السؤال (10): شبهة: أبن تيمية يطعن في دين الإمام علي ويتهمه بانه لم يهاجر لله ولرسوله . !!
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
يقول الصوفي الأشعري المسمى د . محمود السيد صبيح في كتابه المشؤوم (أخطاء أبن تيمة في حق رسول الله وأهل بيته) في صفحة [90-91] مانصة:
((أبن تيمية يطعن في دين الإمام علي ويتهمه بانه لم يهاجر لله ولرسوله وإنما كانت هجرته لامرأة يتزوجها:
في سياق الكلام على إرادة الإمام على رضي الله عنه الزواج على السيدة فاطمة رضي الله عنها قال ابن تيمية في منهاجه (4/ 255):
(لكن المقصود أنه لو قدِّر أن أبا بكر آذاها، فلم يؤذها لغرض نفسه بل ليطع الله ورسوله ويوصل الحق إلى مستحقه، وعلي رضي الله عنه كان قصده أن يتزوج عليها فله فى آذاها غرض بخلاف أبى بكر، فلم أن أبا بكر كان أبعد أن يذم بأذاها من على، وأنه قصد طاعة الله ورسوله بما لاحظ له فيه، بخلاف علي فإنه كان له حظ فيما رابها به، وأبو بكر كان من جنس من هاجر الى الله ورسوله، وهذا لا يشبه من كان مقصوده امرأة يتزو جها)) انتهى بحروفه.
قلت:
حسبنا الله ونعم الوكيل،، أخرج البخارى (1/ 3) ومسلم (3/1515) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها آو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
عند ابن تيمية الإمام علي رضي الله عنه فاقد أهم أصل من أصول الإسلام، وهو أصل النية الذي لا يصح شيء بدونه.
قال الإمام الشافعي "هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين بابا من الفقه". اهـ، وعن الإمام أحمد قال (أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر إنما الأعمال بالنيات) وحديث عائشة (من أحدث فى آمرنا هذا ما ليس منه فهو ود) وحديث النعمان بن بشير (الحلال بين والحرام بين). اهـ.
قلت: بجرة قلم أصبح رابع الخلفاء الراشدين المهديين كمهاجر أم قيس قال الحافظ فى فتح البارى (1/10): (وقصة مهاجر أم قيس رواها سعيد بن منصور قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبدالله هو ابن مسعود قال (من هاجر يبتغى شيئأ فإنما له ذلك، هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس، فكان يقال له مهاجر أم قيس). اهـ
ورواه الطبرانى من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ(كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر فتزوجها، فكنا نسميه مهاجر أم قيس . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين). اهـ
على كل حال، فلا نقول فى هذه المسألة إلا كما قال النبى صلى الله عليه وسلم) من آذى عليأ فقل آذانى (وقول النبى صلى الله عليه وسلم) ما تريدون من علي، إن عليأ منى وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن بعدي).
عمومأ أعتقد أن قول ابن تيمية هذا هو أحد أسباب حكم علماء زمانه عليه بالنفاق كما قال الحافظ ابن حجر فى الدور الكامنة، لقول النبى صلى اثه عليه وسلم)لا يبغضك إلا منافق)) [انتهى كلام محمود صبيح].
وسؤالي: ما تعليق فضيلتكم حول هذه الفرية العظيمة ؟؟؟
الجواب: أن هذا ليس فيه فرية على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فهو لم يقل أن علي هاجر من أجل أن يتزوج امرأة، وإنما ذكر وجه شبه لا يلزم منه التماثل من أكثر الوجوه فضلا عن كلها، وحاشاه أن يرمي أمير المؤمنين بذلك، لذلك لم ينكر الذهبي وهو الناقد البارع هذه على شيخ الإسلام بل نقل العبارة بكمالها في تهذيبه لمنهاج السنة (المنتقى من منهاج الاعتدال) ص:209، وهو يدل أنه ارتضاها وإلا لحذفها، والشيخ يبين الفرق بين تأذي سيدة نساء أهل الجنة -بعد مريم بنت عمران- فاطمة رضي الله عنها من أبي بكر، وأن أبا بكر قصده طاعة رسول الله، فلا يمكن أن يُرضيها بما هو معصية لرسول الله وإن كانت هي لم تقصد ذلك رضي الله عنها، وأما علي رضي الله عنها فأذاه لها كان بسبب امرأة يتزوجها عليها، فهو بسبب دنيوي، يعتبر مما يبين نقصان رتبة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن رتبة الصديق، وعلي رضي الله عنه ليس معصوماً بل هذا كان منه خطأ رضي الله عنه، غضب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان من أهل الفردوس الأعلى، وهم يدعون إما مقالا أو حالا لعلي العصمة فينكرون أن يكون أخطأ، أو على من قال أخطأ، ولو كان هذا فعله أبو بكر أو عمر مع رسول الله لرأيت من الرافضة قبحهم الله العجائب، ولكنهم أصحاب أهواء وقِحين، فكلام شيخ الإسلام حق وعدل لا إشكال فيه، بل هو لإبعاد الغلو عن شخص علي الذي لا يرضاه علي نفسه، وهو من طريقة الأئمة الكبار كابن تيمية وابن حزم وغيرهما، فهو لم ينقص من قدر علي ولكنه لم يرفعه فوق الصديق، بل مثل هذه المقارنات المراد بها بيان الحق وقد فعل نحوا منها ابن حزم في الفصل (المجلد الخامس) بكلام لا مزيد عليه، فرحمهم الله ورضي الله عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين .
