد رواية (رد الشمس) على أساس الآيات الأخرى
1 ـ قال الله سبحانه وتعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) (يس : 38)
وهناك الكثير من الآراء المطروحة بشأن تفسير هذه الآية وفي ما يلي نشير إلى بعضها :
أحدها : إنها تجري لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا فلا تزال تجري حتى تنقضي الدنيا. عن جماعة من المفسرين.
وثانيها : إنها تجري لوقت محدد لا تعدوه ولا يختلف. عن قتادة.
وثالثها : إنها تجري إلى أقصى منازلها في الشتاء والصيف لا تتجاوزها.
وبعد الذهاب إلى القول الثاني والثالث وهما القولان القائلان بأن الشمس لا تختاف عن مسارها أبدا سندرك أن (رد الشمس) أمر محال ويبدو مستبعدا إذ إن روع الشمس بمنزلة التخلف عن الإرادة والقانون الإلهي.

2 ـ قال الله سبحانه وتعالى : (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ). (الانعام : 92)
قال العلامة الطباطبائي في تفسير يل هه الآية : (عرف تعالى هؤلاء المؤمنين بالآخرة بما هو من أخص صفات المؤمنين وهو أنهم على صلاتهم وهي عبادتهم التي يذكرون فيها ربهم يحافظون وهذه هي الصفة التي ختم الله به صفات المؤمنين التي وصفهم بها في أول سورة المؤمنين إذ قال : « الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ).
وعليه كيف يمكن للإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ـ وهو على ما هو عليه من أعلى درجات الإيمان وذوبانه في ذات الله حتى أن الناطسي من الأطباء كان يغتنم فرصة استغراقه في الصلاة والانقطاع إلى الله في تلك الحالة ليخرج من جسمه الذي أصابه في بعض الحروب وتعذر إخراجه منه ـ أن يتهاون في أداء صلاته حتى تفوته ويضطر إلى قضائها ؟! ألا تعني نسبة هذا الأمر إلى الإمام علي عليه السلام تقليلا في مرتبته الإيمانية ؟ هل يمكن لنا أن نتصور عليا عليه السلام الي يأمر بأيقاف القتال في ذروة احتدامها بسبب حلول وقت الصلاة ويجيب على بعض من اعترض بأن الظرف لا يساعد على أداء الصلاة وأنه سيكون هناك متسع لأدائها بعد الفراغ من القتال. قائلا :
أنما نقاتل من أجلها (أي من أجل الصلاة) كيف يمكن له أن يتركها لمجرد أنه يمر بأرض مشؤومة أو ملعونة أو حذرا من إيقاظ النبي الأكرم صلى الله عليه واله ويعتبر تركه للصلاة أفضل من أدائها في تلك الحالة ؟!

3 ـ قال الله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) (المعارج : 23)
قال العلامة الطباطبائي : (في إضافة الصلاة إلى الضمير دلالة على أنهم مداومون على ما يأتون به من الصلاة كائنة ما كانت لا أنهم دائما في الصلاة وفيه إشارة إلى أن العمل إنما يكمل أثره بالمداومة).
ألم يكن عليا عليه السلام وهو أول الناس إسلاما وإيمانا وإقامة للصلاة ـ هو القائل في كتاب له إلى أحد أصحابه : (صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا الْمُؤَقَّتِ لَهَا ـ ولَا تُعَجِّلْ وَقْتَهَا لِفَرَاغٍ ـ ولَا تُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا لِاشْتِغَالٍ ـ واعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلَاتِكَ).
وعنه أيضا أنه قال : (إِنَّ اللَّه افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا) فهل يمكن أن نتصور من صاحب ها الكلام أن يقوم بتضييع مثل ها الفرض والعياذ بالله ؟! ألا أن نكون بترويجنا لمثل هذه الأحاديث ـ شئنا أم أبينا ـ من الين ينالون من المكانة والمقام الشامخ والرفيع لها الإمام العظيم ؟ وعليه يتضح مما تقدم أن هذه الرواية مضافا إلى ضعف سندها ومضمونها تخالف القرآن والمعطيات العلمية البديهية للبشر ولا تتناسب مع مكانة ومنزلة وشخصية الإمام علي عليه السلام.
إن وجود ها النوع من الروايات المختلقة والموضوعة في المصادر الروائية لدى الشيعة يخلق مبررا لهمة المخالفين لأهل البيت عليهم السلام على المصادر الروائية الشيعية ولا سيما منها الأحاديث المتعلقة بفضائل الإمام علي عليه السلام خصوصا وأهل البيت عليهم السلام عموما ولا يخفى ما في ذلك من مضاعفة الظلم الذي لحق بهم على طول التاريخ.
المصدر :
مجلة نصوص معاصرة العدد46 ص279 ـ 295







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "