بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم -
روي أن فاطمة غضبت على أبو بكر رضي الله عنهما، حين منعها ميراثها من رسول الله ? ، فهجرته حتى توفيت. ودفنها علي سراً وبايع بعد ستة أشهر من خلافة الصديق .
● وما ذكر عن غضب فاطمة وهجرها لأبي بكر وتأخر مبايعة علي مدرجا وليس من كلام عائشة، والنص عن عائشة الى :"فابى ان يدفع ابى بكر لهم منه شيئا"، والبقية إرسال في إرسال .
وجميع طرق هذا الحديث مدارها على الزهري عن عروة عن عائشة، والرواة عن الزهري ستة، والروايات عنهم متغايرة بين بسط واختصار .
روى البخاري في صحيحة (ح4240) : حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر فقال عمر لا والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عسيتهم أن يفعلوا بي والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي فقال إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبا حتى فاضت عينا أبي بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي فعظم حق أبي بكر وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا نري لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون آلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف". ورواه مسلم (1759).
ونفس الرواية عن ليث عن عقيل عن الزهري عند مسلم في صحيحة (ح1759) : حدثني محمد بن رافع أخبرنا حجين حدثنا ليث عن عقيل عن بن شهاب (الزهري) عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عساهم أن يفعلوا بي إني والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت فكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف".
● في رواية مسلم تظهر الجملة :"قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ..إلخ"، بخلاف رواية البخاري .
وهو تعليق والمتحدث رجل؛ فلو كان من حديث عائشة لكان النص :"قالت فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت".
أو بدون قالت فيكون :"فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت". كما في رواية البخاري السابقة .
ورواه البخاري في صحيحة من طريق يؤكد بوضوح الزيادات المدرجة في حديث عائشة (ح6346) : حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس عليهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال قال أبو بكر والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت".
ونفس الرواية عن معمر عن الزهري عند البيهقي في السنن الكبرى (ح12384) : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار ببغداد أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة والعباس رضي الله عنهما أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال والله إني لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه بعد إلا صنعته قال فغضبت فاطمة رضي الله عنها وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت فدفنها علي رضي الله عنه ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر رضي الله عنه قالت عائشة رضي الله عنها فكان لعلي رضي الله عنه من الناس وجه حياة فاطمة رضي الله عنها فلما توفيت فاطمة رضي الله عنها انصرف وجوه الناس عنه عند ذلك قال معمر : قلت للزهري: كم مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال ستة أشهر فقال رجل للزهري فلم يبايعه علي رضي الله عنه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها ؟ قال: ولا أحد من بني هاشم".
● وهنا عند البخاري "قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت". فقط .
وعند البيهقي "قال فغضبت فاطمة رضي الله عنها وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت فدفنها علي..الخ"؛
وكل ذلك إرسال عن عائشة .
● فغضب فاطمة وهجرها واضح أنه مدرج مع رواية الزهري، فقد يكون تعليق الزهرى هو ما أدى لهذا اللبس في الحديث، فهو حدث بهذا الحديث أكثر من مرة وفي أكثر من مجلس وكان يعلق ويشرح ويضيف فيظن البعض أنه من الحديث فيضيفه إلى عائشة .
ويزيد هذا بيانا ما جاء من حديث أبي هريرة وفيه أنه ذكر الامتناع عن الكلام فقط، روى الترمذي في جامعه (1532) : حدثنا عَلِيُّ بن عِيسَى قال حدثنا عبد الْوَهَّابِ بن عَطَاءٍ حدثنا محمد بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما تَسْأَلُ مِيرَاثَهَا من رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالا : سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول : إني لا أُورَثُ ، قالت : والله لا أُكَلِّمُكُمَا أَبَدًا ، فَمَاتَتْ ولا تُكَلِّمُهُمَا".
وقد جاء بلفظ (لا أكلمكما) في رواية عائشة أيضا من طريق عبد الرزاق عن معمر عند الطبراني .
وتفسير الترمذي لقولها والله لا أكلمكما أبدا؛ أي في الميراث مرة ثانية مما يدل على قبولها .
وكيف يمكن ان يقال ان فاطمة لم تقبل وردت قول رسول الله وقد علمنا من دينها وزهدها أن تغضب وتحزن على لعاعة من الدنيا، علاوة أن ابو بكر في مقام أبيها وتعلم مقدار فضله من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والحقيقة أنها انشغلت عن كل شيء بحزنها لفقد أبيها ومن ثم انشغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أي مشاركة، فضلا عن لقاء خليفة المسلمين المشغول بشئون الأمة، وحروب الردة وغيرها، كما أنها كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها، فقد أخبرها صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يلحق به من أهله، ومثلها لا يخطر ببالها أمور الدنيا، ولم يرو أحد أنهما التقيا وامتنعا عن التسليم، وإنما لازمت بيتها، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران .
ويزيد هذا بيانا أن "زوجة أبو بكر اسماء بنت عميس هي من كانت تمرض فاطمة في مرض موتها وكانت معها حتى الانفاس الاخيرة وشاركها في غسلها علي وكان يمرضها ايضا بنفسه وكانت تعينه على ذلك اسماء بنت عميس باستمرار ووصتها بوصايا في كفنها وتشييع جنازتها فعملت اسماء بها". الامالي للطوسي (107/1)، وجلاء العيون للمجلسي (ص 235)، وكشف الغمة للأربلي (504/1).
وعند الحاكم في مستدركه (163/3)، والبيهقي في سننه (396/3) عنها قالت:"غسلت أنا وعلي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقول انها "ماتت فدفنها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر"، قال ابن حجر :"ومن عدة طرق أنها دفنت ليلا ، وكان ذلك بوصية منها لإرادة الزيادة في التستر ، ولعله لم يعلم أبا بكر بموتها ؛ لأنه ظن أن ذلك لا يخفى عنه ، وليس في الخبر ما يدل على أن أبا بكر لم يعلم بموتها ولا صلى عليها". شرح الباري لكتاب البخاري (ح4240).
فمن حديث مالك بن أنس لأبي الحسن الأزدي (ح17)
حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد الوراق ببغداد ثنا الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري ثنا أبو محمد المدايني عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين قال ماتت فاطمة رضي الله عنها بين المغرب والعشاء فحضرها أبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف فلما وضعت ليصلي قال علي رضي الله عنه تقدم يا أبا بكر قال وانت شاهد يا أبا بكر قال نعم تقدم فوالله لا يصلى عليها غيرك فصلى عليها أبو بكر رضي الله عنهم أجمعين ودفنت ليلا".
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى (ح9640) حديث موقوف :"أخبرنا شبابة بن سوار حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور عن حماد عن أبراهيم، قال :"صلى أبو بكر الصديق على فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر عليها أربعا".