* * * *
السؤال (11): هل رد الذهبي على ابن تيمية في مسألة العلو وناصحه في رسالته النصيحة الذهبية؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل رد الإمام الذهبي على شيخ الاسلام ابن تيمية في مسألة العلو وناصحه في رسالته النصيحة الذهبية ؟
الجواب: أما مسألة العلو فقد صنف فيها الذهبي كتابه الكبير (العلو للعلي الغفار) فكيف ينكرها على شيخ الإسلام، هذا بهتان على الذهبي، وحاشاه من ذلك، وأما الرسالة الذهبية فمكذوبة ووُجدت بخط أحد خصومه فحالها كحال من نسب إليه أنه نصر الأشعرية، وفيها ألفاظه غير لائقة بالذهبي ولا تشبه أسلوبه، وأما كون الذهبي نقد شيخ الإسلام ببعض الأمور كما في (زغل العلم) فممكن والذهبي ليس بمتعصب بل هذا من جلالته وهو أنه لم يحاب من يعظمه، وشيخ الإسلام ليس بمعصوم، فكونه فيه حدة أو عنده أخطاء ليس بممتنع، فما من عالم إلا وعنده أخطاء، ولا معصوم غير الأنبياء فيما يبلغون عن الله، والذهبي غير معصوم أيضاً وكثير مما أنكره على شيخه كان الصواب فيه مع شيخ الإسلام ابن تيمية كمسألة الخوض في دقائق علم الكلام والفلسفة للرد عليها، بل قد أنكر الذهبي كون كتاب (الرد على الزنادقة والجهمية) للإمام أحمد لبعض الأساليب التي فيه، وكل هذا خطأ منه رحمه الله، والذهبي وإن كان مؤرخ الإسلام الشهير لكن من حيث الجملة فأين هو من ابن تيمية، رحم الله الجميع، وما أعز الإنصاف .
* * * *
السؤال (12): ابن تيمية وحرمة التوسل بغير الله ؟
السلام عليكم، شيخنا الكريم عند نقاشنا لأهل التصوف المجيزين للتوسل يتطاولون على شيخ الإسلام أبن تيمية بأنه أول من حرم التوسل فكيف الرد عليهم ؟
ويرون في هذا الجانب بدعة عظيمة ويدعون أن علماء أهل السنة والجماعة أتفقوا على أن ابن تيمية هو أول من ابتدع القول بحرمة التوسل ؟ فكيف نثبت لهم أن قولهم باطل؟
الجواب: التوسل برسول الله لفظ مجمل فإن كان المراد دعائه وعبادته فشرك أكبر بإجماع المسلمين، وإن قصد التوسل بدعائه لهم في حياته فلم ينكره الشيخ، وأما طلب الدعاء منه عند قبره بعد موته، فبدعة لم يفعلها السلف، وما جاء من الآثار فيها فضعيف، فأما التوسل برسول الله ودعاؤه فالقرآن والسنة مليئة بتكفير من يعبد غير الله، وكذا إجماع المسلمين مبتدعتهم من معتزلة وأشعرية وماتريدية وخوارج وغيرهم، وسنيهم، وكتبهم طافحة بذلك فكيف تصح هذه الدعوى . وبالجملة فكل بدعة تحدث فلا يلزم أن يسبق منكرها أحد بل يكفي في إنكارها كونه لا دليل عليها من الشرع، فالعبادات ومنها العقائد توقيفية الأصل فيها الحرمة، ولعلك تذكر نص كلامهم لنعرف مرادهم .
السؤال (13): إبن تيمية و المولد النبوي.
السلام عليكم و رحمة الله وبركاتة،
يقول البعض عندنا ان شيخ الإسلام يجيز الإحتفال بالمولد النبوي الشريف فأرجو منكم أن تبينوا لنا موقفه من الإحتفال بالمولد و بارك الله فيكم؟
الجواب: موقفه صريح من المولد وكذا من سائر البدع وهو التحريم والرد، بل من أصوله الكبيرة التي بينها وجلاها قوله في كتاب (الاستغاثة في الرد على البكري) وفي كثر من كتبه: (وأصل الدين أن لا يعبد إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع)، فيقول في المولد في (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ص:295: (ما يُحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا مع، اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا، ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان).