العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-05-16, 06:58 AM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله
أن للمتقين في الدنيا حياة طيبة،ولهم في الآخرة جناتٍ تجري من تحتها الأنهار،
تيسير العسير،وتذليل الصعب،وتسهيل الأمور أمل تهفو إليه النفوس،وإدراكِ أكملِ حظ ترجُو به طيب العيشِ الذي تمتلكُ به أزِمَّةَ الأمور،وتتوجَّهُ به إلى خيراتٍ تستبِقُ إليها،وتنجو من شُرور تحذَرُ سوءَ العاقبة فيها،
ولذا فإن من الناسِ إذا أصابَه العُسر في بعض أمره رأى أن شراً عظيمًا نزلَ بساحته، وأن الأبوابَ قد أُوصِدَت دونه، والسُّبُلَ سُدَّت أمامه، فتضيقَ عليه نفسُه، وتضيق عليه الأرضُ بما رحُبَت، ويضطربَ من أحواله ما كان سديدًا ثابتاً مُستقِرّاً،
أما المتقون الذين هم أسعدُ الناس وأعقلُهم فإن لهم في هذا المقام شأنًا آخر،بما جاءَهم من البيِّناتِ والهُدى من ربِّهم، وبما أرشدَهم نبيُّهم،صلوات الله وسلامه عليه،إنهم يذكُرون أن ربَّهم قد وعدَهم وعدَ الصدقِ الذي لا يتخلَّف،وبشَّرَهم أن العُسرَ يعقبُه يُسر،وأن الضيقَ تردُفُه سَعَة، وأن الكربَ يخلُفُه فرَج،فقال سبحانه(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)الشرح،
وقال،عزَّ وجل(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) الطلاق،
هذا وعد من أصدق القائلين، وهي بشرى لعباده المؤمنين، وأن سنته وحكمته القاضية، أن العسر بعده يسر، فلا يضيق الأمر ويشتد الكرب إلا ويتبعه يسر، فبشّر كل مكروب بفجر صادق من الفرج يصادر فلول الشدائد،
وما أحسن هذه الآية((سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)سلوة للمعذبين،وبشرى لأهل البلاء،ليعلم أن فرجه قريب،وهي لمن أقعده المرض،وأضناه البلاء،أنه موعود بشفاء عاجل،وعافية قادمة،فبعد الجوع شبع، وإثر التعب راحة،وعقب السقم شفاء،وخاتمة الشدة رخاء،ونهاية الفقر غنى،النهار يخلف الليل،والنور يطوي الظلام،
إذا اشتد الحبل انقطع،إذا رأيت السحب فاعلم أن الغيث الهنيء في جوانحها،وإذا هالَك الظلام فتيقن أن الصباح مقبل لا محالة،
إن العسر بعده يسران لا يسر واحد،لتعلم أن مرارة المعاناة لها نهاية،وكبد الحياة إلى راحة،
لو أن الخوف دائم لتقطعت النفوس حسرة،ولكن بعده أمن وسكينة، ولو أن الحزن مستمر لزلزلت القلوب،ولكن يعقبه سرور وأنس،
ولو أن اليأس مقيم لاسودت الحياة في العيون،لكن خلفه أمل،
فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله،
ولترى السعادة القادمة،والعناية الربانية تغمرك واللطف الإلهي يحوطك،فاغسل همومك بالتوكل(وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مؤْمِنِينَ)واحذر من تصديق وعد الأفاك الأثيم والشيطان الرجيم،لأنه يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، ولكن صدق موعد أصدق القائلين(وَاللَّهُ يَعِدُكُم مغْفِرَةً منْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)فبشّر آمالك بمستقبل زاهٍ وغد مشرق وفجر باهٍ جديد،لأنه سبحانه ما ابتلاك ليهلكك،ولا ليخزيك، بل أراد أن يذكرك،وأن يوقظك من غفلتك بوخزة من ندم،وينبهك من رقدتك بجرعة من سقم،لتتذكر بالمصيبة النعمة، وبالبلاء العافية،وبالمرض الصحة،وبالسجن الحرية،فهو لطيف في الحالين وحكيم في المسلكين،ولا تدري بالأصلح،ولا تعلم بالأحسن،بل هو الأعلم الأحكم الأرحم،جلّ في علاه، فارض باختياره،فاختياره لك خير من اختيارك لنفسك،وعلمه بمصالحك أجلّ وأعظم من علمك،لأنك عبد جاهل فقير ضعيف،وهو عليم غني قوي ملك رحمن رحيم،
وهي التي تبعثُ المُتَّقي على أن يجعل بينه وبين ما نهى الله عنه حاجزاً يحجزه،وساتراً يقِيه، وزاجِراُ يزجره، وواعِظاً في قلبه يعِظُه ويُحذِّرُه،
فلا عجب أن تكون التقوى ما يبتغي به العبدُ الوسيلةَ إلى تيسير كلِّ شُؤونه، وتذليلِ كل عقبةٍ تعترِضُ سبيلَه أو تحُولُ بينَه وبين بلوغِ آماله(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)الطلاق،
ومع التقوى يأتي الإحسانُ في كل دروبِه،سواءٌ كان إحسانًا إلى النفس بالإقبال على الله تعالى والقيام بحقِّه سبحانه في توحيده وعبادته بصرفِ جميعِ أنواعِها له وحده سبحانه وتعالى،محبَّةً وخوفًا ورجاءً وتوكُّلاً وخضوعًا وخشوعًا وإخباتًا وصلاةً ونُسُكًا وزكاةً وصيامًا وذِكرًا وصدقة،
ومن هذا الإحسان،التيسيرُ على المُعسِر،كما جاء في الحديثِ(ومن يسَّرَ على مُعسِرٍ يسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة)أخرجه مسلم في صحيحه،
والتضرُّعَ إلى خالقه،كدُعاء نبيِّه موسى،عليه السلام(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي،وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي،وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي،يَفْقَهُوا قَوْلِي)طه،
وكذلك دعاءُ نبينا،محمد صلى الله عليه وسلم،الذي كان يدعُو به عند تعسُّر الأمور،وذلك قولُه(اللهم لا سهلَ إلا ما جعلتَه سهلاً، وأنت تجعلُ الحَزْنَ إذا شئتَ سهلاً)
مُلتزِماً في ذلك آدابَ الدعاءِ وسُننَه،من إخلاصٍ لله،وابتداءٍ بحمده سبحانه والثناءِ عليه، والصلاة والسلام على نبيِّه،صلى الله عليه وسلم، واستِقبالٍ للقبلة، وإلحاحٍ في الدعاءِ، وعدمِ الاستِعجالِ فيه بأن يقول،دعوتُ فلم يُستجَب لي، ومع سُؤال الله وحده دون سِواه، واعترافٍ بالذنبِ، وإقرارٍ بالنِّعمة، وتوسُّلٍ إليه بأسمائه الحُسنى وصفاتِهِ العُلَى، أو بعملٍ صالحٍ سلَفَ له،ورفعِ اليدين، والوضوءِ إن تيسَّرَ، وإطابةِ مطعمه بأكل الحلال الطيِّب،
واجتِنابِ الحرام الخبيثِ، واجتِنابِ الاعتِداءِ في الدعاءِ بأن لا يدعُوَ بإثمٍ، ولا بقطيعةِ رحِمٍ، وبأن لا يدعُوَ على نفسه ولا على أهله أو ماله أو ولده، وبعدم رفعِ الصوت فوق المُعتاد وفوق الحاجة،

هنالك تُرجَى الإجابة، وتُستمطَرُ الرحمةُ الربانية، ويُرتَقَبُ اليُسرُ، ويُفرَحُ بفضل الله وبرحمته، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)يونس،
جاء في قولِ الله تعالى(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)الشرح،
قولُ بعضِ أهل العلم بالتفسير،هذه إشارةٌ عظيمةٌ أنه كلما وُجِدَ عُسرٌ وصعوبة،فإن اليُسرَ يُقارِنُه ويُصاحِبُه، حتى لو دخلَ العُسر جُحرَ ضبٍّ لدخلَ عليه اليُسرُ فأخرجَه، كما قال تعالى(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)الطلاق،
وهذا دليلٌ على أن كل عُسرٍ،وإن بلغَ من الصعوبةِ ما بلغَ،ففي آخره التيسيرُ مُلازِمٌ له،
وإنها لَبشارةٌ عظيمة،لمن أصابَه العُسرُ، ونزلَ به الضُّرُّ، وأحاطَ به البلاءُ، واشتدَّ عليه الكرب،فليُبشِروا بتنفيسِ الكربِ، وتفريجِ الشدَّة، وكشفِ الغُمَّة، ورفعِ البلاءِ، والعافيةِ من البأساء والضرَّاء،


اللهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا خيرَ من تجاوزَ وعفا،أن تفرج همومنا وهموم المهمومين،وافتح لنا ابواب جودك التي لا تغلقها عن احبائك واصفيائك يا ارحم الراحمين.






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:30 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "